سورة الصف دراسة تحليلية موضوعية
بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في علوم القرآن والتفسير
سعاد مصطفى إدريس وانزة
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذه الدراسة التحليلية الموضوعية، تناولت فيها الباحثة تفسير سورة من سور القرآن الكريم، تقع في الجزء الثامن والعشرين، وهي السورة الواحدة بعد الستين في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد غزوة أحد، وهي وسورة (الصف)، أو وسورة (الحواريين)، وتقع هذه السورة في أربعة عشر آية، وعدد كلماتها ٢٢١ كلمة، وحروفها ٩٠٠ حرف.
والموضوع الأساسي التي عالجته هذه السورة، هو حث المؤمنين على الجهاد في سبيل الله على قلب رجل واحد، وهي برونقها وتناسقها تقرر في ضمير كل مسلم أن دينه هو المنهج الإلهي الصحيح الذي اصطفاه الله للبشرية، وأن الله تعالى أراد له أن يكون خاتمة الرسالات، كما اختار نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم الأنبياء. وشاء الله تعالى أن يظهره على الدين كله في الأرض. وقد عالجت سورة الصف قضايا كثيرة من شأنها الإسهام في حل كثير من المعضلات التي تواجهها الأمة اليوم.
وفي هذا البحث نجد أن الباحثة تفسر آيات هذه السورة بطريقة منهجية موضوعية، فتذركر معاني المفردات في كل مقطع، ثم المعنى الإجمالي، ثم أوجه الإعراب، والقراءات، ثم العناصر البلاغية فيه. وكتاب الله فيه من الآيات الباهرة والعجائب الظاهرة ما يجعله محط الإعجاب ليأخذ بعقول أولي الألباب فيحرك الهمم وينشط العزائم لما حوى من جمال التعبير ومتانة الأسلوب.
أسماء سورة الصف:
تسمى سورة الصف وسورة الحواريين.
تصنيفها:
المختار أنها مدنية وهو قول الجمهور، ولا عبرة بقول إنها مكية لأن آياتها المحرضة على القتال ترده لأنه لم يشرع الجهاد إلا في المدينة.
فضلها:
روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، عن عرباض بن سارية (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد، وقال: إن فيهن آية أفضل من ألف آية).
أسباب النزول: ورد في سبب نزول وسورة الصف ثلاثة أقوال:
القول الأول : ما رواه أحمد عن عبد الله بن سلام قال تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى فلم يقم أحد منا فأرسل إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فجمعنا فقرأ علينا هذه السورة يعني سورة الصف كلها. وهو أرجح هذه الأقوال.
ورواه الترمذي عن عبد الله بن سلام بسند مسلسل بقراءة السورة قال قعدنا نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا فقلنا لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه فأنزل الله: (سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون) وهو قول ابن عباس، واختاره ابن جرير.
القول الثاني: أنها نزلت في شأن القتال يقول الرجل قاتلت ولم يقاتل وطعنت ولم يطعن وضربت ولم يضرب وصبرت ولم يصبر ولم يكونوا فعلوا ذلك. وهو قول قتادة والضحاك.
القول الثالث: أنها نزلت في قوم من المنافقين كانوا يعدون المسلمين النصر ولا يفون لهم بذلك.
فصول الدراسة:
جاءت الدراسة لهذه السورة في ثلاث فصول:
الفصل الأول: عبارة عن مدخل للسورة يتضمن أسماء السورة، وسبب تسميتها، والمكي والمدني في السورة، ومتى نزلت وفضائل السورة، وترتيبها في النزول، وعدد آياتها وكلماتها وحروفها. وكذا المحاور الأساسية التي تدور حولها.
الفصل الثاني: بعد تقسيم السورة إلى أربع مقاطع تم تفسير كل مقطع تفسيرا تحليلياً يضم المناسبة وأسباب نزول الآيات، معاني المفردات، الإعراب، البلاغة، المعنى العام للآيات القرآنية ثم القراءات الواردة في السورة، خاصة المتواترة منها.
وهناك بعض القراءات الشاذة منها ما يوافق قراءة من القراءات المتواترة، ولو بوجه، ومنها ما لم يُشهد لها موافقة لأي من القراءات المتواترة، وهذه الأخيرة تمت الإشارة إليها في آخر كل فقرة إن وُجدت. هذا وقد تم بيان حجة بعض من القراءات عند الحاجة.
أما الفصل الثالث: فقد تم فيه الوقوف على بعض الموضوعات التي تم استمدادها من آيات هذه السورة وهداياتها. وفي واقع الأمر هذا الفصل يقتضي مزيداً من البحث والاستقصاء والتفكير في ضوء ما كتبه الأئمة والعلماء، مستهديا بالكتاب والسنة، وفقه سلف الأمة، لكن، ولكون هذا البحث تكميليا لا يستدعي التعمق الكثير فقد تناول دراسة خفيفة لموضوعين فقط في السورة:
١ - توحيد الصفوف.
٢ - التجارة مع الله.
ثم اختتمت الدراسة بخاتمة مختصرة مناسبة، مع ذكر بعض المصادر والمراجع.
أهداف البحث:
- ابتغاء مرضات الله تعالى
- إثراء المكتبة ببحث في التفسير التحليلي الموضوعي يشمل كل ما يتعلق بسورة الصف من أسباب نزول وقراءات ومعاني وبلاغة وبيان ...
- إبراز موضوعين أساسيين من السورة ودراستهما دراسة موضوعية علمية.
- تفعيل دور التصور القرآني وانعكاسه على المجتمع.
- إبراز المقومات التي يبنى عليها توحيد الصفوف والتجارة مع الله.
- التدريب على الكتابة في موضوع يتعلق بأشرف العلوم على الإطلاق وهو القرآن الكر
منهج الباحثة في البحث:
اختارت الباحثة في تفسيرها لسورة الصف هذا المنهج التحليلي الموضوعي متتبعا خطواته على التوالي:
١-عمل مدخل يتضمن تعريفاً إجمالياً بالسورة مع بيان ما اشتملت عليه من مواضيع.
٢- تقسيم الآيات القرآنية إلى وحدات موضوعية.
٣-دراسة تحليلية لتلك الوحدات الموضوعية مع إيراد لأسباب نزول الآيات في أصح ما ورد فيها، وتوضيح بعض اللغويات من معاني وبلاغة وإعراب ثم بيان للمعنى الإجمالي مع العناية بالقراءات.
٤-ثم الوقوف على بعض مواضيع السورة منها توحيد الصفوف والتجارة مع الله تعالى.
وهذا الأسلوب يوصل الباحث إلى الهدف الذي يسعى من أجله وهو توضيح بعض المعاني الغامضة في النص القرآني وإزالة الالتباس وإظهار الأسلوب المعجز له ومناقشة الآراء وترجيح الصائب منها بالدليل عبر خطوات منهجه مع استخلاص الفوائد منه وربطها بالواقع.
موضوعات السورة:
- اللوم والتعنيف على مخالفة القول للعمل
- التحريض على الجهاد في سبيل الله والثبات فيه.
- صدق الإيمان والثبات في نصرة الدين.
- البشارة بمحمد على لسان عيسى عليه السلام.
- التحذير من أذى الرسول صلى الله عليه وسلم تعريضا باليهود مثل كعب بن الأشرف.
- ضرب المثل لذلك بفعل اليهود مع موسى وعيسى والتعريض بالمنافقين.
- محمد صلى اللّه عليه وسلم أرسل بالهدى والدين الحق،
- الوعد على إخلاص الإيمان والجهاد بحسن مثوبة الآخرة والنصر والفتح.
-الأمر بنصرة الدين والائتساء بالحواريين.
الخلاصة والخاتمة (الباحثة): خلصت الدراسة إلى ما يلي:
١. على الرغم من أن السورة قد تمت دراستها وتفسيرها منذ زمن يمكن القول أن الإنسان المسلم لا يزال في حاجة إلى تفسير آيات القرآن الكريم وتدارسها وتدبرها، وهذا يجعله يكتشف أسراراً جديدة ومعاني رائعة لم تخطر على بال أحد من قبل وهذا يزيده حبا لتلاوة القرآن وتدبره،
٢. هذه السورة الكريمة على الرغم من قصرها تشمل موضوعات كثيرة في الإيمان والأخلاق والأصول،
٣. عداوة اليهود للمسلمين عداوة تاريخية مستمرة،
٤. إن أفضل شيء في التفسير أن يُربط بالواقع. فترى القرآن كأنه نزل الآن يخاطب الناس في زمانهم هذا.
وختاماً فإن الحمد لله نحمده ونشكره على الهداية والتوفيق والتيسير، وسبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق