أحكام الجنائز للألباني
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ اعلم -أخي الحبيب -أنه يسن لكل إنسان أن يكثر من ذكر الموت، لحديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) والمراد بهادم اللذات أي الذي يقطعها بسرعة وهو الموت، ولا بُد للعاقل أن يستعد له بالتوبة والاستقامة على أمر الله تعالى، سواء كان شاباً أو كهلاً أو شيخاً مسناً، وسواء كان صحيحاً أو مريضاً، فإن الأجل محتوم، والموت مكتوب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومن ذكر الموت تذاكر أحكام الميت من حين يحتضر إلى حين دفنه والانصراف عن قبره، وما يكون بعد ذلك من زيارة القبور، فيعتبر الحي بحال الميت، ويعلم أن الجميع صائرون إلى هذا المنزل، فحريٌّ بنا أن نُحسن العمل، ونترك التسويف في التوبة، ونسارع إلى الخير والطاعة.
وهذا الكتاب هو رسالة مختصرة في "آداب الجنائز في الإسلام" ذكر فيها الإمام الألباني أحكام الجنائز، بحسب ما يكون في الواقع، فافتتحته بفصل:
(1 -ما يجب على المريض) من الرضى بالقضاء والصبر على القدر وترك تمني الموت وأداء الحقوق والوصية والإشهاد عليها ... ثم:
(2 - تلقين المحتضر) وما على من حضره من التلقين وأمره بالشهادة.
ثم (3 - ما على الحاضرين بعد موته) من غمض عينيه. والدعاء له وتغطيته. والتعجيل بتجهيزه. والمبادرة لقضاء دينه.
ثم (4 - ما يجوز للحاضرين وغيرهم) من كشف وجهه وتقبيله والبكاء عليه.
ثم (5 - ما يجب على أقارب الميت) من الصبر والرضا بالقدر، والاسترجاع، وإحداد المرأة على زوجها.
ثم (6 - ما يحرم عليهم) من النياحة وضرب الخدود وشق الجيوب، وغير ذلك كنعيه على المنائر.
ثم (7 - النعي الجائز).
ثم (8 - علامات حسن الخاتمة).
ثم (9 - ثناء الناس على الميت).
ثم (10 - غسل الميت).
وهكذا إلى الدفن وزيارة القبور.
وختم الألباني كتابه بالحديث عن (بدع الجنائز)، استوعب فيه البدع المنصوص عليها في كتب أهل العلم قديماً وحديثاً. مع عزو كل بدعة إلى موضعها من كتبهم. وما لم يعز إليهم. فهو مما يحكم المنهج العلمي في أصول البدع أنه منها. وكثير منها من بدع العصر الحاضر.
ونحن نوافق الألباني رحمه الله في غالب المسائل التي ذكرها في هذا الكتاب، ونخالفه في بعضها، معتقدين الجواز، أو الكراهة دون التحريم، وينبغي لمن يقرأ هذا الكتاب التدقيق في أقوال الفقهاء، والنظر في ملحظهم الفقهي ودليلهم الشرعي، وما يستأنسون به في عدد من المسائل التي يأخذون فيها بالحديث الضعيف، الذي له أصلٌ يشهد له، مما لا يمكن تسميته بدعة.
ولهذا الكتاب النفيس تلخيصٌ أيضاً، لا يقل أهمية عن الكتاب الأصل، وهو يقع في ثلث الكتاب الأصل، مع حذف تخريج الأحاديث اكتفاءً بالأصل، وحذف ما لا صلة له بالموضوع، وزيادة بعض الفوائد، وهو مفيدٌ أيضاً، ويُنصح بقراءته.
وأختم بذكر حديث: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني" وعلى هذا لا بُدَّ من أوقاتٍ للتأمل، نتذكر فيها موتنا، ثم السؤال في القبر، ثم حياة البرزخ، ثم البعث ثم الحشر، ثم الموقف، ثم الحساب، والميزان، والورود على النار، ثم الجنة والنار، وكلما زادت هذه الأوقات والتأملات كنا أقرب إلأى الله.
ولا بد أن يرافق هذا كله محاسبة لأنفسنا على يومنا وأمسنا وغدنا، واستغفار على ما فرطنا وقصرنا، وتجديد عزم وهمة مع الله.
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق