المقدمة السالمة في خوف الخاتمة
تأليف العلامة الشيخ علي سلطان محمد القاري (ت 1014 هـ)
تحقيق: مشهور حسن سلمان
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ إن الواجب على كل مسلم أن يعيش بين الخوف والرجاء، والرهبة والرغبة، فلا يغتر بأنه بحسب الظاهر في صورة الصُّلحاء، ولا يقنط وإن كان في صورة الفسقة، فإن المدار على الخاتمة، وفق ما جرى به القلم في الساعة السابقة، وعليه فإنه لا يُشهدُ لأحدٍ من أهل القبلة بجنَّةٍ ولا نار، إلا ما ورد النصُّ بخصوصه؛ فالأمر مُبهم، والخطر عظيم.
وهذه الرسالة النفيسة المختصرة المسجوعة: هي الرسالة التاسعة من مجموع رسائل الإمام القاري والتي بلغ عدتها (ستة وخمسون)، وقد جاءت للرد على كلمةٍ تفوَّه بها بعض مشايخ الطُّرقية من قوله (من رآني دخل الجنة، أو لم يدخل النار).
وقد فصَّل الإمام القاري الرد على هذه الشطحة المُهلكة، وبيَّن في نثره المُحكم بالآيات والسُّنن: أن من حُكم له بالسعادة لا يشقى أبداً، وإن ألحَّ غاويه، وكثُر مُعاديه، وأُحيط من جميع نواحبه، ومن حُكم له بالشقاوة، لا يسعد أبداً وإن عمَّر ناديه، وأخصب واديه، وحسُنت أواخره ومباديه. وذكر أنه لا يُعتمد على الرؤيا المنامية في الحكم على إنسان إلا في حق الأنبياء، وإنما هذه الرؤى والمنامات تحتاج إلى تعبير يُناسب حال الشخص الرائي.
وكذلك جاء رداً على من يقول من الطُّرقيَّة بأن (الأولياء يُسلَّم لهم في أحوالهم ولا يُعترض على أقوالهم).
وبيَّن أن هذه المقولة فاسدةٌ من أساسها، لأن منكرات الأحوال وجهها الإنكار لا التسليم، ومنكرات الأقوال وجهها المؤاخذة والعقوبة، وذكر تكفير العلماء للحلاج، وإنكارهم شطحات ابن عربي، وغير ذلك من التقريرات الحميدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق