اتحاف المحبين بأحكام صلاة الأوابين
إعداد أبي الحسن الروقي العتيبي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة
تمهيد/ هذه ورقات وجيزة في بيان باب من أبواب الخير الوفير، يغفل عنه كثيرٌ من الناس، وهو باب صلاة الأوابين، وهم: الرَّاجعين إلى الله عز وجل بكثرة الطاعات، وكثرة الاستغفار بعد عمل السئيات: {إنه كان للأوابين غفوراً}، وهي صلاة الضُّحى.
وفيه بيان الفوائد المتعلقة بها؛ فذكر تسع فوائد: في بيان وقتها، وحكمها، وفضلها، وعدد ركعاتها "وأن أقلها ركعتان، ولا حدَّ لأكثرها على الصحيح"، وبيَّن أنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لثلاثةٍ من أصحابه "أبو هريرة، وأبو الدرداء، وأبو ذر رضي الله عنهم".
وأُضيف إلى ذلك: استحباب المداومة على صلاة الضُّحى ولو ركعتان، وأن قليلٌ دائمٌ خيرٌ من كثير منقطع، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها تصف حال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان أحبَّ العمل إليه ما دُووِم عليه وإن قل) /رواه الترمذي، والنسائي، عن عائشة وأم سلمة كما في صحيح الجامع: 4056/.
قال المُناوي في الفيض (1/ 165) مُبيناً سبب ذلك: "لأن النفس تألفه؛ فيدوم بسببه الإقبال على الحق، ولأن تارك العمل بعد الشروع فيه كالمُعرض بعد الوصل، ولأن المواظب ملازمٌ للخدمة، وليس من لازم الباب كمن جدَّ ثم انقطع عن الأعتاب".
وقال الماوردي في "أدب الدنيا والدين" (ص 108) مُفصلاً الحكمة من المداومة على العمل القليل: "إن الاستكثار من الزيادة:
أ. إما يمنع من أداء اللازم؛ فلا يكون إلا تقصيراً لأنه تطوعٌ بزيادة أحدثت نقصاً، وبنفلٍ منع فرضاً.
ب. وإما أن يعجز عن استدامة الزيادة، ويمنع من ملازمة الاستكثار من غير إخلالٍ بلازم ولا تقصير في فرض؛ فهي إذن قصيرة المدى، قليلة اللبث.
وقليل العمل في طويل الزمان أفضل عند الله -عز وجل -من كثير العمل في قصير الزمان؛ لأن المستكثر من العمل في الزمان القصير قد يعمل زماناً ويترك زماناً، فربما صار في زمان تركه لاهياً أو ساهياً. والمقلل في الزمان الطويل مستيقظ الأفكار، مستديم التذكار" أ. هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق