أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 22 أغسطس 2020

التصوف بين التمكين والمواجهة

التصوف بين التمكين والمواجهة

محمد بن عبد الله المقدي

كتاب إلكتروني -منشور

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة


تمهيد/ هذا الكتاب هو كلماتٌ مختصرةُ بليغة في بيان أطراف الكيد العالمي البائر في تجنيد بعض أهل الأهواء والبدع لنشر باطلهم المتوافق مع باطل أهل الكتاب يهوداً كانوا أو نصارى.

وعني الكاتب بالتحديد "الفكر الصُّوفي المنحرف" الذي يعتبر من معاول الهدم في هذه الأُمَّة، وطرفاً في إزهاق روح العبادة الحقَّة، وسبباً في إشاعة أجواء الخرافة والدجل !.


وقد رأينا -في هذا الكتاب -كيف يعمل المتصوفة في معركة الأفكار والمبادئ ضمن سياسات عالمية كأدوات تمزيق وتفريق وإفساد لعقائد هذه الأمة، ورأينا منهم مستشارين للغرب عن أمة الإسلام، وكيف أنهم يُساعدون الساسة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا في رسم سياستهم الخارجيـة والداخليـة المناوئة للمسلمين، والمحاربة لدين الله عز وجل.

ويجب أن يفهم الجميع: أنه لا يُمكن أن تكون هناك حضارةٌ مُتقدمة وزاهية يصحبها تصوُّف ناضجٌ ومكتمل؛ لأن التصوُّف باختصار يصحب تدهور الحضارات، وضعف الدول، وتراجع المنظومة القيمية والدينية !.


إن نظامنا العقدي كأمة مُسلمة هو أقوى مـن كـل الأفكار الدخيلة والمنحرفة، وإن لـدينا مـنِ القوة والصلابة ما يمكننا أن نطرح من خلالها رؤية متكاملة لإصلاح الفساد القائم على كافة الأصعدة، ولكننـا نحتـاج أن نغادر مرحلـة الـدفاع والانطواء إلى مرحلة بناء الصفوف المتقدمة في الدفاع عن الثوابت والقيم والمبادئ، ونحتاج إلى فتح خطوط حيوية مع أبنائنا وبناتنا وشبابنا لنشر الاعتقاد السليم (عقيدة السَّلف الصالح).


وقد جاء في تقرير نشرته مجلة (U.S. NEWS AND WORLD REPORT)، الصادر بتاريخ (25- 4- 2004 م)، بعنوان "عقول وقلوب ودولارات": 

"يعتقد الاستراتيجيون الأمريكيون بشكل متزايد أن الحركة الصوفية بأفرعهـا العالميـة قـد تكـون واحـداً مـن أفـضل الأسـلحة؛ فالـصوفية بطرقهـا الباطنية تمثل برأيهم توجهاً مناقضا للطوائف الأصولية كالوهابية التي يمنع أشد أئمتها تعصباً الموسيقى والرقص لا بل حتى الحب الرومانسي  !".

ومن بين البنود المقترحة التي جاءت في التقرير: "استخدام المعونة الأمريكية لترميم المزارات الصُّوفية، في الخارج والحفـاظ عـلى أو ترجمـة مخطوطاتهـا الكلاسـيكية التـي تعـود إلى القـرون الوسـطى, ودفع الحكومات لتشجيع نهضة صوفية في بلادها".


ويذكر الكاتب "محمد المقدي" نموذجاً للصُّوفيَّة المُنحرفة، وهو "محمد هشام قباني" (تلميذ المُخرِّف الكبير: مُحمد ناظم حقَّاني)، والذي يُعد من كبار الصُّوفية في الولايات المتحدة -في أبرز مظاهر المولاة لليهود؛ حيثُ كان يُفتي بتحريم الجهاد في فلسطين؛ فيقول (ص 25): 

"معظم الدول الإسلامية قبلت السّلام مع إسرائيل، ووافقت عليها؛ ولذا فإن القتـال أصـبح غـير شرعي، وخـصوصاً في ظـل وجـود قيادة شرعية ديمقراطية منتخبة من قبل الفلسطينيين ممثلة في عرفات!".


بالإضافة إلى فتاويه الغريبة من اعتبار (كريموف) حاكم باكستان أنه ظل الله في الأرض، ومن خالفه فهو كافر! وأن من ينطق بالشهادتين لا يلزمه شيءٌ من الصلاة والصوم! وأفتى بجواز عدم ارتداء الحجاب للمرأة الداغستانية!.

ولم يكتفِ بذلك حتَّى بثَّ رجاله ليُعلموا الناس أنه من زنى وشرب الخمر فلا إثم عليه !، ما دفع السلطات الأوزبكية إلى مزيد من الإجرام بحقِّ المسلمين واضطهادهم !.


وفي السياق نفسه كتبت وكالة قدس برس انترناشيونال في (14/ نوفمبر، ص 33) حول التوجُّه البريطاني الرسمي لدعم الصُوفية والأحمدية وإظهار تياراتها على حساب المسلمين المعـروفين بانتقـاداتهم للحكومـة، لاسـيما في موضـوع العـراق وفلسطين!. 


ويقول البيطار وهو يؤرخ  لدخول الفرنسيين إلى مصر : "ولما جاء وقت مولد النبي صلى الله عليه وسلم أمروا بصنعه على المعتـاد وأعطـوا مـن عنـدهم إعانـة عـلى ذلك ثلاثمائة ريال وصنعوا شنكا ليلة المولد" (انظر حلية البشر: 1/ 118).  


 أما عن دور تركيا في دعم التوجُّه الصُّوفي وفق السياسات الأمريكية؛ فقد نشرت صحيفة (يني شفق) التركية، بتاريخ (٢٠٠٤/١/٣٠م) خبراً مفاده أن الرئيس الأمريكي "جورج بوش" عرض على رئيس الوزراء ُّ التركي "رجب طيب أردوغان" خلال استقباله في البيت الأبيض في (٢٠٠٤/١/٢٨م) معالم المشروع الأمريكي الجديـد لـ "الـشرق الأوسط الكبير" الذي يمتد من المغرب حتى إندونيسيا، مروراً بجنوب آسيا وآسيا الوسـطى والقوقاز .


وحسب ما جاء في الصحيفة؛ فإن المشروع طبقاً لما عرضـه الـرئيس الأمريكـي، جعـل مـن تركيا ً عموداً فقرياً، حيث تريد واشنطن من "تركيا" أن تقوم بدورٍ محوري فيه، حيـث تتولى الترويج لنموذجها الديمقراطي واعتدالها الديني؛ لدرجة أن الرئيس الأمريكـي اقترح أن تبادر تركيا إلى إرسـال وعــاظ وأئمـة إلى مختلـف أنحـاء العـالم الإسـلامي لكـي يتولوا التبشير بنمـوذج الاعتدال المطبق في بلادهم، وأن هذا النُّموذج هو الأصلح للتطبيق في العالم الإسلامي، ومـن ثم الأجدر بالتعميم لأسباب ثلاثة:

أولها: أنه ملتـزم بالعلمانيـة التي تهمش دور الـدين إلى حـد كبيـر، بـل وتعـارض أي دور للدين في الحياة العامة.

السبب الثاني: أن تركيا تعتبر نفسها جزءاً من الغرب، وموالاتها للولايـات المتحـدة ثابتـة ولا شبهة فيهـا، وبالتالي فهي تُعـد جـزءاً مـن العائلـة الغربيـة، وتحـتفظ مـع العـالم الإسـلامي بعلاقات شكلية.

الـسبب الثالـث: أن تركيـا لهـا علاقاتهـا الوثيقـة مـع إسرائيـل، الأمـر الـذي يلقـى ترحيبـاً، وتشجيعاً كبيرين من جانب واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي.


  • وأختم بأبرز المظاهر التي ظهر بها التصوف في الواقع المعاصر هي:


1- نشر القبورية والموالد َالبدعية والأوراد الخرافية بين الأمة، والقيام بالأعمال الشركية فيها، مثل: الذبح لها، والطواف والتبرك بها، والتوسل بها من دون الله، وطلب الشفاء منها، والسجود لها، وشدِّ الرحال إليها، وإقامة الأسواق التي يجتمع فيها السحرة والمجاذيب، مع ما يحصل عندها من الاختلاط بين الرجال والنساء.

ففي مصر مثلاً ستة آلاف ضريح يُزار سنوياً، وتبلغ قيمة النذور المُقدمة إليها حوالى 52 مليوناً، و57 ألفاً، و579 جنيهاً. 

ومثل ذلك في اليمن، وأفغانستان، وأوزباكستان، وكازاخستان، وتركستان، وهذا يتمُّ من خلال الدعم القوي والمباشر من قبل حكومات الاستعمار المتسلطة على رقاب المسلمين.


2-تعظيم الموالد عند الصوفية المعاصرة، والتي أصبحت في الآونة الأخيرة دليلاً على محبة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومن لا يقـيم المولد فهو لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم -بحسب دعوى جُهَّال المتصوفة !.

وشأن الموالد أعجب مـن العجـب حيـث تـسقط المـروءة، ويقوم الرجال بالتمايل والرقص على الأصوات المنغمة والكلمات المحرمة، مثل قولهم: "أنت في ذاتي.."، وهو يقصد الله جل وعلا !.

وقد تقام هذه الموالد في المساجد؛ فتدخل أدوات اللهـو ومعازف الـشيطان إلى بيـوت االله؛ كما يحصل في مولد البدوي، ومولد الدسوقى، والشاذلي، والمرسي، وأبي الحجاج الأقصري، وتُقام هذه الموالد تحت رعاية الدولة، وبحضور لفيف من دعاة الأزهر ووزارة الأوقاف ومفتي الجمهورية !.


3-نشر الخرافة والجهـل بـين أبناء وشباب الأمـة، وبـث الأسـاطير والحكايـات التـي تميـت الأمـة ولا تحييها، وبث العقائد الضالة.

ومن ذلك خرافات الشيخ "إبراهيم أبو حسين"، التي انتشرت عبر مواقع (اليوتيوب)، على قنوات سُميت -زوراً -"بالاعتدال والوسطية!"، وكان يُقرر أن نسبة الماء في الكرة الأرضية مساوية لنسبتها في الإنسان، وأن الإنسان إذا مات فإن الماء يخرج منه ويطوف حوله !.

والشيخ حازم أبو غزالة، الذي يُقرر أن الدُّخان مكروه، وليس حرام -بعد صدور الفتوى بتحريمه من مجامع الفقه الإسلامي، وأهل الاختصاص !.

والمخرف الكبير علي جمعة، الذي انتشر له مقطعٌ يُقرر فيه أوراداً خرافية "يصص خلعٌ ...يطو.."، ويشرحها بطريقة ساذجة وتُعرض للجمهور على شاشات التلفاز !.

وكذلك ناظم حقَّاني، الذي ييقول: إن الحاسوب يعمل من خلال جنيٍّ يخدمه ! والكهرباء سرٌّ غامضٌ ستتوقف عندما يشاء ذلك القطب الصوفي ! والأسر النقشبندية تُخزن الزيت والمواد الغذائية استعداداً لنهاية العالم ! 

ومن هؤلاء "عبد الهادي الخرسة" الذي يقول في شرحه للوظيفة الشاذلية (ص 47): في قوله {والله ورسوله أحقُّ أن يُرضوه}، الضمائر مُفردة؛ لأن الحضرة واحدة !.

ويذكر الصوفي "عـلي الجفـري" أن الحلاج قُتل بسيف الـشريعة فهـو زنـديق؛ أمـا في الحقيقة فهو ولي من أولياء االله!  

ويُشرع الجفري لأتباعه أنه إذا مر إنسانٌ بضيق وقال: يا سيدي عبد القادر أو يا سيدي المحضار؛ فلا بأس عليه. ولا شكَّ أن هذا من الشرك المُحرَّم.

وكذلك الشيخ رجب ديب الذي يُدرِّس على الناس قصة الديك (العارف بالله !) مع الدجاجات، والتي لما تحركت أمامه، قام الديك بنقر رأسها عقوبةً لها !!.


4-تمييع قضايا الموالاة والمعاداة في ضمير الأمة:

وهذا ليس غريباً على الثقافة الصُّوفية؛ فهذا الشعراني يقول في "لطائف المنن" (ص 485): "مما منَّ االله تبارك وتعالى به عليَّ حفظي للأدب معُّ السلطان ونوابه؛ فـلا اعـتراض علـيهم في فعل ما هو من ملازمهم عادة بل أبتكر هم المحامل الحسنة في الـشريعة والأجوبـة المُسكتة؛ فحتـى لـو جـاء ملـوك الفـرنج إلى بلادنـا فقـام مماليـك الـسلطان بخـدمتهم وأركبـوهم الخيـل، وطرقوا لهم الطريق، لا اعتراض بل أحمل ذلك على محامل صحيحة في الشرع !.. فإن الـولاة أتـمُّ نظرا منَّا بيقين ولذلك َّ ملكهم االله تعالى َّ وحكمهم فينا !".


وقد باركت الطريقـة القادريـة الصوفية الاحتـلال الأمريكـي للعـراق بقولهـا عـلى لـسان شــيخها: "إننــا وأخــص بــذلك طريقتنــا العليــة القادريــة الكــستزانية كنــا َّ ســباقين في مباركــة التغيرات التي حدثت في بلدنا الحبيب" (1). 

وقد أصدر المجلس الصوفي الأعلى في العراق بياناً دعا فيـه إلى جـواز التعـاون مـع قـوات التحالف لإسـقاط الـرئيس العراقـي كـرد فعـل عـلى مـا وصـفه بجـرائم النظـام العراقـي ضـد المسلمين والمراقد المقدسة في العراق؛ وبرَّر ذلك بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تحالف مع اليهود لردِّ عدوان قُريش ! (2).


وكذلك الأمر بالنسبة لشيخ الطريقة الكسنزانية، الذي دعا إلى عدم المشاركة في جهاد الاحتلال الأمريكي ! (3).


وقد خطب الصوفي الشيشاني محمد سيد الخشتادي إمـام مسـجد خـسافيورت غـير مـرة، ليصرف الناس عن الاشتراك في جهاد الروس، ويقول: "من اشترك فيه وقتل فإنـه يخـاف عـلى إيمانـه، أمـا الجنـود مـن الجيش الروسي الـذين قُتلوا في أفغانستان فهـم -علـى حد قولـه- شهداء !! (4).


ولا ننسى المقطع الشهير الذي انتشر للجفري، والذي يمتدح فيه الانسان الأمريكي، ويصفه بعدم التعصُّب، ويقول فيه: "أنا أُحبُّ اليهود وأكره المحتلَّ منهم ! ويُردف ذلك بقوله: ولا يُزايدنَّ أحدٌ على أهل الطريق في هذا الباب!!.. وسأل الله أن يُهيئ للاحتلال السلام العادل !!. وإلا فالطروف الآن غير مُهيأة للجهاد بزعمه !!.. وسيرى الناس عند يقظتهم الجهاد النظيف بزعمه !!. وهذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق، فهو الذي يُعبر عن نفسه بنفسه .


وفي ختام هذا الموجز للكتاب، أقول (محمد): وإنني أبرأ إلى الله تعالى من كُلِّ إنسانٍ بلغته هذه الحقائق؛ فتجاهل خطرها على الأُمَّة، ومن كل داعيةٍ إلى انتشار الطـائفين حـول الأضرحـة والقبـور بحجـة الزُّهد والعبـادة، وأبرأ إلى الله ممن أحلَّ الأذكار المبتدعة والحركـات الراقـصة محـل الأذكـار النبويـة التـي تطمـئن بهـا القلـوب المؤمنـة، وأبرأ إلى الله من كُلِّ قلمٍ ولسانٍ كان له سهمٌ في انتشار الخرافة والجهل بإزاء العلم والسُّنة، ومن كل من يُبرِّرُ الحشود الضَّاجة بالمنكرات في المساجد على أصوات الطبول والموسيقى، ومن كل من عطَّل الأسباب والجهاد بحجة الكرامات والزهد والورع !.


________________________________

انظـر: الإسـلام في آسيا الوسطى والبلقان محمد حرب، دار البشائر الإسلامية بيروت، ١٩٩٥م.  

1- انظر: www.al-mashriq.net .

2 -صحيفة الشرق الأوسط الأحد، (6 -إبريل -2003م)، العدد (8895).  

3- انظر: www.islammemo.cc .

4- الفروق بين أهل السنة والصوفية  (ص 501).












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق