رسالة في العذبة والعمامة
علي بن سلطان القاري
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ تعد العمامة من الزينة الظاهرة، التي يستحبُّ تحسينها وتكميلها، وهي من شعار العلماء والكبراء وأصحاب الفضل من الفقهاء والمحدثين ووجوه الناس، وهي شعار الملائكة يوم بدر: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (آل عمران: ١٢٥) أي مُعمَّمين، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يلبس العمامة، ويجعل لها عذبة، قال ابن القيم عن شيخه ابن تيميه إنه ذكر شيئاً بديعاً وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى ربه واضعاً يده على كتفيه أكرم ذلك الموضع بالعذبة
وهذا جزء حديثي نفيس حول العمامة والعذبة، وما يتعلق بهما، ابتدأ فيها القاري بذكر فضل لبس العمامة، وأنها تيجان العرب، وغير ذلك من الأحاديث الواردة في ذلك.
ثم تعرض إلى ما وقع الناس فيه من إفراط وتفريط في التجمل بها والتعسف بقدرها وطولها، ثم أتبع ذلك بالحديث عن توسيع أكمام الثوب وحكم ذلك بحسب قصد اللابس، ومبالغة الناس فيه، وعلاقة ذلك بالخُيلاء.
ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة في إرخاء العذبة، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُرخي منها أربعة اصابع وأن أكثر ما ورد في ذلك عن الصحابة ذراع، وقد ورد أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم عمّم علياً وعبد الرحمن بن عوف، وكان لا يرسل والياً إلا عممه.
وبيّن القاري أن العمامة بغير عذبة لا تُكره، رداً على ابن عبد السلام وغيره كابن الحاج في المدخل الذي زعم أنها بدعة مكروهة، وكذلك ذكر أن إرخاء العذبة من علائم الأمارة، والشرف، وأنها تلبس حال المحاربة، واستحباب إرخائها من خلف في المحافل العظام، وكذلك لأئمة الناس وخطباء الأنام.
وجاء في أول رسالته: نحمد الله الذي خلق الخلق خاصةً وعامة، وهداهم إلى المحجة بالحجة التامة، والصلاة والسلام على المظلل بالغمامة، و.. لاعانة الملائكة مسومين بالعمامة، أما بعد، فيقول الملتجئ إلى عفو ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري، غفر الله ذنوبه، وستر عيوبه، هذه رسالة هادية لمسألة مشتملة على العمامة والعذبة كمية وكيفية، فاعلم أولاً أنه تعالى قال إظهاراً لكمال مرتبة حبيبه: {قل إن كنتم تُحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله}، فجعلت المتابعة شرط صحة محبة العبد لله سبحانه، وسبب محبته تعالى لعبده، وقال عز وجل: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر}..
وذكر القاري -رحمه الله -أن: أفعال النبيّ الصالحة للاقتداء أربعة: مباح، ومستحب، وواجب وفرض. وأنه قيل في الاقتداء بالفعل: يجب التوقف حتى نعرف صفة الفعل، وقيل يجب الاقتداء ما لم يأتِ دليل المنع.
ثم قال: اعلم أنه ثبت في الأخبار والآثار أنه عليه السلام تعمم بالعمامة مما كاد أن يكون متوتراً في المعنى وكذلك، ورد تحريضه عليه السلام على التعمم في أحاديث كثيرة، ولو من طرق ضعيفة، يحصل بمجموعها قوة ترقيها إلى مرتبة الحسن، بل الصحة، وتُفيد استحباب العمامة.
ثم شرع في بيان قدر عمامة النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فقيل كان له عمامتان قصيرة وطويلة، أما القصيرة فسبعة أذرع، وأما الطويلة فاثني عشر ذراعاً، والصواب أنه لم يثبت في ذلك شيء، وأن عمامته صلى الله عليه وسلم لم تكن كبيرة فيؤذي حملها، ولا قصيرة بحيث تقصر عن حماية الرأس من الحر والبرد بل وسط بينهما.
وذكر بعض أحكام العمامة من أنه لا يجوز أن تكون من ثوب الكعبة لأنه من الحرير، ولبسه حرام بالاتفاق، وختم بالدفاع عن عقيدة السلف الصالح، ومعتقد ابن تيمية رحمه الله تعالى، وأنه مذهب جمهور السلف الصالح.
وذكر القاري عدداً من الأحاديث منها:
١- (اعتموا تزدادوا حلماً)، رواه الطبراني والحاكم عن ابن عباس.
أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (١/٤٨٨)، والطبراني (١٢/٢٢١) (١٢٩٤٦)، والحاكم (٧٤١١)، قال الذهبي في "ترتيب الموضوعات" ٢٣١: فيه سعيد بن سلام _ متروك _ عن عبد الله بن أبي حميد _ متروك.
٢- (العمائم تيجان العرب) رواه ابن عدي والبيهقي عن أسامة بن عمير.
قال الألباني في "نقد النصوص" ٢٩: إسناده ضعيف جداً.
٣-(إن الله أكرم هذه الأمة بالعمائم) رواه ابن وضاح عن خالد بن معدان.
قال الألباني في "السلسلة الضعيفة" ٥٥٠٣: ضعيف.
٤-(لا تزال أمتي على الفطرة ما لبسوا العمائم على القلانس) رواه الديلمي عن ركانة.
٥-(فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس) رواه أبو داود والترمذي عن ركانة.
مختلف فيه، وقال الألباني في "ضعيف الجامع" ٣٩٥٩: ضعيف.
٦-(يعطي المؤمن يوم القيامة بكل كورة حسنة، فإذا حطَّ فله بكل خطٍّ حطيئة) قال القاري: ولولا شدة ضعف بهذا الحديث لكان حجة لتكبير العمامة.
٧-(ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة) رواه الديلمي في مسند الفردوس، عن جابر.
أخرجه الديلمي في «الفردوس» (٣٢٣٣)، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" ٥٦٩٩: موضوع.
وغيرها من الأحاديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق