أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 يوليو 2025

القدس المدينة والحكاية إعداد مؤسسة القدس بقلم: أ. محمد حنونة

القدس المدينة والحكاية

إعداد مؤسسة القدس

بقلم: أ. محمد حنونة

 

تمهيد: هذا الكتاب يُسلط الضوء على المدينة المقدسة، مدينة الخير والسلام، التي تتربع على عرش القلوب، حُباً مستمراً لا ينقطع، وقبلةً أولى صلى المسلمون إليها، وشرفاً تسابق الأخيار إلى الانتساب إليه، ومعرفةً تختصر التاريخ والحضارة، وذاكرةً ترسم خريطة الأمة ومستقبلها، وبركةً تنزل على من يُقدسها ويعرف قدرها، ولعنةً تحلُّ على من يخونها ويهملها.

هذه المدينة العريقة أنشأها اليبوسيون، ثم توافدت عليها الأمم والحضارات، واحدة تلو الأخرى، من أديانٍ شتى، وثقافات كثيرة، وطبقات متنوعة، فقصدها الفراعنة، والعبرانيون، واجتاحها الآشوريون، والبابليون، والفرس، واليونان، والرومان، وكان آخر عهد اليهود به سنة 135م، بعد أن أخمد الإمبراطور الروماني هادريان ثورتهم، ودمر معبدهم، وغيّر اسمها إلى "إيلياء".

وتوافد عليها الأنبياء عليهم السلام، فسكنوها، وأقاموا دعوتهم فيها، وقد هاجر إليها إبراهيم عليه السلام من أور، وهاجر آل يعقوب منها إلى مصر سنة 1656 ق. م، وعبر موسى البحر إليها لكنه توفي قبل أن يصلها عام 1227 ق. م. واتخذها نبي الله داود عليه السلام عاصمةً لدولته سنة 1004 ق. م. وخلفه عليها ابنه سليمان عليه السلام، وكانت موطناً لدعوة زكريا ويحيى عليهما السلام، ومن بعدهما المسيح عيسى بن مريم، ثم أسري إليها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

إلى أن فتحها المسلمون صُلحاً سنة 636 م بعد معارك طاحنة مع الروم كان أبرزها "اليرموك" سنة 15 هـ، وعلى إثرها تم فتح بيت المقدس، وتسلم مفاتيحها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وعقد لنصارى القدس "العهدة العمرية" في الجابية من سهل حوران.

وبقيت القدس تحت الحكم الإسلامي قرابة الأربع قرون ونصف، حتى احتلها الصليبيون سنة 1099م، بعد حملة البابا "أوربان الثاني" في حلم العودة إلى أرض المسيح، والتي دعا فيها إلى "إنقاذ قبر الرب" (كنيسة القيامة)، ووعد المشاركين في هذه الحملة بالغفران، وسفكت إبان ذلك الدماء، وقتل سبعين ألف قتيل في ساحات الأقصى، وعاثوا فيها تسعين سنة إلى أن حررها القائد صلاح الدين الأيوبي وفتحها بعد حطين في العام 1187م، وأمر بإغلاق باب الرحمة الذي كان شاهداً على هذه المذبحة، لأنه أول ما يواجه المدينة من جهتها الشرقية، ولا زال مغلقاً إلى اليوم.

ثم ارتد الغزو النصراني على المشرق العربي بعد انهيار الدولة العثمانية؛ وبدأت حملات الانتداب البريطاني تغزو بلاد مصر وفلسطين، وقد خلفت وراءها دولة إسرائيل، التي تربعت على أرض فلسطين، وتم احتلال القدس في العام 1948م، وطرد سكانها بمجازر مجنونة، لا تنمحي من الذاكرة المحزونة لهذه الأرض، ثم أعلن بن غوريون في العام 1949م أن القدس عاصمة الدولة العبرية.

ثم بدأت رحلة تهويد المدينة، من حفر أسفل المسجد، وتضييق على السكان، وهدم لمنازلهم وطردهم، وبناء للمستوطنات داخل المدينة، وحولها، وزرع سكان يهود بين بيوت العرب الفلسطينيين وبدأ ذلك في العام 1967م، وبلغ عدد المستوطنات في القدس أكثر من 30 مستوطنة. ثم جدار الفصل العنصري الذي ابتلع أكثر أراضيها، وفصل عائلاتها عن بعضهم البعض.

وقبل ذلك نشب نزاع على حائط البراق، تشكلت على إثره لجنة للتحقيق في هويته في العام 1930م، وقررت أن الحائط تعود ملكيته للمسلمين، وهو الذي ربط فيه النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم دابته "البراق" في رحلة المعراج، وقام بعد ذلك اليهود بهدم حارة المغاربة المتاخمة له، وحولوا مساحتها إلى ساحة للصلاة.

ويذكر الكتاب الفضائل الواردة في القدس وفي مسجدها الأقصى، ومساحته التي بلغت 144 دونماً، والبركة التي حلت في أرضها، وصلتها بالدين والخلافة ونهاية العالم، وموقعها الجغرافي، وما يحدها من الجبال، والأسوار التي تحيط بها، وأسماء الأبواب الموصلة إليها، ومكانتها في الأديان الثلاث، وطبيعة سكانها وأصولهم العرقية، وامتزاجهم في هذه المدينة العريقة، ويختم بأمنية "الفجر الجديد" الذي يأمل فيه بعودة هذه البلدة وما حولها إلى المسلمين، بعد تحريرها وإجلاء المحتلين عنها.

 

التحميل: اكتمل تحميل 743424 من 4003974 بايت.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق