أزاهرة ليسوا أشاعرة
عبد الغني بن نصير
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب فيه ذكر مقالات أكابر علماء الأزهر المعاصرين في فرقة الأشاعرة، وتبيين بدعهم في التأويلات، وموافقتهم للجهمية في بعض الجزئيات، وذكر ستةً منهم، وهم: العلامة عبد الظاهر أبو السمح، والعلامة محمد حامد الفقي، والعلامة عبد الرحمن الوكيل، والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، والعلامة محمد خليل هراس، والشيخ عبد الرزاق عفيفي.
ومن ناحية فكرة البحث؛ فجميلة، ولكنها قاصرة جداً، حيث يوجد من هو أهم وأعلى رتبة في الأزهر، ممن له تحرر من الفكر الجبري الأشعري المتعانق غالباً مع الفكر الخرافي الصوفي.
بل منهم من نال منصب شيخ الأزهر (الإمام الأكبر) لاحقاً، ممن كان مناصراً للدعوة الإصلاحية السلفية وينتسب إليها، أو متفهما لأهميتها الإصلاحية، وخاصة من تلاميذ الإمام محمد عبده وهو مناصر لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في حرب القبورية مع ميل للعقلانية.
ومثله عدد من أصحابه ممن نال مناصب في الأزهر والإفتاء، وهؤلاء العلماء وإن خلطوا الاتجاه الإصلاحي التجديدي بشيء من العقلانية والعصرانية، إلا أنهم شجعوا الاتجاه السلفي لتعرية الخرافة والجمود والجبرية الأشعرية، مثل:
محمد الخضر حسين، ومصطفى المراغي وشلتوت وغيرهم، ولا ننسى أيضاً دور الشيخ محمود خطاب السبكي في الجمعية الشرعية وتحوله الكبير لمناصرة الحركة الاصلاحية، والذي يتوافق مع دور تلاميذ رشيد رضا الإصلاحي كأعلام وجمعيات والطبقات المثقفة من المجتمع المصري، خاصة محب الدين الخطيب والإمام حسن البنا ومن أدركهم كمحمد حامد الفقي وأحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي، وقائمة طويلة من العلماء والمحققين.
بل وامتدَّ هذا الأمر إلى الأدباء والمثقفين كالرافعي والمنفلوطي والعقاد وتلاميذهم وغيرهم وجلهم أزاهرة، أو تتلمذوا على أيدي الأزاهرة،
وكلهم من مناصري الدعوة السلفية المتحررة من ربق الجبرية الأشعرية، والخرافات القبورية، والدعوة الإصلاحية النجدية كانت بسيطة شبه جامدة حتى وصلت إلى من شرب من نيل مصر، فنفخوا فيها روح العالمية والتجديد والحيوية.
ولا شك أن الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي هي عالة على ريادة الأزاهرة والمصريين، الذين قادوا هذه الحركة المباركة، ونشروا التوحيد الخالص في أرجاء الأرض وأنحائها.
وخلاصة القول أن الأشاعرة سلكوا في باب الاعتقاد منهجتً توفيقياً مزجياً- وهو منهج ابتليت به الأمة الإسلامية قديما وحديثاً -بين الطريقة العقلية التي سلكتها المعتزلة والطريقة الشرعي التي سلكها علماء السلف، وقد عكر هذا المنهج مواقفه الباطلة وأفسد كثيراً - في حين أراد إصلاحا وتوفيقا!
هذا المنهج - الذي انتهجه الأشاعرة والماتريدية - والذي يرى إمكان الجمع بين الوحي والفلسفة، بين منهج القرآن ومنهج اليونان، والخروج بموقف أو رأي وسط بينهما أو مركب منهما!!
وينبغي أن يعلم أنه ليس المقصود من التركيب أو التوفيق الجمع، فإن أصحابه كثيراً ما يردون على النهجين كليهما (منهج أهل السنة ومنهج الفلاسفة). وانظر مثالاً حياً في كلام الدكتور البوطي في مقدمة كتابه كبرى اليقينيات.
ولهذا شهد الخط البياني لهذا المنهج تذبذباً شديداً، ثم انحيازاً تاماً في النهاية إلى جانب الفلسفة على حساب اليقينيات الشرعية والقرآنية النبوية.
وأختم بتساؤل مشروع، وضعه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه "الفتوى الحموية" رداً على من فضل طريقة الخلف (التأويل) على طريقة السلف (الإثبات والتسليم)؛ فيقول: "كيف يكون هؤلاء المحجوبون المنقوصون، المسبوقون الحيارى المتهوكون: أعلم بالله وأسمائه وصفاته، وأحكم في باب آياته وذاته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل، وأعلام الهدى ومصابيح الدجى، الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا، الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء، [فضلاً عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم]، وأحاطوا من حقائق المعارف، وبواطن الحقائق، بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة.
ثم كيف يكون خير قرون الأمة، أنقص في العلم والحكمة ـ لا سيما العلم بالله وأحكام آياته وأسمائه ـ من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم؟ أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة وأتباع الهند واليونان، وورثة المجوس والمشركين، وضلال اليهود والنصارى والصابئين وأشكالهم وأشباههم؛ أعلم بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن والإيمان؟! انتهى.
مقالات أكابر علماء الأزهر المعاصرين في فرقت الأشاعرة وتبيين بدعهم:
عَبِدُ الظاهر أبُو السَّمِح – مُحَمَّد حَامِدُ الفقي– أحِمَد شَاكِر - عبد الرحمن الوكيل -مُحَمَّد عَبِدُ الرزاق حمزة- محمد خليل هرّاس- عَبِدُ الرزاق العفيفي.
رب يسر بفضلك يا كريم ، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الموصوف بصفات الجلال المنعوت بنعوت الكمال …
فنفي حقائق أسمائه متضمن للتعطيل والتشبيه، وإثبات حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه.
فالمعطل: جاحد لكمال المعبود .
والممثل: مشبة له بالعبيد.
والموحد: مبين لحقائق أسمائه وكمال أوصافه. وذلك قطب رحى التوحيد .
فالمعطل: يعبد عدماً. والممثل: يعبد صنماً. والموحد: يعبد رباً ليس كمثله شيء، له الأسماء الحسنى، والصفات العلى وسع كل شيء رحمة وعلماً.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه وحجته على عباده فهو رحمته المهداة إلى العالمين ونعمته التي أتمها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترة من الرسل، ودروس من الكتب، وطموس من السبل، وقد استوجب أهل الأرض أن ينزل بساحتهم العذاب، وقد نظر الجبار جل جلاله إليهم فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب.
وكانت الأمم إذ ذاك ما بين مشرك بالرحمن عابد للأوثان وعابد للنيران وعابد للصلبان أو عابد للشمس والقمر والنجوم كافر بالله الحي القيوم أو تائه في بيداء ضلالته حيران قد استهواه الشيطان وسد عليه طريق الهدى والإيمان؛ فالمعروف عنده ما وافق إرادته ورضاه والمنكر ما خالف هواه قد تخلى عنه الرحمن، وقارنه الخذلان يسمع ويبصر بحواه لا بمولاه، ويبطش ويمشي بنفسه وشيطانه، لا بالله فباب الهدى دونه مسدود وهو عن الوصول إلى معرفة ربه واتباع مرضاته مصدود...
فإنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا لذة ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأفعاله ويكون أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه ويدنيها من مرضاته، ومن المحال أن تستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك وإدراكه على التفصيل، فاقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين وإليه داعين ولمن أجابهم مبشرين ومن خالفهم منذرين وجعل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة جميعها وإن الخوف والرجاء والمحبة والطاعة والعبودية تابعة لمعرفة المرجو المخوف المحبوب المطاع المعبود .. فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله ثم يتبع ذلك أصلان عظيمان:
أحدهما: تعريف الطريق الموصلة إليه وهي شريعته المتضمنة لأمره ونهيه
الثاني: تعريف السالكين ما لهم بعد الوصول إليه من النعيم الذي لا ينفد وقرة العين التي لا تنقطع.
وهذان الأصلان تابعان للأصل الأول ومبنيان عليه فأعرف الناس بالله أتبعبهم للطريق الموصل إليه وأعرفهم». (مقدمة كتاب: «الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة» لابن القيم: ١/ ١٤٨).
وبعد: فقد كثر المنافحون عن الأشاعرة المعطلين صفات ربِّ العالمين، حتى إني لأخشى أن يكون صار هذا المنهج هو السائد في جنبات الأزهر بمصرنا الحبيبة الميمونة، وللأسف منذ أن انبرى الداعية محمد حسان المصري القطبي الخارجي، والمتسلف زورا قد ادعى في شهادة له علنية مصورة أن: «الأشاعرة هم أهل السنة !!».
وقد أحدث هذا الداعية بلبلة عظيمة في صفوف المتعلمين والدارسين، وأفرح بشهادته الزور هذه كثيراً من المعطلين الأشعريين وغيرهم ممن طربوا بسماع عبارته هذه. الأمر الذي يستوجب الرد عليه علانية كما أنه أظهر انحرافه علانية، وأنا في هذه الرسالة الموجزة أحشد أقوالا لـ «سبعة علماء من أبرز رجالات الأزهر» في العصر الحديث، إن لم يكن أبرزهم بالفعل، مرتباً على زمن وفياتهم، ليكون حجة على الأزهريين الأشعريين أولاً، ويكون أيضًا بمثابة الردّ على المدعو محمد بن حسان القطبي شاهد الزور ثانياً.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبله مِنّي ومِنْ قارئه وناشره وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأسأله تعالى أن يخفظ علينا ديننا وعقيدتنا ومصر وطننا و جَيْشَنا وشعبنا، وأن يُوفِّقَ ولاة أُمُورِنا لصالح القول والعمل ولما يحب ويــــرضـى وأَنْ يَدْحَضَ الإِرْهَابَ والجماعات والأفكار الضالة المضلة، وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصَحْبِه وَسلّم
كتبه الفقير إلى عفو ربه سبحانه: عَبْدُ الغَنِي بْنُ نُصَيْر، 7 محرم ١٤٤٣ هـ.
إمام الحرم المكي الشيخ عبد الظاهر أبو السمح (ت: ١٣٧٠ هـ)
نقل الشيخ في آخر كتابه «حياة القلوب بدعاء علام الغيوب» عقيدة أبي الحسن الأشعري من كتابه «مقالات الإسلاميين».
ثم قال رحمه الله: « يقول عبدالظاهر محمد أبو السمح، إمام الحرم المكي ومدير دار الحديث وبكل ما ذكر من قوله نقول ، وبما دانوا به ندين، على بصيرة ونور، لا بعصبية وتقليد».
وقد نقلنا هذه النسخة حرفياً من كتاب «المقالات» للإمام أبي الحسن الأشعري، لتكون حجة على الذين يزعمون أنهم أشعريو العقيدة وهم في الحقيقة جهميون، أتباع الجهم بن صفوان الخبيث، المنكر صفات الرب سبحانه وتعالى، النَّافي كل ما دلت عليه الآيات والأحاديث بالتأويل والتعطيل» (أرشيف ملتقى الحديث: ٣٤/ ٣٥٤).
***
تعريف بالشيخ عبد الظاهر أبو السمح: هو عبد الظاهر (أو محمد عبد الظاهر) ابن محمد، نور الدين التليني، أبو السمح خطيب الحرم المكي وإمامه، من وعاظ الفقهاء الأزهريين. من بلدة التلين في الشرقية بمصر. تفقه في الأزهر. وقام بإمامة مسجد «أبي هاشم» برمل الإسكندرية. واستقدمه الملك عبد العزيز بن سعود إلى مكة وولاه الخطابة والإمامة بالحرم المكي وإدارة دار الحديث (١٣٤٥ - ١٣٧٠ هـ) له رسائل، منها «حياة القلوب بدعاء علام الغيوب»، و «الأولياء والكرامات»، و «الرسالة المكية » وله نظم. وتوفي بمستشفى في القاهرة. سنة ١٣٧٠ هـ/ ١٩٥٠ م. « الأعلام للزركلي (١١/٤) بتصرف.
***
الشيخ العلامة المحدث أبو الأشبال أحمد شاكر (ت: ١٣٧٧ هـ)
قال رحمه الله: «الإثبات: مذهب أهل السنة في إثبات الصفات الله تعالى كما وصف نفسه، وإثبات القدر بلا تأويل خلافا لأهل القدر، وهم نفاته وللجهمية والمعطلة للصفات» (تحقيق المسند للإمام أحمد: ١/ ١٨٩).
قال رحمه الله : «والأحاديث في رؤية المؤمنين ربهم عَزَّ وَجَلَّ ثابتة ثبوت التواتر. من أنكرها فإنماأنكر شيئًا معلوم من الدين بالضرورة. وإنما ينكر ذلك الجهمية والمعتزلة، ومن تبعهم من الخوارج والإمامية،( تحقيق المسند للإمام أحمد: ٧/ ٤٣٠). وانظر شرح الطحاوية، لقاضي القضاة ابن أبي العز، بتحقيقنا، ص: ١٢٦ -١٣٩.
ونقل رحمه الله: كلام الإمام الترمذي مؤيداً، قال : «فقال الترمذي ٢/ ٢٣-٢٤: وقال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث، وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، وتزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا - قال: قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن بها. ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟ هكذا روي عن مالك ابن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، انهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية، فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه! وقد ذكر الله تبارك وتعالى في غير موضع من كتابه - اليد والسمع والبصر. فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسر أهل العلم! وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده! وقالوا: إنما معنى اليد القوة !! وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا تشبيه. وأما إذا قال كما قال الله: يد، وسمع، وبصر. ولا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع – فهذا لا يكون تشبيهاً. وهو كما قال الله تبارك وتعال: ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير» (حاشية جامع البيان في تأويل القرآن: ٦/ ٢٠، بتحقيق شاكر)
وقال رحمه الله : « وقد لهج أعداءُ السُّنة أعداء الإسلام في عصرنا، وشغفوا بالطعن في أبي هريرة، وتشكيك الناس في صدقه وفي روايته. وما إلى ذلك أرادوا، وإنما أرادوا أن يصلوا زعموا إلى تشكيك الناس في الإسلام، تبعاً لسادتهم المبشرين. وإن تظاهروا بالقصد إلى الاقتصار على الأخذ بالقرآن، أو الأخذ بما صح من الحديث في رأيهم. وما صح من الحديث في رأيهم إلا ما وافق أهواءهم وما يتبعون من شعائر أوربة وشرائعها.
ولن يتورع أحدهم عن تأويل القرآن، إلى ما يخرج الكلام عن معنى اللفظ في اللغة التي نزل بها القرآن ليوافق تأويلهم هواهم وما إليه يقصدون !!.
وما كانوا بأول من حارب الإسلام من هذا الباب، ولهم في ذلك سلف من أهل الأهواء قديماً. والإسلام يسير في طريقه قدما، وهم يصيحون ما شاؤا، لا يكاد الإسلام يسمعهم، بل هو إما يتفاهم لا يشعر بهم، وإذا يدمرهم تدميراً.
ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون يكاد يرجع في أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون بفرق واحد فقط أن أولئك الأقدمين زائغين كانوا أم ملحدين، كانوا علماء مطلعين، أكثرهم ممن أضله الله على علم!!
أما هؤلاء المعاصرون فليس إلا الجهل والجرأة، وامتضاغ ألفاظا يحسنونها، يقلدون في الكفر، ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم !!
ولقد رأيت الحاكم أبا عبد الله، المتوفى سنة ٤٠٥ هـ، حكى في كتابه المستدرك (٣/ ٥١٣) كلام شيخ شيوخه، إمام الأئمة، أبي بكر محمد بن إسحق بن خزيمة، المتوفي سنة ٣١١ هـ، في الرد على من تكلم في أبي هريرة رضي الله عنه- فكأنما هو يرد على أهل عصرنا هؤلاء.
وهذا نص كلامه: "وإنما يتكلم في أبي هريرة، لدفع أخباره من قد أعمى الله قلوبهم، فلا يفهمون معاني الأخبار: "إما معطل جهمي، يسمع أخباره التي يرونها خلاف مذهبهم - الذي هو كفر - فيشتمون أبا هريرة، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه تمويها على الرعاء والسفل، أن أخباره لا تثبت بها الجنة. !
"وإما خارجي، يرى السيف على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا يرى طاعة خليفة ولا إمام، إذا سمع أخبار أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم ، خلاف مذهبهم الذي هو ضلال- لم يجد حيلة في دفع أخباره بحجة ، وبرهان كان مفزعه الوقيعة في أبي هريرة!...». (تحقيق المسند للإمام أحمد: ٦/ ٥٢٣).
***
تعريف بالشيخ أحمد محمد شاكر: هو أحمد بن محمد شاكر بن أحمد ابن عبد القادر، من آل أبي علياء يرفع نسبه إلى الحسين بن علي: عالم بالحديث والتفسير مصري. مولده ووفاته في القاهرة. وأبواه من بلاد (جرجا) بصعيد مصر. سماه أبوه أحمد، شمس الأئمة أبا الأشبال، واصطحبه معه حين ولي القضاء في السودان سنة (١٩٠٠ م) فأدخله في كلية (غوردون) وانتقل، وهو معه إلى الإسكندرية فألحقه بمعهدها سنة (١٩٠٤ م) ثم إلى القاهرة، وألحقه بالأزهر ففاز بشهادة العالمية سنة (١٩١٧ م) وعين في بعض الوظائف القضائية. ثم كان قاضيا الى سنة (١٩٥١م) ورئيساً للمحكمة الشرعية العليا وأحيل إلى (المعاش) فانقطع للتأليف والنشر إلى أن توفي من أعماله تحقيق «المسند» لأحمد بن حنبل ، و «عمدة التفسير». ومن كتبه «نظام الطلاق في الإسلام»، و«أبحاث في أحكام» و «الشرع واللغة» وله تحقيقات رسالة الإمام الشافعي ، و «جماع العلم» للشافعي ، و «لباب الآداب» لابن منقذ، و«المعرب» للجواليقي. توفي سنة ١٨٩٤ - ١٩٢٧ م، «الأعلام» (١/ ٢٥٣) بتصرف.
***
الشيخ العلامة المتفنن محمد حامد الفقي (ت: ١٣٧٨ هـ)
قال رحمه الله: «وما انقضى القرن الثامن الهجري، حتى كان الجو العلمي مكهربا بنظريات ابن تيمية وابن القيم، ولم يستطع حزب الطواغيت ، أن يحط من قدر هذين المجاهدين، ولا أن يفل من سلاحهما على كثرة ما بذل من أنواع الجهود وما اتخذ من أسباب الأذى. ولقد كان من أضعف سلاحهم الكذب والافتراء الدال على نذالة في النفوس وحقارة، وأنه لم يبق عندهم من صفات الرجولة شيء، فقد قالوا عن شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه مجسم ومشبه الله بخلقه، إذ قالوا كذبًا أنه قال: إن الله ينزل كنزولي هذا ونزل درجتين من المنبر - كما اتهموه هو وتلميذه ابن القيم بأنهما يحقران عباد الله الصالحين وآل بيت النبي الطاهرين، وينكران كرامات الأولياء المتقين، وقالوا غير ذلك من الأكاذيب والمفتريات التي لا تروج إلا على من فقد كل شيء من الذوق والإحساس، أما من كمله الله بالعقل والتمييز فإنه يرجع إلى كتبهم المنتشرة في كل البلاد، فلا يجد فيها إلا تنزيهاً لله تعالى بما نزه هو نفسه، وتوضيحا لما في القرآن والسنة النبوية من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وصواعق مرسلة على الجهمية والمعطلة، ويرى فيها جموع الجيوش الإسلامية حشدت لغزو أولئك المعطلة والجهمية، تسمهم بميسم الصغار والهوان، وتقطع لسنتهم الكاذبة، التي تقول على الله وفي الله بالهوى والرأي لا بالعلم والبرهان» (أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب: ص ١٨).
قال رحمه الله: «ولقد عمَّ الشرُّ والبلاء بهذه المؤلفات المشككة في الله وفي صفاته التي اختارها – وهو الحكيم الخبير - ووصف بها نفسه في كتابه العربي المبين . ووصفه بها رسوله الذي ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى. وآمن بها على ما أنزلها الله، وكما تلاها رسول الله - الصحابة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ولا عن معنى قوله يد الله فوق أيديهم ولا عن غير ذلك... هذا حالهم وهذا سبيلهم سبيل الهدى والرشاد. فهل للناس أن يرجعوا إليه ويتوبوا إلى تلك الفرقة الناجية بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي من كان على ما كان عليه هو وأصحابه ، فهل كان عند أصحابه هذه الكتب وهذا الجدل العنيف وهذا المراء ، وهذه الأدلة والبراهين العقيمة ؟ كلا والله. اللهم اجعلنا على سبيلهم، وسُنَّ بنا واجمعنا بهديهم، وعلمهم، وعملهم في الدنيا، واجمعنا بهم وبإمامهم المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، واجشرنا في زمرته» (مقدمة كتاب: الرد على بشر المريسي للدارمي).
***
تعريف بالشيخ محمد حامد الفقي: هو الشيخ العلامة محمد حامد الفقي. ولد في نكلي العنب إحدى قرى مديرية البحيرة بمصر، نشأ في كنف والدين كريمين فوالده الشيخ أحمد عبده الفقي تلقى تعليمه بالأزهر ولكنه لم يكمله لظروف اضطرته لذلك. أما والدته فقد كانت تحفظ القرآن وتجيد القراءة والكتابة، وبين هذين الوالدين نما وترعرع وحفظ القرن وسنه وقتذاك اثني عشر عاما ، ثم التحق بالازهر، ونال شهادة العالية، وأسس جماعة أنصار السنة المحمدية. وحمل على أهل الطرق فلحقه بسبب ذلك عداة وبعضهم، ودرس بالمعهد العلمي بمكة كما أصدر بها «مجلة الاصلاح». من آثاره: تحقيق العديد من الكتب القيمة منها: «الشريعة» للآجري، ورد الإمام عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد»، و« اقتضاء السراط المستقيم»، و«القواعد النورانية الفقهية»، و«المسائل الماردينية»، و«الحموية الكبرى» لابن تيمية ، و«إغاثة اللفهان»، و«المنار المنيف»، و«مدارج السالكين»، و«الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» لابن القيم، و«فتح المجيد» لعبد الرحمن بن حسن، و«الرسالة التدمرية»، وغيرها الكثير. توفي رحمه الله فجر الجمعة ٧: رجب ١٣٧٨ هـ الموافق ١٦يناير ١٩٥٩م على إثر عملية جراحية أجراها بمستشفى العجوزة، وبعد أن نجحت العملية أصيب بنزيف حاد وعندما اقترب أجله طلب ماء للوضوء ثم صلى ركعتي الفجر بسورة الرعد كلها. وبعد ذلك طلب من إخوانه أن ينقل إلى دار الجماعة حيث توفى بها . «معجم المؤلفين» لكحالة (٩/ ١٧٢) مكتبة المثنى - بيروت، دار إحياء التراث العربي بيروت . «المعجم الجامع في تراجم العلماء وطلبة العلم المعاصرين» أعضاء ملتقى أهل الحديث (ص ٣٥١). بزيادات وتصرف.
***
هادم الطواغيت
الشيخ العلامة عبد الرحمن الوكيل (ت: ١٣٩٠ هـ)
قال رحمه الله: «واستطاعت الأشعرية أن تسيطر، وأن تخلب العقول بسحر دعواها التي تزعم فيها أنها عقيدة أهل السنة والجماعة، واستطاعت كتب المتأخرين من الأشعرية أن تستحوذ على عقول شيوخ الدين في قرون طوال، وأن تحرم عليهم النظر في القرآن وتدبره، وما كتب هؤلاء المتأخرين في مقياس الحقيقة إلا جدل لا ينتهي بمن يلقي إليه سمعه إلا إلى الحيرة الصماء، والقلق العصوف المدمر، بل ربما إلى التمرد على الإسلام، ولقد بلغ سطوة الأشعرية أنها بطشت بالأزهر نفسه، وحثمت على صدره قرونا متطاولات، وحرمت على شيوخه أن يدرسوا لطلابهم عقيدة الإسلام كما هي في القرآن ، بل وأوجبت عليهم دراستها في كتبها الجدلية التافهة ، وما في هذه الكتب إلا أمشاج من عقائد شتّى له رحم ماسة بكل عقيدة إلا عقيدة القرآن» (الصفات الإلهية بين السلف والخلف، ص: ١٨، نقلاً من الباحثة القحطاني، ويأتي تعريف كتابها).
وقال رحمه الله: «وقد أطلق على هؤلاء المتكلمين المتناقضين المضطربين المتهوكين من الأشاعرة أنهم خلف، يقابلون بهذا اللقب لقبا كريماً آخر أطلق على صفوة الأمة الإسلامية من الصحابة والتابعين فقد لقب هؤلاء بالسلف» (السابق، ص ٢٠).
وقال رحمه الله: «هذه عقيدة إمام الأشاعرة الأول ... ولعلهم يوقنون مرة أخرى بأن ما صارت إليه الأشعرية على يد متأخري الأشاعرة ، يخالف كل المخالفة عقيدة إمام الأشاعرة الأول ، وبأن هؤلاء المتأخرين من الأشاعرة إنما هم أشباح الجهمية والمعتزلة أو شياطينهم» (السابق، ص ٥٨).
وقال رحمه الله: «ومما لاحظته أن المؤلف - البقاعي- لم ينقل عن ابن تيمية سوى النزر اليسير جداً، بيد أن هذا مما يجعل للكتاب خطره الكبير في نظر المتصوفة على معتقدهم، إذ ما يستطيعون اتهام أحد ممن ذكرهم البقاعي بالخصومة كما كانوا يفعلون -مفترين- بالنسبة إلى الشيخ الإمام ابن تيمية فهؤلاء الذين أفتوا بكفر ابن عربي وابن الفارض: إما فريق قد ناهض ابن تيمية ،وخاصمه ولكنه أدلى معه بدلوه في فضح الصوفية، وإما فريق لم يعرف عنه لا موالاة جلية ولا خصومة صريحة لابن تيمية -وإن كانوا فيما يذهبون إليه في مسألة العقيدة يخالفون ابن تيمية فجُلُّهم من أئمة الأشاعرة، وإما فريق كان له جاه ومقام كبيران في التصوف، كعلاء الدين البخاري وهو أقسى هؤلاء جميعا حملة على ابن عربي وابن الفارض، ومن دان بدينهما» (مقدمة كتاب : «مصرع التصوف»، وهو كتابان: «تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي» ، و«تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد» تحقيق: الشيخ عبد الرحمن الوكيل، مكتبة عباس أحمدالباز -مكة المكرمة).
وقال رحمه الله: «الأشاعرة: مدرسة كلامية ابتدعت مذهبًا كلاميا ملفقا، فهو أمشاج من الاعتزال. والسلفية ، والجبرية والفلسفة اليونانية القديمة قبل سقراط، زعيمها: أبو الحسن الأشعري المتوفى سنة ٣٣٠ هـ، وأشهر زعمائها بعده الباقلاني والجويني ، والغزالي. راجع ما كتبته عن هذه المدرسة في كتابي دعوة الحق» (حاشية المصدر السابق: ١/ ١١٨).
وقال رحمه الله: «ليس كمثله شيء ... فمن أثبت الصفات بظواهرها دون أن يعصم عقيدته بالآية النافية للمثلية، فهو نزاع إلى التمثيل، ومن دان بنفي المثلية، ونفي – تبعًا لها – صفات الله فهو نزاع إلى جعل الذات عدمًا، وكلا الأمرين كفر وإلحاد». (دعوة الحق، للوكيل: ١/ ١١٨)
وقال رحمه الله: «يرى اليعاقبة من النصارى أن اللاهوت والناسوت يؤلفان في المسيح طبيعة واحدة، ويزعمون أن الكلمة انقلبت لحما ودما، فصار الإله هو المسيح, وهو الظاهر بجسده، بل هو هو، فإرادة الله وفعله هما إرادة المسيح وفعله هذا على حين كان الملكانيون يميزون بين طبيعتين في المسيح اللاهوت والناسوت ويزعمون أن مريم ولدت إلها أزليا، وأن القتل والصلب وقع على اللاهوت والناسوت وأطلقوا اسم الأبوة على الله، والبنوة على المسيح، أما النسطوريون، فكان أكثر تدقيقا من الملكانيين في التمييز بين الطبيعتين، فأثبتوا للمسيح خصائص الإنسان في الوجود والإرادة والفعل مميزين بين هذا وبين ما للعنصر اللاهوتيين زاعمين أن الله سبحانه ذو أقانيم ثلاثة الوجود والعلم والحياة ويدعون أن هذه الأقانيم ليست هي ٢٥ زائدة على الذات، ولا هي هو قارن بين هذا وبين رأي الأشاعرة في الصفات!! » (مقدمة كتاب مصرع التصوف: ١/ ١٧٢).
وقال رحمه الله: و«لا يلزم محال أبدا أي نقص يلحق بالله من اسم سمى به نفسه كما يزعم شياطين التأويل أو التعطيل من الخلق» (مقالة نور من القرآن، مجلة الهدي النبوي: العدد ٢، تاريخ: ١٣٨٢ هـ، ص ٩، من الباحثة داليا القحطاني -رسالة ماجستير، ص ٣٢٣).
وقال رحمه الله: « وأشاعرة: حاولوا تأسيس مذهب جديد ، ولكنهم وضعوا مذهبا تبدوا فيه نزعتا التلفيق والاختيار ، حاولوا التوفيق بين المعتزلة وبين السلف، فلم يفلحوا، وبين الجبريين والقدريين فأخفقوا» (مقدمة نقض المنطق لابن تيمية: ص ٧، تحقيق: محمد عبد الرزاق حمزة).
وقد عدد أصنافنا من الفرق والنِّحل، منهم: الفلبسفة، كالصوفية، والجهمية ، والمعتزلة، والأشاعرة ، والباطنية...ثم قال: « كل هؤلاء خاصمهم ابن تيمية لله ولدينه ولرسوله، وكان أكثر هؤلاء قد تسلحوا بالمنطق الأرسطي يرونه الفنون الذي لا يضل، والطريق الأقوم الذي يهدي إلى الحق».
***
تعريف بالشيخ عبد الرحمن الوكيل: هو الشيخ عبد الرحمن عبد الوهاب الوكيل، ولد في قرية زاوية البقلى سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة، وحفظ القرآن ثم التحق بالمعهد الديني في طنطا، ومكث فيه تسع سنوات. وحصل على الإجازة العالية وعلى درجة العالمية وإجازة التدريس ثم عين في المعهد العلمي بالرياض سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة. وفي سنة المانين وثلاثمائة وألف انتخب رئيسا لجماعة أنصار السنة المحمدية بعد الشيخ عبد الرزاق عفيفي. قال فيه الشيخ محمد عبد الرحيم: لقد كان الشيخ عبد الرحمن الوكيل موفور الحظ من اللغة وجمال البلاغة ووضوح المعنى وسعة الاطلاع وشرف الغاية، كما جمع علما مصفى من شوائب البدع والخرافات الصوفية. وقال الدكتور سيد رزق الطويل: لقد كان ي أخلاقه نسيج وحده، سموا في الخلق وعفة في اللسان، طلق المحيا منبسط الأسارير، واسع الثقافة متنوع المعرفة أديبا شاعرا. كان الشيخ رحمه الله يعرف بهادم الطواغيت أي الصوفية وله في ذلك مؤلفات جليلة تدل على سعة علمه واطلاعه. توفي رحمه الله سنة ١٣٩٠ هـ «موسوعة مواقف السلف» (٩/ ٥٠٩) بتصرف.
***
إمام الحرمين، المدني ثم المكي
الشيخ المحدث محمد عبد الرزاق حمزة (ت: ١٣٩٢ هـ)
قال رحمه الله: «فرغت من قراءة كتاب «القائد إلى تصحيح العقائد» للعلامة المحقق: الشيخ مناقشة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي العتمي ، فإذا هو كتاب من أجود ما كتب في بابه من المتكلمين والمتفلسفة الذي انحرفوا بتطرفهم وتعمقهم في النظر والأقيسة والمباحث، حتى خرجوا عن صراط الله المستقيم الذي سار عليه الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من إثبات صفات الكمال الله تعالى من علوه سبحانه وتعالى على خلقه علواً حقيقياً يشار إليه في السماء عند الدعاء إشارة حقيقية، وإن القرآن كلامه حقاً حروفه ومعانيه كيفما قرء أو كتب، وإن الإيمان يزيد وينقص حقيقة، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، وأن الأعمال جزء من الإيمان لا يتحقق الإيمان إلا بالتصديق والقول والعمل.
حقق العلامة المؤلف هذه المطالب بالأدلة الفطرية والنقلية من الكتاب والسنة على طريقة السلف الصالح من الصحابة وأكابر التابعين ، وناقش كمن خالف ذلك من الفلاسفة كابن سينا ورؤساء علم الكلام كالرازي والغزالي والعضد والساعد ، فأثبت بذلك ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه المحققة الشافية الكافية بأوضح حجة وأقوى برهان – أن طريقة السلف في الإيمان بصفات الله تعالى أعلم وأحكم وأسلم، وإن طريقة الخلف من فلاسفة ومتكلمين أجهل وأظلم وأودى وأهلك.
قرأت الكتاب فأعجبت به أيما إعجاب، لصبر العلامة على معاناة مطالعة نظريات المتكلمين خصوصا من جاء منهم بعد من ناقشهم شيخ الإسلام أبن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم كالعضد والساعد، ثم رده عليهم بالأسلوب الفطري والنقول الشرعية التي يؤمن بها كل من لم تفسد عقيلته بخيالات الفلاسفة والمتكلمين، فسد بذلك فراغاً كن على كل سني سلفي سده بعد شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى وأدى عنا ديناً كنا مطالبين بقضائه، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وحشرنا وإياه في زمرة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. آمين.
وبقيت بعد ذلك لمن يبتلي بمطالعات في كتب العصر وما تحوي من نظريات علمية وتجارب صناعية مسائل يظن تعارضها مع ما جاءت به أنبياء الله ورسله، فيغتر بها ضعفاء العقول، ويفتتن بما سفهاء الأحلام، وسأذكر شيئاً منها على سبيل المثال، وأشير إلى المخرج لمن هداه الله تعالى ووفقه للإيمان بما جاءت به أنبياؤه ورسله، والله الهادي إلى الصراط المستقيم، ممهداً لذلك بتمهيد وجيز.. » (خاتمة كتاب القائد إلى تحقيق العقائد، بتحقيق المعلمي، وتعليق الألباني، ص ٢٤٩، وما بعدها).
وقال رحمه الله -معلقاً على كلام أبي الحسن الأشعري في «الإبانة» عند ذكر (المعتزلة): «فرقة مبتدعة تنكر صفات الله ورؤيته». (كتاب نقض المنطق لابن تيمية: ص ٧٢، تحقيق: محمد عبد الرزاق حمزة).
وقال رحمه الله -معلقاً على كلام ابن تيمية في كتاب «نقض المنطق» مذهب السنة والحديث في الصفات، قال - أي : عبد الرزاق حمزة - يعني إثباته لصفات الله تعالى خلافا لنفاتها من الجهمية ومن وافقهم، وإثباته للقدر، وأن أعمال الناس وغيرهم بمشيئة الله وقدرته خلافا النفاة القدر» (المصدر السابق).
وقال رحمه الله: «حديث أبي هريرة وغيره مرفوعاً: ينزل الله إلى سماء الدنيا ... رده الجهمية والمعتزلة وأمثالهم بشبهات جهلية سموها أصولا عقلية» (المصدر السابق).
وقال رحمه الله: «فمن مؤلفات هذا الإمام – ابن تيمية- هذه الرسالة المختصرة: (الفتوى الحموية الكبرى) كتبها جوابًا على سؤال جاءه من حماة فيما يجب الإيمان به من صفات الله كاستوائه على عرشه وعلوه على خلقه ونحوها هل هي على ظاهرها أم لا بد من تأويلها فأجاب الشيخ ذلك الجواب الحار وكتبه بحروف من نار فأقام الجامدين على تقليد شيوخهم من أهل التأويل وأقعدهم وأرغاهم وأزبدهم وجمعوا لذلك مجالس وعقدوا مناظرات كان الفوز فيها للحق والخذلان للباطل، فلما أجلمهم الحق، وأعوزهم الحجة، لجأ -شأن كل مخذول مبهوت -إلى الكيد للشيخ عبد السلطان وألصقوا به تهمة الثورة والخروج والفوضى» (امقدمة تحقيق الحموية، لابن تيمية).
***
تعريف بالشيخ المحدث محمد عبد الرزاق حمزة: هو محمد بن عبد الرزاق حمزة: مدرس وإمام الحرم المكي. مولده سنة ١٣٠٨ هـ في قرية كفر عامر بالقليوبية (مصر) تعلم بها وبالأزهر وأخذ فيه النحو والصرف والمعاني والبيان، وقرأ على القاياني في العربية ، وسافر إلى المدينة ليؤم المسجد النبوي بتزكية من الشيخ محمد رشيد رضا للملك عبد العزيز آل سعود ، وتعرف فيها على الشيخ المحدث ثم نقل بعد سنتين الى الحرم المكي مدرسًا للحديث والتفسير سنة (١٣٤٥ هـ) ومن أشهر شيوخه فيها: الشيخ عبد الظاهر أبو السمح إمام وخطيب الحرم المكي، فتولى – صاحب الترجمة - مساعد للشيخ السمح والإمام الثاني للحرم المكي ومدرس بالمعهد العلمي، ووكيل الهيئة مراقبة الدروس. وشارك في تأسيس دار الحديث بمكة، سنة ١٣٥٢ هـ. من طلابه: الشيخ سليمان الصنيع، وإسماعيل الأنصاري، وعبد الله خياط إمام الحرم، ومحمد بن سعد الشويعر، وغيرهم. وصنف كتباً منها: «ظلمات أبي ريا» نقد لكتاب له، و«الشواهد والنصوص» نقد لكتاب «الأغلال» لعبد الله القصيمي و«المقابلة بين الهدى والضلال»، وتحقيق كتاب «الحموية»، و«الرسالة المدنية»، «نقض المنطق» لابن تيمية، و«الكبائر» للذهبي، و«الباعث الحثيث لابن كثير، و عنوان المجد في تاريخ نجد» لابن بشر ، وغيرها كثير وتوفي رحمه الله بمكة سنة ١٣٩٢ هـ - ١٩٧٢ م. انظر: «الأعلام للزركلي (٦/ ٢٠٣).
***
الشيخ العلامة المتبحر محمد خليل هراس (ت: ١٣٩٥ هـ)
قال رحمه الله: «ويوجد التعطيل بدون التحريف فيمن نفى الصفات الواردة في الكتاب والسنة، وزعم أن ظاهرها غير مرادها، ولكنه لم يعين لها معنى آخر، وهو ما يسمونه بالتفويض. ومن الخطأ القول بأن هذا هو مذهب السلف ؛ كما نُسب ذلك إليهم المتأخرون من الأشاعرة ،وغيرهم، فإن السلف لم يكونوا يفوضون في علم المعنى، و لا كانوا يقرؤون كلاما لا يفهمون معناه ؛ بل كانوا يفهمون معاني النصوص من الكتاب والسنة ، ويثبتونها الله عز وجل ، ثم يفوضون فيما وراء ذلك من كنه الصفات أو كيفياتها ؛ كما قال مالك حين سُئل عن كيفية استوائه تعالى على العرش : «الاستواء معلوم، والكيف مجهول» (شرح الواسطية له، ص ٦٨).
وقال رحمه الله « .. ومعنى الحديث أنه سبحانه يسمع بسمع، ويرى بعين، فهو حجة على بعض الأشاعرة الذين يجعلون سمعه علمه بالمسموعات وبصره علمه بالمبصرات، وهو تفسير خاطئ؛ فإن 39 الأعمى يعلم بوجود السماء ولا يراها والأصم يعلم بوجود الأصوات ولا يسمعها» (شرح الواسطية له، ص ٩٨).
وقال رحمه الله: «وينفي الأشاعرة والمعتزلة صفة المحبة؛ بدعوى أنها توهم نقصا؛ إذ المحبة في المخلوق معناها ميله إلى ما يناسبه أو يستلذه. لإكرامه ومثوبته.
وكذلك يقولون في صفات الرضا والغضب والكراهية والسخط؛ كلها عندهم بمعنى إرادة الثواب والعقاب. فأما الأشاعرة؛ فيرجعونها إلى صفة الإرادة، فيقولون: إن محبة الله لعبده لا معنى لها إلا إرادته
وأما المعتزلة؛ فلأنهم لا يثبتون إرادة قائمة به، فيفسرون المحبة بأنها نفس الثواب الواجب عندهم على الله لهؤلاء؛ بناء على مذهبهم في وجوب إثابة المطيع وعقاب العاصي. وأما أهل الحق؛ فيثبتون المحبة صفة حقيقية الله عز وجل على ما يليق به ، فلا تقتضي عندهم نقصاً ولا تشبيها. كما يثبتون لازم تلك المحبة وهي إرادته سبحانه إكرام من يحبه وإثابته . وليت شعري بماذا يجيب النافون للمحبة عن مثل قوله عليه السلام في حديث أبي هريرة : «إن الله إذا أحب عبداً.. » (شرح الواسطية له، ص ١٠٢).
وقال رحمه الله: «وقد أنكرت الأشاعرة والمعتزلة صفة الرحمة بدعوى أنها في المخلوق ضعف وخور وتألم للمرحوم، وهذا من أقبح الجهل، فإن الرحمة إنما تكون من الأقوياء للضعفاء، فلا تستلزم ضعفا ولا خورا؛ بل قد تكون مع غاية العزة والقدرة، فالإنسان القوي يرحم ولده الصغير وأبويه الكبيرين منه، وأين الضعف والخور. وهما من أذم الصفات. من الرحمة التي وصف الله نفسه أضعف ومن هو بها، وأثنى على أوليائه المتصفين بها وأمرهم أن يتواصوا بها؟!» (شرح الواسطية له، ص ١٠٦).
وقال رحمه الله: «وخلاصة مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة أن الله تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء، وأن الكلام صفة له قائمة بذاته يتكلم بها بمشيئته وقدرته، فهو لم يزل ولا يزال متكلماً إذا شاء، وما تكلم الله به فهو قائم به ليس مخلوقا منفصلا عنه؛ كما تقول المعتزلة، ولا لازما لذاته لزوم الحياة لها؛ كما تقول الأشاعرة؛ بل هو تابع لمشيئته وقدرته» (شرح الواسطية له، ص ١٥٠).
وقال رحمه الله: «وأما قوله: {وكلم الله موسى تكليما وما بعدها من الآيات التي تدل على أن الله قد نادى موسى وكلمه تكليما وناجاه حقيقة من وراء حجاب، وبلا واسطة ملك؛ فهي ترد على الأشاعرة الذين يجعلون الكلام معنى قائما بالنفس؛ بلا حرف، ولا صوت!
فيقال لهم: كيف سمع موسى هذا الكلام النفسي؟
فإن قالوا: ألقى الله في قلبه علما ضروريا بالمعاني التي يريد أن يكلمه بها؛ لم يكن هناك خصوصية لموسى في ذلك.
وإن قالوا: إن الله خلق كلاما في الشجرة أو في الهواء، ونحو ذلك؛ لزم أن تكون الشجرة هي التي قالت لموسى: {إني أنا ربك}.
وكذلك ترد عليهم هذه الآيات في جعلهم الكلام معنى واحدا في الأزل، لا يحدث منه في ذاته شيء، فإن الله يقول: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ؛ فهي تفيد حدوث الكلام عند للميقات، ويقول: {وناديناه من جانب الطور الأيمن ؛ فهذا يدل حدوث النداء مجيء موسى عند جانب الطور الأيمن. والنداء لا يكون إلا صوتاً مسموعاً» (شرح الواسطية له، ص ١٥١).
وقال رحمه الله: «قوله: (يقول تعالى: يا آدم ... إلخ)؛ في هذين الحديثين إثبات القول والنداء والتكليم الله عز وجل، وقد سبق أن بينا مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك، وأنهم يؤمنون بأن هذه صفات أفعال له سبحانه تابعة لمشيئته ،وحكمته فهو قال، ويقول، ونادى، وينادي، وكلم ويكلم وأن قوله ونداءه وتكليمه إنما يكون بحروف وأصوات يسمعها من يناديه ويكلمه، وفي هذا رد على الأشاعرة في قولهم: إن كلامه قديم، وإنه بلا حرف ولا صوت» (السابق، ص ١٧٣).
وقال رحمه الله: «قوله: (وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان ... ) إلخ. صرح المؤلف هنا بمسألة علو الله تعالى واستوائه على عرشه بائنا . من خلقه؛ كما أخبر الله . عن ذلك في كتابه، وكما تواتر الخبر بذلك عن رسوله، وكما أجمع عليه سلف الأمة الذين هم أكملها علما وإيماناً، مؤكداً بذلك ما سبق أن ذكره في هذا الصدد، ومشددا النكير على من أنكر ذلك من الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة» (شرح الواسطية له، ص ١٩٥).
وقال رحمه الله: «ولم تزل الكرامات موجودة لم تنقطع في هذه الأمة إلى يوم القيامة، والمشاهدة أكبر دليلاً.
وأنكرت الفلاسفة كرامات الأولياء كما أنكروا معجزات الأنبياء، وأنكرت الكرامات أيضا المعتزلة، وبعض الأشاعرة ؛ بدعوى التباسها بالمعجزة، وهي دعوى باطلة؛ لأن الكرامة . كما قلنا . لا تقترن بدعوى الرسالة». (شرح الواسطية له، ص ٢٥٤).
وقال رحمه الله: «يرى الجهم ويشايعه في ذلك المعتزلة والأشاعرة الذين يقولون بحدوث العالم : إن الله ليس فاعلا بفعل وهو وصف له قائم به، بل فعله هو مفعوله الخارج عن : ذاته وأما الأشاعرة : فيثبتون الأفعال ، لا على أنها صفة له سبحانه، بل يجعلونها متعلقات للقدرة القديمة» (شرح نونية ابن القيم للهراس، ص ٤٩).
وقال رحمه الله: «الجهم كما ينفي وقوع الفعل من العبد ، كذلك ينفي قيام الفعل بالرب سبحانه ، خوفًا من قيام الحوادث بذاته ، وذلك يستلزم حدوثه – في زعمه – ومن العجيب أن تلك القضية الكاذبة التي نادى بها الجهم ، والتي تقول : إن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث . وقد تبعه عليها معظم المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة ، واتخذوها ذريعة لنفي قيام الأفعال الاختيارية بذاته سبحانه، فهو عندهم لا يتكلم متى شاء ، ولا يحب ولا يرضى ولا يغضب ولا يسخط ولا يجيء يوم القيامة ولا ينزل كل ليلة كما وردت الأخبار الصحيحة بذلك» (شرح نونية ابن القيم، ص ٥١).
وقال رحمه الله: «وكذلك يُقال لمن يثبت الاسما دون الصفات كالمعتزلة، أو يثبت بعض الصفات كالأشاعرة: إذا كنتم تثبتون له سبحانه الأسماء دون الصفات، أو بعض الصفات دون بعض مع أن كلا منهما مما يشاركه فيه المخلوق، فإن كان مجرد الاشتراك عندكم في الاسم أو في الصفة موجبا للتشبيه، فيجب أن تطردوا الباب على وتيرة واحدة في النفي، وإن كان غير لذلك، فقولوا فيما نفيتم مما أثبته الله ورسوله نظير قولكم فيما أثبتموه، وإذن فلا موجب مناص من أحد اللأمرين» (شرح نونية ابن القيم، ص ٩١).
وقال رحمه الله: «ومن أعجب العجب: ان تتفق كلمة المتكلمين جميعا من معتزلة وأشعرية وغيرهما على هذه القاعدة الجائرة ، وأن يجاروا فيها ملاحدة المتفلسفة ، فيؤخروا كتاب الله عن قضايا عقولهم، ويعزلوا كتاب الله عن أن يكون هدى وبيانا وشفاء كما وصفه الله» (شرح نونية ابن القيم، ص ٩٦).
وقال رحمه الله: «الكلابيَّة أتباع ابن كلاب... والأشعرية أتباع أبي الحسن الأشعري زعموا أن هذا القرآن الموجود بين دفتي المصحف، والذي نقرؤه بالألسنة ونحفظه في الصدور ليس كلام الله ، وإنما عبارة وحكاية عن كلام الله، ودال عليه فقط وتسميته قرآنا أو كلاما مجاز من قبيل تسمية الدال باسم المدلول وعلى زعمهم هذا يكون هناك قرآنان !! » (شرح نونية ابن القيم، ص ١٠٨).
وقال رحمه الله: « وقول الكلابية ومن وافقهم من الأشعريَّة : هو من هذا الجنس ، حيث زعما و أن القرآن شطره قديم وهو المعنى النفسي ، وشطره محدث وهو هذا الموجود في المصحف، فهو عندهم عبارة وحكاية عن كلام الله ، وجعلوه ناسونا لذلك المعنى القديم، لإنه حال فيه ومدلول عليه به ، فما أقوى ما ضاهى هؤلاء بقولهم في القرآن قول النصارى في نبيهم، وليس هناك فرق إلا أن النصارى أثبتوا اتحاد الجزأين وأما هؤلاء، فقالوا: إنهما غيران . وهذا الاتفاق بين هؤلاء وبين النصارى مما يقضي منه العجب، ويحمل على التأمل في مجاري سنن الله – جل شأنه – وفي خلقه» (شرح نونية ابن القيم، ص ١١٠).
وقال رحمه الله: «ومثل هؤلاء الاقترانية في شناعة مذهبهم وفساده طائفة الكلابية والأشعرية الذين زعموا أن كلامه سبحانه هو معنى واحد قديم قائم بذاته لا تعدد فيه، وليس له كل ولا بعض، ولا يوصف بأنه عربي ولا عبراني، والأمر فيه عين النهي، والاستفهام نفس الخبر، وهو وصف للذات لازم لها أزلا وأبدا كالحياة، وليس هو صفة فعل، فلا يتعلق بمشيئته تعالى وقدرته، فهذان المذهبان هما اللذان يصح أن يُقال : إنهما مخالفان للعقل والنقل والفطرة الإنسانية». (شرح نونية ابن القيم، ص ١٤٨).
وقال رحمه الله: «وأما أبو علي الجبائي المعتزلي، شيخ الجبائية، وولده أبو الحسن الأشعري وتلميذه أبو بكر الباقلاني، وجميع أهل الكلام الباطل المذموم، ففرقوا بينهما، فذهبوا إلى جوازه في جانب المستقبل ....». (شرح نونية ابن القيم، ص ١٦٤).
وقال رحمه الله: « ومن تأمل كتب المتأخرين من الأشاعرة مثل الرازي، وعضد الدين الإيجي، والشريف الجرجاني، والسعد التفتزاني، والجلال الدواني، وغيرهم، وجدها مليئة بأمثال هذه المحاولات التي تبذل لرفع الخلاف بين مذهبي الأشاعرة والمعتزلة، على حين أنهم لا يذكرون مذهب السلف إلا مقروناً بالاستخفاف والتحقير، ومع ذلك يُسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة تبجحاً وغروراً !!».(شرح نونية ابن القيم، ص ٢٠٨ -٢٠٩).
***
تعريف بالشيخ العلامة محمد خليل هراس: هو العلامة، السلفي، المحقق، ناصر السنة وقامع البدعة الشيخ الدكتور محمد بن خليل - رحمه الله ولد سنة ١٣٣٤ هـ/ ١٩١٦م بقرية الشين بمحافظة الغربية مصر. بدأ تعليمه في الأزهر عام ١٩٢٦م، ثم تخرج في الأزهر من كلية أصول الدين عام ١٩٤٠م وحاز على الشهادة العالمية العالية (الدكتوراه) في التوحيد والمنطق. وكان موضوع الرسالة «ابن تيمية السلفي». عمل أستاذا بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر، أعير إلى المملكة السعودية بطلب من العلامة عبد العزيز بن باز ، ودرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم أعير مرة أخرى لكي يدرس العقيدة الإسلامية بمكة المكرمة، وأصبح رئيسا لشعبة العقيدة في قسم الدراسات العليا. له مؤلفات وتحقيقات عدة؛ منها: تحقيق كتاب «المغني» لابن قدامة، و«التوحيد» لابن خزيمة، و«الأموال» لأبي عبيد القاسم بن سلام، و«الخصائص الكبرى» للسيوطي، و«السيرة النبوية» لابن هشام. وشرح «النونية» لابن القيم، و«الواسطية» لابن تيمية. توفى رحمه الله سنة ١٣٩٥ هـ- ١٩٧٥م [المكتبة الشاملة ] بتصرف.
***
العلامة المتفنن نائب رئيس اللجنة الدائمة
وعضو هيئة كبار العلماء بالسعودية
سماحة الشيخ عبد الرزاق العفيفي (ت ١٤١٥ هـ)
قال رحمه الله ناقلاً كلام ابن القيم مؤيدا له: «وإذا اعتبرت المخلوقات والمأمورات وجدتها بأسرها كلها دالة على النعوت والصفات وحقائق الأسماء وعلمتَ أن المعطلة من أعظم الناس عمى بمكابرة، ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة، كما قال تعالى: {وَفي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}» (فتاوي ورسائل عبد الرزاق العفيفي -قسم العقيدة، ص ٢٢٦).
وسئل الشيخ: ما الفرق بين العبارة والحكاية ؟
فقال الشيخ -رحمه الله: «عندي أن العبارة والحكاية شيء واحد، ومن أراد التفرقة بينهما فعليه أن يظهر الفرق، وقد أخطأ الأشعري وابن كلاب في قولهما: إن القرآن عبارة أو حكاية عن كلام الله النفسي القديم» (فتاوي ورسائل عبد الرزاق العفيفي -قسم العقيدة، ص ٣٥٥).
***
تعريف بالشيخ العلامة عبد الرزاق العفيفي: هو عبد الرزاق بن عفيفي بن عطية. ولد بشنشور التابعة لمركز أشمون محافظة المنوفية عام ١٣٢٣ هـ. درس المرحلة الابتدائية و الثانوية، والقسم العالي، وبإتمامه دراستها اختبر ومنح الشهادة العالمية عام ١٣٥١ هـ، ثم درس مرحلة التخصص في شعبة الفقه وأصوله ومنح شهادة التخصص في الفقه وأصوله بعد الاختبار، كل هذه الدراسة في الأزهر بالقاهرة . عين مدرسا بالمعاهد العلمية التابعة للأزهر فدرس بها ثم تدب إلى السعودية للتدريس بالمعارف عام ١٣٦٨ هـ. مدرساً بدار التوحيد بالطائف، ثم نقل منها بعد سنتين إلى معهد عنيزة العلمي في عام ١٣٧٠ هـ، ثم نقل إلى الرياض للتدريس بالمعاهد العلمية التابعة لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، ثم نقل للتدريس بكليتي الشريعة واللغة، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء عام ١٣٨٥ هـ، ثم نقل إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء عام ١٣٩١ هـ وعين بما نائباً لرئيس اللجنة. وعضواً في مجلس هيئة كبار العلماء ، وقد رزقه الله مواهب من قوة الحافظة والملاحظة وفقه النفس، وكرس جهوده لطلب العلم خارج أروقة الأزهر، وعُني بعلوم اللغة والتفسير والأصول والعقائد والسنة والفقه، حتى أصبح إذا تحدث في علم من هذه العلوم ظن السامع أنه تخصصه الذي شغل فيه كامل وقته، وانتفع بعلمه خلق كثير. توفي رحمه الله سنة: ١٤١٥- ١٩٩٤م. موقع الإفتاء التابع للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية» [المكتبة الشاملة] بتصرف.
كلمة حول المحاكمة التي عقدها السيسي والحكومة المصرية للشيح محمد حسان
وأما وصف الشيخ حسان بالقطبي، فمرفوض تماماً، وهذه شنشنة معروفة، وكذب مكشوف. فشهادة الشيخ لها ظرف أمني، وهي أقرب إلى التقية والتخلص من جعلها وثيقة تاريخية فكرية يرد عليها، لأنها ستزول كغيرها من المراجعات الأمنية، وليس صاحبها من القيادات الفكرية المؤثرة في حركة الفكر والعمل، ثم لا رأي لحاقن.. . بل دعاة كثر ووعاظ وهنوا وتساقطوا أو خافوا واستكانوا وخلفهم آلاف من العاملين والمبدعين في العلم والدعوة والإصلاح، أعلى صوتاً وأثرا، وأقوى شكيمة وبذلاً، والقافلة تسير، ودين الله منصور، وسنة الاستبدال تجري، ووعد الله أوثق، والولاء لمن صدق. ومن صدق الله صدقه، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق