طرق أهل الباطل في نشر الخرافة
إعداد: د. إبراهيم بن محمد بن عبد الله البريكان
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالدمام
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ لا شك أن التعرف على أهل الباطل وأساليبهم في نشره بين الناس: من أعظم الأمور التي تُعين الشباب على معرفتهم وكشف مخططاتهم وإدراك خطرهم، وله دورٌ كبير في الحذر منهم، واجتنابهم سواءٌ كانوا طائفة أو جماعة أو طريقة أو مذهب فكري أو عقدي. لذلك يجب على المسلم أن ينتبه في صلته بالآخرين، ولا يصاحب أهل الباطل، فيندم يوم لا ينفع الندم.
ولا بُد للمسلم أن يعلم أنّ العقائد الصحيحة هي التي تصنع الأمم والجماعات، وتبني الدول والحضارات، وأنّ العنصريّات والقوميات والحزبيات تقوم على الأوهام والأمراض ورؤية الذات وتقديم المصالح الشخصية على مصالح الأمة والوطن.
فعلى المربين والمعلمين والموجهين والخطباء التركيز على قضية التربية الصحيحة للمسلم المرتكزة على دعائم متينة تتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية، تكون مصدراً لثبات النشء أمام هذه التيارات المنحرفة، والأفكار الهدامة، لذلك يجب مراعاة الجانب الإيماني والعقدي، لأنه يقوي اليقين ويثبت المسلم.
كذلك يجب علينا أن نعلم أنّ الصراع القائم بكل صوره وأشكاله هو في جوهره صراع بين الحق والباطل، وبين السُّنة والبدعة، وبين الحقيقة والخرافة، وبين الهدى والضلالة. (والخرافة هي: كل علمٍ فاسدٍ أو عمل منحرف) وهما متلازمان ولا بُد.
وهذه رسالة وجيزة بسيطة في بيان أهم الأسباب المُعينة على نشر الخرافة في رجاء محاربتها، والتصدي لها بالعمل والإيمان والعمل الصالح، وقد بيّن المؤلف أن الباطل يرد على النفوس من طريقين:
الطريق الأول: ضعف الفطرة أو ضعف الحق في النفوس وعدم استبانة معالم الخير والتقوى. ويمكن علاج هذا الأمر من خلال العلم النافع والإقبال على علوم الكتاب والسُّنة.
الطريق الثاني: قوة الباطل بما له من المواد التي تمُّده بالقوة من الهوى مطاع أو الشهوة عارمة، وبالتالي يؤدي إلى إفساد العمل. ويمكن علاج هذا الأمر بالعمل الصالح الذي يُمثل الماء الذي يغسل القلب والجوارح من آثام الهوى وأدران الشهوة.
من الأساليب التي يتبعها أهل الباطل في نشر خرافاتهم:
(أولاً) اتباع المتشابه في الكتاب والسنة؛ فإن المبطل يُفسد على الناس عقائدهم من خلال الشبهات التي يبثها المبتدعة، والشكوك التي يُلقيها المخرفون حول بعض المفاهيم أو الأصول أو المعاني، وقد يكون ذلك في باب العلم لأجل تكوين مفاهيم مغلوطة حول الدين والإسلام، أو في باب العمل فيؤثرون على بعض ضعاف العقول في فعل عبادةٍ غير مشروعة.
(ثانياً) نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة المكذوبة بين الناس تغريراً بالعوام، وروايتها على أنها صحيحة، بل ربما نسبوا بعض العبارات والكلام كذباً للأئمة المقتدى بهم؛ لأجل نشر باطلهم بين الناس، وهذا معروف معلومٌ عند كثيرٍ من طوائف المتصوفة.
(ثالثاً) الترويج للباطل من خلال الرؤى والمنامات الكاذبة، فيزعم المُخرِّف أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بكذا وأمره بكذا، أو جاءه الخضر وتلقى عنه الرقة أو الورد، أو شاهد الولي الفلاني وأخبره بما سيجري له من الأحداث.
(رابعاً) نشر الباطل من خلال بوابة الغلو في حُب آل البيت؛ فيأتي من يستغل هذه العاطفة لدى الناس ويبدأ بترويج بدعته وباطله، أو يُهيج الناس بالقصص الكاذب لسبِّ الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
(خامساً) نشر الخرافات من خلال ادّعاء المهدوية؛ حيث تقمَّص هذا الأمر العديد من الأشخاص عبر التاريخ: في أماكن متعددة وأزمان متباعدة، واستغلوا عواطف الناس وشعورهم بالظلم والقهر، وحاجتهم إلى التغيير والتجديد؛ فأهريقت دماء بريئة، وهتكت الأعراض، ويُتمت الأطفال بغير ذنب.
(سادساً) الاستدلال بالكثرة وانتشار الجهل والضلال على تبرير الباطل والبدع ونشر الضلال، وأن ذلك يمنحهم مساحة كبيرة في الأحقية والوجود لأجل الكم العددي، دون النظر إلى الهدي الظاهر والسُّنة المتبعة.
(سابعاً) الاهتمام المبالغ فيه بالعادات والتقاليد باسم التراث الشعبي، والانتساب إلى الحضارات المندثرة من الفارسية والفرعونية وغيرها، وجريان ذلك في المجتمع على صحَّة ما يقوم به الخرافيون والمبتدعة، دون النظر إلى موافقة الكتاب والسُّنة أو مخالفتها.
(ثامناً) نشر الخرافة والاعتقادات الفاسدة من خلال ما يُسميه المتصوفة الكرامات، وهي في حقيقتها سحر ودجل واستعانة بالشياطين؛ وصور ذلك كثيرة، منها: ضرب الشيش، والطعن بالرماح، والمشي على الجمر، والنوم على الزجاج، وأكل التراب، وغير ذلك.
(تاسعاً) تزيين وتحسين بعض الأعمال الشركية في أعين الناس مثل الطواف بالقبور يجعلونه محبة للصالحين، ودعاء الأموات توسلاً، وهذا منتشرٌ بين الجُهال انتشاراً ذريعاً.
(عاشراً) عمل السحر والتعاويذ والطلسمات، وادَّعاء الشخص يفعل ذلك لوجه الله تعالى! وخدمةً للناس، وربما اعتقدوا فيه الصلاح، وجعلوه من الأولياء والعارفين.
(حادي عشر) الكهانة: وهي ادعاء علم الغيب، ومعرفة ما يفعله الإنسان في بيته وفي عمله وما سيحدث له من أمورٍ في المستقبل. وهو متصل أيضاً بالتنجيم المحرم الذي يربط الأحوال الفلكية بالوقائع الأرضية.
(ثاني عشر) الطيرة، وهي التشاؤم بأصوات الطير، أو رؤية فلان، أو مجيء فلان، ونحو ذلك، وهي لونٌ من ألوان الشرك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق