أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 يونيو 2025

وعد الآخرة: زوالٌ لا إبادة تأملات في سورة الإسراء نصر خليل فحجان

وعد الآخرة: زوالٌ لا إبادة

تأملات في سورة الإسراء

نصر خليل فحجان

 

       تمهيد: هذا الكتاب هو تأملات عقلية، وتحليلات سياسية وأمنية، منحها المؤلف خياله ووقته وجهده، في محاولة استشرافية للتنبؤ بوعد الآخرة، الذي سيزول فيه الاحتلال عن أرض فلسطين، وهو بالتالي يذهب إلى ترجيحات بعض المعاصرين الذين ذهبوا إلى أن الوعد الآخرة في القرآن لم يأتي بعد، كالشيخ محمد متولي الشعراوي، والأستاذ سعيد حوى، والدكتور أحمد نوفل، وبسام جرار، وعبد الله الطوالة، ويونس الأسطل، وغيرهم.

وحاول المؤلف توظيف الواقع والتاريخ لإثبات صوابية منهجه، كما أن كتابه لم يخلُ من مناقشات علمية جديرة بالتأمل، سيما في مناقشة بعض المعاصرين؛ كالدكتور محمد راتب النابلسي عند تفسيره {بعثنا عليكم عباداً لنا}، والذي تأوّل الآية على كون الإفساد الأول وقع في المدينة من بني قينقاع وبني النضير، وناقش من تأول الآية على زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

يقول الدكتور يونس الأسطل: "ولا بُدّ من الإقرار بصعوبة الحسم في الخلاف بين العلماء والمفسرين قديماً وحديثاً في تحديد المرة الأولى للإفساد والعلو الكبير، وأن وعد الآخرة لا يخلو من عراكٍ علميٍّ أيضاً، وقد رجّح الباحث بعض الآراء مشكوراً، لكني لا أشايعه بالضرورة في بعض ما ذهب إليه" اهـ.

ويتضمن الكتاب اثنتين وعشرين وقفة، إحداها وقفة مع العلو الكبير لبني إسرائيل، التي زاد في هذه الأرض على الثماني مرات، وأخرى مع النفير التي زاد على ست مرات، وثالثة مع إساءة وجوه بني إسرائيل التي بلغت العشرة، وقد افتتح هذه الوقفات بأول آية من سورة الإسراء.

وفي الكتاب إشارات مُلهمة، وخواطر تسبح في الفضاء، ولكنها لا يُعتد بها في باب التفسير، لأنها لا تسير على منهجية صحيحة، أو ميزان قويم، بل هي أقرب إلى الأمنيات، وأحاديث القُصّاص.

يقول المؤلف: 

وإن مما يجعلني متيقناً من أنَّ الكيان الإسرائيلي القائم حالياً على أرض فلسطين هو الإفساد الثاني والأخير لبني إسرائيل ما يلي:

1. هذا الإفساد الذي نراه سبقه ردّ للكرة لبني إسرائيل على العرب، وهو ما صرحت به هذه الآية ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) الإسراء: ٦

2. الإمداد الواضح لبني إسرائيل بالأموال والبنين، كما وضحت سابقاً، وَأَمْدَدْنَكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ﴾ [الإسراء: ٦}.

3. اليهود هم الأكثر نفيراً من العرب، والأكثر نفيراً واستنفاراً للعالم كله لشن الحروب منذ 1948م، كما قَالَ تَعَالَى: كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَاهَا اللهُ ﴾ [المائدة: ٦٤}.

4. إساءة الوجوه التي يتعرض لها اليهود على يد أهل فلسطين، والمقاومة الفلسطينية يوما بعد يوم، فقد انكشفت سوءاتهم أمام الكثير من شعوب العالم، وعُرف عنهم الوحشية، وظهرت عوراتهم، ولم يعودوا هم الجيش الذي لا يُقهر ، كما كانوا يزعمون دائماً.

5. إن مجيء اليهود لفيفاً إلى فلسطين من كل مكان يؤكد أن هذا الإفساد الذي نراه هو الإفساد الثاني والأخير لبني إسرائيل في الأرض المباركة (فلسطين) : فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (الإسراء: ١٠٤).

ولا أشك في أنَّ الإفساد الثاني والأخير لبني إسرائيل في الأرض المقدسة (فلسطين) هو هذا الإفساد الذي نراه بأعيننا الآن، وهو المتمثل في هذا الكيان الجاثم فوق الأرض الإسلامية العربية والمُسمَّى (إسرائيل)، وإنَّ المرجح أنَّ معظم اليهود الموجودين على أرض فلسطين ليسوا من بني إسرائيل نسبًا، إنما من الخزر، ولكن لحكمة يريدها الله تعالى قدر أنْ يُلَقِّبُوا كيانهم بإسرائيل، ليكون هؤلاء الشراذم من بني (إسرائيل) الدولة، أي أنَّ الانتساب إلى إسرائيل سياسي، وليس عَصَبةً، وهو الذي تم الإعلان عنه في 1948/5/15م.

الدراسات المتعلقة بزوال دولة إسرائيل:

صدرت دراسات عربية إسلامية لمفكرين مسلمين توصلوا من خلال هذه الدراسات إلى قرب زوال (إسرائيل)، وأن العد التنازلي لزوال الإفساد الإسرائيلي في فلسطين يقترب من نهايته.

ومن أشهر هذه الدراسات العلمية دراسة للمفكر الفلسطيني الأستاذ / بسام جرار بعنوان: زوال إسرائيل 2022.. نبوءة أم صدف رقمية)، والتي اعتمد فيها على استقراء القرآن الكريم، وخاصة الإعجاز العددي فيه.

وسار على نهجه أيضًا المفكر السوري / م. عدنان الرفاعي في دراسته: نهاية إسرائيل في القرآن الكريم، والتي توصل فيها إلى نتائج مشابهة تقريباً.

من هم البابليون أصحاب السبي الأول؟

أصحاب الوعد الأول هم البابليون هم الكلدانيون الذين ورثوا دولة أشور في العراق، وهم قبائل عربية جاءت من الجزيرة العربية، وسيطرت على منطقة العراق فهم عرب من أصول عربية، وهم أجداد أهل العراق والشام الحاليين.

يقول د. مروان عقراوي: تاريخياً : الأشوريون والكلدانيون كانوا دولتين أو نظامين سياسيين لبلد واحد ، ولغة واحدة، وحضارة واحدة، في حقبتين متتابعتين زمنياً، وللتوضيح: إن من يقول بأن قوميته أشورية أو كلدانية كمن يقول : إن قوميته أموية أو عباسية، حيث كما هو ثابت أن الدولة الأموية والدولة العباسية كانتا دولتين عربيتين في فترة الحضارة العربية الإسلامية، فليس للأموية أو العباسية لغة خاصة أو حضارة خاصة.

ويقول أيضاً : إن سكان شمال العراق في الفترة الأشورية وما سبقها ينحدرون من هجرات العرب العموريين الذين هاجروا من عرب الجزيرة العربية شمالاً باتجاه العراق والشام، أما الكلدانيون فينطبق عليهم ما ينطبق على الآشوريين، فهم ينحدرون من هجرات من الجزيرة العربية التي استقرت في وسط العراق وجنوبه، وهجرتهم تزامنت مع هجرة الآراميين، أو أنهم من الآراميين، وقد استطاع زعيم عائلة (كالدو) أن يسيطر على النظام السياسي، وهو ما نطلق عليه في زماننا الدولة البابلية الجديدة.

وينحدر من بيت كالدو) الملك البابلي الشهير (نبوخذ نصر)، و (كلدان) جمع لكلمة ( كالدو) أو (كلدي)، وهو اسم عائلة (نبوخذ نصر)، فالكلدان هم أقوام خرجت من شبه الجزيرة العربية، وقد اندفعوا من هذه المنطقة، ودخلوا العراق خلال الألف الأول قبل الميلاد متخذين طريق ساحل البحر العربي، ثم الخليج العربي الذي أصبحمقترناً باسمهم فسمي بالبحر الكلدي).

ويرى الدكتور أحمد سوسة أن موطن الكلدان الأصلي هو شواطئ الخليج العربي جنوب العراق، وينقل الباحث جواد علي عن (سترابو) أن مدينة (الجرها) التي تقع في القطيف في ساحل الخليج العربي في السعودية هي موطن الكلدان الأصلي).

يقول الأستاذ بسام جرار : وأُحِبُّ أنْ يعلم القارئ أن الأشوريين والكلدانيين هم قبائل عربية هاجرت من الجزيرة العربية إلى منطقة الفرات، ثم انساحت في البلاد، حتى سيطروا على ما يسمى اليوم العراق وسوريا الطبيعية، وقد أسلم معظم هؤلاء، وأصبحوا من العرب المسلمين)

ثم إِنَّ المُراد بقوله تعالى: (عَلَيْهِمْ) هم العرب، والذين يُعرفون اليوم بأسماء بلادهم ودولهم: (الفلسطينيون، الأردنيون السوريون اللبنانيون العراقيون، المصريون الخليجيون، المغرب العربي ....) وقد كانوا في مراحل من التاريخ يُعرف بعضهم بالبابليين، أو الأشوريين، أو الكلدانيين، أو الآراميين

ومن أشهر الحروب التي خاضها العرب مع  اليهود:

1. حرب فلسطين 1948م (النكبة)، حيث سيطرت (إسرائيل) على %78 من أرض فلسطين، وهجرت مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم.

2. العدوان الثلاثي على مصر وغزة 1956م، حيث احتلت (إسرائيل) شبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة لمدة ستة أشهر، وارتكبت مجازر كثيرة في تلك الفترة القصيرة.

3. حرب حزيران 1967م، حيث شنت (إسرائيل) حرباً على مصر وسوريا والأردن، وكان من نتائج هذه الحرب:

أ. احتلال (إسرائيل) لشبه جزيرة سيناء المصرية، وقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية، في ستة أيام، أو قُل: في ست ساعات بتعبير أدق.

ب احتلال هضبة الجولان السورية، وهي منطقة عسكرية استراتيجية مطلة على فلسطين من الشمال الشرقي.

ج. احتلال الضفة الغربية التي كانت تحت الإدارة الأردنية، بالإضافة إلى منطقة وادي عربة، وهي منطقة أكبر من قطاع غزة.

4. حرب أكتوبر 1973م، والتي تم فيها انسحاب (إسرائيل) من قناة السويس المصرية، فكأنها حرب تحريك لا تحرير، هدفها إعادة الملاحة في قناة السويس، فضلا عن التهيئة لاتفاقية كامب ديفيد التي أُخْرِجَتْ مصر من جبهة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

5. اجتياح جنوب لبنان 1978م، بهدف ضرب المقاومة الفلسطينية.

6. اجتياح لبنان، والوصول إلى بيروت عام 1982م، وإخراج المقاومة الفلسطينية إلى تونس وبلدان عربية، وارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا.

7. حرب تموز ضد المقاومة اللبنانية عام 2006م، وقد امتدت (33) يومًا، وتوقفت بعد مجزرة في الدبابات الإسرائيلية.

8. حرب الفرقان ضد غزة في 27 ديسمبر عام 2008م، واستمرت حتى 18 يناير 2009م

9. حرب حجارة السجيل ضد غزة عام 2012م، وكانت سبع ليال وثمانية أيام حسومًا، ضربت فيها المقاومة الفلسطينية قلب الكيان الإسرائيلي في وسط تل الربيع (تل أبيب)

10. حرب العصف المأكول ضد غزة عام 2014م، والتي كانت بمباركة الأنظمة العربية وخذلانها، وامتدت إلى 51 يوما، وتمكنت المقاومة الفلسطينية فيها من خطف عددٍ من جنود الاحتلال، وضربت حيفا بالصواريخ.

مع ما تخلل الانتفاضة الأولى والثانية من العدوان على الشعب -الفلسطيني، وكذلك المجازر المختلفة التي ارتكبها اليهود - ولا يزالون -ضد الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها

خلاصة هذه الدراسة:

ويُمكنني أنْ أُجْمِل في هذه الخاتمة أهم ما توصلت إليه في دراستي من خلال هذه التأملات:

أولاً : إنَّ أرض فلسطين هي الأرض المباركة، وهي قلب الشام، والمسجد الأقصى هو محور هذه البركة.

ثانيا : بيت المقدس (القدس) هي عاصمة دار الخلافة الإسلامية القادمة، وستكون ناظمًا لكل المسلمين في الأرض، بإذن الله تعالى.

ثالثا : الإفساد الأول لبني إسرائيل في الأرض المباركة (فلسطين) انتهى على أيدي الأشوريين بقيادة ملك بابل (نبوخذ نصر) سنة 586 ق. م، والذين ترجع أصولهم إلى قبائل عربية هاجرت من جزيرة العرب إلى منطقة بابل بالعراق

رابعا : الإفساد الثاني لبني إسرائيل في الأرض المباركة (فلسطين) هو هذا الذي نراه الآن من إقامة دولة (إسرائيل) على أرض فلسطين منذ .العام 1948م

خامسا : : يستمر أهل فلسطين في ظهورهم على الحق، وقهرهم للأعداء، وبقاء خذلان العرب والمسلمين لهم حتى يأتيهم أمر الله.

سادسا : يكون تحرير فلسطين المباركة على أيدي أبنائها من أهل بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، ومرابطي عسقلان (غزة)، مع احتمالية مساندة أهل دمشق وما حولها لأهل فلسطين عن بعد، من خلال الاشتباك مع اليهود وإشغالهم، بإذن الله تعالى.

سابعا : تحرير فلسطين وإقامة دولة الخلافة في بيت المقدس، ليس من أشراط الساعة الكبرى المعروفة، ولكنه دليل على دُنُو أشراط الساعة والأمور العظام.

ثامنا : تحرير فلسطين وزوال (إسرائيل)، وإقامة دولة الخلافة في القدس، يكون قبل ظهور المهدي عليه السلام، وقبل خروج الدجال وقبل نزول عيسى بن مريم عليه السلام، بإذن الله تعالى.

تاسعا : يعود اليهود إلى فلسطين مع الدجال في محاولة للإفساد من جديد، وعندها ينزل عيسى بن مريم عليه السلام، فيقتل الدجال عند باب لد بفلسطين، وينطق الحجر والشجر ، وينطق كل شيء وقوفا مع المقاتلين المسلمين الذين يقاتلون اليهود، ولا يبقى يهودي في فلسطين بإذن الله تعالى.

عاشرا : إِنَّ زوال (إسرائيل) بات قريبًا جدًّا ، تدل على هذا العديد من الدراسات العلمية، والبحوث المتخصصة التي تؤكد بأن (إسرائيل) ستزول خلال السنوات القليلة القادمة بإذن الله تعالى.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق