أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 يناير 2023

مناقب أهل الحديث لأبي الفيض محمد مرتضى الزبيدي (ت ١٢٠٥ هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

مناقب أهل الحديث

لأبي الفيض محمد مرتضى الزبيدي (ت ١٢٠٥ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن حب العلماء المخلصين لطلب الحديث جعلهم لا يقوون على الابتعاد عنه، أو تفويت أدنى فرصة لتحصيله، مهما كان ثمن الحصول عليه مضنياً وباهضاً، حتى رحلوا في طلبه فقطعوا الفيافي والقفار، وتكلفوا في ذلك العنت والمشقة، وكان أول من سن الرحلة في طلب الحديث: الصحابة رضوان الله عليهم، واشهر تلك الرحلات كانت رحلة الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه حيث سار شهراً ليسمع حديثاً بلغه عن رجل بالشام، سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو عبد الله بن أنيس، حيث خشي أن يدركه الموت قبل سماعه له ممن سمعه مباشرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حديث واحد في وصف القصاص.

وكانت الرحلة في عـصـر التابعين أوسع، حيث إن كلَّ من أراد منهم طلب الحديث حرص على علو الإسناد، فكانوا يحرصون أن يسـمـعـــوه ممن رواه من الصحابه مباشرة إن كان راويه على قيد الحياه وكان الصحابة قد تفرقوا في الأمصار بسبب انتشار رقعة الفتح الإسلامي وذهابهم مجاهدين في سبيل الله إلى كل صقع عقد له لواء.

وقد تكون الرحلة لسماع الحديث إلى من هو أقرب إلى الصحابي راوي الحديث، طلباً لعلو الإسناد إن تعذر الوصول إلى الصحابي لموته.

وهذه أرجوزة شريفة لطيفة، قليلة الألفاظ،كثيرة المعاني، تقع في (٢١٧) مائتان وسبعة عشر بيتاً، وقد ضمنها الإمام الزبيدي مناقب السادة الأخيار الأبرار من أهل الحديث الأطهار، مع غاية البيان والإيجاز، وأتم الزبيدي هذا النظم في الثامن عشر من ربيع الأول سنة (١١٩٥ هـ).

وقد أمضى الإمام الزبيدي حياته راتعاً في رياض العلم والمعرفة، حتى برز في جوانب شتى من العلوم الإسلامية وبز فيها حتى مشايخه وأقرانه، فذاع صيته في كل صوب وسار الركبان بإنتاجه العلمي إلى كل صقع من بلاد المسلمين، فكان شاهداً حياً على سعة اطلاعه وأصالة ثقافته، وكان نبوغه -رحمه الله- في علوم الشريعة محل إعجاب من عاصره أو أتى بعده من العلماء.

وفي مقدمة النظم: يحمد الله تعالى على إنعامه وجوده وكرمه، بأبدع عبارات الحمد، وأبلغ ألفاظ الثناء، ويكسو هذه التحميدات الشمول والعموم والتمام والكمال، ثم يذكر نعمة الله عليه بالهداية إلى هذا الدين، وأن بلَّغه بفضله مراتب الفضل والفقه والتعليم، وأن جعله من آل بيت النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم أتم تسليم، ثم ثنَّى بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله الأطهار، وصحبنه النجباء الأخيار، وجعل بينه وبين حُسَّاده موعداً وهو يوم الموقف العظيم، مع توكله على الله تعالى في كل أموره.

ويرى الناظم الزبيدي -أن هذا النظم مع ما فيه من عبارات الثناء والتكريم لأهل الحديث؛ إلا أنه لم يوفيهم حقهم مما يليق بقدرهم من المدح والتعظيم، واعتبر نظمه هو أقلُّ ما يقدمه لهم اعترافاً بجليل أعمالهم، وكثرة فضلهم على أهل الإسلام، وهو يصور في هذا النظم حسن شمائلهم، ونقاء جوهرهم، وطيب سيرتهم، فرضي الله عنهم وعنا أجميعن.

وقد ضمَّن الإمام الزبيدي منظومته بعض الأحاديث النبوية الشريفة، والتي بلغت ثمانية أحاديث مرفوعة في مواضع متفرقة من النظم، بالإضافة إلى الآثار الواردة عن السلف الكرام وعلماء هذه الأمة الذين أثنوا على أهل الحديث، ومن المناقب التي ذكرها الإمام الزبيدي لأهل الحديث في أرجوته هذه:

١-أنهم أقرب الناس من النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ إذ هم أكثر الناس صلاة عليه.

٢-أن ما يشتغلون به هو أنفع العلوم وأبركها بعد كتاب الله تعالى.

٣-أن حملته هم غرس يغرسهم الله تعالى في الأمة، ويستعملهم بطاعته.

٤-أنهم خلفاء الرسول في أمته؛ لأنهم يعلمون الناس السنن والأحاديث.

٥-أنهم الشهداء العدول، الذين يشهدون للنبيّ صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله على أممهم يوم القيامة بتبليغ الرسالة.

٦-أنهم صيارفة الإسلام، حيث ينقون الأحاديث ويميزون بين صحيحها وسقيمها، كما أنهم يعرفون مراتب الرجال، وتوثيقهم أو جرحهم.

٧-أنهم الطائفة المنصورة الظاهرة، حتى قيام الساعة.

٨-أنهم أهل الهداية والعلم والمُنعم عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين.

٩-أن مجالسهم يُرجى من ورائها مغفرة الذنوب، وإجابة الدعوات.

١٠-أنهم أبدال هذه الأمة، والبدل هو من بلغ كمال الديانة والعدالة.

١١-أنهم في الناس كالصحابة؛ لا يحملونه من علم وهداية وحسن خُلق.

١٢-أنهم أكثر الناس صواباً، واعتدالاً وتوسطاً.

١٣-أنهم حفظوا الدين أصوله وفروعه، ظاهره وباطنه، وحرسوه من الغلاة والمفرطين.

١٤-أنهم أئمة العرفان، ووزراء الصدق، والسالكين سنن الأنبياء والمرسلين.

١٥-أن وجوههم مضيئة، وسيرتهم مرضية، وهم منارات الخير والإحسان والفضل.

رواية هذه الأرجوزة عن الإمام الزبيدي

قلتُ (محمد حنونة): أروي هذه الأرجوزة وغيرها من مؤلفات العلامة الزبيدي: إجازة عن جمعٍ من الشيوخ، منهم الشيخ العلامة المعمر عبد الرحمن بن محمد عبد الحي الكتاني، وشيخنا العلامة محمد بن الأمين بوخبزة التطواني المغربي، وشيخنا أحمد ومحمد أبناء السيد أبوبكر بن حسين بن الحبشي (صاحب الدليل المشير)؛ كلهم عن والد الأول حافظ العصر ومسند الوقت ومحدثه العلامة أبو الأسعاد وأبو الإقبال محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني المغربي الفاسي (صاحب فهرس الفهارس)، عن عبد الله السكري الدمشقي وسعيد الحبال ونصر الله الخطيب، ثلاثتهم عن حامد بن أحمد بن عبيد العطار الدمشقي، عن الإمام الزبيدي.

وبالإسناد المتقدم، عن عبد الحي الكتاني، عن عبد الله السكري الدمشقي العطار إجازة،  عن عمر بن مصطفى الآمدي الدياربكري ثم الدمشقي، عن الزبيدي.

وعن الكتاني: عن عبد الله السكري والشيخ محمد سعيد الحبال؛ كلاهما، عن الوجيه الكزبري، وهو عن الزبيدي مكاتبةً.

(ح) وعن السكري، عن عبد اللطيف بن عليّ فتح الله البيروتي، عنه.

وعن الكتاني، عن الشهاب أحمد الجمال النهطيهي المصري الشافعي، عن عبد اللطيف بن عليّ فتح الله البيروتي مكاتبةً عنه.

الزَّبيدي... مولده، وكتبه، ووفاته

هو الإمام محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرازق الحسيني الزبيدي، أبو الفيض. الملقب بمرتضى. علامة باللغة والحديث والرجال والأنساب، وهو من كبار المصنفين في عصره . ولد عام (١١٤٥هـ / ۱۷۳۲م) في بلجرام وهي بلدة بالهند، ونشأ في زبيد باليمن، ورحل إلى الحجاز، وأقام

بمصر.

اشتهر فضله، وانهالت عليه الهدايا والتحف، وكاتبه ملوك الحجاز والهند واليمن والشام والعراق والمغرب الأقصى والترك والسودان والجزائر.

وزاد اعتقاد الناس فيه حتى كان في أهل المغرب كثيرون يزعمون أن من حج ولم يزر الزبيدي و يصله لم يكن حجه كاملاً.

وتوفي رحمه الله في مصر بالطاعون عام (١٢٠٥ - ١٧٩٠ م).

ومن أهم مصنفاته:

۱ - تاج العروس في شرح القاموس: وهو في عشرة مجلدات. 

۲ - اتحاف السادة المتقين: وهو شرح إحياء علوم الدين للغزالي في عشرة مجلدات.

٣- أسانيد الكتب الستة. 

٤-عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة: وهو مجلدان. 

٥ - كشف اللثام عن آداب الإيمان والإسلام. 

٦ - رفع الشكوى وترويح القلوب في ذكر ملوك بني أيوب.

٧-معجم شيوخه.

٨- ألفية السند: وهو في الحديث، ويحتوي على ١٥٠٠ بيت وشرحها. 

٩ - مختصر العين: وهو مختصر كتاب العين المنسوب للخليل بن أحمد.

١٠- التكملة والصلة والذيل للقاموس: وهو في مجلدين ضخمين.

١١- إيضاح المدارك بالافصاح عن العواتك: وهو رسالة.

۱۲ - عقد الجمان في بيان شعب الإيمان: رسالة أيضاً.

۱۳ - تحفة القماعيل في مدح شيخ العرب إسماعيل. 

١٤ - تحقيق الوسائل لمعرفة المكاتبات والرسائل.

١٥ - جذوة الاقتباس في نسب بني العباس.

١٦ - حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق.

١٧ – الروض المعطار في نسب آل جعفر الطيار.

۱۸ - مزيل نقاب الخفاء عن كني سادتنا بني الوفاء.

١٩ – بلغة الغريب في مصطلح آثار الحبيب.

٢٠ - تنبيه العارف البصير على أسرار الحزب الكبير.

٢١- سفينة النجاة المحتوية على بضاعة مزجاة من الفوائد المنتقاة. 

۲۲ - غاية الابتهاج لمقتفي أسانيد مسلم بن الحجاج.

۲۳ - نشوة الارتياح في بيان حقيقة الميسر والقداح.

٢٤ - العرائس المجلوة في ذكر أولياء فوة.

٢٥ - لقط اللاليء المتناثرة في الأحاديث المتواترة. وهو هذا الكتاب.

هذا إلى جانب عدد كبير من المصنفات الأخرى، منها الرسائل ومنها الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته.





 


الأربعاء، 25 يناير 2023

الإمداد في معرفة علوم الإسناد ثبت حافظ الحجاز ومسنده الإمام جمال الدين عبد الله بن سالم البصري المكي (١٠٤٩ -١١٣٤ هـ)

الإمداد في معرفة علوم الإسناد

ثبت حافظ الحجاز ومسنده

الإمام جمال الدين عبد الله بن سالم البصري المكي

(١٠٤٩ -١١٣٤ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد/ الأسانيد أنساب الكتب، وهي التي تحرزها من أن تُنسب إلى غير أصحابها، أو تُعزى إلى غير أربابها، ولا غنى لمن أراد أن يتصل إسناده بكتب أولئك الأماثل من الرجوع إلى كتب الأثبات والمشيخات، التي تزيد معرفتنا بصاحب الثبت، وحياته العلمية والفكرية والاجتماعية، وهذا الثبت المختصر، هو أحد الأثبات الشهيرة المعتمدة في القرن الثاني عشر وما بعده، وقد جمع فيه الشيخ البصري أهم شيوخه، وذكر فيه أسانيده إلى الكتب الستة وغيرها من كتب الحديث والفقه والأصول والنحو واللغة والبلاغة، ثم ختمه بذكر شيوخه في التربية والسلوك وبعض المسلسلات الحديثية.

ويلاحظ أن الشيخ البصري يذكر شيوخه، وعند كل شيخ مروياته وأسانيده، ورتبهم على حسب الجلالة في العلم والحفظ، فابتدأ بالشمس البابلي، وثنّى بمحمد المكتبي وهكذا، ثم يعلق على الأسانيد، مُبيناً ما فيها من العلو، وتفرده به في مصنفه، أو ضبط الأسماء، أو التعريف ببعض الرواة من علماء مكة ومن خارجها، سيما المعاصرين منهم، مما جعله عمدةً في دراسة تاريخ مكة وأعلامها.

وقد أكثر الشيخ سالم من النقل عن الشمس البابلي وإبراهيم الكوراني -نقلاً من ثبتيهما -وكذا نقل أسانيد الروداني في مقدمته (صلة الخلف)، وقد يرفع بعض الأحاديث إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم لا سيما من الكتب الستة والموطأ، بالإضافة إلى أسانيد الأحزاب والأوراد والخرقة في خاتمة الكتاب، ثم الإجازات المدونة على الأصل.

وقد استطاع المحقق أن يوفق بين التعارض في نسبة هذا الكتاب، حيث إنهم اختلفوا فيه؛ فبعضهم ينسبه إلى الابن سالم، وبعضهم إلى أبيه عبد الله، وبعضهم يقول: إنه كتابان، وبعضهم يجعله ثلاثة كتب. وخلص المحقق إلى أنهما كتابان أحدهما للوالد وهو الكبير، والثاني للابن وهو المختصر الذي بين أيدينا.

ترجمة الإمام الحافظ عبد الله بن سالم البصري

* اسمه ونسبه: 

       هو المحدث الجليل، والإمام الحافظ، جمال الدين، أبو سالم عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم البصري، ثم المكي.

يقول الشيخ عبد الحي الكتاني في "فهرسته": ثبت الإمداد الذي جمع فيه مؤلفه أسانيد الحجاز على الحقيقة لا المجاز، الأستاذ الكبير عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى البصري أصلاً، المكي مولداً ومدفناً، الشافعي المولود حدود سنة ١٠٤٩ هـ، والمتوفى سنة ١١٣٤ هـ، وأرخ بعضهم وفاته بقوله: "اعلم الحديث ماتا" وآخر بقوله: "ابك له مات إمام الحديث".

* مولده ونشأته: 

       ولد الإمام البصري عند طلوع الفجر من يوم الأربعاء، رابع شعبان بالرؤية، وخامسه بالحساب، سنة ١٠٤٩ هـ، ثم انتقل به والده إلى البصرة، فنشأ فيها وتربى في ربوعها، ثم عاد إلى مكة، وسكنها بعد ذلك.

* شيوخه في هذا الثبت: 

ويروي الشيخ عبد الله البصري فيه عامة عن: 

عيسى المغربي الجعفري الثعالبي، وشيخه محمد بن علاء الدين البابلي، والشمس محمد بن عليّ المكتبي الدمشقي، ويحيى الشاوي المغربي، وعبد الملك بن محمد التجموعتي السجلماسي، وعبد الله بن سعيد باقشير المكي، ومنصور بن عبد الرزاق الطوخي، وعلي الشبراملسي المصري، وأحمد بن عبد اللطيف البشبيشي المصري، وعلي بن أبي بكر بن الجمال الأنصاري المكي، والشهاب أحمد بن محمد البنا الدمياطي، وأحمد بن سليمان الصُّنيلي (أبو طاقة)، وعبد العزيز بن محمد الزمزمي، والشيخان زين العابدين وعلي ابنا عبد القادر الطبري، ومحمد بن محمد الشرنبلالي المصري، والبرهان إبراهيم بن حسن الكوراني الشافعي، ومحمد بن سليمان المغربي الرداني، والشيخ علي بن عبد القادر الواطي المالكي، والقاضي عصام الدين بن علي زاده العصامي المكي، والقاضي ناج لدين بن أحمد المالكي، والشيخ أحمد بن محمد الأسدي الشافعي، والشيخ عبد الرحمن المكناسي المحجوب، والسيد سعد الله الهندي السورتي، وغيرهم.

ومن شيوخ البصري الذين يترجم لهم في الإمداد: مباركة وزين الشرف الطبريتان، ذكرهما في مشيخته الحافظ الزبيدي في "العقد المكلل".

* تلاميذه:

قرأ عليه خلائق لا يُحصون كثرةً من أقطار العالم الإسلامي من الشام وبلاد الروم، ومصر والعراق واليمن وبلاد المغرب، ومن وقف على تلاميذ البصري، عرف أنه كان أستاذ القرن الثاني عشر، وأنه حافظ عصره، ومحدث أهل زمانه بلا منازع.

       -الشيخ المحدث العلامة إبراهيم بن محمد المعروف بابن حمزة الحسيني (١٠٤٥ -١١٢٠ هـ).، وهو صاحب "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف".

       -الشيخ المحدث الفقيه شمس الدين محمد بن محمد الدِّفري المصري الشافعي (ت ١١٦١هـ).

       -العلامة الشيخ المحقق عمر الهاتفي الفاروقي، وقد أجازه البصري إجازة عامة مطلقة.

       -الشيخ المحدث أبو الفداء إسماعيل بن عبد الله الرومي، ثم المدني (ت ١١٦٠ هـ) تقريباً.

       -الشيخ الفقيه الصالح عبد الله بن عمر بن جيلان البرعي الشافعي.

       -الشيخ العالم الفاضل محمد بن صالح بن رجب الحلي الحنفي (ت ١١٨٧ هـ).

- عيد بن عليّ النمرسي الذي اعتمد على ثبت البصري في ثبته الذي أتمه سنة ١١٣٦هـ.

       -العلامة السيد المقبول بن أبكر البُكاري الأهدل.

يقول الكتاني في "فهرسته": وقد اتصل بالبصري -فيما له من طريق -أغلب تلامذته: كالجوهري، والملوي، والشبراوي، وعبد الحي البهنسي، والحافظ محمد بن إسماعيل الأمير، وعلي بن العربي السقاط، والسيد مصطفى البكري، والعجلوني، والمنيني، وعبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه باعلوي، وحسن بن عبد الرحمن عيديد الحسني، وإبراهيم بن سعيد الإدريسي، وعبد الله بن عمر الأمين الزبيدي، والإمام محمد بن إسحاق ابن أمير المؤمنين الصنعاني، والشمس محمد بن عبد الوهاب بن عليّ الطبري، ومحمد بن حسن بن همات الدمشقي، وعبد الرحمن بن أسلم الحسيني، وعبد المنعم بن التاج القلعي المكي، وأبي الحسن السندي الكبير، وابن عقيلة المكي، والسبط عمر بن عقيل المكي، وأبي طاهر الكوراني، وعبد الله المحجوب الميرغني الطائفي، ويحيى بن عمر الأهدل، والشهاب أحمد بن محمد مقبول الأهدل، ومحمد بن إبراهيم الحسيني الطرابلسي نزيل حلب، وعبد الكريم الشراباتي الحلبي، وعلي الدباغ الحلبي، وأبي العباس ابن ناصر الدرعي كلهم عنه، إلا أن فيها ما هو نازل وما هو عال أ هـ.

* عبادته وزهده:

عاش الشيخ عبد الله البصري، ولم تُعرف له صبوة، ومات رحمه الله وهو مواظب على قيام الليل، وكان ورده في اليوم والليلة ثلث القرآن، ثم لما كبر وجاوز الثمانين صار يقرأ ما أمكنه، ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، ولم يخل وقته من التدريس والتلاوة أو الصلاة والمذاكرة، وكان يقوم الليل بجزأين، حتى في مرضه التي مات فيه.

* ثناء العلماء عليه:

قال عنه الحافظ مرتضى في "التعليقة الجليلة" بعد وصفه للبصري بالإمام المحدث الحافظ: قد اتفقوا على أنه حافظ البلاد الحجازية، اهـ. 

وقال عنه الشيخ إسماعيل بن الشيخ محمد سعيد سكر في إجازته للدمنتي: أمير المؤمنين في الحديث.

وقال عنه الشيخ أبو العباس بن ناصر الدرعي في رحلته وقد لقيه وأخذ عنه: زعم طلبة الحرم أنه فاق أهل الحرمين في الحديث وغيره من سائر العلوم. أهـ

* مصنفاته:

وقد خلّف الشيخ عبد الله بن سالم البصري مصنفات جليلة، منها المطبوع، ومنها المخطوط، منها:

١-إشارات صحيح البخاري وأسانيده (خ).

٢-الإمداد في معرفة علو الإسناد (وهو كتابنا هذا).

٣-أوائل الكتب الستة وغيرها من الكتب المعتمدة والمسماة (الأوائل البصرية) وسيأتي الحديث عنها (خ).

٤-حاشية على تقريب التهذيب لابن حجر (ط).

٥- ضياء الساري في مسالك أبواب صحيح البخاري (خ).

* وفاته:

ومات الشيخ عبد الله بمكة المشرفة قبيل العصر من يوم الاثنين رابع رجب الفرد سنة (١١٣٤ هـ)، وقد بلغ من العمر (٨٤) سنة، وقد حزن لموته الخاص والعام، وغضّ للصلاة عليه بالناس المسجد الحرام. وكانت جنازته حافلة جداً، صلَّى عليه إماماً بالناس السيد الجليل عبد الله باعلي السقاف، ونُقل بعدها إلى المُعلّى، ودفن بزاوية الشيخ العرابي.

* وصف هذا الثبت (الإمداد):

يقول الشيخ عبد الحي الكتاني: والثبت المذكور في نحو ثلاث كراريس طبع قريباً في الهند، وعندي منه نسخة مصححة عتيقة انتسخها في المسجد الحرام تجاه الكعبة المعظمة العلامة المؤرخ الضابط أبو العباس أحمد بن محمد الخياط بن أبي الفضل قاسم بن إبراهيم الفاسي بخطه عام ١١٢٦ هـ، وقرأ بها على الشيخ عبد الله بن سالم، وكتب له في آخرها الإجازة به بالتاريخ المذكور، وهي في ملكي والحمد لله. وعندي منه نسخة أخرى عليها خط الشمس الحفني مجيزاً به لأبي محمد حمدون ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني بتاريخ ١١٦٦ هـ.

وهو من جمع ولده الشيخ سالم. وقد ذكر في أوله أن والده قد انتهى إليه في هذا الزمان علو الإسناد، وألحق الأبناء والأحفاد بالأجداد، وورد له طلب الإجازة من كل مكان سحيق، وكثر الارتحال إليه من كل فج عميق، وكانت أسانيده مفرقة يخشى اندراسها، فجمعها في كتاب سماه: (الإمداد بمعرفة علو الإسناد)، فجاء اسمه تاريخاً لعام تأليفه من غير قصد على سبيل الاتفاق، أهـ.

وبعد أن ذكر الشيخ الأمير في (فهرسته =سد الإرب في علوم الإسناد والأدب) أن اسمه -يعني (الإمداد) جاء تأريخاً لعام تأليفه بحساب الجُمّل [الإمداد (٨١) + بمعرفة (٧٩٢) +علو (١٠٦) +الإسناد (١٤٧) = (١١٢٦ هـ)]، ... وعليها بخط الشهاب أحمد بن الطاهر المراكشي دفين المدينة ما نصه: بهامش نسخة شيخنا عبد القادر المشرفي مبيناً على الرمز هو ١١٢٦ هـ فليحرر من خطه. أهـ.

* الإمداد كتابان: مطوَّل ومختصر:

والإمداد نسختان: مطولة ومختصرة، أو هو عبارة عن كتابين: أصلٌ وفرع بعنوان واحد، واتحاد العنوان قد أوقع بعض العلماء والمفهرسين في إشكالات؛ لأنهم يظنونه كتاباً واحداً، ثم يتحيرون، هل هو من تأليف البصري، أو تأليف ابن سالم؟

يقول المحقق: وقد خطر لي للوهلة الأولى احتمال أن يكون البصري أشار على ابنه يجمع المادة، ثم قدَّم لها البصري نفسه وبيّضها، فمن نسبه للابن فباعتبار الجمع، ومن نسبه للشيخ فباعتبار أنه صاحب الثبت، والمذكورون فيه شيوخه، ثم تبين لي خطأ هذا القول بعد المقارنة بين نسخ الإمداد.

وبما أن نسخة الابن سالم ابن الشيخ عبد الله البصري المختصرة هي المشهورة المنتشرة، نجد عامة العلماء ينسبونه إلى الابن سالم بن عبد الله، وربما استغربوا نسبته إلى الأب، ومن ذلك على سبيل المثال: الشيخ عبد المجيد الزبادي في (رحلته)، وكذا العلامة محمد الأمير الكبير في ثبته (سد الإرب في علوم الإسناد والأدب، ص ٣٨)، والدكتور الحبيب الهيلة في كتابه (التاريخ والمؤرخون)، والعلامة عبد الستار الدِّهلوي الصِّديقي في كتابه (أعذب المواريد في برنامج كتب الأسانيد) وغيره من كتبه.

يقول الكتاني مؤكداً الكلام السابق: وفي إجازة صاحبنا الشهاب العطار للشمس محمد أمين رضوان حين ذكر (الإمداد) لسالم البصري هذا؛ قال: وهو المتداول بين المشايخ، وقد اختصره من ثبت والده المسمى أيضاً (بالإمداد) قاله الشيخ عمر بن عبد الرسول، كما رأيته بخطه. قلت: وقد رأيت الكبير أيضاً من خطه، وهذا ما لم نسمع به قط، وسيأتي في ترجمة سالم البصري من حرف السين أنه أطلع الحافظ الغربي الرباطي على فهارس والده.

والفرق بين الإمدادين: هو أن الأخير الذي لسالم قدَّم له سالم نفسه، مع التصريح باسمه فيه، أكثر فيه الرواية من طريق شيخه الشمس محمد البابلي، الذي أخرج مقروءاته الشيخ عيسى بن محمد الثعالبي المسمى (بمنتخب الأسانيد في وصل المصنفات والأثبات والأسانيد) كما سيأتي، بالإضافة إلى شيوخ آخرين بلغوا (١٨) شيخاً، وذكر فيه إبراهيم الكوراني ومرويات والده عنه (ص ٤٨ – ٦٨)، ومحمد بن سليمان الروداني (ص ٦٨ -٧٣) وغيرهما من الشيوخ، وفي آخره ترجم لمشايخ والده عبد الله بن سالم.

أما الإمداد الأول؛ فهو لوالده عبد الله؛ فقد قدَّم له الوالد نفسه، وصرَّح فيه باسمه، وفيه طول بزيادة ما في (الأمم لإيقاظ الهمم)، وبلغ عدد شيوخه في (٢٤) شيخاً، وهو مشتمل على أسانيد الكتب الستة ويسوق منها حديثاً واحداً بخلاف المختصر فليس فيه شياً من ذلك، ثم في المطول إذا ذكر شيوخه أثنى عليهم وأطنب في ذكرهم بخلاف المختصر، أما تاريخ تأليف الإمداد للأب فلا يُعرف على وجه التحديد، سوى أنه ألفه متأخراً بينما نسخة الابن ألفها في عام ١٢٢٦ ه، ولا شكَّ أن الثبت الكبير ألف قبل هذا التاريخ بوقت قريب؛ وإذا أطلق (الإمداد) لا يُراد به إلا ما جمعه له ولده سالم، وهو المطبوع في المجموعة.

* الاتصال بثبت (الإمداد) من طريق الكتاني:

قلتُ (محمد حنونة): وقد أخبرنا بثبت الإمام الكتاني إجازة جمعٌ من الشيوخ، منهم الشيخ العلامة المعمر عبد الرحمن بن محمد عبد الحي الكتاني، وشيخنا العلامة محمد بن الأمين بوخبزة التطواني المغربي، وشيخنا أحمد ومحمد أبناء السيد أبوبكر بن حسين بن الحبشي (صاحب الدليل المشير)؛ كلهم عن والد الأول حافظ العصر ومسند الوقت ومحدثه العلامة أبو الأسعاد وأبو الإقبال محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني المغربي الفاسي (صاحب فهرس الفهارس).

يقول الكتاني: وأعلى ما حصل لنا به من الاتصالات من طريق تلميذه العلامة المحدث المسند المعمر الشمس محمد بن محمد بن عبد الله المغربي المدني المتوفى سنة ١٢٠١ هـ بعد موت البصري بست وستين سنة، فإنه لتأخر وفاته عن جميع أصحابه المذكورين حصل لنا الاتصال به بعلو، وقد اتصلت بالمغربي المذكور من طريق خمسة من تلاميذه وهم: صالح بن عمر الفلاني، وزين العابدين ابن علوي جمل الليل المدني، ورفيع الدين القندهاري الدكني، ومحمد شاكر العقاد الدمشقي وابن عبد السلام الناصري الدرعي وغيرهم.

(ح) وإجازةً عن مسند العصر الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي، عن الشيخ عمر بن حسين الداغستاني، ومحمد باقر بن نور الجوكجاوي، كلاهما عن السيد عبد الكريم بن حمزة الداغستاني، عن البرهان إبراهيم الباجوري، عن السيد حسن بن درويش القويسني، عن الشيخ أحمد البجيرمي، عن محمد بن محمد الدفري، عن سالم بن عبد الله البصري.

(ح) وقال الفاداني، أخبرني به: العلامة محمد علي ظبيان الكيلاني الدمشقي، عن الأفندي عبد الجليل بن عبد السلام برادة المدني، عن الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي، عن شيخه الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي المدني، عن شيخه الشيخ محمد عابد السندي، عن عمه الشيخ حسين، عن الشيخ أبي الحسن محمد صادق السندي، عن الشيخ محمد حيات السندي، عن الشيخ أبي الحسن السندي الكبير، عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

(ح) وقال الفاداني: أروي عن الشيخ عمر بن حمدان المحرسي، عن السيد أحمد بن إسماعيل البرزنجي، عن أبيه السيد إسماعيل بن زين العابدين البرزنجي، عن صالح بن محمد الفلاني، عن إبراهيم الرئيس الزمزمي المكي، عن سالم بن عبد الله البصري.

(ح) وقال الفاداني: أروي عن الشيخين المعمرين عمر بن أبي بكر باحنيد، وسعيد بن محمد يماني، كلاهما عن العلامة السيد أحمد بن زيني دحلان المكي، عن عثمان بن حسن الدمياطي نزيل مكة المكرمة، عن عبد الله الشرقاوي، عن الشيخ محمد بن سالم البصري.

يقول المحقق (العربي الدائز الفرياطي): أروي هذا الثبت من عدة طرق إلى مؤلفه، ومن ذلك: ما أجازنا به شيخنا العلامة محمد الأمين بوخبزة الحسني التطواني، عن عبد الحفيظ الفاسي، عن أبي الطيب العظيم آبادي، عن حسين بن محمد الأنصاري، عن محمد بن ناصر، عن العلامة الشوكاني، عن السيد عبد القادر، عن محمد حياة السندي، عن المصنف.

ويروي العظيم آبادي: عن الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى الحنبلي الشرقي، والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد، كلاهما عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن النجدي، عن الشيخ القويسني، عن الشيخ داود القلعي، عن الشيخ أحمد الجوهري، وأحمد الملوي، كلاهما عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

(ح) ويروي الشيخ عبد الرحمن بن حسن، عن الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، عن الشيخ مرتضى الحسيني، عن الشيخ عمر بن أحمد بن عقيل، وعن الشيخ أحمد الجوهري، كلاهما عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

وما أجازنا به شيخنا العلامة الفقيه عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، عن علي أبو وادي، عن المحدث نذير حسين الدهلوي، عن محمد إسحاق، عن عبد العزيز، عن ولي الله الدهلوي ومحمد عاشق، كلاهما عن الشيخ أبي طاهر محمد المدني، عن عبد الله بن سالم البصري.

* الثناء على هذا الثبت:

يقول الشيخ عبد الله البصري: فمن طلب علوَّ الإسناد، فعليه بهذا السند العال، والطريق الذي تُشدُّ إليه الرحال، فإنه الذي جمع فأوعى، وحسن جنساً ونوعاً، وحوى كل إمام جهبذ، وهُمام بالحق قد بذ، وبدرُ مطالعه أفق التحقيق، وشمس تتوارى بحجاب التدقيق، تحلّت بهم صدور المحاضر، وتجلت بذكرهم حالات الدساكر. أهـ.

ويقول الشيخ عبد الكريم الشراباتي في "إنالة الطالبين": ولشيخنا البصريُّ ثبتٌ عظيم، أشهر من "قفا نبْكِ"، جمعه ولده الشيخ سالم، وسماه "الإمداد ببيان علو الإسناد"، وهو حريٌّ أن يُكتب بماء الذهب فضلاً عن المداد. أهـ.

ويقول الشيخ عبد الحي الكتاني في "فهرسته": وعلى " إمداد البصري " المدار في الإسناد في القرن الثاني عشر وما بعده، فإن البصري والنخلي انتهت إليهما الرياسة في زمانهما في الدنيا في هذا الشأن لما حصلا عليه من العلو والعمر المديد والسمت الحديثي أهـ.

* اعتناء العلماء بهذا الثبت:

وممن كانت له عناية بهذا الثبت شيخ الجامع الأزهر الشهاب أحمد بن موسى العروسي (ت ١٢٠٨ هـ)، وهو تلميذ الملويّ والشبراوي الآخذين عن البصري، وقد اختصر (الإمداد) في ١٩ ورقة مخطوطة، اقتصر على المهم منه، وهي مؤرخة بتاريخ (١٢٠٣ هـ)، يقول في أولها: "هذه نبذة لطيفة، وعجالة شريفة، لخصتها من سند سيدنا ومولانا الإمام الشهير، والهمام الكبير، ... الشيخ عبد الله بن سالم البصري، من انتهى إليه علو الإسناد، وألحق الأحفاد بالأجداد، وقصد بالإجازة كل ناحية، وفاز بكل مكرمة قاصية ودانية".

وقد أطال الشيخ عثمان بن منصور التميمي (ت ١٢٨٢ هـ) في مقدمة ثبته (فتح الحميد) في ذكر الطرق التي يروي بها الإمداد، ورفعها إلى جملة من تلاميذ البصري، وأحال عليه في الكتب الستة وغيرها.

وظهر هذا الأمر بوضوح في إجازة الشيخ سعد بن عتيق (١٣٤٩ هـ) لعبد الله بن عبد العزيز العنقري، والذي طبع بعناية الشيخ الحبيب محمد زياد التكلة.

* كتاب أوائل الكتب الستة وغيرها أو (الأوائل البصرية):

ذكر هذا الكتاب الشيخ عبد الحي الكتاني؛ فقال: عبد الله بن سالم البصري المكي له كراسة جمع فيها أوائل السنة، ومسند الدارمي، وموطأ مالك، وسنن الدارقطني، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، وسنن أبي مسلم الكشي وسعيد بن منصور، ومسند ابن أبي شيبة، وشرح السنة للبغوي، ومسند الطيالسي، والحارث بن أبي أسامة، والبزاز وأبي يعلى، وابن المبارك، ونوادر الأصول للحكيم الترمذي، ومعجم الطبراني، وكتاب اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي، وتاريخ ابن معين، ومصنفات عبد الرزاق، وسنن البيهقي، فمجموع ما ذكر في أوائله من الكتب الحديثية 28 ولأهل مصر بها اعتناء، والذي جلبها لمصر على مصنفها الشهاب الملوي والشهاب الجوهري. 

وقد وقفت على إجازة البصري لهما بها، سمعتها بمصر على شيخ الجامع الأزهر العلامة المعمر سليم البشري المالكي، وهو عن معمر الشمس الصفتي المالكي عن الأمير الكبير عن الجوهري والملوي عن البصري. 

وسمعت أوائله أيضاً على صديقنا العلامة الصوفي الشيخ سعيد ابن عليّ الموجي الشافعي الأزهري، كما سمعها على شيخه البرهان إبراهيم السقا والشيخ محمد الأنبابي الشافعي الأول، عن حسن بن درويش القويسني، قال: أخبرنا داود القلعي، أنبأنا أحمد جمعة البجيرمي، قال: أنبأنا جامعها عبد الله ابن سالم البصري بها. قلت: هكذا حدثني وكتبت عنه رحمه الله، والصواب أن أحمد البجيرمي يروي عن الشهاب أحمد بن مصطفى الصباغ عن البصري أهـ.

(ح) ويرويها الأنبابي، عن مصطفى الذهبي، عن القويسني أيضاً.

(ح) وسمعت بعضها عن عالم الديار المصرية الوجيه الشربيني، وأجازني بباقيها عن السقا والذهبي والباجوري ثلاثتهم عن القويسني به.

(ح) وسمعتها في المدينة المنورة على عالمها الشهاب أحمد بن إسماعيل البرزنجي حسب روايته لها عن والده السيد إسماعيل عن الشيخ صالح الفلاني، عن محمد بن عبد الله المغربي عن البصري عالياً.

قلت: ويظهر لي أن الأوائل البصرية مقتبسة من (الأمم) للبرهان الكوراني شيخ البصري؛ فإنه اعتنى بذكر أوائل المصنفات الحديثية التي يذكر فيها مع إسنادها.



الثلاثاء، 24 يناير 2023

العائلات الغزية في نفوس السجلات العثمانية إعداد لجنة بإشراف الشيخ د. علي بن عودة الغفري بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

العائلات الغزية في نفوس السجلات العثمانية

إعداد لجنة بإشراف الشيخ د. علي بن عودة الغفري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ من الجميل أن تقع على مثل هذه الموسوعة الغزيَّة النفيسة، التي توثق أنساب أهل غزة، وتصل الأبناء بالآباء، وإنه من العلم الذي اعتنى به الأكابر، وكان في خيار الصحابة وسادتهم.

وهذه الموسوعة التاريخية الكبيرة تضمنت الحديث عما يقرب من ٢٦٢٣٩ شخصاً، وقد جمعت النفوس الغزية الكريمة، والتي عاشت ما بين عامي (١٩٠٣ و ١٩١٥ م)، والتي ضبطت فيها أسماؤهم ومحلات سكنهم، وسماتهم الشخصية، بالإضافة إلى تقييد المواليد والوفيات، وتوثيق حالات الزواج والطلاق، وتغيير العنوان، وسجلات الرجال في ســـن العســـكرية، الأمر الذي وفر لكثير من العائلات معرفة أصول عائلاتهم، وشيئاً من تاريخ آبائهم وأجدادهم.

وتقع هذه الموسوعة المباركة في تسعة مجلدات، وهــي المقدمــة ومجلــدان لحــي الــدرج ومجلــد لحــي التفــاح ومجلــدان لحــي الزيتــــون ومجلــدان لحــي التركمــان ومجلــد لحــي جديــدة، والمجلد العاشر هو فهرسة للعوائل التي تقطن هذه الأحياء وينضوي تحتها، بحيث تسهل الرجوع لها. وقد بلغ عدد الأسر في حي الدرج (١٠٨٦) أسرة، وفي حي التفاح (٤٢٠) أسرة، وعدد الأسر في حي الزيتون (٨٠٢) أسـرة، وعدد الأسر في حي التركمان (٦٩١) أسـرة، وعدد الأسر حـي جديـدة (١٦٤) أسـرة.

وقد بذل الباحث جهداً كبيراً جداً في إخراج هذه المادة، حيث أضاف خرائـط لمدينـة غـزة تبيـن حـدود المدينـة وحـدود الأحيـاء الخمسـة سنة ١٨١٤ م وخارطـة سنة ١٩١٧ م، و إضافــة خرائط تفصيلية لــكل حــي تبيــن الأماكن المهمة والمســاجد والأزقة وحـدود العمــران والبساتين.

وقـد بلـغ عـــدد الســـجلات التـــي تخـــص مدينـــة غزة وقضائهـــا هو ٤٢ ســـجلاً من سجلات العوائل الفلسطينية، مـــن ســـجل (٢٣٨) إلى ســـجل رقم (٢٧٩) أي ٤٢ ســـجلاً، منهـــا ٢٧ ســـجل لغزة وأحيائها الخمســة وهي الدرج والتفاح والزيتـــون والتركمان والجديـــدة، وهو ما تم ترجمته وإحصاؤه فـــي هذا الكتاب، وهو (٨) مجلـــدات لكل حـــي مجلدان منهما، مـــا عدا حـــي التفاح وحـــي جديدة مجلـد واحد لـــكل حي.

ويذكر المؤلف فيه أرقام سجلات النفوس العثمانية في فلسطين، ثم المصطلحات العثمانية في سجلات النفوس العثمانية (ص ١٠)، ثم أنواع السجلات في النفوس العثمانية وتفصيل خاناتها، مع مرفق صورة عنها (ص ١١ - ٣٥)، ثم نبذة يسيرة عن الحكم العثماني لفلسطين (ص ٣٦ - ٣٧)، وتقسيمات لواء غزة أثناء الحكم العثماني، ومساحات الألوية تحت الحكم العثماني بالإضافة إلى تعداد الأنفس في هذه الألوية في العام ١٩٣١ م (ص ٣٧ -٤١).

ثم خصَّ بالذكر الحكم العثماني لغزة ما بين عامي (١٩٠٥ -١٩١٧ م) (ص ٤٣)، ثم خارطة مدينة غزة للعام ١٨٤١م، وأنها لم تكن مساحتها تحتل سوى كيلو متراً مربعاً واحداً فوق تلة كبيرة، وكان يحيـط بهـا سـور عظيـم لـه عـدة أبـواب مـن جهاتــه الأربعة، وكان أهمهــا: بــاب البحــر أو بــاب ”ميمــاس“ نسـبة لمينائهـا غربـاً، وبـاب ”عسقلان“ شمالاً، و“بـاب الخليل“ شـرقاً، وأخيـراً ”بـاب الـدورب“، أو بـاب ”ديـر الـروم“ أو ”الداروم“ جنوبـاً. وقـد اعتـرى هـذه التسـميات الكثيـر مـن التبديـل وفقـا لاختلاف وتبدل الزمـن والحكام، وكانـت هذه الأبواب تغلق مع غـروب الشمـس، مما جعلها حصينة مستعصية على أعدائها.

وكان وسط المدينة حي التفاح وحي الزيتون، أما حي التركمان فكان خارج السور، ثم أضيف إليه حي (الجديدة) فيما بعد، ثم خارطة أخرى لغزة في العام ١٩١٧م، يظهر فيها الامتداد العمراني، حيث البيوت المبنية مـن الحجـر الرملــي والكلس ومعظمهــا مــن الطيــن، وكانت غزة تكتسي بأشجار الزيتون، (انظر ص ٤٤ -٤٦)، ثم صور لمعالم مدينة غزة والتي تضم: صورة عامة لمدينة غزة، وصورة لسورها، واللباس الفلسطيني فترة الحكم العثماني، وبيوت غزة القديمة، والمعالم التاريخية فيها (انظر ص ٤٧ -٦٩).

ثم سجلات نفوس أهل غزة، وواجهة السجلات، وأرقام هذه السجلات، والأسرة الأولى والأخيرة من سجل كل حي من أحياء المدينة (ص ٧٠ -١٠٣). وبعد ذلك التعريف بأحياء مدينة غزة الخمسة (الزيتون -التفاح -الدرج -التركماني -الجديدة) وتحديدها من جميع الجهات، وعدد العائلات في كل حي، وعدد الأسر، وعدد الأنفس، وأهم المعالم الأثرية فيها (ص ١٠٤ -١١٦).

ثم وضع المؤلف -وفقه الله دراسات لزيادة عدد سكان مدينة غزة خلال الفترات الزمنية المختلفة، ابتداءً من الحكم العثماني عام ١٥٩٦م، ومروراً بحكم الانتداب في العام ١٩٣١م، ثم زيادة النفوس بعد الهجرة في العام ١٩٤٨م، ثم النكسة عام ١٩٦٧م، ثم في عهد السلطة عام ١٩٩٥م، وحتى العام ٢٠٢٠م (ص ١١٧ -١٢٤).

ويلي ذلك دراسات في الأسر الغزيّة: مكوناتها، ومتوسط عدد أفرادها، وأكبر الأسر (وهي أسرة علي بن حسين الفار) وأصغرها (مكون من فرد واحد)، ومتوسط العدد في الأسرة (ص ١٢٥ -)، ويلاحظ أن أكبـر عائلات أحيـاء غـزة خمس عائلات، وهـي عائلـة أبـو شـعبان مـن حـي الـدرج ويبلـغ تعـداد أفرادهـا هـو ٢٣٤ فـرد، ثـم عائلـة المصـري مـن حـي الـدرج، ثـم عائلـة سـكيك مـن حـي الزيتـون.

عمل الباحث في الكتاب

1 -تجميـع مـا توفـر مـن سـجالت النفـوس العثمانيـة لمدينـة غـزة مـع الحفـاظ علـى أرقامهـا حسـب الأرشيف مـع ترجمتهـا.

2 -تصنيــف السجلات حســب مسمياتها مــع دراســة كل ســجل لمعرفــة طبيعــة هــذا الســجل ومحتواه ومــا يخصه. 

3 -الحــرص علــى ترجمــة جميــع الأسر والأنفــس كمــا هــي مذكــورة فــي السجلات مــع ذكــر رقــم الأسرة فــي الســجل.

4 -ضـم أسـر كل عائلـة مع بعضها لسهولة الوصول إلى جميع أســر العائلــة الواحـدة ومعرفــة عــدد أســرها وعــدد أفرادها.

5-حافظنا علــى نفــس ترتيــب الجــداول ونفــس الخانات التي توضح أســــم رب الأســــــرة والأبناء الذكور والإناث ومــن يسكـــــن معهــم، وتواريــــخ ميلادهم.

6 -ذكرنا اســم العائلــة كمــا هــو مــدون فــي السجل بغض النظــر إن كانــت العائلــة موجودة الآن أم لا.

7 -اكتفينا فقــط بترجمــة الأسماء وتواريخ الميــلاد وصفــات القرابة حيــث أنهــا الأهم وباقـي الســمات يمكــن الرجــوع إليهــا فــي النســخة العثمانية عنــد الحاجــة بالرجــوع إلــى رقــم الأسرة فــي الســجل. 

8 -تــم عمــل فهــرس لتيسير الوصــول إلــى كل عائلــة. 

9 -إذا شــق علينــا قــراءة أي إســم لعــدم وضـوح الكتابــة أو رداءة التصوير اجتهدنا للوصــول إلــى الإســم الصحيــح.

10-فــــي حالـــــة فقـــــدان بعــــــض الأسماء أو بعـــــض الأسر ننـــــوه لذلــــــك فــي مكانــــــه. 

11 -إضافــة خرائـط وصــور وجــداول تعــرف بغــزة وأحيائها. 

12 -عمــل دراســات تحليليـة للأسر والعائلات الغزية. 

13 -تــم تجاهــل بعــض الأسر التــي تتكــون مــن فــرد أو فرديـن بسـبب عـدم وضـوح أصلها أو عـدم ذكـر إسـم العائلة. 

14 -بعــد الإحصــاء تبيــن أن عــدد الأنفس (26239) نفــس. 

15- وجــدت جميــع الأسر فــي حــي الــدرج فــي أربعــة يجلات وهــي (249- 252 -266 -253) وعـدد الأسر (١٠٨٦) أســرة. 

16 -وجـدت جميـع الأسر فـي حـي التفـاح فـي سـجلين وهمـا (268 -267)، وعـدد الأسر (٤٢٠) أسـرة فقـد منهـا مـا يقـرب من (٥٠) أســرة، وجــدوا فــي سجلات الذكــور المؤهليــن للتنجيــد وتـم ترجمتهـم وإضافتهـم إلـى عائالتهـم، وفـي الإحصاء تـم مضاعفــة عــدد الأنفس الذيــن تــم ترجمتهــم مــن ســجلات الذكـور المؤهليـن للتجنيـد لتعويض عـدد الإنـاث حيـث أنـه فـي تلـك الحقبة كان عـدد الذكور مساوي لعدد الإناث تقريباً. 

17 -وجدت جميع الأسر في حي الزيتون في ثالث سجلات وهي (261 -264 -244) وعـدد الأسر (٨٠٢) أسـرة فقد منهـا ما يقرب مـن (٤٠٠) أسـرة وتـم إيجادهم في سجلات الذكـور المؤهلين للتجنيـد وتـم ترجمتهـم ومضاعفة عـدد الأنفس فـي الإحصاء.

8-وجـدت جميـع الأسر فـي حـي التركمان فـي ثلاث سجلات، وهـم (265- 249- 242) وعدد الأسر (٦٩١) أسـرة تـم ترجمتهـا.

 19 -وجدنـا فـي حـي جديـدة (١٦٤) أسـرة فقـط و متوسـط عـدد أفـراد كل أسـرة  (6 -7) أفـراد وأخـر عـدد أسـرة وجدناه أسـرة رقــم  (١٠٧٤) وبالتالي يكــون المفقــود مــن أســر الحــي مــا يقـرب (٩١٠) أسـرة، وبضـرب هـذا العـدد بمتوسـط عـدد أنفس الأســرة تبيــن أن عــدد ســكان حــي الجديــدة هــو (٨١٦٢).

20 -تــم تقســيم الكتــاب إلــى ٩ مجلدات وهــي المقدمــة ومجلــدان لحــي الــدرج ومجلــد لحــي التفــاح ومجلــدان لحــي الزيتــــون ومجلــدان لحــي التركمــان ومجلــد لحــي جديــدة.

21 -كان الإهتمــام الكبيــر فــي الترجمــة وإخــراج الكتــاب هــو التركيبــة الســكانية ودراســة العائلات وطبيعــة الأسر، دون التطرق للدراســة التاريخيــة أو الإقتصاديــة أو الإجتماعيــة، حيــث أن المقصــد هــو التعــداد الســكاني فقــط، وســهولة التعــرف علــى أصــول العائلات والجــدود زمــن الإحصاء فــي الحكــم العثمانــي مــن ١٩٠٣م -١٩١٥م. 

22 -قمنا بإضافة خرائـط لمدينـة غـزة تبيـن حـدود المدينـة وحـدود الأحيـاء الخمسـة سنة ١٨٤١م وخارطـة سنة ١٩١٧م.

23-إضافــة خرائط تفصيلية لــكل حــي تبيــن الأماكن المهمة والمســاجد والأزقة وحـدود العمــران والبساتين.

24 -إضافة صور جوية للمدينة وأحيائها للتعرف على طبيعة الحي والمباني والشــوارع وحـدود العمران وحدود البساتين. 

25 -إضافــة بعــض الصــور القديمــة لبعــض المســاجد والأحياء والبساتين والمباني والشــوارع والســكان وصــور لبعــض الحِــرف للتعــرف علــى طبيعــة الحيــاة فيهـا. 

26 -عمــل جــداول وإحصاءات الأنفس لمدينــة غــزة خلال فترات متعددة لعمــل مقارنــة واستخلاص النتائــج.

27 -عمـل دراسـة لنسـبة الزيادة للمدينة وأحيائها منذ فترة الحكم العثماني حتى يومنا هـذا لينتفع منهـ الباحثون.

28 -عمـل جـداول تبيـن أكبـر العائلات في غزة وفـي كل حي.

29 -إضافـة جـداول عدد أنفس المـدن الفلسـطينية ١٩٣١ م. 

30 -حرصنا أن تكــون كتابــة وطباعة المجلدات واضحـة والصـور بجــودة عاليــة والخرائط والجداول ُخرجــت بصورة جيدة وواضحـة لسهولة وسرعة الاستفادة منهــا مــع توفيــر نســخة إلكترونيــة مــن الموســوعة لتيســير طبــع ونســخ أي جُــزء فيهــا.

نظرة عامة على الكتاب

المجـــــلد الأول: يحتــوي المقدمــة التــي بهــا تعريــف السجلات وخطــة العمــل فــي الكتــاب ووصــف الحالــة الســكانية لفلســطين ومدينـة غـزة فـي فتـرة الحكـم العثمانـي مـن (١٩٠٣ - ١٩١٥م) وإضافـة بعـض الخرائـط والصـور والجـداول التـي توضـح طبيعـة أحيـاء غـزة الخمسـة، وتبيـن الجـداول المقارنـة بيـن العائـات وحسـاب نسـبة الزيـادة السـكانية.

المجــــلد الثاني: وهـو عبـارة عـن مجلدين يحتويان جميـع الأسر فـي عائلات حي الـدرج وهـو أكبـر الأحيـاء فـي تلـك الفتـرة -وهـو حـي وسـط مدينـة غـزة -وكانت تسكنه أكثـر العائلات، وقـد نشـأت باقـي الأحيـاء منـه. ويبـدأ المجلـد الثانـي فـي الجـزء الأول مـن الحـرف ( أ -ز) وعددهم ٥٦٠أسـرة، و الجـزء الثانـي يبـدأ مـن الحــرف(س -ي) وعددهم ٥٢٢ أسرة.

المجــــلد الثالث: وهو عبارة عن عائلات حي التفاح وهو أصغر الأحياء في تلك الفترة وآخرها نشأة ويبدأ بالأسرة رقم (١ إلى الأسرة رقم ٤٢٠).

المجــــلد الرابع: وهــو عبــارة عــن عائلات حــي الزيتــون وهــو ترجمــة لثلاث سجلات عثمانية ويبــدأ المجلــد الرابــع بالجــزء الأول مــن الحــرف (أ -ش) وعددهم ٤٣٠ أســرة، والجــزء الثانــي مــن الحــرف (ص- ي) وعددهم ٣٨٢ أســرة.

المجلد الخامس: وهــو عبــارة عــن عائــات حــي التركمان وهــو ترجمــة لســجلين عثمانيين، ويبــدأ الجــزء الأول منــه بالحرف (أ -س) وعددهم ٣٥٥ أســرة، والجــزء الثانــي يبــدأ بالحرف (ع - ي) وعددهم ٣٣٧ أســرة.

المجلد السادس وهو عبارة عن عائلات حي جديدة ويبلغ عدد الأسر ١٠٧٤، والتي تـم الحصـول عليها وتـم ترجمتها فقط ١٦٤ والمفقود منه حوالي ٩١٠ أسر.

الحكم العثماني لفلسطين

(١٥١٦ -١٩١٧ م)

خضعت فلسطين للحكم العثماني عـام ١٥١٦ م، وكانت البلاد قـد قسـمت إلـى خمسـة مناطـق تسمى سناجق، وهـي سنجق القدس، وغزة، وصفد، ونابلس، واللجون، وأحيانـاً كانت تحمل أسماءً أخــرى، وكان السلطان العثماني في الأستانة يعيـن حكامــاً وولاة أتــراكاً يديرون شــؤون هــذه السناجق، وكانــت تتوســع حــدود هــذه السناجق وتضـيـق حســب ســطوه وقــوة هــؤلاء الــولاة، وفــي فتــرات عديــدة تمـردت بعــض المناطــق علــى حكــم الأتراك، وخرجــت مــن الطاعـة لهـم وخاصـة فـي فتـرات ضعـف الولاة وزمـن حملات المماليــك علــى فلســطين والشــام حتــى وصلــوا إلــى حــدود الدولــة العثمانية الأم، وكانــت بعــض الأســر لســطوتها تنفــرد فــي الحكــم مثــل أســرة (آل رضــوان) فــي غــزة (والجــزار) فــي عــكا (وطاهــر العمــر) فــي صيدا وشمال فلســطين.

وفــي نهايــة الحكــم العثماني وقبـل دخــول احتلال الإنجليزي كامــل فلســطين، وبعــد أن اجتهد الأتراك فــي رد العـدوان الإنجليزي علــى فلســطين وهزمهم الأتراك فــي وقعتيــن فــي مدينــة غــزة، لكــن بعــد أن اســتقدم الانجليز الأسطول البحري والطيـران وقصفوا مدينـة غـزة مـن الجـو و البحـر والبـر سقطت المدينة وانسحب منهـا الأتراك، ثـم سقطت القــدس وســائر المــدن الفلسـطينية تحــت الحكــم الانجليزي عــام ١٩١٧ م والذي استمر لثلاثــة عقود حتــى انسحبوا منها وتركوها لدولــة العـدوان ١٩٤٧ م. وبعد احتلال الإنجليز لكامـل فلسـطين قاموا بتقسيم البلاد إلى ٦ ألوية: 

١ -لواء القدس٢-لواء غــــــزة ٣-لواء اللــــد ٤ -لواء نابلس ٥ -لواء حيــــفا 6 -لواء الجليل.

وكان لــواء غــزة أكبــر هــذه الألوية مســاحة حيــث بلغــت مســاحة اللــواء (٦٨٩.١٣) كــم مربعــاً، وكانـت مدينـة غزة سـنة ١٩٣١ م رابع أكبر مدينة فلسطينية بعد القدس ويافا وحيفا؛ حيــث بلــغ عــدد ســكان مدينـة غـزة عام ١٩١٧ م حوالي ٣٠.٠٠٠ نسـمة.

أهم الإحصائيات على نتائج تعداد سكان مدينة غزة في العهد العثماني

 ١- يلاحظ أن أكبر الأحياء تعداداً للأنفـس هـو حـي الـدرج حيـث أنـه هـو أول الأحياء ويقع في مدينة غزة القديمة التي نشأت فوق التل حيث بلغ عدد سكان هذا الحي سنة ١٩٠٦م هو (٨٨٦١) نفس، وقد تكون نشأة العائلات في هذا الحي منذ ١٥٠٠ م، وتقع فيه جميع المباني الحكومية مثل: قصر الباشا وبلدية غزة القديمة ومركز الشرطة.

٢- باقي الأحياء إنما نشأت من حي الدرج بتوسع العائلات، وأول الأحياء نشأة بعـده هـو حي الزيتون حيث أن كثيراً من العائلات تمددت في حي الزيتون وكان لهـا أمـلاك فيـه. 

٣- بتوسع عائلات حي الدرج نشأ حي التفاح إلى الشمال وقد بدأ كنـز لـه وبساتين يملكها بعـض عائلات حي الدرج ويسكنها الوافدون والقادمون إلى مدينة غزة وربما نشأ هذا الحي في بداية ١٧٠٠ م.

٤- كان حي التركمان وهو من الأحياء القديمة حيث يوجد فيه مساجد بنيت في عهود متقدمة مثل مسجد بن عثمان ومسجد الظافر دمري، وكان يسكنه العسكر وقد انتقل إليـه بعـض أفراد العائلات وخاصة من حي الزيتون للقرب بينهما وكان مشهور بكثرة البساتين والمزارع. 

٥- نشأ حي جديدة في نفس الوقت الذي نشأ فيه حي التركمان حيث أنه يقع إلى الشمال من حي التركمان ولا يفصل بينهما إلا شارع وعائلاته لها إمتداد في حي التركمان، ويقع فيه العديد من المباني الأثرية مثل: مسجد المحكمة ومسجد السيد علي ومسجد الهواشي وغيرها ويلاحظ كثرة عائلات هذا الحي وازدحام الأزقة.

أهم الملاحظات على الزيادة في تعداد الأنفس خلال مائة عام (١٩١٧ -٢٠١٧ م)

١.كان عدد سكان غزة في آخر العهد العثماني ما يقرب من ثلاثين ألف نسمة. 

٢.نتيجـة الحـرب العالميـة الأولـى وخـروج الأتراك مـن غـزة رحلـت الكثيـر مـن العائــات عنهـا إلـى يافا والمـدن المجاورة، ورجـع أهـل غـزة إليهـا وكان عددهـم مـا يقـرب مـن سـبعة عشـر ألـف نسـمة. 

٣. زاد عـدد السـكان خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين حتـى بلـغ عـدد السـكان قبـل نهايـة الإنتداب سـنة ١٩٤٧ م إلـى مـا يقـرب مـن أربعيـن ألف نسـمة. 

٤. نتيجـة هجـرة القـرى إلـى غـزة بعـد قـرار التقسـيم سنة ١٩٤٨ م ازداد عـدد سـكان زيـادة ظاهـرة وبلغوا تقريبـا ثمانيـن ألـف نسـمة. 

٥. بلغ عدد سكان القطاع قبل حرب النكسة سنة ١٩٦٧ م ما يقرب مائة وخمسون ألف نسمة. 

٦. بلغ عدد سكان القطاع قبل رجوع السلطة الفلسطينية سنة ١٩٩٤ م إلى ما يقرب من ٨٥٤.٣١٥ نسمة. 

٧.بلغ السكان في التعداد حتى نهاية ٢٠٢٠ م في القطاع إلى ما يقارب٢.٢٥٤.٠٠٠ نسمة.