أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 يونيو 2021

الأزهر إلى أين ؟ د. عبد الودود شلبي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الأزهر إلى أين ؟

د. عبد الودود شلبي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ ارتبط بناء الجامع الأزهر ببداية الدولة الفاطمية بمصر، فقد وضع المعز لدين الله الفاطمي حجر الأساس له في 14 رمضان في العام (359 هـ)، وأكمل بناء المسجد في 17 رمضان من العام (361 هـ)، وكان أول جامعٍ انشئ في مدينة القاهرة، وهو أقدم أثر فاطمي يُوجد في مصر. 

وسماه الفاطميون بـ"الأزهر" تيمناً بالسيدة فاطمة الزهراء، التي ينتسبون إليها كذباً وزوراً. وقد اهتمَّ به الفاطميون جداً؛ حتى جعلوه في العام (365 هـ) مدرسة لتديس مذهبهم الإسماعيلي ونشره في العالم الإسلامي.

ومع بداية الدولة الأيوبية -بقيادة صلاح الدين الأيوبي -ضعف دور الأزهر حتى توقف تدريس المذهب الإسماعيلي، وابتدأ تدريس المذاهب السُّنية الأربعة، وأُعيد الأزهر إلى نشاطه العلمي سنة (665 هـ) أيام السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، واهتمَّ بعمارته، فكان بمثابة العصر الذهبي للأزهر.

ثم قام العثمانيون بعدهم بالعديد من التوسيعات وإقامة المنشآت والقباب، وأسسوا له نظام "مشيخة الأزهر"، وتم تطوير الجامع الأزهر عبر العصور، ففي العام (1908م) أنشئ المجلس العالي لإدارة الأزهر بعضوية كل من "مفتي الديار المصرية، وشيوخ المذاهب الأربعة، واثنين من الموظفين في الدولة" وقسموا الدراسة إلى ثلاث مراحل: في كل مرحلة أربع سنوات، وهي المرحلة الأولية، والثانوية، والعالية. 

وفي العام (1930 م) صدر قانون إصلاح الأزهر الذي جعل التعليم ابتدائية لمدة أربع سنوات، وثانوية لمدة خمس سنوات، وكلية أصول الدين والشريعة واللغة العربية مُدة كل منها أربع سنوات إلى أن أنشئت جامعة الأزهر في العام (1961م) المعروفة، ويُعد الجامع الأزهر ثاني أقدم جامعة بعد جامع القرويين في المغرب.

وشرع المؤلف يُبين الفرق بين الأزهر قديماً، وبين الأزهر المُعاصر، الذي لم يسلم من محاولات التسييس من قبل أهل السلطة، في محاولة للتأثير على الصوت الديني، وكسب الجماهيرية الشعبية بما يحتله الأزهر من مكانة مرموقة في نفوس العامة، ولتمرير إملاءات المستعمر، والسكوت على المخططات الخبيثة التي تستهدف تراث الأمة وتاريخها.

ولا زالت الأزمة التي يعيشها الأزهر مستمرة والأعباء الملقاة عليه كبيرة، لا سيما إذا قورن بالواجب القانوني والدور التاريخي المناط به، لا سيما بعد أن أصبح الأزهر وظيفة حكومية لا تسمح لأصحاب العمائم بالتحرك أكثر من الحدود المرسومة لهم.

كما أن التعليم في الأزهر تراجع القهقرى كما يُصور لنا في لفتات كثيرة في هذا الكتاب، من إلغاء حصة القرآن الكريم، وتدهور مستوى اللغة بشكل فادح، ولا يعنيني التطرق لها كثيراً، فهذا أمرٌ ماثلٌ للعيان، وتعاني منه كثيرٌ من المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى حركات التنصير في جنوب أفريقية.

ويُبرز لنا المؤلف بعض ألوان الحياة العامة التي عاشها العلماء والدارسون في أروقة الأزهر وساحاته وبين أعمدته في الزمن الجميل، والتي تنوعت ما بين المهرجانات الثقافية، والاحتفالات الدينية، والدروس العلمية، والنقاشات المفعمة بالحفظ والفهم، حيث الأسماء الكبيرة "محمد مصطفى المراغي"، و"أحمد الدردير"، و"محمود شلتوت"، و"محمد أبو زهرة"،

مع ما كان يسود تلك المرحلة من الفقر الذي كان يدثر أكثر الطلبة؛ حيث كانوا يقومون بنسخ الكتب التي يعجزون عن شرائها من السُّوق! وما كانوا عليه من الحياء والعلم والأدب والإنصاف والإخلاص، 

ويُرينا كيف كان الأدب والرواية لها موقعها الخاص لدى الطلبة من روايات المنفلوطي، ومسرحيات وديوان شوقي، ووحي القلم للرافعي، ووحي الرسالة وآلام فرتر للزيات والتي كانت تمثل النُّزهة المعرفية التي يحطُّ بها الطلاب جزءاً من هموهم، وكان يحفظها بعض طلاب الأزهر عن ظهر قلب، مع رسائل الأحزان، وأوراق الورد، وغيرها.

وقد تمتزج بالخرافة أحياناً، وهيبة المكان أحياناً أخرى، والعاطفة الجياشة تجاه علمائه الذين تميزوا بالورع والزهد الحقيقي، بالإضافة إلى مواقفه الجريئة تجاه السلطان، وفتواه الحاسمة في القضايا الكبيرة، 

وسبب تأليف هذا الكتاب هو:

أولاً سلسلة المواقف التي اتخذها شيخ الأزهر "محمد سيد طنطاوي" من زيارته إلى أندية الروتاري، وترحيبه بالتطبيع مع إسرائيل. ومجاملاته على حساب العقيدة في موت بطريرك، بقوله: لقد مات حبيب الله وحبيب الشعب. وقبوله شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الإنجيلية التي تُعد أكبر مركز تنصير في مصر والعالم الإسلامي.

ثانياً: فتوى "طنطاوي" بجواز التبرع بالجثث، وجواز نقل الأعضاء بين الحي والميت. والتي جعلت من الموتى بضاعةً رائجة في سوق تجارة الأعضاء يُديرها الأطباء والتربية والحانوتية في تشريح الموتى بعد إخراجهم من قبورهم، بالإضافة إلى تجار المخدرات الذين يبحثون عن العظام البالية لطحنها وإضافتها إلى الهيروين.

ثالثاً: التراجع الكبير لدور الأزهر في تعليم اللغة والدين، وتضاؤل الإنتاج العلمي، وإلغاء بعض أعماله المهمة من نشر الإسلام خارج مصر، وإلغاء المجمع الفقهي، والذي يناقش المسائل الفقهية الكبرى، وما صدر عن كثير ممن ينسب للأزهر ممن تصدروا المشهد وأساءوا لعقيدة الأزهر ومواقفه، من أمثال رجاء جارودي، وحسن حنفي، وغيرهما.

وقد عانى المؤلف بسبب كتابه هذا وسيق إلى المحاكم، وأصبح الكتاب حديث الجرائد والمجلات، وكله آهات حول الأزهر، وعثراته التي أردت به في وادٍ عميق.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق