أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 يونيو 2021

منازل الأئمة الأربعة (أبو حنيفة، مالك، الشافعي، أحمد).
لأبي زكريا يحيى بن إبراهيم الأزدي السلماسي
(٤٧٤ ﮪ - ٥٥٠ ﮪ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا كتاب في بيان مناقب الأئمة الأربعة الفقهاء، وتجلية فضائلهم بأسلوب أدبيٍّ رفيع، وبيان اتفاقهم في أصول الاعتقاد، وكونهم حُجَّةٌ على من جاء بعدهم من الذين بدلوا من أتباعهم. وكان السلماسي مطعوناً فيه لقدحه في الصحابة، ثم رجع إلى مذهب أهل السُّنة بالإمساك عما شجر بينهم، وحسن الثناء عليهم، واعتقاد فضلهم وعدالتهم.

ثم هنيئًا -بعد ذلك -لمن التزم التقوى درباً ونبراس هدى، فهي الموصلَةُ إلى جنَّة الله البهية مـن غيـرِ عذابٍ، والذي يوصلُ إلى التقوى هو العلم والمعرفةُ والعملُ بهذا، فمن تعلَّم العلم الشرعي ليعمـلَ به رفعه علمه، والعلم بكتاب الله وسنة رسوله، ودينه أولُ واجبٍ على العبد.

ومن هنا نرى أن سيرةَ العلماء الصالحين، والأئمة المُقتدى بهم: هي سيرةُ علمٍ وعملٍ وإخلاصٍ وتواضـعٍ للَّـه تعالى، فللعلمِ رجالٌ قاموا به ونشروه طمعا في مرضاة الله ليكونوا على دربِ المصطفى سـيدنا محمد الأمينِ عليه أفضلُ الصلاة والتسليمِ.

قال الحافظ ابن عساكر عن السلماسي (وهو أحد شيوخه): وصنف كتابا سماه (باب المدينة)، وذكر فيه أحاديث في فضل علي لم تسمع، تقرب بذلك إلى الرئيس أبي الفوارس بن الصوفي ونفق عنده بذلك، وقد وقفت على ذلك الكتاب، فأبان عن قلة معرفة منه بالحديث،  وكثرة نفاق في الاعتقاد اهـ. 

(تاريخ دمشق، ٤٥/ ٦٤).

وقال الإمام الذهبي تبعا لابن عساكر:  "يحيى بن إبراهيم السلماسي، معروف،  صنف في مناقب علي كتاب (باب المدينة)، أبان فيه عن جهل وهوى".

(المغني في الضعفاء؛ للذهبي، ٢/ ٧٢٩)

وتابعهما على ذلك ابن حجر في لسان الميزان ( ٦/ ٢٤٠)، فقال مثل قولهما فيه!.

ثم رجع السلماسي إلى اعتقاد أهل السنة والجماعة في مصنفه الثاني والأخير (منازل الأئمة الأربعة)، وبين ما يجب اعتقاده من عدالة الصحابة، وترتيبهم في الفضل والخلافة، وغير ذلك.

●الموضوع الأساسي للكتاب هو:
- بيان عقيدة الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد - رضي الله عنهم.
- وبيان اتفاقهم على هذه العقيدة، مع ذكر نبذة من سيرتهم ومناقبهم وفضائلهم.

● أهمية الكتاب:
إقامة للحجة على كل من يتبع مذاهب هؤلاء الأئمة وهو مخالف لهم في العقيدة.
فمن قال: أنا شافعي الشرع، أشعري الاعتقاد،
قلنا له: هذا من الأضداد، لأنك مخالف لإمامك في الدين والاعتقاد، وهذا من النكوص والخذلان، والله المستعان !.

*************

فصل في ذكر الأئمة الاربعة (ب/ ٤):

١) ابو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (٨٠ - ١٥٠ﮪ):
أما أبو حنيفة، فهو إمام ائمة الفقهاء، له في الدين المراتب الشريفة والمناصب المنيفة، إمام تعقد عليه الخناصر ويشير إليه الأكابر والأصاغر، انتشر مذهبه في الآفاق، وعد من الأفراد بالاتفاق، فضله وافر، ودينه ثابت، وعلمه في مراده للمجد ثابت، اسمه النعمان وأبوه ثابت.
(ص ١٦١- ١٨٠).

*************

٢) الإمام مالك بن أنس الأصبحي (٩٣- ١٧٩ﮪ):

أما مالك، فإنه لممالك الفضائل مالك، ولمسالك التقوى والورع سالك، إمام دار الهجرة بالاتفاق، ومفتي الحجاز بالإطباق، فقيه الأمة، وسيد الأئمة، زكي الطبع والهمة،
أول من صنف كتابا في الإسلام، جمع فيه شرائع الحلال والحرام، ونظم عقود الشرع فيه أحسن نظام، بين فيه عيون الدلائل، وفنون المسائل في الأحكام، فغدا كتابه غرة في جبين الدين، ودرة في تاج الفضل واليقين. 

علم سار بذكره الركبان، وتعطرت بنشر أخباره الزمان، جمع بين فصاحة البيان وسماحة البنان. قال فيه أبو المعافى بن أبي رافع المزني:

ألا إن فقد الحلم في فقد مالك ... ولا زال فينا صالح الحال مالك
يقيم طريق الحق والحق واضح ... و يهدي كما تهدي النجوم الشوابك
فلولاه ما قامت حقوق كثيرة ... ولولاه لانسدت علينا المسالك
فجاء برأي مثله يقتدي به ... كنظم جمان زينتها السبائك

 وكتب أبو المعافي المزني ايضا:

إذا قيل من نجم الحديث وأهله ... أشار ذوو الألباب يعنون مالكا
إليه تناهى علم دين محمد ... فوطأ فيه للرواة المسالكا
وقد جاء في الآثار من ذلك شاهد ... على أنه في العلم خص بذلكا
فمن كان ذا طعن على علم مالك ... ولم يقتبس من نوره كان هالكا

وأنشد أبو الحسن عمران بن موسى المغربي الطولقي لنفسه من قصيدة:

حتى إذا ختموا منها بعالمها ... أضاء للعلم نجم غير منكدر
بمالك وضحت سبل العلوم لنا ... فلاح غامضها كالشمس للبصر
هو الإمام الذي اخترت مذهبه ... وما تخيرته إلا على خبر

(ص ١٨١- ١٩٥).

****************

٣) الإمام محمد بن إدريس الشافعي (١٥٠- ٢٠٤ﮪ):

أما الشافعي؛ فهو صدر الصدور، وبدر البدور، والماء المعين والدر الثمين، سيد السادة المعروف في قريش بالسيادة، وله بين الأشراف صدر الوسادة، كلامه شفاء الأسقام ودواء الآلام، وتصانيفه درر مرصوعة، وسرر مرفوعة، وأكواب موضوعة، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، جمع أشتات الفضائل، ونظم أفراد المناقب، وبلغ في الدين والعلم أعلى المراتب، هو في التفسير ابن عباس، وفي الحديث ابن عمر، وفي الفقه معاذ، وفي القضاء علي، وفي الفرائض زيد، وفي القراءة أبي، وفي الشعر حسان، وجهه للصباحة، ويده للسماحة، ورأيه للرجاحة، ولسانه للفصاحة، إمام الأئمة، ومفتي الأمة، والمصباح الزاهر في الظلمة، 

 قيل فيه:

زادت مناقبه على المدح التي ... ارتداها بعد الفصاحة والحجى
إن قلت أمدحه وأذكر فضله ... قال المديح قصرت عن فلك الدجى

(ص ١٩٦- ٢٣١).

*************

٤) الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (١٦٤- ٢٤١ﮪ):

هو شيخ الأئمة، ومزكي الأمة، وأوحد الملة، رفيع القدر والهمة، صيرفي الأخبار وقدوة العلماء في معرفة الآثار، إليه في فنونها الرد والقبول، وله في عيونها الغرر والحجول، إمام الأنام، مفتي الأمة في الحلال والحرام، في علم الحديث بحر زخار، وفي علم الفقه سماء مدرار، مالك أزمة العلوم في عصره، والقائم بإحياء الدين ونصره، أقوى من ضرب في عصره عن بيضة الدين بالحسام المرهف، وأعلم من تمكن في وقته في شاهق الملة الحنيفية من الشعب الأشرف، مشاهده في الذب عن حريم السنة مشهورة،
ومآثره في جمع الحديث مأثورة، وآية صبره في نصره السنة على جبينها مسطورة.

قال فيه ابو المظفر محمد بن ابي العباس الأبيوردي يثني على ثباته في محنة خلق القرآن مع احمد بن ابي دؤاد المعتزلي:

وما الردة الأولى وقد قل عربها ... عتيق وبيض الهند في الهام تغمد
بأدهى من الأخرى التي شب نارها ... وقد كاد أنوار الشريعة تخمد
رمى أحمد الغاوي بها فرقة الهدى ...فأطفاها شيخ الأئمة أحمد
ولم يثنه عن نصرة الدين موطن ... به الدم يمريه الحسام المهند

إلى ان قال فيه:

وكل حديث لم يصححه مظلم ... على ناقليه طرقه حين يسند
ومن كان لا يصفيه في الله وده ... ولا يتقرى هديه فهو ملحد

  وقيل فيه:

لله ما لقي ابن حنبل صابرا ... عزما وتبصرة بلا أعوان
فعلى ابن حنبل أحمد بن محمد .... وعلى الذين تلوه في البلدان
صلى الإله وصب فوق عظامهم.... صوب الربيع يسح في تهتان

(ص ٢٣٢- ٢٥٨).

...........................
اختصره: ا. محمد حنونة.



الاثنين، 21 يونيو 2021

الأزهر الشريف والسلفيون بقلم: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة

بين الأزهر والسلفيين

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة

بدايةً، وحتَّى لا نتجنَّى على أحد، لا بُد من نظرة منصفة للأزهر الذي كان في وقتٍ من الأوقات منارةً للعلم والمعرفة، وقبلةً للدارسين من شتى بقاع الأرض، وسراجاً منيراً يهدي الحائرين إلى الله تعالى، بعلمائه وشيوخه وطلابه.

ولكن هذا الأزهر القديم الذي واجه حركات التغريب، ووقف صامداً أمام موجات الانحراف الديني لم يعد موجوداً الآن بثقله وقوته!

ورصيده الضخم في العطاء والبذل يكاد ينفد شكلاً وموضوعاً؛ لا سيما بعدما طفت على سطحه بعض الشخصيات المريضة، التي تتحرك وفق خصومات وعداوات نفسية، مع رغبة عارمة في الانتقام من المد السلفي الكبير على الساحة الإسلامية عموماً، وفي الساحة المصرية خصوصاً.

وألمح هنا إلى دور المتصوفة الغلاة في إذكاء هذا السُّعار المذهبي الخطير والحنق الطائفي على الدعوة السلفية المباركة، وكان أقصر الحلول وأسهلها هو المواجهة والصدام المباشر مع السلفيين، والذي فطن له حلفاء المتصوفة فيما بعد  فكانوا الداعم الأول لطائفة التخريف والدجل في العالم العربي والإسلامي.

وعلى أثر هذا الدعم المباشر من أوروبا والمؤسسات الامريكية والغربية الذي يستهدف تشجيع الطرق الصوفية قام سوق المعركة الحقيقي بين السلفيين والطرقيين؛ وذلك بعد أن أدرك المتصوفة أن المعركة مع السلفيين غير متكافئة علمياً فاتجهوا إلى كيل التُّهم والتشكيك في المنهج أو يكون مستقبل المتصوفة في خطر ووضعهم سيكون حرجاً… وهذا ما كان بالفعل!.

وبعد تسلق المتصوفة قلاع الأزهر أصيب الأخير بجنون المذهبية، وغرور العصبية الهوجاء، وسعار الفتوى الخارجة عن أدب الفقه والخلاف، والتي تُصيب أصغر القضايا وتجعلها تتضخم في الرءوس، وتنتفخ بها العمائم، وتحترق من أجلها الأفكار، ناهيك عن حمى التبعية العمياء، واجترار الأحكام، والولاء المطلق للذات.

وأثيرت في سبيل ذلك مسائل كثيرة وقضايا متعددة كاد المسلمون أن يتركوها؛ لولا أنها أُعيدت إلى الواجهة:

"التوسل"، و "الأشعرية"، و"الاحتفال بالمولد النبوي" ودونها من المسائل التي تثير الألم وقد ملأت أسماع الناس وأبصارهم، وحفلت بها وسائل الإعلام، والقنوات المتلفزة ما بين مناظرة وحوار ومناقشة،

وتفاقم الأمر برمته؛ ليصل إلى تشويه المؤسسات الدينية ومحاولة إسقاط رموز الدعوة السلفية في العالم الإسلامي، بل دخل بعضهم في دوامة جديدة من التنابز بالكفر، ومحاولة محو الآخر وإلغائه.

وأمورٌ أخرى تستخفي، ونلمس مادتها في لحن القول والمواقف المشبوهة هنا وهناك،

ولا شك أن تصدير "الأزاهرة الجُدد" =الذين يحاولون نشر الخرافة والدجل بعد تشويه السلفيين والنيل منهم! خاطئ تماماً، وإساءة كبيرة للدين والأزهر؛ لأنهم سينقضون بجهلهم عرى الإسلام عروة عروة.

واستمرار هؤلاء "الجدد" في المناكدة الفكرية والردح الإعلامي سيجر الأزهر ومصر إلى مزيد من الضعف والهوان والجفاء، ومصير الجفاء أن يزبد ويزبد ثم يزول هذا الزبد؛ ليصفو للأمة وردها،

وكان الزمن كفيلاً بنسخ هذه الفتنة الشاردة التي يقودها مسوخ الضلال وأشباه الشيوخ لولا وجود من يغذيها من خالص ثروته ويُسخِّرُ لها مؤسساته الكبرى التي تستهدف جيل الصحوة وشباب الأمة،

إن المشروع البديل للأزهر والسلفيين هو العلمانية والإلحاد، وبعد إسقاط السلفيين سيكون الأزهر فريسةً سهلة بين أنياب الملحدين، بعد أن تكون المرحلة القادمة هي مرحلة رقود وغياب الأزهر عن المشهد، وأول من سيكتوي بأوارها هو الأزهر والمغيبين من أبناء هذه الأمة.

في نظري أن "السلفية" المعتدلة هي صمام أمان لكل الجماعات الإسلامية والحركات الدعوية، وكان على الأزهر أن يقاتل من أمامها، ويحوطها من ورائها، ويحاول التقارب معها،

ولكنه اختار أن يزج بها من خلفها، ويسير في خطٍّ آخر، لموافقة أهواءالسياسيين وأغراضهم، وبالطبع لا أتحدث عن الذين شوهوا السلفية أو الذين لا يمتون لها بصلة، لأن هؤلاء حقيق بهم أن يُنكر عليهم أشد النكير.

وفي المقابل نجد شخصيات بارزة من الأزهر الشريف، لها جهودها المباركة في الدعوة والفكر، وقد مارست دورها المنوط بها في الحفاظ على وحدة الأمة وإصلاح الخلل الحاصل، سواءً اتفقنا معهم في بعض القضايا أو اختلفنا،

أذكر منهم:

الدكتور محمد عمارة، ويوسف القرضاوي، والشيخ سيد سابق، ومصطفى محمود، ومحمد سليم العوا،

ومن قبلهم: محمود شلتوت، ومحمد أبو زهرة، وحسنين محمد مخلوف، ومحمد رجب البيومي، وغيرهم الكثير.

وحتى الشيخ أحمد الطيب له مواقف مشرفة من الحفاظ على السُّنة من محاولات التحريف، وتبرؤه من مؤتمر الشيشان، وغيرها من المواقف المشرفة حقيقة.

إن من ينظر إلى ميدان الدعوة والعلم في أرض الإسلام يغوص قلبه كآبةً وكمداً لما يراه من ضياع وفوضى؛ وكأنما يتم اختيار هؤلاء الطافين وفق مواصفات تُعكر صفو الإسلام، وتُطيح بحاضره ومستقبله.

والغريب العجيب أن الجهود مبذولة لمطاردة الدعاة الصادقين من العلماء الأصلاء، والفقهاء الحكماء، للقضاء عليهم وترك المجال للبوم الناهمة والغربان الناعقة ليتصدروا الدعوة ويتحدثوا باسم الإسلام!!

كـ علي جمعة، وأسامة الأزهري، وخالد الجندي، والهلالي، وغيرهم ممن يحاول كي الوعي وقلب المفاهيم والعبث بالتراث؛ وجعل الأحاديث الموضوعة والمُنكرة صحيحة، وجعل الصحيحة مردودةً ومُضعفة؟!! ومن يُحاول نشر البدع وهرطقات التصوف وسلبياته في الأمة، فهؤلاء لا بارك الله فيهم.

وختاماً: من كوني كنتُ طالباً في المعاهد الدينية الأزهرية، أقول: لا بُد من صحوة ضميرٍ عند الأزاهرة، ورغبةٍ في التغيير إلى الأفضل، تكون سوراً يحول دون هذا العبث الداهم والفوضى الدينية الضارية، وإلا فإن الخطر قادمٌ لا محال… والهدف البعيد هو إقصاء الدين عن واقع الحياة، برؤية ارجائية علمانية.

آملاً أن يعود للأزهر صفاؤه ونقاؤه من هذه الشوائب العالقة، وتعود للأمة عزها وكرامتها، ومنهاج سلفها الصالح.





الأزهر إلى أين ؟ د. عبد الودود شلبي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الأزهر إلى أين ؟

د. عبد الودود شلبي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ ارتبط بناء الجامع الأزهر ببداية الدولة الفاطمية بمصر، فقد وضع المعز لدين الله الفاطمي حجر الأساس له في 14 رمضان في العام (359 هـ)، وأكمل بناء المسجد في 17 رمضان من العام (361 هـ)، وكان أول جامعٍ انشئ في مدينة القاهرة، وهو أقدم أثر فاطمي يُوجد في مصر. 

وسماه الفاطميون بـ"الأزهر" تيمناً بالسيدة فاطمة الزهراء، التي ينتسبون إليها كذباً وزوراً. وقد اهتمَّ به الفاطميون جداً؛ حتى جعلوه في العام (365 هـ) مدرسة لتديس مذهبهم الإسماعيلي ونشره في العالم الإسلامي.

ومع بداية الدولة الأيوبية -بقيادة صلاح الدين الأيوبي -ضعف دور الأزهر حتى توقف تدريس المذهب الإسماعيلي، وابتدأ تدريس المذاهب السُّنية الأربعة، وأُعيد الأزهر إلى نشاطه العلمي سنة (665 هـ) أيام السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، واهتمَّ بعمارته، فكان بمثابة العصر الذهبي للأزهر.

ثم قام العثمانيون بعدهم بالعديد من التوسيعات وإقامة المنشآت والقباب، وأسسوا له نظام "مشيخة الأزهر"، وتم تطوير الجامع الأزهر عبر العصور، ففي العام (1908م) أنشئ المجلس العالي لإدارة الأزهر بعضوية كل من "مفتي الديار المصرية، وشيوخ المذاهب الأربعة، واثنين من الموظفين في الدولة" وقسموا الدراسة إلى ثلاث مراحل: في كل مرحلة أربع سنوات، وهي المرحلة الأولية، والثانوية، والعالية. 

وفي العام (1930 م) صدر قانون إصلاح الأزهر الذي جعل التعليم ابتدائية لمدة أربع سنوات، وثانوية لمدة خمس سنوات، وكلية أصول الدين والشريعة واللغة العربية مُدة كل منها أربع سنوات إلى أن أنشئت جامعة الأزهر في العام (1961م) المعروفة، ويُعد الجامع الأزهر ثاني أقدم جامعة بعد جامع القرويين في المغرب.

وشرع المؤلف يُبين الفرق بين الأزهر قديماً، وبين الأزهر المُعاصر، الذي لم يسلم من محاولات التسييس من قبل أهل السلطة، في محاولة للتأثير على الصوت الديني، وكسب الجماهيرية الشعبية بما يحتله الأزهر من مكانة مرموقة في نفوس العامة، ولتمرير إملاءات المستعمر، والسكوت على المخططات الخبيثة التي تستهدف تراث الأمة وتاريخها.

ولا زالت الأزمة التي يعيشها الأزهر مستمرة والأعباء الملقاة عليه كبيرة، لا سيما إذا قورن بالواجب القانوني والدور التاريخي المناط به، لا سيما بعد أن أصبح الأزهر وظيفة حكومية لا تسمح لأصحاب العمائم بالتحرك أكثر من الحدود المرسومة لهم.

كما أن التعليم في الأزهر تراجع القهقرى كما يُصور لنا في لفتات كثيرة في هذا الكتاب، من إلغاء حصة القرآن الكريم، وتدهور مستوى اللغة بشكل فادح، ولا يعنيني التطرق لها كثيراً، فهذا أمرٌ ماثلٌ للعيان، وتعاني منه كثيرٌ من المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى حركات التنصير في جنوب أفريقية.

ويُبرز لنا المؤلف بعض ألوان الحياة العامة التي عاشها العلماء والدارسون في أروقة الأزهر وساحاته وبين أعمدته في الزمن الجميل، والتي تنوعت ما بين المهرجانات الثقافية، والاحتفالات الدينية، والدروس العلمية، والنقاشات المفعمة بالحفظ والفهم، حيث الأسماء الكبيرة "محمد مصطفى المراغي"، و"أحمد الدردير"، و"محمود شلتوت"، و"محمد أبو زهرة"،

مع ما كان يسود تلك المرحلة من الفقر الذي كان يدثر أكثر الطلبة؛ حيث كانوا يقومون بنسخ الكتب التي يعجزون عن شرائها من السُّوق! وما كانوا عليه من الحياء والعلم والأدب والإنصاف والإخلاص، 

ويُرينا كيف كان الأدب والرواية لها موقعها الخاص لدى الطلبة من روايات المنفلوطي، ومسرحيات وديوان شوقي، ووحي القلم للرافعي، ووحي الرسالة وآلام فرتر للزيات والتي كانت تمثل النُّزهة المعرفية التي يحطُّ بها الطلاب جزءاً من هموهم، وكان يحفظها بعض طلاب الأزهر عن ظهر قلب، مع رسائل الأحزان، وأوراق الورد، وغيرها.

وقد تمتزج بالخرافة أحياناً، وهيبة المكان أحياناً أخرى، والعاطفة الجياشة تجاه علمائه الذين تميزوا بالورع والزهد الحقيقي، بالإضافة إلى مواقفه الجريئة تجاه السلطان، وفتواه الحاسمة في القضايا الكبيرة، 

وسبب تأليف هذا الكتاب هو:

أولاً سلسلة المواقف التي اتخذها شيخ الأزهر "محمد سيد طنطاوي" من زيارته إلى أندية الروتاري، وترحيبه بالتطبيع مع إسرائيل. ومجاملاته على حساب العقيدة في موت بطريرك، بقوله: لقد مات حبيب الله وحبيب الشعب. وقبوله شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الإنجيلية التي تُعد أكبر مركز تنصير في مصر والعالم الإسلامي.

ثانياً: فتوى "طنطاوي" بجواز التبرع بالجثث، وجواز نقل الأعضاء بين الحي والميت. والتي جعلت من الموتى بضاعةً رائجة في سوق تجارة الأعضاء يُديرها الأطباء والتربية والحانوتية في تشريح الموتى بعد إخراجهم من قبورهم، بالإضافة إلى تجار المخدرات الذين يبحثون عن العظام البالية لطحنها وإضافتها إلى الهيروين.

ثالثاً: التراجع الكبير لدور الأزهر في تعليم اللغة والدين، وتضاؤل الإنتاج العلمي، وإلغاء بعض أعماله المهمة من نشر الإسلام خارج مصر، وإلغاء المجمع الفقهي، والذي يناقش المسائل الفقهية الكبرى، وما صدر عن كثير ممن ينسب للأزهر ممن تصدروا المشهد وأساءوا لعقيدة الأزهر ومواقفه، من أمثال رجاء جارودي، وحسن حنفي، وغيرهما.

وقد عانى المؤلف بسبب كتابه هذا وسيق إلى المحاكم، وأصبح الكتاب حديث الجرائد والمجلات، وكله آهات حول الأزهر، وعثراته التي أردت به في وادٍ عميق.





الأحد، 20 يونيو 2021

ليس لليهود حق ديني أو تاريخي في فلسطين د. صالح الرقب بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

ليس لليهود حق ديني أو تاريخي في فلسطين

د. صالح الرقب

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد/ لا شك أن بني إسرائيل غرباء عن هذه البلاد، وأنهم لم يسكنوها إلا في فترات متفرقة ومناطق محدودة، ومدة متأخرة من الزمان، وكان ذلك في بداية الألف الثاني قبل الميلاد، وهذا -بالطبع -إلى شواهدٍ أخرى: لا يمنحهم أحقية فـي ملكيـة أرض فلسطين كلها، وقد مكنهم الله عز وجل من حكمها عندما كانوا مستقيمين على أمر الله عز وجل، وهذه الشرعية ارتبطت بمدى التزامهم بالتوحيد وبمنهج الله الذي شرعه لهم، كما أن اليهود ليسوا وحدهم نسل إبراهيم عليه السلام، فالعرب العدنانيون هم من نسله أيضاً، كما أن إمامة سيدنا إبراهيم عليه السلام هي للمؤمنين من ذريته، وليس للظالمين والمفسدين، وقد سكن الفلسطينيون هذه الأرض قبل مليون عام.

ويمكننا قراءة تاريخ بني إسرائيل من خلال المخلص التالي:

مَن هم بني إسرائيل، وأيْنَ هُمُ الآن...؟!

1. (إسرائيل): هو نبي الله يعقوب عليه السّلام. وبنوه هم أصحاب القصة التي فُصّلت في سورة يوسف، وهم الذين سُمّوا (بالأسباط)، ويوسف عليه السلام كان واحداً منهم.

2. وقد بيَّن القرآن الكريم أنهم سكنوا مصر قبل وفاة والدهم (يعقوب عليه السلام).

وبعد ما يقارب (450) سنة، بُعث موسى عليه السلام، في القرن الثاني عشر قبل الميلاد (1100 ق.م)؛ لينقذهم من ظلم واضطهاد الفراعنة، ومن هنا بدأت العلاقة بين بني إسرائيل واليهوديّة. 

3. ولمَّا طلب موسى عليه السلام من بني إسرائيل الذهاب إلى الأرض المُقدَّسة، رفضوا ذلك، لما طُبعوا عليه من الجُبن والذُّل، ووقعوا في التِّيه أربعين سنةً، وتوفي موسى عليه السلام، قبل أن تطأ أقدامهم أرض فلسطين المباركة.

4. وبعد أربعين عاماً من التيه نشأ جيل جديد من بني إسرائيل، قوامه الإيمان والتقوى، قادهم يُوشع بن نون عليه السلام، وذلك في نحو (1190 ق. م)، حيث عبر بهم نهر الأردن، وسيطر على الجزء الشمالي الشرقي من أرض فلسطين (القدس وما حولها)، واستمرت تحت حكمهم (150 سنة تالية)، بعد وفاة يُوشع بن نون عليه السلام.

4. واستمرت العلاقة بين بني إسرائيل واليهودية لقرون، بين مد وجزر، إلى أن انتهت واقعياً بفك الارتباط بين اليهودية وبني إسرائيل؛ وذلك بذوبان اليهود في المجتمعات الجديدة التي يحلُّون فيها، فأصبح الغالبية العظمى من اليهود تنتمي إلى أجناس وقوميّات مختلفة، من غير بني إسرائيل. 

5. ساد في هذه الفترة النكبات والفوضى في بني إسرائيل، نتيجة الخلافات الدنيوية، والانحلال الأخلاقي، والعبث الديني، لاختلاطهم بأهل الأرض الوثنيين، وزواجهم منهم، حتَّى عبدوا الأصنام تاركين عقيدة التوحيد، ولم يتحسَّن حالهم إلا بتعيين طالوت ملكاً عليهم من قِبَل أحد أنبيائهم، الذي استطاع أن ينتصر على الوثنيين "الفلسطينيين"!، بقيادة زعيمهم جالوت الفلسطيني، الذي قُتل على يد داود عليه السَّلام.

6. وكان ظهور داود ملكاً على بني إسرائيل خلفاً لطالوت، وذلك في نحو (1004 ق. م) إيذاناً ببدء مرحلة جديدة لعقيدة التوحيد، وقد واصل داود حربه ضد الأقوام الكافرة في الأرض المقدسة، فأخضعها جميعها لعقيدة التوحيد، عدا بعض المناطق الساحلية التي لم تخضع له، ونقل العاصمة إلى القدس في العام (955 ق. م)، واستمرَّ في حكمه عليه السلام، حتى العام (963 ق.م).

7. وخلفه في الحكم سليمان عليه السلام، والذي حكم في الفترة ما بين (963- 923 ق.م)، حيثُ شهدت فلسطين حركة عمرانية، وازدهار ضخم، وكانت مدة حكم داود وسليمان عليه السلام ما يُقارب الثمانين عاماً، كانت تُسمَّى (العصر الذهبي) لمملكة بني إسرائيل، وقد سادها التوحيد والعدل والازدهار.

8. وبعد وفاة سليمان عليه السلام، سنة (923 ق.م)، انقسمت الدولة اليهودية إلى مملكتين منفصلتين متعاديتين، هما: 

- مملكة إسرائيل في الشمال (923- 722 ق.م)، ويسكنها أحفاد عشرة من أبناء يعقوب عليه السلام.

- ومملكة يهوذا في الجنوب (932- 586 ق.م) عاصمتها القدس، ويسكنها أحفاد اثنين من أبنائه عليه السلام. 

9. وكان بين الدولتين حروباً وأحقاداً عظيمة، واستشرى فيهما الفساد، وعمّت الانحرافات، إلى درجة أنهم ارتدّوا إلى الوثنية وعبادة الأصنام.

10. واستمرّوا في ذلك حتى لاقوا مصيرهم المحتوم بغزو الآشوريين للدولة الشمالية عام (722 ق.م)، بقيادة "سرجون الثاني"؛ الذي دمرها، وجرى سبي الشعب بكامله إلى العراق وفارس، وبذلك أسدل الستار على علاقة عشرة أسباط بالديانة اليهوديّة، ولم يعودوا يهوداً، فقد انخرطوا في الشعب الغازي وتأثروا بعقائده، وذابوا فيه. 

11.  أما الدولة الجنوبيّة فقد قام الملك البابلي "نبوخذ نصّر" بغزوها وتدميرها عام (586 ق.م )، وسبى من بقي منهم حيّاً إلى العراق أيضاً. 

12. وبعد مضي سبعين سنة على هذا الحدث (حوالى 516 ق. م) عادت قِلّة من هؤلاء المسبيين إلى فلسطين، وذلك في عهد الملك "قورش" الفارسي، وقد اضطرت هذه القّلة أن تُكثّر عددها بإدخال جزء من أهل البلاد إلى اليهوديّة، وبذلك بدأت اليهودية تنتشر بين من هم من غير بني إسرائيل.

13. واستمر ذلك إلى أن جاء السبي الروماني في العام (70 م) على يد القائد الروماني "تيتوس"، والعام (135م) على يد القائد "جوليوس"؛ فشُتّت شمل اليهود في أرجاء العالم، مما أدّى إلى ذوبانهم في الأمم الأخرى، وفي المقابل كان هناك من الشعوب (من غير بني إسرائيل)  من تهوّد، كما حصل في مملكة بحر الخزر، والتي دامت من عام (860-1016م). وكما حصل من تَهوّد بعض قبائل العرب وغيرهم. 

14. واستمر الخروج من اليهوديّة والدخول فيها عبر القرون مما أدّى إلى انفكاك العلاقة بين اليهودية كدين وبين بني إسرائيل كعنصر.

15.  وتستطيع أن تقول اليوم إنّ الغالبية العظمى من بني إسرائيل القدماء قد تحوّلوا إلى الإسلام، أمّا البقية الباقية فتحوّل معظمها إلى المسيحيّة.

16. من هنا لا صحة اليوم للادعاءات التي تزعم وجوداً تاريخياً لقومية يهودية في فلسطين، لأن اليهوديّة هي دين اعتنقته شعوب مختلفة.

17. وكلامنا هذا لا يعني أنّه لا يوجد في يهود اليوم من له علاقة نسب ببني إسرائيل القدماء، وعلى وجه الخصوص أحفاد أولئك الذين كانوا في الجزيرة العربية زمن نزول الرسالة الإسلاميّة، والذين تحوّل عدد منهم، عبر العصور، إلى الإسلام وآخرون إلى المسيحيّة. 

 18. واليوم يكرِّسُ الإعلام الصهيوني البعثات اليهودية التي تسافر إلى أفغانستان للبحث عن أحفاد دولة إسرائيل الأولى، اعتقاداً منهم بأنّ الأغلبية العظمى من الشعب الأفغاني، أي قبائل "البشتون"، هم الأسباط العشرة الضائعة. 

19. ومعلوم أنّ قبائل البشتون اليوم هم من المسلمين السنّة، ولا يبعد أن يكون لهم في المستقبل دور في تحرير فلسطين من سلطان الصهيونية.

20. وإذا كانت إسرائيل الأولى تضم شعباً متجانساً من الناحية العِرقيّة، فإن إسرائيل اليوم تتألف من سبعين قوميّة يتكلمون تسعين لغة.

كما يمكن اختصار التاريخ اليهودي من (1100 ق.م- 135م)، أي حوالى ثلاثة عشر قرنا، كما يلي:

- (1100- 1190) موسى عليه السلام.

- (1190- ...) يُوشع بن نون.

- (............) طالوت عليه السلام.

- (1004 - 963 ق. م) داود عليه السلام.

- (963 – 932) سليمان عليه السلام.

- (932- 721 ق. م) ملكة إسرائيل الشمالية.

- (932- 586 ق. م) مملكة الجنوبية.

- ............ سيطرة شيشق فرعون مصر، في أواخر القرن العاشر.

- (894- 842 ق.م) سيطرة "يهورام الفارسي، ودفعوا الجزية للأشوريين.

- (586 ق. م) نبوخذ نصَّر الذي هزم الدولة الجنوبية.

- (539- 332 ق.م) سماح الملك "قورش" الفارسي لعودة اليهود إلى الأرض المقدسة.

- (164 ق. م)، الحصول على حكم ذاتي في العهد الإغريقي.

- (332- 63 ق.م) السيطرة الإغريقية الهيلينية على فلسطين.

- (63 ق.م) سيطرة الرومان على أرض فلسطين، وأخضعوها للحكم المباشر سنة (6م)، والغوا الحكم الذاتي في منطقة القدس.

- (66 -70م) ثار اليهود على الحكم الروماني في القدس، ولكن القائد "تيتوس" أخمد ثورتهم، ودمر الهيكل.

- (132- 135 م) عاود اليهود ثورتهم، فقام القائد "جوليوس سيفروس" الروماني بتدمير القدس واحتلالها.

- وأقام القائد الروماني "هدريان" مدينة جديدة على انقاضها، سمَّاها "إيلياء كابيتولينا"، ثم عرفت بعد ذلك باسم "إيلياء"، وهو اسم هدريان الأول.

- وحظر "هدرينا" على اليهود دخول القدس ل 200 سنة أخرى بعد العام (135 م)، وبقوا بعيدين عن القدس حوالى (18) قرناً تاليه، إلى أن دخلوها في القرن العشرين.

وأضيف إلى ما سبق أن الباحث المسلم "رجاء جارودي" كشف أوهام دولة إسرائيل على الملأ، وفضح الأساطير التي تعلقوا بها حول العالم، ولكن إسرائيل أقامت له مقصلة في محاكم باريس، وحشدت لهذه المحاكمة كل مزوري التاريخ، ووجد الرجل المسلم نفسه وحيداً في مواجهة كل هذه الأعاصير، ولم يجد من يسانده سوى الأب الكاثوليكي "بيير"!.

ومن أبرز صفات بني إسرائيل عشر صفات، وهي:

أولاً: نقضهم للعهود والمواثيق.

ثانياً: سوء أدبهم من الله وعداوتهم للملائكة، وقتلهم أنبياء الله.

ثالثاً: جحودهم الحق، وكراهتهم الخير للناس.

رابعاً: تحايلهم على المحرمات.

خامساً: نبذهم كتاب الله واتباعهم للسحر والأوهام الشيطانية.

سادساً: تحريفهم كلام الله عن مواضعه.

سابعاً: حرصهم على الحياة.

ثامناً: تعلقهم بعبادة الأوثان وكراهتهم للتوحيد.

تاسعاً: عبادة العجل من دون الله.

عاشراً: تنطعهم في الدين.

** خلاصة ما جاء في كتاب الدكتور الرقب:

1.أن الوعد الإلهي المذكور في التوراة قد أعطاه الرب لإبراهيم ولنسـله، وهي تشمل ولديه "إسماعيل وإسحاق" وذريتهما دون تفرقة، وهذه اللفظة "نسلك" وردت عامة مطلقة لم تقيد، فالأرض إذاً ليست للإسرائيليين كما يزعمون ذلك.

2. أن الوعـد أعطي لإبراهيم مصحوباً بمباركة الرب له، ولأمته -وإسماعيل الولد الأكبر أولها- وللأمم التي كانت تسكن أرض فلسطين، وهذه الأمم هي: الكنعانيون والفلسطينيون -برواية الأسفار اليهودية، والأرض التي سكنوها ذكرت في أكثر من موضع من كتابهم المقدس: أرض كنعان...أرض الفلسطينيين.

3. أن الوعد الإلهي المعطى لإبراهيم ولنسله من بعده كان معللاً بأسبابه، وهي القيام بفرائض الرب و شرائعه وأوامره.والواقع والتاريخ يؤكدان انحراف بني إسرائيل عن عبادة االله وحده لا شريك له، وأنهم كانوا التاركين لشرائع االله وفرائضه، المحرفين لكلامه، القتلة لرسله وأنبيائه، وما زالوا حتى يومنا هـذا الخائنين لعهودهم ومواثيقهم مع االله تعالى.

4.وأن التفرقة العنصرية البغيضة التي طبعت عليها النفس اليهودية الشريرة هي التي دفعت القوم لإجراء تحريف ليكون الوعد لإسحاق دون أخيه المولود قبله والمبارك من الرب هـو وأمته كثيراً.

5. وإذا كان الوعد شاملاً لــذرية يعقـــوب فــإن موسى منهم؛ فلماذا خُص به وحـده دون غيره من بني إسرائيل؟!.وفي هذا دلالة علـى أن هذه الوعود لا علاقة لها بالوحي الإلهي، وليس لها علاقة بالرب عز وجل.

6. أن الوعد الإلهي الذي أعطي لبني إسرائيل بتمليك الأرض المقدسة قد تحقق في زمن داود وابنه سليمان عليهما السلام، إذ أنشأ داود مملكة دامت أربعين سنة و تولى سليمان الملك بعد أبيه ثلاثة وأربعين سنة. وعليه فهذا الأمر قد تحقق في ماضي بني إسـرائيل وانتهى، ولا يجوز مطلقاً استمراره إلى ما لا نهاية.

7. أن التوراة التي يزعم اليهود أن حقهم التاريخي موجودٌ فيها، مُحرفة ومتناقضة، كما أنه ليس لها سند يصحُّ إلى موسى عليه السلام أو إلـى غيـره مـن الأنبياء، كما أن جمهـور العلمـاء والباحثين اليهود والنصارى من القدماء والمحدثين -يرجحـون أن كاتـب التـوراة الحالية هو الكاهن عزرا، الـذي قـام بتلفيقهــا وجمعهــا مـن مصادر مختلفة متباينة، بمساعدة عدد من الكهنة، كما أنها مشتملة على صور وضيعة وكلام بذئ بحق الأنبياء والمرسلين، والتي لا يصحُّ نسبتها إليهم بحال.

8. أن الوعد الإلهي المفترى بتمليك الأرض المقدسة لليهود تناقض وعود أخرى ذكرتها توراتهم المقدسة، وهي الوعود بفناء الدولة لا ببنائها، وبهلاك بني إسرائيل لا بإحيائهم، وبتمزيـق مملكتهم لا بقيامها، وهي وعود تنفي مزاعمهم في أحقيتهم بالأرض المقدسة فلسطين وتنذرهم بالخراب والهلاك.

9. أن الوعد الإلهي بالتمكين لهم في الأرض المقدسة مشروطٌ بقيام بني إسرائيل بتأدية فرائض الله والمحافظة على عهود الرب التي قطعها معهم، مشروط بالمحافظة على وصايا الرب والقيام بشرائعه.

10. أن اليهود يزيفون التاريخ، ويروجون الإشاعات والمزاعم، ويحرفون الحقائق لصالحهم، وأن ما فعلوه لا يمت إلى الحقيقـة بأدنى صلة، فالتاريخ لا يمكن طمسه أو تحريفه، فالحقائق تبقى كما هي، ثابتة راسخة، والأباطيل تذهب جفاء لا تنطلي على أصحاب الحق، فليس لليهود حقّ تاريخي في هذه الأرض المباركة، وسيبقون فـي نظـر أهلها الشرعيين، نبتة شاذة غريبة زرعت فيها دون إرادة واختيار منهم، من أجل تحقيق أهداف استعمارية شيطانية، ولإبقاء الشرق الإسلامي في حالة من التبعية والانقياد للاستعمار الصليبي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية .

11. أنه ومنذ العهدة العمرية لم يكن يهودية واليهود وقتها لم يكونوا سوى جالية أو طائفة تسكن في القدس، ولـم يـسجل التاريخ أي اعتراض لليهود على ما تضمنته العهدة العمرية من طردهم من مدينة القدس، ولم يزعم اليهود وقتها أن لهم حقاً تاريخياً في القدس أو غيرها من المدن الفلسطينية.

12. أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض قصص التـاريخ اليهودي في فلسطين، بل إن الآثار والشواهد كلها تدلُّ على أن الكنعانيون والفلسطينيون هم أول من سكن هذه البلاد واستعمرها. وقد أبطل صاحب الدراسة أساطير اليهود وأباطيلهم التي وردت فـي العهـد القديم التي يعتبرها اليهود من الأدلة التاريخية على أن فلسطين أرض شعب إسرائيل،وأنكر وجود أي صلة لليهود بمدينة القدس.

13. إن حقائق التاريخ وأبحاث علم أجناس البشر -التي لا يمكن إخفاؤها- تذكر أن خروج بني إسرائيل من مصر وضع حداً فاصلاً بين عهد النقاء وعهد اختلاط الدم، أي حصل اختلاط بين بني إسـرائيل وغيرهم نتيجة ترحلاتهم السابقة من العراق إلى فلسطين، ومن فلسطين إلى مصر، ثم من مصر إلى فلسطين في زمن إبراهيم عليه السلام، ثم ترحيلهم من فلسطين إلى مصر في زمن يعقـوب عليـه السلام، والتي استقروا فيها أزماناً ليست بالقصيرة حتى أكرمهم الله تعالى بموسى عليه السلام الـذي نجاهم من ظلم فرعون، وانتقاله من مصر للذهاب إلى الأرض المقدسة التي دخلوها بقيادة يوشع بـن نون فتى موسى عليه السلام.

14.  أن %٩٥ من يهود اليوم ليسوا مـن بنـى إسرائيل،  ليسوا ساميين من حيث الأصل العرقي، وإنّما هم أجانب متحولون أو مختلطون من سلالات الهيروديين أو الادوميين ذوي الدم التركي المنغولي.. أي أن اليهود يتألفون من دماء مختلفـة ليس فيها عرقٌ ساميّ من اليهود الذين سكنوا فلسطين، بل إن أكثرهم ينحدر من القبائل الخزرية "التركية" ومن "الفلاشا" السود سكان الحبشة، ومنهم "الألمان" ذو السحنة الألمانية، ومنهم "التاميل "-أي اليهود السود فـي الهند؛ حيث أن ثلث رعايا مملكة الخزر كانوا من اليهود، كما أن الوثائق الموجودة لدى اليهود أنفسهم تقر بـأن ٨٢ % من المنتسبين إلى الحركة الصهيونية السياسية هم من الأشكناز المدعوين باليهود، ولكنهم ليسوا ساميين..

15.  وأمـا معظم اليهود الذي عاشوا في الأقطار العربية فأصولهم تعود إما إلى العرب ،وإّما إلى بربر شمال أفريقيا الذين تهودوا. وبذلك لا يمكن أن ينتمي أي جنس من أجناس يهـود اليـوم إلـى العبـرانيين التوراتيين.

  16. الإجماع بين علماء الأنثروبولوجية على أن يهود عصر التوراة هم مجموعة سامية من سلالة البحر المتوسط المعروفة بصفاتها المميزة من سمرة الشعر وتوسط القامة، وطول إلى توسط فـي الـرأس، وأنّه إذا ما قارنّا هذه الصفات بيهود اليوم المعاصرين لا نجد مجتمعا يهوديـاً واحـداً يتمتع بهذه الصفات، ولعل السامريين الموجودين الآن في قرية من قرى نابلس هم المجموعة اليهودية الوحيدة التي حافظت إلى حد كبير على نقاوتها، وذلك بسبب عزلتها عن غيرها من اليهود، وتـزاوجهم مـع بعضهم، مما يدفعهم إلى الانقراض مع مضى الوقت.

17. أن التمكين في هذه البلاد لا يكون إلا لعباد الله الموحدين، وهم المسلمون، يقول الله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً}. وقال سبحانه: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}.

18. وأما الذين ظلموا وغيروا وبدلوا نعمة الله عليهم -وهم اليهود- فـلا يستحقون شرف الانتساب إلى نبي االله إبراهيم عليه السلام، ولا يستحقّون التمكين في الأرض بوعد الله من الله تعالى، ولا يستحقّون الإمامة {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنّي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} .

19. إن أرض فلسطين هي أرض عربية إسلامية، وستبقى كذلك، رغم اغتصاب اليهود لها وإقامـة دولتهم -إسرائيل- عليها، وستبقى فلسطين في قلب كل مسلم.