التصوف من إشكالية الفهم إلى تيه الممارسة
الأستاذ: عيد علاوي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ إن الناظر في الكتب التي تبحث في التصوف ومسائله يجدها عبارة عن نظريات انتقائية محررة، ومواضيع مكررة بطريقة غزلية، لا تمت إلى الواقع بصلة، سيما تلك التي يصدرها أصحاب الفلسفة الأفلاطونية المعاصرة..
مع العلم أن التصوف في مسيرته التاريخية ملوث جدا، ما جعله أحيانا شيئا آخر غير الإسلام الذي جاء به رسول الله ﷺ..
وكل هذا غريب وعجيب في مذهب يدعي أصحابه أنهم أتباع الإسلام وحملة رايته.. وقد رأينا الكثيرين من أهل الطرق مغيبين عن بديهيات في الإسلام، لا ينبغي أن تغيب عن أصغر مسلم معاصر..!
وقد أحيطت كتب المتقدمين منهم بهالة غريبة من القداسة، جعلت من نقدها وتحقيق مسائلها أمرا في غاية الصعوبة، سيما وأن الأمر مشوب بشيء من التهويل والفزعة الدينية !.
ولعل أول ما يجب على الباحثين والدارسين لحقيقة هذا المذهب معرفة تاريخه الغامض الذي هو جزء أساسي من دراسة التصوف !..
وما انتقده بالفعل هو التطبيق الخاطئ لمادية الغرب وجحوده على سماحة الشرق الدينية، فإذا كانت حضارة أولئك مادية بحتة، فلا ذنب للشرق أن يكون راعيا للتصوف وخرافاته، خاصة وأن الإسلام قد أعاد للعقل والروح والقلب الحياة الحقيقية، حتى لا تكاد تجد فيه معنى واحد للتعلق بالمادة كما يزعمون..
لم يات هذا المؤلف بجديد يذكر، سوى أنه لفق التصوف بالشريعة، وأغفل تاريخ هذا المذهب الحافل بالكوارث العقدية والسلوكية، ثم أنهى ذلك بثمرات وفوائد تحتاج إلى مزيد من التنقيح والتحقيق.
وأرى أننا نفتقر إلى دراسات أكثر صدقا وواقعية تجلي معنى التصوف بصورته الحقيقية، كمذهب وطائفة نشأت في زمن، وظروف ومكان محدد.
وفي هذا الكتاب لم يقطع الكاتب بنسبة هذا المذهب إلى الكوفة أو البصرة، شأنه شأن الكتاب المحدثين، فأغفلها، مع أنها من الأهمية بمكان، ما يمكننا من معرفة طبيعة البيئة والظروف والأسباب التي أدت إلى نشأ مذهب التصوف فيها..
ومن الجدير بالذكر أن الكاتب أقر بإجماع العلماء على أن كلمة "تصوف" مستحدثة، وذكروا أنها أول ما أطلقت بالإفراد على ثلاثة من الزهاد الكوفيين؛ هم أبو موسى جابر بن حيان (٢٨٠هـ)، وأبو هاشم الكوفي، وعبدك الصوفي.
● تاريخ التصوف باختصار:
١) لم يعرف علم التصوف في العهد النبوي، ولا في العهد الراشدي، ولا في العصر الأموي، ولا في مطلع الخلافة العباسية.
٢) بدأت معالمه في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، واول من سمي بالصوفي هو أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة 150 هـ.
٣) وباسم الزهد انتشر التصوف في مطلع القرن الثالث، وصنف في هذه الفترة الكتب التي تتحدث عنه، وأخذوا يضعون القواعد والأسس والمنطلقات.
٤) وفي منتصف القرن الثالث تسربت الكثير من الفلسفات والأفكار الدينية الأخرى إلى التصوف، وامتزجت به، وأصبح الطابع العام الذي يميز التصوف بصبغته الإشراقية.
٥) وفي العهود الأخيرة نشأت ناشئة من الصوفيين الذين يرفضون أية محولات لإخراج التصوف عن الكتاب والسنة.
● أهداف الدراسة:
١) اماطة اللثام عن نشأة التصوف، والكشف عن أهم أعلامه.
٢) تحقيق القول في مفهوم التصوف وأنواعه، وما يقبل منه وما يرفض.
٣) إبراز دور التصوف التربوي المحرر على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة في نهوض الواقع، ومدى إسهامه في تهذيب السلوك الإنساني.
٤) الإشارة إلى أن التصوف أصابته بعض الانحرافات السلوكية قديما وحديثا، فصار التصوف الحق شيء، والواقع والممارسة شيء آخر.
وقد خلص الكاتب إلى أن:
١) التصوف مأخوذ من لبسة الصوف- التي هي رمز الرهبنة.
٢) وأن التصوف خلق، وقوامه: (علم+ جود + صبر= تصوف)!..
٣) وأن التصوف نوعان:
أ- تصوف فلسفي مرفوض.
ب- تصوف تربوي أخلاقي.
● أفكار وممارسات صوفية منحرفة:
١) فكرة الفناء:
وفكرة الفناء تتنافى مع أخلاق الحياة التي قررها القرآن، وبينها النبي بسلوكه وحديثه، والصحابة بممارساتهم الدينية والدنيوية، بالإضافة إلى أنها لا تستقيم مع عقيدة التوحيد.
٢) السلوكيات الشركية المنافية للإسلام:
ولا تزال طوائف الصوفية تمارس الشرك بأنواعه الجلي منه والخفي، من الطواف حول الأضرحة، وتداول الشطحات الكفرية، وتعليق التمائم والحجب، واعتقاد نفع الشيخ وتأثيره، وبركته، وجاهه عند الله وغير ذلك.
-------------------------------------------
الاستاذ عيد علاوي، قسم اللغة العربية وآدابها، معهد اللغات والآداب، المركز الجامعي- الطارف.
مجلة المخبر، العدد الثامن، 2012م، أبحاث في اللغة والأدب الجزائري، جامعة محمد خيضر، بسكرة- الجزائر (ص ١٢٧- ١٤٢).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق