ولتَستَبِينَ سبيل المجرمين
قراءة في الإستراتيجية الغربية لحرب الإسلام بعد الحادي عشر
من سبتمبر 2001 م
تأليف: د. محمد يسري إبراهيم
دار اليُسر، الطبعة الثانية، 2011 م
إعداد: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة
تمهيد/ تخوض هذه الأمة سلسة طويلة ومُعقَّدة من الصراعات الدموية العنيفة ضد الغطرسة والمركزية الغربية، والتي تستهدف العقائد والثوابت والأصول الإسلامية، وصولاً إلى استباحة ثروات المسلمين وتعطيل الطاقات الفكرية والبشرية فيها، وهو ما نلمسه في التدخلات العميقة في العملية التعليمية، والتراجع الكبير في حركة الاقتصاد وعجلة التجارة والاستثمار في العالم العربي..
وأمام هذه الممارسات الإقصائية على المستوى الفكري والعملي، تحشد الأمَّة قواها في التصدِّي لهذه المحاولات الهمجيَّة المعادية للدين والإنسان والحياة.
ولم تكن هذه الصراعات نتيجةً لأحداث مُعينة كأحداث الحادي عشر من سبتمبر -مثلاً، أو لها أسباباً مفهومة مثل تنامي ظاهرة الرُّهاب من "الإسلام فوبيا"، بل الأمر يمتدُّ في عمق التاريخ ليُذكرنا بالحملات الصليبية الثمانية، والتي دامت قرنين من الزمان (489 -690 هـ)، بل يمتدُّ هذا الحقد ليصل إلى أيام الفتوحات الإسلامية.
والذي يُعانيه المسلمون اليوم هو غياب الرؤية الواضحة لطبيعة هذا الصراع وأدواته الاستراتيجية، بالإضافة إلى فقدان آليات التعاون المشترك بين دول المسلمين للتصدي لهذه الحرب المُعقدة الباردة والطويلة.
والحقيقة أن هذا البحث لا بد أن يطَّلِعَ عليه القادة الميدانين من العلماء والدُّعاة من أصحاب النهج السديد، ويستفيد منه الشباب وطلائع الجيل الإسلامي الفريد، والمرابطين على ثغور هذا الدين؛ لأنه سيُفيدهم في فهم طبيعة الصراع، والواقع الذي تدور فيه هذه الصراعات، ومعرفة أدواته التي يُمكن تثبيطها وإيقافها عند حدِّها..
وتكمن أهمية هذا البحث الموجز في: استبانة سبيل الهالكين، وفضح توجُّهات المجرمين، ومعرفة كيد الكائدين من اليهود والصليبيين، ومن شايعهم من رءوس المبتدعة، وهو منهجٌ قرآنيٌّ أصيل، تدعمه السُّنة النبويَّة وأحداثُ السير الشريفة، ولذا جاء هذا الكتاب ليُرشدنا إلى ما يُراد بنا، وما يُفترى علينا، لنردَّ على المفتري والمرجف، ولنأخذ حذرنا؛ قال تعالى {ولتستبين سبيل المجرمين} (الأنعام: 55).
وتمثل هذه الدراسة قراءة لمسيرة "عشر سنوات" عجاف عاشتها الأمة ما بين عامي (2001) و(2011)، نقرأ من خلالها الإفلاس الغربي في مواجهة الإسلام ومحاربته، ونستشرف من خلالها بشارات النصر والتمكين لأهل هذا الدين. وقد جاءت هذه الدراسة في مقدمة، وتسع فصول وخاتمة.
وما أُحبُّ التركيز عليه في هذه الدراسة هو ما جاء في الفصل السادس، والسابع، والثامن من هذه الدراسة؛ حيث يتناول (الفصل السادس) -وهو بعنوان "ضرب طوائف الدعوة الإسلامية بالطرقية": "رصد الواقع المشهود من دعم الغرب للطائفية، والمذاهب المسلكية؛ لتشتيت الأمة الإسلامية، وتفريق الوحدة الإيمانية، والذي تحول إلى مظاهر عالمية لدعم غلاة الطرق الصوفية، وتأجيج الفتنة بين الصحة والإسلامية بطوائفها الدعوية والتربوية، والعلمية، والسياسية والجهادية على حدٍّ سواء، وبين الطرق الصُّوفية؛ التي تُعتبر اليوم عند الغرب -مع الفرق الكلامية -الحصان الرابح في الحرب ضد الدعوة الإسلامية بأسرها، وعلى اختلاف أطيافها، وهؤلاء الأعداء الاستراتيجيون حين يُقربون ويدعمون طوائف من غلاة أهل البدع، لا يهدفون إلى هدايةٍ أو إصلاح، وإنما ينتعلون حذاءً ويمتطون مركباً يعبرون به إلى فاسد غرضهم؛ فإذا تحقَّق مرادهم، ألقوه إلى الجحيم !".
بينما يتناول (الفصل السابع) "مواجهة العقيدة السلفية بالفرق الكلامية"، وجاء فيه: "رصد ما يجري على أرض الواقع من ضرب أهل السنة بالفرق الكلامية، ومحاولة تشتيت الوحدة الإسلامية في مواجهة الغرب غير المسلم بما بين أهل القبلة من خلافات، وإشعال نار الحرب على الرموز السلفية، والاختيارات العلمية لهذه المدارس المنتشرة في ربوع العالم الإسلامي".
وفي (الفصل الثامن)، وهو بعنوان "الاستراتجية الإسلامية في مواجهة الهجمة الغربية"، وفيه "تنبيهٌ إلى خطوط عامة في الاستراتيجية الإسلامية لمواجهة هذه التحديات المعاصرة، بما يُبطل كيدها ويردُّ إفكها في نحور أصحابها، ويؤمِّنُ الصحوة الإسلامية من غوائلها، ولتذمر بأهمية إعداد دراسة استراتيجية أكثر عُمقاً في هذا المضمار".
أهمية هذا البحث:
1-الدعوة إلى ضرورة اجتماع أهل السنة في بوتقة واحدة للدفاع عن الإسلام، وضرورة رصِّ الصفوف في حمل ونشر العقيدة الإسلامية الصافية من البدع والخرافات والشركيات.
2-الدعوة إلى الثبات على المبادئ، وانتهاض الهمم في معركة الثوابت الإيمانية، في محاولة للحفاظ على الهوية الإسلامية من الضياع أو التفريط.
3-التنبيه إلى الاتجاه الغربي الحديث في دعم وتكوين تيارات إسلامية تتقاطع مع العلمانية، وتتقارب معها في أكثر النقاط، في إطار ما يُسمى "الإسلام الحداثي".
4-التأكيد على أن منطق الإسلام في التعامل مع القوة؛ هي أن تُستعمل في الغايات النبيلة، والمعاني السامية من رفع الظلم وآصار الجاهلية والشرك والوثنية عن عقول الناس، وكونها قوة إيجابية تهدف إلى عمارة الأرض وإقامة العدل، وتحترم حقوق الإنسان، وتحفظ للأفراد حرياتهم ضمن مبادئ الدولة.
5-بيان الأدوات الهدامة التي يُوظفها المستعمر الغربي في مواجهة أهل السُّنة، وأعني بذلك غلاة أهل البدع، وأهم هؤلاء أصحاب الطرق الصُّوفية، الذين لهم سابقة عداء مع التيار السّلفي السُّني، وكونهم أصحاب أحقاد مذهبيَّة، ويُعبِّر الغربي عن هذه الفئات المرشحة للتعاون معها بأنها تلك التي يُقدِّس أفرادها الأولياء، ويُصلون في الأضرحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق