الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني
د. محمد فتوح
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: في كتابه "الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني"، يقدّم د. محمد فتوح رؤية نقدية جريئة لظاهرة الالتزام الديني السطحي في مصر، ويربطها بصعود تيارات دينية تعتمد على الخطاب الانفعالي والعاطفي أكثر من العقل والعلم. ينتقد الكاتب ما يسميه "الشيوخ المودرن"، الذين يتّخذون من الدين سلعة رائجة في الإعلام والمناسبات الاجتماعية، ويوجهون خطابًا دينيًا ساذجًا يغذّي التعصب والتفرقة بدل أن يدعو للتسامح. وهو إذ يرفض التقديس غير الواعي للصحابة، وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة، فإنه يرى أن ذلك كله يفتح الباب لصناعة بيئة خصبة للتطرف.
يركّز الكاتب كذلك على العوامل النفسية والاجتماعية التي تخلق الشخصية الإرهابية، ويصوغها في ثلاث دوائر من "الخواء": خواء المعدة، وخواء العقل، وخواء القلب. هذا الثلاثي – برأيه – يمهّد الطريق لاستقطاب الشباب من المهمّشين نحو التطرف والعنف. كما يسلّط الضوء على تفشي الخرافة في المجتمعات العربية، مشيرًا إلى أن إنفاق المليارات على الشعوذة والدجل ليس مجرد ظاهرة اقتصادية، بل انعكاس لعقلية مأزومة، عاجزة عن تبنّي خطاب علمي عقلاني حقيقي.
وفي نقده اللاذع للحركات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، يرى فتوح أن هذه الجماعات توظف الدين لتحقيق غايات سياسية، وتتبنّى نهجًا انتهازيًا يعتمد على "التقية" و"التحالفات المؤقتة" للوصول إلى الحكم. ويؤكد أن هذه التيارات، بخطابها الظاهري، تشوّه صورة الإسلام وتعمّق الانقسام داخل المجتمع، محذّرًا من استمرار تأثيرها ما لم يُجدد الخطاب الديني، ويُفصل الدين عن أدوات التسلّط السياسي والاجتماعي.
ونحن نخالف المؤلف في جُل كتابه إن لم يكن كله، لكن قد نتفق مع بعض القضايا التي يطرحها، والتي أسلط عليها الضوء سيما في نقده بعض الحركات الإسلامية، مثل كتابته تحت عنوان: كيف تصنع إرهابياً ناجحاً؟ ومثل: خمسة مليارات دولار تنفق على السحر والدجل والشعوذة. ومثل: مشكلة الحركات الإسلامية في تمثيل الشعوب، من الذي فوّضها بذلك
يقول المؤلف:
كل مقال، صفعة على وجه الزيف الذي نعيشه.. كل موضوع يدخل إلى أرض مزروعة بالألغام، دون خوف، وبإيمان راسخ أن ما يكتبه، هو بمثابة صرخة احتجاج مدوية، ترفض التفرقة بين النساء والرجال، تفضح المتاجرة باسم الدين، وتكشف اختراق الفكر الديني المتعصب، المتطرف، الإرهابي، لكل مجالات المجتمع، تمهيدا لخلق دولة دينية، وإعادة خلافة إسلامية لا تغيب عنها الشمس.
يقول أيضاً: تحت عنوان: "كيف تصنع إرهابياً ناجحاً؟"
بين كل صفحة من صفحات الكتاب، قنبلة تنفجر في وجه الزيف، والخوف، ورغبة تقليد القطيع.. وطاعة الموروثات دون تفكير. وهي الأسباب الرئيسية، للحالة المزرية التي وصلنا إليها، سياسياً، وثقافياً، وأخلاقياً، وحضارياً. من ملاحظاتي، وربما أكون مخطئاً.. أن الشخصية الإرهابية تتسم بثلاثة أنواع من « الخواء ».
أولاً: « خواء المعدة ».. فالإنسان الجائع، هو أول واحد يقف في طابور اليائسين.. المستعد لأن يفعل أي شيء، لكي يسكت آلام معدته الخاوية.. وإذا كان هذا الجائع، لا يرى إمكانية أن يأكل بكرامة، ويجد مصدراً منظماً للرزق بكرامة، له، أولاً، قبل أن يكون له ولأسرته، فإنه يصبح مؤهلاً للاستقطاب في أية أعمال إجرامية.. ثم إرهابية.. بعد أن أغلقت في وجهه، ألف باء الحياة..
ثانياً: « خواء العقل »... فالإرهابى الذى بدأ، بالاستجابة إلى احباطاته، وآلام معدته، وإنفلاق طموحاته، أصبح بالضرورة أيضاً، مغلق العقل.. لا قضية له، إلا المضي قدماً في الطريق الذي، حرضته عليه المعدة الخاوية، والإحباط الأسود، بنيته محدودة المعرفة والمعلومات.. موروثاته المستقاة من الذين استقطبوه، أو من ماضي.. مجتمعه، أكثر محدودية. هذا « الخواء العقلى ».. هو التربة السهلة الملائمة، لصناعة شخصية إرهابية.. قصيرة النظر.. تنساق بسهولة إلى الفكر المتطرف.. لأن التطرف هو نوع من أنواع الجهل، إن لم يكن أسوأ أنواع الجهل جميعها.. لأن الجهل وحده، والانغلاق، والمحدودية الفكرية هي التي تجعل الإنسان يعتقد أنه يملك الحقيقة.. وأن الصواب المطلق، هو ما يدور برأسه
ثالثاً: « خواء القلب ».. وأقصد به عدم القدرة للشخصية الإرهابية على إقامة علاقة سوية مشبعة، مع الجنس الآخر ( المرأة ). وهذا ما
يفسر لنا، كيف أن أعنف وأحد، وأشرس التعصب الذي يوجهه الإرهابي، هو ضد جنس النساء، بالتحديد. لا شيء يكرهه الإرهابي، أكثر من المرأة، لأنها تجسد له، فشل رجولته، وتعثر ذكورته في العلاقة العاطفية، والجنسية معها.. وبالتالي نجد أن جميع فتاوى المتطرفين،.. ورؤية الإرهابيين للمرأة، أن تتغطى من فوق لتحت.. وأن تمنع من كل الأنشطة المبهجة في الحياة.. وأن يلصق بها جميع الصفات السيئة المدنسة.. وأن تحرم من حقوقها، حتى تلك التي أقرتها لها الشريعة الإسلامية. بذلك هو لا يدافع عن الدين أو الشريعة أو يحمى من الفتنة، أو يحافظ على الأخلاق، ولكنه « ينتقم » من المرأة التي عجز عن إقامة علاقة حب أو علاقة عاطفية معها.. والتي أصبحت تمثل له « رمزا »، لفشله في الاستمتاع بأجمل ما في الحياة... أن يحب امرأة وتحبه في المقابل امرأة ».
خواء المعدة »، « خواء العقل »، « خواء القلب ».. هذه هي الثلاث خواءات » التي تميز كل متعصب.. إرهابي.. متطرف.. ولابد أن يكون لنا، وقفة معها.. مع كل خواء منها، حتى نقضى على صناعة الإرهابي الناجح.. محلياً وعالمياً
ويقول المؤلف تحت عنوان: خمسة مليارات دولار تنفق على السحر والشعوذة والدجل
قرأت في إحدى المجلات العربية، خبراً استوقفني كثيراً، وأفزعنى أيضاً، يقول الخبر أن إحصائية حديثة أوضحت أن المجتمعات العربية تنفق سنوياً خمسة مليار دولار على السحر، والجن والشعوذة، والعلاج بالخرافات، والغيبيات، وإحجبة، ووصفات ما يطلقون على أنفسهم « أولياء الله... أو الشيوخ « المكشوف عنهم الحجاب »، أو الذين أوتوا قدرات خاصة، غير عادية، لشفاء الأمراض، وعلاج الأزمات التي يقف أمامها الطب عاجزا
أفزعنى الرقم، خمسة مليار دولار سنوياً تهدر على الدجل والسحر والشعوذة، في مجتمعات مازالت مشكلة الفقر تهدد مصير الملايين فيها، وافتقاد الاحتياجات الإنسانية الأولية، يمثل انتهاكاً، لحقوق الإنسان الأساسية. وفى مجتمعات يكثر فيها الحديث، عن محدودية الموارد، وضرورة ترشيد الإنفاق سواء للأفراد أو للحكومات، وضرورة التعجيل في إجراءات للإصلاح السياسي والاجتماعي، والثقافي، وحتمية تجديد الخطاب الديني وأهمية انتشار العقلية العلمية، مقابل العقلية الخرافية
هذه كلها إجراءات إصلاحية، تبدأ فى رأيى، بالعقل العربي.. كيف يفكر الملايين في المجتمعات العربية الإسلامية، وحوله ما لا يحسد عليه من تحديات محلية، وإقليمية، ودولية.
من هنا أقول إن خمسة مليار دولار، تنفق سنوياً على السحر والدجل والشعوذة، حقاً رقم مفزع.. ولكن الذي يفزع أكثر، دلالة هذا الرقم،
الخطر الحقيقي، هو في كشفه للعقلية العربية، وفضحه لطريقة التفكير في عام ٢٠٠٥
لا أعتقد أن المجتمعات التي تنفق خمسة مليار دولار سنوياً، على السحر والدجل والشعوذة، مؤهلة لأن تواجه التحديات وتنتصر عليها، ولديها المقومات الفكرية للأخذ بمقومات الإصلاح السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والديني، والأخلاقي
لست أريد الخوض في تصور المشروعات التنموية البديلة والتي كان يمكن لها، أن تعود بالنفع والفائدة باستخدام الخمسة مليار دولار سنوياً لكنني أريد التركيز، على قضية مثارة حالياً، وهي أن على مجتمعاتنا العربية الإسلامية، واجب تصحيح صورة الإسلام « المغلوطة » و « المشوهة، عن جهل أو عن عمد.. وتم الاتفاق على إرسال قوافل أو وفود من المؤسسات الدينية الرسمية، على أعلى مستوى لتجوب وتلف العالم، وتعطى المحاضرات والندوات، عن وجه الإسلام الصحيح، وتكذيب الإشاعات التي تحاك ضد المسلمين، وإحباط المؤامرة التي تخطط للنيل من الإسلام، ومن صورة المسلمين. وكذلك عقد المؤتمرات الإسلامية العالمية، لفضح كيف يتعمد الغرب وحلفاؤه، تشويه وتجريحصورة المسلمين، ومحاولاته الدؤوبة لإظهارهم متخلفين.
أعتقد أن مجتمعات تنفق خمسة مليار دولار سنوياً على السحر والدجل والشعوذة، هي التي تشوه صورتها بتصرفاتها، التي من افرازات نمط التفكير السائد، وحصاد الثقافة السائدة، المجتمعات التي تؤمن بالسحر والدجل والشعوذة، في علاج الأمراض، وشفاء الأرواح،
والقدرات الخارقة للشيوخ، ليست في حاجة لمن يشوه صورتها، ويخطط لها مؤامرة، ويدبر لها الإشاعات.. تصرفات مجتمعاتنا تتحدث عن نفسها، وليس هناك « دخان بدون نار » على رأى المثل الشعبي الشهير.
نحن نتآمر ضد أنفسنا، ونشوه صورة أنفسنا بأنفسنا، وفي الوقت نفسه نضع العيب على الغرب، والفكر التآمرى الخارجي
إن أي إصلاح مأمول، مصيره التعثر والفشل، أو التحقق بشكل سطحى مؤقت، لا يلبث أن يمسح ويمحى، إذا لم تتغير العقلية العربية الدينية، والتي كانت إحدى كوارثها، إهدار خمسة مليار دولار سنوياً، على ترسيخ العقلية الخرافية، وثقافة الغيبيات، وتحكم الشيوخ الدجالين.
إن هذا الرقم المفزع، لهو من حصاد الإعلام الديني المسطح، والسماح بالخطاب الدينى للمتطرفين إسلامياً، وترك الأرض ممهدة لاختراق التيارات الإسلامية ذات الوجه الدموى.. وفكر الجهاد المبنى على القتل والانتهازية، وعنصرية عقيدة ليس لأحد الفضل في اختيارها، وعدم اليقظة الكاملة والمستمرة أمنياً وفكرياً للتيارات والجماعات الإسلامية، بحيث انتشروا فى الجامعات، والنقابات، والجمعيات، ووسائل الإعلام المختلفة، والمصالح الحكومية، والمدارس، والمواصلات العامة، والأنشطة الثقافية والرياضية، وأيضاً اخترقوا عددا من المؤسسات الدينية الرسمية، التي تأثرت بما يفتونه من فتاوى رجعية، وتفسيرات تحرض على كراهية الآخر، واتخاذ العنف طريقاً، وترويج الإسلام هو الحل »، والتحريض على تكفير الناس
۱۱ - لا مستقبل للإخوان المسلمين على أرض مصر
منذ إنشائها فى الإسماعيلية على يد حسن البنا، في ۲۸ مارس ۱۹۲۸، وحتى الآن، لم تغير جماعة الإخوان المسلمين، شيئاً من دوافعها وأساليبها وأهدافها، ومن الأخطاء الكثيرة والعديدة التي ظلت ملتصقة بفكر هذه الجماعة منذ ۱۹۲۸ وحتى ۲۰۰۵، رغم أنها عاصرت الحياة السياسية المصرية وجوهر الشعب المصرى على مدار ٧٧ عاماً، إلا أنها مازالت تعتقد أن مصر ستكون مقررًا رئيسياً لإقامتها، وأن الشعب المصرى تحت ضغط الأزمات السياسية والاقتصادية المتراكمة، سوف يقبل « الإخوان المسلمين » حكاماً على أرضه
بل إن الإخوان المسلمين، ويعتبر هذا من إفرازات فكرهم المنغلق، القاصر، يزداد اعتقادهم بأن لهم مستقبلاً مزدهرا على أرض مصر، وأن المسألة فقط هي مسألة وقت لكى يحتلوا الشعب المصرى، الإخوان قادمون « قادمون »، هذا هو إيمانهم الراسخ، ودفعهم هذا الإيمان إلى العمل بدأب وصبر دون ملل أو كلل لتجميع صفوفهم وتنظيم أعضائهم والنزول إلى الناس فى التجمعات الجماهيرية واستغلال كل فرصة أو كل مصادفة لبث سمومهم، وإن كانوا قد نجحوا، فالسبب أن سمومهم مغلفة بالعسل الحلو وسط شعب ذاق مرارة عصر وراء عصر، شعب لديه حساسية خاصة تجاه الإسلام وهيبة اللغة الدينية
إذا أحس الإخوان المسلمون أن من مصلحتهم في وقت ما الاختفاء
والكمون والتراجع فعلوا ذلك، وإذا استشعروا أن هناك من الأزمات والقلاقل والبلبلة والثغرات خرجوا من الكمون، وأعادوا دراسة الواقع ودخلوا إلينا من كل ثغرة ممكنة، إن الانتهازية هي « الدينامو » الذي يحركهم ويحدد مساراتهم، وتتباين درجات الانتهازية وتكون ذروتها أمرين لا غنى عنهما.. الأول هو مبدأ « التقية »، والثانى هو مبدأ « التحالف » التكتيكي.. أى الوقتى مع تيارات يخالفونها ويعادونها ويضعون قيادتها على قوائم الاغتيال.. لكنهم وفقاً للانتهازية يتغاضون عن ذلك لأن تحالفهم المؤقت، سيكسبهم أرضاً جديدة أو يدعم من موقفهم.
إن فكر جماعة الإخوان المسلمين يسمح لهم بالقيام بكل سلوك لا هو من الضمير الإنسانى ولا هو من جوهر أي دين، ولا هو من محبة الوطن الذي يأكلون من خيراته ويرعاهم بينما هم يدمرونه، ويفرقونه بأخطر شيء، وهو الدين « كل شيء مباح، مادام سيختصر الطريق إلى مقعد الحكم، والسيطرة، هم يؤمنون بالمبدأ الميكيافيلي « الغاية تبرر الوسيلة » والوسيلة المعتمدة رسمياً من قياداتهم على مر التاريخ، هي الاغتيالات وسفك الدماء وخطط الخراب والتفجير وإشاعة فتاوى معتمة وبث روح الخوف والإرهاب وتمجيد الشكليات الدينية وكراهية الناس الذين يخططون لحكمهم بالسيف.. كل هذا حلال، لأن الغاية بالنسبة إليهم أنبل الغايات ألا وهي الجهاد لنشر دين الله وكلام الله.. وفي الحقيقة هو جهاد لنشر دينهم هم الخاص، كلام الله برىء من العنف والسيف والتحكم باسم الدين وتخويف الناس وتدمير الأوطان تحت اسم حماية الأوطان.
وعُدّت جماعة الإخوان المسلمين الحكومة بأن تهدئ من أنشطتها وتقلص حركتها مقابل شرطين أساسيين.. الأول: أن تسمح لهم بإقامة حزب « مدنى ». والثاني: هو الإفراج عن عدد من كوادرهم.. ولست أفهم كيف وهم الجماعة المؤسسة « دينياً، وغايتها إمارة إسلامية ممتدة، والتي لا تفعل شيئاً إلا التحدث باسم الدين وباسم الله وكلام الله وتعاليم الله والثوابت الدينية والشريعة الإسلامية والسنة النبوية والغزوات التاريخية تحت علم الإسلام.. وتحويل اللغة « المدنية » التي تعترف بالصواب والخطأ إلى لغة « دينية » ليس فيها إلا الحلال والحرام وصغائر الذنوب والكبائر وعقاب الله، وغضب الله.. كيف يمكن لهذه الجماعة أن تصبح بقدرة قادر « « حزباً مدنياً » !.
أليس وضع الشروط لتهدئ من أنشطتها وحركتها أكبر دليل على استمرار الانتهازية وسياسة الصفقات واستغلال الفرص ومبدأ التهديدات الإرهابي ؟.
إن الشعب المصرى لن يسمح لهذه الجماعة بالحكم والسيطرة مهما كان عددهم ومهما كانت قوة تنظيماتهم.. والشعب المصرى لن ينسى تحت وطأة أى أزمات أنهم أصحاب الاغتيالات وسافكو الدماء على أرض شعب مسالم.. لن يسمح الشعب المصرى لأى جماعة أخرى تؤسس على الدين بالحكم، فالشعب المصرى بالفطرة لا يجعل الدين آداة للتفريق بين أبنائه وأداة لأهداف شخصية تبدأ بالحكم والسيطرة على السياسة والاقتصاد والثقافة.
وكتب المؤلف: تحت عنوان: الإخوان في مصر ينوبون عن من ؟
إن الإخوان مصرون على عدم التعلم. من التاريخ ومصرون على تمزيق وحدة المجتمع المصرى، على أساس الدين، ومصرون على أنهم المبشرون الأصلح لتطبيق شرع الله وأحكام الإسلام وتعاليم الدين أكثر من هذا، في هجومهم الأخير على الحكومة، يقولون إنهم سيواصلون « الجهاد » و « المعركة » حتى ينال « الشعب المصرى حقوقه »..
هل الإخوان يخوضون معركة الجهاد ويعدون الحملات ويرتبون المظاهرات ويجندون الناس، وينشرون الفتن، ويتلقون التمويل الخارجى، ويبثون الإرهاب، ويشوهون الإسلام، ويضعون سيناريوهات اختراق العقول، وينتهزون الفرص لبث سمومهم، ويتعاونون مع التيارات الدينية، كل هذا وأكثر من أجل « أن ينال الشعب المصرى حقوقه، كما قالوا أخيرا !.
إنها كذبة أخرى تضاف إلى قائمة الأكاذيب المفضوحة التي يمارسونها منذ تأسيس جماعتهم عام ١٩٢٨ ربما كانوا يقصدون، أنهم سيظلون فى معركة الجهاد، حتى « ينال الشعب المصرى حقوقه في تجربة الحكم بالسيف، والكذب والسكاكين، وسفك دماء أي معارض، والغرق في بحور الدم التي تستهويهم ».
بأى حق يتكلمون بالنيابة عن الشعب المصرى ؟ بأى حق « ينصبون أنفسهم أوصياء » على حقوق الشعب المصرى ؟ بأى حق يتصورون أن الشعب المصرى بهذا القدر من السذاجة، حتى يصدق جملة لا محل لها من الواقع، وغريبة ومريبة. وتلوى عنق الحقيقة ؟
بأى حق يخوضون حربهم هم أى الإخوان المسلمين، ويدعون أنها حرب الشعب المصرى كله ؟ إلا إذا جاءتهم معلومات من مصادر موثوق بها، عالية المستوى أن الشعب المصرى لا قدر الله قد أصبح كله إخوانجي» ؟! حاشا لله ألف مرة.
إنهم يلعبون على أوراق عدم التطبيع مع إسرائيل، ويلعبون على ورقة الرفض المطلق للتدخل الأمريكي، ويتاجرون باحتلال المقدسات مثل المسجد الأقصى.. ويلعبون بأية ورقة مؤقتة، يمكن أن يربحوا بها، ولو شخصاً واحداً.. كل هذا، ليس من أجل أن ينال الشعب المصرى حقوقه، ولكن من أجل أن يحكموا الشعب المصرى، ويخنقوا صوته وحضارته المستنيرة.
إن مشكلة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ليست فقط في أنها محظورة، بالفعل دستورياً وأمنياً، وأنها تخطط للهجوم المستمر المتجدد على الدولة والبحث عن شرعية مستحيلة، وأنها لا تفهم أن ألاعيبها السياسية مكشوفة، مثل نيابتها عن الشعب، وتمثيل دور الضحية التي يعتدى عليها ويعتقل أفرادها، دون وجه حق.. تصوروا دون وجه حق ؟! شيء غريب حقاً لكن أيضاً وبشكل أساسي إن أفكارها ضد سنة الحياة، وطبيعة البشر، وقانون التجدد والتحسين والتطور، وكلها مهما طال الوقت سوف تسود لأنها تنسجم مع الحرية، والاستنارة، والعدالة، والتسامح، والمحبة، وعدم الزج باسم الله للسيطرة. وهذه كلها أمور لا يعرفها قاموس الإخوان المسلمين، قانون الحياة أكبر منهم... ليتهم يعرفون هذه الحقيقة البسيطة
وكتب تحت عنوان: الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني:
الشهرة، والنجومية الآن، لم تعد وقفاً على المطربين والمطربات، الممثلين والممثلات، نجوم ولاعبى كرة القدم، والراقصات. بل زاحمهم فئة جديدة هم الشيوخ الشبان أو الشيوخ « المودرن ».
هم مودرن من حيث المظهر، يرتدون البدلة العصرية، بدون لحى، فقط بعضهم لا مانع من أن يطلقها قليلاً. منهم من ينطبع، وتفترش على جبهته « زبيبة الصلاة »، ليؤكد لنا ورعه، وصلاحه، واستحقاقه لكلمة « شيخ ». هؤلاء الشيوخ المودرن يتخذون من الدين الرسلامي بضاعة، يسوقونها بطريقتهم، وبأسلوبهم الخاص، فتارة ينفعلون، ويتشنجون إلى درجة البكاء، وتارة أخرى يسخرون، ويبتسمون، ولا مانع من إطلاق طرفة هنا، ومزحة هناك.
أما أماكن تواجدهم فهى فى فنادق الخمس نجوم، حيث مناسبات زواج أبناء وبنات رجال الأعمال، فنجد أحد هؤلاء الشيوخ المودرن قد حضر ليبارك هذا الزواج على طريقته. نجدهم أيضاً في بيوت الفنانين والفنانات، المعتزلين منهم والمعتزلات، حيث الجلسات الدينية الخاصة وفي فترة سابقة كنا نجدهم في النوادي الكبيرة، حيث الصالات المكيفة أو القنوات التليفزيونية، الأرضية منها والفضائية، فهم فيها ضيوف دائمين. لقد وجد هؤلاء الشيوخ المودرن، الطريق أمامهم ممهدا، فرياحالأسلمة تهب من كل اتجاه، فإنبروا يتحدثون عن الإسلام، وباسم الإسلام، سواء يعرفون، أو لا يعرفون، يفهمون أو لا يفهمون. فكل من قرأ منهم كتابين في الدين والسنة، نصب نفسه شيخاً، وخرج علينا بمظهره الجديد - يعظنا، ويهدينا إلى الصراط المستقيم.
ويتصف خطابهم الديني بالمبالغة الشديدة، فهم يحملون المعاني القرآنية والنبوية أكثر من معناها، ويخلعون هالة من التقديس على الصحابة، فهم في نظرهم قوم معصومون من الخطأ، ومن يحاول أن يجتهد، ويقول أن هؤلاء بشر، قد يصيبوا، وقد يخطأوا، يكون في نظرهم قد خرج عن صحيح الدين.
إنهم يؤكدون، ويشددون على أن الإسلام هو الدين الوحيد على الأرض الذي يمتلك الصواب، أما الأديان الأخرى فهى على ضلال. وهنا أتساءل، هل يختار الإنسان دينه ؟ أم أنه يرثه عن أسرته التي ولد فيها ؟. إن من يولد في أسرة يهودية يصبح يهودياً، ومن يولد في أسرة مسيحية يصبح مسيحياً، وكذلك في الإسلام. أما من يفكر ويتأمل، ويقرأ الكتب الدينية المختلفة، مقارناً بينها، متفحصاً إياها، ثم يختار ديناً معيناً، فهذه حالات نادرة. أما الأعم الأغلب أن الإنسان يرث دينه ولا يختاره.
هذه حقيقة وإن أنكرها البعض. إن عدم فهم هؤلاء الشيوخ المودرن لهذه الحقيقة وهذا المنطق، يؤدى إلى إثارة العداوة والتعصب والحقد إزاء الأديان الأخرى بدلاً من التسامح، والتآخي، والعيش في سلام.
واتساقاً مع كونهم شيوخاً مودرن، فهم ليسوا في عداء مع العلم، ولكن أي نوع من العلم. إنه العلم الذي يصبح فيه المسلم طبيباً عالمياً، وعالماً في الذرة... إلخ، ألا يفتح ذلك الباب إلى القول بجراح مسيحى، وعالم فضاء يهودي... وهكذا. إنهم يفتحون الأبواب التي تثير الخلافات والفتن، والتفرقة بين البشر. وذلك بسبب سذاجة، وتسطح خطابهم الديني. إن العلم ليس له دين، بل هو مشاع، ومتاح لكل من يبحث ويجتهد بغض النظر عن ديانته.
إنهم ينصبون من أنفسهم أوصياء على الناس، وخاصة المرأة، فيرسمون لها الطريق من تحت عباءة الدين الإسلامي، ويأتون بالفتاوى التي تحدد خطواتها في كل شيء. فأحدهم يصدر فتوى باعتزال المرأة للفن، ثم يتراجع مؤخرًا، ويتحدث عن فن إسلامي يمكن للمرأة أن تشارك فيه.
إن منطق خطابهم الدينى ينم عن عجز واستسهال، حينما يبحثون عن حلول المشكلات الحاضر بالرجوع إلى الماضي. إنهم لا يدركون أن كل عصر يفرز مشكلات مختلفة عما قبله، وبالتالي فالحلول تختلف وتتغير من عصر إلى آخر.
إن الشيوخ « المودرن » يمثلون ظاهرة كلامية، صوتية، تشنجية، ترتدى ثوب الدين وتركب موجته كى تتربح، وتتكسب غي حساب البسطاء من الناس.
أيها الشيوخ « المودرن، هل نحن في حاجة إلى محرضين جدد يشعلون نار الكراهية، والتعصب، ونبذ الآخر من خلال التطرف الديني أكثر مما نحن فيه الآن. ألا يكفيكم تلك الصورة المشوهة للإنسان العربي المسلم التي سادت وانتشرت في العالم كله، حيث أن كلمة « مسلم » تعنى إرهابي في بعض الدول الأوروبية وأمريكا.
إنكم تدعون إصلاح المجتمع والأمة، وهذا لن يحدث من خلال خطابكم القاصر، الذي يدس السم فى العسل، ويسعى إلى دغدغة المشاعر الدينية لدى الشباب والشابات. بل من خلال التحول إلى مجتمع منتج، مبدع، مبتكر، متطور، يؤمن بقيمة الإنسان وإرادته. إن الأمة الجديرة بالاحترام هي التي تنتج طعامها، وتمتلك القدرة والعلم، والقوة هذه هي بعض مقومات تقدم الأمم ورقيها. أما الهوس الديني والتشنجات، والصراخ، والبكاء لا تفرز إلا التخلف والتعصب والتطرف، ونفى الآخر.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق