أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 25 يوليو 2025

المهدي المنتظر لأبي الفضل عبد الله بن الصديق الغماري بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

المهدي المنتظر

لأبي الفضل عبد الله بن الصديق الغماري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: هذا جزء حديثي نفيس، لا ينبغي لمن يشتغل بعلم الحديث أن يتغاضى عنه أو يهمله، وهو يتناول الأحاديث التي ذكر فيها الإمام المهدي عليه السلام، والتي بلغت مبلغ التواتر، بحيث يفسق من ردَّها أو تنكر لها، ولعل أهمية هذا الجزء تنبع من كثرة حديث الناس عن الإمام المهدي، وكثرة الخوض في أحاديثه بغير هداية، بالإضافة إلى اختلاف فرق المسلمين في المهدوية، وظهور أدعياء المهدية بين الفينة والأخرى.

وأما أحاديث المهدي عليه السلام؛ فمتفق على تواترها بين حفاظ الحديث ونقاده، فقد قال الحافظ أبو الحسين الأبري في (مناقب الإمام الشافعي) ما نصه: تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بمجيء المهدي عليه السلام، وإنه من أهل بيته، وإنه يملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتل الدجال، وإنه يؤم هذه الأمة وعيسى عليه السلام خلفه في طول من قصته وأمره" اهـ.

ونقله القرطبي في (التذكرة)، والحافظ ابن حجر في (الفتح)، والحافظ السخاوي في (فتح المغيث)، والحافظ السيوطي في العرف الوردي، والمحدث الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في شرح المواهب، وشارح الاكتفاء وغيرهم وأقروه عليه.

وقال المحدث الناقد أبو العلاء السيد إدريس بن محمد بن إدريس العراقي الحسيني في تأليف له في المهدي عليه السلام ما نصه: أحاديث المهدي متواترة أو كادت، وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد" اهـ.

وقال الشوكاني في تأليف له سماه (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح) ما نصه: "والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها: منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً، لها حكم الرفع، إذ لا محال للاجتهاد في مثل ذلك" اهـ.

وقال المحدث أبو الطيب صديق بن حسن الحسيني البخاري القنوجي ملك "بهبال" في كتاب (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة) ما نصه: "والأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جداً، تبلغ حد التواتر، وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد"، وقال أيضاً بعد كلام له ما نصه: "وأحاديث المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار" اهـ.

وقال العلامة أبو عبد الله محمد جسوس في (شرح رسالة ابن أبي زيد) ما نصه: "ورد خبر المهدي في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر" اهـ.

وقال العلامة الشيخ محمد العربي الفاسي في (المراصد): وما من الأشراط قد صح الخير به عن النبي حق ينتظر، ثم ذكر جملة منها إلى أن قال:

وخبر المهدي أيضاً وردا ...  ذا كثرة في نقله فاعتضدا

قال شارحه المحقق أبو زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي في (مبهج المقاصد): "هذا أيضاً مما تكاثرت الأخبار به، وهو المهدي المبعوث في آخر الزمان، ورد في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر " اهـ.

وقال السفاريني في عقيدته المسماة بـ الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية):

وما أتى في النص من أشراط … فكله حق بلا شطاط

منها الإمام الخاتم الفصيح … محمد المهدي والمسيح

وقال أيضاً في شرحها: كثرت الأقوال في المهدي حتى قيل: لا مهدي إلى عيسى والصواب الذي عليه أهل الحق: إن المهدي غير عيسى، وإنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عُدَّ من معتقداتهم، ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه من طريق جماعة من الصحابة ثم قال: وقد روى عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم مما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" ا.هـ.

وممن نص على تواتر حديث المهدي عليه السلام شيخ بعض شيوخنا الإمام العلامة خاتمة المحدثين بفاس قطب الدين السيد محمد بن جعفر الكتاني، إذ أورده في كتابه (نظم المتناثر من الحديث المتواتر من طريق عشرين صحابياً، ونقل من نصوص العلماء نحو ما قلناه آنفاً ثم قال ما نصه: وتتبع ابن خلدون في مقدمته طرق أحاديث خروجه مستوعباً لها بحسب وسعه، فلم تسلم له من علة لكن ردوا عليه بأن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف روايتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر، وهي عند أحمد والترمذي وأبي داود وابن ماجه والحاكم والطبراني وأبي يعلى والبزار وغيرهم، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة، فإنكارها مع ذلك مما لا ينبغي، والأحاديث يشد بعضها بعضاً، ويتقوى أمرها بالشواهد والمتابعات، وأحاديث المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف" ا.هـ.

يقول الغماري المؤلف: "ونصوص العلماء في هذا كثيرة جداً، وليس غرضنا استقصاءها ولا التعرض لرد كلام ابن خلدون، إذ قد تصدى لذلك شقيقنا العلامة المحدث السيد أحمد في كتاب خاص سماه (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) نقض فيه كل ما أبداه ابن خلدون من المطاعن، وتتبع كلامه جملة جملة بحيث لم يترك بعده لقائل مقالاً، وإنما غرضنا أن نذكر أحاديث المهدي عليه السلام معزوة لمن خرجها من أئمة الحديث، وتكلم على أسانيدها تصحيحاً وتحسيناً وتضعيفاً بمقتضى القواعد المحررة في علمي الحديث والأصول حتى يصير تواترها ملموساً لكل أحد فنقول:

ورد ذكر المهدي عليه السلام من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وعلي بن أبي طالب عليه السلام، وأم سلمة رضي الله عنها، وثوبان رضي الله عنه، وعبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي رضي الله عنه، وأبي هريرة رضي الله عنه، وأنس بن مالك رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وعثمان بن عفان رضي الله عنه، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وجابر بن ماجد الصدفي رضي الله عنه، وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وقرة المزني رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما، وأم حبيبة رضي الله عنها، وأبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وعمار بن ياسر رضي الله عنهما، والعباس بن عبد المطلب عليه السلام، والحسين بن علي عليهما السلام، وتميم الداري رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، وعلي الهلالي رضي الله عنه، وعمران بن حصين رضي الله عنه، وعمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه، وعوف بن مالك رضي الله عنه وأبي الطفيل رضي الله عنه، ورجل من الصحابة، وقيس بن جابر عن أبيه عن جده، ومن مرسل سعيد بن المسيب، والحسن، وقتادة، وشهر بن حوشب، ومعمر.

هذا في المرفوعات دون الموقوفات والمقطوعات، وهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع؛ لأن الإخبار بالمغيبات كالمهدي عليه السلام مما لا محال فيه للاجتهاد فيحمل على الرفع.

قال الحافظ العراقي في الألفية:

وما أتى عن صاحب بحيث لا … يقال رأياً حكمه الرفع علا

ما قال في المحصول نحو من أتى… فالحاكم الرفع لهذا أثبتا

وبعد ترجمة موجزة للشيخ المحدث عبد الله الغماري رحمه الله، ذكر فيها محققه: اسمه ونسبه ودراسته وتدريسه وشيوخه من كافة الأقطار، وأهم مؤلفاته وتحقيقاته وفتاويه، ينقلنا إلى صلب الموضوع، ولعلي أقسم هذا الجزء في نقاط رئيسية:

الأولى: ذكر العلماء الذين قالوا بتواتر أحاديث المهدي، ونقل أقوالهم في ذلك.

الثانية: إجمال رواة أحاديث المهدي من الصحابة والتابعين، وعدتها من الأولين ثمانية وثلاثين ومن الآخرين خمسة، ثم تعرض لشيء من علم المصطلح وهو أن الحديث الموقوف الذي لا يُقال عن رأي، ولا هو مأخوذ من الإسرائيليات: له حكم الرفع؛ لأنه لا يُقال إلا عن توقيف، وناقش هذه المسألة نقاشاً علمياً رصيناً.

الثالثة: سرد الأحاديث تفصيلاً مع ذكر الصحابي أو التابعي الذي تنتهي إليه، وذكر من خرجها بأسانيدها، وذكر طرقها، واختلاف ألفاظها، مع حكمه على كل حديث غالباً، وقد يناقش نقّاد الحديث المتقدمين في بعض أحكامهم، وقد جعل لكل راوٍ منهم فصلاً مستقلاً.

الرابعة: بيان صفة الإمام المهدي المستفادة من الأحاديث سرداً، فيذكر: اسمه، ونسبه، وألقابه، ومولده، وهجرته، وحاله قبل الظهور، وحال الناس قبل ظهوره، وصفاته الخَلقية، والخُلقية، ومبايعته، وعدد من يبايعه، ومكان ذلك، وظهور أمره، وسنه عند ظهوره، ونصرته، وعلامات ظهوره، ورحلته بعد ظهوره، وغزواته، وفتوحاته، وإمامته، ومدة ملكه، وأعماله التي يقوم بها، وكراماته التي تشهد بصدقه، ولباسه، ووقته الذي يظهر فيه، ثم نزول عيسى ابن مريم في مدته، وقتاله الدجال، ثم وفاته، والحياة بعده.

الخامسة: ذكر بعض المسائل المتعلقة بالمهدي عليه السلام، وهي خمس مسائل نفيسة ينبغي الاعتناء بها، ومنها: كذب من ادعى المهدوية وهو مجرد من تلك العلامات، والكلام على حديث: (من كذب بالمهدي فقد كفر) وبين بطلانه، والكلام على حديث: (لا مهدي إلا عيسى) وقد ذكرتُ له ثلاث علل، والشيخ الغماري له تفصيل دقيق فيه، حتى بلّغها ستة أمور تكلم فيها عن سنده ومتنه، والكلام على بعض الروايات: أن المهدي يأتي من ناحية الغرب وبيان بطلانه، وأخيراً جملة من المسائل المتعلقة بالمهدي من بعض تلاميذ الشيخ رحمه الله.

الكلام على حديث: (لا مهدي إلا عيسى عليه السلام).

وأختم الكلام هنا بفائدة حديثية منقولة، وهي الكلام على الحديث الذي رواه ابن ماجه، والحاكم وغيرهما من طريق محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم). وهذا الحديث فيه علل:

الأولى: أن مداره على محمد بن خالد الجندي، وقد أجمع الحفاظ على ضعفه؛ إما لجهالته، أو لنكارة حديثه. (انظر التمهيد لابن عبد البر: 23/ 39، والعلل المتناهية -تلخيصها للذهبي ص 320، وتهذيب الكمال: 25/ 146، ومنهاج السنة: 4/ 102، وميزان الاعتدال: 3/ 535، وتقريب التهذيب ص 840، وكتب الرجال في ترجمته).

الثانية: أنه اضطرب في إسناده، فرواه مرة عن أبان بن صالح، ومرة عن أبان بن أبي عياش وهو متروك. (انظر: المستدرك للحاكم: 4/ 441، وتلخيص العلل المتناهية ص 321).

الثالثة: أن بعض الأئمة كالحاكم والبيهقي ذكر أن فيه انقطاعاً بين الحسن وأنس. (انظر: عقد الدرر في أخبار المنتظر؛ ليوسف بن يحيى المقدسي، ص 62).

الرابعة: أن ابن حجر نقل عن الأزدي قوله عن حديثه هذا: ولا يُتابع عليه، وإنما يحفظ عن الحسن مرسلاً، رواه جرير بن حازم عنه أ. هـ. (تهذيب التهذيب: 5/ 88).

لهذا فقد أجمع الحفاظ على تضعيف هذا الحديث؛ كالنسائي، والحاكم، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن تيمية، وابن القيم، والمزي، والذهبي، وابن حجر العسقلاني، والصاغاني، والشوكاني وغيرهم. (انظر: تلخيص العلل ص 320، ومنهاج السنة: 4/ 102، و 8/ 256، والمنار المنيف ص 148، وميزان الاعتدال 3/ 535، والقول المختصر لابن حجر الهيثمي ص 32)، والفوائد المجموعة ص 39)

الوجه الثاني: أن الأحاديث التي وردت في المهدي كثيرةٌ جداً رواها جماعة من الصحابة، والحديث الصحيح فيها كثير، ومن ذلك ما رواه أحمد، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا عوف عن أبي صديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً. قال: ثم يخرج رجلٌ من عترتي أو من أهل بيتيي ملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً) وهذا الإسناد رجاله رجال الشيخين.

"فائدة":

أخرج نعيم بن حماد في كتاب (الفتن) عنه عليه السلام قال: "المهدي مولده بالمدينة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم واسمه اسم أبي، ومهاجره بيت المقدس، كث اللحية، أكحل العينين براق الثنايا، في وجهه خال أقنى أجلى، في كتفه علامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج براية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مرط مخملة سوداء مربعة فيها حجر لم ينشر منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تنشر حتى يخرج المهدي، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم، يبعث وهو ما بين الثلاثين والأربعين".

وأخرج أبو نعيم في أخبار المهدي عنه عليه السلام قال : "إذا خرجت الرايات السود إلى السفياني التي فيها شعيب بن صالح، تمنى الناس المهدي، فيطلبونه، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويصلي ركعتين بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البلاء، فإذا فرغ من صلاته انصرف فقال: أيها الناس، ألج البلاء بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبأهل بيته خاصة، قهرنا وبغى علينا".

وأخرج نعيم بن حماد عنه عليه السلام قال: "المهدي" رجل منا من ولد فاطمة عليها السلام".

وأخرج نعيم بن حماد في كتاب الفتن) والحاكم في (المستدرك عنه عليه السلام قال: "ستكون فتنة يحصل الناس فيها كما يحصل الذهب في المعدن، فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم، فإن فيهم الأبدال، وسيرسل الله سبباً من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم، ثم يبعث الله عند ذلك رجلاً من عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أثنى عشر ألفاً إن قلوا، وخمسة عشر ألفاً إن كثروا إمارتهم أمت أمت، على ثلاث رايات، تقاتلهم أهل سبع رايات ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك، فيقتتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشمي، فيرد الله إلى الناس ألفتهم ونعمتهم، فيكون على ذلك حتى يخرج الدجال"، إسناده صحيح.

فإنه المهدي في الأرض، والمهدي في السماء"، وقال الحافظ أبو بشر الدولابي فيمن كنيته أبو الهيثم من كتاب الكنى والأسماء) : حدثنا أحمد بن شيبان الرملي قال: حدثني محمد بن حبيب الجدي بجدة عن خالد أبي الهيثم الطحان قال : ثنا مطرف عن ابن السفر عن شيخ من النخع قال : سمعت علياً عليه السلام يقول وهو على المنبر : "إني أرى أهل الشام على باطلهم أشد اجتمعاً منكم على حقكم، ووالله لتطئون هكذا وهكذا، ثم يضرب برجله على المنبر حتى يسمع صوته آخر المسجد، ثم ليستعملن عليكم اليهود والنصارى حتى تنفوا - يعني إلى أطراف الأرض ، ثم لا يرغم الله إلا بآنافكم، ثم والله ليبعثن الله رجلاً منا أهل البيت، يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً".

يقول الغماري: وأنت إذا تأملت في أحاديث المهدي عليه السلام وجدت أن ظهوره على الكيفية المذكورة ليس فيه ما تحيله العادة فضلاً عن العقل، بل هو من أمكن الممكنات، فمن لم يدن طبعه للتصديق بأحاديث المهدي عليه السلام وأبى إلا تأويلها فليؤول أحاديث الدجال، فإن فيها ما تحكم العادة باستحالته بخلاف أحاديث المهدي وليؤول أيضاً أحاديث نزول عيسى عليه السلام، فإن نزول شخص من السماء غير معهود، ولا يوافق عليه ما قرره أهل الهيئة، وليؤول أحاديث خروج يأجوج ومأجوج، وليؤول أحاديث الإسراء والمعراج، وليجعل الأحاديث النبوية ألعوبة بين يديه يؤول منها ما شاء على ما يقتضيه عقله الفاسد، فإن فعل ذلك فقد أضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً مبيناً.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق