تثبيت القدمين في تضعيف حديث جواز التصدق بنعلين
ويليه (القول الجلي في حديث لو كان نبيٌّ بعدي لكان عُمر)
علي إبراهيم حشيش
أستاذ علوم الحديث -معهد إعداد الدعاة
تمهيد/ هذه الرسالة جاءت تعقُّباً للشيخ محمود الطحان في كتابه (تيسير مصطلح الحديث)، وذلك في تحسينه حديث عامر بن ربيعة: "إجازة الصداق بنعلين"، وجعله له مثالاً على الحديث الحسن لغيره، وقد فعل "الطحان" ذلك مُتابعةً للسيوطي الذي صححه، وللترمذي الذي قال عنه: "حسنٌ صحيح"، وذكر "علي حشيش" أن هذا الحديث منكر ولا يحتمل التحسين، وأن الدافع الأول الذي جعله يضع هذه الرسالة هو تقديم النصيحة للمؤلف وطلبة العلم بخصوص هذا الحديث.
بالإضافة إلى اشتهار الكتاب وذيوعه بين طلبة العلم، وتقريره في عدد من الجامعات، وأنه لم يرَ من تعقب الدكتور في هذا الحديث، بل واشتهار الحديث في كتب الفقه فقد أورده ابن قُدامة في "المُغني"، ولم يتعرض له المحققان د. عبد الله التركي، ود. عبد الفتاح الحلو، وغيرهما.
وبيَّن أن وهم السيوطي في تصحيحه له، وقع بناءً على قول الترمذي بعد هذا الحديث: (قال وفي الباب عن عمر، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وأبي سعيد، وأنس، وعائشة، وجابر، وأبي حدرد الأسلمي)؛ فظنها شواهد له؛ يؤيد ذلك ما ذكره السيوطي بقوله: (وأنه جاء من غير وجه)، ومثله في ذلك الشيخ الطحان الذي قال: (عاصم ضعيف لسوء حفظه، وقد حَسَّن له الترمذي هذا الحديث لمجيئه من غير وجه)، لكن حقيقة الأمر هو ما قال المباركفوري في "شرح الترمذي: 4/ 250): "وقول الترمذي وفي الباب… لم تشترك مع حديث عامر بن ربيعة في إجازة الصداق بنعلين".
وذكر الكاتب أن هذا الحديث ضعفه الحافظ الزيعلي في "نصب الراية"، والحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام"، الذي بيَّن: أن (الترمذي خولف في تصحيح هذا الحديث)، وعُدَّ هذا من تساهل الإمام الترمذي في التحسين والتصحيح، لأن في إسناده "عاصم بن عُبيد الله" الذي أجمع الأئمة على ضعفه، كما في "التهذيب" (5/ 42)، وجعله الذهبيُّ في "الميزان" (2/ 345) من جملة مناكيره، وحكم أبو حاتم الرازي في "العلل" (ح 1276) على هذا الحديث بأنه منكر.
أما الحديث الذي ذكره الشيخ الطحان في كتابه (تيسير مصطلح الحديث، ص 67)، قال: ومثال الحسن لغيره: "ما رواه الترمذي وحسنه، من طريق شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ " قالت: نعم، قال: فأجاز".
وهذا الحديث ضعفه ابن التركماني في "الجوهر النقي"، وابن الهُمام في "فتح القدير"، والذهبي في "ميزان الاعتدال"، والألباني في "ضعيف ابن ماجة"، وشعيب الأرنؤوط في "تخريج المسند"،
وأتبع المؤلف ذلك بتضعيف حديث حسَّنة الألباني وهو: (لو كان نبيٌّ بعدي لكان عمر) وبيَّن أن في إسناده مِشرح بن هاعان، وأن الألباني تابع السيوطي الذي قال فيه (ثقةٌ صدوق!)..
وقد تعقب الإمام عبد الرحمن المُعلمي اليماني السيوطي في ذلك، وبين أن الحافظ ابن حجر جعل "مشرح بن هاعان" في المرتبة السادسة، وهي "المقبول": (وهو لينٌ فإن توبع وإلا فلا)، وهو يوافق في ذلك كلام ابن الجوزي، وابن حبان في "المجروحين".
وبيَّن المؤلف أن هذا الحديث من مناكير "مِشرح" وهو نصُّ كلام أحمد كما في "المنتخب من العلل للخلال"، وأنه لا يُلتفت إلى تحسين الترمذي له بقوله (حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن عاهان)، وبيَّن أن الشواهد المذكورة للحديث حقُّها الرد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق