شرح عقود اللجين في بيان حقوق الزوجين
محمد بن عمر بن نووي الجاوي
بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ لقد عني الإسلام بالأسس السليمة التي تمكن الإنسان من الاستقرار النفسي، وتساعده على تلبية رغباته الفطرية، بما لا يخرجه عن حدِّ الاعتدال، ولا يدخله في دائرة الكبت والحرمان، ووضع القواعد التي تنظم العلاقة بين الزوجين بعضهما ببعض، وتؤمن متطلبات كُلٍّ منهما، بحيث يُكمل أحدهما الآخر، من أجل بناء الأسرة المؤمنة الصالحة، وتتحقق سبل الطمأنينة والسكينة والمودة بين الزوجين والأسرة ككل.
وهذا الكتاب هو شرحٌ نفيس لهذه المعالم المباركة، بأسلوبٍ سهلٍ مُيسَّر، مع تضمنه للفوائد النفيسة، والمُلح الطريفة، والعبر الكثيرة، بالإضافة إلى قصص الصالحين والصالحات من أسلاف هذه الأمة، والتي تمثل المعيار الدقيق للأسرة الإسلامية المنشودة. ولم يخل الكتاب من حديثٍ ضعيف، أو واهي، وبعض الإسرائيليات بل والموضوعات التي تكثر في كتب الوعظ والتذكير.
ويقع هذا الكتاب في (٤) فصول وخاتمة، كما يلي:
الفصل الأول: في بيان حقوق الزوجة على الزوج، وهي: حُسن العشرة، ومؤنة الزوجة، ومهرها، والقسم لمن له أكثر من زوجة، وتعليمها ما تحتاجه من أمر دينها، ووجوب طاعة الزوج في غير معصية.
الفصل الثاني: في بيان حقوق الزوج على زوجته من الطاعة في غير معصية، وحًسن المعاشرة، وتسليم نفسها إليه، وملازمة البيت، وصيانة نفسها من أن توطئ فراشه أحداً غيره، والاحتجاب عن رؤية أجنبيٍّ لشيءٍ من بدنهان ولوجهها وكفيها، وترك مطالبتها لما فوق الحاجة ولو علمت قرته عليه، وتعففها عما يكسبه من الحرام، وعدم كذبها على حيضها وجوداً وانقطاعاً.
الفصل الثالث: في بيان فضل صلاة المرأة في بيتها، وأنها أفضل من صلاتها مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مسجده.
الفصل الرابع: في بيان حُرمة نظر الرجال إلى النساء الأجنبيات، والعكس، فيما يحرم على الرجل رؤيته من المرأة، والمراهق في ذلك كالرجل، فيلزم وليه منعه من النظر إلى الأجنبية، ويلزمها الاحتجاب منه، وكالمرأة الأمرد الجميل الوجه، وما وقع في الكتاب والسنة من الزجر عن ذلك.
وخاتمة في ذكر أحوال بعض النساء.
ونذكر هنا استطراداً أسس اختيار الزوجة:
قد وضع الإسلام أسسا متينة لبناء الأسرة المسلمة، ليظل ذلك الصرح شامخاً ومواجهاً لكافة الصعوبات والعقبات، ومن هذه الأسس:
١- اختيار الزوجة الصالحة: إن الاختيار السليم للزوجة منذ البداية يؤدي إلى تحقيق الطمأنينة والاستقرار، لذلك نبه الإسلام على ضرورة اختيار الزوجة على أساس الدين لما له من أثر على حياة الأفراد فيما بعد، عن أبي هريرة رضي االله عنه أن رسول االله صلى االله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
ولا شكَّ أن اختيار الزوجة على أساس الدين، حتماً ستتوفر فيها جميع الصفات والأخلاق الحميدة،" والزوجة الصالحة، التي تتفهم وظيفتها، قد تنتج ولداً صالحاً للمجتمع ،يقود الأمة إلى الخير والقوة.
وكذلك حث الرسول صلى االله عليه وسلم الأهل على تزويج الشاب صاحب الدين والخلق، حيث ثبت عن الرسول صلى االله عليه وسلم أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
وذلك لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك لا يتم تأسيس أسرة تحافظ على الفطرة لدى الأبناء،وهذا يمكن أن ينشر الفوضى والفساد وبذلك يكون الاختيار في الزواج مطلوباً من الطرفين من طرف الزوج ومن طرف الزوجة"والاختيار من الطرفين على أساس الدين والخلق أهم ما يحقق للزوجين سعادتهما الكاملة، وللأولاد تربيتهم الإسلامية الفاضلة، وللأسرة شرفها الثابت، والاستقرار المطلوب.
٢-اختيار الزوجة ذات الأصل: لابد من اختيار الزوجة ذات الأصل الشريف، أي من أسرة عريقة يعرف عنها الخلق والورع والتقوى والصلاح، فعن عائشة رضي االله عنها: أن رسول االله صلى االله عليه وسلم، قال :"تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم "
وهناك أحاديث جمة تؤكد على ضرورة اختيار الزوجة صاحبة الأصل العريق، وقد أثبتت الدراسات في مجال الوراثة أن الطفل يكتسب الصفات الجسمية والخلقية والعقلية من والديه، واهتماماً بهذا المبدأ نجد كثيراً من الصالحين يوصون أبناءهم باختيار الزوجات من أصل شريف ، ومن هذه الوصايا " أن عثمان بن أبي العاص الثقفي أوصى أولاده باختيار زوجات صالحات من أصل طيب فقال لهم: يا بني الناكح مفترس، فلينظر امرؤ حيث يضع غرسه، والعرق السوء قلما ينجب، فتخيروا ولو بعد حين".
٣-اختيار الزوجة المتعلمة: إن الأسرة التي يبغى المسلم تكوينها، لابد أن يكون ركناها متعلمين وخاصة الأم ، لأنها الأساس في تربية الأبناء و تثقيفهم .
٤- تفضيل الزوجة البكر: إن اختيار الزوجة البكر، يرغب فيه الإسلام، وحيث قال الرسول صلى االله عليه وسلم: "عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير" ولا شك أن الزواج بالبكر يديم المحبة.
٥- اختيار الولود الودود: قال رسول االله صلى االله عليه وسلم: "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"؛ ذلك أن البنين زينة الحياة الدنيا، وأساس تكوين الأسرة.
والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق