أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 15 يناير 2022

منظومة ابن العماد في المعفوات للإمام الفقيه المحرر العلامة ابن العماد الأقفهسي، شهاب الدين أبي العباس أحمد بن عماد بن محمد المصري الشافعي

منظومة ابن العماد في المعفوات

للإمام الفقيه المحرر العلامة ابن العماد الأقفهسي

شهاب الدين أبي العباس أحمد بن عماد بن محمد المصري الشافعي

(ق 750 -808 هـ)

تحقيق: قصي محمد نورس الحلاق

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ تميزت شريعتنا الغراء عما قبلها من الشرائع بأنها شريعةٌ سمحةً سهلة وسط، وقد نسخت التشديدات التي فُرضت على الأمم السابقة، والتي كانت عقوبةً لهم على تعنتهم مع أنبيائهم، ولكثرة سؤالهم عما لا ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم.

 وقد منَّ الله تعالى على الأمة المُحمَّدية، فسهَّل لها شريعتها، ورفع عنها الآصار والأغلال التي كانت على الأمم قبلها، حتى ذمَّ نبيُّ الإسلام -عليه السلام -التنطع في الدين، والغلو فيه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هذا الدِّينَ يُسْرٌ ولن يُشادَّ أحدٌ إلا غلبَه)، وقال: (هلَك الْمُتَنَطِّعونَ)، وقال: (إنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)، وقد كان الغلو في دائرته الواسعة ظاهرة كبرى في تاريخ الديانات من قبلنا.

ومن جملة التيسير على العباد أن الشارع الحكيم عفا عن بعض النجاسات التي يعسر الاحتراز منها، أو يشق على المكلف اجتنابها، توسعةً على الناس، فما ضاق أمرٌ إلا اتسع، والمشقة تجلب التيسير، وكل ذلك حتى لا يدخل الناس في باب الوسوسة.

وتعتبر هذه المنظومة درةٌ شافعية كريمة، تضمنت الأمور التي عفا عنها الشارع، على أن صاحبها لم يلتزم المذهب تماماً، لأنه جرى في بعض هذه النجاسات المعفو عنها على ضعيف المذهب، وفي بعضها على مذاهب أخرى.

وقد ذكر ابن العماد في هذا النظم (66) ستةً وستين نجاسةً عفا عنها الشارع الحكيم، وبقيت ثلاثاً لم يذكرها، وهي: جرّة البعير، وما تلقيه الفئران في بيوت الأخلية، وما خُبز بسرجين، والإنفَحةِ، وغير ذلك وبهذا توفي على تمام (70) السبعين.

وتمثل هذه المنظومة القاعدة الفقهية (إذا ضاق الأمر اتسع)، كما في قوله:

ما جاوز الحدَّ يُعطى ضدَّه أبداً … ويُعكسُ الحُكم فيه وِفقَ حكمته

وعلى كُلٍّ؛ فهذه المسائل أو أكثرها، لا ينبغي لمسلمٍ أن يجهلها، وقد نظمها ابن العماد بأسلوب سهلٍ ومُيسَّر، على البحر البسيط، وعلى قافية واحدة، في (290) مائتين وتسعين بيتاً، أشار إليها ابن العماد بقوله:

أبياتُها قد أتت بالعدِّ قائلةً … (صِر) بي نبيهاً وقُم في شُكر نعمته.

و(صِر) في نظام العد مئتان وتسعون؛ لأن الصاد يقابلها تسعين، والراء مائتين.

وقد قابلها محققها "قصي الحلاق" على اثنتي عشرة نسخةٍ خطية، وتولت دار المنهاج طباعتها، وهي طبعةٌ قيِّمة نفيسة، موشحة بتعليقات مختصرة للأئمة الرملي، والجمل، والدمياطي، والرشيدي، والترميناني من شروحاتهم.

وقد نالت هذه المنظومة شروحات كثيرة، منها: 

1. شرح الإمام الرملي "فتح الجواد".

2. شرح العلامة أحمد بن عبد الكريم الترمانيني (ت 1293 هـ).

3. حاشية الإمام حسين بن سليمان الرشيدي (ت: بعد 1215 هـ).

4. حاشية العلامة محمد بن عبد الغني الدمياطي (كان حياً بعد 1214 هـ) "منن من عليه الإعتماد".

5. تقريرات العلامة سليمان بن عمر بن منصور العجيلي، المعروف بالجمل (ت بعد 1204 هـ).


ذكر النجاسات المعفو عنها التي ذكرها ابن العماد في منظومته، وفصلها العلامة الترمانيني، والدمياطي، كما يلي سرداً:

14/ دم الدماميل، ودم الفصد، ودم الجروح، وماء القروح المتغير، ودم القمل، ودم البراغيث، وجلدها، والبق، وونيم الذباب، وبول الفراش، وروث النحل، وونيم البعوض، ودم مُصلٍّ أُصيب بسهمٍ مثلاُ، وماءٌ متغيرٌ أخرج من فم نائمٍ.

17/ ودمٌ في لحم، ودم سيف مجاهد، ونجاسة وطئها مُصلِّ في نحو شدة الخوف، ودم أُذنٍ بُحرت ثم التصقت به، وعظم نجسٍ جُبر به، ووشمٌ، ونجسٌ حُشي به جرح بالشروط، وذرق الطيور، وطين شارعٍ نجسٌ يقيناً، وماءٌ رُشَّ كذلك، وبول الخفاس، وزبل الفأرة في أثواب المهنة عند الإمام أبي حنيفة، وقليل دخانٍ نجس، وقليل شعر نجس، وقليل غبار نجس، وفم نحو هرة، وفم طير، وفم نحو صبي متنجسان على ما يأتي.

14/ وثوب مرضعةٍ بال عليه صبيٌّ عند الإمام مالك، وثوب الصبي النجس عنده أيضاً، وبخار الروث على قول، والريح الخارج من الدبر على قول، وما على منفذ حيوان غير آدمي، إذا وقع في ماء قليل، وبول سمكٍ في ماء دو القلتين، وبول بقرٍ حال دياسته، وبولٌ تحت قلفة أقلف، ودمٌ أخرج من الذكر على قول، ودم استحاضة، وبول سلسل، وورق فُرش في حال رطوبته على آجر نجس، وأثر استجمار.

14/ ونجسٌ لا يدركه الطرف المعتدل، وما علق بنحو رجل ذبابٍ، وعضة الكلب على قول، ورطوبة الفرج على قول، ونجس على سيف وكان الغسل يُفسده عند الإمام مالك لكن يمسح، وما تنجس من الدنِّ بارتفاع الخمر ثم هبوطه، وقليل شعر جلد ميتةٍ دُبغ، وميتة ما لا نفس لها سائلة، ودود نحو فاكهة، وما في جوف سمكٍ صغير، وما دون القلتين في حوضٍ طُلي بنجسٍ على قول، وذرقُ عصفورٍ على قول، وكوارةٌ عُجنت من الروث، وبعرٌ وقع في حلب.

7/ والأواني المعمولة بالنجاسة، ودخانٌ قد عُجن بالخمر، وطوبُ مسجدٍ عُجن بالروث، ولونُ وريحُ نجسٍ عَسُر زوالهما على قول، والخرزُ بشعر الخنزير على ما سيأتي، ونجسٌ قدر درهمٍ بغلي عند الإمام أبي حنيفة، والخارج الملوث من القبل والدبر على قول.

ترجمة العلامة ابن العماد

اسمه ونسبه: هو الإمام العلامة، الفقيه الشافعي، شهاب الدين أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبي، أبو العباس، الأقفهسي ثم القاهري، ويُنسب إلى قرية (أقفهس) وتُعرف اليوم بـ(أفقاص) بلدة بصعيد مصر الأدنى، معروفةٌ ومشهورة.

نشأته: ولد قبل عام (750 هـ)، ونشأ في القاهرة نشأةً علمية متميزة، وكان كثير الاطلاع، كثير الخشية، سريع الدمعة، وفي لسانه بعض حبسة. 

شيوخه: وأشهر شيوخه هو الإمام عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي، جمال الدين، وسمع منه كتباً عديدة، وسراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان البُلقيني، والإمام زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي، وقرأ على العلامة شمس الدين ابن الصائغ الحنفي، وسمع الحديث على خليل بن طرنطاي الداوادار الزيني كتبغا، وعلى الشمس الرفاء، وعلى ابن الصائغ، والجمال الباجي، وآخرين.

تلاميذه: ومن أشهر تلاميذه برهان الدين الحلبي، الإمام المحدث المعروف، والإمام الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، والعلامة خليل بن محمد الأقفهسي.

وفاته: توفي رحمه الله تعالى سنة (808 هـ).

*** ومن روائع تصانيفه:

1 - أحكام الاواني والظروف وما فيها من المظروف.

2 - آداب الأكل

3 - أرجوزة في طبقات الأنبياء

4 - التبيان فيما يحل ويحرم أكله من الحيوان = مختصر أحكام الحيوان، وقد وضع فيه أحكام الحيوان، ونظمه في (400) أربعمائة بيت.

5 - تسهيل المقاصد لزوار المساجد - في الفقه الشافعي

6 - التعقبات على المهمات -في الفقه الشافعي، وقد أكثر فيه من التعقبات على شيخة الإسنوي، وكان قرأه عليه إلى باب الجنايات، وقد أكثر في كتابه هذا من تخطئة الإسنوي، وربما أقذع عليه في بعض ذلك، ونسبه إلى سوء الفهم وفساد التصور.

7 - توقيف الحكّام على غوامض الأحكام - في الفقه

8 - التوضيح، أو الشرح الصغير على منهاج النووي، في مجلدين، وله عدة شروحٍ عليه، و"التوضيح" أصغرها، ووجد له قطعةٌ كبيرة شرح فيها المنهاج إلى صلاة الجماعة في ثلاثة مجلدات، أطال فيها النفس، وأكثر من الاستمداد من "شرح المهذب".

9 - الأحمدية = حاشية على شرح ديباجة المصباح

10 - الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة

11 - رسالة في بيان النجاسات المعفو عنها لزوار المساجد = أرجوزة في المعفوات - في الفقه الشافعي، وسماها الحافظ السخاوي والعلامة الميناوي "بالدر النفيس".

12 - شرح الأبيات من كتاب رفع الإلتباس عن وهم الوسواس، وهو مؤلف المنظومة، وقد بحث في شرحه هذه المسألة، أعني: النجاسات المعفو عنها بحثاً موسعاً، وقد رجح المحقق أن يكون كتاب "رفع الالتباس" هو أصلٌ لمنظومة "النجاسات المعفو عنها"

13 - شرح المقصود - في التصريف

14 - شرح قصيدة البردة للبوصيري - في الأدب

15 - منظومة في آداب الأكل والشرب والنوم واليقظة، وله شرح عليها، كما شرحها العلامة المناوي.

16 - الفرق بين الحياة المستمرة والمستقرة وحياة المذبوح

17 - الفوائد في شرح زوائد المنهاج للبيضاوي -في أصول الفقه الشافعي.

18 - القول التام في أحكام المأموم والإمام.

19 - القول التام في آداب دخول الحمام -في الفقه.

20 - كتاب النكاح - في الفقه الشافعي.

21 - كشف الأسرار عما خفي عن فهم الأفكار.

22 - منظومة ابن عماد في مخارج الحروف.

23-  القول المفيد في النيل السعيد.

24-شرح الأربعين النووية، وسماه "منثور الدرر من كلام خير البشر".

25- الدرة الفاخرة، ويشتمل على أمور تتعلق بالعبادات والآخرة، وفيه الكلام على قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط}.

26-نظم التبيان في آداب حملة القرآن، والمسمى "بتحفة الإخوان في نظم التبيان للإمام النووي"، وتزيد هذه المنظومة على (600) ستمائة بيت، وقد تعرَّض فيه لمؤدب الأبناء.

27-نظم الدرر من هجرة خير البشر، نظم فيها حوادث الهجرة النبوية.

28-نظم تذكرة ابن الملقن في علوم الحديث، ووضع عليه شرحاً.

29-الاقتصاد في كفاية الاعتقاد، وتزيد على خمسمائة بيت، وله شرحٌ عليها مختصر.

30-منظومة في المواطن التي تُباح فيها الغيبة، وهي عشرة أبيات، وقد بلَّغها عشرين موضعاً.

31-منظومة في المواضع التي تؤخر فيها الصلاة عن أول الوقت، وبلَّغها نحو أربعين في نحو اثني عشر بيتاً، وشرحها.

32-منظومة في الدماء المجبورة، في نحو أربعين بيتاً، وبلَّغها ستاً وثلاثين موضعاً.

33- الإبريز فيما يُقدم على مؤن التجهيز.


الفوائد المنثورة في هذا الكتاب:

الفائدة الأولى: 

قال علماؤنا: ليس لنا من الحيوان شيءٌ يؤكل فرعه ولا يؤكل أصله إلا خمسة:

1-لبنُ الآدمي.

2-وبيضُ ما لا يؤكل لحمه.

3-وعسل النَّحل.

4-وماء الزُّلال.

5-والزباد، ويؤخد من سنور برّي.

حاشية الرشيدي على نظم ابن العماد، ص ٧١.

الفائدة الثانية:

 يحلُّ أكل بيض جميع الحيوانات والطيور، ما لم تكن سامَّةً.

قال العلامة الجمل في "تعليقاته" (ص 68): "اعلم أن البيوض كلها طاهرةٌ مأكولةٌ ولو من حيوانٍ غير مأكول، إلا بيض السُّميات".

وقال العلامة الدمياطي في "منن من عليه الاعتماد" (ق/ 55) معقباً: "أشار الجمل إلى أن جميع البيوض طاهرةٌ، ولكن يحرمُ أكلُ ما يضرُّ ..كبيض الحيَّةِ..

فائدة: كلُّ البيوض بالضاد، إلا من النمل فبالظاء المُشالة".

وسمّوا الظاء مشالة؛ للتفرقة بينها وبين الضاد، ولفظ "المشالة" مأخوذ من "الشول"، وهو الرفع، يقال: شالت الناقة بذنبها، إذا رفعته.

قال ابن العماد في نظمه (ص 124):

بيضُ الحُدى وبيضُ الصَّقر حلَّ فكُل …  بيض الغُراب وكُل من بيض بومته

والسُّلحُفاةُ كذا التمساحُ مع ورلٍ … حُكم الغُراب وكُل من بيضِ لقوته

كذا النَّواويُّ في "المجموع" صنَّفه …  وفي الجواهر لا يُقضى بحُرمتِه

والَّلقْوَة: أنثى العُقاب. والجواهر للإمام القُمُولي.

الفائدة الثالثة: في أحكام الرُّخص:

واجبة: كأكل الميتة للمضطر.

مندوبة: كفطر مسافرٍ سفراً يبلغ به ثلاث مراحل.

مباحة: كالسَّلم.

خلاف الأولى: كفطر مُسافرٍ لا يجهده الصوم.

[ومحرمة أيضاً: كفطر العبد الآبق في السفر].

حاشية الرشيدي على نظم ابن العماد، ص 78

الفائدة الرابعة:

جاء في الحديث الصحيح (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، قال ابن دقيق العيد في شرحه على "الغاية" يُستثنى من الرضاع ست مسائل، يقع الوهم فيهنَّ، وهي:

الأولى: يجوز للرجل أن يتزوج جدة ابنه من الرضاع، ولا كذلك في النسب.

الثانية:  يجوز للرجل أن يتزوج أخت ابنه من الرضاع، ولا كذلك في النسب.

الثالثة: يجوز للرجل أن يتزوج أم أخته من الرضاع، ولا كذلك في النسب.

الرابعة: يجوز للرجل أن يتزوج أم عمته من الرضاع، ولا كذلك في النسب.

الخامسة: يجوز للرجل أن يتزوج أم خاله وأم خالته من الرضاع، ولا كذلك في النسب.

السادسة: يجوز للمرأة أن تتزوج أخا ابنها من الرضاع، ولا كذلك في النسب.

الفائدة الخامسة:

 من صدر عنه الجُشاء: هل يستغفر الله أم يحمده ؟

الجُشاء: هو ريحٌ له صوت يحصل في الفم عند حصول الشبع، وهو طاهرٌ مع أنه خارجٌ من المعدة التي هي معدن النجاسة، وكذلك الفُساء.

والجشاء بحضرة الناس، ورفع الصوت به: مخالفٌ للأدب، وهو مذمومٌ؛ لدلالته على جشع صاحبه، وقد جاء في الحديث، عن ابن عمر، قال: تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) (حسن، رواه الترمذي).

ويُسنُّ كتم الجُشاء، وخفض الصوت به، وتغطية فمه بظاهر يده اليُسرى قياساً على التثاؤب.

فائدة: هل المطلوب لمن تجشأ أن يستغفر الله أو يمده؟ وهو مبنيٌّ على جواز الشِّبع وكراهته، فمن قال بالأول.. قال: يحمد الله لأنه نعمة، ومن قال بالثاني.. ذهب إلى أنه يستغفر؛ لأنه منهيٌّ عنه شرعاً، والمعتمد الأول، انتهى من "منن من عليه الاعتماد" (ق/ 34).

الفائدة السادسة:

ولو أُخذ منه مالٌ وهو في الصلاة .. جاز له صلاة شدَّة الخوف في طلبه إن خاف ضياعه عند الإمام الرملي، وله وطء نجسٍ لا يُعفى عنه مع القضاء.

ولا يجوز ذلك عند الإمام ابن حجر الهيتمي، لأنه غير خائف بل طالب، ويجوز قطعها عنده ليتبعه.

بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم، ص 411.

وأيد ذلك ابن العماد في نظمه؛ فقال:

وتابعُ اللِّص إن يعدو على نجسٍ … له الصَّلاةُ كخوفٍ عند شدَّتِه

كخاطفٍ نَعله حال الصَّلاة له … في سعيه خلفَه إتمامُ لقُربتِه

الفائدة السابعة:

الحيلة في تطهير العسل "المتنجس": 

هو أن تطعمه للنحل، فإذا أكلته ومجَّته عسلاً في الخلايا، يخرج منها طاهراً لاستحالته، كاستحالة اللبن في الضَّرع، ويُعفى عما حملته قوائمها؛ لمشقة التحرز عنه.

قال ابن العماد في منظومته:

والنحل إن أكلت عُسيلةً نجست … كُلْ ما تمَجُّ من الحلوى بشمعته

قال الشهاب الرملي في "فتح الجواد" (ص 38): (عُسيلةً) بالتصغير، (نجست) أي تنجست، (كُل) أنت، ما تمجُّ النحل، (من الحلوى) أي العسل، (بشمعته) لأنه طاهرٌ حينئذٍ.

الفائدة الثامنة:

الحاصل: أن النجاسة أقسام:

1- قسم لا يعفى عنه مُطلقاً (لا في ثوب ولا ماء)؛ وهو الأصل الكثير الظاهر؛ كالبول والروث ونحو ذلك.

2-وقسم يعفى عنه مُطلقاً (في الثوب والماء)؛ وهو ما لا يدركه الطرف المعتدل؛ كرذاذ البول، وما حمله نحو  ذباب         بشرط ألا يكون من مغلظ عند الشيخ ابن حجر.

3-وقسم يعفى عنه (في الثوب فقط) دون الماء، مثل أثر الاستنجاء، فيعفى عنه في البدن وفي الثوب الملاقي إذا

تضمخ به بواسطة عرق ولم يجاوز محل الاستنجاء، ولا يعفى عنه إذا نزل في ماء قليل.

4-وقسم يعفى عنه (في الماء فقط) دون الثوب؛ وهو كالميتة التي لا دم لها سائل حيث ماتت في الماء، أو سقطت

ميتة فيه لا بفعل فاعل، أما لو حملها في صلاته أو كانت على بدنه.. بطلت.

5-وقسم يعفى عنه (في المكان) دون الثوب ودون الماء؛ وهو ذرق الطير الجاف الملاقي لبدن المصلي أو ثوبه.

وحكم البدن حكم الثوب.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق