إمداد الفتاح بأسانيد الشيخ عبد الفتاح
(١٣٦ -١٤١٧ هـ)
تخريج محمد عبد الله رشيد
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذا الثبت النفيس والمحرر، بل هذه الموسوعة الروائية الفذَة، جمع فيها العالم البحّاثة عبد الله بن محمد آل رشيد جملة كبيرة من أسانيد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في في حياته، بعد أن رأى إلحاح كثير من الطلبة على الشيخ بعمل ثبت أو فهرس يجمع مروياته، وشيوخه، يكون مرجعاً لهم في الرواية عنه، فاستأذن من الشيخ بوضعه له، فأجاز له في وضع هذا الثبت.
وقد تجاوز عدد شيوخ أبي غدة في هذا الثبت المائة وثلاثة وثمانين (١٨٣) شيخاً، كما أنه تدبَّج بسبعة عشر (١٧) شيخاً في المشرق والمغرب، وبلغت مجموع كتبه التي ألفها وحققها الستين (٦٠) كتاباً، بينها ثلاثين (٣٠) كتاباً في الحديث وحده.
وقد وضع في مقدمة الكتاب ثمانية عشر (١٨) تقريظاً لكبار العلماء، مع تراجمهم، كما ألحق بهذا الثبت الكثير من التممات الهامة، منها التحذير من الرواية عن الجن ومجاهيل المعمرين، كما أنه وضع ترجمة مختصرة لكل من قام بتقريظ هذا الكتاب، وذكر فيه روايته للأثبات، والمعاجم، والمشيخات، والأوائل، والمسلسلات بأسانيده، لما يقرب من ثلاثمئة وتسعة وأربعين (٣٤٩) كتاباً، لمائتين وثمانية وتسعية (٢٩٨) شيخاً.
ولعل بركة الصُّحبة، وطول المدة، وعظم التأثر بالشيخ، ولّد هذه الجوهرة النفيسة، فقد لازم الشيخ آل رشيد شيخة أبا غُدّة أكثر من اثنتي عشرة سنة، واستغرق هذا العمل مثل ثلث هذه المدة، أي حوالي أربع سنوات لإنجاز هذا الثبت، مع العمل المتواصل والتفرغ التام.
وقد رتب المؤلف كتابه على بابين، جعل الباب الأول أربعة فصول:
الفصل الأول في ذكر أسماء شيوخه مرتبين على حسب البلدان فذكر منهم أكثر من مئة وثمانين على اختلاف نحلهم ومذاهبهم وبلدانهم وأقطارهم من حجازيين ويمنيين وعراقيين وشاميين وهنود وباكستانيين وأتراك ومغاربة الخ.
وأما الفصل الثاني، فأورد فيه الحديث المسلسل بالأولية وبيان شيوخه الذين سمعه منهم بشرطه مع ذكر أسانيدهم إلى منتهاها.
وأما الفصل الثالث، فخصَّه لذكر أسانيد بعض مسندي شيوخه، وقد أطال في ذلك وأسهب، وأحسن وأوعب.
وأما الفصل الرابع، فأفرده لذكر أسانيد الشيخ إلى أصحاب الأصول العشرة وهي الأمهات الست البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأصول الأئمة الأربعة وهي مسانيد أبي أحمد حنيفة وموطأ مالك ومسند الشافعي ومسند رحمهم الله تعالى.
أما الباب الثاني: فجعله في ذكر أسانيد الشيخ واتصاله بأمهات كتب الأثبات والمعاجم والمشيخات والمسلسلات والأوائل بمر العصور حتى وقتنا هذا وجملتها نحو من خمسين وثلاثمائة كتاب . هذه فجاء كتاباً حافلاً قد أجاد فيه وأفاد فكان من الأثبات التي تستحق الاهتمام، بل والطبع والنشر ليعم به النفع لا سيما في العصور التي قلّ من يعتني فيها بعلم الحديث الشريف عموماً وبهذا النوع منه خصوصاً، وهو وإن كان ليس من أصول علوم الحديث، بل المتممات فإنه يحفظ على الأمة بقاء سلسلة السند والاتصال بالنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الذي يعتبر من خصائص هذه الأمة الشريفة كما هو معروف.
وللمؤلف في هذا الثبت اصطلاحات خاصة في ترتيب أسماء الشيوخ والتلاميذ، وذكر الأثبات، ونحو ذلك، وكذلك فإنه لم يُطلق لفظ (المُعمَّر) إلا على من كان تسعين سنة، فصاعداً، وأنه لم يعتدّ بالإجازات العامة لأهل العصر،
تقدمة المحقق محمد آل رشيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد أكرمني الله تعالى بصحبة شيخنا العلامة المحدث المسند، الفقيه الأصولي، المحقق الثَّبت العمدة الحجة، بقية السلف الصالحين أستاذنا الشيخ أبي الفتوح عبد الفتاح بن محمد بن بشير أبو غدة الحلبي الحنفي - رحمه الله تعالى، وقد وجدتُ شيخنا على غزارة علمه، وسَعَة اطلاعه، وتفننه في العلوم وشدّة تحريه، ودقة تثبته، وإمامته في التحقيق، وجدته كثير الشيوخ عالي الإسناد، مع زهده في هذا الجانب، لانشغاله بما هو أعظم نفعاً وأكثر فائدة من مباحث العلم، ودقائق التحقيق المتعلقة بعلوم الحديث رواية ودراية.
وقد كثر الطلب في حياته من كبار العلماء وطلبة العلم من تلاميذ شيخنا ومحبيه وهم كثيرون في العالم الإسلامي والحمد لله، يلحون على شيخنا -رحمه الله تعالى - في طلب الإجازة، ويلتمسون منه اتصال السند والرواية. فكان شيخنا - رحمه الله تعالى - يلبي أحياناً طلبهم، ويكتب لهم إجازاتٍ مختصرة، وكلما تقدَّم الزمن كَثر الآخذون عن الشيخ وازدادوا وتوارد السؤال عن ثَبَت أو فهرس يحوي أسماء شیوخه ومروياته عنهم.
فاستخرتُ الله - عز وجل -وقمت بجمع هذا الثبت في حياته وتحت إشرافه ونظره ومراجعته وضمنته شيئاً من أسانيد شيخنا -رحمه الله تعالى -وابتدأت بجرد كتبه العلمية المحققة المتقنة المحررة، وأكثرت من سؤاله - رحمه الله -أثناء ملازمتي له في حله وترحاله، لمعرفة شيوخه، وتلقيه عنهم وإجازاته منهم.
وقد لازمته - رحمه الله تعالى - مستفيداً ومتعلماً في الحضر والسفر لمدة اثني عشر عاماً، استفدت من علمه وعمله، وكانت ملازمتي له وتتلمذي عليه ومعرفتي له مقتصرة على الجانب العلمي . لأن شيخنا - رحمه الله - مواهبه كثيرة وجوانب الفضل فيه متعددة
- واستعنت في تحرير هذا الثبت بالكثير من المصادر المخطوطة والمطبوعة من كتب الأسانيد والأثبات والتراجم، كما استفدت مراجعة أهل العلم والاختصاص بهذا الفن عن طريق المشافهة والمكاتبة.
وإني أحمد الله عز وجل الذي وفقني لتخريج هذا الثبت لشيخي - رحمه الله تعالى ـ وقد اقتديت فيه بصنيع كثير من التلاميذ البررة في تخريج مشيخات وأثبات ومعاجم لشيوخهم، براً بهم ووفاء بحقهم وقياماً بأداء بعض الواجب نحوهم.
وقد جعلت الكتاب في مدخل وبابين:
* أما المدخل ففيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: ترجمة موجزة عن حياة شيخنا رحمه الله تعالى.
الفصل الثاني: مؤلفاته وتحقيقاته.
الفصل الثالث: بعض الآخذين عنه من تلاميذه ومستجيزيه.
وأما الباب الأول: ففيه أربعة فصول:
الفصل الأول: سَرْد أسماء شيوخه مرتَّبين على البلدان، مبتدئاً بالبلدين المقدسين: مكة المكرمة والمدينة المنورة لشرفهما، ثم حلب لأنها بلد شيخنا - رحمه الله تعالى - ثم رتَّبت بقية البلدان على ترتيب حروف الهجاء، كما رتبت الشيوخ حسب الوفيات المتقدم فالمتأخّر، ومن كان على قيد الحياة، أو لم أقف على تاريخ وفاته، فإني سردته بعد ذلك، ومن أجاز منهم لشيخنا إجازة عامة صدرت اسمه بلقب المجيز.
وأما الفصل الثاني: فقد ذكرت فيه حديث الرحمة المُسلسل بالأولية، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: سياق طرق الحديث.
المبحث الثاني: بعض ما قيل في حديث الرحمة من الشعر.
وأما الفصل الثالث: ففي أسانيد بعض شيوخه المسندين، اقتصرت فيه على ذكر تسعة وعشرين شيخاً من كبار شيوخه المُسندين، مع ذكر أسانيدهم مفصَّلة، ورتَّبتهم حسب الوفيات المتقدم فالمتأخر، مع ذكر مصادر تراجمهم في الحاشية.
وأما الفصل الرابع: في أسانيده إلى الكتب الحديثية العشرة.
* الباب الثاني: في اتصالاته بكتب الأسانيد وفيه خمسة فصول:
الفصل الأول: اتصالاته بكتب الأثبات، وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: الأثبات التي يرويها مباشرة عن أصحابها.
المبحث الثاني: الأثبات التي يرويها بواسطة واحدة.
المبحث الثالث: الأثبات التي يرويها بواسطتين.
المبحث الرابع: الأثبات التي يرويها بثلاث وسائط.
المبحث الخامس: الأثبات التي يرويها بأربع وسائط فأكثر.
الفصل الثاني: في اتصالاته بكتب المعاجم.
الفصل الثالث: في اتصالاته بكتب المشيخات.
الفصل الرابع: في اتصالاته بكتب المسلسلات.
الفصل الخامس: في اتصالاته بكتب الأوائل.
وقد رتبت الكتب في كل فصل من هذه الفصول على وفيات أصحابها الأقرب وفاةً فالأقرب ليتيسر الوقوف على اتصال المتأخر منهم بالمتقدم، ورمزت للمطبوع منها بحرف (ط)، وللمخطوط بحرف (خ)، مع بيان مكان وجود المخطوط ورقمه حسب ما هو موجود في فهارس المكتبات، كما ذكرتُ أيضاً تاريخ مولد ووفاة كل مؤلف بعد بحث دقيق، مع ذكر مصادر ترجمته في الحاشية مرتبة على الحروف، ثم رقمت الكتب بأرقام متسلسلة كما رقمت للمؤلفين بأرقام أخرى متسلسلة، وإذا كان للكتاب الواحد أكثر من اسم أثبتها برقم واحد.
كما حرصت على تنويع هذه الكتب من حيث أزمنتها، ومذاهب أصحابها، وتنوع بلدان مؤلفيها، ولم أعتد بالإجازة العامة لأهل العصر، ولا بالإجازة للمجهول أو المعدوم، ولا بإجازة المعمرين المجهولين.
وحرصت قدر الإمكان على تصحيح كثير من الأوهام في الأسماء والتواريخ، والتنبيه على كثير من الأغلاط في بعض كتب الأثبات والتراجم، وتصحيح بعض الانقطاعات الواقعة في الأسانيد.
ولطول بعض التعليقات جعلتها تتمات وألحقتها بآخر هذا الكتاب. وقد اجتهدت في تحرير هذا الثَّبَت وإتقانه، وبذلت وسع طاقتي في تحري الصواب، ولا أدعي العصمة من الخطأ، فالعصمة لرسل الله -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وكنت قد انتهيت من تحرير هذا الثبت وتقديمه للمطبعة في حياة شيخنا - رحمه الله تعالى وفي أثناء تصحيح تجاربه الأخيرة توفي شيخنا -رحمه الله تعالى -صبيحة يوم الأحد التاسع من شوال من عام ١٤١٧.
وتوقفت عن إتمام طباعته مدة ثم أعدتُ النظر فيه، وزدت بعض الزيادات وكتبتُ ترجمة موجزة لشيخنا - رحمه الله تعالى ولا يسعني في ختام هذه التقدمة إلا أن أدعو الله عز وجل أن يتغمد شيخنا برحمته ومغفرته ورضوانه وأن يكرمه بسوابغ كرمه وإنعامه، وأن يرحمه رحمة الأبرار ويدخله جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار.
كما أتقدم بالشكر الجزيل والثناء الجميل للعلماء الأجلاء الذين تفضلوا وتكرموا بكتابة كلماتٍ في تقريظ هذا الكتاب، منهم من كتب كلمته في حياة شيخنا، ومنهم من كتب لي بعد وفاة شيخنا - رحمه الله تعالى -وجزاهم الله خير الجزاء.
كما أشكر كل من قدم لي يد المساعدة حتى اكتمل هذا الكتاب. وأختم هذه التقدمة بالتوجه إلى الله عز وجل أن ينزل الرحمات والرضوان على سيدي الوالد الماجد ، الذي أوصاني بملازمة شيخنا، وحثني على الاستفادة منه والتلقي عنه - رحمهما الله تعالى وجزاهما الله تعالى عني خيراً ـ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .
وكتبه محمد بن عبد الله آل رشيد = الرياض ٦ / ربيع الأول/ ١٤١٨
تقريظ فقيه العصر
العلامة الفقيه الأديب المُتَّقِن الشيخ مصطفى بن أحمد الزرقا
حفظه الله تعالى ونفع به
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي أتانا بالبينات على طريق الهدى والرشاد في الحياة الصالحة والمسيرة المفلحة الناجحة، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان. أما بعد:
فقد كان أخونا الذي فَقَدْنا بفقده رحمه الله كنزاً إسلامياً كبيراً من العلم والفضل، العلامة المحقق المحدث الفقيه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، علماً شامخاً راسخاً في علمه وفضله وبصيرته، وقدوة صالحة في سلوكه وسيرته العملية وأخلاقه الإسلامية، قلما الزمان بمثلها في هذا العصر الذي انفك فيه العلم عن التقوى، إذ أصبح العلم فيه ،مرتزقاً، لا واجباً ومسؤولية يحملها العالم، وأصبح الإنسان يفتح عينيه على كثير من العلماء بلا تقوى، وعلى قليل من الأتقياء بلا بصيرة وذخيرة من العلم.
قد كان أخونا رحمه الله فقيد الإسلام الشيخ عبد الفتاح أبو غدة التي حملت الأمانة فأدَّتها كاملة غير منقوصة، فقد كان في علمه وسلوكه وخلقه قطعة من بقايا السلف الصالح تمثله خير تمثيل، وقد كان من إخلاصه أن قيض الله تعالى له تلامذة محبين مخلصين يحبون أن يَبَرّوه في حياته وبعد وفاته، منهم وفي طليعتهم الشاب الناشئ في طاعة الله، ومن محبي أهل العلم، الشيخ محمد بن آل الرشيد في المملكة العربية السعودية، فقام بجمع جامع لشيوخ شيخه فقيد الإسلام الشيخ عبد الفتاح المذكور، ومروياته عن أولئك الشيوخ، فجاء ثبتاً مستوعباً شاملاً أسماه: (إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح) جرى فيه على طريقة علماء السلف الصالح في توثيق معلوماتهم ونقلهم عن شيوخهم، تلك الطريقة الرشيدة، التي قلّ المهتمون بها في هذا العصر بعد أن أصبح الهم الأكبر للمتعلمين فيه أن يقطعوا مرحلة الدراسة والتلقي بأسرع وقت، حتى يصلوا إلى إحراز تلك الوُرَيقة التي تسمى شهادة رسمية، وثيقة إثباتية لما تلقوا من علم!! والأقل القليل هم أولئك القلة الذين وهبوا أنفسهم لله وللعلم، فحملوه أمانة يعلمون أنهم مسؤولون عنها ماذا فعلوا بها: هل أدوها كما حملوها وأبرؤوا ذمتهم، أو ضيَّعوها؟
إني لأشكر من أعماق قلبي هذا الصنيع الجليل من الشيخ محمد بن عبد الرشيد، وهو من القلة براً بشيخه الجليل الفقيد رحمه الله، فهو تاج الآثار التي سيخلد بها ذكر الفقيد الكبير، عسى الله أن يعوّض الأمة الإسلامية في وقت غير بعيد، بما يُنبته في تلاميذه من خلف، إنه خير مأمول. مصطفى أحمد الزرقا ١٤١٧/١١/٢٤هـ = ٢/ ٤ / ١٩٩٧م
كلمة العلامة الشيخ مصطفى الزرقا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الهدى، الذي أضاء الظلمات لذوي البصر وأولي الألباب، وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار، ومن تبعهم وبهم ما دام على هذه الأرض أخيار وأشرار، وتعاقب ليل ونهار. اقتدی، إخوتي الكرام الحضور في هذه الأمسية الميمونة:
كان بودي وأملي أن أشارككم بنفسي وأشاطركم المسرة بهذا الاحتفال الفكري، الذي عودنا ودعانا إلى أمثاله هذا الأخ النبيل الجواد السيد عبد المقصود الذي آتاه الله سعة من فضله فرأى من حقها عليه أن يقيم هذه الزاوية (الاثنينية) لتكريم من يختار من أهل الفضل والمآثر، الذين كان حقاً على الأمة أن تعرف أقدارهم، وتُعلي منارهم؛ ولست في مقامي هذا لأشيد بهذا الطريق الميمون الذي فتحه للسالكين القادرين - وما أقلهم - فهو (بحمد الله) في غنى عن الإشادة بهذه الخطة الكريمة في اثنينيته التي شاعت أنباؤها وسطع ضياؤها، وكثرت آلاؤها . . . - جزاه الله خيراً .. ولكن أمنيتي في مشاركتكم الحضور بنفسي قد منعني منها المرض الذي عرض؛ فأنا أكتب كلمتي هذه إليكم في فراشي وأنا راقد في المستشفى، إثر عملية جراحية كان لا بد من إجرائها دون تأخير؛ وقد أصبح موعد هذا الاحتفال قاب قوسين أو أدنى، فلم يكن لي من خيار إلا أن أنيب عني كلمة تتلى تعبر عن مشاعري تجاه فضيلة الأستاذ الجليل المحتفى به، وتجاه صاحب هذه الاثنينية الذي أتاح هذه المناسبات وحرص على متابعتها وإمدادها.
وقلت: إذا كان المرض قد حجزني وعاقني عن الحضور، فإن المثل القديم يقول: ما لا يدرك كله لا يترك كله. وإذا كان المثل يقول: حال الجريض دون القريض. فإني أحمد الله على أن الألم ما حال دون القلم فلأرسل ما تسمح به الحال. وعلى الله تعالى الاتكال:
إنَّ عهدي بفضيلة الأخ الجليل العلامة الشيخ عبد الفتاح أبي غدة يرجع إلى ما قبل ستين عاماً أو أكثر، منذ يفوعته وشبابه في طريق العلم في الثلاثينيات الماضية. فبعد أن تخرجتُ من الجامعة السورية في أوائل الثلاثينيات، كان والدي كثيراً ما ينيبني عنه في تدريس الفقه الحنفي في المدرسة التي بدأت دراستي الشرعية فيها بحلب، وهي المدرسة الشرعية النظامية الوحيدة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى. ثم بعد وفاة والدي - رحمه الله - عُيِّنت في تدريس هذه المادة الفقهية مكانه أصالة، فنهجت في تدريسها منهجاً جديداً، فكنت أبدأ في كل باب من أبواب الفقه بمحاضرة أو محاضرتين، أعطي الطلاب فيها فكرة عامة عن موضوع الباب وأعرض الأسس الشرعية التي تدور عليها أحكامه، وأقارن بين أحكامه الرئيسة ومواطن الخلاف بين المذاهب الاجتهادية الأخرى مع الأدلة قدر الإمكان، وأوازن بينها بميزان مقاصد الشريعة؛ مما ينشئ المَلَكة الفقهية لدى الطالب، وينمي مداركه وفهمه للعلل وحكمة الأحكام. وكنت في هذه المرحلة ألحظ شاباً ناهضاً يلازم دروسي الفقهية، ولا سيما محاضراتي التي أستهل بها كل باب من أبواب الفقه قبل النزول إلى قراءة أحكامه وشرحها، مع متخرج قبل المدرسة؛ وألحظ أنه كان حريصاً كل الحرص على تفهم المسائل فهماً دقيقاً ويناقش فيها.
كنت أقوم بأداء درس مرتين في الأسبوع في أحد جوامع حلب (جامع الخير مكان والدي في هذا التدريس بعد وفاته - رحمه الله - فكان هذا الشاب نفسه يلازمني فيه ولا يفوته منه حصة؛ وحضر علي فيه جانباً من الكتاب الفريد في بابه، وهو كتاب «الموافقات» للإمام الشاطبي في أصول الشريعة ومقاصدها.
ثم سافر ذلك الشاب إلى مصر لمتابعة الدراسة في الأزهر، في كلية أصول الدين والشريعة والقضاء الشرعي؛ ولازم من أُعجب من شيوخ العلم، وتلقى منهم خارج حلقات دروسهم؛ فجمع وأوعى، وطاب له المقام في مصر ،وطال وكان يأتي إلى حلب صيفاً، ويعود إلى مصر بقية العام. بهم هذه كان ذلك الشاب الناهض هو هذا المحتفى بتكريمه الآن في الاثنينية، فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبي غدة.
وبعد أن نَهَل وعلَّ من لبان العلم في مصر حتى ارتوى، عاد إلى سورية وعين مدرساً لمادة الديانة في المدارس الثانوية الرسمية في جميع مراحل حياته العلمية كان متميزاً بالدقة في التحقيق والتمحيص، وقد وهبه الله ذاكرة دبقة تمسك بما يدخلها فلا يفلت وولعاً بالتراث العلمي؛ فكثر اطلاعه وأنابيشه وتنقيبه، مع ثبات ما يدخل ذاكرته يستدعيه منها متى شاء. وقد عُرِفَ في الأوساط العلمية بأنه محل الثقة التامة في كل ما يحقق ويمحص وينقل ويستخلص.
ولما قررنا في كلية الشريعة بالجامعة السورية إنشاء الموسوعة الفقهية التي يعرض فيها الفقه الإسلامي في مختلف مذاهبه المعتبرة، مرتباً ألفبائياً بحسب حروف كلماته الاصطلاحية العنوانية في كل باب وموضوع (تنفيذاً لتوصية أسبوع الفقه الإسلامي الذي عقد في كلية الحقوق بجامعة باريس العاصمة الفرنسية، وذلك في تموز (يوليو من عام ١٩٥١)ـ
كان من اللازم أن نرفد مشروع الموسوعة الفقهية ببعض أعمال جانبية تخدم المشروع، وتسهل على الفقهاء الذين سيستكتبون فيه رجوع كل منهم إلى أحكام المسائل في مختلف المذاهب الفقهية.
وكان من أهم هذه الأعمال الجانبية أن نضع لكل مذهب من المذاهب الأربعة وكتب اختلاف الفقهاء معجماً مرتباً ترتيباً ألفبائياً للكلمات العنوانية في المذاهب والكتاب المقصود، خلاصة ما فيه تحت هذه الكلمة العنوانية، مع تحديد موقع الكلمة العنوانية في المرجع الأصلي، الذي يوضع له المعجم المذكور بالجزء والصفحة والطبعة ورقم المسألة إن كانت مسائله مرقمة؛ واخترنا للبدء كتاباً مشهوراً الفقه العام هو: «المحلى» لابن حزم الظاهري، الذي يعرض فيه في كل باب ومسألة المذاهب والآراء الفقهية المختلفة للصحابة والتابعين والأئمة الأربعة ويناقشها ثم يحط على ترجيح المذهب الظاهري الذي هو مذهبه.
وبعد أن عهدنا بهذا العمل الجليل الدقيق إلى بعض الأسماء البارزة التي قدمت نفسها له ... لم نجدها قادرة عليه، ولم نجد من نعتمد عليه فيه إلَّا الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبا غدة؛ فاستعارته كلية الشريعة بدمشق من وزارة المعارف لهذا العمل فنهض به بهمة وخبرة ودقة علمية، فصدر عندئذ كتاب: (معجم الفقه الظاهري) مستخلصاً من المحلى لابن حزم في جزئين، وكان باكورة ممتازة اقتفي أثرها في معجمات أخرى لمذاهب أو كتب من الفقه العام والفقه المقارن وضعت على غراره، ککتاب (معجم الفقه الحنبلي) مستخلصاً كتاب المغني لابن قدامة المقدسي . من منذ أن كان في مصر - ولا يزال - أولى الحديث النبوي وعلومه و مراجعه جانباً كبيراً من عنايته وركّز عليه اهتمامه رواية ودراية حتى أصبح فيه حجة يرجع إليه؛ وقد كان يعدني مرجعاً له في الفقه، فأصبحت أعده منذ زمن طويل مرجعاً لي في الحديث.
وأشهد أني - طوال هذا العهد المديد الذي عرفته فيه ـ لم أجد عليه مأخذاً يؤخذ في تقواه وورعه وسلوكه وأدبه العلمي، ووفائه للصداقة والفضل وصدقه وأمانته . . . ، بل عرفت منه ـ في كل ذلك - أخلاق العلماء المخلصين المتواضعين الذين يؤثرون رضا الله تعالى على كل المغريات، ويحاسبون أنفسهم. هذا، إلى فكر علمي متفتح على زمانه ومقتضياته، دون تعصب ولا غرور، مما جعله - بحق - من قادة الفكر الإسلامي في هذا العصر، إلى جانب اختصاصه العلمي.
هذا، وقد عُرِفَ لدى عارفيه بحرية فكره، واعتداله، وتعقله، وحسن تفهمه وتقديره للظروف الزمانية والمكانية، مما جعله في واجهة رجال الدعوة الإسلامية وفي سبيل حرية فكره العلمي لقي كثيراً من الأذى والتجني عليه بالقول، فسكت ولم ينزل إلى ميدان المهاترات، واكتفى بأن يكون ما ينشره بقلمه وتوقيعه شاهداً له أو عليه لدى القُرّاء.
وفي سبيل نشاطه في الدعوة الإسلامية لقي كثيراً ـ أيضاً ـ من الأذى والضرر الفعلي، فصبر وائتجر. هذا ما جاد به الخاطر وأنـا عـلـى فـراش المرض في المستشفى. أعجل بتلخيصه وإرساله إذ لم يبق لموعد «الاثنينية» الميمونة إلا ثلاثة أيام، وذلك وفاءً لحق الأستاذ الجليل المحتفى به، ليعلم أن العمل الصالح إذا ضاع عند بعض الناس فلن يضيع عند سائرهم؛ وإلى الله ترجع الأمور. أما مؤلفاته النافعة ومحققاته من التراث، فأترك مجالها لغيري؛ أسأل الله تعالى له العمر المديد في الطريق الرشيد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو غدة رجل التحقيق والإسناد
بقلم العلامة المحدث الفقيه المحقق سماحة الشيخ محمد الشاذلي النيفر
عميد كلية الشريعة بتونس سابقاً وعضو رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة
بسم الله الرحمن الرحيم
تستدعي نواحٍ شتّى الكتابة عن الأستاذ الكبير عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله - فإنّه -كان دائرة معارف في علوم كثيرة، علماً بأن هذا من التوسع العلمي؛ فقد اتصف بأنه من المحققين، وترجمته المفصلة لهذه النواحي تعسر كتابتها لما له من امتيازات فيما هو من معارفه، فأصبح الأعلام الذين يقل وجودهم في الأعصر المختلفة، وسأقتصر في كلمتي هذه على ناحية عنايته بالحديث وبخاصة بالأسانيد التي أكثر منها كما سنوضحه بعد إن شاء الله تعالى.
ولكن لا بد من كلمة أولى عن تحقيقه ودقة تفتيشه مما هو جلي فيه، وقد عرفت ذلك منه بمجرد الاتصال به، فإني رأيت له امتيازاً عن الكثير من العلماء الذين ملأوا الوطاب من ناحية واحدة من المعارف حتى أصبحوا فيها من أهل الاختصاص والانتفاع بهم لسعة إحاطتهم في تلك الناحية، لكنّهم مع ذلك لا يعتنون بتصحيح إلقائهم، بل ينطقون بما جرى على لسانهم بدون تصحيح للغتهم، وهذا كثير من المختصين بناحية من النواحي إذ صرفوا جهدهم في الاطلاع والإحاطة إلى الناحية التي هم مختصون بها، لكنّهم لا يلتفتون إلى لغتهم فتجد التحريف اللغوي فيها، وهذا له مضرّة على المستمعين حيث يسمعها الكثير من طلبتهم ويتلقونها بالقبول كما يتلقون ما هم يدرسونه معه من فنّ من الفنون، وبذلك تشيع الأخطاء في لغة الأساتيذ التي يتلقاها تلاميذهم عنهم، وبذلك تنطمس اللغة الصحيحة، وهذا مما برأ الله منه - كما ذكرنا - الشيخ أبا غدّة فإنّه حريص على لغته حرص المحافظ على عربيته في أدائها على الوجه الصحيح، وبذلك تسلم لغة تخاطب أهل العلم في دروسهم ومحاضراتهم.
وهذا ما تجلّى لي من الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة فأكبرتُ ذلك فيه ووددت أني أتوسع في هذه الناحية لكن لما اطلعت على ما كتبه الأستاذ محمد عوّامة في تكريم الأستاذ أبي غدة دعاني ذلك للاختصار بما آتي به.
وتدليلاً على تحقيقه أذكر عيّنةً من تحقيقه الواسع فيما يكتبه ويقدمه لقراء آثاره. من ذلك ما كتبه من تحقيق في لفظ السند معتمداً على ما كتبه العلامة الشيخ الطاهر الجزائري (۱۳۳۸هـ) رحمه الله تعالى، في «توجيه النظر إلى أصول الأثر»: (وأما الإسناد فقد عرفت ولذلك لا يثنى ولا يجمع، وكثيراً ما يراد به (السند) فيثني ويجمع، تقول: هذا حديث له إسنادان وهذا حديث له أسانيد. وأما (السند) فيثنى ولا يُجمع، تقول: هذا حديثٌ له سندان ولا يقال: هذا حديث له أسناد بوزن أوتاد وكأنهم استغنوا بجمع (الإسناد) بمعنى السند عن جمعه. وقد ذكر بعض اللغويين أن (السند) بمعانيه اللغوية لم يجمع أيضاً». أنه مصدر (أسند),
وبعد أن أتى بكلام المحقق الشيخ الطاهر الجزائري ذكر أخطاء وقع فيها بعض المحققين تحقيقاً لما قاله العلامة الطاهر الجزائري : ثمّ قول العلامة الجزائري رحمه الله تعالى : ولا يقال هذا حديث له أسناد بوزن أوتاد وكأنهم استغنوا ... » لا يعارضه ما وقع في «ميزان الاعتدال ٥۱۷/۳ في ترجمة (محمد بن الحسن بن أزهر الدعاء) قول الذهبي: ورأيت له حديثاً أسناده ثقات سواه».
وضبط محقق (الميزان) لفظة «أسناده بهمزة فوق الألف وعليها فتحة، وهو ضبط خاطئ والصواب ضبطه بكسر الهمزة . وله تحقيق آخر عميق في ترجمة محمد بن القاسم الطايكاني حيث جاء في ترجمته: «قال عبد الله: الأسناد ... حدثنا أحمد محمد، ولفظة الأسناد ضبطها محقق الميزان بهمزة فوق الألف . بن وفيه تحریفان تحريف في إثبات لفظ الأسناد بالهمزة فوق الألف، وتحريف أشد في اللفظ نفسه الذي هو (الأسناد) فإنّه محرّف عن: (وقال عبد الله الأستاذ . . .).
والأستاذ أبو غدة في تحقيقه رجع إلى الأصول ونراه هنا في ترجمة عبد الله الأستاذ يأتي بها من أنساب السمعاني؛ فيقول: فالأستاذ هنا لقب لعبد الله، وهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري السَّبَذْمُوني المتوفى سنة (٣٤٠هـ)، كما ضبطه السمعاني وترجم له في «الأنساب ١٩٦/١، في لفظ (الأستاذ).
قال: «الأستاذ بضم الألف، وسكون السين المهملة وفتح التاء ثالث الحروف بعدها الألف، وفي آخرها الذال المعجمة هذا لقب أبي محمد عبد الله محمد بن يعقوب البخاري السبذموني.
وقد جمعتني وإيّاه بعض الظروف العلمية في بعض المجامع حيث يتبين ما امتاز به من محافظة على تعبيره وإبداء آرائه المحرّرة في تدقيقات علمية عز نظيرها مما دعا إلى الاستماع إليه تمام الاستماع حيث لا فضول عنده في إبداء آرائه ونقوله. أثر على الأستاذ أبي غدّة بعض أساتذته وأولهم الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري (١٣٧١هـ / ١٩٥٢م).
وتلقى عنه حين كان يدرس في القاهرة، ولم تنقطع صلته به بعد انتهائه من الدراسة في القاهرة، وقد وصف أحمد خيري اتصال الشيخ عبد الفتاح بالشيخ زاهد الكوثري عند عده في الشيوخ الذين تلقوا عنه بما يأتي: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كان يطلب العلم بالأزهر واشتغل بعد تخرّجه بالتدريس في بلدته حلب رأيته أكثر من مرة بمصر يسأل الأستاذ ويستمليه ويكتب عنه. وبلغ من شدة تعلقه إليه فهو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة الحنفي الكوثري وهو من تلامذته به أن نسب نفسه النقادة بعد هجرته».
وقد أبدى أبو غدة تعلّقه وإكباره لأستاذه محمد زاهد الكوثري في طالعة كتاب الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة مع «التعليقات الحافلة حيث قدّم الكتاب: الإهداء إلى روح أستاذ المحققين الحجّة المحدّث الفقيه الأصولي المتكلم النظار المؤرخ الإمام محمد زاهد الكوثري وذلك سنة (١٣٨٤هـ).
وكما تأثر بالكوثري تأثر باللّكنوي وتأثره باللكنوي بإشارة من أستاذه محمد زاهد الكوثري، حيث يقول في آخر الإهداء المذكور: الذي كان يوصي بكتب اللكنوي، ويحض عليها رحمة الله عليهما.
اعتناؤه بالحديث:
اعتني الأستاذ أبو غدة بالحديث في نواح متعددة، ومطالعة قائمة كتبه التي طبعت تُظهر ماله من عناية تحقيقاً وتأليفاً فقد بلغت تسعة وأربعين كتاباً، وكلها مليئة بما امتاز به مثلما كتبه على «الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة» من التعليقات التي سماها: «التعليقات الحافلة على الأجوبة الفاضلة» فإنها طافحة ببحوث عدة فكلما ورد بحث في هذه الأجوبة أفاض فيه. كما أنه في تحقيقه للكتب يختار ما هو الأجود كما في تحقيقه لكتاب «المصنوع لمعرفة الحديث الموضوع» وهو «الموضوعات الصغرى للإمام الفقيه المحدث الشيخ علي القاري الهروي؛ إذ بيّن أنه لماذا اختاره للنشر بما ذكره. . «وإن من أحسن ما ألف في هذا الباب كتاب المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» للإمام العلامة الفقيه المحدث المتفنن الشيخ علي القاري رحمه الله تعالى، إذ اقتصر فيه على ذكر الحديث الموضوع، دون غيره من الحديث الضعيف أو الصحيح كما فعل غيره من العلماء ليكون أصغر حجماً، وأيسر استفادة ،وعلماً فأحببتُ إذاعته ونشره، خدمةً للسنة النبوية المطهرة بالذب عنها ما ليس منها، فإن نشر هذا الكتاب وأمثاله ليعين على تنقية الألسنة والأقلام والمجتمع من الأحاديث المكذوبة على رسول الله ﷺ، وذلك واجب ديني هام، أرجو أكون قد قمت بجانب منه، والله ولي التوفيق.
وكما اعتنى بالحديث في جوانب متعدّدة له عناية ممتازة وهي عنايته بالإسناد، وهذه الناحية تتطلب منا بحثاً طويلا ولكن سنقتصر على ما تتضح به مكانته في الإسناد.
وعنايته بالإسناد تظهر فيما كتبه على الإسناد، وفي أسانيده التي تلقاها عن الكثير من العلماء. أما ما كتبه عن الإسناد فقد كتب في ذلك كتابة خاصة عن الإسناد وما جاء من أقوال الأئمة المحدثين في طلبه وشرفه وتفرد الأمة الإسلامية به وأهميته وموقعه في رواية الحديث وتلقيه وموقعه في تلقي سائر العلوم ودخوله في تحمل الخالفين عن السالفين . وألف في ذلك كتاباً سمّاه: «الإسناد من الدين» بحث فيه أولا على أنّ الإسناد من خصائص هذه الأمة الإسلامية، وتحدث عن الإسناد وحقق فيه كما قدمنا وذكر ما نقل عن بعض الأئمة المبارك.
فقد روى الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد في ترجمة أبي إسحاق إبراهيم بن محمد أمين البخاري بسنده إلى تلميذ عبد الله بن المبارك: عبدان قال سمعت عبد الله بن المبارك، يقول: الإسناد عندي من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، ولكن إذا قيل له مَنْ حدَّثك بقي، قال عبدان ذكر عبد الله بن المبارك هذا عند ذكر الزنادقة وما يصوغون من الأحاديث.
وقد تبسط أبو غدة في ذكر ما ورد في قيمة الإسناد عن كثير من الأئمة مثلما قاله سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن؛ فإذا لم يكن سلاح فبأي شيء يقاتل.
وقال أيضاً: الإسناد زين الحديث فمن اعتنى به فهو «السعيد معه لأحد من وأكد هذا بما جاء عن محمد بن حاتم بن المظفر حيث يقول: إن الله تعالى قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد، وإنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم وليس تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل مما جاءهم به ،أنبياؤهم وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات.
وتحدث عن الأمة الإسلامية التي اختصت بالإسناد فقال: «وهذه الأمة الشريفة - زادها الله شرفاً بنبتها - إنما تنص الحديث - أي ترويه . عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة، عن مثله، حتى تتناهى أخبارهم، ثمّ يبحثون أشدّ البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط ، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجهاً ـ أي طريقاً - يهذبوه الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه، ويعدوه عداً. فهذا من أفضل نعم الله تعالى على هذه الأمة، فنستوزع الله شكر هذه النعمة وغيرها من نعمه، ونسأله التثبيت والتوفيق لما يقرب إليه، ويزلف لديه، ويمسكها بطاعته، إنه ولي حميد.
ونقل أبو غدة ما قاله أبو بكر محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الثقفي الأصبهاني: بلغني أنّ الله تعالى خص هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها من الأمم الإسناد والأنساب والإعراب. وهذا الذي نقله ذكره الإمام القسطلاني في «المواهب اللدنية».
وجرياً من أبي غدة على عادته في التحقيق ذكر ما ذكره محمد الزرقاني في «شرح المواهب» من أن أبا بكر محمد أحمد هو ابن عبد الباقي بن منصور البغدادي الحافظ الإمام القدوة كان فاضلا، حسن القراءة للحديث قائماً باللغة علّامة في الأدب، مات في ثاني الأول سنة ٤٨٩هـ.
وعقب عليه بأن هذا وهم منه رحمه الله تعالى في تعيين أبي بكر أحمد لأن الخطيب البغدادي روى هذا الخبر بسنده في كتابه شرف أصحاب الحديث عن أبي بكر محمد بن أحمد وجاء في سنده هذا الشيخ المسمّى شيخ شیخ شیخه؛ فهو متوفى قبل الخطيب بدهور طويلة والذي ظهر لي أنه أبو بكر محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الثقفي الأصبهاني، ترجم له الذهبي في تذكرة الحفاظ وقال: هو محدث ابن محدث كثير التصانيف مات سنة تسع وثلاثمائة .
وزيادة للفائدة أذكر ما ذكره الزرقاني في فائدة الاختصاص بالأنساب والإعراب أما الإسناد فقد تقدَّم أنه من الدين، وأما الأنساب فإن تعلمها من أسباب صلة الرحم كما جاء في الحديث: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم. .. الحديث، وقد رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة.
وعنه: وتعلموا من العربية ما تعرفون به كتاب الله ثمّ انتهوا رواه زنجويه هو مائة وتسعة إذا نظرنا للذين روى عنهم نراه بلغ عدداً كبيراً وسبعون، بينما إذا نظرنا مثلاً إلى الشيخ عمر حمدان مسند الحجاز نراه لم يبلغ هذا المبلغ فقد تلقى عن شيوخ عدة فإذا أخذنا مشايخه الحجازيين نراهم لم يتجاوز عددهم ثلاثة عشر شيخاً، ومشايخه اليمنيين كانت عدتهم خمسة شيوخ وشيوخه من المصريين كان عددهم تسعة شيوخ، ومشايخه الشاميين كان عددهم خمسة، ومشايخه المغاربة كان عددهم تسعة وليس فيهم من الهند أحد.
أبو غدة المُسندِ:
والشيخ عمر حمدان ألف في أسانيده محمد ياسين الفاداني المكي إتحاف الإخوان باختصار مطمح الوجدان في أسانيد الشيخ حمدان، والشيخ عمر حمدان من مواليد سنة ١٢٩٢هـ وتوفي رحمه الله سنة ١٣٦٨هـ وقد تشرَّفتُ بالتلقي عنه . عمر والشيخ أبو غدة فاقه بالكثير من شيوخه.
فأبو غدة مشايخه من مكة المكرمة بلغوا عشرة شيوخ، وشيوخه من المدينة سبعة، كما تلقى عن شيوخ من حلب، وشيوخ من الأحساء، وشيوخ من إسطنبول، وشيوخ من بغداد، وشيوخ من حضرموت وشيوخ من حماه وشيوخ من حمص، وشيوخ من دمشق، وشيخ من دير الزور، وشيوخ من السودان، ومن طرابلس الشام وفلسطين ومن مصر ومن المغرب ومن اليمن، وشبه القارة الهندية وقد تكفل بتسميتهم والتعريف بهم ابن أبي غدة الروحي البار البحاثة محمد بن عبد الله آل الرشيد في كتابه الذي هو «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح.
ولم يفق الشيخ أبا غدّة إلّا الشيخ عبد الحي الكتاني وهو من شيوخه فقد ذكر في «التعليقات الحافلة ما نصه: أن الشيخ عبد الحي الكتاني هو شيخه بالكتابة إجازة وشيخ شيوخه لقاء ومشافهة وعرّف بوفاته قائلا : العلّامة الشيخ عبد الحي الكتاني المغربي المتوفى يوم الثلاثاء ٢٩ من جمادى الآخرة سنة ۱۳۸۲هـ رحمه الله تعالى .. هو إن الشيخ عبد الحي الكتاني زادت شيوخه على خمسمائة شيخ. ويتفوق أبو غدة على الشيخ الكتاني بأنه كان دائرة معارف فاق فيها الكثير من رجال عصره ،و شيوخه، فهو كما هو من رجال الإسناد هو من رجال الإفادة بدروسه مما دلّ على أنّ الإسناد لا ينافي التوسع في العلم كما يدعيه بعضهم. الأفذاذ الذين يفتخر بهم عصرهم، فقد ازدهر بتلاميذه ومساهمته في المجامع العلمية وتآليفه مما دلّ على قدم راسخة في العلم، وتنوع المعرفة، فمن حيثُ قَصَدتَه في ناحية إلا وأشبع القول فيها كما عرفته فيه في اتصالاتنا الأخيرة في مكة المكرمة رحمه الله رحمة واسعة في فراديس الجنان العلماء النفاعين المخلصين لعلمهم ودينهم.
فأبو غدة من مع تاريخ الكتابة
٣٠/ ١٤١٨هـ ربيع
الشيخ محمد الشاذلي النيفر
تقريظ العلامة الرباني والمفكر الإسلامي الكبير
الداعية المربي سماحة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي
الأمين العام لندوة العلماء في مدينة لكنو بالهند
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد طلب مني العزيز الشاب النبيل النابه الصالح، محمد بن عبد الله آل الرشيد - حفظه الله تعالى ـ ومتع به طلبة العلم والمسلمين جميعاً ـ أن أكتب مقدمة للثبت الجامع المانع الحاوي النافع لبقية السلف الصالح، وعمدة المحدثين في هذا العصر، العلامة المحدث الفقيه الأصولي المحقق والداعية التقي الصالح فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبي غدة ـ حفظه المولى عز وجل - ونفع به الأمة الإسلامية كلها ـ
وقد رأيت في ما قدم إلي من مجلد بعنوان «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح جهداً صالحاً مشكوراً، في استقصاء أسانيد الشيخ المحدث الرحال الجوال الذي ذكرنا برحلاته ولقائه العلماء والمشايخ في الأمصار والبلدان بعلمائنا المحدثين الأوائل الذين كان الواحد منهم يرحل من خراسان إلى المغرب الأقصى، ومنه إلى المشرق الأقصى. وقد دعوتُ فضيلة الشيخ المحقق إلى دار العلوم لندوة العلماء مرتين لإلقاء محاضرات في الحديث النبوي وعلومه، فتلقى دعوتنا بحب وإكرام، وشرف أساتذة الدار وطلابها بمحاضرات قيمة نافعة لا يزال يذكرها المتشرفون بسماعها ويجدون لذاتها وتأثيرها، وحلاوتها، ويحبون تكرارها واستمرارها وإنني لما أعاني هذه الأيام من ضعف وأمراض مع زحمة أعمال، إذ أعتذر إلى الأخ العزيز من كتابة مقدمة على هذا العمل الحديثي الجليل الذي هو في غنى عن كل تعريف وتقديم .
أهنئه على هذه الخدمة المباركة السعيدة، وأدعو له بالتوفيق والقبول، والمزيد من خدمة هذا العلم الشريف المنيف، بارك الله فيه، وتقبَّل منه هذا العمل وجزاه ممن عنده خير الجزاء، والله ولي التوفيق .
٤ / شوال/ ١٤١٧هـ -أبو الحسن علي الحسني الندوي
تقريظ العلامة المحدث الفقيه الأديب الخطيب
الشيخ أحمد نصيب المحاميد الدمشقي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بالخفيَّات، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، والقلب الرؤوف الرحيم، اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه أولي الفضل العميم، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإنه من فضل الله على عباده أن جعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتألفوا وتنمو بينهم أواصر الصداقة والمحبة والأخوة، زيادة على أخوة الإسلام العامة الثابتة بنص القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ .
وقد شاءت إرادة الله عز وجل أن نتعرف في هذه الآونة الأخيرة على صديق وأخ كريم رفيع الشَّيَم دمث الأخلاق، محب للعلم مقدّر هو الشيخ - محمد بن عبد الله آل الرشيد - فوجدت فيه الإنسان الذي كان يبحث عنه الشاعر العربي الحكيم بقوله للعلماء:
مــن لــي بــإنـســان إذا أغضبته .. وجهلت كـان الـحـلـم رجـع جـوابـه
وإذا طـربـت إلـى الـمـدام .. شربت من أخلاقه وســـكـــرت مــن آدابـه
وتراه يصغي للـحـديـث بسمعه .. وبقلبــه ولـــعـــلــــه أدرى بــه
والذي كان يبحث عنه الشاعر الآخر بقوله:
وإنـي لـمـحـتـاج إلى ظل صاحب .. يرق ويصـفـو إن كدرت عـلـيـه
وجدتُ فيه كل هذه الصفات الرفيعة، وزاده عندي مكانة ومحبة أنه تلميذ للعالم الجليل، والمحدث المتقن، والأصولي البارع، والمحقق الجهبذ صاحب الفضيلة مولانا عبد الفتاح أبو غدة، وأي تكريم له أكثر من أن جعله الله تلميذاً لهذا الشيخ الجليل، ورحم الله من قال : عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه.
ومَنْ هو عبد الفتاح ؟ هو الذي فتح عليه الفتاح بالعلوم النافعة، والأبحاث الناصعة والتآليف المفيدة والتعليقات النيرة من الشيء الكثير الذي أغنى به المكتبة الإسلامية، وأقنع به النفوس الطائعة، لذلك كان الشيخ عبد الفتاح حفظه الله وأطال عمره جديراً بأن يُعنى به تلميذه محمد بن عبد الله آل الرشيد هذه العناية الخاصة.
هذا وقد أطلعني على «ثبت تحدّث فيه عن بعض مرويات الشيخ، وعن شيوخه وشيوخهم، وجده في طلب العلم، وإن صنيعه هذا لبعض ما يجب تجاه حقوق العلماء المخلصين. والشيخ عبد الفتاح - حفظه الله ورعاه ـ هو عَلَم من أعلام المحدثين والأصوليين والأدباء، وأرجو أن يندرج في حديث النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، القائل: يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين». وهو - حفظه الله تعالى ورعاه - لا يزال عالماً ومتعلماً ومعلماً أطال الله عمره ونفع به، فهو قد تخلّق بخلق الإمام ابن المبارك رضي الله عنه : من المحبرة إلى المقبرة.
وجزى الله خيراً تلميذه البار الشيخ محمد بن عبد الله آل الرشيد الذي أصدر هذا الكتاب لينوه بذكر شيخه عبد الفتاح حتى يعرفه من كان يجهله. والله يجزي المحسنين.
وكتبه أحمد نصيب المحاميد
تقريظ العلامة القاضي
أبي الإرشاد محمد مرشد بن عابدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. إن مما اختص به المولى سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية تسلسل الرواية وضبطها وعدم الشك فيها. فقد اتصل بنا القرآن العظيم رواية عن الله عز وجل بلسان جبريل عليه الصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ، ومنه إلى صحابته رضي الله عنهم، ومنهم إلى خلفهم ومَنْ خلفهم إلى خلفهم وهكذا إلى يومنا نسبه هذا بتسلسل وصحة رواية وضبطها وصحة تلفظها من قوم إلى قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب مما يجعلنا نعتقد أن بين أيدينا هو ما أوحى به الله سبحانه وتعالى إلى محمد ﷺ دون أدنى شك.
وهكذا نقل الصحابة عن النبي ﷺ أقواله وأفعاله حتى وصلت إلينا، إلا أن نقل أقواله وأفعاله مما يطلق عليه اسم السُّنَن لم تكن مساوية لنقل القرآن العظيم فمنها المتواتر والمشهور والآحاد مما جعل بعضها واجب الاعتقاد والعمل به وبعضها واجب العمل به دون الاعتقاد، ومنها الضعيف الذي لا يوجب العمل ولا الاعتقاد به : وقد اعتنى العلماء برواية السنة، واشترطوا شروطاً دقيقة في قبول الرواية والراوي واعتنوا بتوثيق الأقوال ونسبتها إلى أربابها، وعلى كثير من العلماء بتصنيف الأثبات وذكروا فيها قراءتهم وإجازاتهم ومروياتهم عن شيوخهم من الكتب الحديثية والفقهية. ذلك درج ومن ذلك ما ألفه عمدة المحققين العلامة الفقيه السيد محمد أمين عابدين - صاحب الحاشية - في كتابه المسمى «عقود اللآلي في الأسانيد العوالي». وذكر فيه أسانيد شيخه العلامة الشيخ محمد شاكر العقاد رحمهم الله تعالى . وعلى هذا المنهج في تخريج التلميذ ثبتاً لشيخه قام تلميذنا البار الأستاذ محمد بن عبد الله آل الرشيد - وفقه الله تعالى - بتخريجه هذا الثبت لشيخه العلامة المحقق مفخرة المتأخرين صاحب المؤلفات النافعة والتحقيقات المفيدة المرحوم الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى باسم إمداد الفتاح بأسـانـيـد ومـرويـات الـشـيـخ عبد الفتاح، وقد اطلعت على بعض ما حرره فوجدته موافقاً للقواعد، فجزاه الله خيراً ونفع المسلمين بما أثبته وقد طلب إلي أن أقدم بين يدي مُصَنَّفه فحررت ما سبق وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
دمشق: الخميس، ٢٦/ ربيع أول/ ١٤١٨هـ الموافق ٣١/ تموز/ ١٩٩٧م
كتبه بخطه: محمد مرشد بن أبي الخير عابدين
تقريظ العلامة الفقيه المؤرخ الأديب الشاعر
الحبيب محمد بن أحمد الشاطري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبه نستعين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد، ففي هذا العصر الحديث الذي استحوذت فيه المغريات المادية والمظاهر الفارغة على قلوب كثير من العلماء نجد من بينهم قلة قليلة وصفوة مختارة نذروا أنفسهم الله تعالى وللعلم، مخلصين في أداء واجبهم نحو ربهم ونحو خلقه، ونشروا الدعوة الإسلامية بأعمالهم قبل أقوالهم، ونظروا بنور بصائرهم قبل نور أبصارهم، أولئك حزب الله ألا إِنَّ حزب الله هم المفلحون.
يبرز من أولئك أخونا وصديقنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة طيب الله ثراه، ذلك الفقيه المحدّث العلامة المتبحر في العلوم الشرعية والعقلية والعربية مع التحقيق والتدقيق كما شاهدنا ذلك ولمسناه في مؤلفاته الكثيرة النافعة يزيّن هذا كله نزاهة نفس، وأخلاق كريمة، وحب للأولياء والصالحين وأهل البيت الطاهر، وتواضع جم.
ولم أنس منه رحمة الله عليه حين أهداني نسخة كتابه القيم المسمى «قيمة الزمن عند العلماء وقدَّمه إليَّ وهو يبتسم ابتسامة الرضا ويقول: من فضلكم أن تلاحظوا عليه وتفيدوني بما ترونه. وقد أُعجبت بذلك الكتاب القيم - كما أُعجب به غيري ـ بعدما قرأته وقدمت إليه ما أحفظه علماء حضرموت من قيمة الزمن لديهم رضي عنهم وعنه.
ولما أرسلته إليه سُرَّ به سروراً عظيماً، ووعد بأن يضمه إلى الطبعة القادمة رحمة الله عليه. وقد وجدته رحمه الله أديباً كبيراً وناقداً بناء في الجلسات التي جمعتني به، وساجلته في كثير من المقاطيع والأبيات الشعرية . إني أكتب هذه الفقرات بمناسبة ما جمعه ورتبه تلميذه ومريده المخلص الشاب الألمعي محمد بن عبد الله آل الرشيد من أبناء الرياض في كتابه المسمى «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح، والتمس مني كلمة عن شيخه وعن كتابه هذا. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .
جدة: ٢٣/ ٤ / ١٩٩٧م الموافق ١٤١٧/١٢/١٦هـ
محمد بن أحمد الشاطري
تقريظ العلامة الفقيه الداعية
الحبيب سالم بن عبد الله بن عمر الشاطري
شيخ رباط تريم والمدرس في جامعة الأحقاف بتريم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رفع بالعلم أناساً وأذلَّ بالجهل آخرين، جعل الإسناد أساساً لهذا الدين المتين، وخصَّ به أمة سيد المرسلين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما قال كما روي ذلك عن العلماء العاملين، وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين وإمام المتقين سيدنا محمد الرسول الأمين، الذي بَشَّر الرَّاوين لكلامه من المحدثين أن ينضّرَ اللهُ وجوهَهُم في هذه الدار وفي يوم الدين، وعلى آله وصحبه الرجال الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين الذين حرصوا على علوّ الإسناد إلى سيد الأنبياء والمرسلين، رحمهم الله ونفعنا بهم وألحقنا بهم وحشرنا معهم في عافية آمين .
أما بعد: فقد سَرَّحت نظري في هذا الكتاب المسمى: «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح ثَبت العلامة المحدث الفقيه الأصولي المسند الشيخ عبد الفتاح أبو غدة أمتع الله بحياته في عافية أمثاله آمين جمع وترتيب تلميذه الأديب الأريب الرشيد محمد بن عبد الله آل الرشيد، بارك الله فيه وجعله في كل خير إلى وكثر من مزيد آمين.
قام بذلك خدمة لشيخه صاحب الكتاب المذكور، وخدمة المشايخ بإخلاص من أفضل ما يُتَقرَّبُ به إلى الله تبارك وتعالى، يتعرض به للنفحات الإلهية والأسرار الربانية، وقد وجدتُ الكتاب المذكور كتاباً حافلا جامعاً، وفي موضوعه مفيداً نافعاً، جمع فيه أسانيد كثيرة فأوعى لعلماء كثيرين من أنحاء الدنيا فأحسن صنعا . والشيخ عبد الفتاح المذكور أشهر من نار على علم، فهو العالم المتبحر في علوم كثيرة لا سيما الحديث والفقه والأصول واللغة العربية، يدل على ذلك مؤلفاته المستمرة القيمة المحققة، وقد الله له بين التدريس والتأليف، وحصل منه النفع المتعدي لهذه الأمة بلسانه ،وبنانه وقد مارس التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض سنين عديدة وأشرف وناقش عدداً كبيراً من رسائل الدكتوراه في مواضيع مختلفة من علوم الحديث. فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأمتع الله بحياته وزاده من فضله آمين .
كتب ذلك الفقير إلى الله:
سالم بن عبد الله بن عمر الشاطري عفا الله عنه آمين
بتاريخ ٤/ محرم/ ١٤١٧هـ
تقريظ العلامة الفقيه المؤرخ البحاثة
الشريف محمد بن عبد الهادي المنوني الحسني
بسم الله الرحمن الرحيم
تفضّل الأستاذ المسند الراوية الشيخ محمد بن عبد الله آل الرشيد، فأطلعني على كتابه العامر: «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح، وهو الذي تناول فيه التعريف بالجانب الحديثي اختصاصات شيخه الإمام المحدث الأصولي المربي العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة الحلبي مشيخته وتخريج أسانيده ومروياته. ولحسن حظي سبق أن تعرفت به من عام ١٣٨٣هـ، ثم تكررت اجتماعاتي به عامي ١٣٨٧ و ١٤٠٦هـ ، وكان ذلك خلال زياراته للمغرب عضواً مساهماً في حلقات الدروس الحسنية في شهور رمضان.
أما التلميذ البار الشيخ محمد آل الرشيد المؤلف لهذه المادة المعلمة، فقد بذل جهداً مشكوراً في التعريف بأحد اختصاصات أستاذه في الحديث الشريف، فإلى ارتساماته عن معارف شيخه الهمام وقد لازمه سنين ملازمة الظل للشاخص، أضاف لذلك ـ في توسع ـ حصيلة مطالعاته التي تتصل بالأسانيد ،والروايات، اعتماداً على المصادر والمراجع: مطبوعة ومخطوطة ومصوَّرة متداولة ونادرة، وقد سار في هذه المستندات على الإفادة من فحواها، ومرة أخرى على الأخذ من دفائنها ومخباتها، فيذيل بهذه - أحياناً ـ في الهوامش درراً وغرراً تزيد في أهمية «الثَّبَت» الموسوعي. تعامله مع وقد نثر - خلال هذه الزيارات - دروساً حديثية أثارت إعجاب وتقدير العارفين من العلماء، وسائر في إملائها الطريقة المثلى للصناعة الحديثية: سنداً وتحليلاً للترجمة والمتن واستنباطاً وتنويعاً وتفنناً حسب المناسب لكل درس... ولست أطيل في التعريف بأستاذنا الإمام، بعد شهادات سادتنا الأعلام في ارتساماتهم التي حلوا بها طالعة «إمداد الفتاح فلا عطر بعد عروس. هذا إلى إحكام الترتيب لمسائل الكتاب، وصياغته في تعبير فضلا عن تحريات المؤلف واهتمامه بضبط الكلمات المشكلة، ثم ذكره للمؤلفين بالاحترام اللازم لمقامهم، والتنويه بفضلهم، والدفاع عنهم، والتلطف في نقدهم وتصويب هفواتهم. ومن هذه الإطلالة السريعة تتبيَّن مقدرة المؤلف في تأليف موسوعته، ومدى اطلاعه الواسع في باب الإسناد والرواية، كما يشفُ الجانب المصدري من الكتاب عن هيام منه بجمع مصادر ومراجع علوم الحديث، في مطبوعات ومخطوطات ومصوّرات تتيه بها الخزانة الرشيدية العامرة وتلك شِنْشِنة المحدثين في الحفاظ على أصول الشريعة الإسلامية.
وأخيراً: فإن الكتاب يقدم مثالاً رائعاً من صبر العلماء في ميدان التدوين والإفادة. فالحمد لله على بقاء ذلك إلى عصرنا وجزى الله - سبحانه مؤلفنا سليل المجد والفضل، على حُسن بروره بأستاذه شيخ الشيوخ، وجعل من المؤلف خير خلف لخير سلف، والله - سبحانه ـ ولي التوفيق .
- جمادى الأولى ١٤١٨هـ محمد المنوني
تقريظ العلامة السيد
عبد الله بن عبد القادر التليدي الحسني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وعلى آل النبي وأزواجه وأصحابه الشرفا. وبعد: فقد أطلعني الأخ الكريم المؤرّخ البحاثة الشيخ محمد بن عبد الله الرشيد على كتابه «إمداد الفتاح الذي جعله ثبتاً لشيخه صاحب الفضيلة العلامة الكبير المحدث المحقق المطلع الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والذي وضعه في ذكر شيوخه ومروياته وأسانيده.
رتبه على بابين جعل الباب الأول أربعة فصول: الفصل الأول في ذكر أسماء شيوخه مرتبين على حسب البلدان فذكر منهم أكثر من مئة وثمانين على اختلاف نحلهم ومذاهبهم وبلدانهم وأقطارهم من حجازيين ويمنيين وعراقيين وشاميين وهنود وباكستانيين وأتراك ومغاربة ... وأما الفصل الثاني، فأورد فيه الحديث المسلسل بالأولية وبيان شيوخه الذين سمعه منهم بشرطه مع ذكر أسانيدهم إلى منتهاها. وأما الفصل الثالث، فخصَّه لذكر أسانيد بعض مسندي شيوخه، وقد أطال في ذلك وأسهب، وأحسن وأوعب. وأما الفصل الرابع، فأفرده لذكر أسانيد الشيخ إلى أصحاب الأصول العشرة وهي الأمهات الست البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأصول الأئمة الأربعة وهي مسانيد أبي أحمد حنيفة وموطأ مالك ومسند الشافعي ومسند رحمهم الله تعالى.
أما الباب الثاني فجعله في ذكر أسانيد الشيخ واتصاله بأمهات كتب الأثبات والمعاجم والمشيخات والمسلسلات والأوائل بمر العصور حتى وقتنا هذا وجملتها نحو من خمسين وثلاثمائة كتاب . هذه فجاء كتاباً حافلاً قد أجاد فيه وأفاد فكان من الأثبات التي تستحق الاهتمام بل والطبع والنشر ليعم به النفع لا سيما في العصور التي قلّ من يعتني فيها بعلم الحديث الشريف عموماً وبهذا النوع منه خصوصاً، وهو وإن كان ليس من أصول علوم الحديث، بل المتممات فإنه يحفظ على الأمة بقاء سلسلة السند والاتصال بالنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الذي يعتبر من خصائص هذه الأمة الشريفة كما هو معروف.
فجزى الله تعالى أخانا الرشيد الذي قام بهذا الجانب وأحيا ما مات منه أو كاد وأثابه على عمله وجهوده التي عاناها في إعداد هذا الكتاب، وجعل ذلك في صحائف حسناته المتقبلة آمين . هذا والشيخ سيدي عبد الفتاح أبو غدة ـ حفظه الله ونفع به -غني عن التعريف فترجمته واسعة وحياته زاهرة زاخرة بما قدم لأهل العلم من الإنتاج الذي عمّ المشارق والمغارب والذي عرف بالتحقيق والاطلاع الواسع علاوة على ما يقوم به من أداء رسالة العلم بالتدريس والمحاضرات والتوجيه منذ زمن طويل. فالرجل بحق يعتبر من محاسن العصر وأفراده ونوادره علماً واطلاعاً وتحقيقاً وفضلاً وصلاحاً، وحسبه فخراً أن يكون تلميذاً لما حواه هذا الثبت من الأعلام والحفاظ الأفذاذ، فبارك الله لنا في عمر أستاذنا الجليل وحفظه من كيد الكائدين وجعل خير أيامنا وأيامه وأسعدها يوم لقائه . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا وعلى آله وزوجاته وصحابته أجمعين.
وكتبه عبد الله بن عبد القادر التليدي الحسني
طنجة في ٣٠ من ربيع الأول عام ١٤١٧
تقريظ العلامة الأديب الشاعر المؤرخ المسند
الشيخ عبد القادر بن كرامة الله البخاري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد؛ فقد أطلعني الشاب الأديب الأريب الباحث النبيه الأستاذ محمد بن عبد الله الرشيد على «الثبَتِ» المتقن الذي جمعه في أسانيد شيخه العلامة المحدث الجليل عبد الفتاح أبو غدة الحلبي الحنفي - رحمه الله تعالى ، فسرَّني هذا العمل المفيد. وكان الشيخ عبد الفتاح - رحمه الله تعالى - قد شرفني بزيارته لي في بلدة رابغ بتاريخ ١٤١٤/٥/٢٨ بصحبة بعض تلامذته النجباء، ومنهم جامع هذا الثبت. - وقد كنتُ أسمع عن علم الشيخ ومكانته، وواسع اطلاعه، وعظيم تحقيقه من شيخنا العلامة إبراهيم الخُتني، والشيخ محمد سلطان النمنكاني - رحمهم الله تعالى ـ جميعاً. وقد تشوّقت لرؤيته والاجتماع به، لا سيما بعدما اطلعت على كتبه القيمه وتحقيقاته المفيدة النافعة .
- ولما ذهب فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ـ رحمه الله تعالى . إلى مدينة بخارى، وزار مدرسة ميرعَرَب التي كنتُ طالباً فيها منذ أكثر من سبعين عاماً، ورأى مكتبتي الواسعة التي قدمتها هدية مني للمدرسة، وصدقة جارية وهي تحتوي على كتب من ثلاث لغات : عربية وفارسية وتركية. فاستحسن الشيخ صنيعي وأُعجب بعملي، وعَزَم على التعرف عليَّ وزيارتي، عندما علم أني مقيم بمدينة رابغ عن طريق تلميذه جامع هذا الثبت. فكان لقاء ممتعاً، ويوماً مباركاً استفدتُ فيه من علمه وأدبه، وأنشدته كثيراً من الأبيات الشعرية واستجازني فأجزتُه، واستجزتُه فأجازني. وَتَدَبَّجْتُ معه مما يدلُّ على كريم أخلاقه وعظيم تواضعه.
ولما قرأ علي تلميذنا الرشيد بعض الفصول من هذا الثبت، دهشت لهذا الجمع والتحقيق، وأعجبت بالتقاريظ التي كتبها كبار علماء العصر. وتمنيت أن يُطبع هذا الثبت ليكون مرجعاً يستفيد منه الباحثون، ويتمتعون بما فيه من بحث وتحقيق وأرجو أن أمتع عيني وقلبي برؤيته في حياتي قبل مماتي. وإنني دائم الدعاء والترحمات لسماحة العلامة الفقيد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة. وأسألُ الله سبحانه أن يبارك له في ذريَّته وتلامذته ليحملوا العلم من بعده، ويؤدُّوه كما أداه شيخهم بإخلاص وإتقان. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
أملاه الفقير إلى مولاه عبد القادر كرامة الله البخاري في بيته في مدينة رابغ.
تقريظ العلامة الفقيه المؤرخ
فضيلة الشيخ عبد الفتاح بن حسين راوه المكي الشافعي
المدرس بالمسجد الحرام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا وحبيبنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. وبعد : فقد اجتمعنا بفضيلة العلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى مراراً وتكراراً بواسطة تلميذه الأخ محمد عبد الله آل الرشيد وفقنا الله وإياه لما يرضيه.
وقد رأينا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ممن يتعجب منه علماً ،وعملا وأدباً وتواضعاً ورواية ودراية، وتحقيقاً وإتقاناً، وسمتاً وهدياً. وقد حضر إلى داري بمكة المكرمة وتباحثنا في بعض المسائل العلمية، وسمعت منه وسمع مني، وتدبجت معه في الرواية، كما حضر في حلقتي بالمسجد الحرام عند باب السلام، وسمع درسي الذي ألقيه على الطلبة في المسجد الحرام وشكرني على ذلك.
جزاه الله عنا خير الجزاء، ورحمه الله وإيانا رحمة الأبرار المحبين الأخيار، وجمعنا الله وإياه والمسلمين بحبيبنا الأعظم سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وعلينا معهم بمنه وكرمه. آمين.
وقد أطلعني تلميذه بهي الطلعة الأخ المحب لنا ولأهل العلم كافة محمد بن عبد الله الرشيد على الثبت الذي جمعه لشيخه سميي العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وسماه «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح فوجدته ثبتاً محرراً جامعاً لجميع ما يطلب منه في فن الروايات وعلّق عليه كثيراً من التعليقات النافعة المفيدة، فجزى الله هذا التلميذ الوفي الحفيَّ بشيوخه خير الجزاء. آمین.
ولما رأيت معرفة الأخ محمد الرشيد بهذا الفن، وسعة اطلاعه على كتبه، وحسن ترتيبه لكتاب شيخه العلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فقد طلبت منه أن يقوم بطباعة ثبتي الذي سميته : المصاعد الراوية إلى الأسانيد والكتب المرضيّة» وفوضته أن يعيد ترتيبه وتنسيقه ويعتني به خدمة للعلم وطلبته ونشراً للرواية والإجازة لمن يطلبها مني، لكثرة طلاب الرواية عني بعد نفاد ثبتي المذكور. وفقه الله تعالى لما فيه الخير والصلاح، وجزاه الله خير الجزاء. آمين.
عبد الفتاح بن حسين راوه المكي مكة المكرمة - الحجون
يوم السبت ٣/ شوال/ ١٤١٨
تقريظ العلامة المحدث الناقد البارع
الشيخ محمد عبد الرشيد النعماني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. قد جمع أما بعد: فإن الشيخ العالم النبيل محمد بن عبد الله آل الرشيد ثبتاً لزين الديار الحلبيَّة، وأحد مفاخرها العلامة الفهامة العالم الكبير والحبر النبيل البارع الأديب المحدّث الشهير الشيخ عبد الفتاح أبو غدة أبقاه الله تعالى بالعز والكرامة، ونفع الأمة، بأسلوب بديع مع ذكر فوائد جمَّةٍ علمية بحيث تروق الناظر، وتسرُّ الخاطر، ما أدق نظره، سلمه الله ،وأبقاه ووفقه لما يحبه ويرضاه. الله به فلله دره، كتبه الفقير إليه تعالى ١/٢٥/ ١٤١٧هـ محمد عبد الرشيد النعماني غفر الله له
تقريظ تلميذ شيخنا العلامة الفقيه القاضي
الشيخ محمد تقي ابن المفتي محمد شفيع العثماني
استاذ دار العلوم وقاضي المحكمة الشرعية بكراتشي
وعضو المجمع الفقهي الإسلامي بـ (جدة)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى كل من تَبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإنَّ العلامة المحققَ الثَّبْتَ المحدِّثَ الكبير الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله رحمة واسعة - كان من العلماء الأفذاذ الذين قلّ أن يوجد مثلهم في تبحرهم في العلم، وسَعَة الاطلاع، ودقة التحقيق، وجَوْدَةِ الفهم، وكلُّ ذلك مع الورع والتقوى والحرص على اتباع السنة، والخُلُقِ الدَّمِثِ الكريم الذي لم يُخالطه أحدٌ بَشَاشَةٌ إلَّا أحبَّه.
وكنتُ ـ بفضل والدي المرحوم العلامة المفتي محمد شفيع رحمه الله - ممَّن تشرّفتُ بزيارته لأوَّلِ مرةٍ عند رحلته إلى باكستان عام ۱۳۸۲هـ، وأكرمني الله تعالى بحصولِ إجازة مروياته من أثناء تلك الرحلة، ثمّ وفقني الله سبحانه وتعالى لزيارة الشيخ مراراً، والتمتع بصحبته أشهراً وأسابيع تكراراً، وما زادني في ذلك إلا حبّاً له، وتقديراً لعلمه وورعه، وإجلالا لشخصيته النيرة التي تَتَرَقْرَق منها الأخلاقُ النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم.
وكم كنتُ أتمنى أن يُنْشَرَ للشيخ - رحمه الله تعالى - ثَبَت يجمع أسانيد مشايخه في جميع البلاد العربيَّة وفي باكستان والهند. فحقق الله تعالى هذه الأمنية على يد أخينا في الله تعالى، الأستاذ محمد بن عبد الله آل الرشيد - حفظه الله تعالى - وهو من تلامذة الشيخ الذين رزقهم الله نصيباً وافراً من صُحبتِهِ في الحَضَر والسَّفَر، والتمتُّع بنمير علومه الفياض.
فجمع أخونا في هذا الثَّبَت جميع أساتذة العلامة الشيخ عبد الفتاح - رحمه الله تعالى - بكلّ حيطة وتثبت، وذكر أسانيدهم بكل.
وهذا ما يتطلَّع إليه كلُّ طالب للعلم، وبخاصة الذين أكرمهم الله تعالى بالتتلمذ على الشيخ أو الاستجازة منه. فجزى الله تعالى أخانا خيراً. وأجزل له مثوبة وأجراً، ووفقه إلى المزيد من أمثال هذه الأعمال القيمة، ونفع به العباد والبلاد. وتغمد الله تعالى روح شيخنا برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه . وصلى الله تعالى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وكتبه محمد تقي العثماني
قاضي المحكمة العليا، لباكستان ونائب رئيس دار العلوم كراتشي ١٤
مقالة العلامة المفتي الشيخ محمد تقي العثماني
((العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى))
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن حادثة وفاة المحدّث الكبير والمحقق الفذ العديم النظير للعلوم الإسلامية مفخرة العالم الإسلامي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى جرحت القلوبَ وآلمت النفوس، إنا لله وإنا إليه راجعون . كان العلامة الشيخ من سكان حلب من بلاد الشام، مقيماً في الرياض منذ فترة طويلة معروفاً في العالم العربي بعلمه الواسع العميق، واتباعه للسنن، واتصافه بالورع والتقوى، ومحبوباً مرضياً عنه في جميع الدوائر العلمية والأوساط الدينية في شبه القارة الهندية.
قرع أذناي اسمه لأول مرة حينما سافر والدي العلامة المفتي محمد شفیع رحمه الله سنة (١٣٧٦هـ = ١٩٥٦م) لحضور اجتماع المؤتمر الإسلامي في سورية والأردن ولبنان وفلسطين، فكتب إلينا من دمشق في رسالته من لقي بها من العلماء، وخصَّ منهم بالذكر العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وبعد عودته من الرحلة ظل يذكره بغاية من المحبة والثناء، وكان يؤكد أن في العلماء العرب عدداً كبيراً ممن يمتاز بالعلم والبحث، ولكن العلماء الذين يجمعون بين عمق العلم واتباع السنن واقتفاء آثار السلف الصالح عددهم قليل جداً، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة من هذه الفئة القليلة من العلماء الصالحين.
إنَّ وصف الوالد رحمه الله للشيخ العلامة أثار في قلبي شوقاً لزيارته، ولكن لم يكن ذلك ممكناً في واقع الأمر، لأن الشيخ كان مقيماً في سورية وكان من الصعوبة بمكان أن نتصور زيارة بلاد الشام في تلك الأيام.
لكن بعد فترة طويلة فوجئنا بمشيئة الله تعالى ببشرى أن الشيخ العلامة سيتفضل بزيارة لباكستان، فامتلأت قلوبنا مسرة وفرحاً، وكانت زيارته هذه للبحث عن المخطوطات النادرة في خزائن الهند وباكستان، ولتوطيد الصلات بالأوساط العلمية فيها. شرفنا الشيخ بزيارته لكراتشي، وأقام بها أياماً، وتفضّل بحضور دار العلوم، فأقيمت حفلة تكريم له، وكنت إذا ذاك طالباً في الصفوف الأولى للغة العربية، فسألني والدي أن أعد خطاباً بالعربية أرحب فيه بالشيخ، فامتثلت لأمره وذكرت فيه - بجانب ترحيبي بالزائر الجليل الحبيب - تاريخ المدارس الدينية في الهند، وتأسيس دار العلوم بدیوبند، وخدمات علمائها بإيجاز، فشجّع الشيخ هذا الطالب الصغير تشجيعاً كبيراً.
ومما كتب في نهاية الاحتفال في سجل دار العلوم «لقد كان من فصاحة الأخ الحبيب في الله الشيخ محمد تقي نجل مولانا محمد شفيع ما كشف تقصير العرب في لغتهم، لا شك أن الشيخ لم يكتب هذه الكلمات إلا تشجيعاً لي ولكن يظهر من ذلك مدى تشجيعه للصغار، وحينما ودّعنا قال لي محبة: «لو كنت تفاحة لأكلتك»، ثم بدأ يذكرني بخطاب تفاحة الهند وباكستان، وذكرني بهذ اللقب في بعض مؤلفاته، وخلال رحلته هذه استجزته في الحديث النبوي الشريف فأجازني.
كانت هذه زيارته الأولى لباكستان، ثم حدثت في سورية أحداث سياسية استهدفت الأوساط الدينية والعلمية أصابت بشررها الكثير من العلماء المخلصين، وهاجر بعض العلماء، وإنَّ شيخنا العلامة وإن كان محباً للعلم بعيداً عن سياسة محبّ السلطة، لكنه كذلك لم يأمن الاضطهاد، فاضطر إلى الهجرة وأخيراً ألقى عصا الترحال في الرياض، حيث قام بالتدريس والبحث والتحقيق لمدة طويلة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وخلال هذه الفترة قام بزيارة باكستان مراراً، وكان يعتبر والدي رحمه الله شيخاً له، واستجاز منه كذلك.
وكذلك كانت معاملته مع شيخ الحديث العلامة محمد يوسف البنوري، فكان ينزل أحياناً ضيفاً علينا وأخرى عليه، وخلال إقامته لم يزل يفيض علينا بإفاداته العلمية. حينما جاءنا بعد وفاة والدي - رحمه الله ـ ظل يبكي طويلاً في ذكراه ولشدة محبته لنا أقام عندنا في دار العلوم نحو شهرين حيث أتم بعض مؤلفاته، وكان منفتحاً لجميع أساتذة دار العلوم وطلبتها، وكان عديم النظير في تواضعه الجم.
كانت الكتب خير جليس له وأنيس يعيشها صباحاً مساء، وكان عالماً منعزلاً عن الدنيا، ولكن الظروف اضطرته إلى المساهمة في السياسة لمصالح المسلمين والوطن واختير عضواً في برلمان سورية سنة ١٩٦٢ تقريباً، وكانت حركة «الإخوان المسلمين» هي الحركة القوية الوحيدة في مجال البعث الإسلامي، فارتبط بها، وشُرِّد إلى صحراء تدمر سنة ١٩٦٦م من أجل دفاعه ضد هتك حرمة تطبيق أحكام الإسلام في سورية، وقضى بها أحد عشر شهراً في السجن، أقام بعد هجرته من سورية في الرياض، ولكنه واصل كفاحه ضد اضطهاد الحكومات لحملة راية الدين في العالم العربي ولا سيما في سورية.
وفي سنة ١٩٨٦م عيّن مراقباً عاماً للإخوان، ثم إنه فوَّض هذه المسؤولية للدكتور حسن الهويدي وعكف على الحياة العلمية . قد تشرفت بزيارته مراراً في المملكة العربية السعودية خلال إقامته بها، وسافرت مرة إلى الرياض على دعوته، أما الاستفادة منه في الشؤون العلمية والمراسلات فلم تنقطع قط. حينما بدأت بتأليف التكملة لفتح الملهم شرفنا الشيخ في تلك الأيام بزيارته لدار العلوم، وأعرب عن سروره بهذا العمل، وكتب كلمات تشجيعاً لي.
كان الشيخ العلامة تلميذاً خاصاً للعلامة محمد زاهد الكوثري، ومما يمتاز به العلامة الكوثري دفاعه عن الفقه الحنفي ومذهب الأشاعرة بما أُوتي من عمق في العلم ورده على الذين استهدفوا علماء الحنفية والأشاعرة بالطعن والسب والشتم رداً علمياً مقنعاً، يسعنا الخلاف مع العلامة الكوثري كأي عالم من العلماء في بعض مواقفه وأساليبه، ولكن مما لا شك فيه أنه هو الذي تفرد بأداء فريضة الدفاع العلماء الأئمة الذين وجّه الطعن إليهم من غير مبرر معقول، وقام العلامة الشيخ عبد الفتاح مقام شيخه في هذا المجال كذلك وأدى حق خلافته العلمية خير أداء بفارق أن الشيخ اتخذ أسلوباً سليماً في كتابته عن مخالفيه من أئمة السلف، ولم يمسهم بطعن أو جرح، وإنما حصر نقاشه في نطاق علمي بحت، إنه خالف الإمام ابن تيمية والحافظ الذهبي رحمهما الله في بعض الأمور، ولكنني لم أجده أبداً يسيئ الأدب إليهما بلسانه أو بقلمه.
بل إنني أشهد أني رأيته مرة غلبه البكاء وهو يذكر المكانة العلمية للحافظ شمس الدين الذهبي، وتناول بعض الناس الإمام ابن تيمية مرة في حضرته فلم يُخفِ الشيخ غضبه عليهم. ولكن رغم ما يمتاز به الشيخ من الورع في مجال الخلاف فإن بعض الأوساط التي تتسم بالبعد عن الإنصاف شكلت جبهة ضده، واتخذته عُرضة لا للنقد، بل للطعن والسب والشتم في كثير من الأحيان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
لا شك أن العاملين في مجال الدين الإسلامي واجهوا هذه الظروف في كل حقبة من الزمان والتي زادتهم درجات عند الله، وليت الأمة المسلمة حصرت الخلافات الفرعية في نطاقها فيجتمع شملها بعد أن فرقته الأهواء والعصبيات.
كان الشيخ العلامة رحمه الله منذ مدة طويلة يعيش حياة الهجرة والجلاء، وكانت خزانته العلمية التي كانت ثروة حياته بعيدة عنه، ولم يكن هنالك أي سبيل في الرجوع إلى الوطن، لكن الحكومة السورية لينت موقفها في العام الماضي للعلماء فسافر إلى وطنه حلب بعد سنين طوال، وكانت عينه قد تعرضت للألم فرجع إلى الرياض لعلاج عينيه، فازداد المرض وذلك لكثرة مطالعته للكتب، وضعف جسمه رغم كل محاولات الدواء حتى أصيب بالإغماء.
ذكر لي ابن أخيه وصديقي الحميم الدكتور عبد الستار أبو غدة أن الشيخ أفاق مرة قليلا فأول كلمة نطق بها «هل طبع الكتاب؟»، ثم أغمي عليه، ولفظ أنفاسه الأخيرة فجر تاسع شوال سنة ١٤١٧، ولحق بالرفيق الأعلى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي هذا الصباح هاتفني بعض أصدقائي من جدة والرياض ونعى لي الشيخ، ثم نُقل نعشه إلى المدينة المنورة، حيث دفن في البقيع. هو النظام في الدنيا يأتيها أناس ويرحل عنها آخرون، ولكن قليل أولئك الذين إذا ماتوا تبكي عليهم القلوب في الشرق والغرب، ويعتبر الناس وفاتهم حادثة شخصية رغم عدم اتصالهم بالنسب، وكان أحد أولئك الأفذاذ، قد عمَّ الانحطاط في العلم الظاهر، ولكن ذلك لا يزال ينشأ من يحمل هذا العلم، ولكن رجالا تمكن العلم من نفوسهم وظهرت آثاره على سلوكهم وأفعالهم، واتسمت حياتهم باتباع السنن واقتفاء آثار السلف الصالح وازدانت أخلاقهم بالتواضع والحلم والخشية والصلاح؛ فقلما تجد لهم آثاراً، وحينما يموت أحدهم فقلما يملأ فراغه . اللهم أكرم نزله ووسع مدخله، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلا خيراً من أهله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
قد بلغت مطبوعات الشيخ ستين كتاباً ما تأليف وتحقيق، وإن كان ما حَقَّق أكثر مما ألف وعلّل ذلك مرة بأننا لسنا مستقلين، أكبر سعادتنا أن نرتبط بالسلف وإن في خدمة كتاب كبير بركة وعافية، فكيف لا تحالفه نصرة الله وهو يتصف بهذه المنزلة العليا من التواضع والإخلاص ومحبة السلف وتكريمهم، وكثيراً ما رأينا تعليقاته أشمل للفوائد النادرة من الأصول المحققة نفسها.
هذا، ومن أهم الكتب التي حققها الشيخ: «التصريح بما تواتر في نزول المسيح» للعلامة أنور شاه الكشميري، و«الرفع والتكميل» للعلامة عبد الحي اللكنوي، و«مقدمة إعلاء السنن» للعلامة التهانوي، وتنم تعليقاته عما أُوتي من بصيرة نافذة وعلم عميق في مجال علوم الحديث النبوي الشريف.
وأكرمه مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية في العام الماضي بكل جدارة واستحقاق بجائزة السلطان حسن البلقيهي سلطان بروناي في الحديث النبوي الشريف، وكان الشيخ - رحمه الله ـ أعلى مكانة من مثل هذه الجوائز التقليدية، وإنما من سعادة الجائزة أن وجهت التوجيه الصحيح، وأما الشيخ رحمه الله فكانت خدماته في غنى عن هذا .
ارتحل الشيخ عنا، ولكن مؤلفاته وتلاميذه، وروائح سيرته الزكية وسلوكه العطر لا تزال تحيي ذكراه ما دامت الدنيا لا ينقصها العلم وأصحابه، ولا باقي إلا الله.
محمد تقي العثماني
تقريظ العلامة الشيخ أحمد مختار رمزي
وكيل دار المحفوظات العمومية سابقاً
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين. أما بعد: فصاحب هذا الثبت المبارك هو صاحب الفضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، العلامة الرباني المُخْلَص التقي، البحاثة الخبير، المفسر، الأصولي، الفقيه الحافظ المحدث، الحجة الثبت، الضابط الثقة، المؤرخ الأديب البليغ الورع، الزاهد، المجاهد الصابر المحتسب معلم الخير النجم الذي يهتدى به. من حاز السهم الأوفر من التحقيق وحاز الحكم الأنور من التدقيق، وبقية السلف الصالح وعمدة المحدثين في هذا العصر، صاحب التصانيف القيمة المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها، المحتج بها، والمعوّل عليها من أساطين العلم، وجهابذة النقد. تغمده الله برحمته وعمه برضوانه وأسكنه بفضله أعلى فراديس الجنان {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّلِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَيكَ رَفِيقًا}.
ولشيخنا تراجم عديدة دبجتها أقلام صفوة ممتازة من محبيه وعارفي، منهم: تلميذه المخلص الوفي العالم محمد بن عبد الله آل الرشيد الذي لازمه أكثر من اثنتي عشرة سنة.
فهم أقدر مني على بيان مناقبه وذكر مآثره، والإشادة بخلقه. وإن كانت كتبه القيمة الماتعة وتحقيقاته الدقيقة النيرة، تغني عن أي تعريف له .
ولذلك، فإني أكتفي بخاطرة عنه، فأقول: ما أصدق حكمة العارف بالله ابن عطاء الله السكندري عليه: ((إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر في ماذا يقيمك)).
فقد كان شيخنا - رحمه الله تعالى - عالماً. و(العلماء ورثة الأنبياء)، و(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين). و(إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر)، و(يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء).
وكان - تغمده الله برحمته - من أئمة الحديث، والصيارفة النقاد . فكان ذا نضرة، مصداقاً لقول رسول الله ﷺ: «نَضَّر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه».
قال سفيان بن عيينة: «ليس من أهل الحديث أحد إلا وفي وجهه نضرة لهذا الحديث»، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: «أهل الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم». وقال أيضاً: إذا رأيتُ صاحب حديث، فكأني رأيت أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ.
وكانت ـ رحمه الله تعالى - أنفاسه معطرة بعطر حديث رسول الله ﷺ، والله در من قال:
أهل الـحـديـث هـمـوا أهل النبي وإن .. لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
ونقل القاسمي عن ابن العربي رحمهما الله تعالى: (وللورثة حظ من الرسالة)، ولهذا قيل في مُعاذ وغيره: «رسول رسول الله ﷺ أمة، فلهم وما فاز بهذه الرتبة ويُحشَرُ يومَ القيامة مع الرسل إلا المحدثون الذين يروون الأحاديث بالأسانيد المتصلة بالرسول عليه الصلاة والسلام في كل حظ في الرسالة، وهم نقلة الوحي، وهم ورثة الأنبياء في التبليغ والفقهاء إذا لم يكن لهم نصيب في رواية الحديث، فليست لهم هذه الدرجة ولا يحشرون مع الرسل، بل يحشرون في عامة الناس، ولا ينطلق اسم العلماء إلا على أهل الحديث، وهم الأئمة على الحقيقة» اهـ..
واختار شيوخه ومجيزيه من الذين تنزل الرحمة عند ذكرهم أعلام أفذاذ، أتقياء أنقياء، حجج أثبات أدباء ، فقهاء، عقلاء، حلماء، كادوا من خلقهم أن يكونوا أنبياء فبذل النفس والنفيس، وركب الصعب والذلول، وقطع الفيافي والقفار، وفارق الأهل والأوطان، وترك الراحة ولذيذ المقام، وتحمل المشاق ليلتقي بهم، وينتسب إليهم، ويأخذ عنهم، ويسعد بمروياتهم، ويحظى بإجازاتهم، وليكونوا سلاسل النور، ووصلة القرب بينه وبين أفضل خلق الله.
وعرف قيمة الزمن وألف فيه كتاباً حافلاً ممتعاً، وعلم أن الأنفاس أمانات الحق عنده وودائعه لديه فعلم أنه مطالب برعايتها، فوجه همته لذلك، فملأ طباق الأرض علماً نافعاً، تشرق فيه أنوار الحق.
كما أن أكثر تحقيقاته وتعليقاته تدل على واسع اطلاعه، وتبحره في كافة علوم الدين. ومؤلفاته سارت بها الركبان وضربت في طلبها أكباد الإبل، ذلك فضل اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء.
وما أصدق كلمة مسروق التابعي الجليل التي قالها في حق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لتصدق على محقق العصر. قال رضي الله عنه : لقد جالست أصحاب محمد ﷺ فوجدتهم كالإخاذ، فالإخاذ يروي الرجل والإخاذ يروي الرجلين، والإخاذ يروي العشرة، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم، فوجدت بن مسعود من ذلك الإخاذ أحسبه كذلك، ولا أزكي على الله أحداً.
وهذا الثبت الطيب المبارك لشيخنا العلامة عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله تعالى - قام بجمعه وترتيبه العالم التقي الصالح، والتلميذ المخلص الوفي البار المحب محمد بن عبد الله الرشيد، الذي سعد بملازمة الشيخ اثنتي عشرة سنة، كان لا يفارقه فيها سفراً وإقامة، باذلا الجهد الدائب، والعمل المتواصل والتفرغ التام أربع سنوات لإنجاز هذا الثبت.
وتمت مراجعته أولا بأول بمعرفة شيخه الذي أسماه «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح. ويقوم حالياً بطبعه على نفقته ليتحف به عشاق علم الحديث من مريدي الشيخ وعارفي فضله. حفظه الله ورعاه، وبارك فيه، ونفع به، وتقبل منه هذا العمل .
القاهرة في ١٨ من ذي القعدة سنة ١٤١٧
أحد تلاميذ الشيخ أحمد مختار رمزي
(وكيل دار المحفوظات العمومية سابقاً)
تقريظ العلامة الفقيه الأصولي
الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان
عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
(إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح) من إعداد الأخ
وثبت العلامة المحدث المؤرخ أبي البقاء حسن بن علي بن يحيى العُجيمي «كفاية المتطلع لما ظَهَر وخَفِي من مرويات شيخنا أبي علي الحسن بن علي العجيمي الحنفي جمع تلميذه العلامة تاج الدين بن أحمد الدهان المكي رحمه الله تعالى (١٠٤٩ - ١١١٣هـ). وغير هذا كثير مما يدلُّ على وفاء متميز، وفاء الطلاب لمشايخهم. فهنيئاً لهؤلاء الطلاب بمشايخهم، وهنيئاً لأولئك الأعلام بطلابهم الأوفياء لهم في حياتهم وبعد موتهم، وَرَحِمَ الله السلف، الله الأخ النبيل، العالم الفاضل الشيخ محمد بن عبد الله آل الرشيد على مُحسن صنيعِهِ وصَنْعَتِهِ، بإحيائه عِلماً يكاد يندثر لولا بقية من الجيل الصالح من طلاب أولئك العلماء عليهم رحمة الله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعترته الطاهرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. الخلف، وجزى وبارك.
كتبه عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد أبو سليمان
في مكة المكرمة السادس من شهر شوال عام ١٤١٨
الثالث من فبراير عام ١٩٩٨
فقيد العلم العلامة المحدث الفقيه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة
بقلم الدكتور الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان
عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
استحسنت إيراد هذه الكلمة الضافية والمقالة الرائعة التي دبجتها يراع الدكتور عبد الوهاب جزاه الله خيراً وبارك الله فيه. وقد نشرت هذه المقالة في جريدة عكاظ السنة الثامنة والثلاثون العدد (۱۱٥۰) الثلاثاء ١٨ شوال ١٤١٧ الموافق ٢٥ فبراير ١٩٩٧
يقول: شاءت إرادة المولى جل وعلا أن يختار إلى جواره الكريم صباح الأحد ١٤١٧/١٠/٩ العلامة المحدث الفقيه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - بعاصمة البلد المضياف المملكة العربية السعودية مدينة الرياض، ودُفن ببقيع الغرقد بمدينة المصطفى ﷺ بعد أن صلى عليه جموع المصلين صلاة الميت الحاضر بعد صلاة العشاء بالمسجد النبوي الشريف.
وبموته رحمه الله يفقد الوسط العلمي الإسلامي العصر الحديث علماً بارزاً من أعلام الحديث الشريف، وفقيهاً كبيراً من جلة الفقهاء الذين أثروا الوسط العلمي بجهودهم المخلصة وأفكارهم النيرة، أصبحوا رموزاً علمية ومُثلا ،رفيعة ومشعل هداية للنشء.
كان رحمه الله طرازاً فريداً من العلماء الذين يجمعون بين علم الحديث رواية ودراية وعلم الفقه تأصيلا وتفريعاً، في معاصرة واعية، ومرونة ملتزمة إذا صُنّف العلماء في السلوك، فهو من أولئك الذين يهدي حالهم ومقالهم إلى الله جل وعلا لا يملك من يجلس إليه مستمعاً لحديثه إلا أن يتأثر بما يقوله من حديث نبوي، أو موعظة، أحكام حديث ينفذ إلى القلب يحرك الشعور الإيماني، ويستنهض العقل والفكر للعمل الصالح. يردد اسمه العلماء وطلاب العلم في أرجاء العالم الإسلامي في إعجاب وإكبار، إما ملاقاة معه أو قراءة له وما دبجه قلمه من روائع العلم والفكر، أو سماعاً عنه في مجالس العلم.
علاقاته العلمية مع العلماء وطلاب العلم في جميع الأقطار الإسلامية:
علاقات حميمة تقوم على الحب والتقدير والإعجاب. تسبقه سمعته العلمية إلى البلاد التي يزورها فيحل فيها محل الحب والحفاوة .
علاقاته بعلماء المملكة العربية السعودية:
قد توطدت عبر عقود من الزمن عرفوا له فضله وقدره العلمي الكبير. واتصلت أسانيده ورواياته بعلماء الحرمين الشريفين رواية وتدبيجاً، إفادة واستفادة.
امتد عطاؤه العلمي إلى أجيال عديدة من أبناء المملكة العربية السعودية تخرّج عليه علماء في تخصصهم على قدر امتداد تدريسه بجامعة الإمام محمد بن سعود ثلاثة وعشرين عاماً من عام ١٣٨٥ حتى عام ١٤٠٤هـ. وبجامعة الملك سعود من عام ١٤٠٨ حتى ١٤١١هـ.
لم يتوقف عطاؤه العلمي تدريساً وتأليفاً بعد ذلك بل ظل وافراً خيراً في عاصمة المملكة العربية السعودية: الرياض والحرمين الشريفين يقصده طلاب العلم والعلماء ومواطنون ومقيمون ووافدون، كان رحمه الله لهم بمثابة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، عطاء عظيم وكبير من عالم جليل مخلص لدينه وأمته.
يكسو ذلك القلم (رحمه الله) وتلك الشخصية لباس التقوى والصلاح والتواضع النادر حديثاً وسلوكاً وتعاملا، لا يملك من يجلس إليه إلا أن يحاكيه تواضعاً وتطامناً. إذا كان السلوك والتعامل ينبئ عن شخصية العالم فإن مؤلفاته تنبئ عنه غائباً، ومتوفى هذا ما يتحدث عنه ويصوره تراثه العلمي من مؤلفات وتحقيقات علمية ليس من سبيل إلى عرضها جميعاً، بل يكتفى منها بالنماذج التالية:
۱ - نماذج من رسائل الأئمة السلف وأدبهم العلمي»: أبي حنيفة، ومالك بن أنس والليث بن سعد وطائفة من أخبار السلف في أدب الخلاف، وفي الحفاظ على المودة عند الاختلاف. (٦٦) صفحة الطبعة الأولى حلب مكتبة المطبوعات الإسلامية، عام ١٤١٧.
هذا الكتاب درس عملي في التربية الخلقية والسلوكية، استهدف رحمه الله تعالى منه تقديم : نماذج حسنة لأفكار علماء القرن الثاني ومحاوراتهم في بعض المسائل الاعتقادية، وطائفة من المسائل الفرعية، ونماذج لأدبهم، واحترام بعضهم لآراء بعض وفيها أيضاً أمثلة رائعة لما كان عليه السلف الحفاظ على التواد والتآخي مع اختلافهم في المسائل العلمية، وشدة المراعاة للألفة والمحبة بينهم مع إظهار ما يراه كل واحد أنه الحق الذي ينبغي المصير إليه ... » ..
من ثم يعرض ما يثمره الاختلاف العلمي الموضوعي من نتائج طيبة و معارف متنوعة ظهرت آثاره العظيمة في تراثنا الإسلامي المجيد، إلى أن يقول : وقديماً قبل ٣٠ سنة كنت أردت أن أنشر هذه الرسائل في مجموعة لتكون درساً لأهل العلم والناشئة في عصرنا هذا، وتعليماً لهم منهج الأئمة السلف الصالحين وأدبهم الجم في اختلافاتهم العلمية، ولكن شغلتني الأعمال العلمية الأخرى مع القيام بالوظائف التعليمية عن إنجاز هذا العمل العظيم النفع فما تيسر لي ذلك إلا هذا العام. ص ٨. بنفس هذا الاهتمام والتوجه يعتني رحمه الله بإخراج رسالتين مهمتين:
الأولى: «رسالة الألفة بين «المسلمين من كلام شيخ الإسلام الحافظ الإمام أحمد بن تيمية الحراني الدمشقي، وفيها أمر الإسلام بالتوحد والائتلاف وحظره التنازع والتفرق عند الاختلاف.
ويليها: الثانية: «رسالة في الإمامة في جواز الاقتداء بالمخالف في الفروع» تأليف الإمام المجتهد أبي محمد بن حزم الظاهري. (١٤٠) صفحة الطبعة الأولى، حلب مكتب المطبوعات الإسلامية، عام .١٤١٧ تحدث رحمه الله في المقدمة عن المظاهر السيئة للاختلاف بين المفكرين والعلماء في العصر الحديث ونتائجه الوخيمة على الوسط العلمي، ووحدة الأمة، مستشهداً في هذا بالواقع، ومقالات العلماء والمفكرين ،المخلصين وتوضيح المنهج القويم، ومسلك السلف من الأئمة والعلماء.
ثم خلص في هذه المقدمة إلى عرض التي تهدي إليها هذه الرسالة؛ إذ يقول: أهم الأفكار وسيجد القارئ الكريم - بإذن الله - في هذه المجموعة ما يشفي ويكفي لإنارة هذا السبيل الحق الذي تاه عنه المسلمون. ويجد الطالب المنصف فيها أن التشدد والإنكار في الأمور الخلافية بين علماء الأمة وأئمتها، وجعلها أسباب الموالاة والمعاداة أمر مرفوض في الشريعة.
ويجد أيضاً: أن السنة لا تكون في جميع الأمور على وجه واحد فحسب، بل كثيراً ما تتعدد وجوه السنة بحيث من اختار منها وجهاً غير ما اختاره الآخر لا يبدع، ولا يفسق، ولا يضلل، ولا يكفر بإجماع الأمة.
ويجد أيضاً: من أن الخلاف في كل قليل وكثير لا يوجب الهجران، أو المعاداة، وأن المسلم مأمور من جهة الشريعة بالحفاظ على الألفة، والعصمة، والموالاة، وأن مناط الولاء ومداره على الإيمان والإسلام، لا غيرهما الأسماء، وقد قال: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمَّة رسوله، فلا تخفروا الله ذمته» رواه البخاري في صحيحه وأن المؤمن أخو المؤمن ولو اختلفا في الرأي والاجتهاد لإدراك الصواب.
ومن فهم هذه الحقائق وعمل بالإنصاف فقد ـ والله ـ فاز فوزاً مبينا ص من هاتين الرسالتين تستشف روح الفقيد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في أمرين أحسبهما آفة الوسط العلمي في عالمنا الحاضر : الخلاف والتعامل معه، والأدب العلمي مع المخالفين في الرأي، لو استقاما لاستقام للأمة الإسلامية أمر حياتها، وتوحدت كلمتها، وقوي جمعها.
ومما يحضرني في هذا المجال كلمة بليغة للعلامة ابن القيم تمثل مبدأ إسلامياً، وقانوناً شرعياً إذ يقول: فلو كان كل من أخطأ، أو غلط ترك جملة، أو أهدرت محاسنه لفسدت العلوم، والصناعات، والحكم وتعطلت معالمها (مدارج السالكين ۳٩/٢).
هذه الأسس والثوابت الخلقية والسلوكية في تراث العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله التي آمن بها وطبقها صادقاً فيما دبجه يراعه من مؤلفات ومقالات إلى المجالات العلمية والفكرية الأخرى فإنه من الممكن حصرها في مجالين علميين رئيسين: الحديث وعلومه، والفقه، تأليفاً وتحقيقاً وعناية.
الحديث وعلومه في دراسات العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله:
هو الظاهرة البارزة والعلامة الفارقة إذ قدم للمكتبة الإسلامية في هذا المجال العلمي الشريف مؤلفات أحكم صنعها وكتب في موضوعات أبدعها وكان صاحب السبق فيها تمثل مدرسة فكرية متميزة في خصائصها وتوجهاتها واهتماماتها وتنوعها، ومضامين قراءتها وأسلوب مخاطبتها، تخاطب العقل مبنية على أصول علمية متينة، يكسوها التواضع والإخلاص، هي في الحقيقة مرآة شخصيته، ودليل ذهنيته وشفافية روحه مكنته أن يمدَّ الساحة العلمية بالأفكار النيرة، والفوائد النادرة. خدم السنة النبوية الشريفة رواية ودراية بإخلاص العالم المتفتح، والمحدّث الناقد المدقق خدمة عظيمة في عصر لم يتوان فيه الطاغون على السنة النبوية أن يسددوا سهام شكوكهم نحوها.
قدم للمكتبة الإسلامية أعمالاً جليلة لها قيمتها الكبيرة في الموازين العلمية الرفيعة، يتجلى هذا من عرض بعض نماذج من مؤلفاته في هذا المجال : الإسناد من الدين صفحة مشرقة من تاريخ سماع المحدثين» (٢٢٥) صفحة الطبعة الأولى دمشق دار القلم، عام ١٤١٢.
يعرض هذا الكتاب الموضوع (الإسناد) الذي يعد «الشرط الأول في كل علم منقول في الشريعة المطهَّرة حتى في الكلمة الواحدة يتلقاها الخالف عن السالف واللاحق عن السابق بالإسناد ... » بهذه العبارات يقدم العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة هذا الموضوع المهم الذي تبنى عليه كافة الأحكام الشرعية، وهو بحق كتاب رشيق ،وممتع ضمَّنه موضوعين مهمين من موضوعات علوم الحديث النبوي الشريف: «فالسند عن أولهما: الإسناد.
وثانيهما: سماع الحديث عن المحدثين: السلف معيار ومسبار للعلم المنقول قبولاً، أو رداً، ولا يقبل علم مروي إلا بسند، فهو شرط مطلوب في كل علم يُنقل لإثباته أو نفيه، وفي كل خبر صغير أو كبير طويل، أو قصير، وما القصد منه إلا تحقق الصدق في الخبر وانتفاء الكذب عنه، وما يتم هذا ولا ذاك إلا بالسند، معه وقد شبهوه بتشابيه متعددة كلها تعرّف بأهميته، وعظم موقعه، قال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن، فإذا لم يكن سلاح فبأي شيء يقاتل؟! ... » (ص٩٥ - ٩٦).
ثم قدم رحمه الله (صورة السماع) كما جاءت في آخر المجلد الثامن من «السنن الكبرى» للإمام البيهقي، نموذجاً حياً وشاهداً قائماً بين يدي الباحثين لما سار عليه علماء الحديث من التدقيق والتحقيق والضبط في النقل والسماع.
أخيراً يختم هذا البحث المهم قائلا: يتجلى للقارئ من هذه الوقائع والأقضية قيمة «السماع» العلمية؛ فإن السماع شهادة صادقة تمثل الكلمة العلمية المنقولة: توثيقاً وتحقيقاً، وفهماً وضبطاً وتحملاً وأداء، وإذا كانت الأسانيد أنساب الكتب، فالسماعات هي البينات الناطقة، وشهادات العدول الثقات لها، فلذا كان الحرص عليها شديداً ... » (١٤٩).
وفي هذا المجال الشريف مجال خدمة السنة المطهرة يأتي إصداره لكتاب آخر بعنوان : السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي والتعريف بحال سنن الدارقطني (٤٥) صفحة الطبعة الأولى دمشق: دار القلم عام ١٤١٢هـ. تصحيح الفقهي الكتاب صغير الحجم، عظيم الوزن في موضوعه إذ أنه لمفهوم معنى (السنة النبوية) الواردة نصاً بهذه الكلمة في بعض الأحاديث والآثار فقد اختلط معناها على بعض الفقهاء، بالمعنى الاصطلاحي . في سبيل تأييد موقفه للمعنى المقصود من (السنة) في الأحاديث والآثار - السنن المدونة للاحتجاج والعمل بها ـ استدل له بصنيع الإمام أبي الحسن الدارقطني» فقد ألف كتابه المسمى «سنن الدارقطني» ليتعقب فيه الأحاديث التي ذكرت في كتب (السنن) وفيها مآخذ ومغامز قد عمل بها بعض الفقهاء أو خفيت على بعض المحدثين، فكشف الإمام الدارقطني ما فيها بمهارته الفائقة في هذا الفن الدقيق العويص» (۲۳/۲۲).
أما كتابه: «لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث» الطبعة الأولى: بيروت مطابع دار عالم الكتب عام ١٤٠٤ (١٦٨) صفحة. فقد كشف فيه عن نقطة مهمة في تاريخ علم الحديث الشريف، أبان فيه عن أسباب الوضع في علم الحديث، وكما يقولون: (رُبَّ ضارة نافعة) فقد حفز هذا علماء الحديث واستنهض هممهم لإيجاد العلوم والوسائل التي تكشف الوضاعين في علم الحديث، بحيث لا تترك مجالاً للدس في السنة النبوية المطهرة، ونسبة ما لا يصحُّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أظهر رحمه الله فيه إبداعاً فكرياً، وحقائق لم تكن جلية، وتوصَّل من خلالها إلى أنه كان من نتيجة ذلك تأسيس علوم الحديث، وتطورها بشكل دقيق تتابع في التأليف فيها العلماء تصح نسبته تلك من العلوم:
۱ - علم الإسناد.
۲ - تاريخ الرواة والرجال.
٣- نقد الرواة وبيان حالهم من تزكية وتجريح.
٤- سبر متن الحديث ومعناه.
٥- علم الجرح والتعديل.
٦- علم مصطلح الحديث.
٧- تأليف الكتب في الموضوعات والضعفاء والمجروحين والوضاعين.
وبعد الدراسة الواسعة المسهبة للكثير من الموضوعات المهمة بالنسبة لما يتعلق بسند الحديث ومتنه ومعناه ذكر الأمارات التي يعرف بها العلماء الحديث الموضوع، ونبه على بعض الضوابط والمعايير في إيقاظ حسّ طالب العلم لتعطيه ملكة التمييز بين الصحيح والمكذوب من الحديث» .
إنَّ مما يحسب في جهوده العلمية في خدمة السنة المطهرة الكتب الأخرى التي حققها، أو اعتنى بإخراجها، وإن المقدمات التي قدم بها تلك الكتب تُعَدّ دراسة علمية جادة مهمة في موضوعها، تحتوي ضمن ما تحتوي عليه على موازنة ومقارنة مع المؤلفات الأخرى في مجالها، تبيّن مزاياها ودرجتها العلمية بين كتب الفن الأخرى. إن ثلثي مؤلفات الشيخ عبد الفتاح أبو غدة التي أثبت على الستين بين تأليف وتحقيق أو تقديم، واعتناء تصب في مجال خدمة السنة النبوية الشريفة، وتمثل مدرسة في علم الحديث لها خصائصها المتميزة وعلاماتها الفارقة بين الدراسات المعاصرة، حريَّة بالدراسة المتخصصة، تتوافر وتتضافر عليها الجهود العلمية فينكب عليها شبابنا بالدرس والاستفادة، إنها جهود عالم فذ أوقف حياته على دراستها، والغوص في مصادرها ومدوّناتها المعروفة والمجهولة لدى الكثيرين من المتخصصين، فأخرج منها رحيقاً صافياً سائغاً للدارسين والباحثين تعبق بروح الإيمان والإخلاص.
الفقه الإسلامي في دراساته وتحقيقاته:
يعود اهتمام فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة بالفقه الإسلامي إلى السنوات الأولى في حياته العلمية المبكرة، كان إقباله على الفقه وعلومه السبب الأول في الاشتغال بالحديث النبوي الشريف وإعطائه جل اهتمامه فيما بعد، ليحقق الفروع على الأصول من الكتاب والسنة.
حظيت الدراسات الفقهية من جهود فضيلته بنصيب وافر تقدم للمكتبة الفقهية نفائس الكتب والمصادر محلاة بدراساته الخاصة، وتعليقاته المفيدة.
إن استعراض مقدماته لهذه الكتب وما حوته من دراسات مهمة واجتهادات نيّرة ليس مجاله صحيفة يومية ينبغي أن تستقبل بها دراسات في دوريات علمية متخصصة، ولتقدير جهوده في هذا المجال عبد البر . أتحف القارئ بعناوينها:
١ - «فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية» في الفقه الحنفي الاستدلالي حقق منه جزءاً واحداً، ولعل بقية الأجزاء قد أَتَمَّ تحقيقها لتأخذ دورها إلى النشر .
٢ - «تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر الهجري».
٣ ـ «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» للحافظ ابن عبد البر.
٤-«سباحة الفكر في الجهر بالذكر» للإمام اللكنوي
٥ـ «تحفة النُّساك في فضل السواك» للعلامة الفقيه عبد الغني الغُنَيْمِي الميداني الدمشقي.
٦ ـ كتاب الكسب للإمام محمد بن الحسن الشيباني.
۷- «الحث على التجارة والصناعة والعمل» للإمام أبي بكر أحمد بن محمد الخلال الحنبلي.
٨- رسالة الحلال والحرام وبعض قواعدهما في المعاملات المالية» للإمام ابن تيمية.
قدم لهذه الكتب بدراسات تنبئ عن مضمونها وجوهرها، ومناهج مؤلفيها، وعلق عليها من فقهه واجتهاده مما يزيد قيمتها العلمية ويجعلها مكملة لها.
رحلاته العلمية لملاقاة العلماء الأعلام والبحث عن نوادر الكتب:
تمثل الرحلات العلمية مصدراً مهماً للتلقي عن علماء الإسلام في مختلف دیاره وهو ما يعتز به العلماء المسلمون بعامة، والمحدثون بخاصة كما هو معروف في التاريخ القديم والحديث، حرص المحدثون على تدوين من يروون عنه ،تحملاً، أو تدبيجاً (رواية القرين عن القرين والعالم عن العالم من طبقة واحدة في ما يسمى بـ (الثبت) أو (الفهرست) أو (المشيخة).
ما من شك أنَّ فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة له مدونته لمشيخته، وما رواه عنهم، ومن المؤكد أنَّ علماء الحرمين الشريفين أمثال الشيخ حسن مشاط والسيد علوي مالكي، والشيخ محمد نور سيف، والسيد أمين كتبي، ومسند العصر الشيخ ياسين الفاداني، وغيرهم من العلماء قد تدرّجوا معه وروى عنهم، ورووا عنه، على عادة المحدثين الكبار والإجازات والأثبات من هذا النوع لها دلالتها وأهميتها العلمية على صاحبها في الوسط العلمي بعامة، وبين المحدثين بخاصة.
لا شك أن فضيلته كانت له شهرته العلمية ومكانته المرموقة في أرجاء العالم الإسلامي فكانت له رحلاته العلمية الخاصة، وحضوره في المؤتمرات والندوات فيحظى منه العلماء بالمشاركات العلمية المفيدة، والإجازات المتبادلة على عادة المحدثين.
وكان له دور كبير في تثقيف الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا وكندا يقوم بكل هذا مخلصاً قاصداً الله، وتقديم النصح والإرشاد والصورة المشرقة للإسلام لأبناء الإسلام في بلد الغربة.
أما رحلته في سبيل الحصول على نوادر الكتب:
فأجتزئ بسرد ملخص القصتين من تدوينه رحمه الله تعالى. الأولى من مقدمة تحقيقه للجزء الأول من كتاب «فتح باب العناية» في الفقه الحنفي الذي بحث عنه بجد ودأب في مكتبات مصر والشام فلم يجد له فيها أثراً، وشاءت له إرادة المولى أن يقصد مكة المكرمة للحج عام ١٣٧٦ حيث علم أنه مطبوع في جزئين بقازان عام ۱۳۲۲ هـ، وهو كتاب نادر عزيز الوجود في الشرق الإسلامي، قال - رحمه الله تعالى -: قد مكثت بمصر ست سنوات حتى إنهاء دراستي أسأل عنه، وأنشده في كل مكتبة، أقدر وجوده فيها فلم أظفر منه بخبر ولا أثر.
ولما عدت إلى بلدي حلب ما فتئت أبحث عنه أيضاً في كل بلد أزوره، أو مكتبة أرتادها حتى سمعت من أحد الكتبية الخبراء وهو الشيخ حمدي السفرجلاني الدمشقي - رحمه الله ـ أن الكتاب مطبوع في قازان من بلاد روسيا وأنه أندر من الكبريت الأحمر ـ كما يقال وأنه طول حياته واشتغاله بالكتب ما مرَّ به سوى نسخة واحدة كان قد باعها للعلامة الكوثري بأغلى الأثمان التي لا تُعقل فعند ذلك تعيَّن عندي البلد الذي طبع فيه الكتاب وضعف أملي بالحصول عليه.
ولما أتاح الله لي حج بيته الكريم عام ١٣٧٦هـ وزرت مكة المكرمة طفقت أسأل عنه في مكتباتها لعلي أجده مع أحد المهاجرين من تلك البلاد إلى بلد الله الحرام فلم أوفق إلى ذلك. ثم ساقتني عناية الله إلى كتبي قديم منزو في بعض الأسواق المتواضعة من مكة المكرمة وهو الشيخ المصطفى بن محمد الشنقيطي سلمه الله - فاشتريت منه بعض الكتب، وسألته على يأس منه فقال لي: كان عندي من نحو أسبوعين اشتريته من تركة بعض البخاريين، وبعته لرجل بخاري من علماء طشقندِ بثمن كريم، فما كدت أصدقه حتى جعل يصفه إليَّ وصفاً مثبتاً معرفته به، وأنه الكتاب الذي ألوب عليه، وأسعى منذ دهر إليه .. فقلت: مَنْ هذا العالم الطاشقندي الذي اشتراه؟ فجعل يتذكره تذكراً ويسميه: (الشيخ عناية الله الطاشقندي) فقلت : أين مسكنه، أو محل عمله، أو ملتقاه؟ قال: لا أدري عن ذلك شيئاً، فقلت: كيف أسأل عنه؟ قال: لا أدري فازددت عند ذلك يأساً من الحصول عليه أو لقاء مشتريه . . » (۸/۱ - ۹).
جاب رحمه الله شوارع مكة وحصل أخيراً على الشيخ عناية الله واقتنى الكتاب في قصة طريفة طويلة جديرة بالاطلاع.
القصة الثانية کتاب: مع التصريح بما تواتر في نزول المسيح للمحدث الكبير الشيخ محمد أنور شاه الكشميري الهندي. يحكي فضيلته رحمه الله قصة عثوره على هذا الكتاب قائلا : «أما أحظ خمسة عشر من بعد: فإنَّ هذا الكتاب الذي أقدمه كان أمنية غالية في نفسي عزّ علي منالها، فقد سعيت للحصول على نسخة منه من طبعته الهندية منذ أكثر عاماً فلم به، بحثت عنه في مصر بلد الكتب طوال إقامتي بها ست سنوات، ثم في مكتبات مكة والمدينة، ثم في مكتبات بغداد وغيرها من البلدان العربية فلم أجده، ثم رجوت من بعض أفاضل علماء الهند وباكستان أن يتفضلوا بالسعي للحصول على نسخة منه من بلدهم المطبوع فيه فسعوا شاكرين من غير واجدين. ذلك لأن هذا الكتاب فريد في موضوعه نادر في إمامة مؤلفه، فلذا ما إن طبع في الهند بدهلي سنة ١٣٤٤هـ حتى تخاطفته أيدي العلماء وطلاب العلم فأصبح العثور على نسخة منه أمراً عسيراً جداً.
ولما أتاح الله لي الرحلة إلى الهند وباكستان، وزرت مكتباتها سألت عنه كثيراً وبحثت طويلا على غير جدوى من لقائه، فلما انتهى بي الهند وباكستان إلى مدينة كراتشي وزرت سماحة العلامة المحقق البارع الجليل الشيخ محمد شفيع مؤسس دار العلوم الإسلامية في كراتشي والمفتي الأعظم فيها - حفظه الله تعالى -: كان من صنائعه الكريمة أن قدم إلي نسخته الخاصة من هذا الكتاب هدية كريمة نادرة، وكان ذلك قبل سفري يوم السبت / من جمادى الأولى سنة ١٣٨٢هـ ورجا متلطفا أن يطبع الكتاب في بلادنا فتلقيت الهدية شاكراً، مثنياً مقدراً .. » (٣ - ٤ ).
هذه سطور موجزة عن حياة عالم جليل ومحدث فاضل، وفقيه واع قضى حياته في خدمة العلم والأمة على مدى عمر عاشه، وحياة زكية طاهرة قضاها ثمانين عاماً كاملة من حين ولادته عام ١٩١٧ حتى الأحد التاسع من شهر شوال ١٤١٧ الموافق ١٦ فبراير عام ١٩٩٧ تاركاً تراثاً علمياً نفيساً وأجيالا من طلبة العلم تخلد ذكراه، ومثلا رائعاً من الجهاد في سبيل رفعة الإسلام والمسلمين.
أسأل الله تعالى العلي القدير أن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين والعزاء الجميل فيه للأمة وأسرته ومن يلوذ به من قرابته وللعلم والعلماء وطلاب العلم في جميع أقطار العالم الإسلامي وإنا لله وإنا إليه راجعون».
عبد الفتاح أبو غدة من بقايا السلف الصالح
بقلم الدكتور محمد رجب البيومي
عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالمنصورة سابقاً
بسم الله الرحمن الرحيم
ما زلتُ أذكر ما دار في ندوة لواء الإسلام المنعقدة لتأبين الإمام الأكبر محمد الخضر حسين، حيث قال أحد المتحدثين: إنّ الخضر بقية السلف الصالح، فاعترض الأستاذ محمد أبو زهرة قائلاً: إن معنى ذلك أن السلف الصالح قد انتهى بموت الأستاذ الخضر، وما زال في المسلمين من يسير على منواله، فالأولى أن نقول : إنه من بقايا السلف الصالح، وهذا حق فبقايا السلف الصالح لا يزالُونَ يُرسلون الضوء الثاقب في ظلام الحياة، ومن هؤلاء الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة، حيث امتلأ وجدانه بحبّ الأطهار من مُتقدّمي السلف فسار على آثارهم، وجَدَّد ما تقادم من عهودهم.
وهناك وجه للشبه بينه وبين الإمام الخضر حسين، هو التمكن من علوم اللسان والشريعة معاً على نحو متساو، فهما يقولان في كلّ علم ما يقوله المتخصص في مواده، حتى ليظن من يقرأ لهما في موضوع ما أن الواحد منهما قد جعله هدفه الأول في التحصيل، وقد كان هذا النمط شائعاً من قبل، ولكنه نادر جداً هذه الأيام! أيام الماجستير والدكتوراه وقد حاولت أن أكتب عن الشيخ أبي غدة منذ أمد، ولكنّ فهرس مؤلفاته المدون في أواخر مؤلفاته، كان يصدُّني عن الكتابة حتى أستطيع أن أدرس هذا الفيض الزاخر من النتاج المتشعب، وقد مَضَت الأيام فلم أَبْلُغ ما أريد، ثم جَاءَتْني مسودة كتاب للأستاذ محمد بن عبد الله الرشيد تحمل عنوان: «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح فوقفتُ على جهدٍ حَافل في تتبع حياة الرجل العلمية، حيث انتظمتِ المسودة عدة أبواب.
فتحدث الباب الأول منها عن أسماء الشيوخ الذين وجهوا الشيخ وجهَتَهُ العلمية، وقد بلغوا مائة وثمانين عالماً من شتى ربوع الإسلام في مكة والمدينة وحلب، والأحساء وإستانبول وبغداد وحضرموت وحماة وحمص ودمشق، ودير الزور وطرابلس وفلسطين ومصر والمغرب واليمن والهند.
وهو عَمَلٌ يذكِّرُنَا بصنيع القاضي عياض حين أفرد كتاباً فخماً لشيوخ أستاذه أبي علي الصدفي، غير أنّ الأستاذ محمد بن عبد الله لم يقف عند الأساتذة كَما فَعل القاضي، ولم يقف عند التلاميذ كما فعل ابن الأبار في معجمه عن أصحاب القاضي الصَّدفي، بل تحدّث عن الكتب الحديثية العشرة، وأسانيدها التي درسها أبو غدة، كما جاوز حد أسانيد شيوخ الأستاذ من أمثال العطّار، والبيانوني، وأبي النصر خلف وعبد القادر شلبي، ومحمد راغب الطباخ، والكوثري، وصالح التونسي، وأحمد شاكر، ومحمد الخضر حسين، والغلاييني، وجميل الشطي، ومحمد الكافي، والغماري، وأبي الخير الميداني، ومحمد الهاشمي، ومحمد عبد الحي الكتاني، وعبد الحفيظ الفاسي، وأمجد الزهاوي، والطاهر بن عاشور.
وقد بلغت صفحاتُ هذا الباب أكثر من مائة صفحة من القطع الكبير، وتوالى الحديث في الباب التالي عَنْ كُتب الأسانيد، وهو باب يصلح أن يكون كتاباً برأسه لما تضمّن من ذخائر علمية يصعُبُ جَمْعُها في مصدر واحد.
وقد كنتُ أتمنّى أن أكونَ ذا قَدمِ راسخة في هذا المجال، فأكتب عن هذا المؤلف كتابة العالم البصير، ولكنَّ ثَقافتي المتواضعة تحولُ دون تحقيق ما أريد، فأَكْتَفِي بأنْ أُحَيِّي التلميذ الموسوعي النشيط على طُولِ دأبه، وسعة صبره ودقة استيعابه وأن أهنيء الأستاذ بتلاميذه الذين ترعرعت عزائمهم في رَوْضَتِه، فقرَّ بهِم عيناً، حينَ حفظُوا له مكانه الفسيح في جامعة العلم، واقتدوا به في مضمار التأليف، ومنازع السلوك القويم .. أقولُ: لقد قرأتُ ما كتبه الأستاذ محمد بن عبد الله الرشيد، فوجدتُه قد أحدث ما يعجز عن إتمامه عشراتُ مِنْ ذَوي سنّه، وحَسْبُه أن قدَّم لمن يريد كتابة تاريخ مفصل للشيخ عناصر البحث، ومواد الفصول، إذْ هَيّأ الأدواتِ الكافية لإقامة صرح شامخ! وبقيت الخطوة التالية داعية من يريد أن يُقيم البناء إلى أعلى مستوياته، وعنده ما يلزمُ من أدوات المعمار، ومساحة الأرض، وخضب المكان، ولعلّي أُسهم بشذورٍ يسيرة تكُونُ بمثابة صُوّى (الصُّوى : الأعلام من الحجارة الواحدة صُوَّة) هادية في ممتد السبيل.
أول ما سمعتُ عن الأستاذ أبي غدة في مفتتح الأربعينيات حيثُ كان طالباً بكلية الشريعة، وله بزملائه ودُّ علمي يجعلهم يتحدثون عنه مكبرين، إذ كان ذا صلةٍ طيبة بأساتذته وثَبتُهم المُدوَّنُ في «إمداد الفتاح» يدلّ على أنه لم يُغادر أحداً من ذوي المَثَالة فيهم، على اختلافِ منازعهم العلمية من مُجدّدٍ متولّب إلى محافظ متشدّد، وتلك هي ميزة الطالب الطَّلَعَة الذي يرد الأندية والمحافل ليأخذ من كل متحدث ما يروقه دون أن يتعصَّبَ لأحد، فهو يذكرُ من أساتذته الأعلام الفضلاء: مصطفى صبري، ومحمود شلتوت، والكوثري، ومحمد المدني، والخضر حسين، وأحمد شاكر، وبين هؤلاء من الاختلاف الفقهي ما قد يضطر الناشئ المتسرّع إلى الانحياز إلى فريق دون فريق، بل إلى التعصُّب الحادّ على فريق يُخالف مشرب أستاذ أشير له فيكون حرباً على المخالف.
ولكن الأستاذ عبد الفتاح رُزق انفساحاً في النظر، واتساعاً في الأفق لم يجد معهما داعياً إلى التعصب لأستاذ دون أستاذ، وقد أصابَ، لأنّ الأيام أثبتت أنّ لكلّ إمام وجهةً صائبة، فإن كان الأستاذ الكوثري مثلا قد تشدّدَ فيما كَتَبه في مؤلّفه «الإشفاق على أحكام الطلاق وقامَ كُتَّابُ مجلة الإسلام بتأييده المطلق، فإنّ مناظره الأستاذ أحمد شاكر كان أكثر درايةٌ منه بأحوال المجتمع المصري، حيث كان قاضياً شرعياً يلمس مصائب العامة، يحلف بائع والخضار، وأجيرُ الأرض، وعامل المصنع، باليمين المُعلّق عامداً ليطلق زوجته ذات الأولاد الستة، ويتزوج بأخرى لتنجب سلسلة أخرى دون أدنى رعاية لشئون الأسرة التي فرضها الإسلام، وقد لمس الإمام المراغي والأستاذ أحمد شاكر ومن سار على دربهم هذه المآسي، فحاولُوا أن يَصُدُّوا تيار الطلاق بالتزامِ بعْض النصوص المحرمة في مذاهب فقهية ذات اعتبار، وأصبحَ الشوقةُ من العوام يجدون القيود دون تشريدِ الأطفال، وهذا ما لم يعرفه الإمام الكوثري حين اشتط في مهاجمة ذوي التيسير.
ولكن ما لم يعرفه الكوثري قد عَرَفَهُ تلميذه أبو غدة فَصَادَقَ من ذَوي الفقه جميعاً، وانْتفَعَ بآرائهم المختلفة، فكان رأساً قضاياه العلمية، ومُجتهداً في نواحيه الثقافية، وتلك عبرة لمن يعتبرُ التصلب في غير ميدان.
بزغ نجم الشيخ أبي غدّة في الأوساط الأزهرية، ثم انتقل إلى الأوساط الأدبية، حين بدأ يرسل نقداتٍ علمية موجزة على صفحاتِ مجلات الأدب، تدلُّ على بَصر وسداد.
لَقَد كان الأستاذ الكبير محمد كرد علي وثيق الصلة بالعلامة أحمد تيمور حيث كانَ يؤمُّ منزلَه .. الليالي .. ذوات العدد، قارئاً في مكتبته الحافلة، ولكنّه كالأستاذ أحمد أمين وقع في خطأ جوهري يتعلق أحمد تيمور فيما كَتَباهُ عنه، ولم يلتفت إلى تصحيحه غير الأستاذ عبد الفتاح أبو غُدّة، إذ كتب في مجلة الرسالة تعليقاً موجزاً يَضعُ الحق في نصابه، وكان فيما قاله الباحث الشاب الواعد ما يلي: يذكر الأستاذان أحمد أمين بك ومحمد كرد علي بك في كتاب «ذكرى أحمد تيمور الذي ظَهَر حديثاً في ص٣٠، وص۷۷: أنّ العلامة أحمد تيمور باشا كانَ في جُملة أساتذته الشيخ نصر الهوريني، وأنا أعلم أن وفاة الشيخ نصر الهوريني كانت سنة ١٢٩١هـ.
كما ذكره العلامة تيمور في كتابه (تصحيح القاموس ص٤٢، والأستاذ الزركلي في «الأعلام»، والعلامة تيمور ولد سنة ۱۲۸۸هـ فتكون سنه ثلاث سنوات عند وفاة الشيخ الهوريني، ومُمْتَنِعُ أن يكون الباشا تيمور في هذه السن صديقاً للهوريني أو تلميذاً له، فذِكْرُهُ في معارفِ أحمد تيمور خطأ، وَجَلَّ من لا يُخطئ.
نقلتُ هذا التعليق الموجز بنصه ليدلّ على منحى الأستاذ العلمي، منذ حمل أمانة القلم في عهده الباكر، فهو أولا يميل إلى الأدب النفسي في تخطئة ذوي الرأي، فيلتقي بإيضاح الخطأ دون تزيد أو تهجم، وهو ثانياً، يذكر رأيه مؤيّداً بالمصدر التاريخي الذي لا يقبل الدفع، وهو ثالثاً يلتزم بالإيجاز الدقيق في تصحيح الأخطاء، وهذه السمات الثلاث قد ظلّتْ ديدنه في كل ما أثِرَ عنه من تصويب ونقاش، وقد لفتني هذا التعليق وأنا طالب بالقسم الثانوي إلى معدن الشيخ.
وأتيح لي أن أسأل عنه أصدقائي الفضلاء الأساتذة عُمر عودة الخطيب، وعبد الرحمن الباشا، وصبحي الصالح حين جَمَعَتْنا الدراسة بعد أعوام في القاهرة، وكان لي بهم وُدُّ أكيد لا يزالُ راسخاً في النفس، وكَمْ جزعت على رحيل من رَحَلَ منهم واستشهاد من اسْتُشهد، وإنا لله وإنا إليه راجعون، على أنّ أقوى مصدر عرّفني بالأستاذ بعد أن رأيتُه في مشاهد كثيرة مع الأستاذ الكوثري هو السيد زكي مجاهد صاحب المكتبة العلمية بالصنادقية وخان جعفر، إذ أتيح لي أن أشهد مجلس الشاب عبد الفتاح أبي غدة في مكتبتِهِ المتواضعة، وأن أعرف ما بينهما من الود، فجعلتُ أستمع إلى حديث حافل عن الشيخ وإخلاصه لأستاذه، وأدبه في مجال النقاش، كانَ الخير أنْ أُدوّنه في حينه، ولكن ما فاتني من تدوين هذا الحديث لم يحرمني من الاطلاع على ترجمة موجزة كتبها الأستاذ زكي محمد مجاهد، في كتابه «الأخبار التاريخية في السيرة الزكية عن الشيخ أبي غدّة قال فيها: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة الحلبي الحنفي المذهب، ولد في مدينة حلب بسوريا ونشأ بها وتربّى وتلقى العلوم الشرعية والأدبية على كبار علماء حلب ودمشق، ثم سافر إلى القاهرة، والتحق بالجامعة الأزهرية، ونال شهادة القسم العالي.
وفي أيام إقامته بمصر تعرف على كثير من علماء العصر، وأخَذَ عنهم العلوم الشرعية ومنهم شيخنا المرحوم محمد زاهد الكوثري، إذ حَضَر كثيراً من دروسه، ومجالسه، وصار من كبار تلاميذه ولما عاد إلى وطنه اشتغل بالعلم والتدريس في المدارس ثمّ في كلية الشريعة بجامعة دمشق، وسافر إلى المملكة العربية السعودية، وعُيّن أستاذاً في كلية الشريعة بجامعة الرياض (كذا)، وقد تعرفت به أثناء طلبه للعلم بالأزهر، وبيننا مودة وصداقة علمية وأدبية، وهو دائم الزيارة لنا في مكتبتي بخان جعفر، كلما زار القاهرة، ومن المساعدين في نشر كتابي «الأعلام الشرقية»، ومن مصادره التاريخية، وهو من العلماء المشتغلين بالعلم ونشره، والتأليف فيه، وتحقيق الكتب العلمية والدينية، وجمع الكتب في جميع العلوم». اهـ.
هذه الترجمة الموجزةُ التي كتبها الوَرَّاقُ الطَّلَعة الأستاذ زكي مجاهد، تقدّم خلاصةً لأرشيف حكومي يُوضع في سجل الشيخ، وقد فات صاحبها أن يتحدّث عن جهادِ الدّاعية في وطنه، حين كان بطلاً من أبطال حرية الرأي في دمشق وحلب وحينَ جَلْجَلَ صوتُه في المجلس النيابي داعياً إلى تطبيق شريعة الإسلام، وهي صحائف خالدة طاهرة، لم تُدوّن للآن على وجهها الصحيح، ولكن ذوي الإنصاف يعرفونها حق المعرفة، ويذكرون صاحبها ذكراً مضمخاً بالعبير.
وقد أُتيحَ لي أن أسعد بلقاء الأستاذ في فترات قصيرة حين كنتُ مبعوثاً للأزهر في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود، وكانت تُلاصق كلية الشريعة التي يعملُ بها الأستاذ، فكنا نتلاقي تلاقياً عابراً في ساحة الجامعة، مكتبتِها، وقد لَمَسْتُ وفي فضله وعلمه ما بهرني حقاً، وإذا كانتْ كُتُبه الشهيرة تنطق بعلمه، فإن سلوكه العلمي واتجاهه الخُلُقي في حاجة إلى تسجيل، حيث استطاع الرجل العلامة أن يكون واسطةَ عِقْدٍ لكوكبة من أولي الفضل أساتذة وطلاباً، يردون مكتبته، ويسمعُونَ ،توجيهاته، وينتسبون إليه في مجال البحث والتنقيب، وهي مسئولية كبرى تُلْقَى على عاتقه خارج الميدان الجامعي، إذ لا يَنْتسِبُ إليه في هذا المجال إلا الباحث الحقيقي لا الطالب الرسمي .
ومع هذه الحفاوة البالغة بعلم الأستاذ وفضله، فأنا أعلم أنه لاقى صعوباتٍ جَمَّة من نفرٍ لا يَروقُهم أن يتحدَّثَ تلميذ أستاذه، وإذن فحديث أبي غدّة عن الكوثري وسعيه في نشر مؤلفاته جريمة يجب أن تكون موضع الملامة لدى هؤلاء.
وكنتُ قد عارضتُ بعض آراء شيخنا الكوثري في مقال لي، فجاءني مَنْ يمدح المقال ويقول: إنه صدمة للشيخ أبي غدة، فصرخُتُ في وجهه، وقلت: يا أستاذ أنت لا تعرف الإمام الكوثري ولا الأستاذ عبد الفتاح، فهما في مُستوى لا أرقى إليه، ولا أحْسَبُك تُدركه! قال: ولم خالفتَ الكوثري قلتُ: مخالفة التلميذ لأستاذه في مجلس الدرس، وهو يعرف أنّه ينهل من حياضه، ويقتبس من نوره، فخرج الناقد المتعجل غاضباً.
وَهُنَا أدركتُ أن الشيخ أبا غدة يُلاقي بلاء أي بلاء من أدعياء المعرفة، فحرصت على أن أشيد به في كلّ مجلس، وهو لا يعلم هذا، لأني أنشد الحق دون اهتمام بعمرو أو زيد، ولكن الأرواح جنود ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف؛ فقد أدرك الرجل بإلهام البصيرة ما أكنه له من حبّ، فكنتُ أتلقَّى سلامه على البعد شاكراً، وأُبادِلُه مِثلَه صامتاً، وهو مذهب خاص بنفر من الناس تتعارف لديهم الأرواح، ولا تتلاقى الأشباح.
وقد كانت أنباؤه العلمية تَفِدُ إليّ من البلاد الشاسعة، فكانَ أعجب ما أعجب من أمره هو صبره الملح الدائب، فضلاً عن على الرحلة الطويلة المستمرة إلى شتّى بلاد الإسلام شرقاً وغرباً مَعَ ما يتحمّله المسافر من وغناء الطريق، ووخشة العشير، ولكنَّ حبّ المعرفة دفعه إلى تحمل الصعاب رائحاً غادياً، وقد سهل الله العسير، فصادفَ مِن ذوي الفضل في هذه الربوع لا يجتمعون لعالم واحد إلّا في الندرة النادرة، وَقَرأَ مِن نفائس المخطوطات عربية ودينية ما عزّ على غيره أن يسمع باسمه، أن يقرأ صحيفة منه.
وأذكر أنه روى عن علماء الهند من التحف العلمية ما كنتُ غير متصوّر لوجوده، كما تحدّث عن أئمةٍ هناك، لم تصل إليَّ أسماؤهم فضلاً عن مؤلفاتهم، وبسبب ما كتب عن هؤلاء أخذتُ أحاول التعرف إليهم، وأجمع ما أستطيعُ جمعه من أخبارهم، وهيهات أن أصل إلى بعض ما يعلمه الرجل الكبير عن هؤلاء الكرام ... وما زلت أذكر قول صديقي الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح منذ ثلاثين عاماً عن الشيخ أبي غدّة بأنه من كبار شيوخ الحديث في هذا العصر، وقد كان هذا منذ زمن بعيد، فماذا يَقُول .. عنه الآن، وقد بلغث مؤلفاته في الحديث وحده، ثلاثين مؤلفاً، وهي مؤلفات لا تجمع وتحشد كيفما اتفق ولكنّها تهدف إلى جلاء الغامض تارة وإلى تصويب الخطأ تارة، وإلى إضافة الجديد تارة ثالثة، بحيثُ يَسدُّ كلّ كتاب مسداً ضرورياً لا مفر منه.
وقد طالعت قائمة مؤلفات الأستاذ في خاتمة «تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي فوجدتُها تجمع أكثر من خمسين كتاباً، كلُّها مما يُفيدُ الدارس البصير، فضلاً عن المتصفح العجول، ففيها كُتُب ضافية، عن الجرح والتعديل، وعن تمييز الفتاوى عن الأحكام للإمام القرافي، - وهو كتاب نادر في موضوعه واتجاهه، وعن فقه أهل العراق، وعن مسألة خلق القرآن، وعَنْ فقهاء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر، وعن منهج السلف في السؤال عن العلم، بل إنها ضمت مؤلفات عن الأدب والخط مثل شرح قصيدة أبي الفتح البستي، والترقيم وعلاماته في اللغة العربية، وتضحيح الكتب وصُنع الفهارس المعجَمَة، وَهَذا غَيْضٌ من فيض.
وسأحاول أن ألم إلمامة موجزةً ببعض كتبه في الحديث ليدل المذكور على المطويّ، فأشير أوّلاً إلى كتابه «لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث لأنّه كتاب يفيد المثقف والمتخصص معاً لقُرب تناوله وسهولة سياقه سهولة لا تبخس حقّ المضمون المقرر من قضايا العلم، إذ تحدّث المؤلف في نصاعة شفّافة عن مقام السنة المطهرة من كتاب الله، وموقعها من الشرع الحنيف، وهو حديث كرّره الأستاذ في أكثر من كتاب لأنّ الحملة الكاذبة على حجية السنة منذ بَزَع قَرْنُها الشيطاني في أوائل هذا القرن على يد المستشرق المجري جولدزيهر، قد وجد من الأذناب مَن حاول تقرير باطله مضخماً، حتى اقتنع بعض القرّاء بهذه المحاولة عن قُصور فهم، فقامَ مِن الحديث من أقروا الحق، وفي طليعتهم السيد محمد رشيد رضا وجمال الدين القاسمي، وهما من جيل الأساتذة الذي ينتمي علماء هذا الجيل إلى مشيختهم النافعة، وجاءَ جيلُ الأستاذ عبد الفتاح فَكَفَى وشَفَى، والأستاذ في طليعة هؤلاء البررة بما سَجِّل وَدَحَضَ، وقد اقتضاه الموقف أن يتعرَّضَ في كتابه السالف إلى تمحيص طائفة من الأحاديث الضعيفة مبيناً وَهَنها الركيك، وإلى الخلوص لأهم أسباب الوضع في الحديث ونتائجه منتهياً إلى حديث شاف عن الإسناد، وتاريخ الرواة والرجال، ونقدِ الرواة، وبيان حالهم، وعلم الجرح والتعديل، وعلم مصطلح الحديث وأمارات الحديث الموضوع!
أقولُ: لو استطاع كاتبو العلوم الإسلامية أن يلتزموا هذا الوضوح السافر فيما يعالجون من قضايا العلم في كتبهم الذائعة، لَوُجِدَ لدينا جيل حصين من الشبيبة الإسلامية لا تخترقُ صدورهم سهام المغرضين.
وإذا كنتُ حَمِدتُ وضوحَ هذا السِّفْر القيم، فإنّي أحمد دقة كتابين آخرين في هذا المجال هما كتاب الإسناد من الدين»، وكتاب تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي»، لأنهما أضافا الجديد حقاً فيما عالجاه من معضلات.
فالكتاب الأول يتحدث حديثاً علمياً عن مكانة الإسناد من الدين وأنه خصيصةً خُصَّت بها الأمة المحمدية، وعن تسامح العلماء في أمر الإسناد بعد تدوين العلوم ورسوخها وعن تحريفات غير مقصودة وقعت في كلام بعض الأئمة، وكان جميلاً أن ينتقل المؤلف إلى حديث أدبي عن اهتمام اللغويين بالسّماع والإسناد، ناقداً أبا منصور عن الكتب دون رواية شفوية، أما ما أبدع فيه كل الإبداع فهو حديثه عن ألوان من التحريف اللفظي لأئمة كبار، فقد تتبع مؤلفات شهيرة لأعلام كبار ليرصُدَ ما وقعوا فيه من خطأ لا يسلم منه نقله الأزهري في بشر أما ما آخَذُهُ على المؤلف فهو امتداد حديثه المسهب عن تفسير كلمة ابن المبارك: لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء فإذا قيل له مَنْ أخطاً في فهم معنى كلمة (بقى).
وكان تصحيح الخطأ ميسوراً في عدّة سطور، ولكن المؤلف امتدّ بالقول امتداداً رحيباً دون موجب، والمسألة بعد ليست مما يُقال فيها: «قضية ولا أبا حسن لها فهي أهون بكثير.
أما كتاب تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي فهو من أقوم ما كتب في المجال النقدي، لأنّ مقام هذه الكتب الجليلة لا يُسمح أن يكون بها ما يحتاج إلى نقد، وقد تساهل الأستاذ أحمد شاكر في وصف جامع الترمذي ،بالصحيح، وهو تساهل يحتاج إلى تعقيب، فرجع الدارس إلى مخطوطات شتّى للكتب الثلاثة ليأتي البيوت من أبوابها، فكان دقيقاً دقيقاً.
ولا أنسى في هذا المجال النقدي حديثه عن سنن الدارقطني، وما قالَه كبار المحدثين بشأنها، إذ جمعت هذه السنن أحاديث شتى من ضعيفة وموضوعة، ومكانة مؤلفها لدى العامة تستر هذه الموضوعات، فاحتاج الأمر إلى جَلْجَلَةٍ عالية تَقْرَعُ الأسماع، وهذا ما قام به الأستاذ مستنداً إلى أقوال صريحة لأمثال الحافظ ابن تيمية، والحافظ ابن عبد الهادي والحافظ الزيلعي والبدر العيني، والحافظ الذهبي، ولسنا نقدح في نيّة الدارقطني فهو من كبار الأئمة في الإسلام، ولكنا نقول : إنه أخطاً حين رَوَى الضعيف والمنكر والموضوع والمعلول والغريب وكان له في الاتئاد البصير ما يحول دون الجموح.
وإنما امتد كلام شيخنا - رحمه الله تعالى - واتَّسع في تصحيح هذا الخطأ، لتتابع كثير من العلماء المحققين على الخطأ في قراءته، ولكثرة انتشاره في الكتب التي نقلت كلمة ابن المبارك وهذا من حرص شيخنا ودقته وبالغ عنايته في تصحيح النصوص مما يعتريها من تحريف وتصحيف فيتتبع الخطأ في مواضع وروده، أخذ اللاحق فيه من السابق حتى يتضح الصواب. (محمد الرشيد).
وقد آن أن أترك مجال الحديث إلى سواه، وكتب الأستاذ في فروع العلم متشعبة موفورة، وسأتحدث عن مختارات منها تنتمي إلى الحفل التربوي، لأنَّ الشيخ مُربِّ ،فاضل، قبل أن يكون عالماً متخصصاً، وقد حمل إجازة التدريس في عِلْمي النفس والتربية من قسم التخصص بالأزهر، فرأى أن يتحدَّث عن تربية النشء المسلم حديث العالم الناهل من تراث الأجداد، لا حَديثَ أصحاب النظريات الأدبية ممن يُترجمون ولا يفهمون، فلننظر ما صنع؟!
وأوّلُ ما أختاره في مجال التربية الإسلامية الرشيدة كتاب صفحات من صبر العلماء وهو كتاب لو لم يكن لمؤلفه غيره لكفاه مجداً وتقديراً، لأنه نمّ عن اطلاع غزير وذوق رقيق، وسمو في الاختيار، وبراعة في التعبير والإيجاز هو البلاغة بعينها، فإنّ إيراد الوقائع المدهشة لا يحتاج إلى تعليق يذهب ببريقها الساطع، وهذا ما عناه المؤلف حين قال: واقتصرتُ في هذه الصفحات على إيراد الأخبار والوقائع دون تحليل أو تعليق عليها إذ ناطقة بذاتها وهي لا تحتاج إلى شرح وبيان».
وهذه الطريقة أحبذها كلّ التحبيذ لأنّ شغف بعض الثّرثارين بالإسهاب المُطيل يُطفىء الجذوة التي اتقدّت من روعة الحدث، وأذكر أنّي قرأتُ من قبلُ كتاب من أخلاق العلماء» للأستاذ محمد سليمان فوجدته يحوي أكثر من خمسمائة وستين نادرة من نوادر العلم والخُلق والترفع والزهد والشجاعة الأدبية، فكانت بإيجازها اللامع مصدر إشعاع باهر يأخذ النفس، قبل أن يبهر العين وتمنّيتُ أن يحذو حذوه عالم من طرازه فجاء كتاب عبد الفتاح فوق أمنية المتمنّي.
وقد حُلِّيث هوامشه بحواش نادرة ممتازة، ينذر وقوعها إلا على يد لؤلؤي غواص، هذه الحواشي الثمينة ذكرتني بكلمة الخوارزمي التي أهداها الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي إلى الأمير شكيب أرسلان بعد أن قرأ حواشيه في بعض كتبه، وهي قول الخوارزمي حين سأله عائده في مرضه الأخير: ماذا تشتهي؟ فقال : أشتهي أن أقرأ حواشي الكتب.
وقد طرب الأمير الأرسلاني لعبارة الخوارزمي طرباً بعثه إلى أن يكتب للأستاذ النشاشيبي قائلاً: لو أنْجَدثني بجيش مجر، ومال دثر، ما أحسست فضل تلك النجدة كما أحسسْتُ بها عند قراءة كتابك.
وليس هذا الكتاب وحدَه الذي حظي بأمثال هذه الحواشي فأكثر كتب أبي غدة ذات حواش وشروح ولا أنسى أن أذكر على سبيل المثال حواشيه العجيبة الساطعة المسهبة على كتاب رسالة المسترشدين للحارث المحاسبي، فقد فاقت كل تقدير، ولولا حبّي للمحاسبي لقلت إنّها ارتفعت بقوله إلى أرقى السماوات!
ولعل كاتباً مبدعاً يعمد إلى كل قصة موجزة ذكرها المؤلّف، فيتخذ منها سبباً لإبداع فني في رواية أو قصة تثير الأحاسيس، لأنّ بذرة التأثير فيما جمعه أبو غدة مهيأة لأن تنمو وتزهر وتورق وتثمر حتى تصبح دوحة يانعة، بإلهام فنان مقتدر، وأضربُ المثل بقصة بقي بن مَخْلَد التي رواها المؤلف القدير في صفحة ٥٨ وما بعدها من الطبعة الثالثة، فقد قرأها الأستاذ الكبير علي الطنطاوي في مصدرها الأول، وكتب عنها قصة رائعة في مجلة الرسالة سنة ۱۹۳۹ منذُ أكثر من نصف قرن، فأين تلاميذ الطنطاوي ليَغُوصوا على هذه الفوائد في بحرِ أبي غدة، فيبلغُوا بها حدَّ الروعة في عالم الفنون! أين أين؟ الأستاذ ولم يستطع المؤلف أن يكتم مواجدَه الكظيمة، حين تثور عليه هذه المواجد!!
وكيف يكتمُها وهو يصطلي بجَمْرها اللاهب بين أضلاعه، ويحتاج إلى تنفيس يلطف ما يلذعه من أوار، فهو حين يذكرُ جهود السابقين في طلب العلم بالماضي يتذكّر ما يراه في الحاضر من قصور فادح فتلتاع مشاعره التياعاً يدفعه إلى أن يعقب بمثل قوله ص ۱۰۹: ومضى الأستاذ في حديث عن الجامعيين ذوي الألقاب الفخمة فقط، دون أصالة ما، فيُوجع أمثالي من الذين يعرفون ما يعرف في هذا المجال، وأستميحه عذراً إذا قلت إنّهم يعرفون أكثر مما يعرف من هذه البلايا، ولا أريد أن أُسقط البترول في موقد الجمر فأزيد الالتهاب.
ولكنّي أهتف بقول من قال: «فوازنُ رَعَاكَ الله بين هذه الدراسة التي أثمرتها الرحلات، وبين دراسة طلاب جامعاتنا اليوم يدرسون فيها أربع سنوات، وأغلبهم يدرسون دراسة صحفية فردية، لا حضور ولا استماع، ولا مناقشة ولا اقتناع، ولا تطاعم في الأخلاق ولا تأسي، ويتسقطون المباحث المظنونة للسؤال من مقرراتهم المختصرة، ثم يسعون إلى تلخيص تلك المقررات، ثم يسعون إلى إسقاط البحوث غير الهامة من المقروءات والهامة أيضاً وهذا الغالب بتلطفهم وتملقهم لبعض الأساتذة؛ فيجدون لديهم ما يسرهم وإن كان يضرهما:
فأصبحتُ أخفي في ضلوعي أنّةٌ .. مكثّمةً مَنْ لي بها لو أطيلها!
فيا ويح نفسي، كيف ترضى مقامها .. ولا الدار داري ولا الــجــيــل جـيـلـهـا
وللأستاذ أنفاس حارة في صفحات أخرى يجدها القارئ في ۱۲۱، ۱۳۸، ۱۹۷ وغيرها كما يجد نبضاً ثائراً في غير هذا الكتاب مثل كتاب الإسناد من الدين ص ۱۲۳ ،وغيرها، ولو جمعت هذه النقدات الصائبة في موضع واحد لكانت بركاناً يرمي بالشواظ.
وعزيز علي أن أترك هذا الكتاب دون أن أوفيه حقه، كما تركتُ الحديث عن كتاب قيمة الزمن عند العلماء لضيق المقام، ولكنّي لم أستطع مقاومة الإغراء الذي يدفعني بعنف إلى الإلمام بحديث موجز عن كتابه النادر العلماء العزّاب الذين آثروا العلم على الزواج وهو كتاب يجذب كل قارئ إلى محتواه ولو تُرجم إلى بعض اللغات لأحدث الدهشة ما يبهر كل قارئ ولا أدري لماذا لم يذكر العالم العلم جمال الدين الأفغاني مؤلّف وناقد زعامته الثورية، ولماذا لم يذكر ترجمة أبي العلاء المعري ومؤلفاته العلمية الغزيرة تجعله من العلماء الأصلاء قبل أن يكون شاعراً، وعباس محمود العقاد؟ وهل يخفى القمر كيف تركه وهو كاتب الكتاب وعلم العلماء؟
أما حافظ إبراهيم فقد يكون شاعراً فحسب، فيلتمس العذر لإهماله مع أنه مؤلف «ليالي سطيح ومترجم البؤساء» وبعض كتب الاقتصاد! لقد اشترط الأستاذ أبو غدة أن يكون من يتحدث عنهم (ص١٤) من أكابر رجال العلم والأدب والمؤرخين وهؤلاء من الأكابر حقاً، أما مؤاخذة أبي العلاء ببيت من الشعر قاله في ساعة ما، مُتابعة لمنطقِ ابن خلكان فمما لا أراه يستقيم، فقد كان المعري أزهد زاهد في عصره، وقد ترامى الرؤساء على أعتاب مَحْبسه، فما حقق لهم رجاء في الانتفاع بسلطانهم وهذا كلامٌ يحتاج إلى بسط ليس هذا موضعه!
(اقتصر شيخنا - رحمه الله تعالى - في كتابه العلماء العزاب على تراجم الثقات المجمع على إمامتهم وعلمهم وفضلهم، والذين في ترجمتهم ما يحفز الهمم للاقتداء بهم في حب العلم ونشره ولم يكن قصده الاستقصاء وإنما الانتقاء والاقتصار على الكبار، وليس مجرد الجمع أو سرد الأسماء لحب الاستكثار وانظر مقدمة الشيخ - رحمه الله - للطبعة الرابعة من كتابه «العلماء العزاب ص ۱۰ - ۱۱. محمد الرشيد)
ومن أعظم ما في الكتاب تحقيقاته الهامشية التي قد تطولُ وتمتد، وفي كل سطر بل في كل كلمة، بل في كل حرف مجال رائع العلماء للنظر الدقيق، ومن ألطفِ الأمور أنّه يعتذر عن الإطالة الدسمة المنتقاة فيقول (ص۷۹): ومعذرةً من الإطالة في تصويب هذه الكلمة»، أن هذا التصويب قد عصف بآراء تداولها الناس وكادت تكون من المقررات، ومما انفرد به هذا الكتاب تراجمه الدقيقة لنفر من المعاصرين كالشيخ خليل الخالدي، وبشير الغَزّي، وسعيد النورسي، ومحمد الكافي، وليتني قرأت هذا الكتاب من قبل لأني عانيت معاناة صعبة في ترجمة الأستاذ شكري الآلوسي والنورسي سعيد قبل أن أعلم شيئاً مما كتب أستاذنا أبو غدة.
ومن عادتي ألا أضيف شيئاً إلى ما كتبتُ من قبل، وهي عادة مستحكمة لا حيلة لي فيها، وموضع النقد بها لا يخفى، ولو كنتُ أعتبرُ لاعْتَبَرْتُ بالمؤلف الكبير أبي غدة، حين يطبع الكتاب عدة طبعات وفي كلّ طبعة يزيد ويزيد حتى يكون الفارقُ بين الطبعة الأولى والرابعة فرق ما بين الطفل والكهل، وهو توفيق إلهي أمده الله به، وَلَمْ . . !!
ولا أجد في مجال التربية أروع من هذا الكتاب وسابقه، وقد شغلني لبابه عن الإشادة بالمقدمة العلمية الرائعة التي فَصَلَ فيها الشيخ بين العزوبة والزواج فكان في حديثه الدقيق يقظاً حذراً وكأنه يمشي على الصراط، وقد اجتازه إلى الحُشنى بإبداع وإقناع .. وأختم البحث بكلمة عن كتاب الرسول المعلم ﷺ وأساليبه في التعليم ولعله آخرُ ما صدر عن الأستاذ مطبوعاً كما أظن، وهو كتاب جيد في بابه، لأنه اشتمل على أساليب التعليم النبوية مستمدة. السنة، سواء كانت هذه التعاليم أقوالاً أو أفعالا، وهذه النصوص أساس لبناء يجب أن يتعهده المربون بأساليب البحث النظري في فصول مستقلة تجري مجرى البحث المنهجي مقدمة وعرضاً وخاتمة، فقد قدّم لهم المصنف عناصر التربية النبوية في أحاديث أحسن توثيقها والتعليق عليها، وأقولُ التعليق عليها، لأنّ الشيخ لكثرة قراءاته قد كان سريع الاستشهاد بما يناسب اعتراضاً وجواباً، وإجمالاً وتفصيلاً، وقد يُسهب في النقل من كتب التراث الإسلامي لأعلام المربين من أمثال الماوردي وابن حزم والغزالي ثم يستشعر الإطالة فيحاول أن يعتذر، وذلك أدب نفسي ألحظه في كثير من حواشيه.
وقد طربت طرباً شديداً لتعليق نادر صادفني حين قرأت ما كتبه عن حديث رسول الله ﷺ في رواية مسلم عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ أنه قال: «والذي نفسي بيده، لا يُؤمن عبد حتى يحبّ لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه» فعلق المؤلف بهذا القول النادر: «قال العلماء المراد بالأخ في قوله: «حتى يُحب لأخيه»، عموم الأخوّة حتى يشمل الكافر والمسلم فيحبّ لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام، كما يحب لأخيه المسلم دوام الإسلام وأنا أرى أن المحبّة لا تقف عند الدخول في الإسلام فحسب، بل تتجه إلى كل خير يُصيب الإنسان ـ أياً كان ـ ما دام لا يُصيب أحداً ما بسوء. لقد كتبت هذا البحث مُعجّلاً، وكأن سائقاً يدفعني، وهذا ما لا حيلة لي فيه، إذ في بعض الأحيان أمسك القلم فلا أتلبَّثُ حتى أفرغ ممّا يملأ خاطري، ولو تمهلتُ لتمَّ الأمر على أحسن مما كان، لذلك أرجو أن أعود إلى قراءةِ آثار أبي غدة مرةً ثانية فقد تنفحني بالجديد، راجياً ما رجاه الطغرائي حين لعل إلمامة بالجزع ثانية يهب منهـا نـسـيـم الـبـرء مـن عـلـلـي قال: وعلى الله قصد السبيل.
جمادى الآخرة/ ١٤١٧ الدكتور محمد رجب البيومي
تقريظ العلامة المحدث البحاثة المحقق الناقد
الشيخ محمد بن محمد عوامة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: فإنَّ سماحة شيخنا وعمدتنا العلامة الرحلة، أبا المواهب، مربي الأجيال، أستاذ الأساتذة فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى وأمتع به ؛ هو أحد دعائم العلم في عصرنا، وممن يُرحل إليه للقائه والمثول بين يديه والاستفادة من أدبه وهديه، وسَمْتِه ودله .
وهو أحد الحلقات الكبرى في سلسلة ربط الأحفاد بالأجداد الأمجاد، لما وفقه الله إليه من الرّخلات العلمية الكثيرة جداً، التي لقي فيها الأكابر من بقايا السلف في علمهم وعملهم. فتيسر له بذلك الجمعُ بين أسانيد علماء الشرق والغرب، ومرويات رجال الشمال والجنوب!
ولو أن شيخنا توجه من أول أمره إلى هذا الفن من فنون الأسانيد لأربى على شيخه علامة المغرب وسنده محمد عبد الحي الكتاني رحمه الله تعالى، لكثرة رحلاته.
وكان حقاً واجباً على الناهلين من زُلال معينه، والمتأدبين بكريم خلاله، أن يقوموا منذ زمان بجمع مشيخة له، ليقدمها فضيلته إلى الكثرة الملحة من أهل العلم الراغبين في الاتصال بشريف أسانيده.
وكان الأخ الكريم المحبّ الحبيب الشيخ محمد بن عبد الله الرشيد قد سعد فيمن سعد بالاتصال بشيخنا ومكن اتصاله به حتى رافقه سفراً وحضراً، فنشِط للقيام بهذا الواجب عنا، جزاه الله خيراً، فجمع ما تفرق من أسانيد شيخنا وخَبَر كُتُبَ الأثبات جيداً، وكشف ما فيها من بعض الأوهام، فجمَّل بهذه الفوائد حواشي هذا الثَّبت الذي جاء اسمه: «إمداد الفتاح».
ثم رغب أن يجعل كلمتي الضعيفة (لمحات من الجوانب العلمية في حياة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة)، والتي قلتها في حفل تكريم شيخنا في «اثنينية» السيد الفاضل عبد المقصود خوجة بجدة ١١/١٤/ ١٤١٤: رغب الأخ الشيخ محمد أن يجعلها في مقدمة عمله، فبادرت إلى إجابته، نفع الله به.
وأسأل الله تعالى أن يحفظ شيخنا وسائر علماء الإسلام المخلصين إنه كريم ،جواد وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
المدينة المنورة في ١٤١٧/٦/٢٢هـ
لمحات من الجوانب العلمية في حياة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة
الشيخ محمد عوامة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، المتفضل على من شاء بما شاء، والصلاة والسلام على سيد المرسلين الأصفياء القائل: «إن العلماء ورثة الأنبياء»، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. وبعد: فهذه كلمات قاصرة وقصيرة كتبتها بمناسبة الأمسية التي أقامها السيد عبد المقصود خوجة في الاثنينية التي يحتفل بها في مساء كل اثنين من كل أسبوع، وكانت هذه الأمسية في ١٤١٤/١١/١٤ خاصة بتكريم سيدي فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى
وإن سيدي الشيخ يعلم ضعفي وعيي عن الكلام لو كنت أن بحضرته على انفراد فكيف بهذا المقام وبهذه المناسبة التي ينبغي يتولى الكلام عن فضيلته أمثاله أرباب هذا البيان؟!.
أقول : ومع إن سماحة سيدي العلامة الأجل أبي المواهب الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى وأمتع به المسلمين بكل خير وعافية، هو من الطائفة المنصورة التي حفظها الله لأهل هذا العصر حجة لهم أو عليهم.
وأتحدث عن جانب واحد من جوانب شخصيته الكبيرة، هو الحياة العلمية، وهو الجانب الذي أكرمني الله تعالى أن أعيشه مع حضرته، وأقتبس من نوره وهديه ولم يكن ثمة شيء سواه يصلني بفضيلته، أو أسأله عنه، أو يحادثني به.
ولا بد لي من ذكر ملاحظتين أولاً:
الأولى: أنني تشرفت بالمثول بين يدي سيدي الشيخ تعلماً وخدمة منذ سبع وثلاثين سنة، فماذا عساي أن أكتب في صفحات معلومات ومعدودات؟ وما أرى مثلاً أقوله إلا كلمة الإمام المجد الفيروزآبادي التي قالها في مقدمة «القاموس» بعد أن عدل تأليف كتاب له في ستين مجلداً إلى تأليف «القاموس» في مجلدين، فاعتذر عن إيجازه الشديد بأنه سيملأُ زُفَراً في زِفْر. أي: يملأُ البحر في قربة! ولئن كان هو قد استطاع فما أنا بمستطيع.
والثانية: أن بعض الناس يسلك في هذا المقام مسلك الإطراء، ولو روجع وحوقق، لأنصف وحقق ورجع، أما أنا فبمذهب سيدي الشيخ أقتدي إنه لما كتب ترجمة لإمام العصر الشيخ محمد أنور الكشميري -رحمه الله ـ في مقدمة كتابه «التصريح بما تواتر في نزول المسيح وأثنى عليه بألقاب علمية عالية، خشي سيدي الشيخ أن يُظَنَّ به الإطراء والمبالغة، فكتب: «لست - والحمد لله - ممن يكيل المديح جزافاً، والثناء اعتسافاً».
وعلى هذا فإني أقول قولة من يعتقد أن الله تعالى سيحاسبه على كلامه، أقول: إن الله يعلم مني أنني لم أسمع من سيدي الشيخ كلمة هذه السنين الطويلة، ولم أرَ منه موقفاً أقول فيه: ليته لم يقل كذا، أو لم يفعل كذا، ومعاذ الله أن أدعي له العصمة، إنما هو توفيق الله عز وجل وتسديده لمن أخلص له في القول والعمل، مع أنني صحبته بنفسية منتسب إلى طلب العلم، صحبته معتقداً فيه العلم والعمل، وملاحظاً أيضاً تطبيق ما تعلمته من أحكام الإسلام وآدابه.
وكذلك كانت صحبتي لقرين سيدي الشيخ وصديقه الحميم بل أخيه، فضيلة سيدي العلامة القدوة الأستاذ الشيخ عبد الله سراج الدين - حفظه الله تعالى - بخير وعافية وكذلك أقول في فضيلته.
وبعد هذا أقول: إن الحديث عن الحياة العلمية عند سيدي الشيخ واسع مترامي الأطراف، لا بد من الاقتصار على بعض جوانبها، مع الاختصار أيضاً، وسأجتزئ بالحديث عن ثلاثة أمور رئيسية، وهي:
۱ - تفتنه في العلوم.
٢ - نبوغه وإعجاب أساتذته وأقرانه به.
٣- شذرة من منهجه في التحقيق.
ثم أختم بالحديث عن مكتبته العامرة.
أولاً: دخل سيدي - حفظه الله - طلب العلم الشريف في سنّ واعية بهمة عالية، ونهمة نادرة، وذهن متقد، وذكاء ألمعي، مع عمل بالعلم وصحبة للعلماء العاملين وتقوى وصلاح، فالتقت في شخصه الأسباب المادية والمعنوية التي تكون (العالم المثالي).
يسر الله تعالى له الأخذ عن مجموعة مختارة من العلماء العاملين المحققين المخلصين وكان منهم - وهو الغالب ـ من تقدمت به السن فازداد نضجاً في العلم والعمل والخير والصلاح، وهؤلاء يورثون في نفوس تلامذتهم ما وصلوا إليه من الجانبين: العلم والعمل.
وكان منهم من لا يزال في ريعان كهولته ويحمل همة الشباب، وهؤلاء ينقلون إلى نفوس تلامذتهم قوة البحث والدرس، وتطلع الشباب إلى التفاعل مع عصرهم. فجمع سيدي الشيخ من الطائفتين حُسْنَيَيْهما.
ولقد سمعت من فضيلته مرة وهو يتحدث عن إعجابه بأجل أساتذته وشيوخه الإمام الكوثري - رحمه الله تعالى ـ لا -من باب التمدح بنفسه، لا، فما سمعت منه حرفاً من هذا القبيل أبداً ـ قال لي حفظه الله: كل من حضرت عليه من الأساتذة كنت أرى أني أستطيع أن أكون مثله، حتى رأيت الأستاذ الكوثري؛ فقلت في نفسي: لا، أما هذا فلا.
هذه الهمة المتوثبة هي التي مكنت سيدي الشيخ أن يصل إلى ما وصل إليه، وحقق الله تعالى فيه قولة الإمام الحكيم صاحب «الحكم»: من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة». وينتج نتيجة بدهية وحسابية عن هذه النفس المتطلعة إلى تجاوز كل من تتلقى عنه أن يكون صاحبها فقيهاً متخصصاً، وأصولياً لامعاً، ومحدثاً بارزاً ونَحْوياً ،حجة، وهكذا سائر الفنون.
ولقد عرض مرة سفر قصير لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد السلقيني - حفظه الله تعالى وعافاه - وهو من شبّان شيوخ شيخنا، فرغب إلى سيدي الشيخ النيابة عنه في دروسه في المدرسة الخسروية - وهي المدرسة التي تلقى فيها شيخنا العلم الشريف -فقام بذلك خير فضيلة الشيخ السلقيني؛ قال له الطلبة: يا أستاذ أكان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة تلميذاً لكم؟ فقال الشيخ بكل تواضع - كما شأنه حفظه الله - أمام تلامذته الناشئة: نعم، ولكني أنا الآن تلميذه، كنت أقرأ له النحو في شرح الآجرومية، وكان هو يطالع الدرس في «مغني اللبيب، وهذه الهمة كانت وما تزال تنمو مع الأيام باندفاع، فماذا نتصور لصاحبها من نهايات؟!
إنها النهاية المشرقة بنور العلم ونور الإيمان والهدي المحمدي. الناس - مع ما يحملون من ألقاب علمية كبيرة ـ على التخصص بعلم ،واحد بل في زاوية من زواياه، فمن اختص منهم بالأدب الحديث - مثلاً - تراه ضعيفاً في الأدب القديم، ومن توجه إلى علم النحو تراه لا يتقن فن البلاغة، وهكذا.
أما سيدي الشيخ فقد درس العلوم الكثيرة التي يدرسها عامة طلاب العلم في زمنه، وأتقن الكثير منها؛ فقد أتقن علوم العربية غاية الإتقان من لغة ونحو وصرف وبلاغة، وأتقن ما يسميه السابقون بعلم الكتابة والترسل، وما يسمى بعلم المحاضرات، حتى كأنه راوية شعر وأدب لا يعرف سوى ذلك .
- وأسلوبه الرقيق الأديب الرصين الجزل - وهو العالم الفحل . يذكرنا بالإمام الأوزاعي الذي جمع بين العلم والكتابة جمعاً عالياً.
وأعرف استاذاً من أساتذة اللغة العربية قلّ من يُعجبه من السابقين، ولا يرى له مثيلاً في المتأخرين والمعاصرين، لكنه كان إذا مشى بجانب سيدي الشيخ - في ثانوية إبراهيم هنانو بحلب - مشى مطرق الرأس مهيض الجانب.
يستحضر شيخنا اللغةَ بضبطها مع كثير من شواهدها، والنحو بمذاهبه وشواهده، وينبه على الكثير من العامي الفصيح، كما يحذر كثيراً من الخطأ الشائع.
وقد حكى لنا أحد أساتذتنا (هو الأستاذ الشيخ أمين الله عيروض رحمه الله وغفر له، وقد درس شيخنا مادة الحساب)- ونحن في السنة الأولى من المرحلة الثانوية ناشئون - سافر إلى دمشق مع مجموعة، ومعهم شيخنا - حفظه الله - وحضروا درس عالم بدمشق، فتوقفوا في أمر كلمة : في ضبطها أو معناها - نسيتُ - فطلب الشيخ صاحب الحلقة من أحد الطلبة إحضار «القاموس المحيط فقال لهم أستاذنا الذي يحكي لنا الواقعة : لا عليكم، هذا هو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، اسألوه فإنه قاموس ناطق !!
هذا، وَبَيْنَ أستاذنا الذي يحكي لنا هذه الواقعة وقال في شيخنا هذه الكلمة بينه وبين شيخنا من خلاف الوجهة والمشرب ما يحمله على أن يكيل له ويكيد، ومع ذلك فما وسعه إلا أن يقول ما قال، ويحكي لنا ما جرى ونحن في أول عمرنا العلمي.
وأتقن سيدي الشيخ الفقه الحنفي الذي نشأ عليه ودرسه، ثم شارك مشاركة قوية في الفقه الشافعي، وهما المذهبان السائدان في بلادنا، وأحفظ لفضيلته مواقف عديدة كان ينبه فيها السائل إلى فروع دقيقة في زوايا حواشي الفقه الشافعي .
ثم إنه شارك مشاركة قوية في الفقه الإسلامي عامة، ورَفَدَ ذلك منه اشتغاله الطويل بتدريس أحاديث الأحكام ولذلك يرى القريب منه سعة صدر في الأحكام، وسماحة - لا تساهلا ـ في الفتوى والتطبيق، لكنه يكره تتبع الرخص، والأخذ بشواذ الأقوال.
وأمعن سيدي الشيخ في علم أصول الفقه درساً وتدريساً ومباحثات في مناحيه ومسائله وله فيه تحقيقات ممتعة، قواه في ذلك (عقلانيته)، وتلقيه لهذا العلم عن عدد من أساتذته في حلب كانوا متقنين له، ثم تلقيه له في الجامع الأزهر عن علمائه، وقد قال لي مرة حفظه الله - وذكرتُ له ملاحظة حديثية على بعض الأساتذة الأزهريين: لا تأخذ عن الأزهريين إلا علم الأصول.
أما علم الحديث الشريف فقد سار فيه طوال رحلته العلمية مع العلوم الأخرى، ثم حط رحله عنده وأخذ منه في هذه السنوات الأخيرة محل اهتمامه ووقته، وتفرغ له جداً، ووفقه الله تعالى لإخراج الكثير الطيب من المؤلفات في علومه.
كما أنه درس وتلقى العلوم الأخرى عن كبار علماء حلب في حينهم، من عقيدة وتفسير ،وتجويد وفرائض ومنطق، وما إلى ذلك من علوم شتى . وقد بلغ عدد شيوخه حفظه الله المائة والعشرين عالماً، أو زاد، أكثرهم من علماء حلب ودمشق والأزهر ثم من علماء الهند وباكستان والمغرب حتى إنه صار أعرف بعلماء الهند وباكستان من أنفسهم، بل إنه ليعرف العلماء منهم المنزوين في فراهم، بله المدن الكبرى والعواصم . وهذا العدد الكبير - بالنسبة لعلماء عصرنا - إنما استطاعه سيدي الشيخ بهمته العالية، واستسهاله الصعب والنصب في سبيل لقاء أُولي العلم والفضل، وأمل الحصول على فائدة منهم. ولا أعرف عالماً استطاع الاستفادة من وسائل النقل الحديثة في سبيل العلم، مثل شيخنا حفظه الله تعالى وأمتع به.
ومن أجل شيوخه أثراً في تكوينه العلمي والروحي: الأستاذ العلامة الفقيه المربي الشيخ عيسى البيانوني دفين البقيع في موسم ١٣٦٢، والأستاذ العلامة المحدث المؤرخ الأديب الشيخ محمد راغب الطباخ المتوفى سنة ۱۳۷۰ رحمهما الله تعالى، وفضيلة الأستاذ الكبير شيخ الشيوخ حجة العصر فقهاً ولغة الشيخ مصطفى الزرقا حفظه الله تعالى وعافاه. وهؤلاء من علماء حلب.
ثم تابع سيدي الشيخ دراسته العالية بالأزهر الشريف، فأدرك الطبقة العليا من علمائه فنهل منهم وعلَّ ورَوِيَ، منهم فيلسوف الإسلام الشيخ يوسف الدجوي المتوفى سنة ١٣٦٥ رحمه الله، وشيخ الإسلام مصطفى صبري المتوفى سنة ١٣٧٣ محدثي مصر العلامة أحمد محمد شاكر المتوفى سنة ۱۳۷۸، والعلامة الأصولي اللغوي شيخ الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين المتوفى سنة ۱۳۷۷، رحمهما الله تعالى . وكان مأواه ومحط رحله في القاهرة عند الإمام الحجة مدرة الإسلام (المِدْرَه: السيد الشريف، وزعيم القوم وخطيبهم المتكلم عنهم والمحامي. وفي حديث شدّاد بن أوس: إذ أقبل شيخ من بني عامر هو مِدْرَهُ قومه . اهـ من المعجم الوسيط ۱: ۲۸۲) وسيف الدين الأستاذ محمد زاهد الكوثري المتوفى سنة ١٣٧١ رحمه الله تعالى.
وتفتُنُ الكوثري في العلوم الشرعية والعربية والعقلية والفلسفية، وهو الذي نمّى - والله أعلم - في سيدي الشيخ التفنن في العلوم الكثيرة والولوج في مضائقها.
وكان إعجاب الكوثري بشيخنا كبيراً، حتى إنه كان يعاتبه إذا تأخر عن زيارته، ثم إنه لازمه ولم يعد يتأخر عليه، ووجد فيه كل مطامحه.
وثمة صفحة علمية مجهولة تقريباً في حياة فضيلة سيدي الشيخ، لا يعرفها إلا القريبون منه، وهي تخصصه سنتين في دراسة علم التربية والنفس بعد إنهائه الدراسة بكلية الشريعة من الأزهر، وقد يعجب منه من يراه يحاكم الأمور في كلامه محاكمة تربوية نفسانية، وهو يجهل منه هذا التخصص.
ولا بد من إزاحة اشتباه قد يرد على الخاطر. قد يعجب من يسمع أن شيخنا صحب وتتلمذ بمصر على الكوثري وأحمد شاكر - رحمهما الله مع ما بينهما من اختلاف في المشرب العلمي، بل بينهما من الرد العلمي ما لا يخفى، بل قد أخذ شيخنا عن الشيخ أحمد الصديق الغماري لما زار حلب سنة ١٣٧٧، والشيخ الغماري هو صاحب الكتاب الذي طُبع قريباً ( باسم بيان تلبيس المفتري في الرد على الكوثري، مع أن الغماري رجع عنه ولم يتم تأليفه، وتصالح مع الكوثري، وصار يثني عليه ويقول عنه: العلامة المحدث كما أخبرني بهذا أكبر تلامذة الغماري فضيلة الشيخ المحقق، عبد الله التليدي) واستغل للرد على الكوثري، بل للافتراء عليه!
والجواب: أن هذه الملاحظة هي منقبة علمية من مناقب سيدي الشيخ، وعلامة على ما ذكرته قبل من رحابة صدره وسعة أفقه، وأنه وجده عاش للعلم يتلقاه من حيث وجده، غاضاً الطرف عن الأمور الخاصة، - حفظه الله؛ فلذلك يجدهجليسه ـ ذوّاقة، كالنحلة يأخذ من كل زهرة رحيقها، كفرص العسل مع شهده!.
وقد أشار حفظه الله إلى هذا المعنى في بعض ما كتب.
ثانياً: أما نبوغ شيخنا وإعجاب شيوخه وأقرانه به: فهذا واضح جداً. من حال شيخنا وتحقيقاته وعطائه الغزير واستحضاره المدهش.
وقد ذكرت ثناء بعض أساتذته عليه فيما تقدم، وأزيد بعضاً آخر. رأيت تصويب كلمة في نصب الراية للإمام الزيلعي كتبه شيخنا أيام طلبه للعلم بالأزهر، ونقل تأييداً لتصويبه كلاماً من مصادر متعددة، فكتب الكوثري - رحمه الله - بقلمه بجانبه: «رأيت فيها ما هزني طرباً أيها الأخ الأعز. والكوثري هو الكوثري!
وكتب العلامة الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا حفظه الله كلمة شكر إلى سيدي الشيخ على الطبعة الثانية من «صفحات من صبر العلماء» قال له فيها: «أخي الأثير الحبيب الذي له في قلبي محبة أكبر من قلبي، وله في نفسي وقار وإن كان أصغر مني سناً».
وأقول: يا ترى ماذا قال حفظه الله لما رأى الطبعة الثالثة منه؟! بل إن الكلمة التي كتبها الأستاذ الزرقا وألقاها بالنيابة عنه نجله الأكرم الدكتور أنس، كتبها - حفظه الله وعافاه - تطوعاً من نفسه، دون. أن يُطلب منه شيء، إنما هو الذي قدَّم نفسه وندبها إلى الحضور في هذه الأمسية، ليقول ما قال، لكن عاقه إجراء عملية له عن الحضور، فكتب ما كتب وهو على فراش المرض - قواه الله وعافاه فإذا ما لاحظنا مكانة الأستاذ الزرقا العلمية، وأنه أستاذ من أساتذة شيخنا، وأنه هو الذي ندب نفسه للمشاركة، وأنه لما اضطر استبدل بالمشاركة حضوراً المشاركة كتابة: علمنا مكانة شيخنا في صدر هذا العَلَم الحجة، وكفى هذا دليلاً على إعجاب شيوخه به.
وكلمة الأستاذ الزرقا في شيخنا: «له في نفسي وقار»: أذكرتني بكلمة أخرى تشبهها سمعت فضيلة العلامة الكبير المحدث الجهبذ الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي- رحمه الله تعالى - يقول لسيدي الشيخ: يا شيخ إني أُجِلُّكَ إجلال الشيوخ. يريد: أجلك كإجلالي المشايخي.
بل لما استجاز العلامة المذكور أبى على شيخنا إلا أن يبادله الإجازة، فأجازه شيخنا، وتدبَّجا معاً. وكتب العلامة الرباني الداعية الإسلامي الكبير فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي حفظه الله تعالى تقريظاً لكتاب «صفحات من صبر العلماء ومما جاء فيه قوله في شيخنا العالم الرباني المربي، تذكار علماء السلف في سموّ الهمة وعلوّ النظر والتفنن في العلوم، والإتقان فيها».
وقال حفظه الله في مقدمته لكتاب الموجز في أصول الفقه» تأليف مولانا الشيخ محمد عبيد الله الأسعدي عن سيدي الشيخ: أستاذ العلماء بقية السلف في الخلف».
وكان زملاؤه في الدراسة الأزهرية يعجبون منه، يرونه في أوقاته كلها بعد الانصراف من الأزهر إما في المكتبات، وإما عند أستاذه الكوثري، فإذا ما جاء إلى الدرس رأوه مستحضراً لمقرراته، مناقشاً لأساتذته أكثر منهم مع تعبهم قال لي ذلك زميل شيخنا وصديقه العزيز فضيلة أستاذنا العلامة الأصولي الفقيه الأديب الدكتور محمد فوزي فيض الله حفظه الله تعالى وبارك فيه.
ثالثاً : شذرة من منهج شيخنا في التحقيق. وحديثي عن هذا الجانب يستدعي الحديث معه عن جانب من خُلُقه العلمي.
وكلمة عابرة أقولها غير مبالغ ولا آثم إن شاء الله، إن «صفحات العلماء» لو تفرغ باحث ليكتب عنه دراسة وافية لجاءت مجلداً لطيفاً، ولبرز فيها من الجانب العلمي والخلقي الرفيع عند سماحة سيدي الشيخ ما يجعله قدوة وأسوة حسنة لأهل العلم، وهذا الكتاب وكتابه الآخر: قيمة الزمن عند العلماء يعبران عن مشاعره وأحاسيسه نحو العلم والعلماء.
كما أن شرحه على رسالة المسترشدين للإمام المحاسبي - في طبعته الأخيرة - يعبر عن سموه الأخلافي والسلوكي. وتنوع كتبه دون تنوع ثقافته واختصاصاته، فالفنون الغالبة على كتبه علوم الحديث وبعضها في الفقه والإحكام للقرافي بين بين: الفقه وما يتصل به، لكن ليس فيها كتاب أصولي، ولا في فقه الخلاف، ولا في الأدب وعلوم العربية وإن كان القارئ يلمح من ثنايا ما أخرج لمعاتٍ ولمحات تدلُّ على ما وراءها، مثل كلمته في أول كتابه «العلماء العزاب عن كلمة عزب، ومثل كلمته آخر «الرفع والتكميل» - في صفحة الاستدراك - عن كلمة وهم يهم وهماً.
والسمة العامة التي امتازت بها كتبه حفظه الله (الإتقان) وقد ذكرت قبل قليل كلمة العلامة السيد أبي الحسن الندوي في الثناء عليه بأنه تذكار علماء السلف في سمو الهمة، وعلو النظر، والتفنن في العلوم والإتقان فيها. فهي شهادة عالم ثاقب الفهم والنظر.
وما هو الإتقان؟ ومن هو المتقن؟ لقد كتب سيدي الشيخ تعريفاً للمتقن في بعض تحقيقاته فقال بلسان الأديب الرصين: «المتقن: هو الذي يغار على الكلمة العلمية الصحيحة أن تذهب وتضيع ويغار من الكلمة الضعيفة أن تحل محل الصحيحة وتشيع، يُفرحه الصواب، ويُحزنه الخطأ، ولا يهدأ خاطره حتى يُصلح التحريف ويُثبت الصحيح، والإتقان يتولّد من الغيرة على العلم أن يدخله الخلل».
وأقول هذا وصف نفسه ولا ريب. وأذكر مثالين على ذلك:
الأول: جئت إلى سيدي الشيخ يوماً بأوراق من تجارب الطبع من كتاب «الأجوبة الفاضلة وأدخلني على العادة غرفة الضيافة، فرأيت المقاعد - على كثرتها وسعتها - مفروشة بالكتب، لا أجد واحداً يمكن الجلوس عليه، فقلت له مبتسماً خيراً إن شاء الله! فقال: مرت بي في هذا الكتاب، ومنذ ثلاثة أشهر وأنا أتعب في الكشف عنها، فانكشفت الآن والحمد لله، فلذلك جئت بالكتب إلى هنا واحداً بعد واحد، وكشفت فيها كلها عن موقع هذه الكلمة منها .
كلمة يقول المؤلف عن الإمام الشافعي رضي الله عنه: إنه يعمل بالإحالة، فلم يتضح لي مراده منها فراجعت كثيراً، وسألت عنها فلاناً وفلاناً من مشايخي، فلم أجد عندهما جواباً، والآن وقفت على أن صوابها الإخالة - بالخاء المعجمة - من قولك: خال يخال، إذا ظن مسلك وحسب، وهي من مسالك التعرف على العلة في باب القياس، من كتب الأصول.
فمن أجل نقطة في الكلمة بحث عنها هذا البحث الطويل المتواصل، واهتم وسأل ولم يفتر وكان بإمكانه أن يفعل ما يفعل غيره من أدعياء الألقاب الكبيرة في التحقيق وخدمة التراث، فيهمل الكلمة مطلقاً، أو أن يكتب كلمة تجهيل وتحيير للقارئ فيقول: كذا في الأصل وعلى القارئ والعلم والتحقيق السلام.
المثال الثاني: وأقدم ببيتين من الشعر مشهورين، هما لإمام الحرمين - رحمه الله - يقول:
أخي لـن تنـال العلـم إلا بستة .. سأنبيـك عـن تـفـصـيـلـهـا بـبـيـان
ذكاء وحرص وافتقار .. وغربة وتلقين أستاذ وطول زمـــان
وإن الله يعلم أني لم أرَ مثل فضيلته في صحبة أساتذته الزمان، ومن مظهر ذلك عنده أنه لا يفتأ يكتب إليهم مستر شداً بآرائهم المعضلات العلمية، وكتبه شاهد صدق على ما أقول.
والمثال الذي أريد ذكره هنا أن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى له الكتاب المشهور إعلام الموقعين عن رب العالمين». وكان فضيلة شيخنا يؤكد من سنين طويلة على تلامذته أن صحة اسم الكتاب: إعلام الموقعين بكسر الهمزة على معنى الإخبار والتعريف، وجاءت مناسبة في قواعد في علوم الحديث ص۹۷ فكتب مصححاً ومصوباً هذا الضبط، ونبه إلى أن إمام العصر الكشميري يرى صواب تسميته أعلام الموفقين بفتح الهمزة، وبفاء وقاف، من معنى التوفيق في الكلمة الثانية وأنه ليس كذلك، بل هي سهوة قلم.
ونبه إلى أن الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله لما طبع الكتاب كرر في أجزائه الأربعة تسميته هكذا: أعلام الموقعين، بفتح الهمزة. يبرم بنفسه مع وأراد حفظه الله أن يبت في التصويب والتخطئة، فلم يقنعه أن أنه كان يؤكد على ما ذكرته من عهد بعيد، فكتب إلى أستاذه شيخ الشيوخ العلامة الحجة الشيخ مصطفى الزرقا ـ وكان يومها في عمّان - يستطلعه رأيه فكتب إليه ما يفيد جواز الوجهين، كل منهما باعتبار.
وقال عقبه: هذه كلمة فصل؛ فمن أجل فتح همزة أو كسرها، ومن أجل حاء مهملة أو خاء معجمة ترى منه هذا الاهتمام والبحث والتتبع والسؤال، والاتصال منه بأساتذته وشيوخه يستفيد منهم ويسترشد.
والتحقيق المتقن له منهجان أيسرهما تحقيق نص الكتاب ولفظ مؤلفه على وجه كما كتبه مؤلفه أو يكاد يكون كذلك، مما لا يخلو عنه طبع البشر.
وثانيهما: التزام ذلك، وأن يزيد عليه تحقيق مباحثه العلمية فلا يترك شاذة ولا فاذة إلا أتقنها بحثاً وتحقيقاً وإفادة على الوجه الذي يراه المحقق صواباً.
فالتحقيق: تحقيق للنص واللفظ فقط، وتحقيق للمضمون والحكم والعلم بالإضافة إلى تحقيق النص. وشيخنا حفظه الله لا يترك القارئ على غير ذلك، وكم كلّفه هذا الالتزام للمنهج العلمي العالي من جهد واهتمام، وقلق بال وبذل مال وكثيراً ما أتعب نفسه والطابعين معه ليريح القارئ ويفيده بالإضافات والإلحاقات التي يقف عليها أثناء مطالعاته حين يكون الكتاب في المطبعة ببيروت.
وتحقيق الأحكام والمسائل العلمية أعزُّ عليه من التزام المنهج الذي يسير عليه بعض من يحقق الألفاظ وشكلياتها، وينقد التطويل في تحقيق العلم، وإن كان شيخنا قد مشى على هذا النهج أخيراً بعض الشيء في بعض كتبه الأخيرة، لما يعرض من عوارض صحية، عافاه الله وقواه، لكنه لا يسكت على شيء حقه التزييف والنقد.
ومن منهجه في التحقيق وخُلُقه العلمي الرفيع، وتواضعه الجم: تحقيق ما قاله إمامان من أئمة العلم في السلف، وهما: أبو يوسف القاضي، ووكيع بن الجراح، وكلاهما من أصحاب الإمام أبي حنيفة رضي قالا: لا ينبل الرجل حتى يكتب عمن فوقه، وعمن مثله، وعمن هو دونه أي لا يكون عالي القدر في العلم، راسخ القدم فيه حتى يكتب ويروي عمن هو فوقه ومثله ودونه بنفسه.
وإن سمو مقام شيخنا في العلم والتحقيق، وصفاء الذهن، وجودة القريحة، لا يحتاج إلى ثناء ولا تعريف، ومع ذلك لا يربأ الاستفادة من أي تلميذ له كبر أو صغر، بل إنه ينسب إليه ما استفاده منه، وقد ينقله عنه بلفظه.
وانتقل بعد هذا إلى الحديث عن مكتبته المباركة، وأقدم بين يدي ذلك بكلمة من كلماته، تصور عظمة موقع الكتاب عنده. قال حفظه الله في كتابه «صفحات من صبر العلماء» ص ٢٥٦: «الكتب من حياة العالم تحلُّ منه محل الروح من الجسد، والعافية من البدن.
وحكى عن تعلقه بالكتاب فقال ص ۲۷۹: «كنت في بعض الأحيان أنذر الله تعالى صلاة كذا وكذا ركعة إذا حصلت على الكتاب الفلاني».
وأنه باع قطعة نفيسة من المتاع ورثها من والده رحمه الله ليشتري بها كتاباً. ومن هذا المنطلق والإدراك لأهمية الكتاب عند فضيلته، يمكننا أن نحكم فوراً أنه يملك مكتبة واسعة نادرة كمّاً وكيفاً.
وأتحدث عن ثلاثة جوانب منها:
١ - مكتبة واسعة من أوسع المكتبات التي يملكها أفراد - لا مؤسسات ـ ومنذ ثماني عشرة سنة تقريباً أجرت إذاعة الرياض بالمملكة مقابلة إذاعية مع فضيلته ومما سئل فيها عن سعة مكتبته، فقال: هي مكتبة طالب علم، وكأن الذي أجرى المقابلة كان عنده خبر عن ضخامتها، فأعاد السؤال ورجاه تقدير عددها فقال حفظه الله: نحو عشرين ألف كتاب.
وأعتقد أنها تضاعفت الآن مع عامل الزمن، ومع عامل الحركة الطباعية النشطة.
وقد بذل أمتع الله به في سبيل جمعها عصارة روحه وراحته وحياته، لا سيما إذا لاحظنا أن أول نشأة طالب العلم تكون على قُلّ من المال.
ومما هو مشهور وسمعته منه:
قيل للفقر أين أنت مقيم .. فأجاب تـحـت عـمـائـم الـفـقـهـاء
إنني وبينهم لإخاء .. وعـزيـز عــلــي تــــرك الإخاء
٢ - هي مكتبة شاملة من حيث فنونها، ومتنوعة من حيث مصادرها وبلدان طباعتها، من مطبوعات الهند وباكستان والمغرب العربي كله، يوم كانت بلادنا المشرقية منعزلة عن معارف تلك الديار .
٣ - إن مكتبة سيدي الشيخ ليست مكتبة من ينفق عليها ويقتنيها لتكون في صالة العرض والزينة في داره كما يفعل بعض الناس قديماً وحديثاً، لتكون جزءاً من مظاهر ثقافة صاحب الدار! لا، إنها مكتبة للانكباب عليها، والسمر معها ومناجاة أصحابها بالليل، ومحاورتهم بالنهار، ولهجر النوم ومجالسة الأهل والولد.
ولسان حاله ينشد ويردد ما نقله في «الصفحات» عن القاضي الجرجاني:
ما تَطَعمت لذة العيش حتى .. صرت للبيت والـكـتـاب جـلـيـسـا
ليس شيء عندي أعز من .. الـعـلـم، فما أبـتـغـي ســواه أنــيــســا
ومنذ أكثر من ثلاثين سنة شهد لسيدي الشيخ أستاذه فضيلة الشيخ محمد السلقيني حفظه الله فقال لمن حضره: ادخلوا مكتبة الشيخ عبد الفتاح وتناولوا منها أي كتاب شئتم، فإنكم لا بد واجدين فيه تصحيحاً وتعليقاً واستدراكاً وفائدة . وهذه المكتبة العامرة تدل على معرفة سيدي الشيخ الواسعة بالكتب والشهادات له في هذا الباب كثيرة فمعرفته بالكتب: مطبوعها ومخطوطها، ونادرها، ومزاياها مما لا يخفى على أحد عرف الشيخ.
ولا عجب في ذلك، فإنه أولا تلميذ الأستاذ الشيخ محمد راغب الطباخ بحلب، ثم الإمام الكوثري بمصر وهما -ولا سيما الكوثري -من جهابذة هذا الفن في عصرهما، ثم إنه تابع مسيرتهما، فما من بلدة دخلها إلا وكانت راحته و استراحته في مكتباتها التي في الأسواق للبيع، أو في مكتباتها الوقفية الخطية يفليها فَلْياً.
وبعد - يا سيدي الشيخ -فهذه كلمات من متطفل على مائدتكم ينسب نفسه إلى سماحتكم، لا يخفى عليكم عجزه وحصره، وما أنا منكم إلا كما قال الإمام أبو عمرو بن العلاء رضي الله عنه:
ما نحن فيمن قبلنا إلا .. كبقل في أصول نخل طوال !!
أسأل الله الكريم اللطيف أن يديم عليكم نعمة الصحة والعافية من كل سوء، لتكونوا - في اطراد ـ منـار هـذي للإسلام على المسلمين، وأن يقر عينكم بالأنجال الأشبال والأحفاد الأوتاد، وأخص منهم أخي الأستاذ سلمان والحفيد السميَّ الكريم.
وأن يقر عينكم أيضاً بإنجازكم مشاريعكم العلمية ومطامحكم العملية. إنه كريم جواد، سميع مجيب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتبه المدينة المنورة ١٤١٤/١١/٢٣ محمد عوامة
الفصل الثالث
بعض الآخذين عنه من تلاميذه ومستجيزيه
الذين ذكرتهم في الفصل لم أقصد استقصاءهم، كما أني لم أستقص الطلبة الذين درسوا عليه دون إجازة منه، وترتيب الأسماء الواردة هنا لم أتبع فيه منهجاً معيناً، وإنما أوردتهم حسب تذكرهم، وأعتذر عمن فاتني ذكره، وهم أحب إدراج اسمه فلينبهني إلى ذلك مشكوراً.
الذين استجازوا شيخنا - رحمه الله تعالى - خلق كثير لا يحصيهم العد، فقد كانت الإجازة تُطلب منه منذ زمن بعيد، فاستجازه العلامة المحدث الشيخ عبد الحفيظ الفاسي المتوفى سنة ١٣٨٣ - رحمهما الله تعالى ـ منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة.
وتدبَّج في الرواية مع كثير من شيوخه كما سيأتي. ولما رحل شيخنا إلى الهند رحلته الأولى سنة ۱۳۸۲ استجازه جماعة من كبار العلماء وطلبة العلم ومنذ ذلك الحين إلى وفاته - رحمه الله تعالى ـ والرسائل تأتيه من كل مكان يطلب أصحابها الإجازة.
ولما سعدت بصحبة شيخنا في كثير من أسفاره، كان طلبة العلم يجتمعون عليه طلباً للإجازة منه، فيجيزهم لفظاً، لأن الكتابة لهم تحتاج إلى جهد لا تتسع له أعمال الشيخ وأوقاته.
ولا أنسى تلك الجموع الكثيرة من العلماء وطلبة العلم حينما يطلبون من شيخنا رحمه الله تعالى عقد مجلس لقراءة أوائل الكتب الستة وإجازتهم بباقيها وبجميع مروياته ليكون لهم شرف الاتصال بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكتب العلماء عن طريقه.
وفي مدينة لكنو بالهند في ندوة العلماء تلك الجامعة المباركة المؤسسة على البر والتقوى والدعوة والإخلاص عُقد لشيخنا مجلس كبير، اجتمع فيه مدرسو الندوة وطلابها، وذلك بهمة تلميذ شيخنا العالم الفاضل الداعية المخلص السيد سلمان الندوي، فأجازهم جميعاً بجميع مروياته ومؤلفاته بعد قراءة أوائل الكتب الستة.
وقد حصلت مجالس كثيرة مثل هذا المجلس الحاشد اجتمع فيها مئات الطلاب في مدرسة صديق شيخنا السيد أحمد الباندوي وفي مدرسة فضيلة الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، وجامعة العلوم الإسلامية للسيد يوسف البنوري، وفي جامعة دار العلوم التي أسسها شيخه المفتي محمد شفيع - الله تعالى - رحمهم وسأذكر في هذا الفصل بعض مستجيزيه على سبيل المثال والاختصار لا على سبيل الحصر، لأن استقصاءهم وحصرهم أمر يتعذر علي، وفي هؤلاء الذين أذكرهم جماعة من طلابه الذين حضروا دروسه وقرؤوا عليه وتخرَّجوا به وحصلوا على إجازته ..
منهم العلامة الفقيه المسند المربي فضيلة الشيخ محمد علي بن محمد سليم المراد الحموي الحنفي، رئيس رابطة العلماء بمدينة حماه، المولود سنة ١٣٣٦ حفظه الله تعالى ونفع به.
وأسرة المراد من بيوت العلم القديمة في حماه، وقد تولى الإفتاء منهم جماعة. وهو من أخص أصحابِ شيخنا رحمه الله، منذ بداية طلبه للعلم، فقد درس مع شيخنا في الجامع الأزهر، وشاركه في كثير من شيوخه، حتى أن السيد محمد عبد الحي الكتاني أجاز الشيخين بإجازة واحدة، بارك الله لنا في حياته ونفع به. وقد جمعت ترجمته وأسانيده في جزء أسميته: «تحقيق المراد في ترجمة وأسانيد الشيخ محمد علي المراد.
العلامة الفقيه المفسّر الداعية الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي. وهو من أصحاب شيخنا ومحبيه وعارفي فضله وقد تأثر بوفاة شيخنا، وخص إحدى الخطب في يوم الجمعة في المسجد الكبير بقطر للحديث عن الشيخ كما كتب كلمات في رثائه في مجلة المجتمع، حفظه الله وجزاه الله تعالى خيراً.
شيخ الشافعية في الأحساء العلامة المحقق الفقيه فضيلة الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الله الدوغان الشافعي.
العلامة المحدث الناقد تلميذ شيخنا القديم، ووارث علمه فضيلة الشيخ محمد بن محمد عوامة الحلبي حصل على الإجازة من شيخنا في شعبان سنة ١٣٨٥. وقد تقدمت ترجمته الموجزة، وكلمته الضافية في تقاريظ الكتاب.
العلامة المحدث الدكتور الشيخ محمود بن أحمد ميرة الحلبي الشافعي حفظه الله تعالى وهو من كبار تلامذة شيخنا المتقدمين، وكانت له صلة وثيقة ومحبة كبيرة بشيخنا وقد نفع الله به مئات الطلاب خلال أكثر من ثلاثين عاماً مدرّساً في الجامعة الإسلامية، وفي جامعة الإمام محمد بن سعود، وهو الآن يحقق مستدرك الحاكم يسر الله له إتمامه.
العلامة المحدث الفقيه الناقد الشيخ إسماعيل بن محمد بن ماحي الأنصاري المولود سنة ١٣٤٠ والمتوفى في ٢٧ ذي القعدة من سنة ١٤١٧ رحمه الله تعالى صاحب المصنفات والتحقيقات والردود العلمية المشهورة، والباحث في إدارات البحوث العلمية والإفتاء. كان على صلة قوية بشيخنا ويراجعه في بعض المباحث العلمية، ويعترف لشيخنا بالإمامة في العلم والتفوق بعلم الحديث رواية ودراية على أهل العصر، وأجازه شيخنا سنة ١٣٩٠.
العلامة الفقيه الشيخ وهبي سليمان غاوجي الدمشقي الحنفي، المدرّس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً وفي كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي حالياً، صاحب المؤلفات الكثيرة، صديق شيخنا المحب، وقد كتب كلماتٍ في رثائه جزاه الله خير الجزاء.
العلامة الفقيه المحدث المسند المفتي الشيخ محمد عاشق إلهي البرني المدني الحنفي، صاحب العناقيد الغالية في الأسانيد العالية وغيرها، حفظه الله تعالى.
العلامة الفقيه الأصولي الدكتور محمد تقي بن محمد شفیع العثماني وقد تقدمت ترجمته في تقريظه لهذا الكتاب جزاه الله خيراً.
العلامة الفقيه الأصولي المؤرّخ البحاثة الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان المكي، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية حرسها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين. وقد تقدمت كلمة موجزة في التعريف به في تقريظه لهذا الكتاب حفظه الله ونفع به.
* العلامة الفقيه المحدث الشيخ محمد رفیع بن محمد شفيع العثماني الحنفي، مدير جامعة دار العلوم الدينية بكراتشي.
العلامة الأديب المؤرّخ المتفنّن البحاثة الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري النجدي صاحب المصنفات الكثيرة والتحقيقات المفيدة الذي وصفه شيخنا رحمه الله تعالى في تعليقاته على «توجيه النظر» ۸۸۹/۲ بقوله : (فاستعنت بالأخ الكريم العالم البحاثة النقاب الأستاذ الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري النجدي باقر كتب ابن حزم وحامل عِلْمِه وعَلَمِه).
العلامة الفقيه المسند الشيخ إسماعيل بن إسماعيل زين اليمني ثم المكي الشافعي المتوفى سنة ١٤١٤ رحمه الله تعالى.
العلامة المحدث المحقق السيد عبد الله بن عبد القادر التليدي الحسني المغربي، وقد تقدمت ترجمته في تقاريظ الكتاب.
العالم الفقيه الأصولي الشيخ محمد عبد المحسن بن الشيخ محمد بشير حداد الحلبي الشافعي المدرّس بالثانوية الشرعية بحلب، المولود سنة ١٣٥٠ والمتوفى سنة ١٤١٦ رحمه الله تعالى.
المحدث المسند المؤرخ البحاثة الشيخ نعمان حبوش الريحاوي ثم الحلبي الشافعي المولود سنة ١٣٣٩هـ والمتوفى سنة ١٤١٦ رحمه الله تعالى.
العلامة الفقيه الأصولي المربي الدكتور الشيخ عدنان بن كامل سرميني الحلبي الشافعي، خريج الأزهر ومن أصدقاء شيخنا القدامى، وعارفي فضله تربى على يديه عشرات من طلبة العلم وحفظة كتاب الله، له أسلوب مؤثر في الدعوة والتعليم.
العلامة الفقيه الأصولي الدكتور الشيخ ناجي عجم الحلبي الحنفي.
العلامة اللغوي المحقق الدكتور الشيخ أحمد الخراط الحلبي ثم المدني، محقق كتاب الدر المصون للسمين الحلبي، والحائز على جائزة سلطان بروناي.
أحمد العلامة المحدث المحقق الدكتور الشيخ بن محمد نور سيف المكي المالكي، أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى سابقاً.
العالم الفاضل المحدث الدكتور إبراهيم بن محمد نور سيف المكي المدرّس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
العلامة المحدث الفقيه السيد إبراهيم بن عبد الله الخليفة الحسني الأحسائي الشافعي أحد تلاميذ شيخنا المحبين والمدرّس في المعهد العلمي بالأحساء.
العلامة الفقيه الداعية الحبيب زين بن عمر بن محمد بن شيخنا سميط الباعلوي.
العلامة الفقيه الواعظ السيد عمر بن حامد الجيلاني المكي الشافعي، كتب عن شيخنا مقالة بعنوان مكتشف الكنوز، وأجازه شيخنا بهذا الثبت أثناء قيامي بتأليفه.
العلامة الفقيه الداعية الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ الباعلوي.
* العالم الفاضل الداعية الحبيب علي بن عبد الرحمن الجفري الباعلوي .
الأستاذ الكريم الفاضل الحبيب محمد بن أبي بكر بن أحمد بن حسين الحبشي الباعلوي الذي قام بطبع كتاب والده الدليل المشير المشحون بالفوائد العلمية، فكانت طباعة هذا الكتاب براً من إخوته بأبيهم القاضي العلامة السيد أبي بكر الحبشي. كما قام بطباعة ثبت جده «فتح القوي فجزاه الله خير الجزاء هو وإخوانه على هذا العمل المبرور.
العالم البحاثة الشيخ أبو سليمان محمود سعيد ممدوح القاهري، وقد ألف كتاباً عن شيخنا رحمه الله.
العلامة الفاضل المحدث الداعية السيد سلمان الندوي الحسني، أحد الدعاة الكبار في الهند والمدرّس في ندوة العلماء، وقد أشرف عليه شيخنا رحمه الله تعالى في رسالة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد كتب مقالاً ممتعاً في رثاء شيخنا جزاه الله خيراً.
العالم الفاضل الشيخ رشيد أحمد بن الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي.
العالم الفاضل عبد الشهيد بن الشيخ محمد عبد الرشيد النعماني .
الفاضل الكريم الحبيب أحمد بن أبي بكر الكاف الباعلوي الحسيني.
العلامة الفقيه المحدث الشيخ حبيب الله قربان المدني، من خواص تلاميذ الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي.
* العالم الفاضل الداعية الدكتور محمد ضياء الدين بن محمد نجم الدين بن محمد أمين الكردي المصري الشافعي، المدرس بجامعة الأزهر.
العالم المحدث المحقق الشيخ أحمد مختار رمزي المصري الحنفي، وقد تقدمت ترجمته في تقاريظ الكتاب.
العالم الفاضل الأصولي الدكتور عبد الرزاق إسكندر مدير جامعة العلوم الإسلامية بكراتشي وقد نزل شيخنا ضيفاً عليه وأنا برفقته في إحدى زياراتنا لباكستان فأكرمنا أي إكرام ورافق شيخنا في رحلته إلى بخارى وسمرقند وقرأ عليه في أثناء الرحلة حفظه الله تعالى.
العلامة الفقيه الواعظ المربي الحبيب سالم بن عبد الله الشاطري، وقد تقدمت ترجمته في تقاريظ الكتاب.
العالم الفاضل الداعية المربي القارئ المقرئ السيد صديق أحمد الباندوي الهندي الحنفي، مدير الجامعة العربية، المتوفى سنة ١٤١٨ رحمه الله تعالى، وأنجاله الثلاثة، وهم:
* نجل الشيخ الأكبر العالم الفاضل الشيخ حبيب أحمد رئيس الجامعة العربية في بانده بعد والده وعضو هيئة التدريس بها.
ونجل الشيخ الأوسط العالم الفاضل المفتي بخيت أحمد المدرس بالجامعة العربية.
ونجل الشيخ الأصغر العالم الفاضل الشيخ حسيب أحمد المدرس بالجامعة العربية.
العالم الفقيه الأصولي الشيخ محمد عبيد الله الأسعدي، والمدرّس بالجامعة العربية بالهند وصاحب كتاب «الموجز في أصول الفقه الذي قرظه شيخنا رحمه الله تعالى وقام بترجمة كتاب شيخنا أدب الإسلام» من العربية إلى اللغة الأردية.
العلامة المحدث البحاثة الشيخ عدنان بن الشيخ محمد الغشيم الحلبي الشافعي أحد العلماء الكبار في مدينة حلب، ومن تلاميذ شيخنا المشهورين.
* العالم الفاضل البحاثة المفيد الأستاذ الشيخ مجد بن أحمد مكي الحلبي، المتخرج من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، والحاصل على الماجستير في علوم الحديث، وهو من تلاميذ شيخ المقربين والمحبوبين عنده وهو ذو اطلاع واسع، حفظه الله تعالى ونفع به.
العالم الفاضل المحقق الفقيه الداعية الشيخ حسن بن رامز قاطرجي البيروتي الشافعي لازم شيخنا أثناء دراسته في كلية أصول الدين - قسم السنة وعلومها - في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض واستفاد منه وكتب له شيخنا إجازة بالرواية وإجازة علمية وإثر وفاته رحمه الله تعالى كتب عنه مقالة ضافية بعنوان (الشيخ عبد الفتاح أبو غدة قل نظيره في علمه وأدبه) في مجلة «منبر الداعيات اللبنانية وقد تكرّم بمراجعة هذا الكتاب قبل طبعه ونبهتني على بعض الملاحظات، حفظه الله ونفع به.
العالم الفاضل الأديب المؤرخ الأستاذ الشيخ مجاهد بن محمود شعبان الحلبي الشافعي من تلاميذ شيخنا ومحبيه، والمدرس بالثانوية الشرعية ومدير دار الأيتام بحلب، وقد رثاه بقصيدة تقدمت.
* نجل شيخنا العالم الفاضل الباحث النابه الأستاذ الشيخ سلمان بن عبد الفتاح أبو غدة، لازم والده واستفاد منه، وقام بخدمته ونال رضاه وسيحصل على درجة الماجستير في الحديث وعلومه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفقه الله ونفع به، وجعله خير خلف لخير سلف، ونسأل الله سبحانه أن يوفقه لإتمام ما بناه والده وشيده رحمه الله تعالى.
الشاب الصالح عبد الفتاح بن محمد زاهد بن عبد الفتاح أبو غدة، حفيد شيخنا وسميه، والحافظ لكتاب الله، والناشئ في طاعته.
العالم الباحث المطَّلع الأستاذ ماجد درويش الطرابلسي الحنفي، مؤلف كتاب الاختلاف وأثره في الجرح الذي أهداه إلى شيخنا رحمه الله تعالى وكتب مقالات ممتعة عن شيع طلبة العلم المخلصين الصادقين نفع الله به ووفقه.
العالم الفاضل البحاثة الدكتور يوسف مرعشلي البيروتي الشافعي، الباحث في المجلس العلمي في الجامعة الإسلامية، وصاحب المحققات والفهارس الكثيرة.
الأستاذ الفاضل رمزي بن سعد الدين دمشقية البيروتي الشافعي، صاحب دار البشائر الإسلامية»، وهو الذي قام بطباعة أكثر كتب شيخنا رحمه الله تعالى.
العالم الفاضل الفقيه الشيخ عبد الرحمن بن محمود ديب الحلو المدرّس بأزهر لبنان والعامل بدار الفتوى ببيروت.
العالم الفاضل الدكتور محمد توفيق بن الشيخ محمد تيسير المخزومي الدمشقي الشافعي.
العالم الفاضل المحقق اللغوي الشيخ أحمد ابن الشيخ سليم الحمامي الدمشقي الشافعي، خريج جامعة دمشق».
العالم الفاضل المحدّث الشيخ موفق بن عمر النُّشُوقاتي الدمشقي الحنفي المدرس بمعهد الفتح الإسلامي.
ابنه العالم الفاضل الشيخ عمر بن موفق النشوقاتي الدمشقي الحنفي.
العالم الفاضل البحاثة المحقق الشيخ محمد أكرم الندوي، الباحث بجامعة أكسفورد للدراسات الإسلامية خرج ثبتاً لمجيزنا أبي الحسن الندوي، وأهداه إلى أستاذنا الشيخ عبد الفتاح، وقدمت له ونشرته. كما قام بالرّد على صاحب الدعوى العريضة تقي الدين الندوي بكتاب سمّاه الكشف والإيضاح لما استشكل بعض الناس من تحقيقات الشيخ عبد الفتاح وهو ردُّ على الدكتور تقي الدين الندوي.
الأستاذ الفاضل محمد سعيد الندوي المتخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
العلامة الفقيه الأصولي المسند الشيخ أحمد جابر جبران اليمني المكي الشافعي .
العلامة المحدث المحقق الدكتور أحمد مَعْبَد عبد الكريم المصري، المدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
العالم الفاضل المسند البحاثة المطَّلع الصالح الشيخ أحمد عبد الملك عاشور المكي الشافعي، الذي تكرم وتفضّل بمراجعة هذا الثبت وأفادني بملاحظاته القيمة، فأسجل له شكري الجزيل، وجزاه الله خير الجزاء.
العالم الفاضل البحاثة المؤرّخ المسند الرحلة الشيخ محمد رياض المالح بن عني الدمشقي الحنفي المتوفى في يوم السبت الموافق ١٧ من ربيع الأول عام ١٤١٩هـ رحمه الله تعالى.
العلامة مؤرّخ دمشق الدكتور محمد مطيع الحافظ الدمشقي الحنفي، صاحب كتاب تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري ومحقق بعض الأثبات.
العلامة الشيخ محبوب الرحمن الأزهري المدرس في ندوة العلماء بالهند.
العالم الفاضل الأديب الحبيب حسن بن سقاف الكاف الباعلوي.
العالم الفاضل الشيخ عبد الوهاب صالح اليماني، المتخرّج في جامعة الأزهر.
العالم القارئ المقرئ المسند الشيخ يحيى بن عبد الرزاق غَوْثاني الحوراني الشافعي، وهو من خواص تلاميذ شيخنا محمد ياسين الفاداني.
العالم الفاضل الداعية فضيلة الشيخ شمس الحق الكملائي البنغلاديشي الحنفي.
العلامة المحدث المحقق الناقد الشيخ عبد المالك بن شمس الحق الكملائي البنغلاديشي الحنفي من تلاميذ شيخنا محمد عبد الرشيد النعماني.
الأستاذ الفاضل السيد عبد الرحمن بن محمد حسن هلال الدمشقي، الذي قام بتبييض هذا الثبت فجزاه الله خير الجزاء.
أحمد بن عبد الله بن أبي بكر العالم الفاضل الأديب الشيخ الملا الأحسائي الحنفي وقد تقدمت قصيدته في رثاء الشيخ.
الأستاذ الفاضل المحب الشيخ عبد الرحمن بن محمد منير الحجار الحلبي الحنفي ثم المدني المكي.
العلامة الفقيه الشيخ يحيى بن محمد بن أبي بكر الملا الأحسائي الحنفي.
العالم الفاضل الفقيه الشيخ عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله الملا الأحسائي الحنفي.
العلامة المحقق الشيخ أحمد بن عوض الله الحربي، المدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
العالم الفاضل المحقق المتفنّن الداعية الشيخ نظام يعقوبي البحريني.
العالم الفاضل البحاثة الأستاذ سعود بن صالح السرحان، الرويس العتيبي المعيد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
العالم الفاضل فضيلة الشيخ يوسف بن راشد آل الشيخ مبارك.
العالم الأديب الفاضل الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك.
العالم المحقق الشيخ وليد بن الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم العرفج.
العلامة المحقق الفقيه الدكتور عبد الحميد بن مبارك آل الشيخ مبارك، محقق كتاب جده تسهيل المسالك.
فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العرفج.
العالم الفاضل الشيخ عبد الإله بن حسين العرفج.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن أحمد العبد القادر.
فضيلة الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن العثمان.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الجغيمان الحنفي.
فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ أحمد الدوغان.
الشيخ الفاضل عبد اللطيف بن محمد الملا.
الشيخ الفاضل مشاري بن عبد اللطيف الحليبي.
الشيخ الفاضل أنور بن محمد العرفج.
الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله الدوغان.
فضيلة الشيخ عصام بن عبد العزيز الدوغان.
فضيلة السيد هاشم بن عبد الله بن هاشم الهاشم الحسيني.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد العدساني.
العالم الفاضل السيد علي بن عبد الرحمن الخليفة الحسني الشافعي.
فضيلة الشيخ فوزي بن محمد العمير.
العالم الفاضل عبد الرؤوف ابن الشيخ محمد العبد اللطيف.
فضيلة الشيخ زكريا ابن الشيخ محمد العبد اللطيف.
فضيلة الشيخ عصام بن عبد العزيز الخطيب.
فضيلة الشيخ عبد الله الملحم.
فضيلة الشيخ خالد بن محمد العرفج.
فضيلة الشيخ عبد الحميد بن عبد الله العبد اللطيف.
فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد الملا.
فضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المنصور.
فضيلة الشيخ مشاري بن محمد بن عبد اللطيف العرفج .
فضيلة الشيخ عبد الله بن أحمد العمير
فضيلة السيد لؤي بن عبد الله الهاشم الحسني.
فضيلة الشيخ محمد بن أحمد أبو بكر الملا.
العالم الفاضل الشيخ الجليل محمد مرتضى، الأمين العام للمكتبة العامة لندوة العلماء المتوفى سنة ١٤١٦ رحمه الله تعالى وكان من أصدقاء شيخنا ومحبيه.
العالم الفاضل الداعية السيد الشريف محمد الرابع الحسني الندوي مدير دار العلوم بندوة العلماء.
فضيلة الشيخ الجليل السيد محمد واضح الرشيد الندوي، رئيس تحرير صحيفة «الرائد» وأستاذ الأدب العربي في دار العلوم بندوة العلماء.
العالم الفاضل الشيخ محمد إسحق القاسمي أحد تلامذة الشيخ حسين المدني.
* العالم الفاضل الشيخ فهد بن أحمد بن علي آل الشيخ مبارك .
* العالم الفاضل المحقق الباحث الشيخ صفوان بن عدنان داودي الدمشقي ثم المدني.
العلامة المحدث الشيخ محمد يونس الجنفوري شيخ الحديث بمدرسة مظاهر العلوم بسهارنفور.
العلامة الشيخ أنظر شاه نجل العلامة أنور شاه الكشميري الحنفي الديوبندي.
العلامة الداعية الشيخ أبو عمار زاهد الراشدي.
العالم الفاضل الدكتور الفقيه الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك التميمي الأحسائي المالكي.
فضيلة الشيخ المحدث برهان الدين السنبهلي أستاذ الحديث والتفسير في دار العلوم.
العالم الفاضل الشيخ المفتي محمد ظهور الندوي أستاذ الفقه والحديث في دار العلوم.
العلامة المحدث الفقيه الأصولي الشيخ ناصر علي الندوي اللكنوي شيخ الحديث في دار العلوم.
فضيلة الشيخ الجليل الأستاذ شهباز الإصلاحي أستاذ التفسير والحديث في دار العلوم.
فضيلة الشيخ محمد عارف السنبهلي أستاذ التفسير في دار العلوم.
* فضيلة الشيخ السيد عبد الله الحسني الندوي أستاذ الحديث في دار العلوم.
العالم الفاضل الأديب شاعر طيبة ضياء الدين بن جميل الصابوني الحلبي.
العالم الفاضل الأستاذ ناصر بن خليفة اللوغان.
العلامة الأديب الشيخ سلطان ذوق الندوي المدير المؤسس لجامعة دار المعارف بشيتاغونغ .
العالم الفاضل أبو الحسن محمد عبد الله بن شمس الحق الكملائي الحنفي، أستاذ الحديث بمدرسة فيض العلوم سابقاً وعضو دار الإفتاء بمركز الدعوة الإسلامية بدكا.
العالم الفاضل الشيخ دلاور حسين الكملائي مؤلف «الشرح الناظر للأشباه والنظائر في عدة مجلدات وشيخنا رحمه الله تعالى
العالم الفاضل شميم محمد السلهتي مؤلف كتاب «حوار مع الألباني».
العالم الفاضل الباحث روح الأمين بن حسين أحمد الفريد فوري، مؤلف كتاب «الكلام السديد في تحرير الأسانيد خرجه لشيخه العلامة محمد عبد الرشيد النعماني.
العالم الفاضل الأستاذ يوسف بن أبي الخير الغوبال غنجي مؤلف كتاب «نيل المرام من أدلة الأحكام.
العالم الفاضل نور الله بن خورشید حسین مؤلف كتاب تحفة الأخيار في رجال شرح معاني الآثار».
العالم الفاضل شهيد الله الغوبال غنجي مؤلف كتاب «الاختيار في زوائد رجال كتاب الآثار من رواية أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى.
العالم الفاضل الشيخ فضل الحق بن عبد العزيز الكملائي مؤلف «أصول الدعوة في الإسلام».
العالم الفاضل سعيد أحمد بن نور الزمان أستاذ الحديث وعضو دار الإفتاء بالمدرسة المدنية شابار دكا.
العالم الفاضل الباحث الشيخ رضوان الرحمن بن حميد الرحمن الداكاوي.
الأستاذ الفاضل خالد حسين العباسي. العالم الفاضل طارق حسين الأتكي الباكستاني.
العالم الفاضل الشيخ عبد الحفيظ الأفغاني.
العالم الفاضل سعد الكراتشوي. الأستاذ عمير الكراتشوي.
الشيخ عبد الله جعفر النواكهالوي. وهؤلاء الأربعة تخرجوا من جامعة دار العلوم بكراتشي من قسم التخصص في الفقه والإفتاء.
العالم الفاضل رحيم الدين الصاتغامي,
فضيلة الشيخ مستفيض الرحمن الداكوي.
العالم المحدث الشيخ عارف الرحمن المتخصص في علوم الحديث بمركز الفكر الإسلامي بدكا.
فضيلة الشيخ مسيح الرحمن الداكوي.
المحدث الشيخ عبد الله أنوار الكريم الداكوي المتخصص في علوم الحديث بجامعة العلوم الإسلامية بكراتشي.
العالم الفاضل الشيخ محمد حنيف خالد الشوركوتي.
العالم الفاضل محمد طاهر مسعود السركودهي.
العالم الفاضل محمد إعجاز الفيصل آبادي.
العالم الفاضل الشيخ محمد يونس جيمه الفيصل آبادي.
العالم الفاضل الشيخ صادق الأمين عزيزي الحيدر آبادي السندي.
وهؤلاء الخمسة تخرجوا من جامعة دار العلوم بكراتشي من قسم
حفيده العالم الفاضل الحبيب عبد الله بن حسين بن محمد الكاف المتوفى سنة ١٤١٦ عن نحو ٦٠ سنة.
العلامة المحدث الشيخ نفيس أكبر أويس الغتحبوري رئيس هيئة التدريس بالجامعة العربية المتوفى سنة ١٤١٥ رحمه الله تعالى.
العالم الفاضل المحدث الشيخ انتظام حسين الباندوي عضو هيئة التدريس بالجامعة العربية ببانده.
الشيخ الفاضل اشتياق أحمد الباندوي. التخصص في الفقه والإفتاء.
الحبيب محمد بن علوي الكاف الباعلوي الحسيني المعمر فوق المائة رحمه الله تعالى.
الشيخ الفاضل سراج الدين الباندوي. الشيخ الفاضل فريد أحمد الباندوي.
* الشيخ الفاضل الباحث محمد زيد الكانفوري له عناية بتحقيق كتب حكيم الأمة.
الشيخ الفاضل باب الدين الكانفوري. وهؤلاء الأربعة جميعهم من أساتذة الجامعة العربية بقسم العلوم الشرعية والعربية.
الأستاذ الفاضل المفتي محمد يوسف الجودبوري.
العالم الفاضل المفتي امتياز أحمد الحيدر آبادي.
العالم الفاضل المفتي علاء الدين البستوي.
العالم الفاضل المفتي صدر الحق البهاري.
وهؤلاء الأربعة من قسم التخصص في الفقه والإفتاء بالجامعة العربية ببانده.
الشيخ الفاضل غفران أحمد البهاري. الشيخ الفاضل فياض أحمد الجهباري.
* الشيخ الفاضل كليم الدين الحيدر آبادي.
الشيخ الفاضل إسلام الدين البورنوي.
* الشيخ الفاضل رئيس الدين البورنوي.
الشيخ الفاضل شهزاد عالم البورنوي.
* الشيخ الفاضل وصي الله البهاري.
الشيخ الفاضل رياض الحق البنغالي.
الشيخ الفاضل مجيد الإسلام البنغالي.
الشيخ الفاضل رفيق الإسلام البنغالي.
الشيخ الفاضل عبد الأحد الغوندري
الشيخ الفاضل عبد الجليل الإله آبادي.
الشيخ الفاضل عبد الغني الأورنغابادي.
الشيخ الفاضل أحمد الجانسوي.
الشيخ الفاضل حسيب الشيخ الفاضل زبير أحمد البستوي.
الشيخ الفاضل فيروز أحمد البستوي.
الشيخ الفاضل قمر الزمان البستوي.
الشيخ الفاضل محمد عارف البنغالي.
الشيخ الفاضل إسلام أحمد الغوركبوري.
الشيخ الفاضل بقاء الله النيبالي.
* الشيخ الفاضل محمد شاهد البهاري. وكلهم من قسم التخصص في الحديث وعلومه وقسم الشهادة والفضيلة.
العالم الفاضل الشيخ موفق ابن الشيخ أحمد كعكة.
العالم الفاضل الدكتور بديع السيد اللحام المدرس بجامعة دمشق.
الأستاذ الفاضل محمد بن أبي بكر باذيب الحضرمي.
العلامة الفقيه الحبيب عمر بن حسين الكاف الباعلوي لحسيني.
المحب الفاضل صالح بن حسين بن عمر الخطيب التريمي.
أحمد بن عبد القوي بافضل
المحب الفاضل عبد الله العالم الصالح الحبيب محمد بن حسين بن حامد العطاس بن الباعلوي.
فضيلة الشيخ المسند عبد السبحان نور الدين البرماوي الحنفي المكي، صاحب كتاب «عقد اللآلي والمرجان في أسانيد عبد السبحان» وكتاب «دفع الافتراء والبهتان عن الإمام أبي حنيفة النعمان».
الأستاذ الفاضل ناشر الكتب المفيدة الشيخ محمود بن شريف البيروتي خريج معهد الفتح الإسلامي.
العالم القارئ الشيخ عبد الباسط دوست محمد صاحب زاده.
الأستاذ الفاضل الدكتور عبد اللطيف بن محمد علي الهاشمي.
الأستاذ الفاضل محمد ابن الشيخ محمد بن محمد عوامة.
العالم الفاضل عبد الله ابن الشيخ محمد عوامة.
العالم الفاضل أحمد ابن الشيخ محمد عوامة المتخرج من الأزهر الشريف.
الأستاذ الفاضل عماد الدين ابن الشيخ محمد عوامة.
الأستاذ الفاضل محيي الدين ابن الشيخ محمد عوامة.
العالم الفاضل السيد بسام بن عبد الكريم بن حسين الحمزاوي الحسيني الدمشقي الحنفي.
العالم الفاضل المحقق الشيخ خالد مرغوب المدرس بالجامعة الإسلامية.
العلامة المحدث المسند الشيخ سبحان محمود بن سلطان محمود الحنفي شيخ الحديث والأمين العام بجامعة دار العلوم بكراتشي.
العلامة الشيخ عبد الرؤوف ابن المفتي عبد الحكيم سكهروي نائب المفتي بدار العلوم بكراتشي.
العلامة الشيخ محمد عبد المنان بن محمد علي، نائب المفتي العام بدار العلوم بكراتشي رحمه الله تعالى.
العالم الفقيه الشيخ محمد عبد الله ابن الشيخ رمضو، المدرس للمتخصصين في الفقه بجامعة دار العلوم بكراتشي.
العالم الفاضل الشيخ محمد ظاهر شاه المدرس بدار العلوم كراتشي.
العالم الفاضل الشيخ محمد إسحاق بن محمد مظفر المدرس بدار العلوم.
العالم الفاضل الشيخ محمد عبد الله ميمون بن الحاج محمد عثمان المدرس بدار العلوم.
العالم الفاضل الشيخ محمد قاسم بن محمد جليل المدرس بدار العلوم.
العالم الفاضل الشيخ محمد عرفان المدرس برياض العلوم بحيدرآباد.
العالم الفاضل الشيخ محمد جميل المدرس بدار العلوم بكراتشي رحمه الله تعالى.
العالم الفاضل الأستاذ عمران أشرف بن الشيخ محمد تقي العثماني .
العالم الفاضل الشيخ محمد ضيف خالد بن عبد الحميد شركوتي.
العالم الفاضل الشيخ مسعود بالله المدرس بالجامعة الفاروقية.
العلامة نور الله بن نور الحق المدرس بالجامعة الفاروقية.
العالم الفاضل الشيخ حسين قاسم بن أبي سفيان المدرس بدار العلوم.
العالم الفاضل خالد حسين عباس المدرس بدار العلوم.
العالم الفاضل محمد طاهر مسعود المفتي بجامعة مفتاح العلوم بسركودها.
العالم الفاضل محمد إعجاز المدرس بدار العلوم بفيصل آباد.
العالم الفاضل محمد يونس المدرس بدار القرآن بفيصل آباد.
العالم الفاضل الشيخ صادق الأمين المدرس برياض العلوم حيدر آباد.
العالم الفاضل الشيخ محمد عاصم.
العالم الفاضل محمد طارق بن نور حسين المدرس بجامعة بإسلام آباد.
العالم الفاضل محمد طلحة شمس المدرس بدار العلوم.
العالم الفاضل الشيخ أحمد الحق المدرس بجامعة العلوم الإسلامية.
العالم الفاضل فهيم الدين العالم الفاضل أبو الحسين المدرس بالمدرسة العثمانية كراتشي.
العالم الفاضل الشيخ محمد عسكر الأفغاني المدني الحنفي الطالب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
الفاضل المحب الأستاذ فوزي بن عبد الرحمن بن صالح بن الشيخ طاهر سنبل
العالم الفاضل الشيخ حامد بن أحمد بن محمد أكرم البخاري المدني الحنفي خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
أحمد بن محمد الكاف العالم الفاضل الحبيب حسن بن الباعلوي الحسيني.
العلامة المحدث الشيخ فريد بن علي الباجي التونسي المالكي.
العالم الفاضل الشيخ أديب بن محمد الكمداني.
فضيلة الشيخ رياض بن محمد سليم الخرقي.
* فضيلة الشيخ أيمن بن محمد سليم الخرقي.
فضيلة الشيخ عمر الباشا الزملكاني.
فضيلة الشيخ أسامة بن بديع سعيدان.
فضيلة الشيخ عبد الرزاق الذهبي.
فضيلة الشيخ غسان خباز.
العالم الفاضل الداعية الشيخ يوسف بن خطار محمد القنيطري.
* فضيلة الشيخ عبد الفتاح أنيس الحلبي، وعشرتهم تخرجوا في معهد الفتح الإسلامي بدمشق.
فضيلة الشيخ شكري بن عبد الله التونسي.
فضيلة الشيخ زياد بن عمر التكلة.
فضيلة الشيخ معتز الخطيب. فضيلة السيد حسين العطاس الباعلوي الحسيني
العالم الفاضل الشيخ مالك الجديدة الطرابلسي الحنفي المدرس في معهد القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بطرابلس، ويقوم بجمع جزء فيمن أثنى على شيخنا رحمه الله تعالى.
العالم الفاضل الشيخ أمين الكردي خريج كلية الشريعة الإسلامية ببيروت والعامل بدار الفتوى في لبنان.
* العالم الفاضل الشيخ حسن إسبر الطرابلسي الحنفي العامل بدار الفتوى في لبنان. الأستاذ الفاضل المحب الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ سليم الحمامي الدمشقي الشافعي.
العالم الفاضل الأديب الشيخ محمد بن ناصر العجمي، الكويتي.
الأستاذ الفاضل المسند خالد بن عبد الكريم التركستاني المكي.
الأستاذ الفاضل الباحث الشيخ حسين شكري المدني.
الأستاذ الفاضل الباحث المشارك الشيخ غسان بن مظهر خريج جامعة أم القرى، وصاحب المكتبة المكية، والناشط الكتب النافعة.
العلامة المحدث الدكتور محمد حبيب الله الباكستاني الحنفي، مدير جامعة العلوم الإسلامية بكراتشي المقتول شهيداً سنة ١٤١٨ رحمه الله تعالى.
الفاضل السيد محمد ابن الشيخ محمد يوسف البنوري.
العالم الفاضل القارئ المتقن الفقيه الشيخ عبد الملك المدرس بدار العلوم بكراتشي
الفاضل الحبيب إبراهيم بن عبد الباري العيدروس العالم الفاضل الفقيه الحبيب يحيى العيدروس.
العالم الفاضل الدكتور الشيخ عبد المجيد بن أسعد البيانوني الحلبي الشافعي.
العالم الفاضل القارئ الدكتور الشيخ أحمد الزعبي الحوراني الشافعي.
العالم الفاضل الدكتور الشيخ صالح رضا الحلبي، المدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع أبها سابقاً.
العالم الفاضل الشيخ محمد معتز الشبيني الصالحي الدمشقي الشافعي.
العالم الفاضل القارئ الشيخ عبد الله صَنْعان.
العالم الفاضل الدكتور أحمد بن فؤاد الشميس الدمشقي.
* العالم الفقيه الدكتور محمد عبد الرّب بن محمد مقبل النظاري، كبير وعاظ ومفوّضي اللجنة العليا للفتوى في دبي.
العالم الفاضل الشيخ حسن قطان الحنفي.
وراقم هذه الحروف: الفقير إلى الله تعالى محمد بن عبد الله آل الرشيد عفا الله عنه بمنه وكرمه آمين. وهذه صورة إجازة الشيخ - رحمه الله تعالى - بخطه (انظرها في الكتاب).
سَرْدُ أسماء مشايخه مرتبين على البلدان
١- مكة المكرمة
١-المجيز العلامة الفقيه القاضي محمد يحيى بن أمان بن عبد الله الكتبي المكي الحنفي (۱۳۱۲ - ۱۳۸۷).
٢ - المجيز العلامة المؤرخ الناقد السيد محمد العربي التباني الجزائري ثم المكي المالكي (١٣١٥ - ١٣٩٠).
٣ - المجيز العلامة الفقيه السيد علوي بن عباس الحسني المكي المالكي (۱۳۲۷ - ۱۳۹۱).
٤ - المجيز المجيز العلامة الفقيه القاضي حَسَن بن محمد المشاط المكي المالكي (۱۳۱۷ - ۱۳۹۹).
٥- المجيز العلامة الفقيه الشيخ محمد نور سيف المكي المالكي - .(١٣٢٤ - ١٤٠٣).
٦-المجيز العلامة الأديب الناسك السيد محمد أمين بن محمد بن محمد بن حسين الكُتُبي المكي الحنفي (١٣٢٧ - ١٤٠٤).
۷ - المجيز - تدبيجاً - العلامة الفقيه المسند محمد ياسين بن محمد عيسى بن أوديق الفاداني الأندونيسي الأصل المكي الشافعي.(١٣٣٥)
۸ - المُجيز الشيخ الفاضل عبد القادر بن عبد الشهيد الساعاتي البخاري ثم المكي الحنفي (١٣١٢ - ) رحمه الله تعالى .
المجيز الشيخ الجليل السيد إسْحَاق بن عقيل بن هاشم عزوز الإدريسي الحَسَني المكي الشافعي (١٣٣٠ - ١٤١٥)
١٠ - المجيز الشيخ الواعظ المرشد الفقيه المعمر السيد محمد بن إبراهيم بن شمس الدين الفاسي الأصل المكي المولد والوفاة، المالكي الشاذلي (١٣١٧ - ١٤١٨).
١١ - المجيز - تدبيجاً - العلامة الفقيه الفَرَضي الشيخ عبد الفتاح بن حسين بن إسماعيل بن محمد طيب رَاوَه المكي الشافعي المولود سنة ١٣٣٤. مَدَّ اللَّه في عمره.
٢-المدينة المنورة
١٢ - المجيز العلامة الفقيه المسند عبد القادر بن توفيق شلبي الطرابلسي ثم المدني الحنفي (١٢٩٥ - ١٣٦٩).
١٣ - المجيز العلامة المُثْقِنُ الشيخ صالح بن الفُضَيْل التونسي ثم المدني المالكي (١٢٩٤ - ١٣٧٦).
١٤ - المجيز العلامة الفقيه المسيد محمد إبراهيم بن سعد الله الحتني البخاري ثم المدني الحنفي (١٣١٤ - ١٣٨٩).
١٥ - المجيز الشيخ الصالح المقرئ عباس قاري البخاري ثم المدني الحنفي (١٣٢٠ - ١٤٠٧).
١٦ - المجيزة الشيخةُ الصَّالحة المسندة فَخْرُ النساء أم طاهر عائشة بنت الشيخ طاهر سُنْبُل المدنيَّة الحنفية (١٣٣٩ - ١٤١٥).
١٧ - المجيز - تدبيجاً - العلّامة الفقيه القاضي الشيخ محمد عبد الله آدو الشنقيطي ثم المدني المالكي المولود سنة ١٣٣٠. مد الله تعالى في عمره، ونفع به.
٣- حلب
۱۸ - العلامة الفقيه الأصولي الأديب الشيخ أحمد بن محمد الزرقا الحلبي الحنفي (١٢٨٥ - ١٣٥٧).
١٩ - المجيز العلامة الفقيه المرشد المربي الشيخ عيسى بن حَسَن البيانوني ثم الحلبي الشافعي (١٢٩٠ - ١٣٦٢).
٢٠- الفَرَضي الشيخ محمد الناشد الحلبي الحنفي (١٣١٨ - ١٣٦٢).
٢١ - المُجيز العلّامة الفقيه المعمر الشيخ إبراهيم بن محمد السَّلْقِيني الحلبي الحنفي (١٢٧٠ - ١٣٦٧).
٢٢ - المجيز العلامة المحدّث المؤرّخ الشيخ محمد راغب الطباخ الحلبي الحنفي (١٢٩٤ - ١٣٧٠).
٢٣- المجيز العلامة الفقيه محمد سعيد بن أحمد الإدلبي الحلبي الشافعي (۱۲۸۷ - ۱۳۷۰).
٢٤ - العلامة الشيخ محمد زين العابدين بن أحمد البالساني الكردي الأنطاكي ثم الحلبي الشافعي (١٢٩٢ - ١٣٧٠).
٢٥ - العلامة المفسر الفقيه الشيخ محمد نجيب بن محمد سراج الدين الحلبي الحنفي (١٢٩٢ - ١٣٧٣).
٢٦ - المجيز العلامة الشيخ أحمد بن محمد الشماع الحلبي الحنفي .(۱۳۷۳ - ۱۲۸۷)
٢٧ - المجيز العلامة الفقيه المفتي أحمد بن محمد عساف الكُردي الحلبي الحنفي (١٢٩٩ - ١٣٧٣).
۲۸ - المُجيز المُقْرِئُ الفَرَضي الشيخ محمد نجيب خياطة الحلبي الحنفي (۱۳۲۱ - ۱۳۸۷).
٢٩ - المجيز العالم الواعظ الداعية الشيخ محمد جميل بن ياسين العقاد الحلبي الحنفي (١٣١٦ - ١٣٨٧).
٣٠ - العالم الفقيه النَّحْوي الشيخ أحمد شهيد الحلبي الشافعي .(۱۳۸۷)
٣١ - الشيخ النحوي الفقيه عبد الله حَمَّاد الحلبي الشافعي (١٣١٠ -۱۳۹۰).
٣٢ - الشيخ أمين الله عيروض الحَلبي الحنفي (١٣٢٩ - ١٣٩٠).
٣٣ - الشيخ الفقيه المحتَسِب محمد خير عقيل.
٣٤ - المجيز العلامة الفقيه المفتي الشيخ محمد أسعد العبجي الحلبي الشافعي (١٣٠٥ - ١٣٩٢).
٣٥ - الشيخ الجليل أحمد بن محمد سعيد الإدلبي الحلبي الشافعي (١٣١٦ - ١٣٩٨).
٣٦ ـ الأديب الخطيب المفتي محمد بن عبد القادر الحكيم الحلبي الحنفي (١٣٢٣ - ١٤٠٠).
۳۷ - العلامة الفقيه الأديب عمر بن راجي مكناس الحلبي الحنفي أمين الفتوى (١٤٠٧)
۳۸ - الشيخ الفاضل عُمر العَنَدَاني الحلبي الشافعي
٣٩ - العلامة الفقيه الشيخ محمد ناجي أبو صالح الحلبي الشافعي (١٣٢٤ - ١٤١١)
٤٠ - المجيز العلامة الفقيه الشيخ محمد الرشيد الحلبي الحنفي (١٣١٦) رحمه الله تعالى.
٤١ - العلامة الفقيه البارع الأديب المعمر الشيخ مصطفى بن أحمد الزرقا الحلبي الحنفي، المولود سنة ١٣٢١. مدَّ الله تعالى في عمره ونفع به.
٤٢ - العلامة الفقيه الشيخ محمد بن إبراهيم السلقيني الحلبي الحنفي مد الله تعالى في عمره، ونفع به.
٤٣ - الشيخ عمر مسعود الحلبي.
٤٤ - العالم الفقيه الفَرَضيُّ الشيخ مصطفى باقو الحلبي الحنفي.
٤٥ - العالم الفقيه الجليل محمد اللبابيدي الحلبي الحنفي.
٤٦ - العالم الجليل الفقيه عُمَر المَارتيني الحلبي الشافعي
٤٧-العلامة شيخ المعقول فيض الله الكُردي الحلبي الشافعي.
٤٨ - العالم الفاضل النَّحْوِي الشيخ عُمَر الأَسَدي الحلبي.
٤٩ - المؤرخ الأديب القاضي الرحال الشيخ محمود بن سعيد السنكري الحلبي الحنفي
٥٠- الشيخ الفاضل سعيد الحمال الحلبي.
٥١ - الفقيه الشيخ أحمد العالم الكيالي الحلبي الحنفي.
٤-الأحساء
٥٢- المجيز العلامة الفقيه المربي الشيخ محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن أبي بكر الملا الحنفي (١٣٢٢ - ١٣٩٤).
٥٣ - المجيز العلامة الفقيه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مبارك المالكي (١٣٢٠ - ١٤٠٤).
٥٤ - المجيز العلامة المفتي الشيخ أحمد بن عبد العزيز آل الشيخ مبارك المالكي (١٣٢٦ - ١٤٠٩).
٥- استانبول
٥٥ - المجيز العلامة المحدث الفقيه الأصولي المؤرخ النقاد الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري الشركسي الإستانبولي ثم المصري الحنفي (١٢٩٦ - ١٣٧١).
٥٦ -المجيز العلّامة الإمام شيخ الإسلام مصطفى صبري التوقادي الإستانبولي ثم المصري الحنفي (١٢٨٦ - ١٣٧٣).
٦-بغداد
٥٧ - المُجيز العلامة السيد فؤاد بن شاكر بن أبي الثناء محمود الآلوسي (4) البغدادي الحنفي (١٣٢١ - ١٣٨٢).
٥٨ - المجيز العلامة الفقيه الشيخ أَمْجَد بن محمد سعيد الزهاوي الكُردي البغدادي الحنفي (١٣٠٠ - ١٣٨٧).
٥٩ - المجيز شيخُ القراء العلامة عبد القادر بن عبد الرزاق الخطيب
٦٠ - المُجيز العلامَةُ الأديب اللغوي المعمر الشيخ محمد بَهْجَة بن محمود الأثري (١٣٢٠ - ١٤١٧).
٦١ - المجيز - تدبيجاً - العلّامة المفسِّرُ الأصولي عبد الكريم بن محمد المدرس الكردي البغدادي الشافعي المولود سنة ١٣٢٧ مد الله تعالى في عمره ونفع به. البغدادي الحنفي (۱۳۱۲ - ۱۳۸۹).
٧-حضرموت
٦٢ - المُجيز - تدبيجاً - العلامة الفقيه المسند الداعية إلى الله تعالى شيخ الإسلام الحبيب أحمد مشهور بن طه بن علي الحداد الباعلوي الحُسيني الشافعي (١٣٢٥ - ١٤١٦).
٦٣ - المُجيز العلامة الفقيه الحبيب أبو بكر العطاس بن عبد الله بن علوي بن زين الحَبَشي الباعلوي الحسيني الشافعي (١٣٢٩ -١٤١٦)
٦٤ - المجيز - تدبيجاً - العلامة الفقيه المسند المفتي الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف الباعلوي الحُسيني الشافعي مد الله تعالى في عمره ونفع به.
٦٥- المجيز العالم النَّاسك المسيدُ المعمَّر الحبيب عبد الرحمن بن أحمد الكاف الباعلوي الحُسَيْني الشافعي المولود سنة ١٣٢٠. مد الله تعالى في عمره، ونفع به.
٦٦ - المجيز - تدبيجاً - العلامة الفقيه الأديب القاضي الحبيب أحمد بن عمر الشاطري الباعلوي الحسيني الشافعي المولود سنة ۱۳۳٠ مد الله تعالى في عمره ونفع به.
٦٧- المجيز - تدبيجاً ـ المؤرّخ الأديب الشيخ محمد بن عبد الله بن أحمد النَّاخِبِي الشافعي المولود سنة .۱۳۲۷ مد الله تعالى في عمره ونفع به.
٨-حماه
٦٨-المجيز أحمد العلامة الفقيه الشيخ بن محمد سليم المُرَاد الكردي الحموي الحنفي (۱۲۹۹ - ۱۳۷۹).
٦٩ - المجيز العلامة المعمر المفتي الشيخ محمد سعيد النغسان الشهير بالوردي الحموي الشافعي ثم الحنفي (١٢٧٦ - ١٣٨٦).
٧٠- المجيز العلامة الفقيه المعمَّر الشيخ محمد توفيق بن عباس بن عبد الله الصباغ الشيرازي الحَموي الشافعي (۱۲۹۲ - ۱۳۹۱).
۷۱ - المُجيز الشيخ المربي محمود بن عبد الرحمن النُّقْفَة الحَموي الشافعي (۱۳۱۷ - ۱۳۹۹).
٩-حمص
٧٢ - حمص المجيز العلامة المرشِدُ الفقيه الشيخ محمد أبو النضر بن سليم خَلَف الحمصي الشافعي (١٢٩٢ - ١٣٦٨).
٧٣-المجيز الشيخ المفتي توفيق بن عبد اللطيف الأتاسي الحمصي الحنفي (١٣٨٥)
٧٤ - المُجيز المعمر فضيلة الشيخ محمد طاهر بن عثمان الرئيس الحمصي الشافعي (١٣٠٥ - ١٣٩٥).
٧٥ - المجيز شيخ القُرَّاء وأمين الفتوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن محمد عُيون السود الحمصي الحنفي المتوفى ساجد (١٣٣٥ -۱۳۹۹ )
٧٦ - المُجيز العلامة الفقيه المعمر المربي الشيخ أحمد بن أحمد بن إسماعيل بن إسماعيل كعكة الحمصي الشافعي (۱۳۱۷ - ١٤١٨).
١٠-دمشق
۷۷ - المُجيز العلامة الشيخ علي بن محمد التَّكْرِيتي الصَّالحي الدمشقي الشافعي (١٣٠٠ - ١٣٦١).
۷۸ - المجيز العلامة الأصولي الفقيه الشيخ محمود بن محمد العطار الدمشقي الحنفي (١٢٨٤ - ١٣٦٢) .
٧٩ - صاحب النهضة العلمية المجدّد العالم الداعية المرشد الشيخ محمد علي بن عبد الغني الدَّقر (۳) الشافعي (١٢٩٤ - ١٣٦٢).
۸۰ - العلامة اللغوي الأديب السيد عبد القادر بن محمد المُبارك الحسني (١٢٩٥ - ١٣٦٥).
۸۱ - العلامة الداعية الشيخ محمد كامل بن أحمد القصاب (١٢٩٠ - ۱۳۷۳).
۸۲ - المجيز العلامة الفقيه المفتي الشيخ إبراهيم بن محمد خير الغلاييني الحنفي ثم الشافعي (١٣٠٠ - ١٣٧٧).
٨٣ - المُجيز العلامة الفقيه المؤرخ المفتي الشيخ محمد جميل بن عمر بن محمد الشطي الدمشقي الحنبلي (١٣٠٠ - ١٣٧٨).
٨٤- المجيز الشيخ الفاضل محمد يحيى المَكْتَبي الشهير «بزميتا» الدمشقي الحنفي (١٢٩٤ - ١٣٧٨).
٨٥ - المجيز العلامة الفقيه المعمر الشيخ محمد بن يوسف بن محمد الكافي ثم الدمشقي المالكي (۱۲۷۸ - ۱۳۸۰).
٨٦ - المُجيز العلّامة المحدِّثُ الفقيه اللغوي الشيخ محمد أبو الخير الميداني الشافعي ثم الحنفي (۱۲۹۳ - ۱۳۸۰).
۸۷ - المجيز العلامة الفقيه المرشد الراشد السيد محمد الهاشمي التلمساني ثم الدمشقي المالكي (۱۲۹۸ ـ ۱۳۸۱).
۸۸ - المجيز العلامة الفقيه المرشد الشيخ محمد بن أحمد سعيد البرهاني الداغستاني الأصل الدمشقي الحنفي (١٣١١ - ١٣٨٦).
٨٩ - المجيز العلامة المقرئ الفقيه الورع الشيخ عبد الوهاب الحافظ الشهير بـ دبس وزيت الدمشقي الشافعي ثم الحنفي (۱۳۸۹).
۹۰ - العلامة الفقيه الزاهد الشيخ محمد صالح بن أحمد العقاد الدمشقي الشافعي (١٣١٠ - ١٣٩٠).
۹۱ - المجيز العلامة الداعية المربي السيد محمد المكي بن محمد بن جعفر الكتاني الحسني الدمشقي المالكي (١٣١٣ - ١٣٩٣).
٩٢ - المجيز العلامة الفقيه المفتي الطبيب المعمر السيد محمد أبو اليسر بن محمد أبي الخَيْر عابدين الدمشقي الحنفي (١٣٠٧ - ١٤٠١).
٩٣- المجيز فضيلة الشيخ الطبيب المعمَّر محمد رفيق بن محمد عبد الفتاح السباعي الحمصي ثم الدمشقي الشافعي (١٣١٠ -١٤٠٣)
٩٤ - الأستاذ الأديب الفاضل أحمد مَظْهَر بن أحمد العظمة الدمشقي (۱۳۲۷- ١٤٠٣).
٩٥ - المجيز - تدبيجاً - العلامة المفسّر اللغوي الأديب الشيخ أحمد نصيب المحاميد الدمشقي الشافعي المولود نحو سنة ١٣٣٠ حفظه الله تعالى.
۱۱ - دَيْر الزَّوْر
٩٦ - المجيز الفقيه المتفنّن الشيخ حسين رمضان الكُردي الشافعي (۱۳۷۹ - ۱۳۰۵)
۱۲ - رابغ
۹۷ - المجيز - تدبيجاً - العلامة الأديب الفلكي الشيخ عبد القادر بن كرامة الله بن نعمة الله ناصر باي البخاري ثم الرابغي الحنفي المولود سنة ۱۳۲۷هـ . أمد الله تعالى في عمره، ونفع به.
١٣ - السودان
٩٨ - المجيز العلّامة الفقيه الشيخ مَجذوب المُدَّثِّر الحجاز المالكي (١٤٠٥ - ۱۳۱۸)
٩٩ - المجيز الشيخ محمد البصير.
١٠٠ - المجيز العلّامة القاضي الشيخ محمد بن إبراهيم النور المالكي.
١٤ -طرابلس الشام
١٠١ - المجيز العلامة المربي الشاعر المعمَّر الأستاذ عبد الكريم بن محمد عُوَيْضَة (۱۲۸۲ - ۱۳۷۷).
١٥ - فلسطين
١٠٢ - العلامة الفقيه الأصولي الشيخ عيسى بن يوسف منون الفلسطيني ثم المصري الشافعي (١٣٠٦ - ١٣٧٦).
١٠٣ - العلامة المجاهد السيد محمد أمين بن محمد طاهر الحُسيني .(۱۳۹۱ - ۱۳۱۱)
١٦ - مصر
١٠٤ - المجيز العلامة المفسّر الفقيه النظّار يوسف بن أحمد بن نصر الدجوي المالكي (١٢٨٧ - ١٣٦٥).
١٠٥ - الإمام الداعية الشيخ حَسَن بن أحمد البنا (١٣٢٤ - ١٣٦٨).
١٠٦ - العلامة المفسّر إبراهيم بن حسن الجبالي (١٢٩٥ - ١٣٧٠).
۱۰۷ - الأستاذ فكري ياسين (١٣١٤ - ١٣٧٠).
١٠٨ - الأستاذ الفقيه عبد الحفيظ السيد الدفتار الحنفي (۱۳۷٥)
١٠٩ - العلامة الفقيه الأصولي الشيخ عبد الوهاب بن عبد الواحد خلاف (۱۳۰٥ - ۱۳۷٥).
١١٠ - المجيز العلامة المحدث الشيخ أحمد بن محمد شاكر (۱۳۰۹ -۱۳۷۷)
١١١ - فضيلة الداعية الشيخ الفقيه المتقن محمود خَلِيفَة .(۱۳۷۷)
١١٢ - العلامة المحدث الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي الحنفي (۱۳۰۱ - ۱۳۷۸)
۱۱۳ - شيخ الأزهر العلامة الفقيه المفسّر محمود بن محمد شلتوت الحنفي (۱۳۱۰ - ۱۳۸۳).
١١٤ - المرشد الإسلامي والمستشار بمحكمة النقض والإبرام الداعية الأستاذ حَسَن الهضيبي (١٣٠٩ - ١٣٩٣).
١١٥ - العلامة الفقيه الأصولي الأستاذ محمد أبو زهرة (١٣١٦ - ١٣٩٥).
١١٦ - شيخ الأزهر العلامة الأصولي المربي الدكتور عبد الحليم محمود (۱۳۲۸ - ۱۳۹۸)
۱۱۷ - المجيز العلّامة المحدث الشيخ محمد الحافظ المالكي التجاني (١٣١٥ - ١٣٩٨).
۱۱۸ - العلامة الأصولي الشيخ عبد الغني بن عبد الخالق الشافعي (١٣٢٦ - ١٤٠٢)
١١٩ - الأستاذ أحمد بن حسن الباقوري (١٣٢٧ - ١٤٠٥).
١٢٠ - العلامة الفقيه المربي الشيخ نجم الدين بن محمد أمين الكردي الشافعي (١٣٢٨ - ١٤٠٦).
۱۲۱ - العلامة المحدث الدكتور الشيخ محمد عبد الوهاب البحيري (١٤۰۷ - ۱۳۲۹)
١٢٢ - المجيز العلامة الفقيه المفتي المعمر الشيخ حسنين بن محمد مخلوف الحنفي (١٣٠٨ - ١٤١٠).
١٢٣ - المجيز العلامة الفقيه المعمر الشيخ محمود عبد الدايم الشافعي (۱٤۱۲ - ۱۳۱۲)
١٢٤ - الأستاذ بدار العلوم عبد الوهاب حمودة.
١٢٥ - الأستاذ الفقيه عبد المجيد دراز .
١٢٦ - الأستاذ محمد محمود المدني.
۱۲۷ - الأستاذ عبد الرحيم فرغلي
۱۲۸ - الأستاذ الفقيه محمد علي السايس الحنفي.
۱۲۹ - الأستاذ الأصولي عثمان المريزق المالكي.
١٣٠ - الأستاذ أحمد أبو شوشة.
١٣١ - الشيخ محمد أبو دقيقة .
۱۳۲ - الأستاذ حسين درويش.
١٣٣ - الأستاذ الأصولي موسى اللباد الحنفي.
١٣٤ - الأستاذ محمود شهاب.
١٣٥ - الأستاذ الأصولي محمد عبد الرحيم الكشكي الحنفي.
١٣٦ - الأستاذ الأصولي عبد الحفيظ فرغل الملقب بأبي سُنَّة الحنفي.
١٣٧ - الأستاذ عبد العال أحمد عطوة الحنفي.
۱۳۸ - الأستاذ عمر عنتر
١٣٩ - المجيز العلّامة الفقيه الأصولي الأستاذ أحمد فهمي أبو سُنَّة الحنفي المولود سنة ١٣٢٧ أمتع الله به .
١٧ - المغرب العربي
١٤٠ - المجيز شيخ الأزهر العلامة الإمام السيد محمد الخضر حسين الحسيني (۱۲۹۲ - ۱۳۷۷).
١٤١ - المُجيز العلامة المحدِّثُ الحافظ السيد أحمد بن محمد بن الصديق الغماري (۱۳۲۰ - ۱۳۸۰).
١٤٢ - المُجيز العلامة المسند الحافظ أبو الإسعاد السيد محمد عبد الحي بن محمد عبد الكبير الكتاني (۱۳۰۳ - ۱۳۸۲).
١٤٣ - المجيز - تدبيجاً - العلامة المسند القاضي محمد عبد الحفيظ بن محمد الطَّاهر الفهري الفَاسِي (١٢٩٦ - ١٣٨٣).
١٤٤ - المُجيز العلامة المحدّث المسند السيد محمد الباقر بن محمد بن عبد الكبير الكتاني المالكي (١٣١٨ - ١٣٨٤).
١٤٥ - المجيز العلامة المحقق الشيخ محمد بن بشير بن عمر الإبراهيمي (١٣٠٦ - ١٣٨٥).
١٤٦ - المجيز الشيخ الجواد الصقلي
١٤٧ - المجيز العلامة المفسر المعمر الشيخ محمد الطاهر بن عاشور المالكي (١٢٩٦ - ١٣٩٣).
١٤٨ - المجيز العلامة الفقيه المؤرخ الأديب المعمر الشيخ محمد بن أبي بكر التطواني السَّلاوي (١٣١٨ - ١٤١٠).
١٤٩ - المُجيز العلامة المحدث الحافظ السيد عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري (١٣٢٨ - ١٤١٣).
١٥٠ - المجيز العلامة الفقيه القاضي الشيخ أحمد بن محمد بناني.
١٥١- المُجيز الشيخ أحمد سخنون، شيخ العلم ومرجعه في مدينة الجزائر العاصمة.
١٥٢ - المجيز العلامة المحدث الفقيه المتفنّن الشيخ محمد الشاذلي بن محمد الصادق بن محمد الطاهر النيفر التونسي المالكي (١٣٣٠ -١٤١٨).
١٥٣ - المُجيز العلامة الفقيه الأديب الشيخ محمد الحبيب الخوجة الحنفي (۱۳۹۱)
۱۸ - اليمن
١٥٤ - المجيز العلامة المحدث الفقيه الشيخ ثابت بن سعد الدين بهران الزيدي (١٣١٤ - ١٤٠٠).
١٥٥ -المجيز العلّامة المُقْرئ المعمَّر السيد يحيى بن محمد بن أحمد الكبسي الحسني الزيدي (١٣١٢ - ١٤١٠).
١٥٦ - المُجيز العلامة المحدِّثُ الشيخ أبو المحاسن عبد الله بن مظفّر حسين الحيدرآبادي الحنفي (١٢۹۲ - ١٣٨٤)، صاحب زجاجة المصابيح وقد قرّظها له شيخنا بتاريخ ١٣٧٧هـ.
۱۹ - شبه القارة الهندية
١٥٧ - المجيز أمير جماعة الدعوة والتبليغ العلامة المرشد الداعية المحدث محمد يوسف بن محمد إلياس الكاندهلوي الحنفي .(١٣٨٤ - ۱۳۳۲).
١٥٨ - المجيز العلامة المحدث محمد بدر عالم الميرتهي الهندي ثم المدني الحنفي (١٣١٦ - ١٣٨٥).
١٥٩ - المُجيز العالم الشيخ خير محمد الجالندهري الحنفي، مؤسس خير المدارس في مدينة ملتان (۱۳۹۰)
١٦٠ - المجيز العلّامة الفقيه الشيخ عميم الإحسان الداكوي البنغلاديشي الحنفي (١٣٢٩ - ١٣٩٤).
١٦١ - المُجيز العلامة المحدث الناقد الفقيه ظفر أحمد العثماني التهانوي ثم السندي الحنفي (١٣١٠ - ١٣٩٤).
١٦٢ - المجيز العلامة المحقق الفقيه الأصولي المحدث الناقد المقرئ أبو الوفاء محمود شاه بن مبارك شاه القادِري الأفغاني ثم الهندي الحنفي (١٣١٠ - ١٣٩٥)
١٦٣ - المجيز العلامة الفقيه المفتي الشيخ محمد شفيع الديوبندي(۱) الباكستاني الحنفي (١٣١٤ - ١٣٩٦).
١٦٤ - المُجيز العلامة المحدث الفقيه المفتي المعمر الشيخ مهدي الشاه حسن جهان فوري الحنفي (١٣٠٠ - ١٣٩٦).
١٦٥ - المُجيز العلامة المحدث الفقيه المتفنّن الأديب السيد محمد يوسف البنوري الأهاني ثم الباكستاني الحنفي (١٣٢٦ - ١٣٩٧).
١٦٦ - المفكر الإسلامي الشيخ أبو الأعلى المَوْدُودِي (۱۳۲۱ - ۱۳۹۹).
١٦٧ - المجيز المحدث الشيخ فضل الله أحمد علي الجيلاني بن الحنفي (۱۳۹۹ -١٤٠٠).
١٦٨ - المُجيز العلّامة الشيخ احتشام الحق التهانوي.
١٦٩ -المجيز الإمام العلامة المحدّث الشيخ محمد زكريا بن محمد يحيى الكاندهلوي الهندي ثم المدني الحنفي (١٣١٥ - ١٤٠٢).
١٧٠ - المُجيز فضيلة الشيخ القاري محمد طيب بن محمد أحمد النانوتوي الحنفي (١٣١٥ - ١٤٠٣).
۱۷۱ - المُجيز الشيخ عتيق الرحمن الديوبندي مفتي دهلي.
۱۷۲ - الشيخ أبو الليث الإصلاحي الندوي رئيس الجماعة الإسلامية بالهند (١٤١١).
١٧٣ - المُجيز الشيخ عبد الحق كهيك
١٧٤ - المُجيز - تدبيجاً - العلامة المحدث الفقيه الناقد الحجة المعمر الشيخ حبيب الرحمن بن صابر بن عناية الله الأعظمي المؤوِي الهندي الحنفي (١٣١٩ - ١٤١٢).
١٧٥ - المُجيز الشيخ مَسِيحُ الله خان ( .(١٤١٣)
١٧٦ -المجيز العلامة الداعية المحدث الفقيه منظور أحمد النعماني الهندي الحنفي (١٣٢٣ - ١٤١٧).
۱۷۷ - المُجيز الشيخ مختار الحيدرآبادي .
۱۷۸ - المجيز الشيخ لُطْفُ الله البَشَاوِري
١٧٩ - المجيز الشيخ عبد الستار الأعظمي.
١٨٠ - المجيز العلامة المحدث الفقيه الشيخ محمد إدريس الكاندهلوي.
١٨١ - المجيز العلامة المحدث الشيخ محمد مالك الكاندهلوي الحنفي، شيخ الحديث بالجامعة الأشرفية بلاهور.
١٨٢ - المجيز العلامة الداعية المربي المفكر الإسلامي الكبير السيد أبو الحسن علي بن عبد الحي الحَسَني الندوي الحنفي المولود سنة ١٣٣٢ حفظه الله تعالى.
١٨٣ - المجيز - تدبيجاً - العلامة المحدِّثُ الناقد الشيخ محمد عبد الرشيد النعماني الحنفي. المولود سنة ١٣٣٣هـ بارك الله له في حياته.
المشايخ الذين تدبّج معهم شيخنا رحمه الله تعالى
والتدبيج : أن يجيز كل من الشيخين الآخر، فتدبج رحمه الله مع كل من:
١-الشيخ محمد عبد الحفيظ الفهري الفاسي
٢- الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي الهندي
٣- الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي
٤- السيد أحمد مشهور الحداد الباعلوي الحضرمي.
٥- السيد عبد القادر بن أحمد السقاف الباعلوي الحضرمي
٦- السيد محمد بن أحمد بن عمر الشاطري الباعلوي الحضرمي
٧-الشيخ عبد القادر بن كرامة الله البخاري الحنفي.
٨-الشيخ أحمد نصيب المحاميد الدمشقي الشافعي .
٩- الشيخ عبد الكريم بن محمد المدرس البغدادي الشافعي.
١٠ - الشيخ عبد الله بن أحمد الناخبي اليافعي الحضرمي.
١١ - الشيخ عبد الفتاح بن حسين راوه المكي.
١٢- الشيخ محمد عبد الرشيد النعماني الهندي الباكستاني.
۱۳ - الشيخ محمد عبد الله بن آدو الشنقيطي.
فهرست الثبت/
تقدمة ٥
كلمات تقاريظ كبار علماء العصر لهذا الكتاب ١١
١ - تقريظ الشيخ مصطفى الزرقا ۱۳
٢ - تقريظ الشيخ محمد الشاذلي النيفر ۲۲
٣ - تقريظ الشيخ أبي الحسن الندوي ٣٤
٤ - تقريظ الشيخ أحمد نصيب المحاميد ٣٦
٥ - تقريظ الشيخ محمد مرشد عابدين ٣٩
٦ - تقريظ الشيخ محمد الشاطري ٤٢
٧- تقريظ الشيخ سالم الشاطري ٤٤
٨- تقريظ الشيخ محمد المنوني ٤٧
٩ - تقريظ الشيخ عبد الله التليدي ٥٠
١٠ - تقريظ الشيخ عبد القادر كرامة الله ٥٣
١١ - تقريظ الشيخ عبد الفتاح راوه ٥٦
١٢ - تقريظ الشيخ عبد الرشيد النعماني ٥٩
١٣ - تقريظ الدكتور محمد تقي العثماني ٦٠
١٤ - تقريظ الشيخ أحمد مختار رمزي ٧٠
١٥ - تقريظ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان ٧٦
١٦ - تقريظ الدكتور محمد رجب البيومي ٩٦
۱۷ - تقريظ الشيخ محمد عوامة ١١٤
المدخل: وفيه ثلاثة فصول: ۱۳۹
الفصل الأول: ترجمة موجزة عن حياة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ١٤١
الفصل الثاني: مؤلفاته وتحقيقاته ١٧٨
الفصل الثالث: بعض الآخذين عنه من تلاميذه ومستجيزيه ٢١٦
الباب الأول: وفيه أربعة فصول ٢٤٥
الفصل الأول: سرد أسماء الشيوخ مرتبة على البلدان ٢٤٧
الفصل الثاني: الحديث المسلسل بالأولية ٢٦٩
الفصل الثالث: في أسانيد بعض المسندين من شيوخه ٢٨٢
الفصل الرابع: في أسانيده إلى الكتب الحديثية العشرة ٣٩٣
الباب الثاني: في اتصالاته بكتب الأسانيد وفيه خمسة فصول: ٤٠٧
الفصل الأول: اتصالاته بالأثبات ٤٠٩
المبحث الأول: في الأثبات التي يرويها مباشرة عن أصحابها ٤١٠
المبحث الثاني: في الأثبات التي يرويها بواسطة واحدة ٤١٥
المبحث الثالث: في الأثبات التي يرويها بواسطتين ٤٤١
المبحث الرابع: في الأثبات التي يرويها بثلاث وسائط ٤٦٥
المبحث الخامس: في الأثبات التي يرويها بأربع وسائط فأكثر ٤٧٩
الفصل الثاني: اتصالاته بالمعاجم ٥٢٤
الفصل الثالث: اتصالاته بالمشيخات ٥٤٥
الفصل الرابع: اتصالاته بالمسلسلات ٥٧٤
الفصل الخامس: اتصالاته بكتب الأوائل ٥۸۸
التتمات: ٥٩٣
التتمة الأولى: في التحذير من الرواية عن الجن والمعمرين ٥٩٥
التتمة الثانية: في التحذير من تعبيرات خاطئة في ذات الله تعالى ٦٠٨
التتمة الثالثة: في تصحيح الغلط في كتابة ونطق (المشايخ) بالهمزة ٦٢٠
التتمة الرابعة: في شيوخ السيد محمد بدر الدين الحسني، والرواية عنه ٦٢٣
التتمة الخامسة: في تصحيح ما ورد في إجازة الكشميري لتلميذه الشيخ محمد بدر عالم ٦٢٧
التتمة السادسة: في كشف أخطاء وأوهام صالح الأركاني البرماوي ٦٣١
التتمة السابعة: تعطير الانفاس بذكر سند ابن أركماس للكوثري ٦٣٦
الاستدراك الأول: ذكر بعض الكتب التي قدَّم لها شيخنا ٦٤٠
الاستدراك الثاني: ذكر أسماء بعض المجازين الذين لم يتقدم ذكرهم ٦٤٢
الاستدراك الثالث : في الرد على بعض ما كتبه الدكتور الصباغ في مقدمة تحقيقه لرسالة أبي داود إلى أهل مكة، الطبعة الرابعة ١٤١٧هـ !! ٦٤٨
المصادر والمراجع ٦٦٣
فهرس الموضوعات ٦٨٤
================================================
ملحق ببعض التراجم
(١) ترجمة الشيخ مصطفى الزرقا
هو شيخ شيخنا العلامة الكبير فقيه العصر الشيخ مصطفى بن أحمد الزرقا، ولد في حلب ۱۳۲۱ هـ، وتلقى العلم عن أبيه العلامة الشيخ أحمد الزرقا، الذي ترجم له شيخنا في كتابه (تراجم ستة من كبار فقهاء العالم الإسلامي) (ص۸۳ - ۱۰۹)، ومن كبار شيوخه العلامة الشيخ محمد الحنيفي المتوفى بجدة سنة ١٣٤٣ هـ، والعلامة الشيخ محمد راغب الطباخ رحمهم الله تعالى. درّس في الثانوية الشرعية وكلية الشريعة والحقوق في الجامعة السورية وتخرج على يديه ألوف الطلاب من أبرزهم شيخنا - رحمه الله تعالى. وتولى وزارة العدل والأوقاف مرتين وقام على تأسيس «الموسوعة الفقهية» في الكويت، ودرّس في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وهو عضو في المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي منذ إنشائه عام ١٣٩٨ هـ، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. من أشهر مؤلفاته: المدخل الفقهي العام، وصدرت الطبعة الجديدة المنقحة، وفتاوى شرعية وبحوث فقهية جمعها له في مجلد الأخ الشيخ مجد مكي. ولا يزال شيخنا حفظه الله ممتعاً بموفور الصحة ودقة العلم، ومرجعاً للفقهاء والعلماء في مشكلات الفتوى ونوازل العصر حفظه الله وبارك في حياته.
(٢) ترجمة محمد الشاذلي النيفر
هو العلامة المحقق الفقيه المؤرّخ الأديب الشاعر المتفنن مجيزنا الشيخ محمد الشاذلي ابن العلامة قاضي الجماعة بتونس الشيخ محمد الصادق النيفر الحسيني. ولد الشيخ رحمه الله تعالى سنة ۱۳۳۰ بمدينة تونس في بيت علم وفضل، ونشأ في رعاية والده وتلقى مبادئ العلوم الشرعية والعربية. وفي عام ١٩٢٤ التحق بجامع الزيتونة، وأحرز شهادة ختم الدروس الثانوية سنة ١٩٣٠. ومن جملة شيوخه بالزيتونة شيخ الإسلام محمد العزيز جعيط، ومحمد البشير النيفر، وأجازه العلامة محمد الطاهر بن عاشور كما أجازه محدث الحرمين عمر حمدان، ومحمد عبد الحي الكتاني وحسن المشاط، وغيرهم. باشر التدريس بجامع الزيتونة والمعاهد التابعة له سنة ١٩٣٤، ولم يزل كذلك حتى سنة ۱۹۹۰ حيث أقعده المرض. وشارك في تأسيس جمعية الزيتونيين سنة .١٩٣٦ وأسس جريدة الزيتونة الأسبوعية سنة ١٩٥٣ إلى أن أوقفت سنة ١٩٥٧. وشارك الشيخ في الأحداث التاريخية التي وقعت أثناء فترة الاستعمار، وألقت السلطة الاستعمارية القبض عليه ووضع رهن الإقامة الجبرية. وبعد الاستقلال شارك في الحياة السياسة، وانتخب سنة ١٩٥٩ نائباً في مجلس الأمة. وانتخب سنة ۱۹۷۷ عميداً لكلية الزيتونة للشريعة وأصول الدين، وأظهر براعة فائقة في حسن الإدارة، ووسع دائرة التعليم بالكلية، وأنشأ أقساماً جديدة. وكان الشيخ - رحمه الله تعالى - على صلة وثيقة بمختلف أقطار العالم الإسلامي، فقد كان عضواً في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه التابع لها. وله مصنفات كثيرة نافت على العشرين منها حكم التجنس، وتحقيق كتاب المعلم بفوائد مسلم للمازري في ثلاثة مجلدات و «مسامرات الظريف» للسنوسي، وله ديوان شعر في جزئين. وللشيخ ولع شدید بجمع نوادر الكتب من مخطوط ومطبوع، حتى بلغ ما لديه اثني عشر ألف كتاب مطبوع وثمانمائة مخطوط نادر، وقد وقف لكتبه مكتبة خاصة لطلبة العلم والباحثين . توفي يوم الخميس ٤ شعبان ١٤١٨ رحمه الله تعالى. وقد توسعت في هذه الترجمة تعريفاً بمقام الشيخ الكبير، وإحياء لبعض مآثره، ووفاء بما قدمه لي من كلمته الضافية المسهبة التي كتبها في مرضه الأخير، رحمه الله وأثابه رضاه. وقد استفدت في كتابة هذه الترجمة مما كتبه تلميذه الدكتور الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك الأحسائي حفظه الله ورعاه
(٣) ترجمة الإمام اللكنوي
هو محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم الأنصاري اللكنوي الهندي مولده في ۱۷ من المحرم سنة (١٢٦٤)، واللَّكْنَوي بفتح اللام وسكون الكاف وفتح النون نسبة إلى بلده الذي ولد فيه وتوفّي فيه وهو لكنو.
حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ودرس على والده وخاله، وذكر في ترجمته أبو غدة ما يأتي: وكان أحبّ العلوم إليه الحديث الشريف، وفقه الحديث وما إليه من علوم المنقول، مع تفوّقه في العلوم العقلية، وحدّث عن نفسه: أنه يجد في تدريس الحديث الشريف وفقهه والتصنيف فيهما من اللذة والسرور ما لا يجده في سواهما من سائر العلوم والفنون .
وكان ذا فتوح ربّاني عظيم في المسائل المعضلة، والمباحث الدقيقة المشتبكة فكان كما قال عن نفسه : ومن منحه تعالى: أنه جعلني سالكاً بين الإفراط والتفريط، لا تأتي مسألة معركة الآراء بين يدي إلّا ألهمت الطريق الوسط فيها، ولست ممن يختار طريق التقليد البحت بحيث لا يترك قول الفقهاء وإن خالفته الأدلة الشرعية، ولا ممن يطعن عليهم ويهجر الفقه بالكليَّة وما كان من المسائل خلاف الحديث الصحيح الصريح أتركه وأظنُّ المجتهد فيه معذوراً بل مأجوراً، ولكني لست ممن يشوش العوام الذين هم كالأنعام، بل أتكلم بالنّاس على قدر عقولهم».
وله كتب عديدة منها المطبوع ومنها غير المطبوع، وقد بلغت كتبه نحو مائة وعشرة كتب ويقول أبو غدة: «ويقرّ كل من نظر في تأليف عبد الحي أنها تستوفي التحقيق العلمي الناصع، وتحوي النقول النادرة الفاصلة والاستيعاب لكلّ ما في المسألة أو الباب حتى كأنه تخصص طوال عمره في الموضوع الذي يبحثه لا غير ولا تجده في شيء من كتبه هذه الكثيرة يجتر العلم اجتراراً أو يقول فيها معاداً مكروراً، حتى في كتبه التي تبلغ مجلدات ضخمة كحاشيته على الهداية للإمام المرغيناني وكتابه السعاية في كشف ما في شرح الوقاية» وغيرهما.
وقد كانت لديه مكتبة جامعة عامرة غنيّة في كلّ فنّ وعلم تبدو ضخامتها واستيعابها من تواليفه التي تطفح بالنّقول عن كتبه لا تزال مغمورة في عالم المخطوطات، قلّ أن بها أو يعرف عن وجودها شيء.
وقد يسر الله تعالى له الحجّة إلى بيته الكريم مرتين مرة مع والده سنة (۱۲۷۹)، ومرّةً بعد وفاة والده سنة (۱۲۹۲)، وقد جمع في هاتين الحجتين الشيء الكثير من الفوائد العلمية من علماء الحرمين الشريفين، كما اقتنى كثيراً من الكتب النادرة المخطوطة والمطبوعة من البلاد التي مر بها. وكانت وفاته لليلة بقيت من ربيع الأول سنة أربع وثلاثمائة وألف في بلدة لكنو، ولم يكتمل له من العمر أربعون سنة، رحمه الله تعالى وجزاه عن العلم والدين والإسلام خيراً.
(٤) ترجمة الإمام أبي الحسن الندوي
هو العلامة الجليل والمجاهد الكبير الداعية إلى الله تعالى بحاله ومقاله وفعاله الذي إذا كتب أو خطب، غذَّى القلوب والأرواح، ونور العقول والأذهان، كما وصفه شيخنا - رحمه الله تعالى - في كتابه صفحات من صبر العلماء» ص١٢. ولد حفظه الله تعالى في الهند سنة ١٣٣٢ من أسرة ذات أصل عربي عريق، وهو ابن العلامة الشريف عبد الحي الحَسَني، أحد كبار مؤلفي عصره. تلقى العلم في ندوة العلماء، ودار العلوم في ديوبند واستفاد في الحديث من الشيخ حيدر حسن خان، وعبد الرحمن المباركفوري وحضر دروس العلامة الكبير حسين أحمد المدني ونبغ في العلوم الشرعية وتمكن من الأدب. وله نشاط كبير في الدعوة إلى الله عز وجل، وأثره مشهور في العالم الإسلامي، وله مؤلفات كثيرة انتفع بها الناس وترجمت إلى عدة لغات. له صلة وثيقة بشيخنا - رحمه الله تعالى - فقد زاره في حلب سنة ١٣٧٠ كما ذكر ذلك في رحلته مذكرات سائح في الشرق العربي ص ٢٩٤. وقد لمست من سماحته ـ حفظه الله عند زيارتي له في الهند بصحبة شيخنا - رحمه الله تعالى - سنة ١٤١٣ تقديره العظيم وتبجيله الكبير لشيخنا، وزيارته المستمرة له عند استضافته بالندوة. وكان يحث مدرسي الندوة وطلابها على ملازمة الشيخ والاستفادة منه، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه . بارك الله في حياة شيخنا ومجيزنا السيد أبي الحسن الندوي ومتع المسلمين به.
(٥) ترجمة الشيخ أحمد نصيب المحاميد الدمشقي
هو شيخي وأستاذي العلامة الداعية القدوة الزاهد المربي، أحمد نصيب بن محمد المحاميد الدمشقي الشافعي ولد نحو سنة ۱۳۳۰ في منطقة نصيب من حوران، ورحل إلى دمشق لطلب العلم ولازم المربي الكبير الشيخ علي الدقر باعث النهضة العلمية في دمشق وكان شيخنا من الطبقة الثانية من تلاميذه. وحضر على كبار علماء دمشق في مقدمتهم : المحدث الأكبر السيد محمد بدر الدين الحَسَني، وقرأ عليه النحو والتوحيد والشيخ محمود العطار، والشيخ محمد أمين سويد وقرأ عليهما الأصول، والشيخ أبو الخير الميداني وقرأ عليه البلاغة، والشيخ صالح العقاد في الفقه الشافعي، والشيخ عبد الجليل الدرة. وتدبج أخيراً مع شيخنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ـ رحمه الله تعالى .. تولى - حفظه الله تعالى ـ التدريس في المدارس الشرعية، وعُين إماماً في جامع التوبة، وخطيباً في جامع الشمسية. تشرفت بملازمته والقراءة عليه عند زياراتي المستمرة لدمشق الفيحاء - حَرسها الله وسائر بلاد المسلمين - وتلقيت عليه كثيراً من المتون العلمية، وقرأت عليه قسماً كبيراً من . البخاري، وحضرت دروسه العامة بمسجد التوبة. وقرظ لي كتابي الذي جمعته عن شيخه السيد محمد بدر الدين الحسني، بارك الله في حياته.
(٦) ترجمة محمد مرشد بن عابدين
هو شيخنا ومجيزنا العلامة القاضي الفقيه السيد أبو الإرشاد محمد مرشد بن محمد أبي الخير بن أحمد بن عبد الغني بن عبد الرحيم بن عابدين يلتقي الشريف بمؤلف الحاشية العلامة محمد أمين بن عبد الرحيم الحسيني الدمشقي الحنفي حفظه الله تعالى ،ورعاه ولد بدمشق سنة ۱۳۲۷ ، وتلقى علومه الأولية على والده مفتي الشام السيد محمد أبي الخير المتوفى سنة ١٣٤٣، وأجازه بجميع مروياته كما تلقى العلم على شقيقه العلامة مفتي الشام السيد محمد أبي اليسر المتوفى سنة ١٤٠١ رحمهما الله تعالى فقرأ عليه جميع العلوم وتخرج به ونال الإجازة منه كما درس في المدارس الرسمية فدخل معهد الحقوق سنة ۱۹۳۲ وتخرج منه سنة ١٩٣٥. عمل محامياً متدرباً ثم أستاذاً ثم دخل القضاء أول سنة ١٩٤٢ إلى سنة ١٩٧٤ فتولى القضاء في الحسكة والنبك وإزرع ودوما وأخيراً في دمشق. عُيّن نائب رئيس محكمة النقض والإبرام» ثم أحيل على التقاعد سنة ١٩٧٤ ، وله عدة مؤلفات حفظه الله تعالى ونفع به.
(٧) محمد بن أحمد الشاطري
هو العلامة الكبير الفقيه المؤرّخ الفلكي الأديب الشاعر الناثر شيخنا ومجيزنا السيد محمد بن أحمد بن عمر الشاطري العلوي الحسيني التّريمي الشافعي. ولد سنة ۱۳۳۱ ونشأ في تريم العريقة بتاريخها العلمي والأدبي في بيئة صالحة. ودَرَسَ العلوم الشرعيَّة والعقلية على علماء بلده منهم والده أحمد بن عمر الشاطري مفتي حضرموت، كما درس على غيره من علماء وشيوخ حضرموت. تولى القضاء عام ١٣٦٣ ، ثم تولى الإفتاء عام ١٣٦٤، واستقر به المقام في جدة سنة ۱۳۹۳ إلى يومنا هذا يقوم بالتدريس والإرشاد والتأليف ـ حفظه الله -. ألف كتباً كثيرة في فنون عديدة منها: أدوار التاريخ الحضرمي، وكتاب في سيرة النبي ﷺ بالحروف المهملة والمعجم اللطيف وفتاوى شرعية، وغيرها. كان بينه وبين شيخنا - رحمه الله تعالى - مودة أكيدة وصداقة متينة، فكان الشيخ يزوره عند قدومه إلى جدة، ويحضر مجالسه العلمية، ويتداولون فيما بينهما الفوائد العلمية والنوادر الأدبية وتدبَّج كل منهما الإجازة مع الآخر. بارك الله تعالى في حياته ونفع به.
(٨) سالم بن عبد الله الشاطري
هو العلامة الفقيه المسند الداعية المربي سليل العلماء ووارث الفضلاء، شيخنا السيد سالم بن عبد الله بن عمر الشاطري. ولد سنة ١٣٦١ بحضرموت، وحضر على كبار تلاميذ والده السيد عبد الله بن عمر الشاطري شيخ العلماء بحضرموت، وصاحب النهضة العلمية فيها ورحل إلى مكة المكرمة في بداية الطلب للازدياد من العلم والتحصيل، وتلقى عن كبار ،علمائها مثل السيد علوي المالكي والشيخ حسن مشاط وغيرهما. وعاد إلى بلده داعية ،ومعلماً وتعرض لمحن كثيرة من أعداء الإسلام من الشيوعيين لما عُرف عنه من نشاط في الدعوة إلى الله، والتحذير من الشيوعيين وكشف لمؤامراتهم الخبيثة. فَسُجن وعُذب، وتعرّض بعد خروجه من السجن لمحاولات اغتيال نجاه الله منها ثم هاجر إلى المدينة المنورة، وجالَ في كثير من البلدان وبخاصة أندونيسيا، وألقى فيها دروساً حضرها الآلاف من الطلاب لما أتاه الله من إخلاص وعلم وطلاقة لسان. توثقت صلته بشيخنا - رحمه الله تعالى - وكان يزوره في بيته بالرياض عند قدومه للعلاج فيها وأحب الشيخ وأكثر من مطالعة كتبه وأعجب بتحقيقاته، وأوصى طلابه بقراءتها والاستفادة منها، وأجازه شيخنا - رحمه الله تعالى - ثم رجع إلى حضرموت مدرساً في جامعة الأحقاف وأحيا آثار والده في نشر العلم والنفع العام.
(٩) محمد عبد الهادي المنوني الحسني
هو العلامة المؤرخ الفقيه الأديب الشريف السيد محمد بن عبد الهادي بن محمد بن الحسين المنوني الإدريسي، ولد بمكناس سنة ١٣٣٣، وتلقى العلم عن كبار علماء عصره، ومنهم محمد بن الحسين العرائشي، والمختار السنتيسي، وأحمد بن عبد السلام ابن شقرون ومحمد بن علال بن غازي المكناسي، ومحمد بن أحمد السوسي، ودرّس في المعهد الديني بالجامع الكبير بمكناس، وعُيّن مفتشاً لمادة التاريخ ومراقباً للدروس في المعهد الديني، ثم عُين قيماً بالخزانة العامة بالرباط ومشرفاً على قسم المخطوطات بالخزانة الملكية بالرباط، وأستاذاً بكلية الآداب بفاس، إلى أن تقاعد من وظيفته عام ١٤٠١. أجازه كبار علماء العصر ومنهم السيد عيدروس بن سالم البار المكي، وصالح الفضيل التونسي، وعمر حمدان المحرسي ومحمد راغب الطباخ، ومحمد عبد الحي الكتاني، وعبد الرحمن بن زيدان العلوي وعبد الحفيظ الفاسي. له مؤلفات كثيرة منها: مظاهر يقظة المغرب الحديث في مجلدين والمصادر العربية لتاريخ المغرب في مجلدين، وعدد كبير من البحوث والدراسات في المجلات المغربية . وهو من عارفي فضل شيخنا وعلمه وتحقيقه وسمعت شيخنا يقول : من أنفع أهل المغرب السيد محمد المنوني والسيد محمد الأمين أبو خبزة. وقد أجازني السيد المنوني بجميع مروياته وأرسل إلي بعض كتبه التي تدل على واسع اطلاعه و عمیق ،معرفته حفظه الله تعالى ورعاه.
(١٠) العلامة عبد الله التليدي
هو العلامة المحدث المفسر المربي السيد عبد الله بن عبد القادر التليدي الإدريسي، ولد ـ حفظه الله تعالى - بقرية الصاف من قبيلة بني جُرْفَط عمالة العرائش سنة ١٣٤٧ ، وهاجر به والده مع بقية الأسرة إلى مدينة طنجة. حفظ القرآن الكريم وقرأ على كبار علماء طنجة، ولازم شيخه أحمد بن الصديق الغماري وقرأ عليه كثيراً واستفاد منه وتخرج به في علوم الحديث. واستقل بنفسه ولزم بيته وعكف على المطالعة .والتأليف وأنشأ مدرسة للعلوم الدينية في طنجة، وأقرأ فيها كثيراً من التلاميذ ويأتي للديار المقدسة كل عام حاجاً أو معتمراً في رمضان. وله مؤلفات كثيرة من أشهرها «تهذيب سنن الترمذي»، «تهذيب الخصائص الكبرى»، «نصب الموائد وغيرها واتصل بشيخنا - رحمه الله تعالى -وزاره في بلده حلب سنة ١٣٨٤، وأجازه شيخنا بجميع مروياته. وهو معجب بكتبه وتحقيقاته. ولما علم بوفاته - رحمه الله تعالى - خطب خُطبة في مسجده عن مآثره، وصلى عليه صلاة الغائب كما أخبرني بذلك حفظه الله.
(١١) العلامة عبد القادر بن كرامة الله البخاري
هو العلامة الأديب الشاعر المؤرّخ المسند الشيخ عبد القادر بن كرامة الله بن نعمة الله بن ناصر باي البخاري، ولد ببخارى عام ۱۳۲۷ وتلقى العلم عن كبار علماء بخارى في مدرسة مير عرب . وبدأ حفظ القرآن الكريم في الخامسة من عمره وأتمه في التاسعة وتعلم علوم القراءة وحفظ الجزرية والشاطبية، وقرأ الكافية وشرح الجامي إلى مبحث الحروف. ومن شيوخه المولوي برهان الدين الملقب بأسود مخدوم تلميذ الشيخ عبد الرزاق شاه المرغلاني. وبعد استيلاء الشيوعيين على البلاد أقفلوا المدارس ومنعوا الدراسة العربية والدينية، فهاجر إلى أفغانستان عام ۱۹۳۰ وأقام في ((آندخوي) من بلاد الأفغان عاماً كاملا، وقرأ على القاضي بابا مراد خان شتى العلوم. وفي سنة ۱۹۳۱ هاجر إلى بغداد وأقام بها سنة. ثم رحل إلى مكة عام ۱۳٥٠هـ وحج من طريق البادية عن طريق العراق من البصرة إلى بريدة ومن بريدة إلى مكة وفي أوائل المحرم عام ١٣٥١ زار المدينة المنورة وانتسب إلى مدرسة الشيخ عبد الباقي اللكنوي وحضر على الشيوخ عبد الغفور استركاني وإبراهيم الحتني، ومحمد خوقندي، وقرأ النحو والصرف والفقه في شرح الوقاية والقدوري. ثم حج عام وانتسب إلى المدرسة الصولتية أول سنة ١٣٥٣ وتخرج منها سنة ١٣٦٠ ومن شيوخه فيها حسن المشاط ومختار مخدوم السمرقندي، وعبد الله نيازي، وعمر حمدان وعصمت الله الفرغاني. ثم درّس في الصولتية سنة ١٣٦١ - ١٣٦٢ وعقد حلقة في الحرم المكي الشريف عند باب سيدنا علي، قرأ فيها ابن عقيل مع حاشية الخضري ورفع الأستار في علوم المصطلح، والجوهر المكنون، في البلاغة والمختصر في معرفة السنين في علم الفلك أرسلته مديرية المعارف سنة ١٣٦٣ إلى أبها للتدريس في مدارسها وبقي هناك مدرساً من سنة ١٣٦٣ -١٣٦٦، ثم انتقل إلى رابغ، وأصبح وكيلا لمدرسة رابغ سنة ١٣٦٦ في عهد مديرها الشيخ عبد المجيد الجبرتي، ثم أصبح مديراً للمدرسة السعودية من ١٣٧٥ - ۱۳۸٦، ثم تقاعد من التدريس سنة ١٣٨٦، وانتقل للعمل في وزارة الإعلام بجدة مذيعاً باللغة الفارسية من سنة ١٣٨٦ - ١٣٩٦. وترجم كتاب «في ظلال القرآن»، لسيد قطب - رحمه الله - ثم عاد إلى رابغ عام ١٣٩٦ وقام بالإمامة والخطابة في جامع السنوسي منذ سنة ١٣٩٦ - ١٤١٦. وقد تشرفت بزيارته في رابغ مرات عديدة وقرأت عليه وأجازني بجميع مروياته.
(١٢) عبد الفتاح بن حسين المكي
هو العلامة الفقيه الفرضي المؤرّخ المسند الأديب الشيخ عبد الفتاح بن حسين بن إسماعيل بن محمد طيب راوه المكي الشافعي المولود بمكة المكرمة عام ١٣٣٤ ، تلقى علومه بمدرستي الفلاح والصولتية وبالمسجد الحرام على عدة مشايخ، منهم مسند الحرمين العلامة الشيخ عمر حمدان المحرسي والشيخ عيسى رواس، والشيخ محمد علوي المالكي والشيخ إبراهيم الخزامي والحبيب عيدروس بن سالم البار، والشيخ حسن المشاط، والشيخ يحيى أمان، والشيخ محمد العربي التباني والسيد علوي المالكي وغيرهم وأجيز بالتدريس بالمسجد الحرام عام ١٣٥٧، كما عين مدرساً بالمدارس العامة في مديرية المعارف، ولا يزال حفظه الله تعالى مدرساً بالمسجد الحرام إلى الآن. له عدة مؤلفات منها: سيد ولد آدم في السيرة النبوية والإفصاح على إيضاح الإمام النووي، والمجموعة الراوية شرح المنظومة ،الرحبية وتاريخ أمراء مكة المكرمة، وغيرها كثير. حفظه الله وبارك في حياته.
(١٣) محمد عبد الرشيد النعماني
هو شيخنا العلامة البحاثة المحدث النقاد، صديق شيخنا ومحبه، العالم الصالح المحقق الشيخ محمد عبد الرشيد بن محمد عبد الرحيم النعماني -نسبة للإمام أبي حنيفة النعمان .. ولد - حفظه الله - في سنة ۱۳۳۳ في جيبور بالهند، وطلب العلم على عمه الأكبر الحافظ عبد الكريم، ثم رحل إلى ندوة العلماء ولازم العلامة المحدث حيدر حسن التونكي، وبه تخصَّص في الحديث وعلومه وعليه تخرج، ولازم شقيقه العلامة المؤرخ محمود حسن التونكي وعين عضواً لندوة المصنفين بدهلي، وهاجر إلى باكستان سنة ١٩٤٧، ودَرَس في دار العلوم على العلامة المحدث بدر عالم الميرتهي، والعلامة المحدث محمد يوسف البنوري، ثم عين مدرساً في جامعة العلوم الإسلامية في كراتشي ودرّس فيها كتب الفقه والحديث، والكتب الستة، ودرس في الجامعة الإسلامية ببهاولبور، وأشرف على طلبة التخصص في الحديث النبوي، وهو من أفذاذ العصر علماً وفهماً وزهداً وتقى. وقد لمست إجلاله واحترامه وشدة محبته لشيخنا - رحمه الله - عند زياراتي له بصحبة شيخنا بمنزله بكراتشي. من أشهر كتبه مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث، وابن ماجه وكتابه السنن» وكلاهما اعتنى بهما شيخنا - رحمه الله تعالى - وطبع الأول منهما، وسيصدر الثاني بعون الله تعالى.
(١٤) محمد تقي العثماني
هو مجيزنا العلامة الفقيه الدكتور الشيخ محمد تقي ابن المفتي محمد شفيع العثماني الديوبندي الحنفي، ولد سنة ١٣٦٢ في مدينة ديوبند وهاجر مع والده إلى باكستان سنة ١٣٦٧ ، والتحق بدار العلوم بكراتشي، وقرأ على والده مفتي باكستان، وعلى الآن أستاذ في دار العلوم بكراتشي، وقاضي المحكمة الشرعية الكبرى، وعضو مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامي، ومن أنشط الأعضاء وأبرزهم فيه. ومن أشهر مؤلفاته : تكملة فتح الملهم شرح صحيح مسلم» للعلامة شبير أحمد العثماني حفظه الله تعالى وبارك له في عمره.
(١٥) أحمد مختار رمزي
هو العالم الفاضل المحقق المحدث الشيخ أحمد مختار بن محمد رمزي، التركي أصلا، المصري مولداً وموطناً، والحنفي مذهباً. ولد في السادس من ذي القعدة سنة ١٣٤٢ ، ونشأ في كنف والده وعندما أتم دراسته الابتدائية والتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، لازم الأستاذ حسن البنا وهو لا زال بالسنة الأولى الثانوية، فتتلمذ عليه وبعد أن أنهى دراسته الثانوية وطد عزمه على التفرغ للعلوم الدينية: دراسة وتأليفاً. وفي سنة ١٩٤٧ تم تعيينه بدار المحفوظات العمومية، وظل يترقى بها إلى أن وصل إلى وكيل دار المحفوظات العمومية. تلقى العلم عن شيوخ أعلام منهم : الشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ محمد الحافظ التيجاني، والشيخ محمد محمد ،الأودن وأصحاب الفضيلة: مصطفى أبو سيف الحمامي، ومنصور علي ناصيف وعبد السلام المنير، وأمين محمود خطاب السبكي وعمر وجدي الكردي شيخ رواق الأكراد والأتراك بالأزهر الشريف. ومن شيوخه ومجيزيه العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، الذي أجازه إجازة عامة شاملة. وكانت بينهما مكاتبات ومراسلات علمية. وللأستاذ مؤلفات كثيرة منها: إتحاف الأنام بمسانيد الإمام أبي حنيفة النعمان، و«حياة الإمام الأعظم»، و«فقه الإمام الأعظم، و«إفحام الخصام بدحض المطاعن الموجهة إلى الإمام ، و عقد الجمان الجامع لكلمات ووصايا ورسائل الإمام»، و «المرجع الحديث في علوم السنة ومصطلح الحديث»، و «أحكام التركة والمواريث، وعقائد أهل الكتاب و ميلاد الخلود أو الجهاد في سبيل الله»، طبع منه جزء صغير سنة ١٩٤٨، وقدم له المرشد حسن البنا، و«سير أعلام المحدثين»، و«الجداول المختارة في علوم النحو والصرف والبلاغة»، وغيرها من الكتب والمقدمات النافعة، حفظه الله تعالى ونفع به.
(١٦) عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان
هو العلامة الفقيه الأصولي المؤرّخ المحقق الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان ولد - حفظه الله تعالى - بمكة المكرمة عام ١٣٥٦، وأتم تعليمه في المعهد السعودي بمكة المكرمة عام ۱۳۷۳ ، وتخرج من كلية الشريعة بمكة المكرمة عام ۱۳۷۸ وحصل على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن والقانون بجامعة لندن عام ۱۳۹۰ . وقد جمع إلى دراسته النظامية حضوره حلقات العلم في المسجد الحرام على كبار العلماء فلازم مجالس شيخه العلامة حسن محمد المشاط، والسيد محمد أمين كتبي، وغيرهما درس في كلية الشريعة بمكة المكرمة عام ۱۳۸٤، وتسلم عمادة كلية الشريعة في الفترة من ۱۳۹۰ - ۱۳۹۲، وتفرغ بعد ذلك للتدريس بقسم الدراسات العليا، وأشرف على الكثير من الطلاب وناقش العديد من الرسائل. وانتدب أستاذاً زائراً لعدد من الجامعات وشارك في كثير من المؤتمرات والندوات العلمية وهو خبير بمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعضو الموسوعة الفقهية الاقتصادية وعضو اللجنة العلمية بمعهد البحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية حرسها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين. من الكتب، منها: كتابه البحث العلمي ومصادر الدراسات الإسلامية والفكر «الأصولي، ومناهج البحث عند الأصوليين»، وتحقيق «الجواهر الثمينة من أدلة عالم المدينة» للشيخ حسن المشاط، و «مكتبة مكة المكرمة والحرم الشريف» الجامع والجامعة وله - حفظه الله -عدد من البحوث والمقالات المنشورة. وكان - حفظه الله تعالى - على صلة وثيقة ومحبة أكيدة وإعجاب وتقدير لجهود شيخنا العلمية، وقد استجاز شيخنا فأجازه، كما كتب كلمة ضافية عن شيخنا بعد وفاته نُشرت في جريدة عكاظ، وقد استحسنتُ إيرادها بعد هذا التقريظ . بارك الله في حياته، ونفع بعلمه، وجزاه الله خير الجزاء.
(١٧) العلامة محمد رجب البيومي
هو العلامة الأديب المؤرخ المتفنُنُ الشاعر الناثر الدكتور محمد رجب البيومي، ولد سنة ۱۹۲۳م، بمحافظة الدقهلية بمصر، ودرس بكلية اللغة العربية في الأزهر، ونال درجة الدكتوراه في الأدب والنقد بمرتبة الشرف الأولى، ودرس في عدة جامعات، وشارك في المؤتمرات الأدبية في عواصم مختلفة، ونال كثيراً من الجوائز الأدبية وهو حالياً أستاذ متفرغ بقسم الأدب والنقد في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر في المنصورة، ومقرّر لجنة البلاغة وعضو لجنة الأدب والنقد لترقية الأساتذة بجامعة الأزهر، وللدكتور مؤلفات كثيرة في الدراسات الأدبية والعلمية والتاريخية منها البيان القرآني والبيان النبوي، والتفسير القرآني، والنهضة الإسلامية في سِير أعلامها المعاصرين وكتب في كثير من المجلات العلمية والأدبية منها الرسالة ،والثقافة والهلال والأديب، والفيصل، والأزهر والمجلة العربية ومنار الإسلام والوعي الإسلامي، والمنهل وغيرها.
(١٨) الشيخ محمد بن محمد عوامة
هو شيخنا العلامة المحدث الفقيه المحقق الناقد الشيخ محمد بن محمد عوامة الحلبي ثم المدني الحنفي ولد حفظه الله تعالى بمدينة حلب في الرابع عشر من ذي الحجة سنة ١٣٥٨هـ وطلب العلم الشريف في المدرسة الشعبانية، والتحق بالثانوية الشرعية بعد إلغاء الشعبانية عام ۱۳۷۹ وعقب حصوله على شهادتها عام ١٣٨٢ التحق بكلية الشريعة بجامعة دمشق وتخرج منها، وبدأ تدريسه للعلوم الشرعية في المدرسة الشعبانية التابعة لجمعية التعليم الشرعي، واستمر فيها مدرساً وموجهاً ومديراً وأميناً لمكتبتها حتى منتصف عام ١٤٠٠ إذ ارتحل فيها إلى المدينة المنورة. وفي المدينة المنورة عمل في مراكزها التعليمية الثلاثة في الجامعة الإسلامية، فكان أول عامل ومؤسس لمركز البحث العلمي، ثم مدرساً في (المعهد العالي للدعوة سابقاً كلية الدعوة التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم في كلية التربية فرع جامعة الملك عبد العزيز بجدة. وقد اتصل منذ أيامه الأولى في طلب العلم بفضيلة العلامة المحدث المفسر الشيخ عبد الله سراج الدین حفظه الله ، ثم اتصل بفضيلة العلامة الراحل الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى ولازمهما تمام الملازمة، وهو من أخص تلامذة شيخنا عبد الفتاح ووارث علومه وقد وصفه الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب قواعد في علوم الحديث عام ۱۳۹۲ : بقوله ص ۱۰۰: «بحث أخي تلميذ الأمس وزميل اليوم الأستاذ الشيخ محمد عوامة». ورحل الشيخ حفظه الله تعالى إلى مصر لمدة شهرين أوائل عام ١٣٧٩هـ، ويسر الله تعالى له لقاء عددٍ من علمائها منهم الشيخ أحمد الصديق الغماري، وشقيقه الشيخ عبد الله رحمهما الله، وهما من مشاهير محدثي العصر، وبينه وبين كبار علماء العالم الإسلامي صلات وثيقة ومراسلات علمية، مثل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني، وقد أجازوه جميعاً وشهدوا له بالعلم والتحقيق. وقد تخرج على يديه أفواج من الطلبة وانتفع به خلق كثير، ولا يزال حفظه الله تعالى مرجعاً للعلماء ومفيداً لطلبة الدراسات العليا . وقد ألّف - حفظه الله تعالى - وحقق كتباً كثيرة منها : أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء»، ومسند أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز للباغندي وتقريب التهذيب لابن حجر و الكاشف للذهبي مع حاشية سبط ابن العجمي، و «من صحاح الأحاديث القدسية»، و «السنن» للإمام أبي داود حققه وضبطه وقابله بثمانية ،أصول وغيرها من التحقيقات النادرة والمؤلفات الممتعة. حفظه الله ونفع بعلومه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق