اختلاف الفقهاء في المسح على الجبيرة
بين الشَّافعيَّة والجمهور
إعداد: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة
وقبل عرض هذه المسائل، أقول (مُحمَّد): إن الاختلاف الواقع بين الفقهاء في تقدير هذه المسائل وترجيح رأيٍ على آخر، مرجعه إلى القياس، والاستدلال بعموم الأدلة، والنظر إلى الأحوط، وأن الضرورة تُقدَّر بقدرها، والضرر يُزال.. فمرجع الاختلاف بينهم هو تباين الاجتهاد في فهم النصوص والأحاديث والآثار الواردة في هذه المسألة.
وأكثر الأدلة التي يستدلُّ بها الفقهاء ضعيفةٌ لا يُحتجُّ بها، وقد ثبتت مشروعية المسح على الجبائر وما في معناها بالإجماع، وعمل الصحابة، والقياس.
قال البيهقيُّ: «ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب أي المسح على الجبيرة- شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي تقدم ـ أي حديث جابر -في صاحب الشَّجةـ وليس بالقوي»!.
وإليك بيان عشرةٍ من المسائل في قضية المسح على الجبيرة والتي اختلف الفقهاء فيها:
1-اختلفوا في مشروعية المسح على الجبيرة وحكم ذلك ؟
* فذهب جماهير العلماء من المالكية والشَّافعية والحنابلة، وأبي يوسف، ومحمد من الحنفية إلى وجوب المسح على الجبيرة عند إرادة الطهارة؛ ومعنى الوجوب عند الجمهور: هو الإثم بالترك، مع فساد الطهارة والصلاة.
* وذهب أبو حنيفة: إلى أنه مُستحبٌّ غير واجبٍ، فيأثم بتركه فقط مع صحة وضوئه، ورُوِيَ أنه رجع إلى قول الصاحبين.
* وذهب الظَّاهريَّة إلى عدم مشروعية المسح على الجبيرة، فيسقط حكمها.
والصحيح هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب المسح على الجبيرة؛ لما ثبت بالسنة والإجماع، والأثر، وعموم الأدلة التي تؤكد على أن لهذا الأمر أصلاً.
وقد سبق التعرض لهذه المسألة بالتفصيل في بحث "حكم المسح على الجبيرة"، انظرها في: الرابط.
2-واختلفوا في وجوب التيمُّمِ مع الغسل والمسح على الجبيرة ؟
* فذهب والمالكية، والحنفية، والحنابلة، وهو قول للشافعي في القديم: أنه لا يجب عليه أن يتيمم مع المسح على الجبيرة، وصححه الشيخ أبو حامد، والجرجاني، والروياني من الشَّافعية.
* وذهب الشافعيَّة في الأصح، وهو جديد المذهب، والحنابلة في رواية إلى أنه يجب عليه التيمم مع المسح على الجبيرة، وقد نصَّ عليه في "الأم".
* وقال بعض الشافعية: يغسل الصحيح ويتيمم ولا يمسح على الجبيرة.
والصَّحيحُ -والله أعلم -هو ما ذهب إليه الشَّافعية في الجديد، وهو الأصحُّ في المذهب، وهو أنه يجبُ التيمُّمُ والغسل مع المسح على الجبيرة؛ للنص والقياس.
عرض الأدلة ومناقشتها:
واستدلَّ الشَّافعيةَّ ومن وافقهم في الجديد: بحديث جابر رضي الله عنه: «أن رجلا أصابه حجرٌ؛ فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون رخصة لي في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على رأسه، ثُم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده».
قالوا: دل هذا الحديث بظاهره على الجمع بين المسح على العصابة، والتيمم، مع غسل الصحيح من سائر جسده، وهذا يؤكد وجوب التيمُّم من المسح على العصابة.
وأجاب القرافيُّ -من المالكية -عن ذلك في "الذخيرة"؛ فقال: "إن التيمُّم لو كان طهارةً لم يحتج إلى الغَسل معه؛ لأنا لا نعني بالطهارة إلا ما أزال المانع الشرعي؛ ولأن الجمع بين طهارتين خلاف قواعد الشرع في الأحداث، فتعيَّن حمل الحديث على حالتين -حتى يكون معناه صحيحاً: أن يتيمم إن عجز عن استعمال الماء. أو يشدُّ على جرحه خرقة ويغسل سائر جسده إن أمكنه استعمال الماء، ومثل هذا الإضمار مُجمعٌ على جوازه. وما ذكرتموه على خلاف القواعد غير مجمعٍ عليه، وحمل كلام الشارع على موافقة قواعده، وطرد عوائده، وما أُجمع عليه أولى مما ذكرتموه".
وأجاب عليهم الشَّافعيَّةُ: بأن ذكر التيمُّمِ في هذا الموضع دليلٌ على وجوبه، ولا معنى لما ذكره القُرفيُّ في الاستدلال علينا؛ إذ هو مجرد احتمالٌ لا ينهض لظاهر الحديث.
وقال الجمهور: إنه يحتمل أن الواو في قوله: «ويعصب» بمعنى أو، ويحتمل أن التيمم فيه لشد العصابة فيه على غير طهارة.
وأجاب الشَّافعية: بأن الواو في أصل الوضع تُستعمل لمُطلق الجمع، وهذا يقتضي الإتيان بجميع المعطوفات، لأنَّ محلها الوجوب في الطهارة، وأما القول بأن التيمم لاحتمال شد العصابة على غير طهارة، يبقى مجرد احتمالٍ ولا ينهض لظاهر النص.
واستدل الجمهور بالقياس؛ فقالوا: إن أن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف للقواعد الشرعية، وموضع الحائل هو موضعٌ واحد، فإما أن تكون طهارة العضو: المسح أو التيمم، فلا يُجمع فيه بين بدلين قياساً على مسح الخفين؛ إذ الجمع بين الطهارتين خلاف قواعد الشرع في الطهارة من الأحداث، ولا يكلف الله عبدًا بعبادتين سببُهما واحد.
وأجاب الشافعية عن ذلك، بقولهم: إن واضع الجبيرة أخذ شبهًا من الجريح؛ لأنه يخاف الضرر من غسل العضو، وأخذ شبهًا من لابس الخف؛ لأن المشقة تلحقه في نزع الجبيرة، فلما أشبههما وجب الجمع بين المسح والتيمم.
قال الجمهور: إن القياس يقتضي أن من مسح على الجبيرة أجزأه ذلك من غير تيمُّمٍ، كما في المسح على الخُفِّ، بل هو أولى؛ لأن ثمَّة ضرورة اقتضت مسحه على الجبيرة، وصاحب الجبيرة أحقُّ بالتخفيف من غيره.
وأجاب الشَّافعيَّةُ: أن قياس الجبيرة على الخُف قياسٌ مع الفارق، فالجريح الذي ليس عليه جبيرة-مثلاً -لا يستطيع مباشرة المسح لخوف زيادة الضرر، والغسل متعذر، فتعين عليه التيمم.كذلك فإن طهارة الماسح على الجبيرة طهارة ضرورة، وأما مسح الخف فإنه تخفيف ورخصة؛ فلا وجه للقياس عليه.
3-واختلفوا في المقدار الواجب مسحه من الجبيرة ؟
* فذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى وجوب استيعاب الجبيرة وما في حكمها بالمسح، وهو الأصح عند الحنفيَّة، وهو الأرجح.
* وذهب الحنفية، والشافعية في وجهٍ -إلى أن المطلوب مسح أكثره، أو ما يقع عليه اسم المسح؛ لأنه مسح البعض يقوم مقام الكل، ولأنه مسحٌ على حائل منفصل فهو كمسح الخف.
والصحيح -والله أعلم -هو قول الجمهور، وهو: وجوب استيعاب الجبيرة بالمسح.
مناقشة الأدلة:
استدلَّ الجمهور بالقياس؛ فقالوا: إن المسح هي طهارة ضرورة، فوجب الاستيعاب فيها كالتيمُّمِ. كذلك فإن التعميم بالمسح لا يضرُّ الجبيرة؛ فوجب تعيميها به. وكما أنه يجب استيعاب العضو بالغسل في حال سلامته كذلك يجب استيعابه في حال مسحه، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
واستدل الحنفية بالقياس أيضاً، فقالوا: كما أنه لا يجب استيعاب الخف بالمسح، بل يُكتفى بمسح ظاهره، فكذلك لا يجب استيعاب الجبيرة بالمسح. وكذلك الأمر في التيمُّمِ؛ فكما يُكتفى بمسح اليدين إلى الكوعين في التيمُّمِ فكذلك الأمر في المسح على الجبيرة، لا يجبُ استيعاب المسح عليها.
وردَّ الجمهور عليهم؛ فقال: بأن هذا قياسٌ مع الفارق، فالفارق بين الجبيرة والخفين في أن المسح على ظاهر الخفين رخصة، بينما المسح على الجبيرة ضرورة، فالاستيعاب في الضرورة أولى من الأخذ بالرخصة.
والفرق بين المسح في التيمم والمسح في الجبيرة، أن التيمم عبادةٌ مُستقلة عند فقد الطهورين، أما المسح فهي عبادةٌ مُتعلقةٌ بوجود العُذر مع وجود الطهورين.
واستدل الحنفية: بالقياس؛ فقالوا: كما أنه لا يجب استيعاب الرأس بالمسح في الوضوء، كذلك لا يجب استيعاب الجبيرة بالمسح.
وأجاب الجمهور: بأن الأصل في الرأس المسح، والمقصود استيعابه بالمسح، فكذلك هنا في الجبيرة (وهذا يصحُّ عند المالكية والحنابلة)، وأما الشافعية فيقولون: إن مسح الرأس طهارة أصلية تُجزئ فيها مسح شعرة، ومسح الجبيرة طهارة بدلٍ عن غسل، والمبدل يأخذ حكم المبدل عنه في حكم الاستيعاب.
كذلك فإن الشرع لم يرد بتحديد المقدار الممسوح من الجبيرة، فوجب الرجوع إلى الأصل وهو وجوب الاستيعاب.
4-واختلفوا في اشتراط الطهارة المائية لجواز المسح ؟
* اشترط الشافعية في الصحيح المشهور عنهم، ورواية عن الإمام أحمد: أن تكون الجبيرة موضوعة على طهارة مائية؛ وذلك إن لم يخف ضرراً بنزعها، فإن خاف الضرر لم ينزعها ويصح مسحه عليها، قالوا: ولأن الجبيرة حائل يُمسح عليه فكان من شرط المسح عليه تقدم الطهارة كسائر الممسوحات.
* وذهب المالكية والحنفية ورواية عن أحمد (اختارها بعض أصحابه)، وهي مقابل الصحيح عند الشافعية (قال عنه النووي: إنه شاذ): أنه لا يشترط تقدم الطهارة على شد الجبيرة، لأنه لم يرد الأمر باشتراطها، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع.
والصحيح الراجحُ -والله أعلم -عدم اشتراط الطهارة المائية في جواز المسح على الجبيرة، مع قولنا: أنه إذا أمكن نزع الجبيرة وغسل ما تحتها بلا ضررٍ على العضو كما في موضع الكسرٍ ونحوه؛ فإنه يجب عليه نزعها، والإتيان بالطهارة المائيَّة، ومن ثمَّ يضع الجبيرة، ويمسحُ عليها، وإن لم يتمكَّن من ذلك سقط ذلك عنه.
عرض الأدلَّة، ومناقشتها:
واستدل الشافعية والحنابلة، ومن وافقهم: بحديث صاحب الشجَّة، وفيه أنه قال: "إنما كان يكفيه أن يتيمَّم، ويعصب على جرحه، ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده".
قالوا: فأوجب النبيُّ صلى الله عليه وسلم -عليه أن يتمَّم أولاً؛ وهذا يدلُّ على اشتراط الطُّهر قبل وضع الحوائل.
وأجاب الجمهور: بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بيَّن لهم ما ينبغي في طهارة المشجوج، ومن به جروحٌ أو قروح يضرها إيصال الماء إليها، ولو كانت الطهارة شرطاً لجواز المسح على هذه الحوائل لبيَّن ذلك؛ فدل هذا على عدم اشتراطها، وأما التيمُّم فهو بدلٌ عن موضع الجبيرة، بدليل توفر الماء، وقوله في آخر الحديث "ويغسل سائر جسده"، فلو كان التيمُّم يرفع الحدث لما احتاج إلى ذكر الماء معه.
واستدلَّ الشَّافعيَّة والحنابلة بالنظر؛ فقالوا: إن الجبيرة وما في حكمها حائلٌ يُمسح عليه، فكان من شروط المسح عليه تقدُّم الطهارة شأنه في هذه شأن سائر الممسوحات، ومنها الخُف.
وأجاب القرافي عليهم: بأن القياس بالمسح على الخف قياسٌ مع الفارق؛ إذ الخف رخصةٌ ولا ضرورة في لبسه، ثم إن وقت المسح على الخف معلوم بخلاف الجبيرة، فإن المسح عليها غير مؤقت والمسح عليه ضرورة.
والحقُّ الذي نميلُ إليه -هو ما ذهب إليه المالكية والحنفية في عدم اشتراط الطهارة في المسح على الجبيرة، وذلك أيسر للنَّاس، لا سيما في حقِّ من طالت مُدَّةُ وضع جبيرته.
واستدلَّ الجمهور بالإجماع؛ فقد قال القرافي في "الذخيرة": "انعقد الإجماع على جواز الصلاة بالمسح على الجبيرة، وإن ابتدأ لبسها على غير وضوء، وإنما الخلاف في حكم إعادة هذه الصلاة؛ وإذا ثبت الجواز بدون طهارة فلا تكون شرطاً لجواز المسح عليها".
كذلك فإن الجبيرة أمرٌ فجائي لا يُمكن توقعه؛ وإنما توضع في حال الضرورة، وذلك عند حدوث ما يُوجب وضعها، واشتراط الطهارة يُفضي إلى الحرج والمشقَّة لما فيه من حصول الضرر؛ فلا يُعتبر هذا الشرط لجواز المسح عليها.
كذلك فإن المسح على هذه الحوائل إنما جاز دفعاً لمشقة نزعها، ونزعها يشقُّ إذا لبسها على غير طهرٍ؛ كمشقته إذا لبسها طاهراً. كذلك فإن المسح على هذه الحوائل إنما جاز مراعاةً لحال الضرورة الداعية إلى المسح عليها؛ فلا يشترط تقدم الطهارة له قياساً على التيمُّم.
5- واختلفوا في حكم الصلاة التي يُصليها صاحب الجبيرة إذا لبسها على غير طُهرٍ ؟
* فذهب جمهور العلماء من المالكية والحنفية إلى أنه لا يُعيد الصلاة.
* وذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب إعادة الصلاة.
والراجح -والله أعلم -هو مذهب من قال بعدم وجوب الإعادة؛ لما فيه من رفع الحرج والمشقة، وللإجماع، وأثر ابن عمر، وإن كان الأحوط هو القضاء، خروجاً من الخلاف، وأخذاً بالعزيمة في الطهارة، وهذا أحبُّ إليَّ.
الأدلة ومناقشتها:
واستدل الجمهور المانعون من القضاء: بحديث عليِّ: "أنه انكسرت إحدى زنديه، فأمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يمسح على الجبيرة".
قال الجمهور: فقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم علياً بالمسح على زنده المكسورة، ولم يأمره بإعادة الصلاة مع حاجته إلى البيان، ولو كانت إعادة الصلاة واجبة لبيَّنها له، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
واستدلوا بحديث جابرٍ رضي الله عنه، في صاحب الشَّجة، وفيه: «إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه، ثُم يمسح عليه، ثم يغسل سائر بدنه».
قالوا: وكذلك الأمر في حديث صاحب الشَّجة؛ فإنه بيَّن له ما يفعله ولم يأمره بإعادة الصلاة التي صلاها بجرحه بعد أن يبرأ، ولو كانت إعادة الصلاة واجبة لبين ذلك، فدلَّ ذلك على أنه لا تجب إعادتها.
وقالوا: ومعنا إجماع الصحابة؛ فابن عمر رضي الله عنه، كان يرى المسح على هذه الحوائل، ولم يُنقل عنه أنه أعادها، ولم يُعرف له في الصحابة مُخالفٌ، فكان إجماعاً سكوتياً.
قالوا: ومعنا القياس، فكما لا تُعاد الصلاة بالمسح على الخُفِّ، فكذلك لا تُعاد الصلاة بالمسح على الجبيرة.
ولكن يرَدِ ُعليهم: أن المسح على الخُفِّ يأتي بعد طهارة؛ ولذلك لا تُعاد الصلاة منه، بخلاف المسح على الجبيرة إذا وُضعت على غير طهارة ! فالقياس أن المسح على الجبيرة يجب أن يكون بعد طهارة.
ولكن ثبت الفرق بين الخُفِّ والطهارة فلا يُقاس أحدهما على الآخر، وإن اتحدا في عموم الحكم، الذي هو المسح.
وقال الجمهور: إن قضاء هذه الصلاة إنما يكون بأمرٍ جديد والأصلُ عدمه.
ولكن يُجيب الشَّافعية ومن وافقهم، بقولهم: إن الله تعالى أمر بغسل الموضع الذي وضعت عليه الجبيرة، ولم يأتِ أمرٌ بوضع الطهارة عن هذا الجزء، فلما لم يكن متطهراً كانت صلاته باطلة، ومع ذلك يُصلي لحُرمة الوقت إن لم يُمكنه نزعها، وتلزمه الإعادة.
وقال الشافعية كذلك: إن العذر الذي اقتضى وضع هذه الحوائل هو عُذرٌ نادرٌ، والعذر النادر لا حكم له، فلا يمنع وجوب القضاء عند زواله، كالسجين الذي فقد الطهورين يُصلي على حاله لحُرمة الوقت، ثُم يُعيد إذا أخرج من السِّجن.
6-واختلفوا في الجبيرة إذا سقطت قبل البُرء هل تنقض الوضوء وتُبطل الصلاة ؟
* ذهب الحنفية إلى بطلان الصلاة إن كان سقوطها قبل البُرء، وأما الطهارة؛ فيمسح عليها بعد الطهارة من الحدث، ولا يمسح عليها إن كان طاهراً.
* وذهب المالكية إلى بطلان الصلاة سواءً كان سقوطها قبل البُرء أو بعده، وأما الطهارة قبل البُرء؛ فإنه يجب فيها المسح سواءً كان طاهراً أو مُحدثاً.
* وذهب الشافعية والحنابلة إلى بطلان الطهارة والصلاة سواءً كان سقوطها قبل البُرء أو بعده، وسواءٌ كان طاهراً أو مُحدثاً .
* وأما الظاهرية ومن وافقهم؛ فيرون أنه لا أثر لسقوط الجبيرة في الصلاة وخارجها، وفي الطهارة وعدمها.
7-واختلفوا في مسح القدر الزائد عن موضع الشدَّ أو غسله ؟
* فيرى المالكية والحنفية: إجزاء المسح على القدر الزائد تبعاً للمسح على موضع الحاجة، إن كان غَسْلُ ما تحت الزائد يضرُّ، ولأن القدر الزائد من ضروريات الشد.
* ويرى الشافعية والحنابلة: وجوب نزع القدر الزائد عن موضع الحاجة وغسله ما أمكن، ولو أن يُمسَّه الماء، إلا إن خاف الضرر بنزعه؛ فإنه يتيمَّمُ عن القدر الزائد ولا يغسله؛ لأن موضع الألم يقتضي المسح، وما زاد على ذلك القدر يقتضي التيمُّم.
8-واختلفوا في عدد مرات مسح الجبيرة ؟
* فذهب المالكية والحنفية في الأصح، والشافعية والحنابلة: إلى أنه يكفي في المسح على الجبيرة مرة واحدة، وإن كانت في محل يغسل ثلاثاً؛ قياساً بالمسح على الخفِّ.
* وفي قولٍ للحنفيَّةِ: إنه يمسح على المحل المغسول ثلاثاً ثلاث مرات، قالوا: لأن المسح بدلٌ عن الغسل، والغسل يسن تكراره فكذا بدله، وهذا إذا لم تكن على الرأس.
9-واختلفوا في المسحِ على الجبيرةِ المُحرَّمةِ والمغصوبة ؟
* فذهب المالكية والشافعية والحنفيَّة: إلى صحَّة المسح على الجبيرة المُحرَّمة والمغصوبة مع الضرورة، وبغير الضرورة يأثم بفعله ويصحُّ مسحه، ولا يجب نزعها إن تضرَّر بذلك.
* وقال الحنابلة: يُشترط أن تكون هذه الحوائل مُباحةً؛ فلا يصحُّ المسح على الحرير للرجال، أو المغصوب، ونحو ذلك.
10-واختلفوا في اشتراط طهارة عين الجبيرة ؟
* اشترط الحنابلة: طهارة عين الجبيرة؛ فلا يصحُّ المسح على الجبيرة المتنجسة.
* ولم يشترط المالكية :طهارة الجبية؛ لأنها طهارة ضرورة.
* ولم تُبيِّن بقيَّة المذاهب موقفها من ذلك، والصَّحيح اشتراط طهارة الجبيرة، وهو الموافق لأصول الشافعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق