أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 يوليو 2023

منقذ من الضلال والمفصح بالأحوال للإمام أبي حامد الغزالي (٤٥٠ -٥٠٥ هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

المنقذ من الضلال والمفصح بالأحوال

للإمام أبي حامد الغزالي

(٤٥٠ -٥٠٥ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد: هذا الكتاب هو خلاصة تجربة الإمام الغزالي فيما يتعلق بدرك حقائق الأمور، وسبر أسرار المعتقد، وفهم مقاصد الفرق، ويُسجل الكتاب التطور الفكري للغزالي، بدءاً من الدراسة المستفيضة، ثم إلى الشك العنيف الذي وضع الغزالي في حالة نفسية حرجة، وصولاً إلى اليقين الحاصل بالكشف والذوق والممارسة، وقد ألفه الغزالي بعد الخمسين من عمره، أي قبل موته بخمس سنوات.

 وقد تدرج في هذه الرحلة الفكرية من الإيمان بالمحسوسات، إلى الثقة بالعقليات، إلى السفسطة بواقع الحال لا في حقيقة المقال، ثم الخوض في الأذواق والأحوال، وسلوك طريق الزهد والتصوف، من خلال قراءاته في كتب القوم، والاطلاع على أقوال أئمتهم، إلى أن تم له التمييز بين العلم اليقيني الحاصل بمقتضى الفطرة الأصلية، وبين العقائد العارضة المكتسبة والموروثة، وتمثلت له هذه المكونات الحسية والذهنية والروحية حقائق لا شك فيها بحال.

ثم بين أن السالكون في طلب الحق من الناس، أربعة: الفلاسفة، والباطنية، والمتكلمون، والصوفية، وحاكم كل فرقةٍ إلى مُدّعاها، وقرر أنه سلك كل هذه الطرق، ليتبين صحة دعواها، مبتدئاً بالكلام، ثم الفلسفة، ثم الباطنية، ثم التصوف، ثم ذكر نفرته من ذلك كله، فبين مطالب الفلاسفة، وأقسام علومهم، وأن مجموع ما غلطوا فيه عشرين مسألة، كفروا في ثلاثة منها، وفسقوا في السبعة عشر الباقية.

ثم قيّد تجربته في السير إلى الله تعالى، بعد تجاذبات نفسية خاض غمارها ستة أشهر ببغداد، من سنة ٤٨٦ هـ، ترك بسببها التدريس، ولجأ إلى كهف العزلة، ثم نزع من بغداد سنة ٤٨٨ هـ، وأقام بالشام سنتين إلى سنة ٤٩٠ هـ، بعد أن كاد الهمُّ والغمُّ وحوادث الزمان تفتك به، فكان يختلي بمنارة دمشق، ثم انطلق إلى بيت المقدس، ثم زيارة قبر الخليل، ثم الذهاب إلى مكة للحج، وقصد المسجد النبوي الشريف، ثم عاد إلى الشام ودام على هذه الحال عشر سنين، ثم عاد إلى نيسابور ليستأنف التدريس فيها بعد انقطاعه عنه مدة طويلة، وذلك سنة ٤٩٩ هـ.

وقد أودت به هذه الحالة إلى أن سلك طريق الصوفية، وشرب من حياضه، بعد أن أجلاه من المعاني البدعية، وبيّن أنه لا يتم إلا بالعلم والعمل، غير أن لوثةً طفيفة لم تزل عالقة به، وهو في جملته جواب لسائل يطلب الحق فيما اختلف فيه الناس، من قضايا الاعتقاد والفرق، وقد حبَّره في سنيه الأخيرة، وبيّن فيه قضايا التوحيد.

ثم تطرق إلى حاجة الناس إلى النبوات، وأسباب ضعف إيمان الناس بها، وتحدث عن شفقة النبيّ صلى الله عليه وسلم على أمته.

وقد تطرق الغزالي في كتابه هذا إلى عدد من مؤلفاته، منها: ((تهافت الفلاسفة))، و((فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة))، في الرد على الفلاسفة. و((فضائح الباطنية)) المعروف ((بالمستظهري))، و((القسطاس المستقيم))، و((حجة الحق))، و((مفصل الخلاف))، في الرد على الباطنية. و((المقصد الأسنى))، و((عجائب القلب)) من إحياء علوم الدين، في بيان أحوال الصوفية، و((كيمياء السعادة)) في الرد على أهل الإباحة، 

ترجمة الإمام الغزالي

هو الإمامُ حجة الإسلام زين الدين، أبو حامد، محمد بن محمد بنُ محمد بن محمد الطوسيُّ الطَّابَرَانِيُّ، الشافعي، الغزالي.

ولد بطُوسَ سنةَ (٤٥٠ هـ)، وتوفي أبوه وهو صغير، وكانَ قد أوصى به وبأخيه أحمد إلى صديق له صوفي، فما لبث إلا يسيراً حتى ضاقَتْ ذاتُ بدِهِ؛ فأدخلَهُما المدرسة يتعلَّمانِ ويتقوتان.

قرأ الغزالي رضي الله عنه على الشيخ الإمام أحمد محمد الراذاكاني بطُوسَ، وسافر إلى جُرجان، فقراً على الشيخ الإمام أبي القاسم الإسماعيلي، وعلق عنه (التعليقة) 

ثم قدم نيسابور، ولازم الإمام أبا المعالي الجويني إمام الحرمين وتخرَّجَ بهِ، وعرض عليهِ باكورة مؤلفاته «المنخول» في أصول الفقه.

ولما توفي الجُوَيني خرج إلى المعسكر، وسمع به الوزير نظام الملكِ فقَدَّمَهُ في مجلسه، وحَظِيَ عندَهُ بالقبول، وبرعَ في المناظرة حتى ظهر اسمُهُ في الآفاقِ. فأُرسل إلى بغداد للتدريس في المدرسة النظامية بها سنة (٤٨٤ هـ).

وفي أثناء تدريسِهِ ببغدادَ تفرَّغَ للتأليف؛ فكثرَتْ مؤلفاتُهُ، وعلَتْ شهرتُه؛ حتى أضحى يُشار إليه بالبنانِ. 

ثمَّ جَاءَتْهُ السعادة الحقيقية؛ فسلك طريق الزهد والتأله، ووافق ذلك اعتزاله الناس وخرج من جميع ما كانَ فيهِ، وتركَهُ وراءَ ظهرهِ، وقصد بيتَ اللهِ الحرام، فخرج إلى الحج سنة (٤٨٨ هـ).

ثم دخل دمشقَ سنةَ (٤٨٩ هـ)، فأقام بها نحو عشر سنين، أخذَ نفسَهُ فيها بالرياضةِ، والمجاهدة والخلوة، وألَّفَ فيها كتابه النفيس (إحياء علومِ الدِّينِ).

ثم عاد إلى طُوسَ، فاستدعاه فخرُ الملك إلى نيسابور، فدرس بها في المدرسةِ النِّظَامية. ثم ترك التدريس، وعادَ إلى بيته موزّعاً وقتَهُ بين تلاوة القرآن، والتدريس والإفادة، والنصح والإرشادِ، إلى أن وافته المنية بطوس سنة (٥٠٥ هـ).

ترك الإمامُ الغزالي رضي الله عنه مؤلفات مشهورة لم يُسبق إليها، مَنْ تأَمَّلَها .. علم فضلَهُ وقَدْرَهُ في فنونِ العلم، وقد قيل: (أُحصيتْ كتب الغزالي التي صنفها، ووُزَعَتْ على عمرِهِ؛ فخصَّتْ كلَّ يومٍ أربع كراريس، وذلكَ فضلُ اللهِ يؤتِيهِ مَنْ يَشَاءُ). 

ومن هذهِ المؤلفاتِ النافعة: «إحياء علوم الدين»، و«الاقتصاد في الاعتقادِ»، و«مقاصد الفلاسفة»، و«بداية الهداية»، و«تهافت الفلاسفة»، و«المنقذ من الضلالِ» وهوَ كتابنا هذا، و«المنخول»، و«المستصفى»، و«البسيط » ، و«الوسيط» ، و«الوجيز»، و«الخلاصة»، و«الجام العوام ».

ثناءات أهل العلم في حقه : قال فيه شيخه الإمام الجويني : ( الغزالي بحر مغرق ) . وقال الحافظ ابن عساكر : ( كان إماماً في علم الفقه مذهباً وخلافاً ، وفي أصول الديانات ) . وقال الحافظ ابن النجار : ( إمام الفقهاء على الإطلاق ، ورباني الأمة باتفاق ، ومجتهد زمانه ) وقال الحافظ الذهبي : ( الشيخ الإمام البحر ، حجة الإسلام ، أعجوبة الزمان ) . وقال الإمام ابن السبكي : ( حجة الإسلام ، ومحجة الدين التي يتوصل بها إلى دار السلام، جامع شتات العلوم ، والمبرز في المنقول منها والمفهوم ) . رضي الله عنه ، واكرم مثواه ، ونفع بعلومه انه خیر مسؤول

ومن ثناءات أهل العلم في حقه : قال فيه شيخه الإمام الجويني : ( الغزالي بحر مغرق ) . وقال الحافظ ابن عساكر : ( كان إماماً في علم الفقه مذهباً وخلافاً ، وفي أصول الديانات ) . وقال الحافظ ابن النجار : ( إمام الفقهاء على الإطلاق ، ورباني الأمة باتفاق ، ومجتهد زمانه ) وقال الحافظ الذهبي : ( الشيخ الإمام البحر ، حجة الإسلام ، أعجوبة الزمان ) . وقال الإمام ابن السبكي : ( حجة الإسلام ، ومحجة الدين التي يتوصل بها إلى دار السلام، جامع شتات العلوم ، والمبرز في المنقول منها والمفهوم ) . رضي الله عنه ، واكرم مثواه ، ونفع بعلومه انه خیر مسؤول




السبت، 29 يوليو 2023

ثبت الإمام السفاريني الحنبلي وإجازته لطائفة من أعيان علماء عصره بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

ثبت الإمام السفاريني الحنبلي

وإجازته لطائفة من أعيان علماء عصره

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: الإسناد من خصائص هذه الأمة المرحومة، فهو الصراط الذي تستقيم به مشارع الشريعة، والمنار الذي تستجلى بها كل صورة البديعة، وهو الفخار الذي شغف به العلماء الفحول، والتراث الذي فاز به نواب الرسول، ولذا كان طلبه والسعي إليه والجد في تحصيله من خصال الكُمّل من هذه الأمة، وتطلبه من سمات الخُلّص من العلماء، والأولياء الأوفياء.

وهذا الثبت الشهير، للإمام الكبير، مُسند الشام في عصره، العلامة شمس الدين محمد بن أحمد السّفاريني الحنبلي، الذي جمع أكناف السيادة والريادة، في العلم والصلاح والعبادة، وحصَّل في الزمن اليسير ما لم يحصله غيره في الزمن الكثير، وكان إماماً ورعاً ديّناً كثير العبادة، صوّاماً قوّاماً، وقد وضعه جواباً لمن استجازه من دمشق، وهو العلامة شاكر العقاد..

وقد قام الشيخ ناصر بن علي العجمي بخدمة هذا الكتاب خدمةً جليلة، فذكر فيه رواية أكثر من (٣٠) ثلاثين شيخاً عن الإمام السفاريني، وإجازته لهم، وتأريخ هذه الإجازات، وما فيها من الفوائد والفرائد، ويروي السفاريني فيها عن (٥) خمسة من جلّة مشايخه، وهم عبد الغني النابلسي، وعبد القادر التغلبي، والبرهان الكوراني، وعبد الرحمن المخلد، وعبد الباقي الحنبلي.

وذكر العجمي إسناده إلى كتب السفاريني من طريق هؤلاء المشايخ الآخذين عنه، وقد استهل أول الكتاب بالرواية عن عبد الله بن عقيل، الذي روى معظم كتب السفاريني، ثم ذكر إسناد السفاريني إلى الكتب المشهورة والأجزاء المتشرة المنثورة في الحديث والعربية وغيرها.

يقول العلامة السفاريني: ((ولي اتصال بغالب كتب الإسلام؛ فليس كتاب متداول بين الناس إلا ولنـا بـه أسانيد نصل بها إليه، وذلك ضمن ثبت شيخ مشايخنا الشيخ عبد الباقي الأثري الحَنْبَلي والد أبي المواهب رحمه الله تعالى، وكذلك ضمن ثبت شيخنا الشيخ عبد القادر التغلبي رَوَّحَ اللَّهُ رُوحه، الذي خَرَّجَهُ له شيخنا الإمام العلامة الأثري شمس الدين محمد أبو المعالي الغَذّي العامري، قَدَّس الله روحه، وضمن أثبات شيخنا العارف عبد الغني المقدسي الشهير بالنابلسي قدس سره، وإجازاته المطولة، وإجازات شيخنا الشيخ عبد الرحمن المُجَلِّد المُعَمَّر الحنفي الدمشقي، وأثبات شيخ مشايخنا الشيخ العلامة برهان الدين إبراهيم بن حسن الكوراني؛ فإني أرويها بواسطة عدة من مشايخي، منهم بل من أجلهم: الشيخ عبد القادر التَّغلبي)). 

ترجمة الإمام السفاريني

وقد كان الإمام السفاريني متعدد المواهب في فنون العلم، وجمع بين الأمانة والفقه والديانة والصيانة، وفنون العلم والصدق، وحُسن السمت والخُلق، والتعبد وطول الصمت عما لا يعني، وكان محمود السيرة نافذ الكلمة، رفيع المنزلة عند الخاص والعام، سخي النفس كريماً بما يملك مهاباً معظماً، عليه أنوار العلم بادية.

وكان إماماً متقناً جليل القدر، وكان حسن التقرير والتحرير، لطيف الإشارة، بليغ العبارة حسن الجمع والتأليف، لطيف الترتيب والترصيف، زينة أهل عصره، ونقاوة أهل مصره، صوّاماً قواماً، ورده كل ليلة ستون ركعة.

وكان متين الديانة، لا تأخذه في الله لومة لائم، محباً للسلف وآثارهم، بحيث إنه إذا ذُكروا عنده لم يملك عينيه من البكاء. 

وقال العلامة المرادي رحمه الله: الشيخ الإمام، والحبر البحر التحرير الكامل الهمام، الأوحد العلامة، والعالم الفهامة. وقال أيضاً : وله الباع الطويل في علم التاريخ، وحفظ وقائع الملوك والأمراء، والعلماء والأدباء، وما وقع في الأزمان السالفة، وكان يحفظ من أشعار العرب العرباء والمولّدين شيئاً كثيراً. 

وقال تلميذه العلامة الزَّبيدي: شيخنا الإمام المحدث البارع الزاهد. وقال أيضاً: «شيخنا العلامة أبو عبد الله محمد بن الحنبلي الأثري، كتب إليَّ مروياته وأَجَازَني بها. 

وقال تلميذه الغَزّي العَامِرِي: شيخنا الشيخ الإمام، والحبر التحرير الكامل الهمام، الأوحد العلامة العامل الكامل المتفوق. 

وقال أيضاً: «أكمل المتأخرين، حُجَّة المُنَاظِرين، مُحَرِّرُ المذهب، مُنَقّح الفروع، الجامع بين المعقول والمنقول، مُخَرِّجُ الفروع على الأصول، مُطرّز أردية الفتاوى بحرير التحرير، ملبس هامات المباحث بتيجان التقرير سيد ،التحقيق وسند التدقيق». 

وهذا ما حدا بالكتاني أن يقول: الإمام، مُحدّث الشَّام، وأثريه مسند عصره؛ وشامته، ويظهر لي أنه عدَّ المترجم  أحد الحفاظ في القرن الثاني عشر، لأنه ممن جَمَعَ ، وصنف، وحرَّرَ، وخرَّجَ، وأُخِذَ عنه». 

هذا، وقد كان ممن سعى سعياً حثيثاً، وجد في طلب الإجازة من الإمام السفاريني، ونال بغيته منه جماعة من أعيان علماء عصره، وبعض مُحِبي علم الإسناد والإجازة، وهم: 

١-العلامة اللُّغوي الشهير محمد مرتضى الزَّبيدي، المتوفى سنة (١٢٠٥هـ). 

٢-المُحَدِّث الرحالة الجوال عبد القادر بن خليل كدك زاده الرومي، أحد من تولى الخطابة في المسجد النبوي في المدينة الشريفة، المتوفى سنة (١١٨٧هـ). 

٣-ومعه في طلب هذه الإجازة : 

• المُحَدِّث الشيخ صفي الدين محمد بن أحمد البخاري، المتوفى سنة (١٢٠٠هـ)

• الشيخ عبد الخالق المزجاجي، المتوفى سنة (١٢٠١هـ).

• مفتي الشافعية بزبيد سليمان بن يحيى الأهدل الزبيدي، المتوفى سنة (۱۱۹۷هـ). 

• عمر وعبيد الله ابنا خليل وهما شقيقا عبد القادر بن خليل، ومعهما ابن أخته الشيخ حمزة بن محمد بن عبد الله المدرس. 

• الشيخ محمد شاكر العقاد، أحد أعيان علماء الحنفية بدمشق، وشيخ ابن عابدين المتوفى سنة (١٢٢٢هـ).

• الشيخ محمد زيتون بن حسن بن هاشم النابلسي الحَنْبَا المتوفى سنة (١٢٢٨هـ). 

• الشيخ عثمان بن محمد الرُّحَيْباني الحَنْبَلِي. 

قال العلامة مرتضى الزَّبيدي في شأن إجازة السفاريني له: «كتبت إليه أستجيزه، فكتب إليّ إجازة حافلة في عدة كراريس، حشاها بالفوائد والغرائب، وكان وصول هذه الإجازة إليَّ في منتصف ربيع الثاني سنة ۱۱۷۹ فجزاه الله عني خير الجزاء». 

وأما بالنسبة لعبد القادر بن خليل؛ فإن الذي طلب له ولمن معه الإجازة فهو الزَّبيدي أيضاً، حيث قال بعـد الكــلام الـمـاضـي: وأرسلت إليه الاستدعاء باسم جماعة من الأصحاب منهم: عبد القادر بن خليل والسيد محمد البخاري، وجماعة من أهل زبيد، فاجتهد وحرَّرَ إجازةً حَسَنة حشاها بفوائد غريبة في كراريس. 

وقال الزبيدي حينما ترجم لعبد القادر بن خليل: واستجزت له من شيخنا محمد السَّفاريني، فكتب له إجازة طويلة في خمسة كراريس فيها فوائد. 

وأما بالنسبة للمُحدّث الصَّفي البخاري فيقول الزبيدي في أثناء ترجمته له: «ثُمَّ ذهب إلى نابلس واجتمع بشيخنا السفاريني فسمع عليه أشياء، وكنتُ قد استجزت لـه منـه سابقاً في استدعاء منه، فأجازه فيه، فأحبه شيخنا المشار إليه، ومدح وأثنى، لا سيما وكان المترجم قد أتقن معتقد الحنابلة، فكان يلقيه لهـم بـأحسن تقرير.

ومما ينبه عليه أنه حصل في كثير منها تكرار في سياق الأسانيد، على أنه يوجد في بعضها ما ليس في الآخر، كما أنها تبرز شخصية كل واحد منهم ومكانته. 

وأما بالنسبة للثبت، فلعل الداعي إلى إفراده من قبل الإمام السفاريني هو كثرة طلب الإجازة منه، وهذا ما يوضحه قول ابن عابدين حينما ساق إجازة السَّفاريني لشيخه شاكر العقاد: «وقد استجازه سيدي يعني العقاد ـ فأجازه، وأرسل إليه كراسة بخط رجل من تلامذته جعلها كالثبت له». 

وهناك أكثر من سبب في نشر هذا الثبت والإجازات فمن ذلك

• قلة الأثبات والإجازات الحَنْبَلِيَّة - بالنسبة لغيرها ـ فلعل في نشرها إكمالاً لما في هذا الباب.

• إحياء ما لهذا الإمام من آثار لمكانته العلمية، ونشر ما له صلة بمؤلفاته التي تعتبر من: فواكه الكتب. 

• حصول خلط كثير في بعض من يترجم له، فمنهم من يقول: إنَّ له أكثر من ثبت، ومنهم من يجعل إجازة عبد القادر بن خليل مثلاً إجازة لشاكر العقاد، ومنهم من يظن أنها هي الثبت، ومنهم من يذكر أن للزبيدي منه إجازتين، وهي في الحقيقة واحدة، والثانية استدعاء منه لعبد القادر بن خليل، وهذا ما جعلني أتتبع ما له من إجازات وأجمعها في موضع واحد.

الرواية عن السفاريني من طريق عبد الحي الكتاني في (فهرست الفهارس)

يروي الشيخ عبد الحي الكتاني:

١-عن الشيخ عبد الله السكري الدمشقي، عن سعيد الحلبي الدمشقي، عن محمد بن عثمان العقيلي الحلبي، عن خليل المرادي صاحب (سلك الدرر) عن محمد زيتون الحنبلي، عن السفاريني.

٢- وعن السكري، عن سعيد الحلبي، عن محمد شاكر العقاد، عن السفاريني.

٣-عن السيد حسين الحبشي الباعلوي المكي عن "أبيه والعلاّمة الصالح أحمد بن عبد الله بن عيدروس ومحمد بن ناصر الحازمي" ثلاثتهم عن الوجيه الأهدل.

(ح) ويرويه أيضاً عن القاضي حسين السبعي الأنصاري، عن "الحازمي والقاضي أبي العباس أحمد بن محمد بن علي الشوكاني وحسن بن عبد الباري الأهدل" ثلاثتهم: عن الوجيه الأهدل. ويروي القاضي حسين السبعي عن سليمان بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل، عن الوجيه الأهدل.

(ح) عن أبي الحسن علي بن ظاهر، ومحمد أمين رضوان المدني "كلاهما"، عن أحمد بن محمد المعافى الضحوي، عن الحافظ القاضي الحسن بن أحمد بن عبد الله عاكش، عن الوجيه الأهدل.

(ح) وعن محمد سعيد القعقاعي المكي، عن قاضي مخا محمد سعيد عن سليمان بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل، عن أبيه، عن جده الوجيه الأهدل.

(ح) وعن السيد حسين الحبشي والسيد علي بن محمد البطاح الأهدل الزبيدي كلاهما عن السيد عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن الوجيه الأهدل.

(ح) عن الشيخ خضر بن عثمان الرضوي الهندي عن الشيخ يس بن عمر الجبرتي عن الوجيه الأهدل.

(ح) عن السيد أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن العيدروس كتابة من الهند عن أبيه عن الوجيه الأهدل.

(ح) عن أبي الحسن علي بن محمد البطاح الأهدل، وهو عن العلاّمة سعيد بن عبد الله سهيل اليمني الزبيدي وأحمد بن محمد ناصر الزبيدي كلاهما عن الوجيه الأهدل عالياً.

(ح) ومسلسلاً بالأهدليين عن السيد علي ابن محمد الأهدل المذكور عن عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل عن أبيه عن الوجيه الأهدل.

وعن علي بن محمد الأهدل، عن علي بن أحمد المزجاجي الحنفي المتوفى سنة ١٣٠١ هـ، عن السيد عبد الباقي بن عبد الرحمن الأهدل عن أبيه الوجيه الأهدل.

(ح) ويرويه عالياً أيضاً عن المعمر السيد صافي بن عبد الرحمن الجفري بمكة، عن السيد محمد بن عبد الرحمن الأهدل عن أبيه الوجيه الأهدل.

ويروي الوجيه الأهدل عن عبد الخالق المزجاجي، عن السفاريني.

٤-بالأسانيد المتقدمة إلى السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل وإخوته ووالدهم السيد سليمان، عن عبد القادر بن خليل المعروف بكدك زاده، عن السفاريني.

(ح) السكري عن سعيد الحلبي عن شاكر العقاد عن مصطفى الرحمتي، عن عبد القادر خليل. وعن أبي النصر الخطيب عن أبيه عن الشمس  محمد بن مصطفى الرحمتي عن أبيه، عن عبد القادر بن خليل.

(ح) أحمد بن عثمان العطار عن محمد بن عبد العزيز الجعفري الهندي عن عبد الحق العثماني المكي المناوي عن عبد الله بن محمد بن إسماعيل الأمير، عن عبد القادر بن خليل المعروف بكدك زاده.

(ح) وعن عبد الله السكري بدمشق عن الشيخ سعيد الحلبي الدمشقي عن الشيخ إسماعيل المواهبي الحلبي عن عبد القادر خليل، عن السفاريني.

(ح) وعن الشيخ فالح الظاهري وغيره عن الشيخ محمد بن علي السنوسي المكي عن قاضي مكة عبد الحفيظ بن درويش العجيمي المكي، عن عبد القادر خليل، عن السفاريني.

(ح) وعن المعمر محمد نور الحسنين بن محمد حيدر الأنصاري الحيدرأبادي كتابة منها عن القاضي العجيمي بحق إجازته لأبيه وأولاده، عن الشيخ عبد القادر بن خليل زاده الرومي المدني،، عن السفاريني.

٥-  عن عبد الله السكري عن عمر الآمدي الديار بكري وعبد الرحمن الكزبري، كلاهما عن المرتضى الزبيدي، عن السفاريني.

(ح) وأخبرنا نصر الله الجيلي وسعيد الحبال كلاهما عن حامد العطار عن الزبيدي.

(ح) وأخبرنا السكري عن عبد اللطيف ابن حمزة، عن الزبيدي.

(ح) وأخبرنا الشهاب أحمد الجمل النهطيهي المصري عن محمد بن أحمد بن يوسف البهي الطندتائي، عن الزبيدي.

(ح) وأنبأنا الشيخ المسند نور الحسنين بن محمد حيدر الأنصاري الحيدرابادي كتابة من الهند عن شيخ والده قاضي مكة عبد الحفيظ العجيمي بإجازته لأبيه وأولاده، عن الزبيدي.

(ح) وأنبأنا أعلى من ذلك كله الشهاب أحمد بن صالح السويدي البغدادي، بإجازته لأبيه وأولاده، عن الزبيدي.

وأما تعداد ما للسفاريني من الجمعيات والمصنفات، فمنها: 

١-شرح ثلاثيات مسند سيّدنا الإمام أحمد، وتقدم ذكر اسمه. 

٢-كشف اللثام بِشَرْحِ عُمْدة الأحكامِ، مجلدان. 

٣- غذاء الألباب بشرح منظومة «الآداب»، مجلد ضخم. 

٤ - مختصر موضوعات ابن الجوزي، مجلد ضخم.

٥- معارج الأنوار في سيرة النبي المختار. 

٦- شرح نونية الصَّرْصَري، مجلدان. 

٧- تحبير الوفا بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، مجلد ضخم.

٨-البحور الزَّاخِرَةِ فِي عُلومِ الآخِرَةِ.

۹ - لوامع الأنوار البهية وسواطع الآثار الأثرية لشرح منظومتنا المُسَمَّاة بـ: الدُّرة المُضيّة في عِقْدِ الفرقة الأثرية، مجلد ضخم. 

۱۰ -لوائِحُ الأَنْوَارِ السَّنِيَّةِ، ولواقِحُ الأَفْكَارِ الدُّنْيَةِ في شَرْحِ منظومة الإمام الحافظ أبي بكر ابن أبي داود الحائية، مجلد. 

۱۱ - القَوْلُ العلي في شرح حديث سيّدنا الإمام علي، الذي أملاه على كميل بن زياد النخعي.

۱۲ - نتائج الأفكار لِشَرْحِ حَدِيثِ سَيْدِ الاستغفار. 

۱۳ - الجوابُ المُحَرَّرِ في الكشف عن حال الخضر والإسكندر. 

١٤ - عَرْف الزَّرْنَبِ في شأن سيدتنا بنت المصطفى صلى الله عليـه وسلّم زينب. 

١٥-الدرّ المُنَظَّم في فَضْلِ شَهْرِ اللَّهِ المُحَرَّمِ. 

١٦-إقامة الحُجَّةِ فِي حُكْمِ صيام يوم عرفة إذا غُـم هـلال ذي الحجة. 

۱۷- الملح الغرامية بشرح منظومة ابن فرح اللاميَّةِ.

١٩- قَرْعُ السَّيَاطِ فِي قَمْعِ أَهْلِ اللُّواط. 

٢٠- الذَّخائر في شَرْح مَنْظُومَةِ الكبائر الواقِعَةِ فِي مَثْنِ الإقناع لصاحبه.

٢١- التحقيق في بُطُلانِ التَّلْفِيقِ. 

٢٢-بغية النُّسَاكَ في فَضْلِ السَّواك. 

٢٣-اللمعة في فضل وخصائص يوم الجمعة. 

٢٤- رسالة في بيان الثلاثة والسبعين فرقة والكلام عليها. 

٢٥ تناضل العُمّال بشرح حديث فضائل الأعمال، وصلنا فيه في هذه الأيام إلى نحو ثلثي الكتاب في نحو أربعين کراساً، وقد أتمه قبل يموت، وبلغ سبعين كراساً.

 ٢٦-وشرعنا في: شرح دليل الطالب، ولم يكمل. 

٢٧-وفي كتاب سميناه: تعزية اللبيب بِأَحَبُّ الحبيب، ولم يكمل أيضاً. 

٢٨-وأما «الفتاوى التي كتبنا عليها الكراس وأقل وأكثرَ: فكثيرة، ولو جُمِعَت بلغت مجلدات. 

٢٩-ولنا من الأشعار في المراسلات والغزليات، والوعظيــات والمرثيات، شيء كثير.

ملحق (تتمات كتاب إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح)

للشيخ محمد بن عبد الله آل رشيد

(من  ص ٥٩٥ إلى ٦٦٢)

التتمة الأولى في التحذير من الرواية عن الجن والمعمرين

 ذكرت في مقدمة «الثبت» ص ٩ عدم اعتباري بإجازة المعمرين المجهولين، وقد شاع في كثير من كتب الأثبات الرواية عن الجن والمعمرين، واغترار كثير من محبي علوّ السند بالرواية عنهم والتساهل ذلك.

وقد استحسنت إيراد كلام نفيس للعلامة محمد بن الحسن الحجوي، وشيخنا العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمهما الله تعالى. قال العلامة الحجوي في ثبته «مختصر العروة الوثقى» ص٣٤ - ٣٧ : (إنَّ بعض من تساهلوا لَهُمْ أسانيدُ أعلى مما سَلَفَ، يَرْوُونها عن عبد الرحمن شمهروش قاضي الجن، يزعمون له صحبة، كما زَعَمُوها للمَدْعُو: رَتَن الهندي، الذي عُمّر طويلاً عُمراً غير معقول. 

فأقولُ: أما رَتنُ فقد كفانا إمامُ الفنّ الحافظ ابن حجر في «الإصابة» أَمْرَهُ، وبيَّنَ عُوارَ دَعْوَاهُ، أو مَنْ تخيله وادعاه، فهو من نوع الإِنْسِ الخَيالي. 

وأما شمهروش فهو أعرَقُ منه وأغرَقُ في الخيال، ولستُ أُنكِرُ وجود الجن ولا رؤيتهم، ولكن رأيتُ أمر هذا الشيخ مُتناقِضاً يَرُدُّ بعضه بعضاً، وذلك دليل على بُعدِهِ عن الحقيقة وقربه من الخيال. 

ففي «فهرست» الزَّيَّاني التي ذكر فيها شيوخ السلطان مولانا سُليمان، ونَظَمَ بعض أسانيده ذَكَرَ أنَّ شمهروش من جملة من رَوَى أبو عبد الله التَّاوْدِي بنُ سُوْدَة، وأنه صحابي، وَخَالَفَهُ الشيخ إبراهيمُ التَّادِلي الرِّبَاطي، في إجازته لزين العابدين بناني الرباطي سنة ۱۳۰۲ فذَكَر أنه يَروِي ثُلاثِيَّاتِ البخاري بثلاث وَسائِطَ فقط بينه وبين البخاري، وهم: 

۱ - مُحمَّدُ بن دح الزَّمُورِي، شيخ الطريقة المختارية. 

٢ ـ عن صاحب الذخيرة عُمر بن المكي بن المُعطِي بن الصالح. 

٣ - عن شمهروش عن البخاري ولم يجعله صحابياً. 

وذكر أنه أجاز به جميعَ مَنْ في الدنيا إذ ذاك، حرصاً على بقاء السند، وقد دَخَلْتُ في العموم، فيكونُ لي فِي الثَّلاثِيَاتِ ثَمَانُ وَسَائِطَ فقط. غَيْرَ أني لا أحفِلُ بذلك؛ ففي  «سلك الدُّرَر» للمُرادِي، في ترجمة أحمد بن علي المَنِيْنِي: أنَّ شمهروش توفي في سنة ۱۱۲٩، كما أخبر به عبد الغني النابلسي، فكيف يَروي عنه عُمَرُ بنُ المكي في القرن الثالث عشر، فقد ذَكَر التَّادِلي في إجازته لمحمد بن خليفة الأديب المدني، أنَّ عُمر بن المكي هذا كان يَنزِلُ عِندَ جَدِّهِ للام القاضي الحكماوي بالرباط، وأنَّه لَقِيَهُ بنَفْسِهِ. 

على أنَّ التَّادِلي أيضاً ذَكَر أن الشيخَ التَّاوِدِيَّ ابْنَ سُودة أَخبَر بموت شمهروش، ونادَى بذلك، وخَرَج بالنَّاسِ للمصلى، وصلى عليه صلاة الغائب من غير أن يَرَوْا جنازة، وأنَّ التَّادِلي أخبره بعضُ من حضر للصلاة عليه، نقل هذا عن التَّادِلي تلميذه الخاص سيدي المكي البَطَاوِرِي، وذَكَرَ أنه رآه بخطه في إجازته التي ناوَلَهُ إياها بيدِهِ سنة

١٣٠٤، ذكر ذلك في تأليفه إرشاد الهائم في معرفة ما يَحصُلُ من الغَلَط للنائم». وبتناقُضِ الرواياتِ يَسقُطُ المَرْوِي. وعلى كل حال : الإسنادُ الذي هو فَخْرُ الأمة الإسلامية، لا ينبغي فيه التساهل والاعتماد على الوهم، بل يَجِبُ التثبتُ كما كان سلفنا الصالح، وإنَّ الخيال خَبَال، والخيالُ يَغلِبُ الأَخْيَارَ، فيُوهِمُهُم سواد الليل بياض النهار !! وذكر صاحب الابتسام في دولة ابن هشام» أنَّ عُمر بن المكي هذا لما مات، وُجِدَ في تركتِهِ خَطُّ شمهروش هذا، ولا أدرِي مَنْ العَدْلُ الذي وَقَعَ على هذا الخط العجيب ومارسه حتى عرفه؟! . ولكنا نطرحها في سَلَّةِ خُرافاتِ المُعايَنَاتِ من الغريب، واللهِ إِنَّ أصحاب الحديث فلاسفة التحقيق والتنقيب، والتثبتِ والاحتياط، ولولا فلسفتهم ما وَصَلَتْنَا الشريعةُ إلا مُبَدَّلة، ولكنْ خَلَف بعدهم متأخرون تسامحوا وتساهلوا، فقَبِلُوا صُحبة شمهروش، وصحبة أبي سعيد الحَبَشي، ورَتَن الهندي وهم يسمعون أخبار النبي ﷺ بانخرام قَرْنِهِ بعدَ مِئَةِ سَنَةٍ في أصح الصحيح، فارتكبوا العظائم التي يُحاسِبُهم التاريخ عليها. هم وأعظَمُ فيما يَظْهَرُ : حُسنُ الظن بكل من انتسب للعلم، سبب أخذاً بقول الحنفية : المسلمون كلُّهم عُدُول (۱) . والشَّغَفُ بفكرةِ عُلُوّ

الإسناد، وإلفاتُ وجوه الناس نحو الدعوى والوَلَعُ بسند المعمرين القصير، كالإسنادِ الذي فيه بابا يوسف الهَرَوي الذي تَقَدَّم لنا أن بعضهم زَعَم أنه عُمر ثلاثمائة سنة ونيف، وذلك مُجازَفَةٌ وقِلَّهُ تَحَرّ. أضف إلى ذلك قضية رتن الهندي وشمهروش، والحَبَشي، ومحمد الطاهر بن عبد الله بن حمدان الأصبهاني الذي عُمر خمسمائة سنة، ومات سنة ۱۲۳٥ وأمثالها كلُّها لُمْعَةٌ وَسِخَة فِي وَجْنَةِ الفهارس والأثبات ممن أحسنوا الظنَّ بكلِّ قائل ولم يَتْبَعُوا السلف الصالح في التنقيب والاحتياط. ففي كُنَّاشَةِ» العلّامةِ الثَّبْتِ الحُجَّةِ سَيدي محمد التهامي بن رَحْمُون الفاسي، أنَّ حُسَينَ بنَ محمود القادري البغدادي الهَزَارِي زَادَه المُوسَاوِي، أثناء إجازة أجازه بها، قال: إنه تلاقى مع الحاج الحسن بن محمود بن صالح بن عبد الرحيم النسب نَجْل عبد القادر الجيلاني. 

قال: تلاقيت مع الشيخ المعمر خمسمائة سنة شمس الدين محمد الطاهر بن عبد الله حَمْدَانَ، بدارِهِ بأصفهان، في سنة ١٢٣٢، وأجازني كتابة ولفظاً، وُلِدَ في ٥ ربيع الأول سنة ٧٣١، بن ١٥ صفر سنة ١٢٣٥. وتوفي ١٨ محرم.

قال: تلاقيت مع المُعَمَّر ١٦٩ سنة شهاب الدين أحمد بن علي بن محمود، بدارِهِ بالمَوْصِل، المولود سنة ٥٨٢، والمتوفى في فاتح حجة سنة ٧٥١ - قال: إنه تلاقى مع المُعَمَّرِ ١٣٩ سنة شمس الدين محمد الطويل بن أبي الفتح الهروي، بداره بهراة، المولود سنة ٤٥٥، المتوفّى في ١٠ رمضان سنة ٥٩٤، وأجازني لفظاً وكتابة، - قال: إنه تلاقى مع محيي الدين عبد القادر الجيلاني المُعَمَّر ۹۰، المولود سنة ٤٧١، والمتوفى في ١٨ جمادى الثانية. وبعد هذا خَطُّ المُجِيزِ مُحُسَين، والمُجازِ ابنِ رَحْمُون، اللَّذَيْنِ حَسَّنا الظَّنَّ بهذِهِ الخُرافة !! 

وليس العجَبُ من اتفاقِ أَخْذِ مُعَمَّرٍ عن مَعَمَّرِين، ولكنَّ مُحُسَيناً لم يُعمَّر، فإنه ولد سنة ۱۱۹۹، وتوفي سنة ١٢٤٥ حسبما ذكر ابن رَحْمُون. وإنَّ بقاء المُعَمَّر ٥٠٠ سنة، هو الذي حكم على الخُرافَةِ حكماً صارماً لا يُستأنف. فيَجِبُ أن يُتَنبَّة لأمثال هذه الأقاصيص، فالتعمير ٥٠٠ سنة كان قبل الطوفان، ولم يثبت بعده. انتهى كلام الحجوي. 

وقال شيخنا عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله تعالى - في تعليقه على كتاب «ظفر الأماني»  ص ۲۷۲ - ۲۷۷ للإمام اللكنوي بعد أن أورد المسلسل بالمصافحة من طريق أبي سعيد الحَبَشي المُعَمَّر الصحابي، قال رحمه الله تعالى: (قد ذكر هذه المصافحة وسجلها بعض أصحاب الأثبات والمسلسلات والفهارس والمشيخات .. ولكن مُجلَّ هؤلاء يغلب عليهم حب الجمع والتكثُر، والفرح بالعلو الفاسد والإسناد العالي الساقط وقل فيهم من نبه إلى كذبها . وهذه المصافحة وحديثها ذُكِرَت من طريق (المعمر) الكذاب الذي زعم أنه صافح النبي ﷺ ! ومن طريق أبي سعيد الحبشي هذا، وهما كذابان من بابة واحدة . 

قال شيخنا العلامة المحدّث الدرّاكة الفقيه القاضي الشيخ عبد الحفيظ الفاسي الرِّبَاطي - رحمه الله تعالى - في كتابه العُجَاب «الآيات البينات...»، عند ذكره حديث «المصافحة المعمرية» ١: ۱۹۴ - ۱۹۹ ما مختصره المسلسل الثالثُ: بالمصافحة المُعَمَّرية. ذكر أصحاب الفهارس والمسلسلات رواية المصافحة من طريق المعمَّر أبي سعيد الحبشي، والخَضِر، وشمهروش - الجني المعمر - وعبد المؤمن الجني، وغيرهم. وإن أهل الحديث وإن كانوا ينكرون ما كان مثل هذا من المرويات، فقد جرت عادتهم بذكره على سبيل التبرك والتفنن في الرواية لا بقصد الاحتجاج.

 - قال عبد الفتاح: لا تبرُّك بمثل هذا الكذب المفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا طاعة ولا عبادة بكتابة هذه الأسطورة إلا على نية هتكها، ولا تفنن بتدوينها وتصنيفها، فالباطل لا يتفنن فيه وحيث إننا قد حصلت لنا رواية ذلك من عدة طرق، فلنذكرها تبعاً لهم، وجمعاً للنظائر مع التنبيه على ما فيها وبيان صحيحها من سقيمها، فنقول: صافَحَني أبو إسحاق الدباغ وعَمِّي أبو جِيْدَة وقالا: صافحني، فمن صافحني أو صافح من صافحني إلى يوم القيامة دخل الجنة، بسندهما إلى عبد الرحمن الأهدل قال : صافحني أبو إسحاق إبراهيم التازي صافحني صالح بن محمد بن موسى المغربي المعروف بالزواوي، صافحني الشريف محمد المكناسي بالإسكندرية، صافحني والدي عبد الرحمن المكناسي المعمَّر وعاش مئة وأربعين سنة، صافحني الشهاب أحمد بن عبد الغفار بن نوح القوصي، قال: صافحني المعمرُ أبو العباس أحمد الملثَّم قال : صافحني الصحابي الجليل مَعْمَر المُعَمَّر ، قال: صافحني رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: من صافَحَني أو صافَحَ من صافحني إلى يوم القيامة دخل الجنة، وهكذا قال كلُّ واحدٍ من الرواة إلى أن وصل إلينا، قالوا: وَصَافَحَ عبد الرحمن المكناسي سَمِيَّه عبد الرحمن الخطاب التونسي، وهو صافح الصقلي وهو صافح المعمر. 

والمعمَّرُ الذي تُروى هذه المصافحة عنه هو - مَعْمَر - بفتح الميم الأولى وتخفيف الثانية كما في أكثر الفهارس وفي بعضها مُعَمَّر بضم الأولى وتشديد الثانية، وهو الذي في «الإصابة» للحافظ ابن حجر: ٥٢٧ ، قال : وتردَّدَ الذهبي في ضبطه عندما ذكره في «الميزان» ٤: ١٥٦ - ولم يذكره في «تجريد الصحابة»، وهو على شرطه، فإنه أنظاره جماعةٌ.

ولفظه في الميزان»: مَعْمَر أَو مُعَمَّر - وقال . أي ابن حجر -: إنه ابن بُرَيْك بموحدة وكاف، مصغر. اهـ. ولا ذكر له في أسماء الصحابة ولم يَروِ عنه أحدٌ زمن الصحابة والتابعين، ولم يُعرف خبره إلَّا قريب المئةِ الخامسة، وهو كذاب أو لا وجود له، وإنما اختلق اسمه بعض الكذابين. الأمة، وبَقِيَ مقالته ولا يقال: إنه كان في محل بعيد عن جمهور منزوياً إلى أن عُمر ثم عُرِفَ بعد ذلك، لأنَّ احتمال ثبوت ذلك عقلا لا يُفيد مع ورود الشرع بنفيه، فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر في الأحاديث الصحيحة بانخرام قرنه بعد مئة سنة من يوم المشهورة. 

وكان آخرَ الصحابة موتاً مطلقاً أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، كما في «صحيح مسلم وغيره، وكانت وفاته سنة عشر ومئة من الهجرة، فمن ادعى الصحبة بعد ذلك فهو كذَّابٌ قطعاً، لأنه مخالف لظاهر الأحاديث الصحيحة التي لا تقبل التأويل. 

ولهذا لمَّا ظَهَر أمرُ المعمَّر أنكر أهل الحديث أمره، قال السخاوي: هو رجل مغربي ظهر قريب القرن السادس، وزعم أنه صحابي رأى النبي ﷺ ، وحادثَهُ، وأنه عُمر كذا وكذا، وهو باطل. ومُعَمَّرُ لا وجود له، والأكثَرُ من الأئمة الحفاظ بالغوا في تكذيبه والرد عليه، وأكثروا من التنبيه على ذلك في كتبهم، خشية أن يغتر به أحد من القاصرين . انتهى . قال الذهبي في «الميزان» عند ذكره رأيتُ ورقة فيها أحاديث سُئلت عن صحتها، فأجبت ببطلانها، وأنها كذب واضح، ثم قال بعد ذكرها : فهذا من نمط رَبَّن الهندي، فقبَّح الله من يكذب. انتهى. 

وقال الحافظ في «الإصابة» ۳ : ٥۲۷ - بعد ترجمة (المعمر بن بريك) في ترجمة ثانية -: «المُعَمَّر شخص اختلق اسمه بعضُ الكذابين». اهـ. 

وفي فتوى له: المُعَمَّرُ كذابٌ أو اختلقه كذاب آخر. 

وقال في «لسان الميزان ٦ : ٦٨: بعد كلام وقد وقع نحو هذا في المغرب فحدث شيخ يقال له أبو عبد الله محمد الصقلي، قال: صافحني شيخي أبو عبد الله مُعَمَّر، وذَكَر أنه صافح النبي ﷺ وأنه دعا له فقال له عمرك الله يا ،مُعمَّر، فعاش أربع مئة سنة. 

وأجاز لي محمد بن عبد الرحمان المكناسي من الثغر (يعني الإسكندرية) سنة بضعَ عَشَر وثمان مئة أنه صافح أباه، وأنَّ أباه صافح شيخاً يقال له : الشيخ علي الحَطَّاب بتونس. وذكر له أنه عاش مئة وثلاثة وثلاثين عاماً، وأنَّ الحطّاب صافح الصقلّي، وذكر أنه عاش مئة وستين سنة، فهذا كله لا يَفْرَحُ به مَنْ لَه عَقْل. انتهى. 

وقال في الإصابة عند ذكره: أخبرنا الكمال أبو البركات بن أبي زيد المكناسي إجازة مكاتبة، قال: صافحني والدي وقد عاش مئة، قال: صافحني الشيخ أبو الحسن علي الخطاب بالحاء المهملة بمدينة تونس، وعاش مئة وثلاثة وستين سنة، قال: صافحني أبو عبد الله الصقلي وعاش مئة سنة، قال: صافحني أبو عبد الله مُعَمَّر وكان عُمره أربع مئة سنة، قال: صافَحَني رسول الله ﷺ وَدَعا لي فقال : عمرك الله يا مُعَمَّر ثلاث مرات. ثم قال: وهذا من جنس رَبَّن، وقيس بن تميم، وأبي الخطاب، ومَكلَبة، ونُسْطُور. اهـ . 

وفي «الفتاوى» للسيوطي أنه سُئل عن حديث معمر ولقياه للنبي صلى الله عليه وآله وسلَّم يوم الخندق، فأجاب بأنَّ مُعَمَّراً كَذَّابٌ دجال، وأن حديثه باطل لا تحل روايته ولا التحدث به، ومن فَعَل ذلك دَخَل في قوله: من كَذَب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. 

ثم قال: رأيتُ فتوى للحافظ ابن حجر وفيها: لا يخلو طريق من طرق المعمر عن متوقف فيه حتى المعمر نفسه، فإنَّ من يَدَّعِي هذه الرتبة يتوقَّفُ على ثبوتِ العدالة، وثبوت ذلك عقلاً لا يُفيد مع ورود الشرع بنفيه. انتهى كلام شيخنا عبد الحفيظ. 

ثم قال شيخنا عبد الحفيظ في ١٩٩:١: «المسلسل الرابع: بالمصافحة الحبشية»، ثم بعد أن ساق الأسانيد إلى (أبي سعيد الحبشي المعمر)، وذكر أنه قال: «صافحني رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم»، قال شيخنا: وأبو سعيد الحبشي هذا، لا يُعرف في الصحابة، ولا ذكر له في الكتب المؤلفة فيهم؛ ولم يُعرف اسمه إلا في المئين المتأخرة. واحتمال عقلا وتعميره وعدم مخالطته للناس أو سكناه في محل بعيد فلم يشتهر، إلى أنْ عُرِف أخيراً: لا يُفيد مع ورود الشرع بنفيه، كما قدَّمنا عن الحافظ ابن حجر في (المعمر). انتهى كلام شيخنا عبد الحفيظ. 

وقال الشيخ محمد عبد الباقي الأيوبي، في آخر كلامه على حديث (المصافحة المعمَّرية)، في المناهل السلسلة ص٥١: قال الزين العراقي في «شرح ألفيته» ۳ : ۱۲ في معرفة الصحابة): «فيمن ادَّعَى لقاء النبي ﷺ: ولو ادعاه بعد مضي مئة سنة من حين وفاته فإنه لا يُقبل، وإن كانت قد ثبتت عدالته قبل ذلك، لقوله الله في الحديث الصحيح: أرأيتكم ليلتكم هذه، فإنه على رأس مئة سنة لا يبقى أحد ممن هو على ظهر الأرض. يريد انخرامَ ذلك القرن، قال ذلك في سنة وفاته . انتهى. 

وكذا تعرض لذلك الحافظ السخاوي في «فتح المغيث» ١٠٦:٣ في (معرفة الصحابة فقال: قال شيخنا الحافظ ابن حجر: ولهذه النكتة - أي المشار إليها في حديث انخرام القرن ـ لم يُصدِّق الأئمة أحداً ادعى الصحبة بعد الغاية المذكورة، وقد ادعاها جماعة فكذبوا، وكان آخرهم رَتَن الهندي، لأن الظاهر يكذِّبُهم في دعواهم. انتهى. 

ثم قال السخاوي في أواخر (معرفة الصحابة) ١٤٠:٣ ودعوى من ادعى الصحبة، أو ادعيت له بعد أبي الطفيل - وهم جبير بن الحارث، والربيع بن محمود المارديني، ورَتَنٌ، وسَرْباتك الهنديان، ومَعْمَر، ونُشطور، أو جعفر بن نُسطور الرومي، وبشر بن عُبيد الله، الذين كان آخرهم رتن، فإنه فيما قيل: مات سنة ٦٣٢ - باطلة». قال ابن الطيب في «ثَبَته الصغير: أضعَفُ المصافحات المروية ما هو من طريق (المعمر)، حتى إنَّ السخاوي أطال في ردها، ولَعَنَ راويها بغير بيان بطلانها». انتهى 

ثم قال الشيخ محمد عبد الباقي في آخر كلامه على حديث (المصافحة الحبشية ص ٥٥): قال ابن الطيب في "مسلسلاته" هي أغرب المصافحات وأوهاها وأكثرها جهلا من مبتدأ خبرها إلى منتهاها، فهي مع الجهل ،برجالها وعدم معرفة حالها: روائح الوضع من فواتح ألفاظها. انتهى. فائحة قلتُ ـ القائل الشيخ محمد عبد الباقي -: وأبو سعيد مدفون في كشمير من أرض الهند. انتهى كلام الشيخ محمد عبد الباقي. 

وقوله: إنه مدفون بالهند لا يُعوَّلُ عليه، لأن الرجل - إن صح وجوده - لم يُعرف، فكيف يُعرف قبره؟! ولا بد أن أشير هنا إلى أن عدداً من أصحاب الأثبات والمسلسلات، نقلت ممن عنهم وغيرهم ذهبوا إلى جواز كون (المُعمر) و(أبي سعيد الحبشي) و(رَتَن) و(شمهروش) الجنّي وأمثالهم: من الصحابة، وهو تجويز باطل لا يقوم على دليل صحيح، وعماده عندهم توسيع دائرة تحسين الظن وهو مرفوض هنا لقيام الدليل الصحيح على خلافه.

ورحم الله تعالى - شيخنا الإمام الكوثري ما أرعاه للحفاظ على من الدخيل عليها فقد أخذ العهد على كل مستجيز منه أن يتجنب مثل هذه المسلسلات وما يلتحق بها من الأخبار الباطلة والأساطير المختلقة، وقاية السنة؛ فقال في فاتحة «ثَبَته» المسمى «التحرير الوجيز» فيما يبتغيه المستجيز ص٤ من الطبعة الأولى، وص٧ من الطبعة الثانية المنشقة: أجزتُه أن يروي عني .... على أن يُراعي الشرط من التثبت والضبط في جميع يرويه عني، بدون أن يسوق شيئاً بطريقي عن الجان، وعن أظنَّاءِ المعمرين، وإن تساهل كثير من أصحاب الأثبات في هذا وذاك باسم التبرك، لكن لا بركة في عُلو السند بطرق فيها مغامز والله سبحانه نسألُ أن يقينا موارد الرَّدَى، ويهدينا أقوم الشبل» . 

وقد ألف ـ رحمه الله تعالى - كتاباً جمع فيه (المعمرين)، للتحذير من التورط في قبول روايتهم والفرح بها من بعض المتساهلين المتبركين وسماه : عَتْبُ المُغْترين بدجاجلة المعمرين». لم يطبع. وانظر ما علقته على المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» للعلامة علي القاري في بطلان المصافحات المسلسلة بالمعمرين) ص ٢٦٩ - ٢٧١. 

ومعذرةً من إطالة هذه التعليقة إلى هذا الطول، فقد أردت تجلية هذه المسألة الخطيرة، واستيفاء تبيين الحق ودعمه فيها، والله ولي التوفيق.

 وقال شيخنا - رحمه الله تعالى - أيضاً في تعليقاته «ظفر الأماني» ص٥٨١ في كلامه عن مخدوم جهانيان وادعاء صحبته للنبي ﷺ ما يلي: «في هذا الذي قاله المؤلّف توقُفٌ، فإن صُحبَةَ أحدٍ للنبي ﷺ إنما يُعرف بخبر صحيح أو قول صحابي آخر معلوم الصحبة، أو بقول عدل من التابعين أو تابعيهم أنه صحابي أو بدعواه هو إذا كان قبل هذه الدعوى معلوم العدالة، وجميع هذه الأمور مفقودة في جني بعينه، فإنه خفي مجهول العين والحالِ، فلا يقبلُ دعواه الصحبة، واللقاء والسماع والتعمير، ولا يُتصوّر أيضاً أن تثبت صحبته بقول الصحابة أو التابعين كما هو ظاهر ووجود الدليل على أن في الجنّ أصحاباً لا يكفي لإثبات صحبة جني بعينه كما لا يخفى. فقول المؤلف إن مخدوم جهانيان تابعي لأنه تَلْمَذَ على جني وفي هؤلاء الكاتبين من هم من شيوخ شيوخي الكبار رحمهم تعالى، وفيهم من هم من أصدقائي الأوِدَّاء ومُحِبي الفضلاء. 

فأنا أستميحهم العذر في بيان ما سبق به قلمهم وكبا به يراعُهم، وما أظنهم يغضبون بل يفرحون بذلك، فإن صداقتهم عندي غالية، وبيان الحق والصواب في التعبير عن شأن الله تعالى عندهم وعندي أغلى، ووقوف طالب العلم على خطأ يتجنبه، أغنم عنده جداً من وقوفه على فائدة جديدة لم يكن يعلمها، فإن الاستمرار على الخطأ أشدُّ عاباً من فوات معلومة لم يحصلها الإنسان. فرأيت أن أكتب هذا المقال، وأذكر تلك الأقوال، تحذيراً من الخطأ، وتبصيراً بالصواب، وأبين بإيجاز وجه خطر تلك التعبيرات شرعاً، ليزداد الأمر وضوحاً وتبصرة ومن الله سبحانه أستمد العون والسداد، والتوفيق والرشاد، وهو الهادي إلى السبيل القويم. وأقتصر هذا المقال على بيان عبارتين خاطئتين فقط: العبارة الأولى: لا يجوز أن يقال عن الله تعالى: أنه (قوة عليا) أو (قوة خفية) أو (قوة مدبّرة وأمثال هذا لأن (القوة) صفة لا تستقل بنفسها وإنما تقوم بغيرها مثل (العلم) و(الجلال) و(الإكرام) و(العِزَّةُ) فإن هذه الصفات لا تقوم بنفسها، وإنما تقوم بذات تتصف بها.

فإذا قلنا: (الله قوة اقتضى هذا التعبير الخاطئ أن الله تعالى - الذي يعبرون بتلك الصفة عنه - حال في غيره، وحاشا الله وتعالى علواً كبيراً؛ وهذا القول خطأ فاحش شديد، لو اعتقده معتقد لخرج من الإسلام بهذا الاعتقاد. ذلك عن وقد قال الله سبحانه في القرآن الكريم في وصفه نفسه جل شأنه و إنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ . سال : هو إن الله لقوى عزيز كه وقال : هو تبرك اسم ربك ذي الجلال والاكرام وقال : سبحان ربك رب الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ فأضاف سبحانه هذه الصفات إلى نفسه وذاته . وهذا وجه في المنع والوجه الثاني أن أسماء الله تعالى وصفاته سبحانه، لا تقال إلا بتوقيف من قبل رسوله ، فلا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام. فلا يجوز أن يسمى يسمى الله : :: مهندس (الكون بمعنى : خالق الكون ومبدعه، وهو - بلا شك - خالقه ومبدعه، ولا يجوز أن الله تعالى: (مبرمج المخلوقات أي منظمها ومسيرها، وهو - بلا قد نظم المخلوقات ضمن نظام بديع، وتناسق مطرد رفيع : ما تَرَى في خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَوت . ريب - فلا يوصف الله سبحانه إلا بما وَصَف به نفسه أو وصفه به رسوله . والعبارة الثانية : لا يجوز أن يقال في الله تعالى: (معصوم) أو له العصمة) أو (لا عصمة إلا الله ولرسوله ونحو هذه التعابير الخاطئة في جنب الله تعالى، فإن (العصمة) إنما يوصف بها من يمكن أن يتأتى منه الخطأ أو المخالفة لولا أنّ الله منَّ عليه بها فيما عصمه منه فالرسول الكريم الله ويوصف بأنه (معصوم) أو (له العصمة) لأنه في حقيقته بشر، يمكن أن يقع منه الخطأ أو المخالفة بمقتضى البشرية التي خلقه الله عليها، إلا أن الله سبحانه قد أحاطه بحفظه، وخصه بعنايته ووقايته، حفظاً ورعاية لذات النبي الكريم، وسلامة وصيانة الشرعه ودينه من الالتباس والاشتباه 

أنه صحابي: :لا یری لا زعم يبتني على أساس صحيح، ثم الفضل في التابعين إنما هو لقرب العهد بالنبي ﷺ، وإدراك قرن الصحابة الذي هو خيرُ القرون كلها، وأما أن أحد جنيّاً زعم له أنه صحابي ـ وهو يعرف عينه ولا حاله ـ بعد قرون متطاولة من عهد النبي ﷺ، فدعوى ثبوت فضل التابعية له لا يعضده عقل ولا نقل، فافهم ذلك فإنه مهم. انتهى كلام شيخنا رحمه الله تعالى.

التتمة الثانية - مقال لأستاذنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله تعالى

 بعنوان: «تعبيرات خاطئة في جنب الله تعالى»

مجلة الأمة، العدد ٥٣، السنة الخامسة ١٤٠٥ - ١٩٨٥

كثر في كلام أصناف من العلماء الكاتبين في عصرنا: فقهاء أو أصوليين، محدثين أو مفسرين أدباء أو مؤرخين، لغويين أو نحويين ... التساهل الفاحش في التعبير الممنوع شرعاً في جنب الله تعالى، فيعبر بعضهم عن الله تعالى بأنه (قُوَّةٌ عليا ...) أو أنه (قوة خفية ...) ويعبر بعضهم عن الله تعالى بأنه له العصمة وحده) أو بأنه (لا عصمة إلا لله ولرسله ...) وأشباه ذلك من التعابير الخاطئة الممنوعة في شأن الله سبحانه. 

وقد مَرَّ بي خلال مطالعاتي من هذا التعبير الخاطئ المحظور: الشيء الكثير، فهالتني كثرته وهالني أنه وقع من أناس كبار في العلم، ومن أناس ينظرون إلى أنفسهم أنهم معيار الحق والعلم الصحيح، ومن أناس يذكرون ذلك في كتب العقيدة في الله وصفاته سبحانه، وما يجوز في شأن الله وما لا يجوز ... ومن أناس يريدون التعظيم والتبجيل لله تعالى فيخطئون في تعبيرهم عن الله، ويقولون ما لا يجوز في جنبه سبحانه ولا يفيد التبجيل ولا التعظيم، بل يوهم النقص والتشبيه بالمخلوقات. 

حفظ الله تعالى لأنبيائه ورسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، من الخطأ والزلل فيما يبلغونه عن الله تعالى من الشريعة والأحكام، وحفظ ذواتهم وأشخاصهم من أن يميلوا إلى المخالفة والمعصية . . قال الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه «مفردات القرآن» في مادة (عصم): «عصمة الله تعالى الأنبياء: حفظه إياهم أولا بما خصهم به من صفاء الجوهر، ثم بما أَوْلاهم من الفضائل الجسمية والنفسية، ثم بالنصرة، وبتثبيت أقدامهم، ثم بإنزال السكينة عليهم، وبحفظ قلوبهم، وبالتوفيق، قال الله تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} انتهى . 

فقيل : هو وقال العلامة الشوكاني في إرشاد الفحول» في أصول الفقه ص۲۲، في مبحث (عصمة الأنبياء): واختلفوا في معنى العصمة، أن لا يُمَكِّن المعصوم من الإتيان بالمعصية، وقيل: هو أن يختص في نفسه أو بدنه بخاصية تقتضي امتناع إقدامه عليها، وقيل: إنها القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية، وقيل: إن الله منعهم منها بالطافه بهم، فصرف دواعيهم عنها، وقيل: إنها تهيئة العبد للموافقة مطلقاً، وذلك يرجع إلى خلق القدرة على كل طاعة انتهى . 

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره ٤ : ٣٣١) في سورة الإسراء عند الآية ٧٣ - ٧٤ في تفسير قوله تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أوحينا إليك لِنَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذا لَا تَخَدُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَن تَبَّيْنَكَ لَقَدْ كِدتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} ما يلي: يخبر الله تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه، وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه، بل هو وليه وحافظه، وناصره ومؤيده، ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين». انتهى.

ومن هذا يتبيَّن أن (العصمة) إنما تكون من الله لأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام، يعصمهم الله ويحفظهم من الوقوع في المعصية والذنب، ويقيهم الأذى والزلل، فالله تعالى هو العاصم، والمعصوم هم الرسل والأنبياء، والمعصوم منه هو ما لا يليق شرعاً بمكانة المعصوم. 

وبهذا يتضح لك أنَّ (العصمة) لا تقع على الله، وإنما تقع من الله على من عصمه من عباده وأن الله عاصم) وليس (بمعصوم)، فإذا قال قائل: (للَّهِ العصمة) أو (اللَّهُ المعصوم) أو (لا عصمة إلا الله)، فقد وصف الله بما لا يجوز وصفه به. 

ويقال لقائل هذه الألفاظ: (العصمة لله) وأمثالها: من يعصم سبحانه؟! ومم يعصم سبحانه؟! وما الذي كان يمكن أن يقع منه سبحانه حتى عُصم منه؟! 

ومن هذا الذي أسلفته تتجلى لك شناعة هذا التعبير، وفحش خطئه، وشدة محظوريته، وأنه لا يليق بالله تعالى، ولا يفيد تعظيماً له ولا تبجيلاً. 

ومأتى الخطأ واستساغته في العبارة الأولى والثانية - في أغلب من سأورد كلامهم - غفول الذهن عن ملاحظة مدلول اللفظ وما يلزم منه، والاسترسال مع ما طفا على ذهن الكاتب فاستحسنه واستجمله ولم ينتبه لما فيه من نبوة فاحشة عما يليق وصف الله تعالى به، ومأتاه في بعضهم: الجهل بشطط ما يعبر به في جنب الله عن جادة الشرع والأدب مع الله تعالى، فقال ما قال وهو يظن بنفسه أنه عبر بما فيه الإجلال الله ،والتعظيم والتنزيه والتكريم وكان الأمر بخلاف ما قال وأراد 

وبعد هذا البيان الموجز حول العبارتين السابقتين، أورد الأقوال التي وقعت شاذة عن الجادة نابية عن الصواب معزوة إلى مصادرها وقائليها، والله الموفق لا رَبَّ سواه. 

١ - جاء في كتاب في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى في الجزء (٦: ٣٨٠٤ - ٣٨٠٦) في (سورة النبأ)، قوله : وجعل الأرض مهاداً للحياة شاهد لا يمارى في شهادته بوجود العقل المدبر من وراء هذا الوجود الظاهر انتهى قوله، ولا يجوز إطلاق (العقل) على الله تعالى، فالعقل - وهو ملكة في النفس الإنسانية تستعد بها للعلوم والإدراكات - إنما يمنحه الله للإنسان، والإدراك يتكون من تجارب متعددة. فالله جل شأنه: منزّه عن الوصف بمثل هذا! وغفر الله لسيد قطب هذه الغلطة وأمثالها في كتبه. 

ثم قال: ... هنالك التأمل في القدرة المدبرة التي تجعل من ذكراً، وتجعل من نطفة أنثى، بدون مميّز ظاهر في هذه النطفة أو تلك، اللهم إلا إرادة القدرة الخالقة وتدبيرها الخفي، وتوجيهها اللطيف وإبداعها الخصائص التي تريدها هي لهذه النطفة أو تلك، لتخلق منهما زوجين تنمو بهما الحياة وترقى ... ، فهذا الشبات سر من أسرار القدرة الخالقة ... ، وخرج هذا وهذا من يد القدرة المبدعة المدبرة متسقاً أدق اتساق ...، ومن بعد هذه وتلك يد القدرة التي تودع الكون هذه المؤثرات». انتهى وهذه العبارات وأمثالها تكررت في كتاب في ظلال القرآن كثيراً كثيراً!!

 ٢ - وجاء في كتاب العقيدة في ضوء الكتاب والسنة» في الجزء الأول منه «العقيدة في الله للأستاذ عمر سليمان الأشقر، في الصفحة ١٠١، في أثناء الحديث عن (الخلايا) التي في الجسم، ما يلي:

٣ ـ وجاء في أول رسالة الكون يشهد بوجود الإله» للإمام علامة الهند محمد قاسم النانوتوي التي ترجمها عن الأوردية إلى العربية  الأستاذ بدر الحسن القاسمي ص ٢ - ٣ ما يلي: «... وراء هذا الكون قوة مدبرة، فهذا الكون الهائل الضخم.. كيف يمكن أن يوجد من غير أن تكون وراءه يد مدبرة وقوة عليا مسيطرة». انتهى! 

وهذه الرسالة مترجمة من الأوردية إلى العربية، وأرجح أن هذا التعبير من قلم المترجم لا من قلم مؤلف الرسالة فإنه معروف بالدقة والنباهة والإمامة في العلم لا تخفى عليه نكارة هذا التعبير! «العَدَدُ الأصلي» (للكروموسومات) في الخلايا، لا يمكن مطلقاً أن يكون نتيجة مصادفة عمياء، بل لا بد أن يكون نتيجة تخطيط دقيق من قوة عليا تعرف ماذا تفعل. 

ألا يكفي هذا وحده دليلاً على وجود قوة عليا مدبرة مقدرة حكيمة نقله الأستاذ عمر سليمان الأشقر عن الدكتور يوسف عز الدين وارتضاه وأقره على هذا التعبير في كتاب «العقيدة في الله».

 ٤ ـ وجاء في كتاب «الأخلاق» للأستاذ أحمد أمين صاحب كتاب «فجر الإسلام» و«ضحى الإسلام» و«ظهر الإسلام» في ص۹۹ من الطبعة الأولى أو الثانية وفي الطبعة الثالثة المطبوعة بمصر طبعت ثانية في بيروت سنة ١٩٦٩م، طبعتها دار الكتاب العربي.

جاء فيها في الصفحة ۱۸٥ تحت عنوان (أهم الواجبات الوطنية: الواجبات على الإنسان الله)، قوله: أيضاً، ثم علة وجوده في العالم قوة خفية تحركه وتدبر شؤونه، وهي وبقائه، هذه القوة هي الله رب العالمين لهذه القوة نحن مدينون بكل شيء لنا: بحياتنا وبصحتنا وبحواسنا وبكل ملاذ الحياة وصنوف النعيم». انتهى قول أحمد أمين!! وفيه بلايا ورزايا بعضها فوق بعض. 

٥-ـ وجاء في كتاب التزام التبرعات في الشريعة الإسلامية للأستاذ العلامة الكبير والفقيه النابه القدير الشيخ أحمد إبراهيم إبراهيم، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة فؤاد، المنشور مجزءاً في (مجلة القانون والاقتصاد) بمصر سنة ١٩٣٢ - ١٩٣٣م، في السنة الثانية في العدد الخامس ص ٦١٨، قوله - رحمه الله تعالى: « ... ولا وجود لهذا الحديث في كتب الحنفية والعصمة الله وحده ثم لرسله الكرام انتهى قوله! 

وما معنى كلمة (وحده) إذا قال بعدها: (ثم لرسله الكرام)؟! وإنما هو الذهول والغفلة.

٦ - وجاء في مقدمة الدكتور محمد حميد الله لكتابه «مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة» في مقدمة الطبعة الثانية، والموجودة مع الثالثة أيضاً، في ص٨ قوله: «فالإنسان مركب الخطأ والنسيان ولا كمال ولا عصمة إلا للعليم الرحمن انتهى قوله! وهذا الحصر في قوله: (ولا) عصمة إلا للعليم الرحمن) يفيد نفي العصمة عن الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو غير مراد له قطعاً . 

 ۷ ـ وجاء في آخر «القاموس المحيط» في الختام المصري كلمة للعلامة المحقق الشيخ مصطفى عناني، مصحح «القاموس المحيط» للفيروز آبادي، في طبعته التي طبعت سنة ١٣٣٢هـ بالقاهرة، ثم صوّر عنها في الطبعات الكثيرة التي تلتها، جاء في آخر الجزء ص٤٢٠، قوله رحمه الله تعالى : وقد عني المولعون بإحياء اللغة العربية بطبعه، بيد أن العصمة الله وحده فقد ندَّ عن حرصهم شيء وخفيت عليهم أشياء». انتهى قوله. ويلزم من قوله : (العصمة الله وحده) نفيها عن الرسل الكرام وهو لم يقصد ذلك بلا ريب.

٨- وجاء في خاتمة تعليق الأستاذ علي محمد البجاوي، على آخر الجزء الرابع من كتاب تبصير المنتبه وتحرير المشتبه» للحافظ ابن حجر العسقلاني، قول الأستاذ البجاوي: ونسأله تعالى أن يغفر لنا ما كان من زلل، فالعصمة الله وحده. انتهى قوله: ومعنى قوله: (فالعصمة الله وحده) يفيد سلبها عن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا يقصد ذلك.

٩ - وجاء في تعليق الأستاذ الدكتور محمد الأحمدي أبو النور أستاذ الحديث الشريف بجامعة الأزهر في كلية أصول الدين، على كتاب الديباج المذهب في معرفة علماء المذهب» لابن فرحون المالكي، قوله: «... لكن خطأ الناسخ لا يُبَرِّرُ خطأ النقل والعصمة الله وحده، انتهى ويلزم من قوله (والعصمة الله وحده) نفيها عن الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو لم يقصد ذلك.

١٠ ـ وجاء في آخر (المصحف المعلم) ص٥٥٢، المطبوع بالقاهرة ۱۳۹۱هـ بقلم طابعه محمود محمد عبد الرحمن. قوله في آخر كلمته التي هي بعنوان : رجاء) من مطابع دار المصحف): «. فالعصمة والكمال لله، وهو ولي التوفيق.

١١ ـ وجاء في «الموسوعة الفقهية التي أصدرتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت في الجزء الأول ص٧ من الطبعة الأولى، في مقدمة الوزارة للموسوعة ما يلي: «هذا، وإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لترحب بكل نقد بناء يرد إليها، وتعد أن يكون هذا النقد محل دراسة وتمحيص لأن العصمة الله وحده» انتهى! ثم عدلت العبارة في الطبعة الثانية لهذا الجزء إلى (لأنَّ الكمال لله وحده تبعاً لتنبيه من كاتب هذه السطور إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المذكورة.

١٢ - وجاء في مقدمة الجزء الرابع لكتاب تكملة المعاجم العربية الدوزي التي كتبها مترجمها إلى العربية الدكتور محمد سليم النعيمي العراقي، قوله: «... فإني أرجو ممن وقف فيه على خطأ أن ينبهني إليه، وأن يرشدني إلى موضع الصواب منه، فالعصمة الله وحده» انتهى ! وفيه من الخطأ ما سبق التنبيه إليه .

١٣ - وجاء في مقدمة الأستاذ وهبي سليمان غاوجي الألباني: (قرأت جميع التي كتبها للتفسير الذي يُدعى: من نسمات القرآن للأستاذ غسان حمدون، المطبوع بدمشق سنة ١٣٩٦هـ، قول الأستاذ وهبي: ما كتبه بين دفتي هذا الكتاب من التفسير، فرأيت ما كتبه . صدقاً وصواباً ... على قدر ما راجعت وفهمت، والعصمة الله وحده ولرسوله بحفظه سبحانه انتهى قوله وكيف ينسجم ويتسق قوله هنا: (لله وحده) مع قوله أيضاً (ولرسوله ؟! فما مدلول (وحده)؟ وإنما هو الذهول والغفلة التي لا يخلو منها الإنسان.

١٤ - وجاء في كتاب «أركان الإيمان» للأستاذ سلیمان غاوجي الألباني أيضاً، ص۲۹۸ قوله: «... ولكن العصمة لا تكون وهبي إلا الله تعالى ولرسله عليهم الصلاة والسلام انتهى

 ١٥ - وجاء في مجلة الدعوة المصرية في العدد ٥٦، صفر ١٤٠١هـ (ديسمبر) ۱۹۸۰م في الصفحة ٤٦ تحت عنوان (انتشار الاستبداد في العالم الإسلامي لماذا؟) جاء فيه ما يلي: يقول الدكتور محمد بلتاجي رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم: إن الاستبداد لا يمكن أن يقوم في ظل نظام إسلامي حقيقي، والسبب في ذلك أن الإسلام يسلب التشريع والعبادة من أي إنسان، كما أنه لا يعطي العصمة لأحد إلا لله ورسوله، وما عدا ذلك فكل إنسان يخطئ ويصيب انتهى قوله وفي إسناده وقوله: (إن الإسلام يُعطي الله العصمة) بشاعة ظاهرة!

١٦ - وجاء في مقدمة الأستاذ ناصر الألباني لكتاب «شرح عقيدة الطحاوي» في الطبعة الرابعة ص۲۷، قوله: «... لما سبق ذكره من أن العصمة الله وحده نفي العصمة عن الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام وهو لا يقصد ذلك.

١٧ - وجاء في مقدمة الأستاذ ناصر الألباني أيضاً، لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي في الصفحة (س) قوله في السطر الأول منها: «... تتابع النسخ على الخطأ، والعصمة الله وحده» انتهى! ويلزم من قوله هذا نفي العصمة عن الرسل الكرام، وهو لا يريده.

 ١٨ - وجاء في المقدمة نفسها والصفحة نفسها أيضاً في السطر ۱۸، قول الألباني أيضاً : فما كنت لأظن أن المؤلف . يتابعهم على ذلك، والعصمة الله» انتهى! -

 ١٩- وجاء في ختام كتاب «دراسات لأسلوب القرآن الكريم» للأستاذ الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة  رحمه الله في آخر القسم الثالث، في الجزء الرابع منه ص ٦٤٩ ، قوله : ولست أزعم أني لا أخطئ، فإن العصمة الله وحده» انتهى قوله ويلزم منه نفي العصمة عن الرسل الكرام، وهو لا يقصد ذلك. 

٢٠- وجاء في آخر كتاب بلوغ السُّول في مدخل علم الأصول» لشيخ شيوخي الإمام الأصولي المحقق شيخ شيوخ الأزهر محمد حسنين مخلوف - رحمه الله تعالى في ص۲۰۸، قوله: «... ومع ذلك فالعصمة الله ولرسوله ..» انتهى .

۲۱ - وجاء في مقدمة منال الطالب في شرح طوال الغرائب لابن الأثير المحدث، الذي حققه الأستاذ الدكتور محمود محمد الطناحي أيضاً ومهما يكن من أمر، فابن الأثير بشر. ...، وسبحان من تفرّد بالعصمة وتنزَّه عن النقصان انتهى ويلزم من قوله: (تفرد بالعصمة) انتفاء العصمة عن الرسل والأنبياء! وقوله ويلزم منه نفي العصمة عن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا يريده.

 ٢٢ - وجاء في المقدمة نفسها أيضاً في ص٢٩، قول الدكتور الطَّناحي، وطبعه مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي في كلية الشريعة بمكة المكرمة جاء فيها قول الدكتور الطناحي في الصفحة الخامسة : وقد أحسن محققا الكتاب... وإن فاتهما بعض الكلمات، والعصمة الله وحده انتهى قوله ويلزم منه نفي العصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا يريده. ! ٢٢ - وجاء في المقدمة نفسها أيضاً في ص٢٩، قول الدكتور الطناحي أيضاً: ومهما يكن من أمر، فابن الأثير بَشَر . ، وسبحان من تفرد بالعصمة وتنزَّه عن النقصان انتهى ويلزم من قوله: (تفرد بالعصمة) انتفاء العصمة عن الرسل والأنبياء! وهو لا يريد ذلك.

٢٣ - وجاء في كتاب أغاليط «المؤرخين» للدكتور محمد أبو اليسر عابدين مفتي الجمهورية السورية - رحمه الله تعالى، قوله في ص ٢٠٤ : «... ولكن قضى الله له - أي لسعيد بن جبير - بالشهادة، إعلاء لمكان وليه، ليكون عبرة للغير، وليبوء هذا الأمير - يعني الحجاج بن يوسف الثقفي - بإثمه، وهو متأول، والعصمة الله وحده». الطناحي، وطبعه مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي في كلية الشريعة بمكة المكرمة جاء فيها قول الدكتور الطناحي في الصفحة الخامسة : وقد أحسن محققا الكتاب ... وإن فاتهما بعض الكلمات، والعصمة الله وحده انتهى!

 ولدي عبارات أخرى من هذا النمط لعلماء آخرين! رأيت الاكتفاء بهذه الأمثلة عن إيراد عباراتهم خشية التطويل، وأرجو أن يكون في هذه النماذج التي أوردتها كفاية لإمساك الكاتبين عن هذه التعابير الخاطئة المحظورة شرعاً في جنب الله تعالى، والله ولي الهداية والتوفيق. انتهى مقال شيخنا - رحمه الله تعالى

التتمة الثالثة تصحيح الغلط في كتابة ونطق (المشايخ) بالهمزة

 كنتُ أشرت سابقاً إلى الخطأ الشائع في كتابة ونطق كلمة (المشائخ) بالهمز، وأنقل هنا كلام شيخنا - رحمه الله تعالى - فيما علقه على كتاب: «الرفع والتكميل». 

قال رحمه الله تعالى: (الاسم المفرد إذا مُجمع على وزن (مفاعل) وكان الحرفُ الثالث فيه أي في المفرد حَرْفَ مَدٌ .وهو الألفُ أو الواوُ أو الياء الساكنة تسبقه حركة من جنسه -، و مزيداً على أصل مادته في الواحد : وجَبَ إبداله همزةً في الجمع، نحو سَحابة وسحائب، وقلادة وقلائد، ورغوفة - الإنسان كثير الرُّعاف - ورعائف، وعجوز وعجائز، وصحيفة وصحائف، ونصيحة ونصائح. هو ودليل زيادة حرف المد في مفرداتِ هذه الجموع، أنَّ مادتها في الفعل خالية من حرف المد الذي الألف أو الواو أو الياء، فهي (سَحَبَ وقلد، ورعَفَ وعَجَز، وصَحَف ونَصَح)، فلما جاء حرفُ المد وهو الألف والواو والياء - ثالثاً، مزيداً، وجب إبداله همزة في الجمع كما تقدم. فيها 

وقد صاغ هذه القاعدةَ الإمامُ ابنُ مالك النحوي - رحمه الله تعالى، في «الألفية» ص ٤٦ - ٤٨ في (باب الإبدال) بقوله:

 والمد زيد ثالثاً في الواحدِ .. هَمْزاً يُرى فـي مـثـل كـالـقـلائـدِ 

أما إذا كان الحرفُ الثالث في المفرد غير حرف مد، فلا يُبدل في الجمع همزة، بل يبقى واواً مثل قشورة ـ هو الأسد - وقساور. 

وكذلك إذا كان الحرفُ الثالثُ في المفرد أصلياً من بنية الكلمة، ليس بزائد عليها، فلا يُبدل في الجمع همزة أيضاً، بل يبقى واواً في مثل مفازة ومفاوز وياءً في مثل مِصْيَدة ومصايد، ومعيشة ومعايش، ومكيدة ومكايد، ومَشْيَخَة - بفتح الميم وبكسرها جمع شيخ ـ ومشايخ - جمع الجمع، ومَعِيب ومعايب وأشباهها إلا فيما سُمِعَ بخلاف هذا منها، فيُحفَظُ ولا يُقاسُ عليه نحو منارة ومنائر، ومصيبة ومصائب، إذ الأصل فيهما : مَناوِر ومصاوب، وقد شمع النطق فيهما بهذا الأصل أيضاً. 

فهذه الجموع: مفاوز ومصايد ومعايش ومكايد ومشايخ ومعايب، وأمثالها، تُنطَقُ منها الواويَّةُ في أصلها مثل مفازة بالواو في جمعها، لأنها من (فاز يفوز)، فالواو من بنية الكلمة أصلية فيها، وتنطق منها اليائية في أصلها مثل مصايد ومعايش ومكايد ومشايخ ومعايب بالياء في جمعها، لأنها من صاد يصيد وعاش يعيش وكاد يكيد وشاخ يشيخ وعاب يعيب) فالياء فيها أصلية من بنية المفرد فيها. وعلى هذا: فلفظة (مكايد) و(مشايخ وأمثالهما لا تهمز أبداً، لأن الياء في مفردها أصلية وليست بزائدة. انتهى مستفاداً من شرح الأشموني على الألفية بحاشية الصَّبَّان ٢٨٨:٤ في (باب الإبدال)، وشرح ابن عقيل عليها أيضاً فيه ٢: ٥٥٠. ومعذرة من هذه الاستطرادة، فقد أوردتها تمكيناً للعارفين وإرشاداً للمستبصرين. 

ومن لطائف ما قلته لبعض العلماء في الهند حين زرتُها : إذا قيل لي: لماذا جئت إلى الهند؟ فالجواب جئت لأقول: لا تهمزوا (المشايخ)، فإن (همز) المشايخ لا يجوز). انتهى كلام شيخنا رحمه الله تعالى.

التتمة الرابعة شيوخ السيد محمد بدر الدين الحسني والرواية عنه 

تقدمت الإشارة سابقاً عند أسانيد الشيخ بدر الدين الحسني، وأحلت إلى هذه التتمة التي تتعلق بشيوخه والرواية عنه ونصوص إجازات الثلاثة: السقا، والعدوي، والخطيب للسيد محمد بدر الدين الحسني، مصوّرة بخطوطهم في خاتمة كتابي «محدث الشام العلامة السيد بدر الدين الحسني ص ٢٢٧. 

وأما ما ذكره السيد محمد عبد الحي الكتاني في «فِهْرِس الفهارس ١: ٥١٦ في ترجمة السيد محمد بن جعفر الكتاني، قال: الشيخ بدر الدين الدمشقي: لقيته بدمشق وحضرت درسه بالجامع الأموي يوم الجمعة ولم أسْتَجِزْه، لأني لم أجد عنده رواية عن غير البرهان السقا. انتهى.

قلت: في كلامه نظر، والذي أوقعه في هذا - فيما يظهر لي - أن السيد بدر الدين رحمه الله تعالى كان قد اقتصر في إجازته المطبوعة التي كان يُجيز بها على ذكر الشيخ إبراهيم السقا فقط، والسيد الكتاني رحمه الله تعالى حينما رثى السيد بدر الدين بالكلمة التي كتبها بناء على اقتراح المجمع العلمي العربي في دمشق - وهذا المقال لم ينشر.

وقد نشر قطعة منه الأستاذ رياض المالح في كتابه عن الشيخ بدر الدين ص۲۸۰، وقد نشرته كاملا في كتابي عن السيد بدر الدين ص٣٥ - ٥٠ جاء فيه: (فإن صحت إجازة الشيخ عبد القادر الخطيب له فيكون الشيخ حصل على ذخيرة عظمى بين أهل الرواية والإسناد، لأن المذكور روى عن طبقة عالية من أهل الحجاز ومصر والشام، وآخر من كان بقي من تلاميذه المُجازين منه مات من ثلاثين سنة، وهو ولده القاضي أبو النصر الخطيب رحمه الله تعالى، فيكون انفرد الأستاذ المترجم بالرواية عنه مدة ثلاثين سنة في الدنيا وهذا عجيب في عرف أهل الرواية والإسناد). انتهى. 

قلت: وجود إجازة عبد القادر الخطيب بخطه للسيد بدر الدين الحسني، كما سبق، لا يترك مجالاً للشك في حصول الإجازة له منه. 

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا ما ذكره شيخنا الشيخ إسماعيل عثمان زين المتوفى سنة ١٤١٤ رحمه الله تعالى في ثبته «صِلَةُ الخلف بأسانيد الشلف» :۷۰ ص أحمد المكتبي (وللشيخ بدر الدين إجازة خطيَّة لأهل عصره، ولمن يأتي من بعده، بواسطة تلميذه الأستاذ العلامة الشيخ يحيى الدمشقي الملازم للشيخ محمد بدر الدين أكثر من ستين سنة، أمره أن يجيز بتلك الإجازة كل من اجتمع به واستجازه نيابة عن الشيخ بدر الدين. 

وقد اجتمع به شيخنا العلامة المرحوم الشيخ حسن بن محمد المشاط، قال رحمه الله تعالى كان اجتماعنا بحضرة الأستاذ الشيخ أحمد المكتبي الدمشقي في داره وفي خَلْوَته بالدار الأشرفية، عام سبع وسبعين وثلاث مئة وألف، في شهر الأول، وأملانا الإجازة المذكورة، وهذا نصها انتهى. 

ثم أوردها كاملة وفيها روايته يحيى ربيع عن السقا فقط. 

وفي هذا الكلام الذي ذكره شيخنا إسماعيل عثمان الزين رحمه الله تعالى عدة وقفات:

الأولى: قوله إنَّ الشيخ يحيى أحمد المكتبي لازم الشيخ بدر الدين أكثر من ٦٠ سنة، فيه وهم ظاهر، فإنَّ الشيخ المكتبي إنما ولد سنة ١٢٩٤، كما في ترجمته في تاريخ علماء دمشق» ٧١٥:٢، نقلا عن محمد رياض المالح، أو سنة ١٣٠٤ كما في ترجمته في أعلام دمشق» ص۳۰۷ نقلًا عن ابنه الأستاذ محمود المكتبي، والسيد بدر الدين الحسني توفي سنة ١٣٥٤ قولاً واحداً، فيكون عمر الشيخ المكتبي عند وفاة السيد بدر الدين حسب الرواية الأولى وحسب الرواية الثانية ٥٠ سنة، وقد جاء في ترجمة المكتبي في تاريخ علماء دمشق» أنَّ حضوره عند الشيخ بدر الدين إنما كان بعد حفظه للقرآن الكريم، واشتغاله بالتجارة مع أن تردد إلى المشايخ الآخرين، وأنه ذهب إلى مجلس الشيخ بدر الدين أول ما ذهب راكباً فرساً، في قصة له طويلة. 

وهذا صريح بأنَّ التحاق المكتبي بالسيد بدر الدين لم يكن في صغره، حتى يوصف بأنه لازمه أكثر من ٦٠ سنة، حتى ولو لازمه من صغره لما أمكن له هذا كما تتبيَّنه بالنظر في مولد المكتبي ووفاة السيد بدر الدين رحمهما الله تعالى. 

الثانية: إن توكيل السيد بدر الدين للمكتبي بالإجازة نيابة عنه على قول من يرى ذلك - إنما يكون مقصوراً على حياته، وبعد موت السيد بدر الدين بطل التوكيل بلا خلاف، فلا يصح له أن أحداً نيابة عن الشيخ بدر الدين بناءً على التوكيل السابق، كما لا يخفى. 

الثالثة: أن الذين أجازهم المكتبي بتوكيل السيد بدر الدين عنه، يجيز بعد مماته، إن كان المكتبي أجازهم أيضاً أن يرووا عنه، فيروون عن السيد بدر الدين بواسطته، وإن لم يكن المكتبي أجازهم إلا نيابة عن السيد بدر الدين ففي هذه الحالة لا رواية لهم عن السيد بدر الدين ولا عن تلميذه المكتبي 

وعلى هذا فمن أراد أن يروي عن السيد بدر الدين بهذه الإجازة من المكتبي فينبغي له التنبيه عليها لأنَّ هذه الإجازة غير معتمدة عند المحدثين بعد وفاة السيد بدر الدين رحمه الله.

التتمة الخامسة تصحيح ما ورد في إجازة الكشميري لتلميذه الشيخ محمد بدر عالم 

  جاء في إجازة الشيخ الكشميري لتلميذه الشيخ محمد بدر عَالَم المطبوعة في فيض «الباري) ۱: ۷۸: قول الشيخ الكشميري : (قد أجازني السيد حسين جسر الطرابلسي الشامي صاحب «الرسالة الحميدية عام ثلاث وعشرين من المئة الحاضرة، عن والده، عن الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين صاحب رد المحتار» بإسناده المثبت في ثَبته، وعن السيد أحمد الطَّحْطَاوي مُحَشِّي «الدر» أيضاً) انتهى. 

وفي هذه الإجازة عدة ملاحظات: 

الأولى: الشيخ حسين الجسر لا يروي عن والده مباشرة، وإنما يروي عنه بواسطة تلميذه عبد القادر أبي رباح الدجاني اليافي، كما في إجازته للشيخ الكشميري المثبتة في فيض «الباري» ٢٩:١. وعدم رواية حسين الجسر عن أبيه لصغر سنه، حيث ولد في رمضان سنة ١٢٦١ كما في نزهة الفكر في مناقب محمد الجسر» ص٢٥، وتوفي والده الشيخ محمد في جمادى الأولى سنة ١٢٦٢ كما في «نزهة الفكر» أيضاً ص ۱۹۹. 

الثانية: الشيخ محمد الجسر» لم أر أحداً ذكر أنه يروي عن ابن عابدين، حتى ابنه في ترجمته التي أفردها وسماها «نزهة الفكر في مناقب محمد الجسر المطبوعة في ٢٤٦ صفحة، وقد استقصى في هذا الكتاب ما يتعلق بحياته وطلبه للعلم وشيوخه وما إلى ذلك. جميع الكتبي.

الثالثة: وكذلك لا يروي الشيخ محمد الجسر عن أحمد الطحطاوي، وإنما يروي عنه بواسطة شيخه محمد الكتبي وقد قال الشيخ حسين الجسر في نزهة الفكر ص٣٤: (الشيخ رحمه الله تعالى قد أجاز والدي بسند سيدنا ومولانا الشيخ محمد الأمير رحمه الله تعالى المحتوي على أسانيده وإجازاته من مشايخه بكتب الأحاديث الشريفة والمسلسلات، وأجازه أيضاً بسند سيدنا ومولانا الشيخ أحمد الطحطاوي المحتوي على أسانيده في فقه الإمام أبي حنيفة النعمان عليه الرحمة والرضوان، وعلى أسانيد جملة من فن الحديث، وقد كتب سيدنا الشيخ الكتبي رحمه الله تعالى صورة إجازته بالسندين المذكورين لوالدي على ظهر كل منهما، ممضاة بإمضائه، مختومة ،بختمه كما وجدت ذلك بين مكتبة والدي رحمه الله تعالى) انتهى. ثم ذكر نص الإجازتين. 

وقال السيد محمد يوسف البنوري - رحمه الله تعالى ـ في مقدمة فيض الباري ۱ : ۲۳ عند ذكر أسانيد الشيخ الكشميري: (الإسناد الثالث : يروي - أي الكشميري - رحمه الله تعالى - عن الشيخ حسين بن الشيخ محمد الجسر الطرابلسي الشامي صاحب «الرسالة الحميدية وغيرها، حصلت له الإجازة عنه سنة ١٣٢٣ بالمدينة المنورة، زادها الله كرامة وهو يروي عن الشيخ عبد القادر الدجاني اليافي عن والده الشيخ محمد الجسر، وشيخ والده محمد بن حسن الكتبي المتوفى سنة ۱۲۸٠، كلاهما عن الأمير أبي عبد الله محمد بن محمد المالكي المتوفى سنة ١٢٣٣، وعن الفقيه المحدث السيد أحمد الطَّحطاوي التُّوقادي الحنفي المتوفى سنة ۱۲۳۱)، وكذلك يروي عن الشيخ حسين الجسر بسنده إلى الشيخ محمد أمين المدعو بابن عابدين الشامي الحنفي المتوفى سنة ١٢٥٢.

وأسانيد الشيخ محمد الأمير في ثبته المعروف، وطبع بمصر سنة ١٣٤٥، وأسانيد السيد الطحطاوي في ثَبَته الخاص، ولم يطبع، وأسانيد الشيخ ابن عابدين في ثبته المعروف عقود اللآلي في «الأسانيد العوالي»، وقد طبع بمصر). انتهى. وفي كلام السيد البنوري - رحمه الله تعالى ـ هذا عدة ملاحظات أيضاً: 

الأولى: اسم والد محمد الكتبي (حسين) وليس (حسناً)، كما جاء ذلك في خاتمة رسالته وخاتمة إجازته كذلك لتلميذه محمد الجسر، كما في نزهة الفكر ص ٣٥. وكما جاء ذلك أيضاً في ترجمته وترجمة ابنه محمد وترجمة حفيده محمد مكي من كتاب «نشر النَّوْر والزَّهر» ۲: ٤۲۲، ٤٢٣، ٤٢٤، وكذلك في التحرير الوجيز» ص۹ للكوثري، وفي الدليل المشير ص... لأبي بكر الحبشي، وفي الدر النثير ص ١٤، ١٥ ، وإتحاف «الإخوان ص ٤٤ كلاهما لشيخنا الفاداني. 

وقد وقع هذا التصحيف كذلك من (حسين) إلى (حسن) عند السيد محمد عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس» ٤٨١:١، وأصلحه الشيخ الكوثري في الطبعة الأولى. 

الثانية: قوله (كلاهما) أي محمد الجسر ومحمد بن حسين الأمير الكبير وعن الطحطاوي خطأ، والصواب أن محمداً الجسر لا يروي عن الأمير الكبير ولا عن الطحطاوي، وإنما يروي عنهما بواسطة شيخه الكتبي، كما تقدم.

الثالثة: قوله عن ثبت ابن عابدين أنه طبع بمصر، والصواب أنه طبع بدمشق سنة ۱۳۰۲. وقد قمت بالعناية به ومقابلته على عدة نسخ خطية، يسر الله طبعه . الرابعة : قوله (وكذا يروي عن الشيخ حسين الجسر بسنده إلى الشيخ محمد أمين المدعو بابن عابدين قلت: الواسطة بينهما هو محمد علاء الدين ابن عابدين كما في الإجازات الفاخرة» ص٣، للشيخ عبد القادر شلبي رحمه الله تعالى

التتمة السادسة في كشف أخطاء وأوهام صالح الأركاني البورماني 

المولود سنة ١٣٦٤ والمتوفى في ١٥ رمضان ١٤١٨ عفا الله عنا وعنه وغفر الله لنا وله

أشرت تعليقاً ص۳۸۷ عند ذكر أسانيد العلامة الشيخ محمد شفيع - أن صالحاً الأركاني - رحمه الله تعالى - خرج له ثبتاً، سماه: «فتح السميع في ذكر أسانيد محمد شفيع ). فقد شحنه بالأخطاء. ونظراً لكثرتها وكثرة أخطائه في كتبه أوردها في هذه التتمة: 

فمن ذلك أنه قد خلط في كتابه المذكور فجعل من شيوخه أحمد إسماعيل البَرْزَنجي (ت ١٣٣٦) ، ومحمد بن سليمان حَسَب الله المكي (ت ١٣٣٥)، وعبد الجليل براده المدني (ت١٣٢٦)، وعثمان بن عبد السلام الداغستاني المدني الحنفي (ت١٣٢٥)، وخليل أحمد السهارنفوري (ت(١٣٤٦)، وعبد العلي بن نصيب علي الميرتهي الحنفي (ت١٣٤٧). 

والواقع أن هؤلاء ليسوا من شيوخ الشيخ محمد شفيع، وإنما هم من شيوخ شيخه حسين أحمد المدني، ولم يذكر الشيخ محمد شفيع في أسانيده أحداً منهم في الازدياد السني، المطبوع سنة (١٣٨٣)قبل وفاته بمدة، ولا في إجازته لتلميذه شيخنا العلامة الفقيه المفتي عاشق إلهي البرني ثم المدني - حفظه الله تعالى ـ وهي بتاريخ (۱۳۹۲)، وقد أوردها الشيخ عاشق في كتابه «العناقيد الغالية في الأسانيد العالية ص ٢٤٨. 

ولو كان هؤلاء المذكورون أو أحد منهم من شيوخه لما أغفل ذكرهم في أسانيده فإن هؤلاء أعلى إسناداً وأقدم وفاة وأكثر شهرةً في علم الإسناد والرواية من الذين ذكرهم عند ذكر أسانيده . هو والذي أوقع صالحاً الأركاني في هذا الخلط أنَّ الشيخ محمد شفيع أورد في الازدياد السني من ص ١٩ - ٢٣ نص ورقة الإجازة للشيخ حسين أحمد المدني، التي كان يُجيز فيها، وجاء فيها ذكر هؤلاء الشيوخ البَرْزَنْجِي فَمَنْ بعده قائلاً: أروي عن فلان وفلان. 

فظن الأركاني أن قائل (أروي) هو الشيخ محمد شفيع، في حين أن قائله هو الشيخ حسين أحمد المدني، مع أنَّ الشيخ محمد شفيع قد ذكر قبل أن يورد نص ورقة الإجازة في ص ۲۰ ما لفظه: (فنذكر ما ذكره هو ـ أي الشيخ حسين أحمد - بنفسه في ورقة أسانيده المطبوعة هذه). 

ثم ساقها الشيخ محمد شفيع. بلفظها، وهي وجاء هذا الكلام كله تحت العنوان المذكور في ص١٩ «سلسلة الزبرجد في أسانيد الشيخ حسين أحمد، ولم ينتبه الأركاني لشيء من ذلك، ولو أنه قرأ الازدياد السني على اليانع الجني» كله، وهو في ۳۸ صفحة بقطع صغير، بل لو قرأ الصفحة السابقة - مع جاءت فيها أسماء الشيوخ المذكورين - لما وقع في هذا الخطأ الصفحة التي الفاحش. 

وعلى هذا الخطأ الفاحش بنى الأركاني الكتاب كله فوقع في هذه الأخطاء، مع أن من أراد أن يكتب في موضوع ما عليه أن يتثبت ويتحرى الصواب، ويحقق الأمر ويدققه، لا سيما في فن الإسناد الذي لا مجال فيه للقياس والاجتهاد وتكثر فيه الأغلاط والأخلاط . والحقيقة أن كُتب صالح الأركاني الكثيرة، التي يكتب غالبها في جلسة واحدة كما يقول؟!! المطبوعة على الآلة الكاتبة، ويقوم بتوزيعها مليئة بالأخطاء والمغالطات، ويأخذ بعض ما جاء في كتب غيره وينسبه لنفسه !! 

ومن أوهامه: ما كتب به إلي الأخ الفاضل عمر ابن الشيخ موفق النشوقاتي الدمشقي، وهي بتاريخ غرة جمادى الأولى ١٤١٦ وهذا نص ما كتبه إلي : معجم شيوخه ـ أي كل ما أستطيع أن أسوقه لكم - بشأن - حال هذا الرجل هو ما يتعلق بالشيوخ الدمشقيين فقط، لأني قد خَبرتهم بحمد الله تعالى وعَرَفتُهم معرفة جيدة بحيث إذا ادعى أحد الرواية عنهم كاذباً انكشف لي أمره بسهولة، والحمد الله أني منذ أن أمسكت الأركاني - وقرأته تبيَّن لي أنَّ هذا الرجل قد نظر في كتاب «تاريخ علماء دمشق» للأستاذين محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، فنقل منه أسماء أكثر الشيوخ الذين عاصرهم من الدمشقيين، بحيث يمكن عادة أخذه عنهم، فجَعَلَهم من شيوخه كَذِباً وزوراً. 

ومن أدلتي على ذلك: أن جميع شيوخه الدمشقيين الذين ادعى الرواية عنهم مترجمون في تاريخ علماء دمشق بدون استثناء، أن الكتاب المذكور غير مستقص لعلماء الشام، فلو أنه كانت له رحلة إلى الشام أو مكاتبات أو اجتماعات معهم، لذكر ولو واحداً على الأقل من الذين لم يُترجموا في هذا الكتاب مع أنهم كثير فإني بحمد الله قد استدركتُ على هذا الكتاب أكثر من مئة ترجمة لعلماء دمشقيين.

ثم إنه لم يدع الرواية عن أحد تأخرت وفاته عن صدور الكتاب المذكور أو ممن هو على قيد الحياة من أهل الرواية والإسناد، لأنه لم يجد مرجعاً يضم تراجمهم فيما أحسب. كما هي، ثم إنه ينقل من الكتاب المذكور إلى معجمه اسم الشيخ واسم أبيه ووفاته نقلا مطابقاً من غير تغيير مع أنهما قد يخطئان ـ محمد مطيع ونزار أباظة - في بعض التراجم في الاسم والوفاة وغيرها فينقلها فلما وجدت هذه المطابقات تبيَّن أنه تعرف على هؤلاء الشيوخ من خلال هذا الكتاب. 

ومن أمثلة ذلك: أنه ادعى الرواية عن الشيخ عبد اللطيف بن أحمد بن علي، وذكر أنه توفي سنة ١٤٠٤ نقل هذا الاسم والتاريخ من تاريخ علماء دمشق، والتاريخ المذكور خطأ يقيناً، صوابه أنه توفي سنة ١٣٩٣، وهو عم والدتي، والتاريخ المذكور هو المثبت على شاهد قبره، والمحفوظ في أذهان رِجَال الأسرة. 

ووقع في الأمر نفسه حين ادعى الرواية عن الشيخ محمد السيد الدير خباني، وذكر أن تاريخ وفاته كانت ۱۳۹۰ كما في تاريخ علماء دمشق، وصواب التاريخ أنه توفي ۱۳۹۱ كما هو مُثْبَت على شاهد قبره في تربة الباب الصغير، وغير ذلك من الأدلة على اعتماده على الكتاب المذكور.

 وممن ادعى الرواية عنهم: 

۱ - جدي لأمي الشيخ سعيد بن أحمد بن علي الأحمر - رحمه الله تعالى ـ المتوفى سنة ١٤٠١ وهو رجل عالم صالح، ولكنه ليس من أهل الرواية، ووالدي قد عاشره خمساً وعشرين سنة فما سمعه يوماً يذكر الإجازة.

٢ - الشيخ عبد الكريم الرفاعي اجتمعت بولده الشيخ أسامة الرفاعي، فسألته : هل أجازكم والدكم؟ فقال : والدي لم يجزني ولم يجز أحداً، لأنه لم يفتح هذا الباب على نفسه طيلة عمره.

 ٣ - الشيخ حسن بن مرزوق حبنكة الميداني كان متشدّداً في الإجازة، ولم يكن يجيز إلا من قرأ عليه. 

٤ - الشيخ حسين بن رضا الخطاب شيخ القراء في الشام، سألت شيخنا عبد الرزاق الحلبي الذي جمع عليه القراءات: هل أجازكم الشيخ حسين في الرواية؟ فقال لي: لم تكن لديه إجازة في غير القراءات .

٥ - الشيخ لطفي الفيومي كان إذا جاء رجل يطلب الإجازة تمنع ورفض أن يجيز. ادعى الرواية عنهم وهو يظن أن أمره سوف يخفى وغيرهم كثر على الناس. 

ومهما تكن عند امرىء من خَليقَةٍ .. وإِنْ خَالَها تَخفى على الناسِ تُعْلَم 

وأكتفي بهذا القدر من ذكر حال هذا الرجل أصلحه الله وألهمه الصواب والسداد. انتهى ما كتبه إليَّ الشيخ عمر النشوقاتي.

التتمة السابعة تعطير الأنفاس بذكر سند ابن أُركماس 

سئل العلامة الكوثري - رحمه الله تعالى ـ عن ابن أُركماس، فكتب رسالة بعنوان: تعطير الأنفاس بذكر سند ابن أركماس» طبعت ضمن مجموعة سنة ١٣٦٩ بالقاهرة. 

ولنفاسة هذه الرسالة وندرتها وأهمية موضوعها أوردها كاملة في هذه التتمة: قال - رحمه الله تعالى: 

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد سألني عالم فاضل له اهتمام بضبط رجال الأسانيد في الروايات (هو عضد الدين هو العلامة المحدث الفقيه الشيخ إبراهيم الخُتَّني ثم المدني، تلميذ العلامة الكوثري، وقد صرّح باسمه الأستاذ أحمد خيري في ترجمته للكوثري ص ٤٢) عن ابن أُرْكُماس الوارد في طبقة الآخذين عن الحافظ ابن حجر، فأقول مستعيناً بالله جل جلاله: 

إنَّ (ابن أركماس) المذكور في عداد تلاميذ ابن حجر العسقلاني في أثبات بعض المشارقة والمغاربة من المتأخرين، محمد بن - أُركماس اليشبكي النظامي - نسبة إلى مربيه وخاله الآتي ذكره المولود سنة ٨٤٢ المترجم له في (۷ -۱۳۱) من «الضوء اللامع» للحافظ السخاوي، وفي طبقات الحنفية للتقي التميمي، وكانت وفاته سنة ٩٨٠ فيما ذكره أبو المعالي محمد بن عبد الرحمن الغزي العامري في كتابه «ديوان الإسلام المحفوظ تحت رقم ٢٥٤ (تاريخ) في الخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية.

وقد انفرد بالرواية عنه محمد حجازي ) الواعظ شارح «الجامع الصغير للسيوطي المترجم له في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبّي في ٤ - ١٧٥ منه، ويؤيد المحبي هناك أخذ ابن أركماس عن ابن حجر تعويلا على ترجمته في طبقات التميمي، ولا غُبار في أخذه عنه إلا أنَّ تعميره إلى سنة ٩٨٠ هو محل الاشتباه لانفراد حجازي الواعظ بهذا النبأ، وبهذا الإسناد، كما يقول أبو المعالي الغَزّي المذكور. 

والغَزِّي هذا هو صاحب الطائفُ المنة في آثار خدمة السنة» المذكور في «التحرير الوجيز فيكون ابن أزكماس ابن ثمان وثلاثين ومائة سنة عند وفاته على تقدير صحة التاريخ المذكور لوفاته في «ديوان الإسلام». 

وقد عوّل على هذا الإسناد عبد الباقي الحنبلي في رِيَاضِ الجنَّة في آثار خدمة السنَّة» المذكور في التحرير الوجيز» أيضاً حيث ساق أسانيده بطريق شيخه محمد حجازي الواعظ عن ابن أركماس، عن ابن حجر وللمغاربة خاصة شغف بِسَوْقِ الأسانيد بطريق (ابن أُركماس) هذا بإبدال السين شيئاً كما هو عادتهم في التعريب مثل قولهم في «تركس» و«أركس» «تركش» و«أركش». 

و«أركماس» في الأصل بضم الهمزة وسكون الراء والكاف، ولا استحالة في اجتماع الساكنين عند الترك والأعاجم، وهو بمعنى «لا يجفل» في الأصل، وهذا اللفظ نطقه «أوركمز» في اللهجة العثمانية الحديثة، هذا هو أصل هذا اللفظ في اللغة التركية، ثم جعل علماً، فتكسر الكاف عند التعريب تفادياً من اجتماع الساكنين .

 و(أُركماس) هذا من المماليك الجراكسة في عهد الظاهر برقوق، وهو صالح مُعَمَّر، صحب أكمل الدين البَابَرتي وغيره. ولما مات (أركماس) هذا سنة ٨٤٤ وترك ابنه محمداً، وهو ابن سنتين، تولى كفالته خاله نظام الدين محمد بن ألجيبغا الحنفي، مكافأة لأركماس الذي كان كفله عندما قتل الناصر فَرَج أباه ظلماً وعدواناً أسوة بما كان يفعله في مماليك أبيه ،برقوق فنشأ محمد بن أركماس نشأة طيبة، وتلقى العلوم عن شيوخ ذكرهم السخاوي، وجمع مجلدات قبل وفاة السخاوي وهو كان لطيف الذات كثير الأدب كما يقول السخاوي . 

وفي «قطف الثمر» ص ٧ رواية الشريف الولاتي عن ابن أركماس فلا يكون حجازي الواعظ منفرداً بالرواية عنه كما ظنّ أبو المعالي الغَزّي، لكن قلما يوثق بصاحب «قطف الثمر» في ذكره متابعات لرواة عن معمرين مجاهيل، وقد تلاعبت الأقلام في الأثبات في هذا الاسم، ففي ثَبَت الأمير الكبير ص ٨: «عن شيخه المعمر ابن أحمد الساكن بغيط العدة بمصر عن ابن حَجَر».

وفي «قطف الثمر»: «عن محمد بن خليل عرف بابن أركماش الحنفي عن ابن حجر»، وفي حصر الشارد» عن محمد بن محمد بن خليل المعروف بابن أُركماس الحنفي عن ابن حجر». وغير ذلك.

وقد روى عن الواعظ أبي عبد الرحمن محمد  بن أحمد بن محمد الشعراني المعروف بحجازي الواعظ محمد بن علاء الدين البابلي الحافظ كما روى عنه عبد الباقي الحنبلي كما سبق من غير أن يتهماه في روايته عن ابن أركماس المعمر، وبالنظر إلى تلاعب الأقلام  في اسمه لا يبعد أن يكون شيخ الواعظ هو الشيخ أحمد الجركسي المعمر ـ لا محمد بن أركماس - الذي يقول عنه الواعظ في فتوى له: «سمعت من أستاذي المؤرخ من ألحق الأصاغر بالأكابر شهاب الدين أحمد الجركسي» كما في أخبار الأول للإسحاقي ص ١٤٣ فتكون رواية الواعظ: «عن أحمد عن أبيه محمد بن أُركماس عن ابن حجر فيكون تاريخ ۹۸۰ تاريخاً لوفاة أحمد دون أبيه، ولعل أباه سابق الوفاة بأن توفي في حدود سنة ٩٢٠، ومن عاش ۱۳۸ سنة في غاية الندرة في تلك القرون، ولاسيما بين العلماء، رغم مزاعم الأظناء، فيكون النزول في السند أجود وأسلم من العلو بسند فيه مغامز، والله سبحانه ولي التوفيق والتسديد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

تحريراً بقلم الفقير إليه سبحانه محمد زاهد بن الحسن الكوثري عُفي عنهما 

في ٢٢ من ذي القعدة سنة ١٣٦٣، والحمد الله أولاً وآخراً

الاستدراك الأول 

فاتني أن أذكر الكتب التي قدّم لها شيخنا - رحمه الله تعالى -فأذكرها هنا لتلحق في موضعها في آخر المبحث الثاني، «آثاره»، ومنها:

-«فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد» للعلامة المحدث الشيخ فضل الله الجيلاني الهندي الحنفي - رحمه الله تعالى.

-«حياة الصحابة» للعلامة الداعية محمد يوسف الكاندهلوي - رحمه الله تعالى.

- «أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء رضي عنهم» للعلامة المحدث الشيخ محمد عوامة - حفظه الله تعالى

- «الباهر من حكم النبي له بالباطن والظاهر» للحافظ جلال الدين السيوطي بتحقيق الدكتور محمد خيري قيرباش. 

- «القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد» للفقيه الشيخ محمد بن عبد العظيم المكي الحنفي بتحقيق جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين. 

- «شرح شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر» للإمام العلامة علي القاري بتحقيق الأخوين محمد نزار تميم وهيثم نزار تميم. 

- «التيسير بشرح الجامع الصغير للإمام الحافظ عبد الرؤوف المناوي.

- «التيسير في حفظ الأسانيد» أسانيد صحيح البخاري للعالمة سمر العشا.

- «الموجز في علم أصول الفقه» للعلامة الشيخ عبيد الله الأسعدي. 

- «تكملة فتح الملهم في شرح صحيح مسلم» للعلامة الدكتور محمد تقي العثماني.

- «زجاجة المصابيح» للعلامة المحدث أبي الحسنات عبد الله بن  مظفر حسين الحيدر آبادي الحنفي. -

- «رسالة الألوان» للإمام ابن حزم ضمن «الذخيرة في المصنفات الصغيرة» تحقيق العلامة أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري. 

- «موطأ الإمام مالك- مع التعليق الممجد على موطأ محمد» للإمام عبد الحي اللكنوي بتعليق الدكتور تقي الدين الندوي.

الاستدراك الثاني تابع للفصل الأول: المبحث الثالث 

أسماء بعض المجازين من شيخنا رحمه الله تعالى

- العلامة الفقيه الداعية فضيلة الجليل الأستاذ محمد أمين سراج الحنفي. 

-العالم الفاضل الدكتور زهدي عادلو فيتش البوسنوي خريج جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأحد الدعاة في البوسنة.

-العلامة المحقق الأستاذ الدكتور عبد السلام الهراس.

-العلامة الفقيه الشيخ محمد أنور البدخشاني الأفغاني الحنفي الأستاذ بجامعة العلوم الإسلامية. 

- العالم الفاضل مراد بن عبد الله الملا. 

- العالم الفاضل رائد بن عبد الله الملا. 

- العلامة المحدث الشيخ محمد عبد الحليم بن عبد الرحيم النعماني الحنفي . 

- العلامة الجليل والسيد النبيل فضيلة الشيخ رشيد الحسن بن نجم الحسن بن نور الحسن بن صديق حسن خان الحسيني. 

- ابنه العالم الفاضل السيد طاهر بن رشيد الحسن الحسيني . 

- العالم الفاضل الحبيب (١) عمر بن سالم السقاف الباعلوي الحسيني. 

-العالم الفقيه الشيخ أحمد بن عبد الرحمن العثمان الأحسائي الشافعي. 

-فضيلة الشيخ عبد الحميد بن عبد الرحمن النعيم. 

-فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف النعيم. 

-فضيلة الشيخ محمد بن عبد العزيز الملحم. 

-العالم الفاضل الأستاذ عادل قُوْتَه. 

-الأستاذ الفاضل هيثم أسطه. 

- العالم الفاضل الدكتور أحمد بن فؤاد بن رشيد شميس الدمشقي.

-السيد سالم بن حسين بن محسن العطاس. 

- السيد أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المحضار. 

-أحمد بن بن محمد بن سالم الكاف.

- السيد عبد السيد حسين بن أبي بكر الفقيه العطاس. 

-السيد محمد بن علي بن مصطفى المحضار الباعلوي. 

-السيد أحمد بن صالح باهارون المحضار .

- السيد علي بن علوي بن هاشم الكاف.

- السيد أحمد بن صالح بن عبد الله الهدار .

- السيد حسن بن محمد بن جندان .

 - السيد حمزة بن طه السقاف. 

- السيد محمد بن أحمد بن عبد الله العطاس. 

- السيد محمد بن حسين بن حامد العطاس.

- السيد عمر بن عبد الرحمن باعبود. 

- السيد أحمد بن عمر بن حسين الكاف.

- السيد علي بن محمد بن أحمد العطاس. 

- السيد أحمد بن عمر بن أحمد الكاف. 

السيد عبد الله بن علوي العطاس. 

السيد محسن بن سالم بن محمد العطاس. 

السيد عبد الله بن محسن بن سالم العطاس. 

السيد حمزة بن محسن بن سالم العطاس. 

- السيد عبد الله بن عمر بن محمد الكاف. 

- السيد سالم بن عطاس الكاف

- الشيخ المفتي عبد السلام رئيس دار الإفتاء

- الشيخ عبد الرزاق لدهيانوي 

-الشيخ مفتي نظام الدين شامزئ شيخ الحديث في جامعة العلوم الإسلامية 

- الشيخ عبد القيوم مدير التعليم في الجامعة المذكورة

-الشيخ عبد السميع بن أمير الدين (رحمه الله تعالى)

-الشيخ محمد يوسف الدهيانوي أستاذ الحديث في «الجامعة المذكورة» 

- الشيخ محمد زیب منجور أستاذ الحديث في الجامعة المذكورة

- الشيخ مفتاح الله بن عبد الجليل أستاذ بالجامعة أستاذ بالجامعة

- الشيخ فضل محمد أستاذ بالجامعة 

- الشيخ المفتي عبد الرؤوف غزنوي أستاذ بالجامعة 

- الشيخ محمد ولی درویش أستاذ بالجامعة 

- الشيخ عبد المجيد دين بوري أستاذ بالجامعة 

-الشيخ عطاء الرحمن مشفق الرحمن أستاذ بالجامعة 

- الشيخ عبد الرؤوف هاليجوي أستاذ بالجامعة 

-الشيخ محمد قاسم محمد أكرم أستاذ بالجامعة 

-الشيخ إمداد الله بن رفيع الله أستاذ بالجامعة 

-الشيخ محمد شاهد محمد أمين أستاذ بالجامعة 

-الشيخ محمد عاصم زكي أستاذ بالجامعة 

-الشيخ إنعام الحق  أستاذ بالجامعة 

الشيخ سلطان الدين أستاذ بالجامعة

الشيخ محمد شفيق عارف أستاذ بالجامعة 

الشيخ محمد عبد القادر أستاذ بالجامعة 

الشيخ محمد فاروق أستاذ بالجامعة 

الشيخ برهان الدين بن سلطان أحمد أستاذ ومساعد مدير التعليم 

- الشيخ محمد عامر فيروز أحمد مدرس 

-الشيخ محمد عبد الله بن عبد القيوم مدرس 

-الشيخ عبد الرازق عيسى شتا مدرس 

-الشيخ المفتي أبو بكر سعيد الرحمن «نائب المفتي»

-الشيخ محمد عادل مدرس 

-الشيخ عمران عيسى مدرس

 -الشيخ نور الرحمن مدرس 

-الشيخ محمد يوسف أشرف مدرس 

-الشيخ نور الدين تيونسي مدرس 

- الشيخ سيد عنایت الله شاه مدرس 

-الشيخ محمد نعيم مدرس 

-الشيخ شكور أحمد بن عبد الحيء مدرس 

-الشيخ محمد زكريا مدرس 

- الشيخ عبد الهادي بن عبد القدوس مدرس 

-الشيخ شفيق الرحمن عطاء الرحمن مدرس 

- الشيخ محمد عبد الله عبد الرحمن مدرس

-الشيخ عبيد الرحمن بن سليم زار مدرس

-الشيخ محمد طيب بن عبد الرزاق مدرس

- الشيخ الطاف الرحمن مدرس

- العالم الفاضل الأستاذ محمد مجير بن محمد أبي الفرج الخطيب الدمشقي. 

-العلامة المحدث الشيخ محمد بن حسن الددو الموريتاني. 

-العالم المحقق البحاثة الشيخ محمد طلحة بن بلال أحمد منيار

استدراك في الرد على بعض ما كتبه الدكتور محمد بن لطفي الصباغ 

في مقدمة تحقيقه لرسالة أبي داود إلى أهل مكة، الطبعة الرابعة سنة ١٤١٧هـ !! 

تقدم في المبحث الثاني من الفصل الأول عند الكلام عن كتب شيخنا ـ رحمه الله تعالى وأثابه رضاه وجعل الجنة مأواه - والتي قمت بترتيبها والتعريف بها حسب تاريخ صدورها .

 فلم تقدم في ذلك المبحث ذكر الكتب التي صدرت بعد وفاته - رحمه ا الله تعالى - يراها مطبوعة، ولم تصل نسخها إلى المكتبات إلا بعد وفاته بنحو شهرين في أواخر عام ١٤١٧هـ. 

ومن هذه الكتب التي صدرت بعد وفاته: «ثلاث رسائل في علم مصطلح الحديث»، وفيها «رسالة الإمام أبي داود السجستاني إلى أهل مكة في وصف سننه». 

وقد نبه في مقدمة تحقيقه إلى طبعة الدكتور محمد لطفي الصباغ التي تهجم فيها على طبعة الكوثري ووصفه بالخيانة العلمية، وأنه تصرف في الرسالة تصرفًا أفسد المعنى، فناقشه في دعواه بما يراه حقا وصواباً، وبيَّن أن كلامه مجرد دعوى لا يعضدها دليل صحيح صدور طبعة الدكتور الصباغ الرابعة وتاريخ كتابة مقدمتها ونشرها: وعند تقدمتي هذا الكتاب للطباعة في بيروت في مستهل شهر شعبان عام ١٤١٩هـ ظهرت في المكتبات طبعة جديدة لرسالة أبي داود إلى أهل مكة، بتحقيق الدكتور الصباغ الدمشقي، إصدار المكتب الإسلامي ببيروت، كتب في صفحتها الثانية: الطبعة الرابعة ١٤١٧هـ - ١٩٩٧م ؟! 

وذكر في آخر مقدمته ص ٣٤ أنه كتبها في: (الرياض ٢٢ رجب ١٤١٧هـ ) ليوهم القراء أن طبعته وكتابة مقدمته التي ردَّ فيها على شيخنا ـ رحمه الله تعالى - كانت في حياته، قبل وفاته ـ رحمه الله - حيث توفي في سحر يوم الأحد 9 شوال ١٤١٧هـ ، فتكون كتابته لمقدمته بتاريخها المذكور قبل وفاة شيخنا - رحمه الله تعالى - بنحو شهرين ونصف ؟! 

والتاريخ الذي ذكره الدكتور الصباغ في مقدمته مدلس ومزوّر للأدلة الآتية: 

١ ـ أن «رسالة أبي داود لأهل مكة بتحقيق شيخنا - رحمه الله تعالى ـ لم تظهر في عالم المطبوعات إلا بعد وفاته بنحو شهرين في حين أن رد الصباغ كان قبل صدور الكتاب بنحو خمسة أشهر؟! وقد نقل فضيلة الأستاذ المحقق الشيخ محمد عوامة في مقدمته النفيسة على كتاب «السنن» لأبي داود، عن رسالة أبي داود من طبعة شيخنا - رحمه الله تعالى - ص٦ بقوله : «الطبعة التي صدرت بتحقيق شيخنا سنة ١٤١٧هـ، بعد وفاته رحمه الله تعالى بنحو شهرين» انتهى في حين ينقل الصباغ عنها قبل صدورها بخمسة أشهر؟!

 ٢ ـ ونقل الدكتور الصباغ في مقدمته أيضاً عن كتاب ( الانتقاء» لابن عبد البرص١٥، الذي حققه شيخنا - رحمه الله تعالى - وهو - كذلك من الكتب التي صدرت بعد وفاته رحمه الله تعالى. 

٣ ـ ولم يقتصر على النقل من كتبه التي صدرت بعد وفاته ـ رحمه الله تعالى ـ بل نقل ص ١٥ من ( الاثنينية ) من المجلد الحادي عشر، في الندوة التي كُرم فيها شيخنا - رحمه الله تعالى ـ وقد كان صدور هذا الكتاب أيضاً بعد وفاة شيخنا . وقد ذكره ا الدكتور الصباغ ضمن ) مراجع التحقيق والمقدمة ) وجعل التاريخ سنة ١٤١٤هـ (۱۹۹۳م) وهذا التاريخ المذكور لسنة التكريم لا لسنة النشر المذكورة في أول الكتاب بتاريخ ١٤١٧هـ 

٤- وحرصا مني على التثبت وعدم إلقاء الكلام على عواهنه رجعت إلـى قـائـمـة منشورات المكتب الإسلامي لعامي ١٤١٧هـ و ١٤١٨هـ فلم أجد إعلانا عن هذه الطبعة المنقحة المزيدة في ذلك التاريخ؟! ثم رجعت إلى قائمة مطبوعات المكتب الإسلامي سنة ١٤١٩هـ فوجدت الإعلان عن هذه الطبعة ص ٦٩ بقولهم : طبعة جديدة منقحة. 

والكذب في التاريخ تدليس وتزوير وإنَّ من أهم أوصاف المشتغل بالتحقيق - وخاصة علم الحديث النبوي - أن يتحرى الصدق والأمانة. وقد كشفت في كتابي هذا «إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح كثيراً من دعاوى السماع والإجازة عن طريق التحقق من التاريخ لاختبار صدق القائل وكذبه. 

وبعد أن أقمت الأدلة الواضحة الجليّة على عدم صحة التاريخ المزعوم في رسالته وكتابة مقدمته أتساءل: ما الذي دعا الدكتور الصباغ إلى هذا الصنيع؟ وهل هو من شيمة المحققين ... وأدع الجواب للدكتور.

سبابه وشتائمه التي تورط فيها: 

شحن الدكتور الصباغ مقدمته التي زعم أنه كتبها في حياة شيخنا ـ رحمه الله تعالى - بالسباب والشتائم وأسوق إلى القارىء نماذج من تلك الألفاظ التي جاد بها قلم الدكتور ووصف بها شيخنا - رحمه الله تعالى ـ بأنه: (هالك، متطاول مغرور، متعصب، أعماه التعصب، وأنه ليس من العلم الأصيل في شيء... ويُطلق العلماء على أمثاله أنه «مقمش»، وأنه كان ضعيفا في العلم، مداجيا، جبانًا، وأنه حاقد ،خاسر، متعالم، متشبع بما لم يُعط، يحرف الكلم عن مواضعه مغرم بنفخ الكتب للتكسب والتجارة، مغـرض متمحل، مغرض يتتبع العثرات ولا يريد الحق يلف ويدور، وأنه مسف مجانب لأدب الإسلام....). 

وأسأل الله عز وجل أن تكون هذه الكلمات من الحسنات الجارية التي قـدمـهـا الدكتور لشيخنا ـ رحمه الله تعالى - يوم يكون القصاص بالحسنات والسيئات . وهل يضر هذا الكلام بمقام شيخنا - رحمه الله تعالى ـ أو ينال من منزلته العلمية الرفيعة ؟ كيف وقد شهد له بالإمامة بالعلم والتحقيق والإتقان كبار علماء هذا العصر. وتقدم في مطلع هذا الكتاب ثناء طائفة من أعلام هذا الـعـصـر علـى اختلاف بلدانهم وتباين اتجاهاتهم. 

فمنهم العلامة فقيه العصر الشيخ مصطفى الزرقا حيث قال: « وقد عُرف في الأوساط العلمية بأنه محل الثقة التامة في كل ما يحقق ويمحص، وينقل ويستخلص . وأشهد أني - طوال هذا العهد المديد الذي عرفته منه ـ لم أجد عليه مأخذا يؤخذ عليه في تقواه وورعه وسلوكه وأدبه العلمي، ووفائه للصداقة والفضل وصدقه وأمانته ...، بل عرفت منه -في كل ذلك - أخلاق العلماء المخلصين المتواضعين، الذين يؤثرون رضا الله تعالى على كل المغريات، ويحاسبون أنفسهم . هذا إلى فكر علمي منفتح على زمانه ،ومقتضياته دون تعصب ولا غرور، مما جعله بحق من قادة الفكر الإسلامي في هذا العصر إلى جانب اختصاصه العلمي. 

وفي سبيل حرية فكره العلمي لقي كثيراً من الأذى والتجني عليه بالقول، فسكت ولم ينزل إلى ميدان المهاترات ... ». 

وقال العلامة الداعية الكبير السيد أبو الحسن الندوي عن شيخنا ـ رحمه الله تعالى -: «العالم الرباني المربي، تذكار علماء السلف في سمو الهمة، وعلو النظر، والتفنن في العلوم، والإتقان فيها، فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ...» ثم قال أيضاً : «علامة العصر، بقية السلف صاحب الفضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة. 

وقال مفتي الديار المصرية العلامة الشيخ حسنين مخلوف ـ رحمه الله تعالى ـ في تقريظه للطبعة الأولى من رسالة المسترشدين»: «إلى أخي وصديقي الأستاذ العلامة المحقق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة أدام الله توفيقه . توفيقه ... وبعد؛ فإني أحمد الله تعالى إليكم؛ إذ وفقكم لنشر «رسالة المسترشدين» للإمام المحاسبي، بتحقيقكم القيم الذي الممـتـم فـيـه بما ينبئ عن غزير علمكم ودقيق بحثكم، وازدانت به «الرسالة» رواء وجمالاً، وازدادت به نفعاً وكمالاً، فجزاكم الله خير الجزاء عن العلم وأهله ... ». 

وقال العلامة الفقيه الكبير الشيخ محمد أبو زهرة في رسالة أرسلها إلى شيخنا - رحمهما الله ، تعالى - (وبعد، فإنّ الأيام السعيدة التي قضيتها بصحبتك الطيبة الخالصة التي رأيت فيها إخلاص المتقين وظرف المؤمنين ... وإن هذه أيام لا أنسى ما بدا فيها منك من طبع سليم، ولطف مودة، وحسن صحبة). 

وقال العلامة الفقيه الكبير الأستاذ الشيخ صالح موسى شرف المالكي عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الدراسات العليا في جامعة الأزهر المتوفى عام ١٤٠٥هـ عن ٩٨ عاما في رسالة كتبها إلى شيخنا - رحمهما الله تعالى - : «وبعد؛ فإلى صاحب الفضل والفضيلة، العالم الجليل، الذي وهبه الله علما نافعاً، وقلباً خاشعاً، ونوراً ساطعا، وبشطة في العلم الإمام الجليل الشيخ عبد الفتاح أبو غدة . . . ». 

وحلاه قاضى المغرب ومسندها ومؤرخها العلامة عبد الحفيظ الفاسي المتوفى سنة ۱۳۸۳هـ بقوله : ( أجزت العالم العلامة الحافظ سيدي عبد الفتاح أبو غدة الحلبي حين وروده على الرباط ... »

 وحلاه العلامة الفقيه الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة مفتي تونس سابقا وأمين الفقه الإسلامي بحافظ السنة في رسالة أرسلها إليه فقال: «سماحة الشيخ مجمع العلامة حافظ السنة ...».

وحلاه العلامة المحدث الفقيه الأديب الشيخ محمد الشاذلي النيفر عـضــو رابطة العالم الإسلامي وشيخ العلماء في تونس المتوفى سنة ١٤١٨هـ في برقية تعزية بشيخنا - رحمهما الله تعالى - بقوله : إن نبأ نعي ا تعالى - بقوله: «إن نبأ نعي العلامة الإمام الفقيد العزيز الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وقع علينا كالصاعقة لما له من دين وفضل وعلم جم ... » . 

ولو ذهبت أستقصي ما قيل في شيخنا - رحمه الله تعالى - من توارد ثناء العلماء عليه، وإشادتهم بفضله وعلمه وتحقيقه في الرسائل الشخصية والإهداءات الخاصة لضاق المجال عن ذكرها، وفيما قدمته من تقاريظ كثيرة لكبار علماء العالم الإسلامي ما يغني عن إعادته هنا، وفيما سأكتبه عن شيخنا - رحمه الله تعالى ـ بعنوان : « العلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة بأقلام تلامذته وعارفيه» ما يقر عين المحبين، ويسر قلوب المؤمنين، بعون الله تعالى.

وما أجمل ما قاله الأستاذ عصام عطار الدمشقي في حق شيخنا وأصحابه في قصيدة طويلة مطلعها: 

إيه أبا زاهد ياقمةً شمخت.. بالعلم والفضل ياكنرا لمكتسب 

ونرجو من القارئ المنصف أن يقارن بين ما كتبه الدكتور الصباغ وبين ما أوردته من كلمات الثناء والتقدير والإنصاف ... وأسأل الله سبحانه أن يرزقنا كلمة الحق في الغضب والرضا. 

أسلوبه في مناقشة شيخنا رحمه الله تعالى: 

ومن العجيب أن الدكتور الصباغ لم يكتف بما ساقه من سباب وشتائم تقدم بعضها، بل لجأ إلى توجيه الخطاب لشيخنا - رحمه الله تعالى - مقرعًا وشاتما، حتى يوهم القارئ أنه كتب هذه المقدمة بهذه الألفاظ في حياة شيخنا - رحمه الله تعالى ـ 

وأسوق بعض هذه الخطابات وأرجو من القارئ أن يستحضر مع ما سأذكره هنا ما ما تقدم من ثناء جلة أهل العلم والفضل في عصرنا على شيخنا - رحمه الله تعالى - . 

قال الدكتور في ص ٥: ( وأنا أقول لهذا الهالك : سأورد لك ما قاله ... ) 

وص٧ : (إن التعصب أعماك يا أبا غدة حتى لم تعد قادراً على أن تفهم ما يقال) 

وص ٢١: (ولكنك تحرّف الكلم وتتمحل القول)

وص ۲۲ : (فكيف تسوغ لنفسك أن تستمر في التضليل)

وص۲۳: (وقد قرأتُ ما نقلت لك إن كنت تعقل» بل يصل بالدكتور الأمر أن يتهم شيخنا - رحمه الله تعالى - بتشكيك الناس في دينهم من أم أجل نقده تحامل الإمام ابن حبان - رحمه الله تعالى - على الإمام أبي حنيفة ـ رضي الله عنه).

فيقول ص ١٦ بالحرف الواحد : « ثم شككت الناس بدينهم ... ؟!!

- لقد رأيت الدكتور الصباغ يحضر مجالس العزاء في بيت شيخنا ـ رحمه الله تعالى ـ في ليلتين اثنتين مواسياً أبناءه وأصحابه وتلامذته بفقيدهم الكبير رحمه الله تعالى. 

وهنا أتساءل : هل يمكن لمن كتب هذه المقدمة قبل وفاة المردود عليه بشهرين ونصف وملاها بما ذكرت من الألفاظ النابية والكلمات الجارحة، أن يحضر معزياً ومواسيا وداعيًا له بالمغفرة والرحمة قياماً بواجب الأخوة الإيمانية. 

وهذا دليل آخر يضاف لما ذكرته من أدلة سابقة بعدم صحة ما ادعاه من تاريخ كتابة مقدمة رسالته ونشره للكتاب 

إقحام الكوثري للإثارة: 

قال الدكتور الصباغ في مقدمته ص ١٤: (وقد ثبت للمتأمل لكتابات أبي غدة أنه ملتزم خط الكوثري، متين آراءه، ولكنه عندما قدم للمملكة العربية السعودية، وفيها علماء ينكرون على الكوثري ... حاول أن يخفي حقيقة موقفه). 

أقول : كلام الدكتور مردود عليه من وجوه: 

۱ ـ أن شيخنا ـ رحمه الله تعالى - قدم هذه البلاد المباركة مكرمة الأضياف للتدريس فيها بناء على طلب مفتي الديار السعودية العلامة الفقيه الحجة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله تعالى ـ وذلك سنة ١٣٨٥ هـ مدرساً في " كلية الشريعة بالرياض. 

٢ ـ أنه استفاد من كتب شيخه سواء في تعليقاته في الكتب التي طبعها قبل أن يأتي إلى هذه البلاد، وبعد أن جاء ولك أن تنظر في: قائمة كتبه وتراجع طبعاته السابقة واللاحقة فهل حاول أن يخفي حقيقة موقفه. 

٣ ـ أنه قام بطباعة كتب شيخه - رحمهما الله تعالى - فطبع «فقه أهل العراق» سنة ۱۳۹۰هـ، كما قام كذلك بطباعة كتاب شيخه التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز سنة ١٤١٣هـ فأين المداهنة والمداجاة ؟ بل إنه عندما أعاد تحقيق «ثلاث رسائل» في مصطلح الحديث، أثبت فيها تعليقات شيخه على الرسائل الثلاث، وكذلك «الانتقاء» لابن عبد البر. 

٤ - وأما قول الدكتور: (وقد ثبت للمتأمل لكتابات أبي غدة أنه ملتزم خط الكوثري متين آراءه) فنرجو من الدكتور أن يثبت لنا هذه الدعوى العريضة، مع أنه ذكر الكثير مما ينتقد على الكوثري - رحمه الله تعالى - في مقدمته ص ٥ - ١٢ فهل ܂ شيخنا ـ رحمه الله تعالى - وافق الكوثري في تلك الأقوال المذكورة، أو نقلها في كتبه ؟!! على أن انتساب التلميذ الشيخ يقدره لا يعني تقديسه، ولا يعني موافقته بكل ما يقول. 

فهل يحق لي مثلاً أن ألزم الدكتور بأقوال أو آراء جميع شيوخه الذين يعتز بالانتساب إليهم ؟ أو التلاميذ الذين درسوا عليه على اختلاف مشاربهم العلمية وانتماءاتهم الحزبية ! ! 

هذه القضية التي يطنطن حولها الدكتور وغيره قد كشف أمرها شيخنا - رحمه الله تعالى ـ في رسالته « كلمات في كشف أباطيل وافتراءات » فقال تحت عنوان : إقحام الكوثري للإثارة: «أما إثارتهم عليَّ بأني تلميذ الكوثري، إلى آخر ما حاولوا به الإثارة والكيد لي، فأقول: نعم إني تلميذ الكوثري رحمه الله تعالى، كما أني تلميذ غيره من العلماء الكثيرين - رحمهم الله تعالى ـ فقد تلقيت العلم عن نحو مئة عالم والحمد الله، في بلدي حلب وفي غيرها من بلاد الشام ومكة المكرمة والمدينة المنورة ومصر والهند وباكستان والمغرب وغيرها، فلي من الشيوخ قرابة مئة شيخ، تلقيتُ عنهم، وأخذت منهم، وكل واحد منهم له مشربه ومذهبه وما التزمت قول أحد منهم لأنه شيخي وأستاذي، بل ألتزم ما أراه صواباً وأعتقده حقا أوراجحا، وقد أخطئ في ذلك أو أصيب كشأن كل طالب علم. 

فدعواهم أني ملتزم بكل ما يقوله الكوثري ... دعوى باطلة، يردها عليهم تعليقاتي ونقولي الكثيرة في كتبي والكتب التي خدمتها وحققتها، وهي في أيدي الناس، وفي أيدي أولئك الكائدين بوجه خاص، وقد تصفحوها مرات ومرات، ليجدوا فيها ثغرة ينفذون منها إلى الطعن بي والإساءة إليَّ فلم يجدوا مبتغاهم الذي يريدون، فرجعوا يدعون بأني ملتزم للكوثري بكل ما يقول ومئة في المئة، ويُقحمون هذا في كل مكان للإثارة .. 

وأقرب برهان لدفع افترائهم هذا: أني قد حشوت كتبي وتعليقاتي من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم رحمهما الله تعالى وخدمت بعض كتب الإمام ابن القيم بالنشر والتحقيق كما سلف ذكره، كما أني أثنيت عليهما ودافعت عنهما وذكرتهما على وجه الإجلال والتعظيم والإمامة في كتبي عشرات المرات، كما سلف بيانه بيانًا قاطعاً لا مرية فيه، وكان الشيخ الكوثري رحمه الله تعالى وغفر لنا وله يُجافي هذين الإمامين بحسب رأيه واجتهاده، فلو كنت ملتزماً له بكل ما يقول لجفوتُهما وتابعته في مشربه هذا نحوهما رحمهما الله تعالى، والواقع يثبت خلاف ذلك . وقد تلقيت عن أحد شيوخي الكبار في بلدنا حلب ـ رحمه الله تعالى ـ

وكان شيخي هذا يُحب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حباً لم أر عند أحد من علماء العصر مثله، ويتابعه في كل شيء، وكان يقول: «لو لم تكن النبوة مختومة لكان ابن تيمية نبياً». 

فلا بهذا أخذت ولا بذاك أخذت والحمد لله على ما رزقني من الاعتدال والإجلال للأئمة والعلماء، والاستفادة منهم والتأدب معهم. 

والحمد لله الذي وهبني ما أميز به بين المقبول والمردود، فأرتضي ما أراه ـ بحسب فهمي - مقبولاً ولو صدر من أقل الناس ، وأترك ما أراه بعيداً عن القبول ولو صدر من أكبر من الشيخ الكوثري من العلماء المشهورين، مع أني تابع مقلد والحمد الله على فضله، فلا يُتابع في كل شيء إلا عَصَبي أو غبي، ثم هم يعلمون من نحو ٢٥ سنة أني تلميذ الكوثري، فما معنى أني صرت تلميذه الآن!.

اتهامه لشيخنا رحمه الله تعالى أنه يقول: غير الحق !! قال الدكتور الصباغ في مقدمته ص ۱۳ متهماً شيخنا - رحمه الله تعالى ـ أنه يقول غير الحق في مرات عدة، وذكر مرة واحدة من هذه المرات أن شيخنا - رحمه الله تعالى - كان يريد نشر كتاب الأسرار المرفوعة للملا علي القاري الذي حققه، وأنه: «لم الآن، فتبين أنه كان يقول غير الحق » انتهى . 

قلت: سبحان الله !! وهل عدم نشر شيخنا - رحمه الله تعالى ـ لكتاب «الأسرار المرفوعة» حتى الآن لأنه كان يقول غير الحق ؟! وقد عُرف عن شيخنا - رحمه الله تعالى - الدقة والأناة والتثبت والمراجعة والتصحيح لكتبه . وكم من كتاب بقي عنده سنوات كثيرة، من أجل إصلاح لفظة أو تقويم.

وقد رأيت عنده ـ رحمه الله تعالى - كتباً مصفوفة جاهزة للطباعة مثل: (ترتيب أحاديث الأحياء) والجمع والترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب» وغيرها من الكتب التي مات دون أن يتحقق أمله في طباعتها. وقد سمعت منه ـ رحمه الله تعالى ـ أن أحد شيوخه كان يقول : يموت طالب العلم وفي قلبه مائة إن شاء الله. 

ثم يقول عن نفسه : وأنا أموت وفي نفسي ألف إن شاء الله . فرحم الله شيخنا وجزاه عن العلم وأهله خير الجزاء. على أن شيخنا ـ رحمه الله تعالى - قد قرأ كتاب «الأسرار المرفوعة» المطبوع سنة ۱۳۰۸هـ على شيخه محدث حلب ومؤرخها العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ وكتب بخطه على نسخته : بسم ا الله والحمد الله، وبعد : فقد سمعت جميع هذا الكتاب من محدث الديار الحلبية ومؤرّخها البحاثة الجليل الأستاذ الشيخ محمد راغب الطباخ بقراءته، وبيدي هذه النسخة مع نسخة خطية هي له وهو بيده نسخة مطبوعة. وقد صححنا ما فيه من الأغلاط أثناء قراءته . وكان ابتداء ذلك ضحوة يوم السبت ٢٧ من شعبان سنة ١٣٦٢هـ أمام باب منارة المدرسة الحُسرُويَّة.

وكتب عبد الفتاح بن محمد أبو غدة الحلبي غفر الله له . آمين. 

وكتب العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ تحت ذلك بخطه: نعم الأمر كذلك . كتبه خادم السنة النبوية بحلب محمد راغب الطباخ الحلبي عفي عنه . على أن الدكتور الصباغ قد أعلن في كثير من كتبه عن كتب تحت الطبع منذ سنوات، ولم تصدر حتى الآن. فمن ذلك مثلاً إعلانه في آخر كتابه «الحديث النبوي» المطبوع سنة ١٤٠٢هـ، تحت عنوان: من آثار المؤلف التي تحت الطبع: كتاب تهذيب الجلالين، وترتيب المغني والفقه الإسلامي في أجزاء، وغيرها من الكتب التي ادعى أنها تحت الطبع منذ سبعة عشر عاماً. 

فهل يجوز لأحد أن يتطاول مثلاً على الدكتور ويقول عنه : أنه يقول غير الحق لأن كثيراً من كتبه لم تصدر حتى الآن اتهامه لشيخنا رحمه الله تعالى بضعف العلم والجبن والمجاملة والمداهنة والارتزاق قال الدكتور الصباغ ص ١٤: «أما أبو غدة فقد كان ضعيفا في العلم، مداجباً يجامل من يعيش بينهم للارتزاق، جباناً . . . . . والجواب عما ادعاه من ضعفه في العلم ، فتشهد له كتبه الكثيرة وتحقيقاته النادرة ومحاضراته الزاخرة بالعلم وتلامذته الكثيرون الذين سبق ذكر بعضهم في هذا الكتاب، وشهادة أهل العلم والإنصاف بإمامته. 

وليس مقام الدكتور أن يقوم مثل شيخنا رحمه الله تعالى . وأما اتهامه بالمجاملة فهي من اللطف والأدب الرفيع الذي وفق إليه شيخنا ـ رحمه الله تعالى - فكسب محبة تلاميذه بحسن خلقه وطيب معاشرته. وما أحسن قول العلامة المحقق السيد أحمد صقر عن شيخنا رحمهما الله تعالى : «لو قيل للأخلاق تجسدي لكانت عبد الفتاح أبو غدة ». 

وأما جبنه فلا يقوى على الرد على من هتك أستار المداجاة عنه، فهو أيضاً من خلقه الرفيع، فإنه يُعرض عن الجاهلين، ويتحقق بقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين. 

ويذكر الدكتور الصباغ دليلاً على زعمه فيقول ص ١٤ : « ومما يدل على مداهنة غدة للقوم الذين يقيم عندهم أنني نشرت هذه الرسالة في مجلة كلية الشريعة حيث كان يعمل هذا الحاقد من نحو بضع عشرة سنة . فلماذا لم يذكر شيئًا عن الرسالة ومقدمتها ؟! » ثم يتطوع من نفسه بالجواب فيقول: (الجواب معروف لأنه كان يريد ألا يكشف نفسه . . . .) إلى آخر ما قاله ـ عامله الله بما يستحق.

والجواب عن تساؤل الصباغ : أن شيخنا - رحمه الله تعالى ـ لما كان يعمل في جامعة الإمام محمد بن سعود كان مشغولاً بأعباء علمية كثيرة، وإشراف على عدد من الرسائل الجامعية، وأسفار متواصلة، فلم يفرغ لإصدار كثير من أعماله العلمية. 

ولما استقال - رحمه الله تعالى ـ من العمل الجامعي وتفرغ لإصدار عدد من الكتب، كان من بينها رسالة أبي داود فكانت المناسبة أن ينتقد عملك فيما يرى أنك قد أخطأت فيه ... فما وجه العتب على شيخنا - رحمه الله تعالى ـ واتهامه بالمداهنة !! 

وقال الدكتور أيضا ص ١٤ عن شيخنا - رحمه الله تعالى ـ أنه : «يجامل من يعيش بينهم للارتزاق» ويقول أيضاً في نفس الصفحة: «ثم عندما جاء إلى المملكة يلتمس فيها الرزق والسكن والنعيم ... فالجواب : أن الشيخ خرج من بلده مهاجراً بدينه، بعدما جهر بالحق، وسُجن في سبيل الله وقد حضر إلى البلاد المباركة بطلب من مفتي الديار السعودية العلامة الفقيه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى. 

وقد قال العلامة الزرقا عن شيخنا رحمه الله تعالى: «وفي سبيل نشاطه في الدعوة الإسلامية لقي كثيراً من الأذى والضرر الفعلي، فصبر وائتجر» .

 وأسأل الدكتور الصباغ: لم جئت إلى المملكة وحاشا أن أقول إنك جئت للارتزاق والتماس السكن والنعيم، لأنني لا أدعي علم الغيب، ومعرفة ما في الضمائر. اتهامه شيخنا بما وقع فيه: قال الدكتور الصباغ ص ۳۱: زعم الشيخ أبو غدة ص ١٤ أن لديه مخطوطة لم يذكر للقراء أين عثر عليها؟ وكلُّ ما قاله في وصفها أن صديقًا أهدى صورتها إليه، وأبى أن يذكر اسمه تواضعاً . وأنها مكتوبة سنة ٥٨٩هـ. سبحان الله ! ما هذا التواضع ؟ هذا شيء لا عهد للناس به في عالم التحقيق . أقول : حسنًا لا تذكر اسمه أيها المحقق البارع ...». 

والجواب : ما علاقة ذكر اسم الذي أهداه المخطوطة بعالم التحقيق وما عابه الدكتور على شيخنا - رحمه الله تعالى - من عدم ذكر اسم الشخص وقع فيه فقال في مقدمته ص ٣٤ : (فإنَّ لصديق كريم أصر على عدم ذكر اسمه فضلاً في إبداء عدد من الملاحظات بعد أن قرأ الرسالة كلمة كلمة، وقد أفدت منها كثيراً.

ولا أدري إذا قرأ مقدمة رسالة الدكتور أيضاً، وأفاده بملاحظاته ؟!! وبمناسبة ذكر الدكتور لصديقه الكريم الذي أصرّ على عدم ذكر اسمه، فإن الدكتور الصباغ ذكر قبل ذلك ... قرأت معظم هذه الرسالة على شيخنا العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي - يرحمه الله -، وقد أفدت من علمه، ولكنه أبى علي أن أذكر اسمه تواضعاً وفضلاً». 

قلت: كلام الدكتور قد يوهم القارئ أنَّ العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي المتوفى سنة ١٤١٥هـ قد قرأ هذه الرسالة مع مقدمتها المشحونة بالسباب والشتائم.. والشيخ عبد الرزاق ممن يجلُّ شيخنا ويقدر علمه. وقد زرته بصحبة شيخنا عندما ذهب لتعزيته بابنه عبد الرحمن المتوفى سنة ١٤٠٨هـ 

فقال الشيخ عبد الرزاق أمام الملأ الحاضرين بالحرف الواحد: هذا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة من كبار العلماء. ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه . اتهامه شيخنا رحمه الله تعالى بالتكسب والمتاجرة: قال الدكتور الصباغ ص ۳۳ : ( طبع الشيخ أبو غدة ثلاث رسائل تتحدث عن كتب . فجعل عنوانها: «ثلاث رسائل في علم مصطلح الحديث» أما الأولى فكانت في وصف السنن بقلم مؤلّفها أبي داود . وأما الأخريان فكانتا عن شروط الأئمة المحدثين. وقد وضع هذا العنوان الكبير للتكسب والتجارة » انتهى كلام الدكتور. 

والجواب: هل الحديث عن شروط الأئمة المحدثين في كتبهم من علم مصطلح الحديث الشريف أم من علم الأدب أو الطب أو الجغرافيا ؟! وإذا لم تكن هذه الرسائل من لباب علم مصطح الحديث، فلماذا ذكرها المحدثون في كتب المصطلح . فقد ذكر الدكتور في نشرته لرسالة أبي داود ص ٤٢ : « فقد نقل ابن الصلاح المتوفى سنة ٦٤٣ في كتابه (علوم الحديث) ص ۳۳ بعض العبارات التي وردت في هذه الرسالة دون أن يصرح باسم الرسالة» ثم قال: (ومعظم كتب علم المصطلح تذكر هذه الرسالة وتورد مقتطفات منها: كتدريب الراوي للسيوطي ص ۹٦ - ۹۸، و«فتح المغيث» للسخاوي ١ / ١٣٣ ... إلى آخر ما عده من كتب فكيف يعيب على شيخنا ـ رحمه الله تعالى ـ تسمية هذه الرسائل بهذا الاسم الدقيق ( ثلاث رسائل في علم مصطلح الحديث».

ولشيخنا - رحمه الله تعالى - «أربع رسائل في علوم الحديث» طبعت مراراً، وسيصدر قريباً من آثاره «خمس رسائل في علوم الحديث» فرحم الله شيخنا، وجعل ما كتبه من العلم النافع الذي ينتفع به، وثقل به موازين حسناته.

 وما كتبت هذا الاستدراك لأدافع فيه عن شيخنا - رحمه الله تعالى - فمقامه معروف ومنزلته كبيرة، وشهرته واسعة وآثاره نافعة والله سبحانه يتولى عباده المؤمنين إن الله يدافع عن الذين آمنوا. وإنما كتبت هذه الكلمات إبراءاً لذمة التاريخ من الكذب على التاريخ، ورداً عن بعض الأباطيل والأكاذيب ووفاءً بحق شيخنا واعترافا بفضله، وتحقيقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار» رواه أحمد . ولقوله: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة » رواه أحمد. 

نسأل الله عز وجل أن يطهر ألسنتنا وأقلامنا من الكذب والتدليس، ويطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد، وندعوه سبحانه بما علمنا وأدبنا: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم}. 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. 

وكتبه محمد بن عبد الله الرشيد الرياض في ٨ شعبان ١٤١٩هـ

نظم ما جاء في عقد اليواقيت الجوهرية

(ص ١١٦٥ -)

وقد ختم العيدروس كتابه بمطولة إسنادية، أبيهاتها ١١٣ مائة وثلاثة عشر بياً

وهنا، يَحسُنُ إيراد السنَدِ منظوماً في أبيات، وإن كانتْ رَكِيكة الألفاظ والمباني، فلعلها تكون مقبولة لاشتمالها على ذكرِ الأعيان وما فيها من المعاني، وهي هذه: 

يقولُ الفقير العيدروس الذي بدا .. إسم إلهِ العَرْشِ مُعطي البَغِيَةِ 

 وصلى على المختار أوّل نظمه .. وآل وأصحاب كرامِ السَّجِيّة

وبعد، فهذي نُبذة قد نظَمْتُها .. فصارت ــ بحمدِ اللهِ ـ غَرّا فريدة

ومقصودها تبيين إسنادِ خِرقةٍ .. وتعريفُ أشياخي الكرام الأئمة

ومَن كانَ لي منهُمْ مَزيدُ عناية .. بأخذ لإلباس، كذا في الإجازة 

وفي الذِّكْرِ والتحكيم ثم المصافحة .. وكانوا على ضعفي أساطين قوة

ومن لطريقِ القوم عنهُمْ رَوَيْتُ، بل .. وتَمَّتْ بحَمْدِ اللهِ فيها درايتي

وخُص طريق مستقيم بلا عِوَج.. ولا حرج فيها، ونوع مشقة 

مؤسسها القُطب الفقيه محمد ..وأولاده كالعَيْدَرُوس اليتيمة 

فمنهم جَمَالُ الدِّينِ عَمِّي محمَّدٌ .. فلي منه إمداد وسر بحظوة

ولي مِن شُجَاعِ الدِّينِ شَيخي ووالدي .. أبي عابدِ الرحمن أخذ وصُحْبة

ونجل سُمَيْطِ أحمد شيخ وقتِهِ .. لنا الأَخُذُ عنهُ فِي الجُموعِ وخَلْوَةِ

كذا الحبشي نجلُ أَحْمَدَ شيخنا .. قرأتُ عليه مع عموم إجازة

ولي من عليٍّ شيخنا فرد آنه .. الذي فاخرت سوون به كل بلدة

إجازات في كل العلوم وأخذها .. وأوراد وأذكار ونَشْرِ لدعوة

وأما إمامُ القوم قُطْبُ رَحَائِهم .. حسَنُ ذو التَّقَى المشهور، بَحْرُ الحقيقة

فجُلُّ انتفاعي وانتمائي إليه، بلْ .. هُوَ المعتمد في أخذنا للطريقةِ

من عفيف الدِّينِ ابْنِ شهابهم .. عوالي إسناد لطرق عليّةِ

أجاز لنا نَرْوي ونعمل بكل ما  .. رواه من الآثار من غير مَنْعة

وفردُ الزَّمانِ ابْنُ الحَسَينِ بْنِ طاهر .. أبو علوي مُحيي الطريق بدعوة

وابْنُ عمر، ذاكَ ابْنُ يَحيى الذي بهِ .. رَجَوْتُ إِلهَ العَرْشِ يَعْفَرُ زَلَّتي 

 ومحيي الرسوم ابنُ الفقيه الذي .. جميع علوم الدِّينِ أضحَتْ مُطيعة 

فأروي عُلوم الشرع عنه جميعها .. وتلقين ذِكْرِ والإجازاتِ عدَّةِ 

والْبَسَني الخِرْقةُ بِأَجْمَعِ طُرْقِها .. التي نافَتِ العِشْرِينَ فَاسْمَعُ وأَنْصِـتِ

وعن وارث الحدّاد قد كان أخذنا .. لخرقتِهِ وأوراد والكُتُبِ جُملة

وبالشيخ باسَوْدانَ كان اتصالنا .. بأخذ وتلقين وإلباس خرقة 

مُصافحة ثمَّ الإجازة بعدها .. وقد خصني أيضاً، كتب لي وصية

منَ ابْنِ سُمَيرٍ كم عُلُومِ رَوَيْتُها ..وكم خَلُوةٍ أقرأ عليهِ وجَلُوةِ 

كذا بالإجازة منه لي كلَّ ما لَهُ ..روايته عن كلّ أهل الولاية 

وغيرهم ممَّن أخَذْتُ وزُرْتُهمْ..ويَعْسُرْ عليّ جمْعُهم في القصيدة 

هاك السنَدْ مِنِّي تَلَقَّهُ مُسْلسَلاً ..يداً عَن يَدٍ حتى لأشرف حَضْرَةِ

لبِسْتُ لباس القومِ صُوفية الوَرَى .. ع الإذن في الإلباس للناس جُملة

فلبسي عنِ البَحْرِ الحَسَنْ شيخنا .. من أستاذه شيخ الرُّبَى الحَضْـرميـة

وهُو عمر ابْنِ سَقَافِ لَبِسَ قَدْ حَكَاهُ لي .. وأخبرنيه عندَ أخْذي للبْسَةِ

عن الشيخ حامد بن عَمَرْ الذي ..جميع مقامات السلوك بجملة 

ولي سنَدَ أَرُويهِ عَن نَجُلِ أَحْمَدِ ..عَنيْتُ أَبا سَودَانَ حَامِي الخُرَيبةِ 

عن الحَامِدِ الشيخ الحَمِيدِ فِعَالُهُ..لها قد لَبِسَ منه فأَتقَنْ وأَثْبَتِ 

 وأخذ الإمام العارفِ الحامد الذي ..غدا قوله أشبه بقول النبوة

عن الحسَنِ الحداد عنِ القُطب والده .. وعن شيخه ابْنِ الزَّيْنِ حَبْشِيِّ نِسبةِ 

وقطبُ الوَرى الحَدَادُ قد كان لبسُهُ ..عن العارف العطاس رأس العصابة

كذا عن نزيل الحَرَمَيْنِ محمد .. وقد أخذ الشيخان إلباس خرقة 

عن العارفِ ابْنِ الفخرِ أعني الحسين عن ..أبيه أبي بكر وكهفي وعُمدتي 

 عن الشيخ باشَيْبَانَ إنسانِ وقتِهِ ..وهو عن وَجِيهِ الدِّينِ شَيْخ الشريعة 

وأخُذُ وجيهِ الدِّينِ أنواع لبسها ..عنِ العَيْدَرُوس القُطْبِ بَحْرِ الحقيقة 

وعن منشيء «البَرْقة» فريد زمانه ..علي ابن أبي بكر إمام الطريقة 

وعن شيخنا أروي العفيف ملاذنا ..خي طاهِرِ ابْنِ الحَسَينِ المثبت

فعن علوي الحدّادِ ذاكَ ابْنُ أَحمَد … عن ابن سميط عُمَرَ الفردِ قدوة

عن الشيخ نُورِ الدِّينِ أعْني عليهم …عنيت بن عبد الله ساكن (جثمة)

 فعن شيخه القطب الإمام ملاذنا .. عليّ بنِ عبدِ اللَّهِ صاحِبِ (سَوْرَةِ)

وإسناده للعيدروس مُسلسل ..فإِنْ رُمْتَهُ فاسأل لأهل الدراية

وعن شيخه ابْنِ الزَّيْنِ أَحَمَدَ قد لَبَسُ ..وها هو عن لتلك عن الحداد شيخ الطريقة

 وعن شيخه ابن الفقيه عفيفهم ..وهو قد لبس عن عدة من أئمة

كمِثلِ القُشَاشِي وسقاف مكة ..وإسنادُهُ فِي كُتْبِهِ مِثْلَ «وُصْلَةِ»

(ح) والبَسَني شيخي لباساً محققاً ..عَنَيْتُ أبا هارون طوْدَ الشريعة 

هُوَ الشيخ عبدُ اللَّهِ إِبْنُ عليَّ، مَن …غدا بَحْرَ علم الشهير الولاية 

 فعن شيخه مولى البُطَيْحا لها لبس ..عنِ ابْنِ الفقيه الفَرْدِ في كلَّ رُتَّبة 

عنيت وجيه الدِّينِ عابد ربِّهِ ..وهو قد لبس عن فاضلينَ أحِلَّةِ 

 كوالده والهندوان الذي أَخَذْ ..الشلي عن شيخ مكة

وصاحب مكة كان أخُذُهُ لها عن ..الذي (صَاحِبَ الوهطِ) يُسَمَّى وَيُنْعَتِ 

 فعن صاحب «العِقْدِ» المسمى بـ (شيخ) عنْ ..أبيه العفيف العيدروس بنسبة

عنِ العدني البحْرِ ذاكَ أخي النَّدى ..أبي بكر قُطب العارفين الأئمة

العيدروس المعتلي عن المُعتلي قُمةَ العلا ..وعن صِنْوه العالي سماء الولاية

عن الشيخ فخرِ الأولياء ومَنْ غدا ..يُلقَبُ بالسَّكْران بادِي المحبة

وعن عُمَرَ المحضار، ثمَّ هُما لها ..عن الشيخ سقاف بلبس وصُحبة

وقد كان للسقاف أخُذُ وتربية ..بوالده يُدعى بمولى الدويلة

 محمد عن والده ذاك عليهم ..وعبد الله المشهور في كلَّ خِلّة

وأخذهما عن علوي أبيهما  ..صُولُ بحُكم الغَيْرَةِ الصَّمَدِيةِ ـ

عن القطب إنسانِ الوجودِ مُقدَّم الـ .. يَوفـودِ لأهل الله في كل حضرة

محمد ولي الله ذاك الفقيه، مَن ..لذي بدايته كانتْ كَمِثْلِ النهاية 

بذا قال أهل العلم والكشْفِ والهُدَى ..فأَعْظِمْ بذا منصِبُ وفَخْرِ ورفْعَةِ 

فعن والده كان قديم لباسه..وعن عمه عالي المنال ورتبة 

 هُما عَن جَمَالِ الدِّينِ قَد أَخَذُوا وَمَن ..يُلقب بذي (مرباط) أعني القديمة 

محمدُ أَخَذْها عن أبيه عليْهِمْ  ..فعن علوي ذي المَعَالي العَلِيّةِ 

فعن والده أعني الجَمَالَ محمَّداً ..فعن علوي جامع العلوية 

 وهُو عن عُبَيدِ اللَّهِ عَن سِرِّ أَحمَدِ الـ .. مهاجر بالأشراف من أرض بدعة

وهو عن نقيب القوم عيسى بن محمد..عن علي أغني العُرَيضي عُمْدتي

الصادق المصدوق أعنيه جعفراً ..عن الباقر العلم الشهيرِ المُثَبَّتِ 

عنِ العابِدِ الأَوَّامِ أَعْني عليَّ مَن ..يلقَبُ سَجاداً شهير الولاية

عن  الحَسَنيْنِ النيرينِ عنِ الرّضَا ..عليَّ، عَنِ المُخْتارِ في الخَلْقِ جُمْلَةِ 

عنِ الرُّوحِ جَبْرَائِيلَ وَهُوَ عن الذي .. تقَدَّسَ عن مِثْلِ وعن حَدْسِ فكرةِ 

(ح)، وقد أَخَذَ الشيخ الإمامُ مَلاذنا .. فقيه علوم غيبها اللَّـدُنِيّة 

 عن الشيخِ مَوْلَى الغَرْبِ ذاكَ شُعَيْبُهُ ..أبي مَدْيَنِ فَاسْأَلْ بهِ كلَّ بُغْيِةِ

بواسطة الصالح وهو عن الذي .. يُلقب بالمُقْعَدِ شيخ العصابة 

وأخذ أبي مدين عن أبي يَعِزُّهُمْ  .. عنِ ابْنِ حَرازِمْ أَخُذُهَ سَرَّ خِرقةٍ

عن الشيخ ابن العربي الفخرِ وهُوَ عن .. محمد الغزالي مولى «البداية» 

 وهو عن إمام الحرمينِ عنِ الذي الـ  .. جُوَيْنيَّ يُدعى، وهُوَ عن شيخ مكّة

مؤلّف (قُوتٍ) وَهُوَ قد كان لابساً  .. لتلك عنِ الشَّبْلي فخر الأئمة

وهُو عن إمام الفقراء جُنَيدِهِمْ .. وهُو عن سَرِي، وَهُوَ أَخْذُهُ لِخِرقةٍ 

عن الشيخ معروفِ وهُوَ أَخْذُهُ منَ ..الذي يدعى بـالـطـائـي داودَ عُمْـدة

أخذها عن الشيخ المسمّى حَبيبهم ..عنِ الحَسنِ البصري عن خَيرِ قُدُوةِ

عليّ أمير المؤمنين عن النبي .. عليهِ صَلاةُ الله في كل حالة

بالوحي جاءَهُ تلقاه عن جبريل ..  الله جلَّ اللهُ مَولى البرِيَّةِ عن

(ح)، وقد كان معروف تلقَّى عن الرّضا ..علي عن الكاظـم خـوفـاً وخشية 

عن الصادقِ الأَوَابُ عن باقرِ، وأَخَذْ ..عن العابدِ السَّجاد زين العبادة 

عن الحسنين عن عليّ أبيهما ..عن المصطفى المختار خير البرية 

وسيدنا خيرُ النبيِّينَ أَخُذُهُ .. عن المَلَكِ الطاووس عن خيْرِ حضرةِ 

تعالت وعزَّتْ عن شبيه مُماثل ..وعن قول أهل الإفكِ وأهْل البَطَالة

 وهذه طريق مفرد قد رَوَيْتُها ..وسَلسَلْتُها حتى بلغت النهاية

تحريتُها إِذْ هِي طريقةُ سَادَتي ..بني علوي ساداتِ كـل البـريـة 

 ولي في روايتها طرائقُ جَمَّةٌ ..معَ الإِذْنِ في إلباسها للخليقة

كذا في سواها مِن خِرَقْ وطرائق  ..لأعيان أشياخ التصرُّفِ قُدُوةِ

تنيفُ الثلاثين شهيرة لدى أهلها .. ومشروحة في الكتبِ مثل «الرسالة»

صلات بموصولاتِ أيد تواصَلَتْ  .. بأسرار سر بالتلقي ترقّتِ

فأسألُكَ اللهُمَّ يا خيرَ مَن دُعِي ..بذاتك والأسماء والكُتب جُملة

 تهبني علماً نافعاً عاملاً بهِ .. وطولاً لعمرٍ مع حسن استقامة 

ورزقاً حلالاً واسعاً لا مُعَذَّباً ..عليهِ وزُهْداً صادقاً في الدنيّة

وقُرَّةَ عَيْنِ في العِيالِ ومَن لهُمْ ..لَدَيَّ وِدَادٌ أَضمَرَتْهُ سَرِيرَتي 

وتحسن لنا عند الوفاة ختامها .. لنحشر بعد الموت في خير زمرة

ونشرَبَ مِن حوض النبي محمد ..ونحظى برضوان وفوز بجنة 

ورؤية ربّ لا بحَدٌ وحَيْطة ..كما قد أتى نص الكتاب وسُنّة

وصلَّى إلهي كلَّما بارِقٌ شَرَى ..على المُجتَبى المبعوث للخَلْقِ رحمة

وآل وأصحاب كرام وتابعٍ .. وهذا ـــ بحمدِ اللهِ ـ خَتْم قصيدتي

تمَّتْ، وبخَتْمِها خُتِمَ الكتاب، بحمد ربِّ الأرباب

ثبت الإمام السفاريني

 بداية الثبت ٢٩

إيراد طائفة من أقوال السلف في فضل الإسناد ٣٠

ترجمة عطرة لعبد الباقي الحنبلي (ت) ٣٣

سياق الحديث المسلسل بالأولية ٣٦ 

سياق الحديث المسلسل بالدمشقيين ٤٢ 

 سياق الحديث المسلسل بالحنابلة ٤٧ 

سياق الحديث المسلسل بالمحمدين ٤٨

سياق الحديث المسلسل بالأئمة الحنفية ٥١

سياق إسناد السفاريني إلى البخاري ٥٣

سياق إسناده إلى بقية كتب السنة ٥٥

سلسلة فقه المذهب الحنبلي ٥٩

التنبيه على سقط في سلسلة الفقه الحنبلي (ت) ٦٠

فائدة: في عناية الإمام أحمد بن محمد الخلال وجمعه لكلام أصحاب الإمام أحمد ٦٢ 

سياق سند فقه الإمام أبي حنيفة ومذهبه ٦٥

سياق سند فقه الشافعية ٦٧

تعداد بعض مؤلفات السفاريني ٦٨

آخر الثبت ۷۱ 

من خطوط العلماء لسنن ابن ماجه من النسخة طائفة صور التي بخط الإمام ابن قدامة ۷۲ 

إجازة السفاريني للزبيدي 

ترجمة الزبيدي ٨١

صور النسخ المعتمدة في تحقيق هذه الإجازة ٨٨

بداية إجازة السفاريني للزبيدي ۹۱ 

علم الإسناد وفضله الإجازة وأنواعها ۹۲ 

المسلسل بالشافعية ١٣١

المسلسل بالقبض على اللحية ۱۳۲ 

رواية بعض كتب الأئمة ١٣٥

مستدرك الحاكم وسائر مؤلفاته ١٣٥

كتب ابن الجوزي ١٣٧

كتب عبد الغني المقدسي ١٣٧

كتب عبد القادر الجيلاني ١٣٧

كتب القاضي البيضاوي ۱۳۸ 

كتب التفتازاني ۱۳۸ 

تفسير أبي السعود ۱۳۸ 

تفسير البغوي ١٣٩

الترغيب والترهيب للمنذري ١٣٩

شذرة من الثناء على ابن البخاري ١٤٠

مؤلفات ابن رجب الحنبلي ١٤٣

إيراد رواية لابن رجب من طريق ابن الجوزي ١٤٨ 

رواية أخرى عالية لابن رجب من طريق ابن المَنِّي ١٤٨ 

الكتب التي عليها مدار فقه الحنابلة في هذه الأزمنة ١٥٢

رواية السفاريني للإقناع والمنتهى وغاية المنتهى ودليل الطالب للكرمي ١٥٢

نسبة بلدة شيخ السفاريني الشيخ عواد الكوري ١٥٣

نسبة بلدة شيخ السَّفاريني الشيخ مصطفى اللبدي ١٥٣

رواية السفاريني لكتب البهوتي  ١٥٣

رواية حاشية عثمان النجدي ١٥٣

النهاية لابن الأثير ١٥٣ 

مؤلفات الضياء المقدسي ١٥٣ 

رواية الفروع لابن مفلح ١٥٤

تأليف النووي ١٥٤

تأليف الحافظ ابن حجر ١٥٥

شيخ السفاريني العجلوني وثناءه عليه ١٥٥

رواية كتب السيوطي وزكريا الأنصاري وابن حجر الهيثمي والقسطلاني ١٥٦

رواية كتب الغزالي ١٥٧

رواية جمع الجوامع للسبكي ١٥٨

رسالة القشيري ١٥٨

سيرة ابن هشام وابن إسحاق ١٥٩

القاموس المحيط ١٥٩

أسانيد العربية ١٦٠

تدوين النحو، ونقل الخبر في ذلك من رسالة السيوطي «الأخبار المروية» ١٦٢ 

الحديث المسلسل بالنحاة ١٦٣

الحديث المسلسل بالشعراء ١٦٥ 

رواية بعض شعر الزمخشري ١٦٦ 

رواية خلاصة ابن مالك وسائر كتبه ١٦٩ 

رواية كتب ابن هشام ١٦٩ 

رواية كتاب الكافية لابن الحاجب وسائر كتبه وهو آخر ما يرويه السفاريني في هذه الإجازة ١٦٩ 

تتمة في مشايخ السفاريني ١٧١

الشيخ عبد القادر التغلبي ١٧١

الشيخ عبد الغني النابلسي ١٧٣

الشيخ عبد الرحمن المُجَلد ١٧٥

الشيخ الملا إلياس الكردي ١٧٥

الشيخ عبد السلام الكاملي ١٧٦

الشيخ إسماعيل العجلوني ۱۷۸ 

الشيخ أحمد المنيني وذكر طائفة من مشايخه ۱۸۲ 

الشيخ مصطفى اللبدي ١٨٦ 

الشيخ عواد الكوري ۱۸۷ 

الشيخ أحمد الغزي ۱۸۷ 

الشيخ محمد الغزي ۱۸۸ 

الشيخ عبد الله البصروي ۱۸۸ 

الشيخ موسى المحاسني ۱۸۹ 

الشيخ مصطفى السواري ۱۹۰ 

الشيخ محمد العجلوني ۱۹۱ 

الشيخ طه اللبدي، ومصطفى الكرمي، وعبد الرحيم الكومي، والسيد هاشم الحنبلي ومحمد السلفيتي ۱۹۲ 

الشيخ محمد الخليلي ۱۹۲ 

الشيخ مصطفى البكري ۱۹۲ 

الشيخ حامد أفندي ۱۹۳ 

الشيخ محمد حياة السندي ۱۹۳ 

الشيخ محمد الدقاق المغربي ١٩٤

آخر الإجازة ١٩٤

رواية هذه الإجازة من طريق المجاز ١٩٥

إجازة عبد القادر بن خليل كدك زاده من قبل السفاريني

ترجمة عبد القادر بن خليل ۱۹۹

صور النسخ المعتمدة في الإجازة بداية الإجازة ٢٠٥ 

نهاية الإجازة رواية هذه الإجازة من طريق المجاز ۲۸۹ 

إجازة محمد شاكر العقاد

ترجمة محمد شاكر العقاد ٢٩٣

بداية الإجازة ٢٩٥ 

نهاية الإجازة ٣٠٠

رواية هذه الإجازة من طريق المجاز ٣٠١

إجازة السيد محمد زيتون الحنبلي 

ترجمة محمد زيتون الحنبلي ٣٠٥

صورة النسخة المعتمدة للإجازة ٣٠٦ 

بداية الإجازة ۳٠۹ 

نهاية الإجازة ٣١٩

رواية هذه الإجازة من طريق المجاز ٣٢٠

إجازة السفاريني لعثمان الرحيباني 

صورة النسخة المعتمدة للإجازة ٣٢٣

بداية الإجازة ٣٢٥ 

نهاية الإجازة ٣٣٤

قيد قراءة هذا الثبت والإجازات ٣٣٥

الفهارس ۳۳۷