تحذير أهل الآخرة من الدنيا الداثرة
جلال الدين السيوطي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذا جزء حديثي نفيس، جمع فيه السيوطي أربعين حديثاً في ذم الدنيا، والزهد فيها، والاستعداد للآخرة، على عادة العلماء في التأليف في الأربعينات، ولم يقصد السيوطي إهمال الدنيا، أو التحذير منها على وجهٍ يقتضي التخلي عنها، وإنما قصد من ذلك اتخاذها وسيلةً وممراً للعبور إلى الآخرة.
قال السيوطي في مقدمته: "فهذا كتابٌ لقبته (تحذير الآخرة من دار الدنيا الداثرة)، أودعته أربعين حديثاً منسوبةً لمخرجيها، مُتبعةً ببيان غريب ألفاظها، ومُشكل معانيها"، وقد يذكر السيوطي بعضاً من أقوال السلف المؤيدة والشارحة.
وبدأ الحديث الأول في تحذير الرسول -صلى الله عليه وسلم -من الدنيا، ثم حثُّه على التخفف منها، وبيان مثل الدنيا وحقارتها، وفضل الزهادة فيها، والقناعة برزقها، وعدم الاغترار بزينتها، وأن في ذلك محبةٌ لله، وراحةٌ للقلب والبدن، بينما الرغبة فيها يُطيل الهم والحَزَن.
ثم كون حبها أحد الأدواء الملازمة للإنسان، وأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، ثم بيان خير ما فيها، وحماية الله للصالحين وآل البيت الكرام منها، والنهي عن اتخاذ الضيعات فيها، وأن من رتع فيها فقد عجّل بحتفه، وأن سحرها يفوق سحر هاروت وماروت.
كذلك الحث على أخذ الدنيا بحقها وعلى شُغلها بالذكر والعلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشغلها بكل عملٍ يُبتغى به وجه الله، وكونها سجن المؤمن وجنة الكافر، وأنها لا تصفو لمؤمن، وأن خير متاعها الزوجة الصالحة.
وقد وضع المحقق مقدمة وافية في الزهد، وأدلة مشروعيته واستحبابه، وانواعه، وأقسام الناس فيه، ودواعي الزهد في الدنيا، والزهد المعاصر، ثم الكتب المؤلفة في الزهد (10 -54)، ثم تكلم عن الأربعينات (57- 62)، وأول من صنّف فيها، وفائدتها، ثم ترجمة موجزة للإمام السيوطي (63- 65)، وبعد ذلك وصف المخطوط وعمله فيه (66- 68)، وصورته (69 -70)، ثم النص المحقق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق