سلم المناجاة شرح سفينة الصلاة
للسيد عبد الله بن عمر بن يحيى الحضرمي الشافعي
تأليف: محمد بن عمر البَّنتني التناري الجاوي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب النفيس هو أحد الكتب الفقهية المؤلفة في بيان أحكام الصلاة خاصة على مذهب السادة الشافعية، وفيه بيان ما يجب على المسلم معرفته في أحكام الصلاة بالإضافة إلى الفوائد المتناثرة في اللغة والفقه والحديث.
وقد تضمن المتن وشرحه: مقدمةً، ثم بيان أول ما يجب على المكلف (من معرفة الشهادتين)، ومعرفة شروط الصلاة (وذكر الماتن اثني عشر شرطاً)، ومعرفة فروض الوضوء (الستة)، وفروض الغسل (من النية والتعميم)، وأركان الصلاة (التي بلَّغها تسعة عشر ركناً)، وقسَّمها إلى "أركانٍ قولية" (وعدها خمسة) وأركان فعلية (وعدها ثلاثة عشر)، وذكر (اثني عشر) مُبطلاً من مُبطلات الصلاة، وختم ببيان بعض أذكار الصلاة وشرحها.
وقد ذكرتُ في هذا المقال مبحثين:
الأول: في ترجمة الشيخ محمد عمر نووي جاوي.
الثاني: في بيان بعض الفوائد الفقهية.
أولاً: تعريف موجز بالشيخ محمد بن عمر جاوي:
هو الشيخ محمد بن عمر بن علي نووي الجاوي البنتني إقليماً، التناري بلداً، أبو عبد المعطي (...-1316 هـ /…-1898 م):
مفسر، فقيه، متكلم، من فقهاء الشافعية.
ولد في إندونيسية، وقدم مكة صغيراً، وجاور بها سنين عديدة، ونشأ بها، وصار ذا ثروة، واقتنى كتباً كثيرة، وأقبل على المطالعة، وأكب على كسب العلوم على عدة مشايخ وتحصيلها، واجتهد حتى صار إماماً في المنطوق والمفهوم.
وقد درس ورَّس بجاوة، وتخرج به كثيرٌ من الطلبة، وكان تدريسه بداره، وكان يجلس عنده أكثر من مئتي طالب، وكان متواضعاً، منكسراً، سخيَّ النفس، وتكررت منه رحلات إلى مصر والشام، وأخذ عن أفاضلها. ولم يكن له اشتغالٌ إلا بالتدريس والإفادة والتأليف والعبادة، مع طبعٍ رقيق.
مشايخه:
-السيد أحمد الدمياطي المكي الشافعي (ت 1270 هـ).
-السيد أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الحسيني النحراوي الشافعي (ت 1291 هـ).
-الشيخ علي بن أحمد الرَّهبيني المصري المكي الشافعي (ت 1293 هـ).
-الشيخ محمد بن سليمان حسب الله المكي الشافعي (ت 1335 هـ).
-الشيخ يوسف بن عبد الله أو عبد الرحمن بن منصور السَّنبلاويني الشرقاوي الشافعي (ت 1285 هـ).
وفاته: وتوفي بمكة سنة (1316).
مصنفاته:
1-(مراحُ لبيد لكشف معنى القرآن المجيد) ويسمى أيضا "التفسير المنير لمعالم التنزيل المسفر عن وجوه محاسن التأويل"، طبع، مجلدان
2-(ومراقي العبوديّة) وهو شرح "بداية الهداية" لأبي حامد الغزالي، فرغ من تأليفه سنة 1289 هـ، وهو مطبوع.
3-و(قامع الطغيان على منظومة شعب الإيمان).
4- و (قطر الغيث في شرح مسائل أبي الليث) في التوحيد.
5-و (عقود اللجين في بيان حقوق الزوجين)، وهو شرح على رسالة متعلقة بحقوق الزوجين لبعض الناصحين.
6- و (نهاية الزين في إرشاد المبتدئين بشرح قرة العين بمهمات الدين) في الفقه.
7- و (شرح فتح الرحمن أو حلية الصبيان على فتح الرحمن) تجويد.
8- و (نور الظلام) في شرح نظم (عقيدة العوام) وهو شرح لمنظومة السيد أحمد المرزوقي المالكي (ت 1262 هـ).
9- و (مرقاة صعود التصديق) في شرح (سلم التوفيق) لابن طاهر، المتوفى سنة 1272 .
10- و (كاشفة السجا، في شرح سفينة النجا) في أصول الدين والفقه .
11-و (سلم المناجاة في شرح سفينة الصلاة) للشيخ عبد الله بن يحيى الحضرمي، في الفقه الشافعي.
12- (أساور العسجد على جوهر العقد) أو (مدارج الصعود إلى اكتساء البرود) وهو شرحٌ على مولد البرزنجي.
13-(الإبريز الداني في مولد سيدنا محمد السيد العدناني).
14-(بغية العوام في شرح سيد الأنام) وهو شرح على مولد ابن الجوزي.
15-(بهجة الوسائل بشرح المسائل) وهو شرح على (الرسالة الجامعة بين أصول الدين والفقه والتصوف) له أيضاً، في الفقه الشافعي، والمعروف أن الرسالة الجامعة للحبيب أحمد بن زين العلوي.
16-(ترغيب المشتاقين لبيان منظومة السيد البرزنجي في مولد سيد الأولين والآخرين).
17-(التوشيح على شرح ابن قاسم الغزي أو قوت الحبيب الغريب)، وهي حاشية على "فتح القريب المجيب شرح التقريب لأبي شجاع" لابن قاسم الغزي، في الفقه.
18-(تيجان الدراري على شرح رسالة الباجوري) في التوحيد.
19-(الثمار اليانعة في شرح الرياض البديعة) في أصول الدين وبعض فروع الشريعة.
20-(الدرر البهيَّة في شرح الخصائص النبوية) وهو شرح لقصة الإسراء والمعراج للبرزنجي.
21-(الرياض القولية) و (الفصوص الياقوتية) على الروضة البهية في الأبواب التصريفية. في الصرف والنحو.
22-(سلالم الفضلاء على المنظومة المُسمّاة هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء) للشيخ زين الدين بن علي المليباري (ت 928 هـ).
23-(سلوك الجادة على الرسالة المُسماة: "لمعة المفادة في بيان الجمعة والمُعادة") في الفقه الشافعي.
24-(شرح على منظومة الشيخ الدمياطي في التوسل بأسماء الله الحُسنى).
25-(شرح على أخصر مناسك العلامة الخطيب أو فتح المُجيب بشرح مختصر الخطيب) في الفقه.
26-(العقد الثمين شرح منظومة الستين مسألة، المسماة: الفتح المُبين) في الفقه.
27-(فتح الصمد العالم على موائد الشيخ أحمد قاسم).
28-(فتح غافر الخطيَّة على الكواكب الجليَّة في نظم الآجروميّة)، وله أيضاً (كشف المروطية عن ستار الأجرومية) في النحو.
29-(فتح المجيد في شرح الدُّر المجيد) للشيخ أحمد النحراوي، في التوحيد.
30-(قامع الطغيان على منظومة شُعب الإيمان) وهو شرحٌ على "منظومة شعب الإيمان" لزين الدين بن علي المليباري (ت 928 هـ).
31-(لُباب البيان) وهو شرحٌ على رسالة الشيخ حسين المالكي في الاستعارات "بلاغة".
32-(مصباح الظلم على النهج الأتم في تبويب الحكم) للمتقي الهندي.
33-(النهجة الجيدة لحل نقاوة العقيدة) وهو شرحٌ على منظومة في التوحيد.
ثانياً: بعض الفوائد المنتقاة من كتاب سُلَّم المناجاة:
-الفائدة الأولى-
الحكمة من تخصيص «العظيم» بالركوع، و«الأعلى» بالسجود: أن الأعلى أفعل تفضيل، والسجود نهاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام، ولهذا كان أفضل من الركوع، فجعل الأبلغ مع الأبلغ؛ كما أفاده الرملي.
سلم المناجاة، شرح سفينة الصلاة، ص 154
-الفائدة الثانية-
« فلو سجد على شيء خشن يؤذي جبهته مثلا، فإن زحزح جبهته عنه من غير رفع لم يضر، وكذا إن رفعها قليلا ثم أعادها ولم يكن أطمأن، وإلا بطلت صلاته؛ أما لو رفعها من غير عذر وأعادها، بطلت صلاته مطلقاً، سواء كان اطمأن أولا أم لا».
سلم المناجاة شرح سفينة الصلاة، ص ١٣٤.
-الفائدة الثالثة-
فالمحرمية ثنتان وعشرون:
«ستة أمية»: الأم من النسب، والأم من الرضاع، وأم الزوجة، وأم الموطوءة بملك اليمين ، وموطوءة الأب: بالنكاح أو بملك اليمين.
«وستة بنتية»: البنت من النسب، والبنت من الرضاع، وبنت الزوجة إذا دخل بالأم، وبنت الموطوءة بملك اليمين، ومطوءة الابن بالنكاح أو بملك اليمين.
«وثنتان أختية»: الأخت من النسب، والأخت من الرضاع.
«وثنتان خالية»: الخالة من النسب، والخالة من الرضاع.
«وثنتان عمية»: العمة من النسب، والعمة من الرضاع.
«وأربعة بنتية من الإخوة»: بنت الأخ من النسب، وبنت الأخ من الرضاع ، وبنت الأخت من النسب، وبنت الأخت من الرضاع.
سلم المناجاة شرح سفينة الصلاة، ص 78، 79.
-الفائدة الرابعة-
● أركان الصلاة:
○ ركن قلبي ( =وهو النية).
○ ركن معنوي ( =هو الترتيب).
○ أركان قولية ( =وهي خمسة):
١- تكبيرة الإحرام.
٢- قراءة الفاتحة.
٣- التشهد الأخير.
٤- الصلاة على النبي ﷺ في التشهد الأخير.
٥-التسليمة الأولى.
○ أركان فعلية ( =وهي ستة):
١-القيام مع القدرة =ولو في صلاة جنازة، أو منذورة.
٢-الركوع.
٣-الاعتدال من الركوع.
٤-السجود مرتين.
٥-الرفع من السجدة الأولى.
٦-الجلوس للتشهد الأخير.
○ وهيئة تابعة للركن أو ركن ( =وهي الطمأنينة)،
وهي في أربع مواضع:
١- الطمأنينة في الركوع
٢-الطمأنينة في الاعتدال منه
٣- الطمأنينة في السجدتين.
٤- الطمأنينة في الجلوس بين السجدتين.
○ إذا عددنا الطمأنينة: هيئة تابعة لركنها يكون عدد الأركان (١٣) ركنا، وإذا اعتبرناها ركنا واحدا كان العدد (١٤)، وإذا عددنا كل طمأنينة ركنا كان العدد (١٧) ركنا.
○ وزاد بعضهم إلى نية الإحرام بالصلاة= نية الخروج منها عند السلام، وفي "الروضة" و"التحقيق": الأصح أن نية الخروج لا تجب.
•• وقال أبو شجاع: وأركان الصلاة ثمانية عشر.
•• وقال الخطيب في "الإقناع":
وأركانها ثمانية عشر كما في "التنبيه"،
وفي "المنهاج" و"المحرر" ثلاثة عشر،
وفي "الحاوي" أربعة عشر... والخلف بينهم لفظي.
سفينة النجاة، سالم الحضرمي ص ٣٢، والإقناع: ١/ ١٢٨، والزبد، ص ٨١.
-الفائدة الخامسة-
[ نية الصلاة ]
يا سائلي عن شروط النيّة … القصد والتعيين والفرضيّة
1. إذا كانت الصلاة فرضاً:
- قصد الفعل: 'أُصلي'
- التعيين: مثلاً 'صلاة الظهر، العصر'
- الفرضيّة: 'فرض'
2. إذا كانت نافلة مؤقتة:
- القصد: 'أُصلي'
- التعيين: مثلاً 'صلاة عيد الأضحى، صلاة الكسوف'
3. إذا كانت نافلة مطلقة:
- القصد: 'أُصلي'
-الفائدة السادسة-
يكره رفع اليدين بعد تكبيرة الإحرام؛ لأنه تلاعب.
السبحة الثمينة، ص 178
ومن صلى في سفينة، ولم يتمكن من الركوع والسجود مع قدرته؛ لميلانها، وجبت عليه الإعادة.
السبحة الثمينة، ص 181
-الفائدة السابعة-
المعتمد عند الشافعية، وهو الجديد: أن الصلاة على الآل بعد التشهد الأخير «سنة»، وفي القديم أنها واجبة، وما رجحه باعطية الوجوب، خلافا للمعتمد في المذهب.
شرح السبحة الثمينة، ص 164
-الفائدة الثامنة-
ينقسم كل وقت من أوقات الصلاة إلى مراتب، وإليك بيانها بالتفصيل:
صلاة الظهر: ينقسم وقته إلى سبع مراتب:
1.وقت فضيلة: وهو أول الوقت بمقدار إقامة الصلاة ومقدماتها من وضوء وخلافه مما يحتاج إليه من أجل الصلاة، ويعتبر ذلك بالوسط المعتدل من غالب الناس.
2.ووقت اختيار: ويدخل بأول الوقت إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة.
3.ووقت جواز بلا كراهة: وهو مساو لوقت الاختيار، وليس للظهر وقت جواز بكراهة.
4.ووقت حرمة: وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما لا يسعها بتمامها.
5.ووقت ضرورة: وهو آخر الوقت إذا زالت الموانع والباقي من الوقت قدر تكبيرة الإحرام.
6.ووقت عذر: وهو وقت العصر لمن يجمع الظهر معها جمع تأخير في السفر.
7.ووقت إدراك: وهو الوقت الذي طرأت الموانع بعده بحيث يكون قد مضي من الوقت ما يسع الصلاة والطهارة لها.
-الفائدة التاسعة-
صلاة العصر: وينقسم وقته إلى ثمانية أوقات:
وقت فضيلة: وقد علم مما تقدم.
ووقت اختيار: ويدخل بأول الوقت إلى أن يصير ظل الشيء مثليه بعد ظل الاستواء.
ووقت جواز بلا كراهة: ويدخل بأول الوقت، ويستمر إلى اصفرار الشمس.
ووقت جواز بكراهة: إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.
ووقت حرمة، ووقت ضرورة: وقد علا مما تقدم.
ووقت عذر: وهو وقت الظهر لمن يجمع العصر معها جمع تقديم. ووقت إدراك كا تقدم.
-الفائدة العاشرة-
صلاة المغرب: وينقسم وقته إلى ثمان مراتب:
وقت فضيلة وهو أول الوقت بمقدار الزمن الذي يسع تحصيل ما تقدم في وقت الفضيلة للظهر.
ووقت اختيار، ووقت جواز بلا كراهة: وهما مساويان لوقت الفضيلة، فهذه الثلاث تدخل معاً بأول الوقت، وتخرج معا زمن الاشتغال بما مر.
ووقت جواز بكراهة: ويدخل عقب خروج الثلاثة إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.
ووقت حرمة، ووقت ضرورة: وهي كا تقدم في وقت الظهر.
ووقت عذر: وهو وقت العشاء لمن يجمع المغرب معها جمع تأخير.
ووقت إدراك وهو كما تقدم.
-الفائدة الحادية عشر-
صلاة العشاء، وينقسم وقته إلى ثمان مراتب:
وقت فضيلة: أوله بقدر ما يسعها ومتعلقاتها.
ووقت اختيار: ويدخل بأول الوقت إلى تمام الثلث الأول من الليل.
ووقت جواز بلا كراهة: ويدخل بأول الوقت، ويستمر إلى الفجر الكاذب، وهو: ما يظهر قبل الصادق مستطيلا ثم يذهب وتعقبه ظلمة.
ووقت جواز بكراهة: بعد الفجر الكاذب ويستمر إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.
ووقت حرمة، ووقت ضرورة.
ووقت عذر: وهو وقت المغرب لمن يجمع العشاء معها جمع تقديم.
ووقت إدراك: وهو الوقت الذي طرأت الموانع بعده بحيث يكون قد مضى من الوقت ما يسعها ويسع طهرها.
-الفائدة الثانية عشر-
صلاة الصبح؛ وينقسم وقته إلى سبع مراتب:
وقت فضيلة: كما تقدم.
ووقت اختيار: ويدخل بأول الوقت ويستمر إلى الإضاءة.
ووقت جواز بلا كراهة: ويدخل بأول الوقت، ويستمر إلى الاحمرار.
ووقت جواز بكراهة: وهو من الاحمرار إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.
ووقت حرمة: وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما لا يسعها.
ووقت ضرورة: وهو آخر الوقت إذا الاحرار.
ووقت جواز بكراهة: وهو من الاصفرار إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها.
ووقت حرمة: وهو آخر الوقت بحيث يبقى منه ما لا يسعها.
ووقت ضرورة: وهو آخر الوقت إذا زالت الموانع وقد بقي من الوقت قدر تكبيرة الإحرام.
ووقت إدراك: وهو الذي طرأت بعده الموانع بحيث يكون قد مضى من الوقت ما يسعها ويسع طهرها.
انتهى نقلا من كتاب (الجواهر النقية).
-الفائدة الثالثة عشر-
الحمد لله. يكثر السؤال عن أفضل المتون والشروح التي تصلح للترقي في الفقه، ويركّز السائلُ طالبًا أو قارئًا على التدرّج فيها.
والجواب المختصر المفيد:
إنّ خير المتون ما وطـّئت أكنافها بكثرة الشروح والحواشي، وكثر الغوص في ألفاظها، وسُبرت مراميها، وحُرّرت معانيها؛ فالعبرة في أمرين مهمّين:
١- كثرة الشارح لها والمختصِر والمعارض والمنتصر، فزيادة بعض المتون المتأخرة على متن أبي شجاع -مثلًا- في كثرة المسائل لا يعني أفضليته عليه؛ لأنّ هذا المتن مخدوم والمخدوم ليس كالخادم.
٢- اعتماد المعاهد والفقهاء لهذا الكتاب في التدريس؛ لأنهم رأوا في حُسن تصنيفه ما يصلح لإقرائه وتدريسه؛ فشرح الخطيب ( مغني المحتاج ) -مثلًا- خير ما يُدرّس من شروح المنهاج، وإن كانت التحفة والنهاية مقدمةً عليه في الفتوى، فلكل مقال مقام، فما اعتمد فقيهٌ شيئًا من هذا لهوى نفسه
وكما يقول المثل: ( لأمرٍ ما جدعَ قصيرٌ أنفَه ).
وإن شئت أن تعلم أشهر المتون والشروح وخصائصها إلى أن تصل إلى المنهاج وشروحه؛ فشرطي هو الدعاء لي ولوالديّ وعدم التشغيب عليّ؛ لأنّ الآراء كُثر فخذ منّي ما صفا ودع ما كدر:
متن أبي شجاع مبتدا كلّ فقيه ( وقدّم بعضهم للمبتدي قبله سفينة النجا ) وهذا بحسب استعداد كل طالب.
وشرحه للمبتدي: شرح الغزي.
والزبد نظمًا أعلى المنظومات علمًا.
وعمدة السالك وسطٌ بينهما وبين المنهاج.
وتحفة الطلاب يعلّم الطالب دقة عبارة الفقهاء وجمع المسائل المتفرقات.
وكفاية الأخيار كثرت فروعها ومسائلها وسهلت عبارتها فإذا استشكل عليك شيءٌ من غيره فاستعن بحُسن تفصيله.
والمنهاج غاية مراد الطالب وأكثر شروحه تدريسًا مغني المحتاج.
والمنهج وشرحه وحواشيه يفتح لك أبواب الفقه وأشهر حواشيه الجمل، وهو المقدّم.
واعْتُمد في سلّم التفقه لدى العجم وكثير من العرب (قرة العين) وشرحه ثمّ يُتوسع في حاشية إعانة الطالبين عليه، وهو مقصدٌ حسن لسهولة مأخذه وتفرّده وحاشيته بفوائد لطيفة.
وأما البجيرمي فأتقن وأحسن في حاشيته على الإقناع للخطيب الشربيني.
وكلّ هذا لا يكون به الطالب فقيهًا بل يقف على باب الفقه بعد أن رقيَ الدرج؛ فباب الفقه عالٍ.
وقد نظمت هذه السبائك نظمًا رجوت به الاندراج في تلك المسالك:
(غايتي) أنت (صفوةَ الزبدِ) واعتمادي يا (عمدة) العُمَدِ
فمتى (تحفة) الوصال فما في سـواه (كفاية) الكبِدِ
حبّكم لي (منهجٌ) وأنا (جَمَلُ) صابرٌ على الكَبَدِ
(فأعينوا طالبًا) لكـمُ (قرة العين) أخذكُم بيدي
وعلى ( منهاجِ ) سيركمُ (غَنَيَ المحتاجُ) للرَشدِ
انظر كيف مهّد لك الفقهاء الطريق، وجعلوا لهذا العلم مرقاةً لا تخطئها عين البصير، فاتبّع تسَلم واحفظ تفهم؛ فإذا علمت وفهمت فاقرأ بعدها ماشئت، والله ينفع بك ويكتب أجري وأجرك، والسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق