أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 نوفمبر 2021

صفعات قادت إلى الخيرات أبو حفص، أحمد الجوهري عبد الجواد

صفعات قادت إلى الخيرات

أبو حفص، أحمد الجوهري عبد الجواد

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن القيم والأفكار والمبادئ لا تقوَّمُ بالجاه والشهرة وكيل المدائح وخلع الألقاب، وإنما قوامها وتقويمها بفضل العلم والأدب والاتباع، وإذا ما تأملنا هذا الكتاب النفيس نجد طاقةً زاهيةً من الورود، تضمُّ في سبلاتها عبقريات مخبوءة من العلماء الأعلام، وكل عالمٍ له قصته الفريدة، وبدايته الموفقة في طلب العلم، ويُصور لنا الكاتب -وفقه الله -كيف انتقل هؤلاء الأعلام من حالة الشرود والبُعد عن طلب العلم والتماسه إلى حالة الطلب له والعناية به، وبلوغ الآمال فيه.

ونجد أن هذا الكتاب أيضاً: ينقلب على الأوضاع السقيمة والأعراف السيئة التي حالت بين الناس وبين الإقبال على تعلُّم هذا الدين ومعرفة أحكامه، ويضع القارئ على أول خطوات دربه في الطلب، ونجد أنه يفتح لنا نوافذ جديدة من الأمل وأمام كل الشاردين عن حلق العلم والتحفيظ والدراسة، وأن هذا الذي يحتقره الناس ويزدرونه لجهله، يُمكن أن يكون العالم الذي تُشد إليه الركائب، ويرجع إليه الناس في أمور دينهم ودنياهم إذا طلب العلم بحقٍّ وصدق.

وأكثر ما جذبني إلى قراءة هذا الكتاب هو عنوانه المُميز وهو (صفعات) الذي يعني اللطم بقوة، والمراد باللطمات هي المواقف والأحداث والمحن التي تستثير القلب والوجدان، وتُحرِّك الهمم، وتثير الحميَّة نحو فعل الخيرات، على تنوعها وكثرتها، ولا شك أن أعظم هذه الخيرات هو طلب العلم، الذي يحصل به كل خيرٍ دنيوي وأخروي.

وقد أثَّرت هذه الصفعات في حياة كثيرٍ من أعلام المسلمين، فنقلتهم من حال الشرود إلى حال الطلب والعناية بالعلم، وأثرت فيهم أيما تأثير، فتوقدت أذهانهم، وفهموا فحوى هذه الصفعات، فصيرتهم فقهاء وعُباد ومجاهدين...

ولا يتصور القارئ أن هذه الصفعة لا بُدَّ آتيةً ممن هو أكبر منه سناً، أو أكثر منه علماً، بل قد تأتي من أستاذٍ في معهد أو من زميل الدراسة أو من صبيِّ في الشارع أو من لصٍّ في الطريق أو من رواد حلقة التعليم، ونظرنا دائماً هو إلى آثار هذه الصدمة أو الصفعة الإيجابية، التي تستحثُّ هذا الإنسان وتستظهر مخبوء طاقته، ليسير في طلب الخير، سواءً كان عبادةً أو علماً أو دعوةً أو جهاداً أو صدقةً.

وفي هذا الكتاب بيان: أن التعلم لا زمن له، وأن كبر السنِّ ليس عائقاً أمام تحصيله، وأن كثيراً من العلماء طلبوا العلم في الكبر، وأن النبوغ موهبةٌ يمنحها الله من يشاء من عباده، وقد ركز الكاتب من خلال القصص المتنوعة على أن يربط القارئ العلم بالعمل، وضرورة الاتصاف بنُبل النفس، وكرم الأخلاق، والأدب الجم، وحُسن السمت، فهذه كلها حقائق تُعلي من قيمة الرجل، وتُعينه في طريق طلبه.

ولا أنسى التأكيد على مبدأ إخلاص النية لله عز وجل في طلب العلم، وابتغاء وجهه دون التكبر والافتخار به والمباهاة على الناس وغير ذلك من الأغراض الدنيوية، وأنه ينبغي لطالب العلم أن يشكر الله تعالى أن جعله وعاءً لأحكامه، ومُبلغاً لدينه، ووراثاً لأنبيائه، وأنه تعالى أنعم عليه بنعمة العلم والحكمة، وأن يزداد بعلمه خشية، فإن الله تعالى يقول: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.

وفي هذا الكتاب:

أولاً: عالمٌ بين محنتين: رافعةً وقاتلة (سيبويه =عمرو بن عثمان بن قنبر).

ثانياً: حجة الإسلام الغزالي ألهمه اللصوص مفتاح العلم.

ثالثاً: أبو حنيفة وتوجيه امرأة له لطلب الفقه.

رابعاً: قمر القرن الرابع عشر الهجري (الإمام الألباني).

خامساً: خيّاطٌ أُميّ هو المُفتي (محمد إسماعيل).

سادساً: صانع الكساء شيخ النحاة والقراء (الإمام الكسائي علي بن حمزة).

سابعاً: من شارب للنبيذ إلى أجلّ رواة الموطأ (الإمام القعنبي).

ثامناً: وزير العلماء لم يكن يدري تحية المسجد إلى أن تعلم وأصبح (ابن حزم).

تاسعاً: محمود شاكر عميد الأدب العربي بعدما انقطع عن دراسته لفترة طويلة.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق