لفظتا عاقر وعقيم ودلالتها اللغوية في القرآن الكريم
د. عبد الرحمن بن حسن العارف
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: يتناول هذا البحث الفرق اللغوي والدلالي بين لفظتي "عاقر" و"عقيم" في القرآن الكريم، من خلال تتبع مواضعهما وتحليل السياقات التي وردتا فيها. فقد وردت "عاقر" ثلاث مرات كلها على لسان نبي الله زكريا، للدلالة على حال زوجته التي لا تلد، بينما وردت "عقيم" أربع مرات، استخدم بعضها في المعنى المجازي مثل "ريح عقيم" و"يوم عقيم"، وواحدة في وصف امرأة إبراهيم. وقد تبين من خلال الدراسة أن "عاقر" تُستخدم غالبًا للنساء فقط، وتدل على حالة ملازمة تمنع الحمل، بينما "عقيم" تشمل الجنسين، وتدل على عقم تام أو عدم فائدة مطلق، سواء في الإنجاب أو غيره، مما يجعل دلالتها أوسع.
وأظهر القرآن تمايزًا بلاغيًا في التعبير، فاستعمل عند قصة زكريا "يفعل ما يشاء" لأن الإنجاب وقع بعد زوال الموانع، بينما استعمل مع مريم "يخلق ما يشاء" لأن الحمل وقع دون أب، فالمعجزة خلق من عدم. كما راعى القرآن التقديم والتأخير في ذكر أسباب العقم بما يخدم الفاصلة والسياق البلاغي. وخلاصة القول: أن اللفظتين بينهما شبه ترادف، فكل عاقر عقيم وليس كل عقيم عاقرًا، حيث تدل "عاقر" على معنى خاص بالنساء، بينما "عقيم" أعم وأشمل، مما يدل على دقة التعبير القرآني وإعجازه في اختيار الألفاظ بما يناسب المعنى والمقام.
نصُّ البحث:
حث الإسلام على التناكح والتناسل والإنجاب، والسعي للحصول على الولد. فقال عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)، وقال: (لا تَزَوَّجُنّ عاقراً، فإني مكاثر بكم)؛ ولذا فإن الرغبة في الأمومة والأبوة تُعد من المظاهر الفطرية عند الإنسان، ومن مظاهر غريزة النوع لديه بشكل عام، فهي مركوزة في جبلته، ذاتية في كيانه.
وقد استوقفني في القرآن الكريم وما أكثر ما استوقفني فيه - ورود لفظتين تدوران في هذا الإطار - أعني الإنجاب، ولكن في الوجه المضاد له سلباً، وهما لفظتا (عاقر) و (عقيم)، فرأيت أن أخصهما بدراسة أسلوبية لغوية، اتتبع فيها مواضع ومواقع ورودهما في القرآن، وتتأمل في استعمال النص أو الأسلوب القرآني لهما، وما فيهما من قيم صوتية ودلالية، سواء أكان ذلك على مستوى المفردة القرآنية، انتقاء واختياراً لها دون سواها، أم على مستوى التراكيب القرآنية، خصوصية وترخصاً.
وقد وردت هاتان اللفظتان في مواضع متعددة من القرآن الكريم، بلغت سبعة مواضع، منها: ثلاثة مواضع للفظة (عاقر)، أولها في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ . . .} والموضعان الآخران هما قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وكانت امراتي عَاقِراً …}، وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِياً}.
وأربعة مواضع لفظة (عقيم)، أولها قوله تعالى: { ... حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ يَوْمٍ عَقِيمٍ}، وثانيهما قوله تعالى: {فاقبلت امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}، وثالثها قوله تعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العقيم}، ورابعها قوله تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
وهذه المواضع السبعة منها خمسة متصلة بالمعنى الاصطلاحي لهاتين اللفظتين، وهو عدم إمكانية الإنجاب، أما الموضعان الآخران فيدوران حول الجذر اللغوي لمادة (عقم)، مما يعني أن لفظة (عاقر) جاء استخدامها في القرآن بالمعنى الاصطلاحي لها، أما لفظة (عقيم) فقد استخدمت في المعنى اللغوي لها، وفي المعنى الاصطلاحي أيضاً على أنه ينبغي التنويه إلى أن الجذر اللغوي للفظة (عاقر) لم يكن القرآن خلواً منه، فقد ورد في خمسة، كلها جاءت بصيغة الفعل (عقر)، حديثاً عن قوم صالح عليه السلام، وما صنعوه في آية الله التي أرسلها إليهم وهي الناقة.
فأما لفظة (عاقر) ومواضعها الثلاثة في القرآن الكريم، فقد وردت على لسان نبي الله زكريا - عليه السلام - حينما بشر بحمل زوجه منه، وولادة يحيى عليه السلام - له، على كبر منه وعقر فيها، أو على شيخوخة فيه وداء فيها، وكلتاهما صفتان أو حالتان تحولان دون الحمل والولادة، أو الإنجاب بصفة عامة.
وبتتبع المواضع الثلاثة التي وردت فيها لفظة (عاقر)، نجد أن القرآن أشار في موضع واحد منها إلى العقر مباشرة، واستخدم عبارة {وَامْراتِي}، وهنا لم يُبَيِّن هل كان العقر أيام شباب زوج زكريا أو حدث لها في فترة مأخرة من حياتها؟ والتعبير هنا بالجملة الاسمية يدل على أن كونها عاقراً وصف لازم لها، وليس أمراً طارئاً عليها.
أما الموضعان الآخران فقد استخدم القرآن فيهما عبارة {وكانت امْرَأَتِي عَاقِراً}، مما يدل على أنها كانت عاقراً قبل كبرها. والتعبير بـ {كانت} يدل كما يذكر ابن الجوزي على أحد شيئين: إما للتوكيد، أي وهي عاقر، وإما لإفادة أنها كانت منذ كانت عاقراً، ولم يحدث لها العقر في الكبر ..
وشيء آخر، أن في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بلغني الكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ . . } وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِياً} ذكراً لسببين مانعين من الإنجاب وهما: كبَرُ من الزوج، وعقر الزوجة، ولكنه في الموضع الثالث اكتفى بذكر سبب واحد يحول دون الإنجاب، وهو عُقر الزوجة، وفي هذا ما يدل على أن زكريا عليه السلام - كان يعرف من نفسه أنه لم يكن عاقراً، ولذلك ذكر الكبر ولم يذكر العقر.
ويستوقفنا في هذين الموضعين - أيضاً - أن القرآن قدم في «آل عمران» على لسان زكريا كبَرُ سنه وأخر عُقر زوجه، ولكنه قدم في «مريم» عفر زوجه، وأخر كبر سنه، ومثل هذا التقديم والتأخير حفي بالنظر والتأمل، والتماس وجهه البلاغي.
وقد ذكر بعض العلماء تعليلاً لذلك؛ فقالوا: لكي تتناسب رؤوس الآي في «مريم» بقوله: عتياً، ولياً، رضياً، وعشياً ... إلخ، وأيضاً لما قدمه أولاً بقوله: {وَهَنَ العَظمُ مِنِّي} و {وكانت امراتي عَاقِراً} أخره ثانياً، تفناً في الفصاحة. على أنني ألمس شيئاً آخر غير ما ذكر في التقديم والتأخير هنا، وهو أن العقر يُعد السبب الرئيس في عدم حدوث الإنجاب، أما كبر السن فليس فيه في الغالب ما يحول دون ذلك، فقد ينجب الرجل وهو في سن متقدمة من العمر، أما المرأة فتقل - أو تنعدم فرص إنجابها إذا تجاوزت سناً معينة، وذلك حينما ينقطع عنها دم الحيض وتصبح يائساً، وهذا ما أيده الطب الحديث.
ولذلك اكتفى القرآن في موضع من هذه المواضع الثلاثة بذكر عقر المرأة، سبباً وحيداً لعدم إمكانية الإنجاب - كما تقدم . وإذا كان هناك من العلماء من ذكر أن العاقر من النساء هي التي لا تلد لكبر سنها، وكأنه يجعل كبر السن سبباً للعفر، فإن هناك منهم - أيضاً - من يفسر العاقر من النساء بأنها هي التي لا تلد من غير كبر، وكأنه يعد العقر غاية لا سبباً، أي أنه ينظر إلى العقر على أنه داءً مطلق في ذاته، دون تحديد يكبر سن أو غيره، وهذا ما أميل إلى القول به.
ثم إن في قوله تعالى: {وقَدْ بَلَغَنِي الكبر} إسناداً مجازيا لبلوغ الكبر إياه، بمعنى أن الكبر هو الذي بلغ زكريا، ولم يقل على الحقيقة: وقد بلغت الكبر، وهذا من باب التوسع في الكلام. والتعبير هنا بالجملة الفعلية يدل على أن "الكبر" يتجدد شيئاً فشيئاً، ولم يكن وصفاً لازماً.
ويلاحظ في هذه الآية أنه لم يبين القدر الذي بلغه الكبر منه، ولكنه في آية أخرى حدد ذلك القدر وهو العتي، الذي يعني الغاية (النهاية) في الكبر، واليبس، والجفاف في العظام والمفاصل.
ومما يستوقفنا في هذا المقام هو مدى التشابه الحاصل بين يحيى ابن زكريا - وعيسى - عليهما السلام في المعجزة التي كانت لكليهما . فمعجزة يحيى أنه بشارة الله على لسان الملائكة، أو جبريل عليه السلام وحده، لأبيه وأمه، اللذين كانا على حالة تحول دون الإنجاب، فأبوه زكريا عليه السلام - بلغ من العمر أرذله، حيث ذكر المفسرون أنه يوم بشر بيحيى كان ابن تسعين سنة، وقيل: عشرين ومائة سنة، وأما أمه، فكانت كما ذكر القرآن - عاقراً لا تلد ولهذا فمجيئه إلى الدنيا على كبر سن أبيه وعقر أمه معجزة من المعجزات.
وأما معجزة عيسى فقد كانت أيضاً - بشارة الله به لأمه مريم التي كانت عذراء لم تنكح من قبل، فمجيئه إلى الدنيا من غير أب معجزة وأي معجزة. ومن أجل هذا التوافق في المعجزة والتشابه في الظروف، لا يجيئ القرآن بذكر مولد يحيى إلا ويُعقبه بذكر مولد عيسى، يمهد لإعجاز بإعجاز، فكلتا الولادتين آية تنقطع دونها رقاب البشر.
يقول الله تعالى عن زكريا ويحيى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً ونبياً مِّنَ الصَّالِحِينَ. قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونَ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
ويقول عن مريم وعيسى: {إذ قالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ. قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ …}.
ولابد لنا ونحن نستلهم الدلالات اللغوية من خلال خصوصية العبارة القرآنية - أن نتوقف قليلاً عند استخدام النص القرآني لبعض الألفاظ، وإيثاره لها دون بعضها الآخر في الآيات السابقة، وبخاصة تعبيره في الرد على زكريا حينما تعجب من مجى ابن له وهو وزوجه على ما تقدم من حال، وذلك بقوله: {كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ …}، حيث عبر عن تلك المعجزة بالفعل. وكذلك تعبيره في الرد على مريم حينما تعجبت من مجئ ابن لها دون أن يمسها بشر بقوله: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ …}، فهنا عبر عن هذه المعجزة بالخلق.
ويبدو لي والله أعلم - أن معجزة يحيى كانت معجزة فعل إن صح التعبير - لشيء هو كائن أصلاً، أما معجزة عيسى فمعجزة خلق لشيء غير كائن أصلاً.
وبيان ذلك: أن ولادة يحيى تمت بعد أن وجد طرفا الإنجاب الأب والأم، وانتفت - بمشيئة الله وقدرته أسباب عدم الإنجاب: كبر سن الأب، وعُقر رحم الزوجة، فالمعجزة إذن كانت في شفاء داء الزوج، وإصلاح ما فسد من أعضاء الحمل في الزوجة، كما عبر القرآن بذلك فقال: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَدَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوَارِثِينَ . فاستَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ . . .}.
فالإصلاح هنا كما قال قتادة وسعيد بن جبير وأكثر المفسرين هو أنها كانت عاقراً فجعلت ولوداً، أو كما يقول الفراء: "إنها كانت عقيماً فجعلناها تلد فذلك صلاحها"، أو، أو كما يقول أحد المعاصرين: "استحيينا فيها وهي العجوز العاقر آلة الحمل والولادة"، ولذا كان الأنسب أن تذكر المعجزة على هذه الصفة مقرونة بالفعل يَفْعَلُ.
أما ولادة عيسى عليه السلام - فجاءت دون توفر أحد طرفي المعادلة في الإنجاب، وهو الأب، حيث لم تكن الأم متزوجة قط، فالمعجزة إذن كانت في الخلق، وهو من الوجهة اللغوية والعلمية «إنشاء لشيء ابتداءً، أي إيجاده من عدم.
ويُفسر بعض المعاصرين هذه المعجزة بقوله: هي إخصاب بويضة الأنثى بغير مخصب، أو خلق هذه البويضة مخصبة ابتداء . . .، ولهذا كان الأنسب أن تذكر المعجزة هنا مقرونة بالخلق يَخْلُقُ، دون أي لفظ آخر.
وهكذا نرى أن هاتين الحالتين كانتا مختلفتين في الغرابة، ولهذا آثر القرآن في الحالة الأولى التعبير بلفظة يَفْعَلُ ؛ إذ العادة جرت أن الفعل يُسْتَعْمَل كثيراً في كل ما يحدث على النواميس المعروفة، والأسباب الكونية المألوفة، كما آثر في الحالة الأخرى التعبير بلفظة {يَخْلُقُ}؛ لأن الخلق يقال فيما فيه إبداع واختراع، ولو بغير ما يُعرف من الأسباب، وهكذا جاء اختلاف العبارتين باختلاف الاعتبارين.
وقد استوقفتني هذه المغايرة الأسلوبية، وخصوصيتها في النص القرآني، أستاذنا الدكتور تمام حسان، وحاول تفسيرها تفسيراً آخر يختلف كلياً عما ذكر، وهو أن التعبير بلفظ يفعل في حالة زكريا لا يثير خواطر سيئة، لأن زكريا وامرأته زوجان فلا شبهة إن حملت المرأة، لأن زوجها بجانبها، وقد كان إخصابها بواسطة تسخير زوجها لذلك، والتسخير والإخصاب من فعل الله، أما في حالة مريم فإن التعبير بلفظ (يَفْعَل) ربما أثار خواطر سيئة، فاللفظ لهذا غير مناسب، ومن هنا جاء الفعل (يَخْلُقُ).
وقصارى القول: أن هذه الإيحاءات في الدلالات الهامشية للألفاظ والعبارات قد عني بها النص القرآني أيما عناية، فما كان حَسَناً منها ومؤدياً بكل دقة للمعنى المراد توصيله للقارئ أو السامع، اختار له اللفظ المناسب الذي لا يمكن أن يقوم غيره مقامه، وما كان عكس ذلك أطرحه وأهمله. ذلك من جهة، ومن جهة أخرى يستوقفنا - أيضاً - مدى التشابه الواقع بين يحيى وإسحاق عليهما السلام، وزكريا وإبراهيم عليهما السلام، وأم يحيى وأم إسحاق . فيحيى وإسحاق معجزتهما واحدة، وهي مجيئهما إلى الدنيا وأمهما وأبواهما على حالة تحول دون الحمل والولادة، وزكريا وإبراهيم كلاهما شيخ كبير، وأم يحيى وإسحاق كلتاهما عجوز عقيم أو عجوز عاقر.
وقد استخدم القرآن لفظ (عاقر) مع امرأة زكريا، في حين أنه استخدم لفظ (عقيم) مع امرأة إبراهيم (سارة). يقول عز وجل: {... فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}. وشيء آخر، هو أن القرآن ذكر في حق امرأة زكريا أن الذي كان يمنعها ويحول بينها وبين الحمل هو داء واحد هو العُقر، أما امرأة إبراهيم فقد تراوح ذكر المانع لها مرة بين العجز (كبر السن والعقم مجتمعين)، حيث قال تعالى: {... فصكت وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}، ومرة أخرى اكتفى بذكر العجز دون العقم، فقال تعالى: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُورٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً …}.
وهذا يدعونا إلى التأمل وطرح السؤال التالي: هل العقر والعقم شيء واحد، ومعناهما واحد؟ أو أنهما شيئان مختلفان؟ وإن كانا دوى دلالة واحدة، فلماذا استخدم القرآن لفظ (عاقر) في مواضع ثلاث، واستخدم لفظ (عقيم) في موضع واحد؟
وللإجابة على الشق الثاني من السؤال أقول: إن القرآن آثر استخدام لفظ (عقيم)، وتأخيرها لاعتبارين متلازمين فيما أرى، أحدهما مراعاة الفاصلة القرآنية، أو رؤوس الآيات - كما يسميها الفراء (ت ٢٠٧هـ)، والآخر مراعاة مقتضى المعنى. فأما الاعتبار الأول، فالفاصلة في سورة الذاريات تنتهي بحرف النون في أغلب الآيات، وبحرف الميم في بعضها الآخر، وكلاهما كما هو مُقَرَّرٌ في علم الأصوات - مجهورٌ، متوسط بين الشدة والرخاوة، مرفق، منفتح، مَغْنُونَ (أنفى)، فجاءت الفاصلة بين حروف متقاربة، ولم يكن ممكناً وضع (عاقر) بدلاً من (عقيم)، كما لم يكن ممكناً تقديم لفظ (عقيم) على لفظ (عجوز)؛ لتناسب رؤوس الآي.
وأما الاعتبار الآخر، فبيانه أن العجز قدم هنا - وهو وصف طارئ عليها - على العقم - وهو وصف لازم لها -، فكأنها قدمت سبباً حاضراً يمنع من الحمل على سبب ماض، أو بعبارة أخرى كأنها أضافت مانعاً متجدداً إلى مانع ثابت من باب زيادة المبالغة في استبعاد حصول الشيء أو استحالته، والتعجب من حدوثه لو حدث.
ولذلك ورد في موضع آخر من القرآن على لسان زوج إبراهيم أنها قرنت عجزها بشيخوخة بعلها، حيث قالت: {أألد وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شيخاً …} فتُنُوسيَ هنا ذكر العُقر، وجعل كبر سنهما مانعاً قوياً من حدوث الحمل.
ويُذكرنا تقديم العجز على العقم هناك بالمريض الذي لا يُرجى برء مرضه، وحينما يحدث له عارض آخر فإن الأطباء يوجهون جهودهم لعلاج ما استجد من مرض ويتركون ما عداه؛ لاقتناعهم بأن ما يكون أولى مما كان، وبخاصة أن ما كان هو عندهم في حكم الميئوس شفاؤه فيؤثرون معالجة ماجد على ما قدم.
ويلاحظ أن لفظ (عجوز) جاء على وزن فعول)، وهو بمعنى «فاعل»، أي أنها عاجزة عن المجئ بولد وهي في هذه السن المتقدمة . أما لفظ (عقيم) فعلى وزن (فعيل)، وهو بمعنى مفعول»، أي أنها معقومة الرَّحِم لا تلد.
ونعود لنحاول الإجابة على الشق الأول من السؤال السابق، فنقول: إن مادة (عقم) في اللغة تدل كما يذكر ابن فارس - (على غموض، وضيق، وشدة).
ومن المعنى اللغوي لهذه المادة اشتق أو استعير كما يقول الزمخشري - عقم المرأة والرجل، وهما اللذان لا يولد لهما، وعقم الملك: وهو قتل الرجل لابنه أو الابن لأبيه، إذا خافه على الملك، والداء العقام: الذي لا يُرجى البرء منه، والكلام العلمي: أي العويص الذي لا يُعرف وجهه، والعقل العقيم الذي لا يجدي على صاحبه شيئاً، والريح العقيم التي لا تلقح شجراً، ولا تنشئ سحاباً، ولا تحمل مطراً ... إلخ.
وسبق لنا القول إن الجذر اللغوي للفظ (عقيم) ورد في موضعين من القرآن الكريم، أحدهما كان وصفاً للريح التي أرسلها الله على قوم عاد، والموضع الآخر كان وصفاً ليوم القيامة أو يوم بدر -كما ذكر ذلك المفسرون.
وهكذا نرى أن هذه المادة اللغوية تدل أصلاً واستعارة على الشيء الذي لا فائدة فيه، ولا ثمرة له . والعقيم من النساء التي لا تلد، والعقم وصف للرَّحِم الذي لا يعطي الولد، أو كما يقول أصحاب المعاجم: العقم بفتح العين - والعقم - بضم العين - هَزْمَةٌ تقع في الرحم فلا تقبل الولد، والرحم المعقومة كما يذكر الكسائي: المسدودة التي لا تلد.
وهذا اللفظ مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فيقال: امرأة عقيم، ورجل عقيم، يقول سيبويه: (وأما فعيل إذا كان في معنى مفعول، فهو في المذكر والمؤنث سوا)، وعلى هذا جاء قوله تعالى: ... وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً شاملاً للاثنين الرجل والمرأة، وذلك ما أكده العلم الحديث، فالعقم مرض يصيب الرجال والنساء على حد سواء، وليس كما كان يُعتقد قديماً من أنه خاص بالنساء دون الرجال . وهو من الوجهة الطبية عدم القدرة على الإلقاح، بالرغم من إمكانية الرجل على ممارسة العملية الجنسية.
ويُعَدُّ عُقم الرجال من الأمور الصعبة، حيث قد بلغت نسبة نجاح علاجه كما تذكر بعض الدراسات الإحصائية - (١٥%) في حين أن عقم النساء وصلت نسبة نجاح علاجه إلى (٥٠%).
أما مادة (عقر) في اللغة، فقد ذكر ابن فارس أن لها أصلين متباعد ما بينهما، وكل واحد منهما مطرد في بابه، جامع المعاني فروعه. فالأول: الجرح، أو ما يشبه الجرح من الهزم في الشيء، والثاني دال على ثبات ودوام. وأصل العقر في اللغة قطع الرجل، فكأنه قطع الولادة.
وعقر المرأة يعني أن رَحِمَها يعقد ماء الرجل، أو هو عجزها عن تقبل مني الرجل. وذلك ما يمكن تفسيره في الطب الحديث بأن حموضة المهبل تقتل الحيوانات المنوية بصورة غير اعتيادية، أو وجود تضاد بين خلايا المهبل والحيوانات المنوية مما يؤدي إلى موتها، أو أن إفرازات عنق الرحم تعيق ولوج هذه الحيوانات.
وتتعدد معاني هذه المادة في المعاجم اللغوية، ولكن هذا التعدد الدلالي لا يكاد يخرج عن الأصلين الذين ذكرهما ابن فارس في «المقاييس»، وقد تقدم ذكرهما، والذي يهمنا في هذا الباب هو عقر النساء الذي عليه مدار حديثنا . وهذا اللفظ مما يستوي فيه المذكر والمؤنث أيضاً، فيقال: رجل عاقر، وامرأة عاقر.
وقد سبق القول إن الجذر اللغوي لهذه اللفظة جاء في خمسة مواضع من القرآن الكريم كلها وصف لما فعله قوم صالح عليه السلام- بناقة الله من ذبح ونحر لها . والمتأمل للجذر اللغوي لكل من (عقم) و(عقر)، يجد أنه ثلاثي الأصل، رغم ما قد يبدو فيه من ثنائية.
وتفسير هذه الثنائية أن هاتين اللفظتين أصلهما العين والقاف (عق)، الذي ذكرت معاجم اللغة وما جرى مجراها أنه يدل على الشق والخرق، والحفر، والقطع) . وسبق أن ذكرنا الدلالة الأصلية المركزية بتعبير المحدثين لهاتين اللفظتين التي تتفق إلى حد كبير مع الدلالة العامة لمادة (عق) .
ولعل هذا ما دعا أحد الباحثين المعاصرين إلى القول بثنائية الجذر اللغوي لمادة (عقم)، وذلك بعد أن لاحظ وجود علاقة معنوية تربط بين الثنائي المضعف والثلاثي المشترك معه في حرفين . " والواقع أن هذه النظرة، بالرغم مما قد يبدو من منطقيتها في هذا المقام لا تستقيم في كل مادة من مواد اللغة، وهذا ما يحملني على القول بثلاثة الجذر اللغوي لهاتين اللفظتين.
وقد وردت هاتان اللفظتان - إحداهما أو كلتاهما في مؤلفات غريبي القرآن والحديث، مقرونتين بالمعاني المتعددة لهما، وكذلك في مؤلفات التصويب اللغوي، وبخاصة فصيح ثعلب والشروح التي عليه . كما أوردنا في المؤلفات الخاصة بالأفعال، من حيث ضبط فعليهما، ومصادرهما، ومعانيهما.
وقد تبين لي فيما اطلعت عليه من تلك المصنفات أن العلماء جمعوا بين هاتين اللفظتين في المعنى واشتراكهما في الدلالة الواحدة.
فهذا الخليل بن أحمد يذكر أن العقر: هو العقم، والذي يعني استعقام الرحم، وهو ألا تحمل.
ويؤكد هذا المعنى صراحة أبو بكر السجستاني (ت ۳۳۰هـ)، حيث يقول: «عاقر وعقيم: بمعنى واحد وهي التي لا تلد، والذي لا يولد له».
وذكر ابن فارس (ت ٣٩٥هـ) أنهم يقولون: لقحت الناقة عن عقر، أي: بعد حيال، كما يقال عن عقم.
وذكر أبو سهل الهروي (ت ٤٣٣هـ) أن لفظة العاقر مثل العقيم سواء، وهي التي لا تحبل ولا تلد، كما ذكر الزمخشري (ت ٥٣٨هـ) أنه يقال للمرأة العاقر معقومة، كأنها مسدودة الرحم، وفسر أبو حيان الأندلسي (ت ٧٤٥هـ) لفظ عاقر بقوله: عقيم لا يلد ولا يولد له.
وهكذا يبدو لنا من خلال هذه النصوص مدى اتفاق هاتين اللفظتين واتحادهما في الدلالة اللغوية، المعجمي منها والوظيفي، الأمر الذي يجعلنا نستنتج منه مبدئياً أن هذين اللفظين يُعدان من الألفاظ المترادفة في العربية ! . ولم تكن المعاجم الحديثة بعيدة عن هذا التصور، فهي تسوي بينهما أيضاً في المعنى.
على أن هناك بعض العلماء الذين ألفوا في المشترك اللفظي (Homonymy) أورد هذين اللفظين على أن كل واحد منهما مما يتفق لفظه ويتعدد معناه، وهذا يعني أنهما يقفان في الواقع اللغوي على النقيض من الاعتبار أو التصور السابق.
ومن المقرر في الدراسات اللغوية الحديثة أن قياس درجة التطابق (Range of application) بين الدلالتين المركزية والهامشية من خلال استعمال الكلمة يؤدي إلى وضوح الفرق بينهما، ومن ثم الحكم عليها بأنها من المترادفات أو لا . فإن كان التطابق تاماً بين الألفاظ أو الكلمات بحيث تقبل التبادل أو الاستعاضة بينها في أي سياق فذلك يعني الترادف الحقيقي (Absolute Synonymy)، وإن كان التطابق غير تام، بحيث يتفاوت استعمال الكلمة من سياق إلى آخر، فهذا يعني شبه الترادف (Near synonymy).
وما قيل هنا يجري على المشترك اللفظي أيضاً، سواء بسواء، فدرجة التطابق هذه تصلح معياراً في حالات المشترك اللفظي والترادف، بحيث إذا تطابقتا في الدلالة كان هناك ثمة ترادف أو اشتراك، أما إذا لم تتطابقا في الدلالة فليس ثمة ترادف أو اشتراك.
ونحن حينما نتأمل العبارة القرآنية والمغايرة بين ألفاظها، وإيثار بعض الألفاظ دون بعضها الآخر، ندرك أن وراء ذلك سراً بيانياً، وإيحاء دلالياً، ووجهاً إعجازياً، يدفع بالباحث إلى تتبعه، ومحاولة الوقوف على فقه أساليبه. وإزاء هذا لا يتأتى لنا - وإن جاز لغيرنا أن نفسر لفظة (عاقر) بـ (عقيم)، أو العكس وتسوي بينهما في الدلالات، ونغفل ما بينهما من إشارات؛ حيث صنيع القرآن يومئ إلى وجود فرق دقيق في المعنى بين اللفظتين، إضافة إلى أن الحس الراشد - كما يُسميه أستاذنا الدكتور محمد أبو موسى قد لا يقنع بهذا التفسير وهذه التسوية.
وفي ضوء ذلك، فإني أكاد ألمس في استخدام النص القرآني لهاتين اللفظتين أن كلمة (عقيم) ذات مدلول أوسع من كلمة (عاقر)، فهي أعم دلالة، في حين أن (عاقر) ضيقة الدلالة.
وبيان ذلك أن العقم مرض يقع على الجنسين من الرجال والنساء، يوصف به من كان كذلك منهما. وهو في واقعه الطبي إما أن يكون أولياً، بمعنى أن تكون المرأة لا تستطيع الحمل أصلاً، أو أن يكون الرجل في أصله غير مهيئ للإنجاب، لأسباب تتصل بأعضاء التناسل في كل منهما، وهذا كما يذكر أطباء العقم - من الصعوبة بمكان علاجه إلا عن طريق التلقيح الصناعي أو ما يعرف بطفل الأنابيب.
وإما أن يكون ثانوياً، بمعنى أن يحدث لهما إنجاب ثم يفقدا قدرتهما التناسلية على ذلك، وهذا أكثر قابلية للشفاء، وفي كل هذا ما يدل على عمومية الدلالة في هذه اللفظة. أما لفظة (عاقر) فيظهر لي أنها تُطلق أكثر ما تطلق على النساء، فهي وصف خاص بهن فحسب.
وهذا التصور لم أجد أحداً من العلماء فيما وقع بين يدي من مصادر - أشار أو تنبه إليه سوى بعض المعاصرين المهتمين بتفسير القرآن الكريم، حيث ذكروا في تفسير قوله تعالى: {قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ . . }، أن العاقر وصف خاص بالنساء ولا يوجد في الرجال، ولذا يقال عاقر ولا يُلبس"). مما يعني أنه لفظ وضع خاصاً لمعنى خاص . هذا شيء، وشيء آخر أن هذه اللفظة توحي دلالتها بعدم الإنجاب مطلقاً، واستحالة الحمل والولادة.
وفيما تقدم نلمس خصوصية دلالة هذه اللفظة، وهذا ما يجعلني أميل إلى القول بأن هاتين اللفظتين ليستا مترادفتين ترادفاً تاماً، بحيث يحملان الدلالة نفسها في أي سياق لغوي، بل هما أقرب ما يكون إلى شبه الترادف، أو الترادف غير التام (Incomplete synonymy)، فاللفظتان بينهما تقارب في المعنى إلى درجة الإلباس، دون أن يتحدا فيه.
وهكذا نرى أنه يمكن القول: إن بينهما عموماً وخصوصاً وجهياً -كما يقول المناطقة - فهما يلتقيان في المدلول العام، وتنفرد لفظة (عقيم) بالدلالة الواسعة، في حين تنفرد لفظة (عاقر) بالدلالة الضيقة، فكل عاقر عقيم، وليس كل عقيم عاقراً.
وبعد، فهذا ما اتضح لي في هذه الدراسة الأسلوبية واللغوية للنص القرآني، فإن كان صواباً ما كشفت عنه دراستي، أو كان قريباً منه وآمل أن يكون ذلك كذلك، فهو فضل من الله ونعمة، وإن كان غير ذلك فحسبي أنني مجتهد في رحاب القرآن ينشد الحقيقة التي هي ضالة المؤمن، ويبتغي ما عند الله من أجر وثواب.
وأختتم هذه المحاولة التي أقدمها على استحياء إلى المكتبة القرآنية -وأنا أعلم الناس بعجزي وقلة بضاعتي - بقول صاحب (مفتاح السعادة): ولعل العمر لو أنفق في استكشاف أسرار القرآن، وما يرتبط بمقدماتها ولواحقها، لانقطع العمر قبل استيفائها، وما من كلمة في القرآن إلا وتحقيقها محوج إلى مثل ذلك .... وأما الاستيفاء فلا مطمع فيه، ولو كان البحر مداداً والأشجار أقلاماً لنفد البحر قبل أن تنفد أسرار القرآن).
وهذا كله حق، فما من كلمة أو لفظة يختارها القرآن إلا وهناك سر يقف وراء هذا الاختيار ربما عرفناه فأخبرنا به وربما غمض علينا أو قصر إدراكنا عنه بعد أن نكون قد اجتهدنا في تحصيله، وحاولنا الكشف عن مخبوئه وخفيه، فلم نستطع الاهتداء إليه، والوقوف عليه.
والله أسأل أن يجعل من محبتي لكتابه، ورغبتي الجامحة في إدراك دلائل مفرداته وألفاظه، سبباً في تجنيبي خطل الرأي، وسطحية التأمل، ومزالق التأويل، وزلة القلم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله أولاً وآخراً .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق