النصيحة الولدية
لأبي الوليد سليمان الباجي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذه الرسالة اللطيفة هي توجيهات نظرية مدعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قدمها الإمام أبو الوليد الباجي لولديه قبل بلوغهما، نصيحةً لهما، وتأديباً لهما بأخلاق من سلف من العلماء، ورجاء أن يكبرا وتؤتي تربية أبيهما ثمارها، فينشآن النشأة الصالحة، ولكن فرحة الباجي لم تتم، إذ أنه فُجع بوفاة أحد ولديه، بينما بقي الآخر فانتفع بالوصية، وبلغ شأواً كبيراً في العلم والأدب وجمال السيرة.
ونلمس في هذه الوصية صدق النُّصح، وتمام الشفقة، ومعلوم أنه لا أنصح للولد من الوالد، فلا شيء أجمل في عين المرء من ولدت صالح، يراه ينمو ويترعرع شيئاً فشيئاً، وهو يعمل على رعايته ونموه، كالنبتة الصغيرة، تكبر وتكبر، حتى يشتد عودها، وتقوم على ساقها، وتقرُّ عينه حين يراها شجرة كبيرة مثمرة.
وكان من جملة ما نصحهما به: الإيمان بالله تعالى، والتمسُّك بالفرائض، واجتناب المناهي، وهذا بلا شك أمرٌ حسن، فإن أول ما أن يهتم به المسلم في تنشئة أبنائه العقيدة السليمة، أعني عقيدة التوحيد، ثم تأتي العبادات، وأهمها الصلاة: فإذا صحت عقيدة المسلم، وعبد الله حق عبادته، فلا بد تقويم النفس بالأخلاق الفاضلة، والسجايا الكريمة، وتجنب المحرمات والمحظورات، ومن ثم القيام بأعباء الدعوة إلى الله، وتحمل الأذى في سبيلها.
أولاد أبي الوليد الباجي:
١-أبو الحسن محمد: وكان نبيلا ذكياً مرجواً، لكنه مات في حياة والده؛ فرثاه أبوه بمراثي شجية شجية.
٢-أبو القاسم أحمد: نشأ نشأة صالحة، وأخذ العلم عن أبيه، وروى عنه كثيراً، وخلفه في حلقته، ونفعت وصية الوالد ونصيحته فغدا الولد زاهداً علامة كبيراً ديناً ورعاً، يحفظ الخلاف والمناظرة وكان فاضلا نبيهاً جليلاً، من أفهم الناس وأعلمهم له النظم والأدب، وله تواليف حسان تدل على حذقه ،ونُبله ومنها: (البرهان على أن أول الواجبات الإيمان) وغيرها، وتوفي - رحمه الله - بجدة بعد الحج سنة أربعمائة وثلاث وتسعين (ت
وجعل الباجي وصيته هذه في بابين:
الباب الأول: ما يلزمهم من أمر الدين مما لا يسعهم تركه أو جهله:
فذكر أركان الإيمان، وحفظ القرآن والعمل به، والتمسُّك بالسنة، وطاعة الرسول ومحبته، وحُبُّ الصحابة، وتوقير العلماء والاقتداء بهم، والحفاظ على أركان الإسلام الخمسة، ثم الجهاد في سبيل الله، وطلب العلم، وبيّن نبذة من فضائل العلم والتعلم، وأفضل علوم الشريعة، وفضل الفقه في الدين، والنهي عن القراءة في كتب المنطق والفلسفة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاعة أولي الأمر في غير المعصية.
وأمرهما بالتزام الصدق واجتناب الكذب، والوفاء، وتتميم الكيل والميزان، والنهي عن المشاركة في سفك الدماء المحرمة، وعدم قربان الزنا، واجتناب الخمر، وعدم التعامل بالربا أو أكل مال اليتيم، وحثهم على طلب الحلال.
وحذرهم من الظلم، وشهادة الزور، والرشوة، والنميمة، والحسد، والفواحش، والغيبة، والكبر، والبخل، وكل ما يلهي عن ذكر الله من الغناء، والشطرنج، والنرد، وأمرهم بتقوى الله في السر والعلن، والعدل في الحكم،
الباب الثاني: ما يجب أن يكونا عليه من أمر الدنيا.
وذكر فيه: إكرام الأخ لأخيه، وعطف الكبير على الصغير، وتوقير الصغير للكبير، والمناصحة بالحسنى، وإيثار الآخرة على الدنيا، والتعاطف والتواصل، وترك الشحناء، والبغضاء، والتدابر، وألا يبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى، وألا يقابلوا الإساءة بالإساءة، وتجنب النزاع، والحرص على الاتفاق، وصلة الأرحام، والوصية بالجار، وصلة أصدقاء الأب، وإكرام الإخوان، والصبر على أذى الناس.
وحضهما على مجامع السعادة من التوكل على الله، والاستعانة بالدعاء، وشكر النعمة، وحذر من الاستهانة بالنعم، وطاعة أولي الأمر بالمعروف، وعدم الخروج على السلطان العادل، ولزوم الجماعة، والصبر على السلطان الجائر، واعتزال الفتنة، والزهد في الدنيا، والتحذير من آفاتها، والإيمان بالقدر، واجتناب صحبة السلطان، وترك طلب الجاه، وأن خير الأمور الوسط، والإقلال من المزاح.
ثم جعل في الخاتمة وصية لقمان لابنه في حال فقدا هذه الوصية، ولم يجداها، فلهما في وصايا لقمان معاني وصيته،
ترجمة المؤلف أبي الوليد الباجي
اسمه ونسبه:
هو أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب ابن وارث الباجي. وأصل أجداده من بطليوس، ثم انتقلوا إلى مدينة باجة بالأندلس.
مولده:
ولد سنة ٤٠٣هـ كما ذكرت المصادر التي ترجمت له وكذا كتبت أمه تاريخ مولده بخطها، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر.
أسرته:
يحدثنا المؤلف - أو يحدث ولديه ـ في وصيته عن أسرته وأنها أسرة علم وصلاح، فيقول: ((واعلما أننا أهل بيت لم يخلُ بفضل الله ما انتهى إلينا منه من صلاح وتدين وعفاف وتصاون ... ))، ثم يذكر أباه وأعمامه وإخوانه وأنهم مشهورون بالعبادة والصلاح والتدين والورع والعفاف.
ونجد في بعض المصادر نتفاً من الحديث عن أسرته مع جاهه:
فأبوه كان من تجار القيروان، وكان ذا جاه ومال، ولكنه - وكما قال ابنه في هذه الوصية -: «كان وحاله واتساع دنياه منقبضاً عنها، متقللاً منها، ثم أقبل على العبادة والاعتكاف إلى أن توفي. وقد أخذ العلم في بداية حياته عن فقيه بالأندلس، يقال له أبو بكر بن شماخ، وكان معجباً به، ويتمنى أن يُرزق بولد مثل شيخه فأشار عليه ابن شماخ أن يسكن قرطبة ويلزم أبا بكر القَبري ويتزوج ابنته عساه يُرزق منها ولداً مثل شيخه وعمل بوصية شيخه فكان له ما أراد.
أما أمه فكانت فقيهة قارئة.
وجده لأمه: ولا غرابة أن تكون المرأة فقيهة، وهي بنت فقيه عالم، وهو أبو بكر محمد بن موهب بن محمد القبري (ت سنة ٤٠٦هـ).
وخاله: هو الفقيه المحدث الأديب الخطيب الشاعر أبي شاكر عبد الواحد بن محمد (٣٧٧ - ٤٥٦هـ)، قال عنه ابن بشكوال في الصلة (۳۷۸/۲): كان حسن الهيئة والخلق، حسن السمت والهدي، وكان أشبه الناس بالسلف الصالح.
أما إخوته فيذكر عنهم أنه لم يكن منهم إلا مشهور بالحج والجهاد والصلاح والعفاف. ويقول عنهم القاضي عياض في ترتيب المدارك (٨٠٨/٤): وكان له إخوة فضلاء. ويذكرهم ابن عساكر في تاريخه، فيقول: إن أحدهم كان صاحب الصلاة بسرقسطة، وآخر كان من أذل الناس ببلاد العدو في الغزو، حتى إنه كان يعرف الأرض بالليل بشم التراب علمه إذاً، فقد نشأ أبو الوليد في بيئة علم وصلاح، فأبوه عالم، وأمه فقيهة وجده لأمه فقيه، وخاله فقيه ومحدث، وإخوته صالحون مجاهدون، فلا غرابة أن يأخذ من علم هؤلاء جميعاً وصلاحهم، وأن يبرز في مختلف العلوم، حيث برع في علم الحديث وعلله ورجاله، والفـقـه وغـوامـضـه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه.
شيوخه:
وقد أخذ هذا العلم عن أكابر شيوخ عصره في الأندلس وغيرها من البلاد التي رحل إليها، واستمرت رحلته فيها ثلاثة عشر عاماً، مثل الحجاز وبغداد والموصل ودمشق ومصر. ومن مشايخه في هذه البلاد يونس بن مغيث ومكي بن أبي طالب، وأبو ذر الهروي، والحسن بن محمد بن جُميع، والقاضيان أبو الطيب الطبري، وأبو جعفر السمناني.
تلاميذه:
كما أخذ عنه العلم الكثير من أعلام عصره من العلماء، منهم ابنه أحمد والخطيب البغدادي، وأبو بكر الطرطوشي، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو علي الصدفي، وأبو عبد الله الحميدي.
مؤلفاته:
ونلاحظ أن علم أبي الوليد لم يبق حبيس صدره، بل بثه في كتبه، فنجده ألف في مختلف العلوم والفنون وبعضها ألف فيه أكثر من كتاب.
فألف في العقيدة التسديد إلى معرفة طريق التوحيد.
وفي الفقه المقتبس من علم مالك بن أنس.
وفي أصوله إحكام الفصول في أحكام الأصول.
وفي التفسير كتاباً لم يتمه.
وفي الحديث: المنتقى في شرح الموطأ.
وفي رجاله التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الصحيح.
وفي الزهد: السنن في الرقائق والزهد والمواعظ.
وفي علم الكلام السراج في علم الحجاج.
وفي الفرق فرق الفقهاء. وغيرها من الكتب.
شعره:
وفوق ذلك كله كان أبو الوليد شاعراً مجيداً، له النظم الرائق في المديح والوعظ والرقائق. يقول الفتح بن خاقان في قلائد العقيان (ص ٢١٦): وكان له نظم يوقفه على ذاته، ولا يصرفه في رفث القول وبذاذاته.
مُلحق
(صلاة الجماعة والفجر قرين الشجاعة والنصر)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي جعل وراثة الفردوس بأعمال، أولها الخشوع في الصلاة، وآخرها المحافظة عليها، كما في سورتي المؤمنون والمعارج، وقد توعد من أضاع الصلاة، واتبع الشهوات بأن سيلقون غياً، وهي أول الأسباب في جواب: ما سلككم في سقر؟، كما أن الويل المضاعف بانتظار من لا صدق ولا صلى، ولكن كذب وتولى.
الإخوة الأحباب:
لا يخفى عليكم شكوى المساجد، وأنين المحاريب، من الذين تلهيهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين، الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، فقلوبهم معلقة بالمساجد؛ عسى أن يكونوا ممن يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله؛ وليكون مثلهم كمثل من يغتسل بنهر أمام بابه في كل يوم خمس مرات؛ فإن حسنات الصلوات يذهبن السيئات والخطيئات، خاصة وأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله بالصلوات أكبر من النهي عن المنكر، فالذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، طوبى لهم، وحسن مآب، ومن المعلوم أنها فرضت في الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى في ليلة المعراج، لتكون معراجاً لأرواحنا في ضيافة ربنا تبارك وتعالى، وإن بيوته في الأرض المساجد، والكريم يحتفي بزائريه.
الإخوة الأحباب:
إن صلاة الجماعة في المسجد تعدل سبعاً وعشرين صلاة لمن أداهـا منفـرداً، ولا تضـاهيها صـلاة الجماعـة فـي أي مكان غيره، ومن يطيق أن يكرر كل صلاة سبعاً وعشرين مرة في وقتها المحدود، وحتـى لـو أطـاق ذلـك؛ فهـل يتســع لها الوقت؟!، ألا ترون أن ربنا تبارك وتعالى يبارك بصلاة الجماعة في المساجد فـي أعمارنـا، حتـى نلقـاه وكأننـا قـد أمضينا أعمارنا كلها لربنا سجداً وقياماً، فنضاهي بذلك الملائكة الذين يسبحون الليـل والنهـار لا يفترون، ويسبحون لـه بالليل والنهار وهم لا يسأمون؛ بل هم من خشيته مشفقون.
هذا فضلاً عما فيها من الانضباط خلف الإمام، واستقامة الصفوف، وتآلف القلوب التي هي عنوان السمع والطاعة للقادة في ميدان الجهاد، وهي من شروط الانتصار على أولياء الطاغوت، وحزب الشيطان، وإن في صلاة الجماعة في المساجد من الفضائل ما لا يعلمه إلا الله، وتضيق عنه مساحة هذه النصيحة، وحسبنا أن نعلم أنها فرضت حتى في الحرب فيما عرف بصلاة الخوف، وأن النبي ﷺ لم يرخص للأعمى الذي لا يجد قائداً في عدم إجابة النداء ما دام يسمعه.
الإخوة الكرام:
إن أهم ما نتواصى به في هذا المقام هو الهمة في صـلاة الفجر، وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، فقد جاء القسم بوقتها في سور الفجر، والتكوير، والمدثر؛ إذ أقسم سبحانه بالفجر وليال عشر، كما أقسم بالصبح إذا تنفس، وبالصبح إذا أسفر، وربنا العظيم لا يقسم إلا بعظيم؛ فكيف بطاعة مولانا الكريم في ذلك الوقت العظيم؟!! .
وقد أمر الله عز وجل بها صراحة في سورة الإسراء واصفاً إياها بقرآن الفجر؛ لاستحباب إطالة القراءة فيها، كما أمر بالصلاة لطلوع الشمس وقبل غروبها في سورتي (طه) و (ق)، وجاء الأمر بها مع صلاة العصر حين أمر بذكر الله والتسبيح بالغدو والآصال، وبالغداة والعشي، وبالعشي والإبكار، وبكرة وعشياً، وبكرة وأصيلاً، وطرفي النهار، وحين تمسون وحين تصبحون.
بل أمر بالحفاظ على سنة الفجر حين أمر بالتسبيح أدبار السجود، كما أمر بركعتي المغرب بالتسبيح إدبار النجوم.
وفي السنة النبوية المزيد من التحريض على صلاة الفجر، وخاصة في المسجد؛ فإن المشائين في الظلم إلى المساجد مبشرون بالنور التام يوم القيامة؛ وإن من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله، ولن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وإنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر، وإياكم أن تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، حتى تكونوا من الوجوه الناضـرة التي إلى ربها ناظرة.
وحسبكم أن ملائكة الحسنات والسيئات يتعاقبون فيكم، ويجتمعون في صلاتي العصر والفجر، فيكثر الشاهدون لكم بالطاعة والإيمان، فإنكم إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان.
وإياكم أن تكونوا ممن بال الشيطان في أذنيه، فلم يستيقظ لصلاة الفجر، فأصبح خبيث النفس كسلان؛ إذ لم يحل ثلاث عقد عقدها الشيطان على قفاه، ولا يحلها إلا ذكر الله، ثم الوضوء، والصلاة.
وعليكم أن تحتاطوا لذلك بالنوم المبكر وعدم السهر، مع الاقتصاد في الأكل، وبالأخص على مائدة العشاء، وتجنب العمل الشاق طيلة النهار، ومع استعمال الموقظات من الأجهزة النقالة والساعات، أو بتوصية الأهل والأصدقاء، ولو بالاتصال الهاتفي، فقد حكى ابن عمر رضي الله عنهما أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصـار، كانوا إذا فقدوا الرجل في صلاتي الفجر والعشاء أساؤوا به الظن؛ فإن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو علموا ما فيهما من الأجر والبركة لأتوهما ولو حبواً.
ماذا لو أعلن ثريٌّ مليٌّ غني كريم عن مكافأة مالية لمن يحضـر صلاة الفجر؟!؛ لربما لن ينام تلك الليلة مئات الأشخاص، أو الآلاف؛ فكيف بجنة عرضها السموات والأرض، لا تعلم نفس ما أخفي لهم فيها من قرة أعين؟!!.
إخواني الكرام:
إن النصر أرجى ما يكون بعد صلاة الفجر، فالمغيرات أغرن صبحاً، فأثرن به نقعا، ووسطن به جمعاً، وإذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، وقد غدا النبي ﷺ يوم أحد يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال، كما أن كثيراً ممن أهلكوا كان موعدهم الصبح، فأخذتهم الصيحة مصبحين، فأصبحوا في ديارهم جاثمين؛ فكيف نرجو النصر والتمكين، ونحن نتخلف عن وقته الثمين، وذلك أمارة الرقة في الدين، والجهاد يحتاج إلى ذوي الهمة في القمة من الأجناد الملتزمين بالشرعية والمنهاج.
وإذا كان أهل الدنيا قد تنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين، فإنهم أقسموا ليصـرمنها مصبحين، ولا يستثنون شيئاً للمساكين، فمن الأحق بالغدو مبكرين؛ من يريد الدنيا، أم من يريد الآخرة؟!؛
بل إننا نتطلع أن تكونوا من المستغفرين بالأسحار، أو ممكن كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وممن يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، فهم تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعاً، ويرتلون القرآن ترتيلا؛ لأن وراءهم يوماً تقيلاً، ولأنهم يخافون من ربهم يوماً عبوساً قمطريراً.
اللهم أعنا على صلاة الفجر على صلاة الجماعة؛ فإنها نعم البضاعة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق