شرح منظومة القواعد الفقهية لابن سعدي
في سؤال وجواب
جمع وترتيب: أحمد بن محمد نبيل شمس الدين
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ "علم القواعد الفقهية" من أهم العلوم الشرعية، وهو الطريق الأمثل لضبط الفقه وإتقانه، وموضوعها هو البحث في الفروع الفقهية والمسائل الجزية، والنظر إليها باعتبار الجامع المشترك، وصولاً إلى قاعدة أغلبية تضبط هذه الجزئيات وتشملها، وهي مهمةٌ جداً في تأهيل الفقيه وترقيته إلى درجة الاجتهاد، وهي مهمةٌ كذلك في تبصير الدارس بأسرار الشريعة، ومدارك الأحكام، ومآخذ المسائل الفقهية، وتوفر على الطالبِ الكثيرَ من الجهدِ والوَقتِ في التحصيل العلمي. وإلى ذلك يُشير الناظم رحمه الله؛ فيقول:
فاحرص على فهمك للقواعد … جامعةِ المسائل الشوارد
فحفظ هذه القواعد والاعتناء بها، يُسهل على الطالب تصوُّر معظم المسائل المتعلقة بها، وحفظ كثيرٍ من الفروع الفقهية طويلة الذيول، ولذا قيل: (الفقه معرفة النظائر) أي المسائل المتشابهة، ولا شكَّ أن ثمرة ذلك كله هو التعرف على الأحكام الشرعية من خلال هذه القواعد.
وتعد هذه منظومة ابن سعدي في القواعد الفقهية من المنظومات العلمية العظيمة، والتي اعتنى بها طلبة العلم حفظاً، وفهماً، وضبطاً، وشرحاً، وتعقباً، واستدراكاً، وتتألف هذه المنظومة من (49) بيتاً، وهي منظومةٌ سهلة الألفاظ، واضحة المعاني، قريبة التناول، جمع فيها بعض القواعد التي يكثر استعمالها بين طلبة الفقه والحديث.
وهذه المنظومة هي من أوائل ما صنَّفه العلامة ابن سعدي في مقتبل عمره؛ وكان عمره إذ ذاك لا يتجاوز الرابعة والعشرين، وكان إذ ذاك مُجداً في الطلب والتحصيل والاجتهاد، وكانت له قدمٌ راسخة في الفقه، وذا معرفةٍ في الأصول والفروع.
وقد اشتملت على القواعد الفقهية الكبرى، والقواعد الفقهية الفرعية، وبعض الضوابط الفقهية، وبعض القواعد الأصولية، وهي تحتاج إلى إعادة ترتيب وضم الأبيات المتشابهة بعضها إلى بعض.
وجرى الشارح على طريقة السؤال والجواب، ووضع مقدمة نفيسة في بيان مبادئ علم القواعد الفقهية، وخصائصها، ومصادرها، وحكم الاستدلال بها، وبيَّن الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية، وبين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي، والاختلاف بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية، وبيَّن أول من تكلم في القواعد الفقهية، والمؤلفات فيها.
ويُصدر الشارح البيت بترجمة القاعدة التي تضمنها، ثم يذكر البيت، ويذكر بعده معاني المفردات الغريبة، وشرح البيت شرحاً إجمالياً، وبعد ذلك يبدأ يُفصل في القاعدة، ويذكر تقسيماتها، وأركانها، وشروطها، ويربطها بالأدلة القرآنية والحديثية، وذكر بعض الأمثلة التطبيقية التي توضحها، والتي راعى فيها القرب من الواقع، ومعالجة القضايا الحياتية للناس وواقعهم الذي يعيشونه.
القواعد التي تضمنتها هذه المنظومة
النية شرطٌ لصحة العمل أو (الأعمال بالنيات).
مبنى الدين على جلب المصالح ودرء المفاسد.
إذا تزاحمت المصالح يُقدم أعلاها.
إذا تزاحمت المفاسد يُرتكب أدناها.
التعسير يجلبُ التيسير أو (المشقة تجلب التيسير).
الواجب يشترط فيه العلم والقدرة.
الضرورة ترفع إثم التحريم
الضرورات تبيح المحظورات
الضرورة تُقدر بقدرها
اليقين لا يزول بالشك
الأصل في "المياه، والثياب، والأرض" الطهارة.
الأصل في "الأبضاع، واللحوم، والأنفس، والأموال" التحريم.
الأصل في العادات الإباحة أو (العادة مُحكَّمة)
الأصل في العبادات التحريم (الحظر).
الوسائل لها أحكام المقاصد أو (الأمور بمقاصدها).
يرتفع الإثم عن "المخطئ، والمكره، والناسي" وإذا أتلفوا شيئاً ضمنوه.
يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً أو (يغتفر في التابع ما لا يُغتفر في الأصل).
إعمال العرف أو (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً).
من استعجل الشيء بطريق محظور قبل أوانه عُقب بحرمانه.
إذا عاد النهي إلى ذات العمل شرطه أو ركنه، كان العمل فاسداً.
من أتلف مؤذياً (لمضرته) لا يضمنه.
من ألفاظ العموم (ال) الاستغراقية، و (النكرة في سياق: النفي والشرط والنهي)، وكذلك (من، وما)، والمفرد المضاف.
لا بُد في الحكم من اجتماع شروطه وانتفاء موانعه.
استحقاق الجزاء في مقابل العمل أو (من وفَّى وُفِّي له).
ما لا يُدرك كله لا يترك كله أو (فعل بعض المأمور إن شق كله).
ما ينشأ عن المأذون لا يُضمن أو (المترتب على المأذون غير مضمون).
الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
الأصل في الشروط اللزوم والصحة.
تستعمل القرعة عند المبهم من الحقوق.
إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد جاز إدخال إحداهما في الأخرى.
المشغول لا يُشغَّلُ (بالتخفيف والتشديد).
من أدى عن أخيه واجباً بإذنه؛ فله الرجوع إليه
الوازع الطبعي كالوازع الشرعي في التأثيم.
شروحات منظومة ابن سعدي
وقد حظيت هذه المنظومة بجملة وافرة من الشروح، أولها شرح الناظم نفسه،وهو شرحٌ مختصرٌ جداً، وكذلك شرحها الشيخ صالح بن محمد آل عُمير في كتابٍ سماه (مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية)، وشرحها الشيخ حمد بن عبد الله الحمد في كتابه (شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي)، وشرحها الشيخ سعد بن ناصر الشثري، والشيخ خالد المشيقح في شرح أملاه وهو مطبوع، والشيخ ناصر سيف في كتابه (الشروحات الذهبية على منظومة القواعد الفقهية)، وسعيد مصطفى دياب في كتاب سماه (العقود الفضية شرح منظومة القواعد الفقهية)، وخالد بن محمد الزعامي، وصالح بن عبد الله العصيمي، وعبيد الله بن عبد الله الجابري في كتابه (تنوير المبتدي بشرح منظومة ابن سعدي)، وأبو عاصم المصري في (شرح منظومة القواعد الفقهية) وهو شرحٌ مختصرٌ أيضاً.
لتحميل الملف:
https://www.almeshkat.net/book/14612
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق