السنن والآثار في النهي عن التشبٌّه بالكفار (رسالة ماجستير)
جمع ودراسة سهيل حسن عبد الغفار
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ إن الله حرّم على المسلمين أن يعطوا ولاءهم لغير المسلمين، ذلك أن الأمة التي تتخلى عن مبادئها، وتستغني عن خصائصها لا بد أن تضمحل شخصيتها، وتذهب قوتها، ولقد دعا الإسلام معتنقيه إلى معارضة التقليد الأجنبي، وحذر من التشبه بالآخرين، وجعل ذلك مظهراً من مظاهر مولاتهم، بل إنه أعلن حرباً لا هوادة فيها على التقليد والتبعية للغير، وحكم على من تشبه بقومٍ أنه قد انفصل عن أهله الذين هم أهل الإسلام، وأصبح من القوم الذين تشبَّه بهم، كما جاء في الحديث: (من تشبَّه بقومٍ فهو منهم).
فمن تشبَّه برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه والمؤمنين من بعدهم فقد والاهم وهو منهم، ومن تشبَّه بالكافرين فيما يختصون به من أمر دينهم ودنياهم فهو منهم، كأولئك الذين يُقلدون شوارب ستالين، أو قزع الممثلين، أو يقلدون الخنافس والكلاب، أو يضعون شارة هتلر، أو شارة الشيوعيين، أو صليب النصارى، فهذا كله من موالاتهم.
وقد دعا الإسلام في كثير من نصوصه إلى التميز عن الأمم في قضايا العبادة والعقيدة والأخلاق، كما دعا إلى التميز عنها في قضايا المظهر والشكل العام، وكشف عن مدى أثر التقليد في فقدان الشخصية الحقيقية، وبين أثر التبعية في عبودية الفكر والعقل، الأمر الذي يؤكده المؤرخون: أن التقليد هي أول مراحل الهدم والانحلال، وعلامة من علامات الضعف والانهيار.
بل إن الإسلام أوجب على المسلمين أن يجعلوا ولاءهم وانتماءهم خالصاً لله ولرسوله والمؤمنين، وينبذوا كل ما فيه تشبُّه بالكفار والمشركين فيما هو من نعتهم وزيهم وصفتهم وهديهم الظاهر واعتقاداتهم الباطنة. أما الولاء لله تعالى فيتمثل في إفراده بالعبادة والطاعة، والولاء لرسوله يقتضي اتباع سنته وتصديقه، واولاء للمؤمنين بمحبتهم، ونصرتهم، وتكثير سوادهم، والتشبُّه بالكرام منهم.
قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الجاثية: ١٨). قال ابن تيمية: نهى الله نبيَّه عن موافقة المشركين في هديهم الظاهر؛ لأن فيه اتباعٌ لما يهوونه.
وقال سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} (الرعد: ٣٧)، والمراد باتباع أهوائهم إنما هو فيما يختصُّ بهم من أمر دينهم.
وقال جل شأنه: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: ١٦)، قال ابن كثير: نهى سبحانه عن مشابهتهم في الأمور الأصلية والفرعية.
ولا شك أن التشبُّه بالكفار فيما بختصون به يعتبر من أعظم مظاهر الولاء لهم، وكذلك تقليدهم في لباسهم وعاداتهم، كالألبسة الضيقة، والأشعار الطويلة، والسلاسل الذهبية وغير الذهبية في الأعناق، والأسورة في المعاصم، والتكسر في المشي والتخنث فيه، وفي عصرنا الحاضر نجد أن أكثر المسلمين اصطبغوا بصبغة الحضارة الغربية، وانصهروا في بوتقة الاستعمار، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أخبرنا أن من هذه الأمة من يتبع سنن اليهود والنصارى، فنحن نشاهد تقليد أجيال هذه الأمة لأمم الشرك والوثنية فيما هم عليه من أخلاق ذميمة وعادات فاسدة تفوح منها رائحة النتن و تمرغ أنف الإنسانية في مستنقع من وحل الرذيلة والإثم.
وهذا كتاب نفيس يشتمل على مقدمة وبابين، جمع فيه المؤلف الأحاديث والآثار الدالة على القاعة العامة في تحريم التشبه بالمشركين وأهل الكتاب، وقد بيَّن في المقدمة سبب اختيار الموضوع، وهو أن واقع المسلمين في هذا العصر يتطلب بيان ذلك لخطورة الأمر في نفسه، وأن الاستمرار على ذلك عواقبه وخيمة، وأن المسلمين لهم شخصيتهم المستقلة عن الأمم الأخرى؛ لأنهم أحصاب دعوة سماوية خالدة، فينبغي أن يكونوا أسوةً وقدوةً لغيرهم.
ثم بيَّن المؤلف الأبعاد التاريخية لهذا التشبُّه منذ مجيء عمرو بن لحي بدين الوثنية إلى أرض العرب، والتحولات المهمة التي صحبت الفتوحات الإسلامية، ثم الانفتاح الكبير على الغرب والتأثر بزيهم وثقافتهم بعد الاستعمار الغربي للمشرق الإسلامي، وذكر المؤلف -أيضاً -مميزات الشريعة الإسلامية، من كونها: عامة، كاملة، شاملة، صالحة لكل زمان ومكان، وناسخة للشرائع السابقة، مع ذكر الأدلة المؤيدة لذلك من كتاب الله تعالى.
وقد جمع المؤلف مادة هذه الكتاب من كتب الأطراف التي فيها نهي عن التشبه بأهل الكتاب، ذاكراً الحديث في صدر الصفحة، والصحابي الذي يرويه، وسبب وروده إن وُجد، ثم تخريج الحديث، وترجمة رواة الحديث من "تقريب" ابن حجر، ثم درجة الحديث، وغريبه، وفقهه بإيجاز دون الولوج في الخلافيات الفقهية.
وجملة ما في الكتاب من الأحاديث (105) مائة وخمسة أحاديث، منها (16) ستة عشر متفق عليها، ومنها (38) ثمانية وثلاثون حديثاً صحيحاً أخرجها أحد الشيخين أو أصحاب السنن، وتوجد (3) ثلاثة أحاديث حسنة ارتقت بالشواهد إلى درجة الصحيح لغيره، و(12) اثنا عشر حديثاً حسنة. ومن مجموع الأحاديث توجد (10) عشرة أحاديث موقوفة، والبقية كلها مرفوعة.
وشمل ذلك: الأحاديث الصريحة في النهي، مثل قوله: "خالفو"، و"لا تشبهوا"، أو ذكرت عاقبة ذلك، كقوله: "إنما أهلك من كان قبلكم"، أو ورد ذكر أعمالهم في معرض الذم، مثل قوله "قاتل الله اليهود"، أو كان سبب الحديث يدل على أنه قاله لأجل النهي عن فعلهم، مثل: "لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة"، وذلك تعريضاً بملوك الفرس، وكذلك أمورٌ أخرى دلت بمعناها وفحواها على النهي عن التشبه بأهل الكتاب أو المجوس أو أهل الجاهلية.
أولاً: نتائج هذا البحث باختصار:
1-إن الإسلام يؤكد على سلامة نظافة الظاهر كما يؤكد على طهارة الباطن، ولأن الباطن له أثر واضح على ظاهر الإنسان، ونرى ذلك بوضوح أن الأحاديث التي وردت في اللباس والزينة والأخلاق والعادات أكثر من غيرها إذ بلغت تسعة وعشرين حديثاً. وهذا يدل على أن الإسلام يريد لنا استقلالاً كلياً عن اليهود والنصارى والمجوس ظاهراً وباطناً.
2-الحرص الشديد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -في بيان كل صغيرة وكبيرة تنفع المسلمين وتبين استقلالهم عن غيرهم، وهذا يتضح بما جاء من الأحاديث بهذا العدد في هذه المسألة الواحدة فقط، مع أن بعض الناس لا يلقون لها أي اهتمام.
3- كما تبين من هذه الدراسة أن الإسلام. رغم نهيه عن التشبه وموافقة الكفار لا يمنع عن أخذ العلوم والتكنولوجيا الحديث ما لم يعارض ذلك شرعنا ويمكن بذلك أن نخدم الإسلام والمسلمين ونشر الدعوة الإسلامية وننقذ الإنسانية الحائرة ونبين للعالم أن الإسلام ليس دين الجمود بل هو دين يحث على التعلم والتفكر في خلق الله وتسخير نعم الله لخدمة الإسلام والمسلمين.
ثانياً: ضوابط إباحة التشبه بالكفار والمشركين في بعض الأمور، ستة:
1-ألا يكون ذلك الأمر من شرعهم أو عباداتهم الدينية المختصة بهم.
2-ألا يكون هذا الأمر من تقاليدهم وشعارهم الذي يتميزون به.
3-ألا يكون في شرعنا بيان خاص بمخالفته، أو بيان خاص بموافقته فيستغنى بشرعنا عن شرع من قبلنا.
4-ألا تؤدي هذه الموافقة إلى مخالفة أمر من أمور الشريعة (ذريعة لمخالفتها).
5-ألا تكون هذه الموافقة في أعيادهم أو ما يرتبط بها.
6-أن تكون هذه الموافقة بحسب الحاجة المطلوبة ولا تزيد عليها.
ثالثاً: التشبه بالمشركين وأهل الكتاب في أمور العبادات والعادات له صور متعددة:
1-هناك أمورٌ أقرها الإسلام، واعتبرها في الأحكام الشرعية، مثل:
-القسامة، وقطع السارق: وأول من قضى بهما في الجاهلية الوليد بن المغيرة.
-الدية: وقد بلغها عبد المطلب إلى 100 من الإبل، فأبقاها الرسول على ذلك.
-كان لرئيس القوم مرباع كل غارة، فأقرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الخمس من كل غنيمة.
2-هناك أمورٌ أقر الإسلام أصلها ولم يُقرَّ وصفها، مثل:
-صوم يوم عاشوراء: سُنَّ لنا صومه ومخالفة أهل الكتاب بصوم يوم قبله أو بعده.
-أكلة السرح: وهي فرق ما بين صومنا وصوم أهل الكتاب.
-تعجيل الفطور: مخالفةً لليهود الذين يؤخرونه.
-مشروعية الصلاة في النعلين: مخالفة لليهود.
3-هناك أمورٌ لم يقرها الإسلام لأنها منسوخة في شرعنا:
-كصيام يوم السبت، وهو مكروه لنا ومشروعٌ لهم.
-والامتناع عن أكل الشحوم، وهو مباح لنا ومحرّم عليهم.
-كسجود التحية عند من يرى أنها كانت مشروعة لهم، وهي محرمة في شرعنا.
-استقبال بيت المقدس لأنها قبلة أهل الكتاب، ثم نسخ ذلك باستقبال الكعبة.
4-هناك أمورٌ لم يقرها الإسلام؛ لأنها مبتدعة، لم ترد في شرعنا ولا في شرعهم:
-كمحاباة الأشراف في الحدود.
-وتحويل النصارى صوم رمضان إلى أيام الربيع.
-وزيادة الصوم عندهم على ثلاثين يوماً.
رابعاً: الكتب التي بحثت موضوع التشبه:
1-اقتضاء الصراط المستقيم، لمخالفة أصحاب الجحيم، لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى -(ت 728 هـ).
2-تشبيه الخسيس بأهل الخميس، للذهبي (ت 748 هـ).
3-حسن التنبه لما ورد في التشبه، لنجم الدين الغزي (ت 1061 هـ).
4-وقد جمع الشيخ الألباني رحمه الله (31) واحداً وثلاثين حديثاً في هذا الموضوع من أبواب مختلفة في كتابه (حجاب المرأة المسلمة: ص 82 -104)، وخرجها وحققها، وهي: في "الصلاة"، و"الجنائز"، و"الحج"، و"الذبائح"، و"الأطعمة"، و"اللباس والزينة"، و"الآداب والعادات"، و"غير ذلك".
خامساً: الرموز المستعملة في الكتاب:
(خ) بخاري في صحيحه. (خت) للبخاري في صحيحه تعليقاً.
(بخ) البخاري في الأدب المفرد (عخ) البخاري في خلق أفعال العباد.
(ز) للبخاري في جزء القراءة. (ي) للبخاري في جزء رفع اليدين.
(م) مسلم في صحيحه (مق) لمسلم في المقدمة.
(د) لأبي داود في سننه. (مد) لأبي داود في المراسيل.
(صد) لأبي داود في فضائل الأنصار.
(خد) لأبي داود في الناسخ والمنسوخ.
(قد) لأبي داود في القدر. (ف) لأبي داود في التفرد.
(ل) لأبي داود في المسائل. (كد) لأبي داود في مسند مالك.
(ت) للترمذي في سننه. (تم) للترمذي في الشمائل.
(س) للنسائي في سننه. (سي) للنسائي في عمل اليوم والليلة.
(عسى) للنسائي في مسند علي. (ص) للنسائي في خصائص علي.
(كن) للنسائي في مسند مالك. (ق) لابن ماجه في سننه.
(ع) للكتب الستة. (4) للسنن الأربعة.
سادساً: أسماء الكتب التي ذكرها مختصرة:
الاقتضاء: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية.
التقريب: تقريب التهذيب لابن حجر
التهذيب: تهذيب التهذيب لابن حجر.
الخلاصة: خلاصة تهذيب تهذيب الكمال، للخزرجي.
الفتح: فتح الباري لابن حجر.
الفيض: فيض القدير للمناوي
اللسان: لسان الميزان لابن حجر
الميزان: ميزان الاعتدال للذهبي.
سابعاً: التشبه بالكفار في الهدي الظاهر يورث مشابهتهم في الاعتقاد الباطن:
فالأمر بمخالفة الكفار ليس أمراً تعبدياً فقط، بل هو معقول المعنى، واضح الحكمة، فقد قرر العلماء المحققين أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الظاهر والباطن، وأن للظاهر تأثيرٌ على الباطن إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وفي ذلك يقول ابن تيمية -رحمه الله في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 549): ((إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة، حتى إن الرجلين إذا كانا من بلد واحد، ثم اجتمعا في دار غربة، كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم، وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين، أو كانا متهاجرين، وذلك لأن الاشتراك في البلد نوعُ وصفٍ اختصا به عن بلد الغربة.
بل لو اجتمع رجلان في سفر، أو بلد غريب، وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو الثياب، أو الشعر، أو المركوب ونحو ذلك؛ لكان بينهما من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما، وكذلك تجد أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضاً ما لا يألفون غيرهم، حتى إن ذلك يكون مع المعاداة والمحاربة: إما على الملك، وإما على الدين.
وتجد الملوك ونحوهم من الرؤساء، وإن تباعدت ديارهم وممالكهم بينهم مناسبة تورث مشابهة ورعاية من بعضهم لبعض، وهذا كله موجب الطباع ومقتضاه. إلا أن يمنع من ذلك دين أو غرض خاص.
فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية، تورث المحبة والموالاة لهم؛ فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة: 51)...
وقال سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (المجادلة: 22)، فأخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يواد كافراً؛ فمن واد الكفار فليس بمؤمن، والمشابهة الظاهرة مظنة الموادة، فتكون محرمة، كما تقدم تقرير مثل ذلك" انتهى.
ثامناً: الأحاديث ((الصحيحة) التي فيها النهي عن التشبه بالكفار:
وهي التي نص عليها العلماء بقولهم (لا يجوز للمسلمين، رجالاً ونساءً التشبه بالكفار، سواءً في عباداتهم، أو أعيادهم، أو أزيائهم الخاصة بهم)، ونحن نقتصر على ذكر الصحيح منها:
الفصل الأول: في النهي عن التشبه عموماً، وفيه (5) أحاديث:
1-عن أبي واقد الليثي: أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (الأعراف: 138) إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة) (أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، والحميدي في مسنده، وأحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حسن صحيح).
* غريب الحديث: يعكفون: أي مقيمون على الشيء ملازمون له. ذات أنواط: اسم شجرة بعينها كان المشركون ينوطون بها السلاح أي يعلقونه بها. سَنَن: أي الطريق والسبيل.
2- عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه»، قلنا يا رسول الله: اليهود، والنصارى قال: «فمن»؟ (متفق عليه).
* غريب الحديث: سنن: سبل ومناهج وعادات. شبراً بشبر: كناية عن شدة الموافقة لهم في عاداتهم رغم ما فيها من سوء وشر ومعصية لله تعالى ومخالفة لشرعه. جحر ضب: ثقبه وحفرته التي يعيش فيها. والضب: دويبة تشبه الحرذون تأكله العرب والتشبيه بجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته ونتن ريحه وخبثه. فمن: أي يكون غيرهم إذا لم يكونوا هم وهذا واضح أيضا فإنهم المخططون لكل شر والقدوة في كل رذيلة.
3-عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، مرفوعاً: (أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق، ليهريق دمه) (رواه البخاري).
* غريب الحديث: ملحد: هو المائل عن الحق، والعادل عن القصد. سنة الجاهلية: أي سيرتها وحالتها. مطلب: من يبالغ في الطلب.
4-عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، مرفوعاً: (بعثتُ بين يدي الساعة بالسيف، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل سيفي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبّه بقومٍ فهو منهم) (صحيح، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في مسنده).
* غريب الحديث: تحت ظل رمحي: أي أن رزق النبيِّ صلى الله عليه وسلم جُعل في الغنائم، لا في غيرها من المكاسب. الصغار: الذل والهوان، وقد يُراد به الجزية.
5-وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، مرفوعاً: (ليس منا من تشبّه بغيرنا، لا تشبّهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسلم النصارى الإشارة بالأكف) (حسن لغيره، رواه الترمذي في سننه).
الفصل الثاني: في القرآن والعلم والإيمان، وفيه (3) أحاديث
1-عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: (إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب) (رواه مسلم).
2-عن أبي هريرة مرفوعاً: (ذَروني ما ترَكتُكم؛ فإنَّما هلَكَ مَن كان قَبلَكم بسُؤالِهم واختِلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمرتُكم بشيءٍ فأتوا منْهُ ما استطعتُم، وإذا نَهيتُكم عن شيءٍ فاترُكوهُ) (رواه الشيخان).
* غريب الحديث: ما تركتكم: أي مدة تركي إياكم.، بغير أمرٍ بشيء، ولا نهي عن شيء.
3-عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعاً، قال: لَمَّا نَزَلَتْ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: {لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ وإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ به اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ واللَّهُ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: 284)، قالَ: فاشْتَدَّ ذلكَ علَى أصْحابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. فأتَوْا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا علَى الرُّكَبِ، فقالوا: أيْ رَسولَ اللهِ، كُلِّفْنا مِنَ الأعْمالِ ما نُطِيقُ، الصَّلاةَ والصِّيامَ والْجِهادَ والصَّدَقَةَ، وقدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هذِه الآيَةُ ولا نُطِيقُها، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: (أتُرِيدُونَ أنْ تَقُولوا كما قالَ أهْلُ الكِتابَيْنِ مِن قَبْلِكُمْ سَمِعْنا وعَصَيْنا؟ بَلْ قُولوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ)، قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ. فَلَمَّا اقْتَرَأَها القَوْمُ، ذَلَّتْ بها ألْسِنَتُهُمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ في إثْرِها: {آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِن رَبِّهِ والْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ باللَّهِ ومَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ وقالُوا سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ} (البقرة: 285). فَلَمَّا فَعَلُوا ذلكَ نَسَخَها اللَّهُ تَعالَى، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أخْطَأْنا} (البقرة: 286). قالَ: (نَعَمْ). {رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عليْنا إصْرًا كما حَمَلْتَهُ علَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنا} قالَ: (نَعَمْ). {رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لنا بهِ} قالَ: نَعَمْ {واعْفُ عَنَّا واغْفِرْ لنا وارْحَمْنا أنْتَ مَوْلانا فانْصُرْنا علَى القَوْمِ الكافِرِينَ} قالَ: (نَعَمْ) رواه مسلم.
* غريب الحديث: بركوا على الركب: أي جلسوا على ركبهم. اقتراها القوم: أي قرأوها. ذلت بها ألسنتهم: أي جرت بسهولة على ألسنتهم. في أثرها: أي في عقبها. إصراً: أي ثقلاً أي لا تثقل علينا من الفرائض ما أثقلته على بني إسرائيل.
الفصل الثالث: في الطهارة والنظافة، وفيه حديث واحد:
عن أنسٍ مرفوعاً: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، وكان اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوهن، ولم يجامعوهن في البيوت (رواه مسلم).
* غريب الحديث: لم يجامعوهنّ في البيوت: أي لم يساكنوهن، ولم يخالطوهن في بيت واحد.
الفصل الرابع: في الصلاة، وفيه (11) أحاديث:
1-عن جابر بن عبد الله مرفوعاً: (إن كدتُم لتفعلوا فعلَ فارسٍ والرومِ، يقومون على ملوكِهم وهم قعودٌ فلا تفعلوا، ائتَمُّوا بأئمتِكم؛ إن صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإن صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا)، وفي رواية: (لا تفعلوا كما تفعل أهل فارس بعظمائها) (رواه مسلم).
2-وعن شداد بن أوس مرفوعاً: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم) (صحيح، رواه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه).
3-وعن عائشة مرفوعاً: (إنَّ اليَهودَ قومُ حَسدٍ حسدوكم على ثلاثةٍ إفشاءُ السَّلامِ وإقامةُ الصَّفِّ وآمينَ) (صحيح، رواه ابن خزيمة في صحيحه).
* غريب الحديث: حَسدٍ: أي من طباعهم الحسد.
4-عن أبي هريرة، مرفوعاً: (الاختصارُ في الصَّلاةِ راحةُ أهلِ النَّار) (حسن لغيره، رواه ابن خزيمة في صحيحه)، وفي رواية لابن أبي شيبة عن عائشة أنها كرهت الاختصار في الصلاة، وقالت: "لا تشبهوا باليهود".
* غريب الحديث: الاختصار: هو أن يضع يده على خاصرته.
5-عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (كانَ المسلِمونَ حينَ قدِموا المدينةَ يجتَمِعونَ فيتحيَّنونَ الصَّلاةَ وليسَ يُنادي بِها أحَدٌ فتَكَلَّموا يومًا في ذلِكَ، فقالَ بعضُهُمُ: اتَّخِذوا ناقوسًا مثلَ ناقوسِ النَّصارى، وقالَ بعضُهُم: بَل قرنًا مثلَ قرنِ اليَهودِ، فقالَ عمرُ: أفلا تَبعثونَ رجلًا يُنادي بالصَّلاةِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: قُم يا بلالُ، فَنادِ بالصَّلاةِ) (متفق عليه).
* غريب الحديث: يتحينون: يطلبون وقت الصلاة. ناقوس: مثل الجرس يقرع للإعلام. قرن: بوق ينفخ فيه.
6-عن عمرو بن عبسة، رضي الله عنه، أنَّه سأَل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الصلاة؟ فقال: (صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ؛ فإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بيْنَ قَرْنَيْ شيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ؛ فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ؛ فإنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ؛ فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حتَّى تُصَلِّيَ العَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ فإنَّهَا تَغْرُبُ بيْنَ قَرْنَيْ شيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ) (رواه مسلم).
* غريب الحديث: مشهودة: أي تشهدها الملائكة. يستقل الرمح بالظل: أي يقوم مقابله في جهة الشمال، ليس مائلاً إلى المشرق ولا إلى المغرب. تسجر جهنم: أي توقد إيقاداً بيغاً. الفيء: هو الظل المختص بما بعد الزوال. بين قرني شيطان: أي ناحيتي رأسه.
7-عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رأى رجلًا ساقطًا يدَه في الصَّلاةِ، فقال: (لا تجلِسْ هكذا؛ إنَّما هذِهِ جِلسةُ الَّذين يُعذَّبونَ) (أسناده صحيح، رواه أحمد، وأبو داود). والمعذبون هم اليهود كما في الرواية الثانية عند البيهقي.
8-عن إسماعيل بن أمية، قال: سألتُ نافعًا عنِ الرَّجلِ يصلِّي وَهوَ مشبِّكٌ يدَيهِ قالَ: قالَ ابنُ عمرَ (تلكَ صلاةُ المغضوبِ عليهم) (صحيح، أخرجه أبو داود في سننه).
* غريب الحديث: شبك بين يديه: أدخل أصابعه بعضها في بعض.
9-عن عمر بن الخطاب، قال: (إنما هلك من كان قبلكم بهذا أنهم اتخذوا آثارَ أنبيائِهم مساجدَ من أدركته الصلاةُ فليصلِّ وإلا فليمضِ) (صحيح، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه).
* غريب الحديث: البيع: معابد النصارى.
10-عن ابن عمر رضي الله عنهما، مرفوعاً: (إذا كان لأحدكم ثوبان فليُصلِّ فيهما، فإن لم يكن إلا ثوبٌ واحدٌ فليأتزر، ولا يشتمل اشتمال اليهود) (صحيح، أخرجه أحمد في مسنده).
* غريب الحديث: الاشتمال هو تجليل الثوب دون أن يرفع طرفه.
11-عن عبد الله بن عباس مرفوعاً: (ما أمرتُ بتشييد المساجد)، قال ابن عباس: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" (صحيح، قول ابن عباس أخرجه البخاري تعليقاً، ووصله عبد الرزاق مع الحديث المرفوع).
* غريب الحديث: التشييد: رفع البناء وتطويله. لتزخرفنها: لتزيننها.
الفصل الخامس: في الجنائز، وفيه (3) أحاديث:
1-عن عبد الله بن مسعود، مرفوعاً: (ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ) (متفق عليه).
* غريب الحديث: الجيب: فتحة القميص من أعلى. دعوى الجاهلية: التسخط ورفع الصوت بالمصيبة.
2-عن عائشة، وعبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، مرفوعاً: (لَمَّا نَزَلَ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً له علَى وجْهِهِ، فإذا اغْتَمَّ كَشَفَها عن وجْهِهِ، وهو كَذلكَ يقولُ: لَعْنَةُ اللَّهِ علَى اليَهُودِ، والنَّصارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَساجِدَ يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا) (متفق عليه).
* غريب الحديث: طفق: أخذ وشرع. خميصة: ثوب مُعلم. اغتم: حبس نفسه عن الخروج. اللعن: الطرد من رحمة الله أو السب لهم.
3-عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، قال: كنتُ مع سعيد بن جبير وهو يتبع جنازة معها مجمر يتبع بها، فرمى بها فكسرها، وقال: سمعتُ ابن عباس، يقول: (لا تشبهوا بأهل الكتاب) (موقوف صحيح، أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما)
* غريب الحديث: المجمر: الآلة التي يوضع فيها البخور.
الفصل السادس: في الصوم، وفيه (5) أحاديث:
1-عن عمرو بن العاص مرفوعاً: (فرق ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) (رواه مسلم).
2-عن أبي هريرة مرفوعاً: (لا يزال الدين ظاهراً، ما عجّل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون) (حسن، أخرجه أحمد وأبو داود).
3-عن ليلى -امرأة بشير بن الخصاصية، قالت: أردتُ أن أصومَ يومينِ مُواصَلَةً، فنهاني عنه بُشَيْرٌ، وقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهاني عن ذلك، وقال: (إنما يفعلُ ذلك النصارى، صُومُوا كما أمركم اللهُ، وأَتِمُّوا الصومَ كما أمركم اللهُ؛ {وأَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فإذا كان الليلُ فأَفْطِرُوا) (حسن، أخرجه أحمد في مسنده)
4- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: حِينَ صَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بصِيَامِهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: (فَإِذَا كانَ العَامُ المُقْبِلُ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- صُمْنَا اليومَ التَّاسِعَ)، قالَ: فَلَمْ يَأْتِ العَامُ المُقْبِلُ حتَّى تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم (رواه مسلم).
5-عن أم سلمة، رضي الله عنها، أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أكثرَ ما كان يصومُ من الأيامِ يومُ السبتِ والأحدِ كان يقولُ: (إنهما يَوْمَا عيدٍ للمشركينَ وأنا أريدُ أن أخالِفَهم) (حسن، أخرجه أحمد في مسنده، وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما).
الفصل السابع: في الحج، وفيه (4) أحاديث:
1- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، مرفوعاً: (كانَ المُشْرِكُونَ يقولونَ: لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ، قالَ: فيَقولُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَيْلَكُمْ! قدْ قَدْ، فيَقولونَ: إلَّا شَرِيكًا هو لَكَ، تَمْلِكُهُ وَما مَلَكَ. يقولونَ هذا وَهُمْ يَطُوفُونَ بالبَيْتِ!) (رواه مسلم). لبيك: أي إجابة لك يا رب، قدقد: أي كفاكم هذا القول، فلا تزيدوا.
2-عن المسور بن مخرمة، رضي الله عنهما، قال: (خطبَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ؛ فقالَ: إنَّ أَهلَ الجاهليَّةِ كانوا يدفَعونَ من عرفةَ حينَ تَكونُ الشَّمسُ كأنَّها عمائمُ الرِّجالِ قبلَ أن تغربَ، ومنَ المزدلفةِ بعدَ أن تطلعَ الشَّمسُ حينَ تَكونُ كأنَّها عمائمُ الرِّجالِ في وجوهِهم، وإنَّا لا ندفَعُ من عرفةَ حتَّى تغرُبَ الشَّمسُ ونَدفعُ منَ المزدلفةِ قبلَ أن تطلعَ الشَّمسُ، هديُنا مخالفٌ لِهدْيِ أهلِ الأوثانِ والشِّركِ) (حسن لغيره، أخرجه الحاكم في المستدرك). يدفعون: أي يبتدئون السير. المشعر الحرام: المزدلفة.
3-عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: كانَ أهْلُ الجاهليَّةِ لا يُفيضونَ حتَّى يرَوا الشَّمسَ علَى ثَبيرٍ -وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير -فخالفَهُمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فدفعَ قبلَ طلوعِ الشَّمسِ. (رواه البخاري) يفيضون: يسيرون ويدفعون. جمع: المزدلفة. ثبير: جبل على يسار الذاهب إلى منى.
4- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، مرفوعاً: (إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين فإنَّما هلكَ مَن كان قبلَكم بالغلوِّ في الدِّينِ) (صحيح، أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه). والغلو: هو التشدد ومجاوزة الحد.
الفصل الثامن: في النكاح، وفيه (3) أحاديث:
1-عن أبي أمامة، رضي الله عنه، مرفوعاً: (تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى) (حسن لغيره، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى). مكاثر: أي مفاخر بكم.
2-عن عبد الله بن أبي أوفى، مرفوعاً: (فإني لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحدًا أنْ يَسْجُدَ لغيرِ اللهِ؛ لَأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها. والذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ، لا تُؤَدِّي المرأةُ حقَّ رَبِّها حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زَوْجِها؛ ولَوْ سألَها نَفْسَها وهيَ على قَتَبٍ؛ لمْ تَمْنَعْهُ) (صحيح لغيره، أخرجه ابن ماجه في سننه، وابن حبان في صحيحه). القتب: ما يوضع على ظهر البعير عند الركوب. وكانت الأمم قبلنا تسجد لأساقفتها ورهبانها.
3-عن الحسن البصري، قال: تزوَّج عقيلُ بنُ أبي طالبٍ امرأةً من بني جُشَمَ، فقيل له: بالرَّفاءِ والبنين، فقال: قولوا كما قال رسولُ اللهِ: (بارك اللهُ فيكم، وبارك لكم) (حسن لغيره، أخرجه أحمد، والخمسة إلا أبي داود والترمذي). الرفاء: الائتلاف والاجتماع.
الفصل التاسع: في المعاملات، وفيه (4) أحاديث:
1-عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لأصحابِ الكَيلِ والميزانِ: (إنَّكم قد وُلِّيتُم أمرَينِ هلَكتْ فيهِ الأممُ السَّالفةُ قبلَكم) (حسن لغيره، أخرجه الترمذي والحاكم).
2-عن أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعاً: (لا ترتكبوا ما ارتكبتِ اليهودُ، فتستحلُّوا محارمَ اللَّهِ بأدنى الحيَلِ) (إسناده جيد، أخرجه عبد الله بن بطة في جزء الخلع والحيل).
3-عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: (كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحلبة، وحبل الحبلة: أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله عن ذلك) (متفق عليه). وحبل الحبلة: ما في بطون النوق من الحمل.
4-عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: سمعتُ َرَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ عَامَ الفَتْحِ وهو بمَكَّةَ: (إنَّ اللَّهَ ورَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأصْنَامِ)، فقِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فإنَّهَا يُطْلَى بهَا السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بهَا الجُلُودُ، ويَسْتَصْبِحُ بهَا النَّاسُ؟ فَقالَ: (لَا، هو حَرَامٌ)، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: (قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فأكَلُوا ثَمَنَهُ). (متفق عليه). جملوه: أي أذابوه. يستصبح: أي يستضيئون به، ويشعلون سرجهم.
الفصل العاشر: في اللباس والزينة، وفيه (10) أحاديث:
1-عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: (كانَ أهلُ الكتابِ يسدلُونَ أشعارهمْ، وَكانَ المشركونَ يفرقونَ، وَكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ يحبُّ موافقةَ أهلِ الكتابِ، قالَ: فسدلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ ناصيتهُ ثمَّ فرقَ بعدُ) (متفق عليه).
2-عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: أنَّهُ سَمِعَ مُعاوِيَةَ بنَ أبِي سُفْيانَ، عامَ حَجَّ، وهو علَى المِنْبَرِ، وهو يقولُ، وتَناوَلَ قُصَّةً مِن شَعْرٍ كانَتْ بيَدِ حَرَسِيٍّ: أيْنَ عُلَماؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْهَى عن مِثْلِ هذِه، ويقولُ: (إنَّما هَلَكَتْ بَنُو إسْرائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هذِه نِساؤُهُمْ) (متفق عليه). يعني وصل الشعر. قصة من شعر: يعني من شعر الناصية.
3-عن الحجاج بن حسان القيسي، قال: دخَلْنا على أنَسِ بنِ مالكٍ، فحدَّثَتْني أختي المغيرةُ، قالت: وأنتَ يومئذٍ غلامٌ ولك قَرْنانِ -أو قُصَّتانِ- فمسَحَ رأسَكَ، وبرَّكَ عليكَ، وقال: احلِقوا هذينِ، أو قُصُّوهما، فإنَّ هذا زِيُّ اليهودِ. (صحيح، أخرجه أبو داود في سننه). قرنان: ضفيرتان من شعر على جانبي الرأس. برّك: أي دعا لك بالبركة. زي: أي شعارهم وعاداتهم.
4-عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعاً: (خالِفُوا المشْركينَ وفِّرُوا اللِّحَى وأحْفُوا الشوارِبَ) (متفق عليه).
5-عن أبي أمامة الباهلي، رضي الله عنه، مرفوعاً: خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على مشيخةٍ من الأنصارِ بيضٍ لحاهُم فقال: (يا معشرَ الأنصارِ حمِّروا وصفِّروا وخالفوا أهلَ الكتابِ)، قال: فقلنا يا رسولَ اللهِ إن أهلَ الكتابِ يتسروَلونَ ولا يأتزِرون، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (تسرولوا وائتزِروا وخالفوا أهلَ الكتابِ)، قلنا يا رسولَ اللهِ إن أهلَ الكتابِ يتخففونَ ولا ينتعلونَ؛ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (فتخففوا وانتعِلوا وخالفوا أهلَ الكتابِ) فقلنا يا رسولَ اللهِ يقصونَ عثانينَهم ويوفرون سبالَهم، قال: فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (قصوا سبالَكم ووفرا عثانينَكم وخالفوا أهلَ الكتابِ) (حسن، أخرجه أحمد في مسنده). العثانين: اللحية.
6-عن أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعاً: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم) (متفق عليه).
7-عن خالد بن عدان، مرسلاً: (أُتِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بثيابٍ من الصَّدقةِ فقسَمها بين أصحابِه، فقال: اعتَمُّوا خالِفوا على الأممِ قبلكم) (صحيح، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان).
8-عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، رَأَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقالَ: (إنَّ هذِه مِن ثِيَابِ الكُفَّارِ فلا تَلْبَسْهَا) (رواه مسلم). المعصفر: الثوب المصبوغ باللون الأصفر. وهي من ثياب الكفار.
9-عن أبي ريحانة الأزدي، رضي الله عنه، قال: (نهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن عشرٍ عن الوشرِ والوشمِ والنَّتفِ وعن مكامعةِ الرجلِ الرجلَ بغيرِ شعارٍ وعن مكامعةِ المرأةِ المرأةَ بغير شِعارٍ وأن يجعلَ الرجلُ في أسفلِ ثيابِه حريرًا مثلَ الأعاجمِ أو يجعلَ على مَنكبَيه حريرًا مثلَ الأعاجم وعن النُّهبَى وركوبِ النُمورِ ولبوسِ الخاتمِ إلا لذي سلطانٍ) (حسن، أخرجه أحمد وأبو داود). والوشر: هو تحديد الأسنان وترقق أطرافها. والمكامعة: أن يضاجع الرجل صاحبه في ثوب واحد. الشعار: هو الثوب الذي يلي الجسد. النُّهبى: أي النهب.
10-عن أبي عثمان النهدي، قال: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بأَذْرَبِيجَانَ: يا عُتْبَةُ بنَ فَرْقَدٍ، إنَّه ليسَ مِن كَدِّكَ، وَلَا مِن كَدِّ أَبِيكَ، وَلَا مِن كَدِّ أُمِّكَ، فأشْبِعِ المُسْلِمِينَ في رِحَالِهِمْ ممَّا تَشْبَعُ منه في رَحْلِكَ، وإيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الحَرِيرَ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن لَبُوسِ الحَرِيرِ، قالَ: إلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إصْبَعَيْهِ الوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا. قالَ زُهَيْرٌ: قالَ عَاصِمٌ: هذا في الكِتَابِ، قالَ: وَرَفَعَ زُهَيْرٌ إصْبَعَيْهِ. (رواه مسلم).
الفصل الحادي عشر: في التخشن والزهد، وفيه (3) أحاديث:
1-عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، مرفوعاً: (إنَّ الدُّنيا حُلْوةٌ خَضِرةٌ ألَا وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكم فيها فناظرٌ كيف تعمَلون ألَا فاتَّقوا النَّارَ واتَّقوا النِّساءَ واتَّقوا الدُّنيا) (رواه مسلم).
2-عن عمرو بن عوف، رضي الله عنه، مرفوعاً: (أبْشِروا وأمِّلوا ما يسرُّكم، فواللهِ ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسطَ عليكم الدنيا، كما بُسِطتْ على من كان قبلَكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتُهلِككم كما أهلكتْهُم) (رواه مسلم).
3-عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، مرفوعاً: (لا تُشَدِّدُوا على أنفسِكم فيُشَدَّدُ عليكم؛ فإن قومًا شَدَّدُوا على أنفسِهِم فشَدَّدَ اللهُ عليهم، فتِلْكَ بَقاياهم في الصوامِعِ والدِّيَارِ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}) (حسن بشواهده، أخرجه أبو داود في سننه). والصوامع: بيت عبادة النصارى، والدير :مساكن الرهبان والراهبات.
الفصل الثاني عشر: في الأطعمة والأشربة، وفيه (3) أحاديث:
1-عن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، مرفوعاً: (لا تلبَسوا الحريرَ والدِّيباجَ، ولا تشرَبوا في آنيةِ الذَّهبِ والفضَّةِ، فإنَّها لَهم في الدُّنيا ولَكم في الآخرَةِ) (متفق عليه).
2-عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: كان أهلُ الجاهليَّةِ يأكلون أشياءَ، ويترُكون أشياءَ تقذُّرًا، فبعَث اللهُ تعالى نبيَّهُ، وأنزَل كتابَهُ، وأحَلَّ حلالَهُ، وحرَّم حرامَهُ، فما أحَلَّ فهو حلالٌ، وما حرَّم فهو حرامٌ، وما سكَت عنه فهو عَفْوٌ، وتلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (الأنعام: 145) إلى آخِرِ الآيةِ. (صحيح، أخرجه أبو داود في سننه) والعفو: هو الجائز.
3-عن هلب الطائي، رضي الله عنه، قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ، وسَأَلَه رَجُلٌ فقال: إنَّ مِن الطَّعامِ طَعامًا أتحرَّجُ منه، فقال: (لا يَختلِجَنَّ في نَفْسِكَ شيءٌ ضارَعتَ فيه النَّصرانيَّةَ) (حسن، رواه أبو داود والترمذي، واللفظ لأبي داود). والخلج: هو التردد والارتياب. وضارعت: أي شابهت أو وافقت عملهم.
الفصل الثالث عشر: في الذبائح والضحايا، وفيه (12) حديثاً:
1-عن رافع بن خديج، رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّا لاقُوا العدوِّ غدًا، ولَيسَ معَنا مُدًى. قالَ: (ما أنهرَ الدَّمَ وذَكَرتَ اسمَ اللَّهِ عليهِ، فَكُل، ليسَ السِّنَّ والظُّفرَ، وسأخبرُكَ، أمَّا الظُّفرُ، مُدَى الحبَشةِ وأمَّا السِّنُّ فعَظمٌ) (رواه البخاري). قال الحافظ: والحبشة كفار، وقد نُهيتم عن التشبه بهم.
2-عن أبي هريرة مرفوعاً: (إنَّ اليهودَ تعُقُّ عنِ الغلامِ كَبْشًا ولا تعقُّ عن الجاريةِ – أو تذْبَحُ الشكُّ منه أو من أبيه – فعُقُّوا أوِ اذْبَحوا عنِ الغلامِ كَبْشَيْنِ وعنِ الجاريَةِ كَبْشًا) (صحيح، أخرجه البزار في مسنده، والبيهقي في سننه).
3-عن بُريدة بن الحصيب الأسلمي، رضي الله عنه، قال: كنا في الجاهليةِ إذا وُلدَ لأحدِنا غلامٌ ذبح شاةً ولطَّخ رأسَه بدمِها فلما جاء بالإسلامِ كنا نذبحُ شاةً ونحلقُ رأسَه ونُلطِّخُه بزعفرانٍ. (صحيح، أخرجه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه).
الفصل الرابع عشر: في الأدب والأخلاق والاجتماع، وفيه (12) حديثاً:
1-عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، مرفوعاً: (تسليم الرجل بإصبع واحدة يُشير بها فعل اليهود) (صحيح، رواه الطبراني في الأوسط، والبيهقي في الشعب).
2-عن أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعاً: (لا تبدءوا النصارَى واليهودَ بالسلام، وإذا لقِيتموهم في الطريقِ فاضطرُّوهم إلى أضيقِه) (رواه مسلم).
3-عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعاً: (إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم، فإنما يقولون: السام عليكم، فقولوا: وعليكم) (متفق عليه).
4-عن الزبير بن العوام، رضي الله عنه، مرفوعاً: (دبَّ إليكم داءُ الأممِ قبلَكم الحسدُ والبغضاءُ هي الحالقةُ لا أقولُ تحلقُ الشعرَ ولكن تحلقُ الدينَ) (حسن، أخرجه أحمد والترمذي).
5-عن الشريد الثقفي، رضي الله عنه، قال: مرَّ بي النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا مُتَّكِئٌ على أَلْيةِ يَدِي خلْفَ ظهْرِه، فقالَ: (تَقْعُدُ قَعدةَ المغضوبِ علَيْهم)! (حسن، رواه أبو داود).
6-عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قَدِم رسولُ اللهِ عليه السَّلامُ المدينةَ، ولهم يومانِ يلعَبونَ فيهما في الجاهليَّةِ، فقال: (إنَّ اللهَ أَبدَلكما بهما خيرًا منهمًا: يومَ الفِطرِ، ويومَ النَّحرِ) (صحيح، أخرجه أحمد وأبو داود).
7-عن ثابت بن الضحاك، رضي الله عنه، قال: نذَر رجُلٌ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ يَنحَرَ إبلًا ببَوانةَ، وفيه: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هل كان فيها وثنٌ مِن أوثانِ الجاهليةِ يُعبَدُ؟ قالوا: لا. قال: فهلْ كان فيها عِيدٌ مِن أعيادِهم؟ قالوا: لا. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أوفِ بنَذرِك. (صحيح، أخرجه أبو داود).
8- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، رضي الله عنه، قال: من مرَّ ببلادِ الأعاجمِ فصنع نَيروزَهم ومهرجانَهم وتشبَّه بهم حتَّى يموتَ وهو كذلك حُشِرَ معهم يومَ القيامةِ (حسن، أخرجه البيهقي في الكبرى).
9-عن أنس بن مالك، رضي الله عنه مرفوعاً: (إنما هلك من كان قبلكم، بأنهم عظموا ملوكهم، فقاموا وقعدوا) (حسن لغيره، أخرجه الطبراني في الأوسط).
10-عن أبي بن كعب، رضي الله عنه، مرفوعاً: (من تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوه) (صحيح، أخرجه أحمد في مسنده). وأعضوه: أي انتقصوا من قدره.
11- عن أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعاً: (إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية، وفخرا بالآباء، فمؤمنٌ تقي، وفاجرٌ شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعنَّ رجالٌ فخرهم بأقوامٍ، إنما هم فحمٌ من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن) (صحيح، أخرجه أحمد وأبو داود، والترمذي، واللفظ لأبي داود). والعيبة: الكبر. والجعل: حيوان معروف كالخنفساء.
12-عن أبي مالك الأشعري، رضي الله عنه، مرفوعاً: (أَربعٌ مِن أَمرِ الجاهِليَّةِ لن يَدَعَهُنَّ النَّاسُ: التَّعييرُ في الأَحسابِ، والنِّياحةُ على المَيِّتِ، والأَنواءُ، والعَدْوى، وأَجرَبَ بَعيرٌ فأَجرَبَ مِئةٌ، مَن أجرَبَ البَعيرَ الأَوَّلَ) (رواه مسلم).
الفصل الخامس عشر: في أحاديث متنوعة، وفيه (11) أحاديث:
1-عن جرير بن عبد الله البجلي، مرفوعاً: (أنَا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسلِمٍ، يُقِيمُ بين أظْهُرِ المُشرِكِينَ، لا تَرَاءَى نارَهُمَا) (صحيح، أخرجه أبو داود) يعني الاجتماع بهم، ومشابهتهم ظاهراً وباطناً.
2-عن أبي بكرة، رضي الله عنه مرفوعاً: (لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة) (رواه البخاري). وهو من فعل المجوس.
3-عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، مرفوعاً: (لَا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا: عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) (رواه البخاري).
* غريب الحديث: الإطراء: مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه.
4-عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: (إِنَّما أَهْلكَ الذينَ من قَبْلِكُم، إنَّهُمْ كَانُوا إذا سرقَ فيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سرقَ فيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عليهِ الحَدَّ) (متفق عليه).
5-عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أشْياءُ كنَّا نَصنَعُها في الجاهِليَّةِ؛ كنَّا نَأتي الكُهَّانَ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: لا تَأْتوا الكُهَّانَ. قال: وكنَّا نتَطَيَّرُ؟ قال: (ذاك شَيءٌ يَجِدُه أحَدُكُم في نَفْسِه؛ فلا يَصُدَّنَّكُم) (رواه مسلم).
6-عن عياض الأشعري: أنَّ أبا موسى رضي اللهُ عنهُ وَفَدَ إلى عمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنهما ومعهُ كاتبٌ نصرانيٌّ فأَعْجَبَ عمرُ رضي اللهُ عنهُ ما رأى من حِفْظِهِ فقال قُلْ لِكَاتِبِكَ يقرأُ لنا كتابًا قال إنهُ نصرانيٌّ لا يدخلُ المسجدَ فانتهرهُ عمرُ رضي اللهُ عنهُ وهَمَّ بهِ وقال: (لا تُكرموهم إذ أهانهمُ اللهُ ولا تُدنوهم إذ أقصاهمُ اللهُ ولا تَأتمنوهم إذ خوَّنهمُ اللهُ عزَّ وجلَّ) (حسن، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره).
7-عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: (إيَّاكم والشحَّ فإنَّه أهلكَ مَن كانَ قبلَكم أمرَهم بالقطيعةِ فقطَعوا وأمرَهم بالفجورِ ففجَروا وأمرهم بالبخلِ فبخِلوا) (صحيح بشواهده، أخرجه أحمد وأبو داود).
8-عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، مرفوعاً: (إنَّ أوَّلَ ما دخَلَ النَّقصُ على بني إسرائيلَ: كان الرَّجلُ يَلْقى الرَّجلَ فيقولُ له: يا هذا، اتَّقِ اللهِ ودَعْ ما تصنَعُ؛ فإنَّه لا يحِلُّ لك، ثمَّ يلْقَاه مِن الغَدِ فلا يمنَعُه ذلك أنْ يكونَ أَكِيلَه وشَرِيبَه وقَعِيدَه، فلمَّا فعلوا ذلك ضرَبَ اللهُ قُلوبَ بعضِهم ببعضٍ، ثمَّ قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُود} (المائدة: 78) إلى قولِه: {فَاسِقُونَ} (المائدة: 81). ثمَّ قال: كلَّا، واللهِ لَتَأْمُرُنَّ بالمعروفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عنِ المُنكَرِ، ولَتَأْخُذُنَّ على يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَأْطِرُنَّه على الحقِّ أطْرًا أو لتقصرنّه على الحقِّ قصراً) (حسن بشواهده، أخرجه أحمد والأربعة إلا النسائي).
9-عن حذيفة بن السمان، رضي الله عنه، مرفوعاً: (لا تَكونوا إمَّعةً، تقولونَ: إن أحسنَ النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلَمنا، ولَكن وطِّنوا أنفسَكم، إن أحسنَ النَّاسُ أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تظلِموا) (حسن، رواه الترمذي).
10-عن خباب بن الأرت، رضي الله عنه، مرفوعاً: (إن بني إسرائيل لما هلكوا قصُّوا) (حسن، رواه الطبراني في الكبير). والمقصود أنهم تركوا العمل واكتفوا بالقصص.
11-عن أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعاً: (سيُصِيبُ أُمَّتِي داءُ الأممِ قالوا يا رسولَ اللهِ وما داءُ الأممِ قال الأشرُ والبطرُ والتدابرُ والتنافسُ والتباغضُ والبخلُ حتى يكونَ البغيُ ثم الهرْجُ) (حسن لغيره، رواه الطبراني في الأوسط).
فهرس الكتاب:
المقدمة 5 -26
الباب الأول، فيه فصلان 31
الفصل الأول، وفيه مبحثان 33-68
* المبحث الأول: تعريف التشبه لغةً واصطلاحاً 35
* المبحث الثاني: أقسام التشبه 37
1-التشبه الممنوع 39
2-التشبه المباح 58
الفصل الثاني: هل شرع من قبلنا شرعٌ لنا؟ 69
الباب الثاني، تخريج وتحقيق الأحاديث وفيه خمسة عشر فصلاً 77
الفصل الأول: في التشبه عموماً 79
الفصل الثاني في القرآن والعلم والإيمان 109
الفصل الثالث: في الطهارة والنظافة 129
الفصل الرابع: في الصلاة 15
الفصل الخامس: في الجنائز 203
الفصل السادس: في الصيام 237
الفصل السابع في الحج: 241
الفصل الثامن: في النكاح 255
الفصل التاسع: في المعاملات 269
الفصل العاشر: في اللباس والزينة 281
الفصل الحادي عشر: في التخشن والزهد 321
الفصل الثاني عشر: في الأطعمة والأشربة 333
الفصل الثالث عشر: في الذبائح والضحايا 347
الفصل الرابع عشر: في الأدب والأخلاق والاجتماع 357
الفصل الخامس عشر: في الأحاديث المتنوعة 395
خاتمة 427
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق