أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 يناير 2023

الإمداد في معرفة علوم الإسناد ثبت حافظ الحجاز ومسنده الإمام جمال الدين عبد الله بن سالم البصري المكي (١٠٤٩ -١١٣٤ هـ)

الإمداد في معرفة علوم الإسناد

ثبت حافظ الحجاز ومسنده

الإمام جمال الدين عبد الله بن سالم البصري المكي

(١٠٤٩ -١١٣٤ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد/ الأسانيد أنساب الكتب، وهي التي تحرزها من أن تُنسب إلى غير أصحابها، أو تُعزى إلى غير أربابها، ولا غنى لمن أراد أن يتصل إسناده بكتب أولئك الأماثل من الرجوع إلى كتب الأثبات والمشيخات، التي تزيد معرفتنا بصاحب الثبت، وحياته العلمية والفكرية والاجتماعية، وهذا الثبت المختصر، هو أحد الأثبات الشهيرة المعتمدة في القرن الثاني عشر وما بعده، وقد جمع فيه الشيخ البصري أهم شيوخه، وذكر فيه أسانيده إلى الكتب الستة وغيرها من كتب الحديث والفقه والأصول والنحو واللغة والبلاغة، ثم ختمه بذكر شيوخه في التربية والسلوك وبعض المسلسلات الحديثية.

ويلاحظ أن الشيخ البصري يذكر شيوخه، وعند كل شيخ مروياته وأسانيده، ورتبهم على حسب الجلالة في العلم والحفظ، فابتدأ بالشمس البابلي، وثنّى بمحمد المكتبي وهكذا، ثم يعلق على الأسانيد، مُبيناً ما فيها من العلو، وتفرده به في مصنفه، أو ضبط الأسماء، أو التعريف ببعض الرواة من علماء مكة ومن خارجها، سيما المعاصرين منهم، مما جعله عمدةً في دراسة تاريخ مكة وأعلامها.

وقد أكثر الشيخ سالم من النقل عن الشمس البابلي وإبراهيم الكوراني -نقلاً من ثبتيهما -وكذا نقل أسانيد الروداني في مقدمته (صلة الخلف)، وقد يرفع بعض الأحاديث إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم لا سيما من الكتب الستة والموطأ، بالإضافة إلى أسانيد الأحزاب والأوراد والخرقة في خاتمة الكتاب، ثم الإجازات المدونة على الأصل.

وقد استطاع المحقق أن يوفق بين التعارض في نسبة هذا الكتاب، حيث إنهم اختلفوا فيه؛ فبعضهم ينسبه إلى الابن سالم، وبعضهم إلى أبيه عبد الله، وبعضهم يقول: إنه كتابان، وبعضهم يجعله ثلاثة كتب. وخلص المحقق إلى أنهما كتابان أحدهما للوالد وهو الكبير، والثاني للابن وهو المختصر الذي بين أيدينا.

ترجمة الإمام الحافظ عبد الله بن سالم البصري

* اسمه ونسبه: 

       هو المحدث الجليل، والإمام الحافظ، جمال الدين، أبو سالم عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم البصري، ثم المكي.

يقول الشيخ عبد الحي الكتاني في "فهرسته": ثبت الإمداد الذي جمع فيه مؤلفه أسانيد الحجاز على الحقيقة لا المجاز، الأستاذ الكبير عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى البصري أصلاً، المكي مولداً ومدفناً، الشافعي المولود حدود سنة ١٠٤٩ هـ، والمتوفى سنة ١١٣٤ هـ، وأرخ بعضهم وفاته بقوله: "اعلم الحديث ماتا" وآخر بقوله: "ابك له مات إمام الحديث".

* مولده ونشأته: 

       ولد الإمام البصري عند طلوع الفجر من يوم الأربعاء، رابع شعبان بالرؤية، وخامسه بالحساب، سنة ١٠٤٩ هـ، ثم انتقل به والده إلى البصرة، فنشأ فيها وتربى في ربوعها، ثم عاد إلى مكة، وسكنها بعد ذلك.

* شيوخه في هذا الثبت: 

ويروي الشيخ عبد الله البصري فيه عامة عن: 

عيسى المغربي الجعفري الثعالبي، وشيخه محمد بن علاء الدين البابلي، والشمس محمد بن عليّ المكتبي الدمشقي، ويحيى الشاوي المغربي، وعبد الملك بن محمد التجموعتي السجلماسي، وعبد الله بن سعيد باقشير المكي، ومنصور بن عبد الرزاق الطوخي، وعلي الشبراملسي المصري، وأحمد بن عبد اللطيف البشبيشي المصري، وعلي بن أبي بكر بن الجمال الأنصاري المكي، والشهاب أحمد بن محمد البنا الدمياطي، وأحمد بن سليمان الصُّنيلي (أبو طاقة)، وعبد العزيز بن محمد الزمزمي، والشيخان زين العابدين وعلي ابنا عبد القادر الطبري، ومحمد بن محمد الشرنبلالي المصري، والبرهان إبراهيم بن حسن الكوراني الشافعي، ومحمد بن سليمان المغربي الرداني، والشيخ علي بن عبد القادر الواطي المالكي، والقاضي عصام الدين بن علي زاده العصامي المكي، والقاضي ناج لدين بن أحمد المالكي، والشيخ أحمد بن محمد الأسدي الشافعي، والشيخ عبد الرحمن المكناسي المحجوب، والسيد سعد الله الهندي السورتي، وغيرهم.

ومن شيوخ البصري الذين يترجم لهم في الإمداد: مباركة وزين الشرف الطبريتان، ذكرهما في مشيخته الحافظ الزبيدي في "العقد المكلل".

* تلاميذه:

قرأ عليه خلائق لا يُحصون كثرةً من أقطار العالم الإسلامي من الشام وبلاد الروم، ومصر والعراق واليمن وبلاد المغرب، ومن وقف على تلاميذ البصري، عرف أنه كان أستاذ القرن الثاني عشر، وأنه حافظ عصره، ومحدث أهل زمانه بلا منازع.

       -الشيخ المحدث العلامة إبراهيم بن محمد المعروف بابن حمزة الحسيني (١٠٤٥ -١١٢٠ هـ).، وهو صاحب "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف".

       -الشيخ المحدث الفقيه شمس الدين محمد بن محمد الدِّفري المصري الشافعي (ت ١١٦١هـ).

       -العلامة الشيخ المحقق عمر الهاتفي الفاروقي، وقد أجازه البصري إجازة عامة مطلقة.

       -الشيخ المحدث أبو الفداء إسماعيل بن عبد الله الرومي، ثم المدني (ت ١١٦٠ هـ) تقريباً.

       -الشيخ الفقيه الصالح عبد الله بن عمر بن جيلان البرعي الشافعي.

       -الشيخ العالم الفاضل محمد بن صالح بن رجب الحلي الحنفي (ت ١١٨٧ هـ).

- عيد بن عليّ النمرسي الذي اعتمد على ثبت البصري في ثبته الذي أتمه سنة ١١٣٦هـ.

       -العلامة السيد المقبول بن أبكر البُكاري الأهدل.

يقول الكتاني في "فهرسته": وقد اتصل بالبصري -فيما له من طريق -أغلب تلامذته: كالجوهري، والملوي، والشبراوي، وعبد الحي البهنسي، والحافظ محمد بن إسماعيل الأمير، وعلي بن العربي السقاط، والسيد مصطفى البكري، والعجلوني، والمنيني، وعبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه باعلوي، وحسن بن عبد الرحمن عيديد الحسني، وإبراهيم بن سعيد الإدريسي، وعبد الله بن عمر الأمين الزبيدي، والإمام محمد بن إسحاق ابن أمير المؤمنين الصنعاني، والشمس محمد بن عبد الوهاب بن عليّ الطبري، ومحمد بن حسن بن همات الدمشقي، وعبد الرحمن بن أسلم الحسيني، وعبد المنعم بن التاج القلعي المكي، وأبي الحسن السندي الكبير، وابن عقيلة المكي، والسبط عمر بن عقيل المكي، وأبي طاهر الكوراني، وعبد الله المحجوب الميرغني الطائفي، ويحيى بن عمر الأهدل، والشهاب أحمد بن محمد مقبول الأهدل، ومحمد بن إبراهيم الحسيني الطرابلسي نزيل حلب، وعبد الكريم الشراباتي الحلبي، وعلي الدباغ الحلبي، وأبي العباس ابن ناصر الدرعي كلهم عنه، إلا أن فيها ما هو نازل وما هو عال أ هـ.

* عبادته وزهده:

عاش الشيخ عبد الله البصري، ولم تُعرف له صبوة، ومات رحمه الله وهو مواظب على قيام الليل، وكان ورده في اليوم والليلة ثلث القرآن، ثم لما كبر وجاوز الثمانين صار يقرأ ما أمكنه، ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، ولم يخل وقته من التدريس والتلاوة أو الصلاة والمذاكرة، وكان يقوم الليل بجزأين، حتى في مرضه التي مات فيه.

* ثناء العلماء عليه:

قال عنه الحافظ مرتضى في "التعليقة الجليلة" بعد وصفه للبصري بالإمام المحدث الحافظ: قد اتفقوا على أنه حافظ البلاد الحجازية، اهـ. 

وقال عنه الشيخ إسماعيل بن الشيخ محمد سعيد سكر في إجازته للدمنتي: أمير المؤمنين في الحديث.

وقال عنه الشيخ أبو العباس بن ناصر الدرعي في رحلته وقد لقيه وأخذ عنه: زعم طلبة الحرم أنه فاق أهل الحرمين في الحديث وغيره من سائر العلوم. أهـ

* مصنفاته:

وقد خلّف الشيخ عبد الله بن سالم البصري مصنفات جليلة، منها المطبوع، ومنها المخطوط، منها:

١-إشارات صحيح البخاري وأسانيده (خ).

٢-الإمداد في معرفة علو الإسناد (وهو كتابنا هذا).

٣-أوائل الكتب الستة وغيرها من الكتب المعتمدة والمسماة (الأوائل البصرية) وسيأتي الحديث عنها (خ).

٤-حاشية على تقريب التهذيب لابن حجر (ط).

٥- ضياء الساري في مسالك أبواب صحيح البخاري (خ).

* وفاته:

ومات الشيخ عبد الله بمكة المشرفة قبيل العصر من يوم الاثنين رابع رجب الفرد سنة (١١٣٤ هـ)، وقد بلغ من العمر (٨٤) سنة، وقد حزن لموته الخاص والعام، وغضّ للصلاة عليه بالناس المسجد الحرام. وكانت جنازته حافلة جداً، صلَّى عليه إماماً بالناس السيد الجليل عبد الله باعلي السقاف، ونُقل بعدها إلى المُعلّى، ودفن بزاوية الشيخ العرابي.

* وصف هذا الثبت (الإمداد):

يقول الشيخ عبد الحي الكتاني: والثبت المذكور في نحو ثلاث كراريس طبع قريباً في الهند، وعندي منه نسخة مصححة عتيقة انتسخها في المسجد الحرام تجاه الكعبة المعظمة العلامة المؤرخ الضابط أبو العباس أحمد بن محمد الخياط بن أبي الفضل قاسم بن إبراهيم الفاسي بخطه عام ١١٢٦ هـ، وقرأ بها على الشيخ عبد الله بن سالم، وكتب له في آخرها الإجازة به بالتاريخ المذكور، وهي في ملكي والحمد لله. وعندي منه نسخة أخرى عليها خط الشمس الحفني مجيزاً به لأبي محمد حمدون ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني بتاريخ ١١٦٦ هـ.

وهو من جمع ولده الشيخ سالم. وقد ذكر في أوله أن والده قد انتهى إليه في هذا الزمان علو الإسناد، وألحق الأبناء والأحفاد بالأجداد، وورد له طلب الإجازة من كل مكان سحيق، وكثر الارتحال إليه من كل فج عميق، وكانت أسانيده مفرقة يخشى اندراسها، فجمعها في كتاب سماه: (الإمداد بمعرفة علو الإسناد)، فجاء اسمه تاريخاً لعام تأليفه من غير قصد على سبيل الاتفاق، أهـ.

وبعد أن ذكر الشيخ الأمير في (فهرسته =سد الإرب في علوم الإسناد والأدب) أن اسمه -يعني (الإمداد) جاء تأريخاً لعام تأليفه بحساب الجُمّل [الإمداد (٨١) + بمعرفة (٧٩٢) +علو (١٠٦) +الإسناد (١٤٧) = (١١٢٦ هـ)]، ... وعليها بخط الشهاب أحمد بن الطاهر المراكشي دفين المدينة ما نصه: بهامش نسخة شيخنا عبد القادر المشرفي مبيناً على الرمز هو ١١٢٦ هـ فليحرر من خطه. أهـ.

* الإمداد كتابان: مطوَّل ومختصر:

والإمداد نسختان: مطولة ومختصرة، أو هو عبارة عن كتابين: أصلٌ وفرع بعنوان واحد، واتحاد العنوان قد أوقع بعض العلماء والمفهرسين في إشكالات؛ لأنهم يظنونه كتاباً واحداً، ثم يتحيرون، هل هو من تأليف البصري، أو تأليف ابن سالم؟

يقول المحقق: وقد خطر لي للوهلة الأولى احتمال أن يكون البصري أشار على ابنه يجمع المادة، ثم قدَّم لها البصري نفسه وبيّضها، فمن نسبه للابن فباعتبار الجمع، ومن نسبه للشيخ فباعتبار أنه صاحب الثبت، والمذكورون فيه شيوخه، ثم تبين لي خطأ هذا القول بعد المقارنة بين نسخ الإمداد.

وبما أن نسخة الابن سالم ابن الشيخ عبد الله البصري المختصرة هي المشهورة المنتشرة، نجد عامة العلماء ينسبونه إلى الابن سالم بن عبد الله، وربما استغربوا نسبته إلى الأب، ومن ذلك على سبيل المثال: الشيخ عبد المجيد الزبادي في (رحلته)، وكذا العلامة محمد الأمير الكبير في ثبته (سد الإرب في علوم الإسناد والأدب، ص ٣٨)، والدكتور الحبيب الهيلة في كتابه (التاريخ والمؤرخون)، والعلامة عبد الستار الدِّهلوي الصِّديقي في كتابه (أعذب المواريد في برنامج كتب الأسانيد) وغيره من كتبه.

يقول الكتاني مؤكداً الكلام السابق: وفي إجازة صاحبنا الشهاب العطار للشمس محمد أمين رضوان حين ذكر (الإمداد) لسالم البصري هذا؛ قال: وهو المتداول بين المشايخ، وقد اختصره من ثبت والده المسمى أيضاً (بالإمداد) قاله الشيخ عمر بن عبد الرسول، كما رأيته بخطه. قلت: وقد رأيت الكبير أيضاً من خطه، وهذا ما لم نسمع به قط، وسيأتي في ترجمة سالم البصري من حرف السين أنه أطلع الحافظ الغربي الرباطي على فهارس والده.

والفرق بين الإمدادين: هو أن الأخير الذي لسالم قدَّم له سالم نفسه، مع التصريح باسمه فيه، أكثر فيه الرواية من طريق شيخه الشمس محمد البابلي، الذي أخرج مقروءاته الشيخ عيسى بن محمد الثعالبي المسمى (بمنتخب الأسانيد في وصل المصنفات والأثبات والأسانيد) كما سيأتي، بالإضافة إلى شيوخ آخرين بلغوا (١٨) شيخاً، وذكر فيه إبراهيم الكوراني ومرويات والده عنه (ص ٤٨ – ٦٨)، ومحمد بن سليمان الروداني (ص ٦٨ -٧٣) وغيرهما من الشيوخ، وفي آخره ترجم لمشايخ والده عبد الله بن سالم.

أما الإمداد الأول؛ فهو لوالده عبد الله؛ فقد قدَّم له الوالد نفسه، وصرَّح فيه باسمه، وفيه طول بزيادة ما في (الأمم لإيقاظ الهمم)، وبلغ عدد شيوخه في (٢٤) شيخاً، وهو مشتمل على أسانيد الكتب الستة ويسوق منها حديثاً واحداً بخلاف المختصر فليس فيه شياً من ذلك، ثم في المطول إذا ذكر شيوخه أثنى عليهم وأطنب في ذكرهم بخلاف المختصر، أما تاريخ تأليف الإمداد للأب فلا يُعرف على وجه التحديد، سوى أنه ألفه متأخراً بينما نسخة الابن ألفها في عام ١٢٢٦ ه، ولا شكَّ أن الثبت الكبير ألف قبل هذا التاريخ بوقت قريب؛ وإذا أطلق (الإمداد) لا يُراد به إلا ما جمعه له ولده سالم، وهو المطبوع في المجموعة.

* الاتصال بثبت (الإمداد) من طريق الكتاني:

قلتُ (محمد حنونة): وقد أخبرنا بثبت الإمام الكتاني إجازة جمعٌ من الشيوخ، منهم الشيخ العلامة المعمر عبد الرحمن بن محمد عبد الحي الكتاني، وشيخنا العلامة محمد بن الأمين بوخبزة التطواني المغربي، وشيخنا أحمد ومحمد أبناء السيد أبوبكر بن حسين بن الحبشي (صاحب الدليل المشير)؛ كلهم عن والد الأول حافظ العصر ومسند الوقت ومحدثه العلامة أبو الأسعاد وأبو الإقبال محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني المغربي الفاسي (صاحب فهرس الفهارس).

يقول الكتاني: وأعلى ما حصل لنا به من الاتصالات من طريق تلميذه العلامة المحدث المسند المعمر الشمس محمد بن محمد بن عبد الله المغربي المدني المتوفى سنة ١٢٠١ هـ بعد موت البصري بست وستين سنة، فإنه لتأخر وفاته عن جميع أصحابه المذكورين حصل لنا الاتصال به بعلو، وقد اتصلت بالمغربي المذكور من طريق خمسة من تلاميذه وهم: صالح بن عمر الفلاني، وزين العابدين ابن علوي جمل الليل المدني، ورفيع الدين القندهاري الدكني، ومحمد شاكر العقاد الدمشقي وابن عبد السلام الناصري الدرعي وغيرهم.

(ح) وإجازةً عن مسند العصر الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي، عن الشيخ عمر بن حسين الداغستاني، ومحمد باقر بن نور الجوكجاوي، كلاهما عن السيد عبد الكريم بن حمزة الداغستاني، عن البرهان إبراهيم الباجوري، عن السيد حسن بن درويش القويسني، عن الشيخ أحمد البجيرمي، عن محمد بن محمد الدفري، عن سالم بن عبد الله البصري.

(ح) وقال الفاداني، أخبرني به: العلامة محمد علي ظبيان الكيلاني الدمشقي، عن الأفندي عبد الجليل بن عبد السلام برادة المدني، عن الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي، عن شيخه الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي المدني، عن شيخه الشيخ محمد عابد السندي، عن عمه الشيخ حسين، عن الشيخ أبي الحسن محمد صادق السندي، عن الشيخ محمد حيات السندي، عن الشيخ أبي الحسن السندي الكبير، عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

(ح) وقال الفاداني: أروي عن الشيخ عمر بن حمدان المحرسي، عن السيد أحمد بن إسماعيل البرزنجي، عن أبيه السيد إسماعيل بن زين العابدين البرزنجي، عن صالح بن محمد الفلاني، عن إبراهيم الرئيس الزمزمي المكي، عن سالم بن عبد الله البصري.

(ح) وقال الفاداني: أروي عن الشيخين المعمرين عمر بن أبي بكر باحنيد، وسعيد بن محمد يماني، كلاهما عن العلامة السيد أحمد بن زيني دحلان المكي، عن عثمان بن حسن الدمياطي نزيل مكة المكرمة، عن عبد الله الشرقاوي، عن الشيخ محمد بن سالم البصري.

يقول المحقق (العربي الدائز الفرياطي): أروي هذا الثبت من عدة طرق إلى مؤلفه، ومن ذلك: ما أجازنا به شيخنا العلامة محمد الأمين بوخبزة الحسني التطواني، عن عبد الحفيظ الفاسي، عن أبي الطيب العظيم آبادي، عن حسين بن محمد الأنصاري، عن محمد بن ناصر، عن العلامة الشوكاني، عن السيد عبد القادر، عن محمد حياة السندي، عن المصنف.

ويروي العظيم آبادي: عن الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى الحنبلي الشرقي، والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد، كلاهما عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن النجدي، عن الشيخ القويسني، عن الشيخ داود القلعي، عن الشيخ أحمد الجوهري، وأحمد الملوي، كلاهما عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

(ح) ويروي الشيخ عبد الرحمن بن حسن، عن الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، عن الشيخ مرتضى الحسيني، عن الشيخ عمر بن أحمد بن عقيل، وعن الشيخ أحمد الجوهري، كلاهما عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

وما أجازنا به شيخنا العلامة الفقيه عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، عن علي أبو وادي، عن المحدث نذير حسين الدهلوي، عن محمد إسحاق، عن عبد العزيز، عن ولي الله الدهلوي ومحمد عاشق، كلاهما عن الشيخ أبي طاهر محمد المدني، عن عبد الله بن سالم البصري.

* الثناء على هذا الثبت:

يقول الشيخ عبد الله البصري: فمن طلب علوَّ الإسناد، فعليه بهذا السند العال، والطريق الذي تُشدُّ إليه الرحال، فإنه الذي جمع فأوعى، وحسن جنساً ونوعاً، وحوى كل إمام جهبذ، وهُمام بالحق قد بذ، وبدرُ مطالعه أفق التحقيق، وشمس تتوارى بحجاب التدقيق، تحلّت بهم صدور المحاضر، وتجلت بذكرهم حالات الدساكر. أهـ.

ويقول الشيخ عبد الكريم الشراباتي في "إنالة الطالبين": ولشيخنا البصريُّ ثبتٌ عظيم، أشهر من "قفا نبْكِ"، جمعه ولده الشيخ سالم، وسماه "الإمداد ببيان علو الإسناد"، وهو حريٌّ أن يُكتب بماء الذهب فضلاً عن المداد. أهـ.

ويقول الشيخ عبد الحي الكتاني في "فهرسته": وعلى " إمداد البصري " المدار في الإسناد في القرن الثاني عشر وما بعده، فإن البصري والنخلي انتهت إليهما الرياسة في زمانهما في الدنيا في هذا الشأن لما حصلا عليه من العلو والعمر المديد والسمت الحديثي أهـ.

* اعتناء العلماء بهذا الثبت:

وممن كانت له عناية بهذا الثبت شيخ الجامع الأزهر الشهاب أحمد بن موسى العروسي (ت ١٢٠٨ هـ)، وهو تلميذ الملويّ والشبراوي الآخذين عن البصري، وقد اختصر (الإمداد) في ١٩ ورقة مخطوطة، اقتصر على المهم منه، وهي مؤرخة بتاريخ (١٢٠٣ هـ)، يقول في أولها: "هذه نبذة لطيفة، وعجالة شريفة، لخصتها من سند سيدنا ومولانا الإمام الشهير، والهمام الكبير، ... الشيخ عبد الله بن سالم البصري، من انتهى إليه علو الإسناد، وألحق الأحفاد بالأجداد، وقصد بالإجازة كل ناحية، وفاز بكل مكرمة قاصية ودانية".

وقد أطال الشيخ عثمان بن منصور التميمي (ت ١٢٨٢ هـ) في مقدمة ثبته (فتح الحميد) في ذكر الطرق التي يروي بها الإمداد، ورفعها إلى جملة من تلاميذ البصري، وأحال عليه في الكتب الستة وغيرها.

وظهر هذا الأمر بوضوح في إجازة الشيخ سعد بن عتيق (١٣٤٩ هـ) لعبد الله بن عبد العزيز العنقري، والذي طبع بعناية الشيخ الحبيب محمد زياد التكلة.

* كتاب أوائل الكتب الستة وغيرها أو (الأوائل البصرية):

ذكر هذا الكتاب الشيخ عبد الحي الكتاني؛ فقال: عبد الله بن سالم البصري المكي له كراسة جمع فيها أوائل السنة، ومسند الدارمي، وموطأ مالك، وسنن الدارقطني، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، وسنن أبي مسلم الكشي وسعيد بن منصور، ومسند ابن أبي شيبة، وشرح السنة للبغوي، ومسند الطيالسي، والحارث بن أبي أسامة، والبزاز وأبي يعلى، وابن المبارك، ونوادر الأصول للحكيم الترمذي، ومعجم الطبراني، وكتاب اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي، وتاريخ ابن معين، ومصنفات عبد الرزاق، وسنن البيهقي، فمجموع ما ذكر في أوائله من الكتب الحديثية 28 ولأهل مصر بها اعتناء، والذي جلبها لمصر على مصنفها الشهاب الملوي والشهاب الجوهري. 

وقد وقفت على إجازة البصري لهما بها، سمعتها بمصر على شيخ الجامع الأزهر العلامة المعمر سليم البشري المالكي، وهو عن معمر الشمس الصفتي المالكي عن الأمير الكبير عن الجوهري والملوي عن البصري. 

وسمعت أوائله أيضاً على صديقنا العلامة الصوفي الشيخ سعيد ابن عليّ الموجي الشافعي الأزهري، كما سمعها على شيخه البرهان إبراهيم السقا والشيخ محمد الأنبابي الشافعي الأول، عن حسن بن درويش القويسني، قال: أخبرنا داود القلعي، أنبأنا أحمد جمعة البجيرمي، قال: أنبأنا جامعها عبد الله ابن سالم البصري بها. قلت: هكذا حدثني وكتبت عنه رحمه الله، والصواب أن أحمد البجيرمي يروي عن الشهاب أحمد بن مصطفى الصباغ عن البصري أهـ.

(ح) ويرويها الأنبابي، عن مصطفى الذهبي، عن القويسني أيضاً.

(ح) وسمعت بعضها عن عالم الديار المصرية الوجيه الشربيني، وأجازني بباقيها عن السقا والذهبي والباجوري ثلاثتهم عن القويسني به.

(ح) وسمعتها في المدينة المنورة على عالمها الشهاب أحمد بن إسماعيل البرزنجي حسب روايته لها عن والده السيد إسماعيل عن الشيخ صالح الفلاني، عن محمد بن عبد الله المغربي عن البصري عالياً.

قلت: ويظهر لي أن الأوائل البصرية مقتبسة من (الأمم) للبرهان الكوراني شيخ البصري؛ فإنه اعتنى بذكر أوائل المصنفات الحديثية التي يذكر فيها مع إسنادها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق