أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 يناير 2022

عجالة الراغب المتمني في تخريج أحاديث عمل اليوم والليلة لابن السُّني (المجلد 1 و 2) تحقيق: أبي أسامة سليم عيد الهلالي، بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

عجالة الراغب المتمني في تخريج أحاديث 

عمل اليوم والليلة لابن السُّني (المجلد 1 و 2)

أبي أسامة سليم عيد الهلالي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ ما أحوجنا في هذه الأوقات الصعبة التي اشتدت فيها الغفلة إلى ساعات يسيرة نخلو فيها مع الله، نتفيأ فيها الدُّعاء، ونتلو فيها الأذكار، ونذرف فيها الدموع، ونرمي أحمالنا وأثقالنا بين يدي خالقنا سبحانه، ونخرج من حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته نقرُّ فيها بالإساءة والعجز والجهالة، ومُقرين بكمال الله وعظمته وقدرته، فنذكر ربنا سبحانه ذكراً خالصاً لا رياء فيه ولا سمعة..

ولا أقل من أن يُلازم المسلم الأذكار المأثورة، والدعوات الصحيحة المشهورة، عن معلم الخير -صلى الله عليه وسلم؛ فيُحافظ عليها أدبار الصلوات، وطرفي الليل والنهار، وعند أخذ المضجع، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند الدخول إلى البيت والخروج منه، وعند المطر والريح والرعد ورؤية الهلال وغير ذلك.

وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل في كل أحيانه كما رواه مسلم، وكان لا يدع عملاً من نوم أو اضجاع وجلوس وقعود وخروج ودخول وركوب دابة ونزول منزل إلا وبدأ فيه بدعاء أو بذكر، ونقل ذلك عنه في مواطن كثيرة لا تنحصر.

ولا شك أن هذه الأدعية والأذكار لها أثرها البالغ في تجديد عهد الإيمان، والتوحيد والبراءة من الشرك، والاستعاذة بالله من شرور النفس والشيطان والأعمال، مع الاعتراف بنعم الله تعالى، وشكره عليها، ولكل مقام ألفاظه التي تليق به من الأذكار والأدعية.

وهذا الكتاب النفيس هو تحقيق وتخريج طويل النفس لكتاب (عمل اليوم والليلة) للإمام أبي بكر بن السُّني الذي يُعدُّ مرجعاً لكثيرٍ من كتب الأذكار والفضائل والتهذيب، بل هو مدرسة تربوية يتعلم فيها المسلم آداب الصحبة والمعاشرة وحقوق النفس والأهل والولد والصحبة والأرحام.

وقد اعتنى الشيخ الفاضل سليم الهلالي بهذا الكتاب عنايةً فائقة، وقام توثيق نصوصه، وتحقيقها، وتخريج أحاديثه وآثاره، ووضع ترجمةً قصيرة للمؤلف رحمه الله، وبين موضوعه، وسبب تسميته، ومقارنة بينه وبين كتاب شيخه النسائي، مع ذكر فوائد كثيرة تتعلق بالكتاب.

وقد عني بهذا الكتاب عددٌ من العلماء، منهم الدكتور عبد الرحمن كوثر البَرني، الذي حققه وطُبع بدار الأرقم -ببيروت، وكذلك الشيخ بشير محمد عيون، الذي حققه وطُبع بدار البيان -بدمشق، ولكن كتاب الشيخ سليم هو أفضل طبعات الكتاب، سواءً بتنسيقه أو بترتيبه أو بحكمه على الأحاديث، وبفهرسته التي خدم فيها الكتاب خدمةً كبيرةً جداً.

ومما ينبغي ملاحظته في كتاب الإمام ابن السني، ما يلي:

أولاً- أنه أكثر من الرواية عن الإِمام النسائي، وأبي يعلى، وأبي عروبة الحراني، والبغوي؛ حيث روى جل أحاديث الكتاب من طريقهم.

ثانياً- أن أكثر شيوخه الذين روى عنهم ثقات، بل إن بعضهم كانوا أئمة أعلامًا مثل هؤلاء الأربعة المتقدم ذكرهم.

ثالثاً- أن وفاة معظم شيوخه كانت ما بين (303 هـ - 320 هـ) وهذا يدل على علو إسناد ابن السُّنِّيِّ واهتمامه بالعلم، والتحصيل، والرحلة لذلك.

رابعاً- أن الإمام ابن السني- رحمه الله -عاش في عصر نشطت فيه حركة التصنيف والجمع والرواية؛ لذلك كان حريصًا كغيره من علماء ذلك العصر على تلقي العلم من أفواه الرجال؛ فسمع الحديث من كبار أهل العلم في ذلك الوقت.

ترجمة الإمام ابن السُّني -كما في عجالة الراغب -

• اسمه ونسبه ونسبته:

"هو الإِمام الحافظ، الثّقة: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط بن عبد الله بن إبراهيم بن بُدَيح الدِّينَوَريّ، مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي -رضي الله عنهما-. قال السَمْعانيُّ في "الأنساب" (7/ 176): "ولَعَلَّ بديحًا مولاه".

المعروف بـ "ابن السُّنِّيِّ"؛ قال السمعانيُّ في:"الأنساب" (7/ 175)، وابنُ الأثير في "اللباب" (2/ 149 - 150): "بضمّ السّين المهملة، وتشديد النّون المكسورة، وهذه النّسبة إلى السُّنَّة التي هي ضدُّ البدعة، ولمّا كثُر أهلُ البدع؛ خصّوا جماعة بهذا الانتساب".

• ولادته ونشأته ورحلاته:

قال الإِمام الذهبي في "سير أعلام النّبلاء" (16/ 255): "ولد في حدود سنة ثمانين ومائتين". والظاهر أنّه نشأ في بيت علم وأدب وصلاح؛ فإنّ دينَوَرَ مشهورة بهذا، كما قال ياقوت الحمويُّ في "معجم البلدان" (2/ 545).

وقد أكثر - رحمه الله - التّرحالَ؛ فسمع الحديث بدمشق، وبغداد، والكوفة، والبصرة، والجزيرة، ومصر، وغيرها.

يدلّك على ذلك كثرةُ شيوخه من الحفّاظ المتقنين المشهورين بالعلم والحفظ، وكذا تلاميذه الذين أخذوا عنه.

• شيوخه:

سمع - رحمه الله - الحديث من خلق كثيرين؛ أكثرهم من الحفاظ المشهورين المعروفين، ومن شيوخه:

1 - الإِمام الحافظ النّاقد أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن عليّ النَّسائيُّ، صاحب "السنن الكبرى"، و"السنن الصغرى"، وغيرهما، المتوفى سنة (303هـ).

وابن السُّنِّىِّ هو راوي "السنن الصغرى"، وهي المعروفة بـ "المجتبى".

2 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، المتوفى سنة (305 هـ).

3 - الإِمام الحافظ الثقة أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي، صاحب "المسند"، و"معجم الشيوخ"، وغيرهما، المتوفى سنة (307 هـ).

4 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو يحيى زكريا بن يحيى السَّاجي، المتوفى سنة (307 هـ).

5 - الإِمام الحافظ المفسّر محمَّد بن جرير الطبري، صاحب "جامع البيان"، و"تهذيب الآثار"، وغيرهما، المتوفى سنة (310 هـ).

6 - الإِمام الحافظ الثّقة محمَّد بن الحسن بن قتيبة، المتوفى سنة (310 هـ).

7 - الإِمام الحافظ الثّقة محمَّد بن محمَّد بن سليمان أبو بكر الباغندي، المتوفى سنة (312 هـ).

8 - الإِمام الحافظ الثّقة عبد الله بن زيدان بن يزيد أبو محمَّد البجلي الكوفي، المتوفى سنة (313 هـ).

9 - الإِمام الحافظ الثّقة أحمد بن منيع أبو القاسم البغوي، صاحب

"معجم الصحابة"، و"مسند علي بن الجعد"، وغيرهما، المتوفى سنة (317 هـ).

19 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحرّاني، صاحب التصانيف الكثيرة، المتوفى سنة (318 هـ).

11 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا، المتوفى سنة (320 هـ).

12 - الإمام الحافظ الثّقة أبو محمَّد يحيى بن صاعد، المتوفى سنة (328 هـ).

13 - الإِمام الحافظ الثّقة الحسين بن إسماعيل بن سعيد بن أبان القاضي، المشهور بـ "المحاملي"، صاحب "الأمالي" المشهورة، المتوفّى سنة (330 هـ).

14 - الإِمام الحافظ الثّقة الحسين بن عبد الله القطان.

• تلاميذه:

جدير بمن كانت هذه صفته أن يرحل إليه طلابُ العلم لِسماعِ ما عنده؛ رغبةً في علوّ الإسناد؛ لأنه سُنَّة عمن سلف؛ كما قال الإِمام أحمد ["فتح المغيث" (3/ 333)].

ومن أبرزهم:

* أحمد بن عبد الله الأصبهاني.

* أحمد بن الحسين الكسّار.

* علي بن عمر الأسد أباذي.

* عبد الله بن عمر بن عبد الله أبو محمَّد الزاذاني.

* محمَّد بن علي العلوي.

وغيرهم كثير.

• ثناء العلماء عليه:

قال الإِمام الذّهبي في "تذكرة الحفّاظ" (3/ 939): "الحافظ الإِمام الثقة".

وقال (3/ 940): "وكان دَيِّنًا خيِّرًا صدوقًا".

وقال في "العبر في خبر من غبر" (2/ 119 - 120): " ... الحافظ ... رحل وكتب الكثير".

وقال في "سير أعلام النبلاء" (16/ 255): "الإِمام الحافظ الثقة الرّحّال".

وقال السُّبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (2/ 96): "وكان رجلًا صالحًا فقيهًا شافعيًا".

وقال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في "توضيح المشتبه" (5/ 194)، والحافظ ابن حجر في "تبصير المنتبه" (2/ 754): "الحافظ أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إسحاق الدينَوَري ابن السُّنّيّ صاحب التصانيف". وكذا وصفه السخاوي في "الإعلان بالتوبيخ" (ص 297) بالحافظ.

• وفاته:

قال علي بن أحمد بن محمَّد بن أبي بكر بن السُّنِّيّ: "كان أبي- رحمه الله - يكتب الأحاديث؛ فوضع القلم في أنبوبة المحبرة، ورفع يديه يدعو الله - عَزَّ وَجَلَّ -؛ فمات".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق