عقد اليواقيت الجوهرية وسمط العين الذهبية
بذكر طريق السادات العلوية
وما لهم من الإسنادات القوية، وما أثر عن بعضهم من إجازات ووصية
الإمام العلامة الحبيب عيدروس بن عمر الحبشي
(١٢٣٧ - ١٣١٤ هـ)
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا ثبت نفيس، ومعجم كبير؛ للعلامة الشيخ عيدروس بن عمر الحبشي، ذكر فيه أسانيده وإجازاته إلى الكتب الإسلامية والعلوم الشرعية، في الفروع والأصول والمنقول والمعقول، وقد حوى أغلب كتاباته ووصاياها وأسانيده، كما ذكرَ فيه أشياخه وأشياخهم وترجماتهم، سيما شيوخه من آل باعلوي وغيرهم من أهل الحجاز وبلاد الأحساء والمغرب، وذكر طرفاً من أخبارهم وفوائدهم، وكيفية تلقيه عنهم ظاهراً وباطناً بجميع المسانيد والسنن والآثار.
وقد وضع العيدروس مقدمة مطولة في أكثر من (١٦٠) صفحة، لا تخلو من أحاديث لا أصل لها، وقصص لا يقبلها العقل، وشطحات فيها غلو شديد (انظر ص ١٤٩ -١٥١، ١٥٤)، وما قبلها وما بعدها.
ولكنه ضمَّن هذه المقدمة بعض المفاهيم السلوكية والتربوية والاجتماعية الرائعة، جاء فيها: التعريف بطريقة أسلافه من العلويين الشافعيين، وأورد نصوصاً لأعلامهم في تعريف الطريقة، ومأخذهم في السلوك، ثم أورد بعض المقولات لبعض العلويين، والتي فيها شيءٌ مِنَ الشَّطْح سيما أبيات شهاب الدين الأكبر ابن الشيخ عبد الرحمن ابن علي، وعلي بن عمر الأهدل، وعبد الله بن أبي بكر المعروف بالعيدروس الأكبر.
ثم تطرق إلى الحديث عن الشطحات وأصحابها وموقف الفقهاء وأهل العلم منها مشهور معروف، وقد ذكرنا ذلك في أكثر من مقال، ولعله يُراجع ما كتبناه في مقالة (تنزيه الاعتقاد) للسيوطي، وقد أفرد العيدروس في مقدمته فقرات حذّر فيها من الاشتغال بكتب ابن عربي والكيلاني وابن الفارض، ومن نحا نحوه من أصحاب وحدة الوجود.
وأورد مقالات للإمام الحداد والشيخ عبد الله باسَوْدانَ حولَ حُكم قراءتها والنظر فيها، (ص ١٥٥- ١٥٨)، ثم بيّن الموقف الصحيح الذي ينبغي اتخاذه تجاه هؤلاء، وهو طمس كتابتهم وآثارهم، وتحريم ترديد مقالاتهم نثراً أو شعراً.
ثم نبّه الشيخ عيدروس إلى بعض الأخطاء الاجتماعية عند العوام،والتي منها المغالاة في ولائم الزواج ومراسيمه، وغلاء المهور، والاغتراب، وذم حمل السلاح، وذم التوسع في المباحات، وذم حُبِّ الشرف والرفعة، وذم توارث المناصب الدينية، وإحسان تربية الأبناء، وذم التشبه بالجنود الغشمة، وغير ذلك.
وجعل كتابه -بعد المقدمة -في فصلين: الأول: في التراجم، وذكَرَ كيفية الأخـذ وإيراد نصوص الإجازات، والثاني: في رفع سلاسل الإسنادِ من لدن شيوخه إلى مَن تقدَّمَ مِنَ السلف الصَّالحين.
ويعد هذا الثبت من أكبر الأثبات، كما شهد بذلك السيد عبد الحي الكتاني في (فهرسته)؛ فقال: وهو من أكبر الأثبات المطبوعة في الدنيا شرقاً وغرباً بعد «ثبتِ ابنِ خَيْر»، اشتمل على جزأين، أولهما في ١٤٩ صحيفة، وثانيهما في ١٤٤ صحيفة… وبالجملة، فهو ديوان أخبار وتاريخ ووفيات لأهل القرن المنصرم.
وقام الشيخ الكتاني باختصار هذا الثبت، وأخبر عن اغتباطه به؛ فقال: ومن اغتباطي به كنت اختصرته في نحو كراسين، سنة ١٣٢٢ هـ، وسماه (اللآلي الدُّرِّية في زبدة عقدِ اليواقيت الجوهرية)، ثم ذكر إسناده إلى الكتاب الأصل.
وقد روى العيدروس في هذا الثبت عن أكثر من مائتي شيخ ذكرهم تلميذه الملازم له، عمر بن عوض شيبان، صاحب كتاب (الفيوضات العرشية). وكان ابتداء جمعه على ما ذكره عمر شيبان في «فيوضاته» قبل وفاة العيدروس بعشر سنين، وتحديداً في جمادى الأولى سنة ١٣٠٤هـ،
وقد وقع في ترجمة الشيخ العيدروس غلو شديد مذموم من بعض أتباعه: بعضها توسلاتٍ به وبجاهه عند الله تعالى، وبعضها من النداءات والاستغاثات المُحرّمة، وبعضها كرامات لا أظنها تثبت عنه.
وقد ألف عمر شيبان كتاباً كبيراً ذكر فيه كرامات العيدروس، وسماه (جامع الكرامات). وذكر عمر شيبان ضمن إجازات شيخة إجازةً له في علم الحروف والأوفاق والتمائم عن أحمد الدهان الحنفي وهي -بلا شك -من علوم الكهانة والسحر، لكن نجزم أن الشيخ لم يكن له تعرُّفٌ إليها، ويُعلم من ترجمة الشيخ أنه كان لا يُحب لأحدٍ أن يغلو فيه، وقد مات متأثراً بسحرٍ عُمل له، وكان يُعاني منه جداً؛ فرحمه الله تعالى وغفر له.
وقد خدم هذا الكتاب خدمةً نفيسة الأستاذ العلامة محمد بن أبي بكر باذيب، فأبان عن جميل مظهره، وحبك بقلمه السيّال عقد جوهره، فجزاه الله عنا خير الجزاء، وكل يكتب بعدُ هو من كلام الشيخ محمد باذيب.
وأختم بكلمات للعلامة باسودان وهو من شيوخ المصنف، يقول فيها (ص ١٣٥ -١٣٦): إن هذا العلم لا يُملكُ بالمنى، ولا يُدرَكُ بالهُوَيْنا، كما قال بديعُ الزمانِ رحمه الله: اعَلَمْ أَنْ العِلم بطيء اللّزام بعيدُ المَرَام، لا يُدرَكُ بالسهام، ولا يُرَى في المنام، ولا يُورَثُ عنِ الآباء والأعمام، وإنّما هُوَ شجرةً لا تَصلُحُ إِلَّا بِالغَرْس، ولا تُعْرَسُ إلا في النفس، ولا تُسقى إلا بالدَّرْس، ولا يحصل إلا بأستنادِ الحَجَرِ، وافتراش المَدرِ، وإدمان السَّهَر، وقلّة النوم، وصلة الليلة باليوم، ولا يُدرِكُه إلَّا مَن أنفَقَ العين، وجَنَّا على العَيْن، أَيظُنُّ مَن أشغَلَ نهاره بالجَمْع، وليله بالجماع، يخرُجُ مِنَ الفقهاء؟ كلا والله، حتى يقصد الدفاتر، ويستصْحِبَ المَحابر، ويقطع القفار، ويصل في طلب العِلم بين الليل والنهار، ويُوافِقَ مِنَ الصَّبرِ مُرّاً طيباً، ومن التوفيق مطراً صَيِّباً . انتهى
ترجمة الشيخ عيدروس بن عمر الحبشي
محمد بن أبي بكر باذيب
اسمُهُ ونَسبُه:
هو الإمام العلامة، والحَبْرُ الفَهامة السيد الشريف، والعلمُ المُنيف، شيخُ الإسناد، رفيع المقدار الأستاذ الأبر: عَيْدَرُوسُ بْنُ عمر بن عيدروس بن عبد الرحمن بن عيسى بن محمد بن أحمد (صاحبِ الشَّعبِ) بنِ محمّد بن علوي بن أبي بكر (الملقَبِ الحبَشيَّ) بن علي بن أحمد بن محمد محمد (أسد الله) حسَنِ (الترابي) بن علي بن (الفقيه المقدَّم) محمد بن علي بن محمد (صاحب مِرْباطَ) بن علي (خالع قَسَمَ بن عَلَوي صاحب بيتِ جُبَيْرٍ) بن محمد (صاحب سُمَل) بن عَلَوي (مَولى الصَّوْمعةِ) بن عُبيد الله بن أحمد (المهاجر إلى الله) بن عيسى النقيب بن محمد النقيب بن عليّ العُرَيْضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن عليّ زين العابدين بن الحُسين السبط الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت سيّد المرسلين صلى الله عليهِ وآلِهِ وسلَّم.
مولده ونشأته:
ولد ببلدة الغرفة يوم الجمعة ۲۳ محرم الحرام من عام ١٢٣٧هـ.
ووالدته هي الشريفةُ العفيفة سَعْديةُ بنتُ عَلَوي بن عبدِ الله بن علوي بن أحمد بن جعفر الصادق ابن حسين بن أحمد (صاحبِ الشَّعبِ) الحبشي.
ووالدتها: بنت السيد العلامة الحبيب محمد بن أحمد بن جعفر بن الإمام أحمد بن زين بن علوي بن أحمد صاحب الشعب الحبشي (الشيخ الثالث للمُترجم).
وسُمِّي يوم سابعه (عبدَ اللهِ العَيْدَروس)، ونشَأَ في كنف أبيه وعمه، وكان أبوه قد ألقى قِيَادَ ابنِهِ المترجم لعمه السيد محمد، فكان عمه مُعتَنِياً بهِ منذُ أن ناهزَ الخامسة من السنين، يحمله معه إلى مجالس شيوخه كلَّ أسبوع، فتَسَنَّى له بذلك الأخذُ عنهم وصحبتهم، كما ذكر ذلك في ترجمته له في هذا «العقد»، وكان سنه عند وفاة عمّه عشر سنوات، وعند وفاة أبيه ثلاثَ عَشَرَةَ سنة.
وكان عمه السيد محمد قد أقرأه القرآن الكريم نظراً: من أول المصحفِ إلى سورة الطارق، ولقنه غيْباً جملة من العقائدِ الضرورية، وبعد موتِ عمه كوشِفَ في المنام برؤيا نبوية، فرأى أنه يقرأ على رسول الله ﷺ خواتيم سور القرآن الكريم: من سورة الشمس إلى آخر القرآن.
من أخبار عم المترجم؛ السيد محمد بن عيدروس الحبشي (ت ١٢٤٧هـ ):
أورَدَ الشيخُ عُمر شَيْبان عن صاحب الترجمة: أن طلوع عمه السيد محمد إلى المدينة المنورة كان بطلب منَ الشيخ عبد الباقي الشَّعَاب الأنصاري، وكان عمره سبْعَ أو ثمان سنوات، وقرأ القرآنَ بالمدينة بنظرِ الشيخ، وكان السيد علي الونائي إذ ذاك بها، فأخَذَ عنه وأجازه عامة، وحدَّثَه ببعض الأحاديث المسلسلة، كالأولية والمصافحة، ولقنه الذكر، وتعِبَ بعد ذلك لورودِ الوارداتِ عليه، وكان يرعاه عمه عبد الله بن عبد الرحمن الحبشي، فظنّه أُصيب بمرض، فأرسَلَ عَمُّهُ للشعَابِ يُخبِرُهُ بما أصابه، فذهَبَ بهم إلى شيخِهِ الوَنَائي والسيد محمد محمول على الأيدي لا يَقدِرُ على المشي، فلما رآه مسَحَ على بدَنِه: من أعلاه إلى قدمه، فقام مُنتصِباً يمشي، وعاد إلى بيته مع عمّه وشيخه الشعاب.
قال الحبيب عيدروس فيما نقله عنهُ الشيخ عُمر شَيْبان: «أخبرني السيد عقيل ابن شيخنا عبدِ الله بن عُمر بن يحيى، عن سيدنا الحبيب علوي بن زين الحبشي، عن سيدنا محمد بن عيدروس أنه قال: لما كنا في أيام الصَّغَرِ بالمدينة إذا دخَلْتُ الحرم النبوي أجلس فيه وأقولُ للسارية: إن كنتِ تُحبين حبيبي محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم نودي، فتتمايل كتمائلِ سعف النخل مع اضطراب الريح، حتى أقول لها: أسكُني.
وأخبر عن شيخه محمدِ بن عُمرَ بنِ عبدِ الرسُولِ العطار: أن والده الشيخ عمر العطّار لما رأى السيّد محمداً بالمدينة عند الشيخ الشعاب علم أنَّ له خصوصية، فأرادَ حَمْلَهُ معَهُ إلى مكة المكرمة ليُعطيه مما لدَيْهِ من العِلم، فَضَنَّ بِهِ الشيخ الشعاب حرصاً عليه، فمكتَ الشيخُ عمر مدة يتوَدَّدُ للسيد محمد ويرغبه في المَسِيرِ معه حتى طلب هو من الشعاب الإذن له بالذهاب إلى مكة، فأذِنَ له، فرحَلَ معَ الشيخ عمر وأقام عنده بمكة وأخَذَ عنه واستفاد منه.
ومما قصه المترجم من أخبار عمّه، قال: أخبرني الشيخ معروف بنُ محمد باجمال: أنَّ الوالد محمد بن عيدروس بعد رجوعِهِ مِنَ الحرمينِ، بِقِيَ مُتَزَيِّباً بزِيِّ أهل الحرمين في اللباس، وبقي مُنعزلاً عن الخَلْقِ لم يختلط بهم مدة من الزمان، ثُم لما ابتدأ الظهور في الناس قال: هيا نذهب عند فلان يعني بعض الجنود من أهل الظلم والرياء، قال الراوي: فوقع في بالي شيء كالاعتراض، فكاشفني وقال: ميزاني في إبطي! قال الحبيب عيدروس: ثُم حسنَتْ توبة هذا الرجل، وعَفَا جملة من الدين الذي كان عندَ الخَلْق، ووجدنا نحو خمس مكاتبات من الوالد محمد إليه. انتهى .
وحكى المترجم: أن والده عمر كان متعلقاً بأخيه محمد تعلقاً شديداً، ولا يخالف له أمراً، حتى أنه لما توفي ترك بعض الكتب في مَحلَّه الذي كان يجلس فيه، فبلَغَ مِن حُزنِ أخيه عمر أنه لم يُطِقْ رؤية هذه الكتُبِ مِن شَدّةِ الحزن، فأرسلها إلى مكة المكرمة.
عناية والده به بعد وفاة عمّه:
بعد أن ظهرت على المترجم أماراتُ الفتوح والاستعدادِ على يدَيْ عمه، اهتم به أبوه السيد عمر ، فأقرَأَهُ «رسالة الإمام أحمدَ بنِ زَيْن»، و «شَرْحَ الرَّمْلِي على المختصّرِ الصغير»، ثُمَّ «شرْحَ الفشني على الزُّبَدِ» و «شرح التحرير»، و«الرَّحَبيةَ»، و «شرح الشمائل» لابن حجر و الآجُرُّومية»، معَ مطالعة بعض المطولات، کـ «التحفة» و «فتح الجَوَاد».
وكان صاحب الترجمة كثير البرِّ بشيوخه، كثير الذَّكرِ لهم، بشيوخه، كثير الذَّكرِ لهم، يتأسى بهم في كثير من شؤونه، لا سيما الدينية، كما كان كثير المَرَائي الحسنة لهم، ولا سيما شيخُ أبيه وعمه: العلامة الشيخ عمر بن عبد الرسُولِ العطار، وذلك لكثرة تعلق أبيه وعمه به، وكثرة ذكرهما لأخباره، إذ كان أجَلَّ شيوخهما على الإطلاق.
حليته وشمائله:
قال الشيخ عُمر شَيْبان: «منذ نشأ لم تُعرَف له صَبُوةٌ، ولا عُرِفَ مِن نفسه جُموح ولا نَبْوة، بل الغالب عليه مِن صِغَرِه الحياءُ، ولم يزل يُنازِلهُ الخجَلُ مِنَ اللهِ عز وجل».
وقال فيه حافظ المغرب في العصر الأخير السيد محمد عبد الحي الكتاني: وعلى هذا السيد المدار اليوم في اليمن في عِلم الإسنادِ والتحديث، خصوصاً عند الساداتِ آلِ باعلوي.
وقد وصفه شيوخه بما يجده القارىء في نصوص إجازاتهم له في هذا الكتاب، كما وصفه تلاميذه ـ في أثباتِهِم أو قصائدهم ـــ بأوصاف عظيمة، فانظُرِ القصائد فيما يأتي من السطور، وثناءَ التلاميذ في الفصل الخاص بهم من هذه الترجمة.
عبادته:
ذكَرَ الشيخُ عُمر شَيْبان: أنه كان يتعبَّدُ في شِعب (يَرْقِق)، وله بهِ حَوْطةٌ ومُصَليَّ، وكان يشاهِدُ فيه أرواح جماعة من الصالحين، قال: فكان كثيراً ما يتردَّدُ ليلاً ونهاراً إليه، وتتنَزَّلُ الأنوار، وتُفاضُ الأسرار في ذلك المحل عليه، حتى قَوِيَتْ عليه ورود الواردات. .. وربّما غاب عن الإحساس، وذهل عن المحادثة مع الناس، معَ حِفْظِ الله له في الأنفاس، إذ لم يُعلَم أنه تحدّثَ فِي غَيْبَتِه بشيءٍ مِنَ الأسرار، فإذا أفاق ورجَعَ إلى البقاء، وخافَ الانمحاق، أقام أسباب المشوشات من الأمور المباحات، ومطالعة علوم الأحكام والآلات، وإقامة دعوة العباد بإقامة المدارس والرَّوْحات
وأفرد الشيخ عمرُ شَيْبان فصلاً الأوراد اليومية لشيخه المترجم، وهو الفصل الثاني من الباب الأول، وفي ضمن هذا الفصل كثير من أذكاره ودعواته، كما تضمَّنَ نُبُدَتَه في زيارة القبور التي ذكرْتُها ضمنَ مؤلَّفاته.
أخلاقه:
قال الشيخ عُمر شَيْبان: وأما أخلاقه الجَليلة، ومحاسنه الجميلة: فمن حين بدايته وهو على أكمل الأخلاق الحسنة من الصفات والأفعال ـــ مع الخالقِ والخَلْقِ ـ المُستحسنة، قد جَبَلَه الله على ذلك، لا تَطلُّباً وتكلُّفاً لما هنالك، حتى يعتريه كغيره ملال، أو ينعكس به حال فإنه رضي الله عنه لم يوجد له في ذلك على اختلاف أحواله من تحمُّلِ المَشقَاتِ ومراقبة الخَلْقِ ـ من ميل، وذلك لشهوده تجلّي الحق، ومطالعته السرَّ الإلهي في كل حقير وجَليل، مع الملاطفة لهم بالتأديبات: القَوْلية والفعلية، وإظهاره العفْوَ َوالصَّفْحَ عن أهلِ الزَّلَاتِ والخَطِيَّة، وكَلِّمِهِ الغَيْظَ وسَتْرِهِ القبائح، وغير ذلك مما تُنتجه الصفات الحسنة والأخلاقُ السوية».
* ما حُفظَ عنه من مفاهيمه القرآنية والحديثية: قال الشيخ عمر بن عوض شَيْبان: وكانت تردُّ عليه وارِداتُ العلوم اللدُّنْيات، وتُنازِلُه الفهوم في معاني الآيات، ويطالع الأسرار بصفاء الأفكار، وكان له ـــ من أول عنفوانِ شبابه وكهولته ـ الذهنُ المُنْقاد، والفَهْمُ الوَقاد».
وقد جمَعَ الشيخ عمرُ بنُ شَيْبان بعض مفاهيم شيخه مما سمعه منه أو استَمْلاه، ودون ذلك كلَّه في مناقبه الكبرى، قال الأقدار هذا الفقير ذا الجناح والتقصير من غير اختيار، على هذا الإمام، في وقت يسير من الأعوام بالنسبة لما مضَى من عمره التام، فكان يفتتح المُذاكَرَةَ من سؤال، ويُبيِّنُ المعاني على الآي على وجه الكمال، وكثيراً ما يقولُ: هذا مما وقع في الفهم، وخصوصاً في شهر رمضان عند تلاوته للقرآن.
فاستَمْلَيْتُ منه شيئاً يسيراً، وهو إن شاء الله فيه نفع كثير، لكل كبير وصغير، وغالبه في شهر رمضان، وما قارَبَهُ من الزمان، وذلك لِمَا يَقَعُ مِنَ الخَلْوَةِ والفراغ فيها مع الفقير، وأبقَيْتُهُ مشَتَاً كالفوائد، رجاءَ أن يُكمِلَ الناقص المُفتَتَح، وأن يُرتِّبَهُ رضي الله عنه ونفع به ويجعله في سلك واحد، فاخْتَرَمَتْهُ المَنيَّة قبل حصولِ الأُمنية ، فأَرَدْتُ أن أجمعه وأجعله في عقد فريد، لينتفع به كلُّ طالب ومستفيد، إلى آخر كلامه .
قد ضم إلى هذا المجموع ما سمِعَهُ مِن شرح بعض الأحاديث النبوية، أو شرح بعض أبيات شعريَّة من أقوال السادةِ الصُّوفية، أو حكم أو نصائح عامة. وقد بَوَّبَ الشيخُ عمرُ شَيْبان لهذه المفاهيم في الفصل الأول من الباب الثاني، وجعَلَ الفصل الثاني فيما سمِعَهُ أو وجَدَه بخطه من شرح لأبيات أو حكمِ وما إلى ذلك.
ولو ضُمَّ ما جَمَعَه الشيخُ عُمر شَيْبانَ إلى ما ورد في «النهر المورود» للحبيب عبيد الله بن محسن لكان ذلك المجموع مستوعباً لما حُفِظَ عن صاحب الترجمة من المفاهيم والتفسير الإشاري للآياتِ والأحاديث.
ما لقيه من أذايا ومِحَنٍ من أهل بلدِهِ (الغُرْفة):
لم يسلم المترجم رحمه الله من الأذايا والبلايا، ولا سيما من أهل بلده (الغُرْفة)، وقد أوذِيَ من بعضهم أذيَّةٌ لا تُحتمل، حتى أنه عَزَمَ في بعض السنين على مغادرتها، ثُم عَدَلَ عن ذلك استجلاباً للثواب والأجر، وكان آخرُ الأمر منهم أن سَحَرُوهُ وأضرُّوا به حتى أَوْدَوْا بحياتِهِ رحمه الله، ولو نظرنا إلى أسماء المُستجِيزينَ والآخِذينَ عنه لما وجَدْنا من أهلِ الغُرْفة إلا واحداً أو اثنين، أما بقية التلامذة منه فهم من خارجها.
ومما نقله تلميذه الشيخ عمرُ بنُ شَيْبانَ مما وجَدَه بخطه: شكاية رفعها لربّ العالمين سبحانه، شكا فيها أهل بلده إليه، وهذا نصها:
(مرقوم صورةِ شكاية إلى الحيّ القَيُّوم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله مولي الفضل الجزيل، وساتر القبيح ومُظهِرِ الجَميل، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، الحَسِيبُ الوكيل، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ذا الخُلُقِ العظيم والمنصب الجليل، صَلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعلى آله وصحبه ذوي المجد الأثيل. أما بعد: فأشكو إلى الله تعالى ما أعانيهِ منَ الهم والنكد والتكثيف والكبد، وذلك ثمرةُ سيّىء عملي وشؤم مقاصدي وإقامتي بهذه البلد التي ليس بها ـــ في الظاهر - مَن يُستحيى منه وعليه يُعتمد، ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويُعينُ على الخير ويدلُّ على الرَّشَد، بل ليتهم إذا لم يُوفّقوا لذلك، ولم يكن منهم شيء مما هنالك، لم يتبطوا عنه أحداً، بل ليت شعري! إني لأحَدُهم، ومِن نفسي عرَفْتُ وصفَهم، ولا أعتقد ذلك الوصف منهم بأحد على الجُملة، ليسوا خالِينَ عن رديلِ الفِعَال، ودَنيء الخِصال، ولا عَرِيِّينَ عما به المرءُ يُحمد، وأعتقد أنّ فيهم مِن أهل النظَراتِ الإلهية ممَّنْ ظَهَرَتْ عليه بعضُ علامات تلك الخصوصية، ولم يَعرِفُهُ أحدٌ إلا من اختصه الله، وربما كان أشعثَ أغبر يُحَوَّلُ عن الأبواب ويُطرَد.
ولما كان زماننا هو دهليز الساعة، الذي أخبر به صاحب الشفاعة، وكان من سيما أهله عدم الوفا، الذي هم من أمرِهم فيه على شَفَا، أدهَشَني فعلهم وساءني أمرهم، وشهدْتُ ذلك منهم على التحقيق، وخانَني بذلك من يدعي أنه لي قريب صديق، يظنُّ الناسُ أنه لي وَليُّ حَميم، وما هُوَ إِلا يُجرِّعُني غُصَصَ الحَمِيمِ، بِتَسوُّرِه على ما يُكرهني اطلاعه عليه، بل وقوعه في جَنابي بالتَّلْبِ والافتراء بما لم يكن، ولو كان لم يكن الأمر فيه إليه، فالله المستعان وعليه التكلان، وأسأله كفاية ذوي السنان.
ويكفيني التسلّي بما أورده سيدنا العلامة الوجيه عبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه، في خاتمة كتابه الجواب والبيان في أن المحسود في الخير في زيادة لا نقصان، وقولُ سيدنا العارف النَّقَّاد، الحبيب عبد الله الحداد:
مضى الصدق واهل … الصدق يا سَعْد قد مضوا إلخ .
وغيرها من قصائده، مما هُوَ فيما نحن بصدده، وأسألُ اللهَ أيضاً أن يوفّقَنى للتخلق بأخلاق أصفيائه من رسله وأنبيائه وأوليائه، وخصوصاً نبيه الكريم الذي أُنزل عليه قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤] الأمرُ له بقوله: ﴿وَاصْبِرُ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمورِ﴾ [لقمان: ۱۷]، وقوله تعالى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَح﴾ [المائدة : ١٣] الآية، وغيرها مما يوجب الشرح للصدر، المُبْتَلِي بمثل هذا الأمر، إذ ابتلى بأعظم منه نبيَّه ومصطفاه، الذي لو لم يكن لما كان الكون لولاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله، والصَّلاة والسلام على أشرف متخلق بأخلاق الله، سیدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه ووالاه. سبحان ربك رب العزة عما يَصِفُون وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك». انتهت الشكاية.
شكاية منظومة:
قال الشيخ عُمر شَيْبانَ: ومما أملاه عَلَيَّ رضي الله عنه، حاكياً عن حاله في منازلة نازلته، قوله:
أفيضتْ على قلبي شجون مُمضَةٌ .. . وقلبي مسقـوم وجسمي مؤلم
ولا أشتكي إلا إلى الله ربنا .. .وأحقرها لو نالَ رَضُوى لَصُدِّعا
ولو سمع الشكوى لبيب لما وَعَى .. . عليم حكيم مُستجيب لمن دَعا
رحلاته في طلب العلم:
كانت للمترجم رحلات إلى بلدان وادي حضرموت، ما جاوَرَ بلدته (الغرفة) وما بَعدَ عنها، فرحَلَ إلى شبام، وتريمَ وسَيُون، وإلى الخُرَيبةِ بوادي دَوْعَن، وأَخَذَ عن جماعة من علماء تلك البلدان. ثُم كانت رحلته إلى الحجاز لأداء مناسك الحج عام ١٢٧٦ هـ، والتقى في تلك السنة بعلماء الحرمين الشريفين ممَّن ذكَرَهم في هذا الثَّبَت، وغيرهم من الواردين عليهما.
تتبعه للفوائدِ وعنايتُهُ بالبحث عن كتب الأسانيد:
من مظاهر عناية صاحب الترجمة بالفوائدِ التاريخية والإسنادية، ما ورد مُكاتبة لطيفة نادرة منه لتلميذه السيد العلامة المُسند محمد بن سالم السري، احتوت على لطائف وفوائد جليلةٍ يُرحَلُ إليها، قال له فيها:
وعرفتُمُ السؤال عن أسانيد أشياخنا منَ السَّادة آل أبي عَلَوي إلى الأمهات الست، نحرره لكم، فاعلم: أنَّ لهم إلى الأمهات الست الحديثية وغيرها من الحديث، بل وغير ذلك من سائر الفنون من العلوم الشرعية وما يتعلَّقُ بها مِن آلاتِها العقلية، أسانيد كثيرة، من طرقٍ شهيرة، متّصلة بالعلماء المُحقِّقين، وهِيَ مدوَّنة في الأثبات التي ذكَرْتُمُ اطّلاعكم عليها عند السيد العلامة محمد علي بن ظاهر وغيرها؛ إذْ لهمُ الأخذُ التام، والرواية المطلقة، كلُّ منهم عن أساتذة، ومشايخ من السادة العلويين وغيرهم.
غير أنهم لم يؤثر عن أحدٍ منهم تدوين إسناد الأمهات ونحوها بسَند علوي خالص، وإنما أثبتوا ودوَّنُوا سند الطريقة، وما اشتَمَلَتْ عليه من علوم الصُّوفية، فكأنَّهم يُشيرون إلى أنّ علوم الرواية سبب داع إلى الشهرة البعيدة عن طلب الخُمول، الذي هُو هِجيرُهم وقَصْدُهم، وأظهروا وعوّلوا على إظهارِ سَنَدِ الطريقة، وإبقاء سنَدِها بنحو لبس الخرقة الأنيقة ؛ لِمَا أنّ علومها مزيةٌ جاليةٌ ذَوْقية، وهِيَ معنى العلم بالعمل.
ولذا، قال بعض العلماء: إنّ قولَ: (حدثنا) أو (أخبرنا) باب من أبواب الدنيا، ولو أمكنت فُسحةٌ من الوقت لربما نُخرجُ أسانيدهم لتلك الكتب بإسناد علوي خالص، لكن مع من له معرفة بأخذ بعضهم عن البعض، وبمعرفة مقروآتهم مما ذكر في تراجمهم، وإن لم يكن ذلك، وأرَدْتَ روايتهم للفنون العقلية الشرعية، فانظُرْ إلى إسنادِ أشياخِنا، الذي سطَرْناه في الرسالة المكتوبة باسم الولدين العلامتين: عبد الرحمن بن محمد المشهور، وعلي بن محمد الحبشي، ففي الإسناد منا إلى أرباب الأثباتِ المشهورة للمتأخرين، كالشيخ إبراهيم كردي ، وحسن بن علي العُجَيمي، وأحمد بن محمد النَّخْلي، وعبدِ الله بن سالم البصري، طرق ذكرناها في تلك الرسالة، ولنا إليهم طرق أخرى تنيف عن عشرين من الطرق والإسنادات.
ومثلها أو أكثر إلى السيدين العلامتين العارفين بالله، اللذين ليس لهما مثيل ولا شبيه محمد بن أبي بكر الشَّلِّي، وعبد الله بن أحمد بلفقيه.
وللأول: معجم اطلعت على بعضه، ذكره في كتابه «المَشْرَع» في ترجمته لنفسه، خرج روايته فيه عن أربعة من أشياخه صرّح بأسمائهم هناك.
وللثاني: مصنفان في هذا الفن أحدهما يسمى «الدرر البهية في الأسانيد النورانية»: يتعلق بذكر رواية إسناد الكتب والمذاهب، والثاني: «وصلة السالكين بصَدَد لُبس الخرقة والتلقين»، ولعله اقتضَبَهُ من مصنف شيخه أحمد القُشَاشي المسمى: «السمط المجيد» ولم يرفع إسناده في الكتابين، إلا من طريقه؛ أي: القُشَاشي، وهو أحَدُ الأربعة الأشياخ للسيّد محمد بن أبي بكرِ الشَّلِّي.
فهذان السيّدان العارفان: محمد وعبد الله ومَن شاركهما من أرباب الأثبات المتقدم ذكرهم -روايتهم عن الشيخ القُشَاشي، وأكثرهم مشارك بالرواية عن الشيخ الإمام الحافظ محمد بن علاء الدين البابلي وهما رَوَيَا عن الإمام شمس الدين محمد بن أحمدَ الرَّمْلي.
فإذا علمت ذلك، فاعلم أني أقولُ بما يقوله كثير من أشياخي بلسان الحال، ومنهم: شيخُنا العَلَمُ النّبيه، عبد الله بن الحسين بلفقيه، بلسان المقال: «إني ولله الحمد، وإن قصر باعي، وقلّ متاعي لي اتصالات في أمالي وأسانيد عوالي، بحيث يغلب ظني أنْ لا عالم يوجَدُ إلا وحَبْلي متصل به، ولا كتاب مصنف إلا وسِلْسِلتي منوطة به فانتبه».
وعسى أن تجدوا وتُحصلوا من أثبات أشياخ أشياخنا كـ «إقرار العين بإقرار الأثر بعد ذهاب العين»، و«إرسال الأسانيد واتصال المصنفات والمسانيد»، كلاهما للشيخ محمد بن أبي الطيب المغربي ثُم المدني، وبرنامج تلميذه السيد محمد بن محمد مُرتضى، وهو ثبته الكبير، وكذا أثباتُ تلميذه علي بن عبدِ البَر الونائي، فكلّ من هؤلاء الثلاثة له أثبات متعدّدات وغالب أشياخنا متصلة أسانيدهم بهم.
أو وجدتُم أيضاً الثبت المسمى: «المطربَ المُغْرِب الجامع لأشياخ المشرقِ والمغرب» للشيخ عبد القادر بن خليل كدك زاده المغربي خطيب المدينة المتوفى بالمدينة سنة (١١٨٧ هـ).
ونُعلمكم أيضاً: أنا طلبنا من الولد العلامة حسين بن محمد الحبشي يحصل أسانيد وأثبات السيّدين الجليلين زَيْن وأحمد ابني عَلَوي جمل الليل المدنيين، فحصل أيام زيارته العام الماضي ما للسيد زَيْن مِنْ ذِكْرِ أشياخه، وكيفية أخذه عنهم، وانقطع بالمرض عن تحصيل ما نُسب للسيد أحمد، فعسى أن تكون منكم العناية بتحصيل ذلك على يد من تأهل لاستخراجه دشتة كتبهم؛ فإنها باقية كما ذَكَرَ الولد حُسين، فلين يسر الله ذلك ووَصَلَنا، فهو قُرة العين وطلبتُمُ الإجازة من الحقير لكم ولشيخكم العلامة محمد علي بن ظاهر -لطلب ذلك منه على لسانكم؛ فقد أجزناكم الجميع على قصد الكل ونيَّته، وإن لم يكن ذلك سائغاً من الحقير لعدم أهليته، وصَدَر إليكم نقل ذلك».
وفي آخرها قال: نعم، مصنفات الحبيب عبد الله بن أحمد بلفقيه موجودةٌ حَصَّلها الوالد محمد بن إبراهيم رحمه الله، من نسخة سيّدنا الإمام الحبيب أحمد بن زَيْن التي ذكرتموها بالمدينة، والعمامة المطلوبةُ صَدَرت إليكم. وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم. حُرِّر يوم الخميس في (۱۸) جماد أول سنة (١٣١١هـ)». انتهى.
قلت: استحسنًا ذكر هذه الرسالة لما احتوت عليه من الفوائد الثمينة النفيسة. قال الشيخ عُمر شَيْبانَ في الفيوضات: «الما وصلته فوائد السيد زين بن علوي جمل الليل المدني، وتحقق منها رواية السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل عنِ ابنِ سِنَّة، أملى عليَّ سندَه للبخاري من طريقه، وهُوَ عالٍ جداً، لم يوجَدْ مَن يُساويه في العلو فيما نظن، فقال رضي الله عنه: نروي صحيح الإمام البخاري عن الشيخين الأجلين: السيد عبد الرحمن بنِ سليمان الأهدل، والإمام أحمد بن سعيد باحنشل، عن السيد سليمان بن يحيى الأهدل، وهُوَ عن والده السيد يحيى، وهُو عن الشيخ أبي الوفاء أحمد العجل اليمني.
(ح) وأوريه أعلى بدرجة: عن السيد عبد الرحمن بن سليمان المذكور إجازة، وهُوَ يرويه عن الشيخ المُعمَّر محمدِ بنِ سِنّةَ العُمري بالإجازة العامة، عن الشيخ أحمد بن العجل، والشيخ أحمد يروي عن مُفتي مكة قطبِ الدِّينِ محمد بن النَّهرَ والي، عن والده، وعن الشيخ أحمدَ بنِ عبدِ الله الطاوسي، عن الشيخ المُعمَّر بابا يوسف الهروي، عن محمدِ بنِ شاذَبَخْتَ الفَرْغاني، بسماعه عن أحد الأبدال بسَمَرْقَندَ يحيى بن مُقبل بن شاهانَ الخَثلاني، عن الإمام محمد بن يوسف الفربري، عن الإمام محمد بن إسماعيل البخاري». انتهى.
قلت: وقد نظم السيد عبد الرحمن بن عُبيد الله السقافُ هذا السند بقوله:
نروي الصحيح عن إمامنا الأبر ... بحر العلوم العيدروس بن عمر
عن شيخه الحبر الإمام البدلِ ... نجل سليمان الوجيه الأهدلِ
عن شيخه ابن سنة الفلاني ... عن أحمد بن العجل اليماني
فالنهروالي عن الطاووسي ... فالهروي بهجة النفوس
عن الجمال الفاضل الفرغاني ... عن شيخه ابن مقبل الختلاني
عن الفربريِّ عن البخاري ... بحر العلوم السلسبيل الجاري
هذا أعز سند في الدنيا ... رتبته بالاتفاق العليا
لمثله يرحل شاما ويمن ... وقد أتانا عاليا بلا ثمن
فدونكم سلسة من الذهب ... غنيمة باردة بلا تعب
عنايته بجمع الكتب:
وكان -رحمه الله تعالى -يهتم جداً بتتبع الكتب والمؤلفات، لا سيما مؤلَّفَاتُ شيوخه أو شيوخهم ممن ارتبط بأسانيدهم واهتم بتحصيل بعض المؤلفات بخطوط أصحابها، فإن لم يجدها استَنْسَخَها، وقد احتوت مكتبته على نوادر الكتب والمخطوطات، منها: «شرح الجامع الصَّغير» للأميرِ الصَّنْعاني نسخة نفيسة مقروءة على المصنف، ولا زالت هذه المكتبة محفوظة في منزله، يعتني بها أحفاده جيلاً بعد جيل
ومن نظمه: هذه الأبياتُ في تقريظ «شرح الإحياء» للسيد مرتضى الزَّبيدي، قال الشيخ عُمر شَيْبان: أنشَأَ ذلك رضيَ اللهُ عنه حين وصل إليه، وقد كان يتطلَّبه من قديم الزمان، حتى طبع، وذلك بقوة همته العَلِيَّة، وأتت جملةً نُسخ منه إلى حضرموت . قال رحمه الله:
إنَّ «شَرْحَ الإحياء» شرح جليل … جمَعَ العِلمَ كلَّهُ فَعرَفْنا
ما رأينا فيما رأينا مثـالـة … أنَّهُ فيضُ بحرِ علم الرسالة
ما قيل في مَدْحِه في حياته:
قال الشيخ عُمر شَيْبان: «وامتدحه كُمَّلُ الرجال، وأطلقوا أعِنَّةَ الأقلام ـ نظماً ونثراً ـ بعظيم أوصافه، وكريم أخلاقه، وما عسى أن يقال؟ ومع ذلك لم يَحجُبه الخَلْقُ عن الحق».
وقد جمعت في هذه الصفحات - من عددٍ من المصادر والمراجع ــ ما تفرق مما قيل في مدحه، وهُو غَيْضٌ من فَيْض، ومعظمُه لم يرد ذكره أو الإشارة إليه في «المناقب الكبرى»، ولكني جمعتها من أشتاتٍ متفرّقة، ولعل الله ييسر الوقوف على أكثر منها في مستقبل الزمان، فمن ذلك:
ما نظمه السيد حسنُ بنُ عَلَوي بن شهاب الدين، بقوله:
يُحدّث عنك الوقت أنك صاحبه … فلا يدْعَ أن شُدَّتْ إليكَ ركائبه
لديكَ مَصُونُ السر أُودع كله … ومخطوبة لا شك أنك خاطبه
هنيئاً لهذا العصر إذ كنت فـرده …بِكُمْ يتباهى شرْقُهُ ومَغاربة
هلموا فهذا الموردُ العَذْبُ طافح … جداوله تجري وتَهْمِي سَحَائِبه
يتيمةُ عِقدِ الفاطميين جـامـع الـ … کمالات تفدى بالنفوس رغائبه
هُوَ العَيْدَرُوسُ المُقْتَفى إثْرَ جَدَه... بهِ أَشْهَدَتْ منا العيون أطايبه
تَسَمَّى بهذا الاسم وهو محله … فذا الاسم في هذا المسَمَّى يُناسبه
ووارثه في العلم والحلم والتَّقَى … وأخلاقه حقٌّ فَقُلْ جَلَّ واهبه
إمام همام عارف قد تولّعَتُ … بِسَبْقِ الرجال العارفين نجـائبه
إلى المذهبِ المَرْضِيَّ تَهْدِي فِعَالُهُ … فيا حبَّذا أفعاله ومذاهبه
وزاخر بحر العلم يرويه لفْظُهُ … فمن كل علم ما لديه أطايبه
حوى قصَباتِ السَّبْقِ في كلَّ مَفخَرِ … تظل عيون المجد دوماً تُراقبه
فيا سامعاً قولي رويدك إنه … لأعظم مما قد سَمِعْتَ مَنَاقِبُهُ
وأنَّى لِمثْلي مستطاع لوصفه … وهيهات! ليس البحرُ تُحصى عجائبه
إليهِ قَوَافِ كونُها فيه زينة … تؤم مقاماً منه قد عزّ جانبه
ولولاه لم تسمح بنظم قريحة … بها هاطل الأشجانِ قد سَعَ ساكبه
وصلَّى إلهي كل حين وساعة … مدى الدهر ما لاحت بجو كواكبه
على المصطفى والآلِ ما قال مبدع … يحدثُ عنك الوقت أنك صاحبه
وقال السيد محمد بن طاهر الحداد:
سلام على الأحباب من ساكني نجد … أولئك حزب الواحد الأحد الفَرْدِ
هم القادة الأخيار، هم سادةُ الوَرى … أولو الصدق والإخلاص يوفون بالعهد
هم القائمون الليلَ حِلْفٌ كتابه … بحزن وترتيل مع الشوقِ والوَجْدِ
هم العارفون الخائفونَ الهَهُمْ … هم الخاشعون المتقون أولو المجد
هم الذاكرون الصائمون عنِ السِّوَى…وأهل اللوا المعقود والجود والمدّ
هم الطيبونَ المُخْبِتون لربهم … سُقُوا خَمْرة العرفان والحب والود
هم الحاملون السر حقًّا بلا مرا … هم الأمرا يَحمُونَ لو كان بالبُعْدِ
وأهل الندى والمُنقِدُونَ منَ الرَّدى …ومُجْلُو الصَّدا والرَّيْنِ والغِش والحقد
رجالٌ رَقُوا فِي رُتبةِ القُربِ مُرتقى … فيا حبَّذاكَ القرب من حضرة العنْدِ
وفي العصر منهم سادة وأجلة … شموس بهـم كـل البـريـة تستهدي
تصَفُّوا الأغيار قد ملكوا الهوى … مع النفس، والشيطان قد باء بالطَّردِ
فكم جاهدوا في الله حق جهاده … فقربَهُمْ منه وأتحف بالقصـدِ
جنوا من ثمار الشوْقِ والأنس والرّضا … قطوفاً وأزهاراً تفوق على الشَّهْدِ
فيا نعم ما أُعطوه من ذلك الجزا… فطوبى لهم سادوا على الحر والعبد
كمثل الإمام العارف الكامل الذي …تعدى بألبان العلوم من المهد
هُوَ العيدروس الحَبْرُ ذو الحلم والتقى… لقد كان في ذا العصر واسطة العقدِ
كريم وفِي أَرْيَحِيُّ مُهذَبٌ … شريف لطيف ذو حَيَاء وذو جَدٌ
وشيخ مكين حاز علماً وحكمة … بفرض وتعصيب وبالعَوْلِ والرَّدَّ
تلقى عن الأشياخ من أهل عصره …جميعاً إلى أن حَلَّ في ذروة المجد
فأخلاقُهُ تُنبِيكَ عن عُظْمِ حالِهِ … وأعماله تكفيك في السير والقَصْدِ
إمام على الإطلاق من غيرِ مِرْيَةٍ … شمائله لا تحصى بالحصر والعد
فيا عيدروس السرَّ جُدْ لي بدعوة … بها تُمْحَ أَوْزاري فقد أثقَلَتْ زَنْدي
تَشفَع إلى الرَّحمنِ في نَيْلِ حاجتي …فإنك ذو جاه لدى الخالقِ المُبْدي
مضَى العمرُ منّي في البطالة راتعاً … مقيماً على العصيان أو عمل يُرْدي
وقد سَارَ أهل الركب عنِّي وأدلَجُوا … وفازوا برضوان وأعطوا بلا حد
فواحسرتي إن فات عمري ولم أذُق … مواجيدَهم يا طول حُزني ويا بُعْدي
بهم ربِّ وفقنا وسدد فعالنا… وأقوالنا، واسلك بنا سُبُلَ الرُّشْدِ
إلهي بحقِّ القومِ مُنَّ بتوبةٍ … بها تُصلحُ الأحوال يا المُحسِنُ المُسْدي
إليك توسَّلْنا بجاه حبيبنا … نبيك خير الخَلْقِ أكمل مَن يَهْدِي
فصَلّ وسلم دائماً متجدّداً عليهِ … وعُمَّ الآلَ والصَّحِبَ مِن بَعدِ
وقال فيه السيد العلامة علوي بنُ عبدِ الرحمنِ المشهور:
تثنت غصون البانِ مذ خطرت ليلى … بساحات أرباب الهوى سحراً ليلا
لقد سَحَبَتْ تِيها لأذيالها التي … بها شرفُ النادي الذي لامَسَ الذَّيْلا
فتاة لقد أفتى القُضَاةُ بأنها… هي الكعبة الغرا التي تسلب العقلا
بهاءُ مُحَيَّاها سَبَى الشمس فانتَنَتْ على… إلى أن توارت فهي واقفةٌ خَجْلَى
على حُبّها وَقْفاً حَبَسْتُ جَوارحي … وقلبي فلم أملك إلى غيرها ميلا
كأني مذ أَسْلَمْتُ أيدي نحوها.. أرى مَفْخَري بالقُربِ ليس له شكلا
لقد أعربت عن حُسن ما كان خافياً … وأبدَتْ لأسرار الهوى وشَفَتْ غِلا
ثوَتْ في رياض مُبدِعاتٍ لقد زَهَتْ … بموطنها مَن يَطلُبُ الفَرْعَ والأصلا
سری سر معناها وعمَّ نَوَالُهُ… كما عم نور العيدروس الورَى الكُلاً
سليل الشجاع الألمعي الحبشي الذي… حوى مظهر الأسماء فهيَ بِهِ تُجْلَى
سَمَا في عَلِيَّاتِ المراتب وارتوى … كؤوساً عن التشبيه جلَّتْ لدى الإملا
شمائله خُلق عظيم ونعتُهُ … لقد أعجَزَ المُحصُونَ من نعته نقلا
فمَن لي بمن في الناس يُدعَى أباً لهم … ومرحمة والكهف ذو المنصب الأعلى
ويُعرب عن دُرّ نَضِيـد وجـوهـر … إذا فاه كان القولُ لِلحَكم الفَصْلا
تحكم للأمر المطاع بداية … وراض به نفساً وزان به الفعلا
ودام على تلك المعارج وانتهى … إلى الغاية القصوى ويبتدرُ الوَصْلا
ولا عجب أن يرجع السامي الذي … عَلَا شَأْنُه للبدء كي يهدي الجلا
تأسى بناموس الملائك واصطفي.. حبيباً لدى الرحمنِ في هَدْيِه دَلا
بهِ شَرُفَتْ أَرَضُ بها حَلَّ أَو مَشَى… كما شرَّفَ البَطْحاء أحمد والمَعْلا
تساميت يا دهراً على أعصر مضَتْ… ولم تَرَ مثل العيدروس إذا أصلا
نَصيبُ مُحبّيه نصيبُ الذي ثَوَى … بمجلسه فالفضلُ قد غَمَرَ الكُلا
ونيطَـتْ بـه كـل القلوب وأحـدقـتْ …على من نأى عين تُبلغُهُ الفضلا
أيا قاصداً نحو الحبيب ميمماً ….هديت طريق المَنْهل الأعذب الأحلى
سَعَيْتُ وإنّي في قيودي مكبل … وقلبي لهذا البُعدِ لم يستطعْ حَمْلا
نأى بي تقصيري وقد فاز من سعى … إلى المنهل الصافي فهل لي أن أسلا
وكيف ونارُ البَيْنِ في تأجَجَتْ ….وفي كلّ حينٍ مِن تَذَكُرِهِمْ أَصْلَى
عسى ولعلَّ الدَّهرَ يَلْوِي عِنَانَهُ …وأحظى كموسى إذ أتى الجذوة المُثلى
ففاز بإنباء ونُــودي برفعة … وقيل له: اعْبُدْنِي أنا رَبُّكَ الأعلى
أيا ابن شجاع الدِّينِ ناداكَ مُرتجي … غِيَاتِ، عُبَيْدُ مُحسِنُ الظَّنِّ والقولا
وها هي تسعى نحوَكمْ مِن مَديحة … وقد أفصحت عما تحنُّ له الثكلى
منَ الفَقْدِ للأسرار والعلم والحِجا … وحاشا ورب البيت عن دربكم أقلى
تبارَتْ من الحي الذي نَبَتَتْ بهِ …. أصول كرام أنت منهم إذا تُجْلَى
فمُنُّوا بما أمَّلْتُ فيكم وأدركوا … أسير هوى خافَ المهامة والسبلا
عليكم سلام الله من بعدِ أحمد …كذا الآل والأصحابُ ما مسلمٌ صَلَّى
وامتدحه تلميذه السيد عمرُ بنُ عَيْدروس العيدروس بقصيدة مطلعها:
زادني شوقاً وميلا … عَرْفُ رِيحٍ هَبَّ ليلا
وقرئتُ على صاحب الترجمة فقال: إذا أراد الله أن يُنيل إنساناً شيئاً حسَّنَ في أي شيء وإن لم يكن ذلك الشيء محلاً، إذِ المَدَد في المشهد، ومثْلُ هذا يلزمنا عند سماعه أمران:
الأول: خشية الله وخوفُ الاستدراج ، وخصوصاً أنا لم نكن بشيء من الوصف.
والثاني: الطمع فيما عند الله؛ لأن فضله ليس بالاكتساب، ولا يدخُلُ تحتَ الحساب.
ومما امتدحه به تلميذه العلامةُ عُبيد الله بن محسن السقافُ قوله من أبيات طويلة:
من أجلسوه الأكابر … فصار يلقي دروساً
وورّثوه علوماً … لما رأوه محلاً
فصار يُلقفي دروساً …ما مثْلُها أعذب وأحلى
هو عيدروس المعالي … ومَن له الله أعلى
مراتباً لا تُسامى … ولا تُكيَّف وتُجلّى
وقال أيضاً من مطولة فيه يمتدحه:
يا مريد اللحوق بالأوتاد … الأطايب الاماجد الأمجاد
كان مركوبه سراع المطايا … للمعالي والصافنات الجياد
تابع السَّيْرَ قاطعاً للبراري … واصدق القصد طالباً للمراد
داوم المشي في اجتهاد وجد … لمعالي الأمور يا ذا الرشاد
لا تخف كلَّ مَهْمَه وقِفَارِ …سر مجداً في كل شعب ووادي
وتوجه بكل عزم وحزم … راغباً نيل مُبْتَعَاتٍ جِيَادِ
واخطط الرحل في رُبَى خير حي … منهل القاصدين والوراد
وإذا ما حططت حي عظيماً … شامخ المجد كعبة الرُّوَادِ
الإمام الهُمَامَ عَوثَ البَرَايَا … عيدروس الزمانِ نور البلاد
رحمة كله وجود وفضل … وعطوف على جميع العباد
وارث جده شفيع البرايا … الك نهج خير داع وهــادي
وللشيخ حسن بن عوض بن زين مُخدَّم - وهو من كبار تلامذته ومريديه -عدة قصائد فيه، منها:
يكاد اشتياقي أن يُطيِّرَ لي قلبي … إليكم أُحَيْابي وقد عاقني ذَنْبي
ومن عجَبٍ أني أحِنُّ إليكم … وأنتم بقلبي ساكنون بلا ريب
ومن عجب صبري لبعدي عنكم … وأنتم لدائي طبه نِعْمَ مِن طبّ
عليكم سلامي من فؤادي جميعه …ومن سرّ سري بعد روحي ومِن لُبّي
ألا فامنحوني نظرة أشتفي بها … من أمراض قلبي المُهْلِكاتِ ومِن عُجب
سلام على من حبُّهم ووِدَادُهم .. أحبُّ من الماء المبرد للشرب
سلام على آل الرسول جميعهم ….ووُزَائِهِ خير الهداة إلى الرَّبِّ
سلام على كنْزِ الوِلاية والتقى …. سلام على روحي، سلام على قلبي
بعِدْتُ بجسمي عنك والقلب حاضر …. لديك وحَسْبي حُسنُ ظَنِّي
سلام سلامٌ كدْتُ مِن وَجْدِ ذِكْرِهِ … أَلا حَسْبي أطير بلا ريش إلى المنزلِ الرَّحْبِ
منازل أرباب المواهب يــا لهـا …. منازل قد خُصَّتْ مِنَ العطا الوَهْبي
بكم وبأسلاف لكم متوسل …. إلى الله فيما نابَني مِن أذى ذنبي
وصَلَّى إلهي كل وقت وحالة …على المصطفى المختار من خيرةِ العُرْبِ
وآلي وأصحاب ومَن سارَ سيْرَهم… من التابعين المتقين أولي القُرْبِ
ومن شعره فيه قوله:
يكفي فؤادي ما علمتم سادتي …من شرح حالي أو مالي فانظروا م
بعيونِ وُدِّكُمُ فإنّي لم أزَلْ … ترقباً من جودِكم ما يظهرُ
فالجُودُ مَذهَبُكُمْ وَمَذهَبُ مَن مَضَى …من آل بيت المصطفى لا يُنكَرُ
متسلسل قدماً إلى طه الذي حبي …تُنْسَى المفاخر دونَهُ إذ يُذكَرُ
إليك وسيلتي بل جودك الـ … فَيَّاضُ أَظْهَرُ ما يَدُلُّ ويُبهِـرُ
أشكو إليك موانعاً وقواطعاً … وعوارضاً تبدو لديَّ وتَخطَرُ
سبحان من أعطاكُمُ مِن جُودِهِ …ما لا نهاية فاحمدوا واستكثروا
يا ربِّ صَلِّ على الذي امتدَّتْ به …رحماتُكَ العُلْيا وزادُ المَفْخَرِ
عين الوجود وروحه بل سره … طه الحبيب والِهِ مَن طَهَّروا
وله أيضاً:
سلام على مَن حُبُّهُ مَشْرِبيَ الأهني …ومَن وُدُّه أسنى الوسائل للحسنى
وأعني بهِ مَن كَلَّمَ اللهُ سَرَّهُ … بمشهدِهِ والقُربِ والحب والإذنــا
وجَلَّلَهُ بالمَكرُماتِ وخَصَّهُ … يعلم لدني المنازع والمعنى
هُوَ العيدروس الصدقُ إن شئتَ … يتيمة عقد الأولياء بذا يُعنى
ومصباح آل البيت فينا، ونوره … لقد عَمَّ في الآفاقِ مِن غيرِ مُستثنى
سلام على بيت النبوة والهدى … وبيتِ النَّدى مَن فِي النَّدى
هنيئاً لمن في سُوحِهم وربوعهم …أخجَلوا المُزْنا يَروحُ لا يملُّ ولا يضنى
أولئك وُرَّاثُ النبي ورهطه … خلاصته الأطهار في ذلك المَغْنى
وقولوا لهم هل نظرة من عناية … ولا يَضْنَى لعبدِكُمُ المسكين توصلُهُ الأمنـا
وتدنيه مـن حـي الكـرام بـجـاهكم … وتجعلهُ مِن جُملَةِ الخُلَّص الأبنا
وقد أجمعوا أن الحبيب هُوَ الذي … عَنيْتُ إمام العارفين فلا مينا
ومن يَجْحَدُ الشمسَ المُضيئة يا فتى … سوى الأكمه المطموس مَن فقَدَ العَيْنا
وما أنا في مَدْحي له عن تكلُّف … وما زاده معنى وما زاده مبنى
وصَلَّى إلهي دائم الدهرِ سَرْمَداً … على المصطفى والآل والصحب ما دمنا
وقال السيد محمد بن عيدروس الحبشي، نزيل سورابايا بجزيرة جاوة:
* سَجَعَ الحمام على صُونِ البانِ *
وازداد شوقي نحوَ سُكّانِ الحِمَى … وأُهَيْلِ وُدِّي في رُبَى نُعْمانِ
الكاملين العارفين بربهم … الشاربين سُلافة الأذنان
الحائزين من الوِراثَةِ فوق ما … نطَقَتْ بهِ الأَدَبا بكل لسان
الراضعين لشَدي ألبانِ الصَّفا … الواردين موارد العرفان
مثل الإمام العارفِ القُطب الذي … فاهَتْ بِحُسن ثنائهِ الثَّقَلانِ
من حازَ سهم السَّبْقِ في أزمانِهِ … فغَدًا مُجَلِّي حَلْبة الميدان
من أصبح الوادي به يزهو … على الأقطارِ زَهْوَ عِمارة وأمان
وزماننا أضحى به ذا غِبْطَةٍ … يختال فخراً فوق كل زمان
أعني به روح القلوب ورُوحَها …وأمانها من طارقِ الحَدَثانِ
هو عيدروس الفخرِ مَن سَعِدَتْ …أهل الوجود بعيـدهـا والـدانـي
الحبشي أحبُّ شيء في الورى …عند الإله فيا له من شان
سقيا لرَبْعِ حَلَّ فيه وقد بَدَا … من شمسه فيه ضيا لمعان
ويدوم وادي النور مأنوساً …خَصْبَ الجَنابِ ومرتع الغزلان
في حُسن عافية ولطـف كـامـل …وصلاح حال السر والإعلان
ثم الصلاة على الرسُولِ المُجْتَبى به … خير الأنام وملجا اللَّهْفَانِ
سر الوجود وروحه وحياته … كهف الخلائق إنسها والجان
تغشاه والآل الكرام وصحبه … والتابعين لهم مدى الأزمان
وللسيد عمر بن عبد الرحمن العيدروس، ساكن الحَزْمِ (بقربِ شبام) هذه الأبيات يتوسل بصاحب الترجمة إلى الله تعالى:
وقفنا على باب الكـريـم بـذنينـا … فيا ربَّنَا اغْفِرْ ذَنْبَ من كان قد وقَفْ
أتينا عيوباً ضاق صدري بفعلها …وعفوك يرجو كلُّ من جاء و اعترف
ولا لي سواكم يا رجا كل مؤمن …ويا درك الملهوف من كثرة الكُلف
بجاه الحبيب السيد الكامل الذي هُوَ …توطن وادي النُّورِ فِي خِيرةِ الغُرَفْ
الوارث الأسرار مِن بَعدِ مَن مَضَى … وحاوي كمالات المعالي بها اتصف
تجمع فيه العلم والفضل والهدى … وأحواله عن وصفها يقصُرُ الذي وصف
له الكرم المدرار من جودِ ربِّه … وألبس ثوبَ المجدِ واعتم و التحف
قد تاهت الأزمانُ زهوا بمَن مضى …وهذا زمان لاذ بالفخرِ واغْتَرَفْ
بهذا الفضيل العيدروس ابتهاجة له ….سليلِ العِظَام الأكرمين أولي الشرَفْ
كلَّ ميدان ـ على السبق شاهد ….ومن كل بستان المعارف قد قطف
فلاشك في هذا الإمام بأنه … توارثَ عِلم السالفين من السلف
مرضُه ووفاته:
كان المترجم مُبتلى ببعض الأمراض، منها: مرضُ الباسور، مع وجع في عينيه أصابه في جمادى الأولى سنة ١٣١٠ هـ، فتمَرَّضَ لمدة عشرين يوماً في سيوون في منزل تلميذه العلامة عُبيد الله بن محسن السقاف، ثُم أُصيب سنة وفاته بمرض تأثير سِحْرٍ عُمِلَ لهُ، وأَثَرَ فيه جداً حتى أوْدَى بحياتِه، وكان انتقاله ليلةَ الاثنين ٩ رجب سنة ١٣١٤هـ رحمه الله تعالى ورضي عنه.
وقد وَصَفَ تلميذه الشيخ عمرُ بنُ عوض شَيْبان قصة مرضه ووفاته بالتفصيل، في الفصل الثالث من الباب الأول منَ (الفيوضاتِ العَرْشِيَّة)، قال رحمه الله، (معَ بعض التعديلات الطفيفة: انبعَثَ معَهُ يومَ الأربعاء ۱۲ جماد آخر سنة ١٣١٣هـ وهُوَ بذي أصبح، حوطة الحبيبِ الحَسن بن صالح البحر، منَ الضّيقِ والقلق في الباطن ما شاء الله، وليلة الخميس رجَعَ إلى بلده، وبقي مع ما هُوَ عليه من المكابدة والمصابرة حتى آخر شهر رجب، أمرنا بإقامة السبب، فقال: «ما بي إلا أثر سحر بلا شك». وأمر بإقامة أسباب إزالته وقطع مادتِه .
حتى استهل شهر رمضانَ، فأكُبَتَ اللهُ كلَّ حاسد شان، وانحَلَّ ما مع الحبيب من الأثر، وصام رمضان وقام لياليه والأيام، على عادته في كل عام، وفي شوال وما بعدَهُ بقِيَ يُعاوده شيءٌ من ذلك الأثر، وهُوَ يتحمَّلُ مشَقّاته وتألماته وعليها يتصبّر، رِضَاءً بما قضاه مولاه وقدَّر.
وكان يقولُ رضي الله عنه إذا انبعَثَ منهُ إني أُحِسُّ التهاب في باطني شديد كالتهاب النار إذا طُرح عليه الدسم، وهُو يَشْوي قلبي. وأحياناً يقول: أجد كأنَّ أحداً يدلك حبة القلب.
وفي شهر ربيع الثاني سنة ١٣١٤هـ: انبعَثَ ذلك بأشد مما كان، وذلك في ۱۲ من الشهر، فأمر بمعاودة الأسباب، وقال: «صاحبه جدَّدَ العمل»، كثفاً منه رحمه الله، ويكرر قوله: «حسبُهُ الله»، لم يزِدْ عليها، حتى تحقق عمل العامل وأظهره الله على رؤوس الأشهاد، وطار خبره في كل البلاد.
فأُحضِرَ بين يدي الحبيب بعد إقراره، فاستتابه، وأخذ عليه سبعةً من العهودِ وكتاب الله بين يديهما، بأن لا يعمل عملاً لأحدٍ من كبير ولا صغير، ولا إليه يعود، فأشرَقَتْ شمسُ أخلاقِهِ النبوية، وظهَرَ تجلّي جمال كمال تخلقه بالرحمة العظمى لسائر البرية، والعفو والصَّفْح، وعدم انتقامه لنفسه من أحد، ولو وصل إليه كل بلية وأذية
وعندَ عَفْوه لهذا الرجل قال له بعض الحاضرين يا سيدي، كيف تعفُونَ عنه وهُوَ فَعَلَ هذا الفعل منكم؟ فقال له رضي الله عنه : «الحال منا كما قال الحبيب عبد الله الحداد:
بَهَتُونَـا بمقال سيء … كانت الأحرى بهِ لو أبصَرت
ونحن نقول:
بَهَتُونَا بِفِعال سيىء … كانت الأحرى بهِ لو أبصَرَتْ
فعفَوْنا وصَفَحْنا عَنْهُ … هكذا الأمر لقوم قَدَرَتْ
وهُوَ معَ ذلك متألم من ذلك الأثر ، فإني كثيراً ما أسمعه يقول: «إنّ هذا الأثر يكاد يقتلني، ومعنا قَتْلات متعدّدات غير أن الاجالَ لا تُستَعجَل».
فانحَلَّ عنه نصف شهر من الزمان، ففرح العباد بزواله، ولم يزالوا يهنىء بعضُهم بعضاً حتى يوم الجمعة، خرج لحضور الصلاة، فأتوا الكبار والصغار، والعبيد والأحرار، مُعلنين بالتسبيح والتحميد والصَّلاة على النبي المختار مسرورين بعافية ذلك الإمام، مُعيَّدينَ يومهم كأعظم أعياد الإسلام، وبعد الصلاة حضَرَ زيارتهُ الجَمُّ الغفير، ورجعوا معَهُ إلى تحتِ بيته، وتفرقوا بخير كثير، لِمَا أشرَقَ على ذلك الجمع من الأنوار، واختلافِ الملائكة الأبرار، فإن كثيراً من أهل الموقفِ سمِعوا ضَرْبَ الدُّفُوفِ من غير أن يرَوُا الآلات، وسمِعْتُ عن بعضهم: أنه مع ذلك رأى كالغمام نازِل على أهل ذلك المقام .
وبعد هذه الأيام، عاوَدَه ذلك الأثر، وذلك ظهر يوم السبت ۲۲ جماد آخِر، وبقي معَهُ إلى ظهر يوم الأحد، فظهَرَ منهُ ما يُنبىء عنه بأنه لا يزول، فإنه قال لي في ذلك اليوم : يا عمر، ما عاد أرى أنّ هذا الأثر منّي يزول، عسى ما قربَتِ الوفاة!»، فقلت له : الله يُمتّع بكم يا سيدي نحن نَفْديك بأعمارنا، فقال: لا تقل هكذا، وأنتم الله يحفظكم، لتصلنا بركة أعمالكم»، أو كما قال.
ثُم بقي ذلك معَهُ، فأمرنا بمراسلة من عنده معرفةٌ بحلّ السحر، مع ما هُوَ عليه من المصابرة ومراعاة الوافدين في كل حين، حتى كان يوم السبت في رجب أول الفجر، انبَعَثَ ِبهِ وجَعُ الصَّدر، واشتدَّ عليه الأمر، فقال: يا عمر هذا الأثر بصفة أخرى، وهُوَ مِن ذلك الأثر ، حسبُهُ اللهُ ذلك الرجل، فإنه لم يزَلْ يجدِّدُ العمل، وأنت لا عاد تذهب مكان وابقَ عندي، فامتثَلْتُ الإشارة، ولم أفهم العبارة، لحُسنِ ظننا في ربنا أن يمُدَّ في عمُرِهِ.
فلم يزل ذلك يختُ حيناً ويشتدُّ آخرَ، وَهُوَ لم ينقطع عن الخَلْق، مع ما هُوَ عليه، فأتى عنده ذلك اليوم سيدي عبيد الله بن محسن وجملة غيره، وبعد خروجهم أمَرَني أن أقرأ في محلّ وقفي في كتابِ (مِنَح الباري بشرح الدَّرَاري) في مدح السيد محمد بن عبد الباري، التي مطلعها:
* أخَرْتُ سبتي عن وَصَالِكَ للأَحَدُ *
للشيخ عبد الخالقِ المِزْجَاجِيّ الزَّبيدي الحنفي، وكانت القراءةُ في قول الناظم:
من ألبس المجد المؤثلَ خِلعة … مِن نورِهِ الكشَّافِ عن وجه الغِيد
مع الشرح ما هُوَ شَاهِدُ الحال المُشرِق إشراق الشمس على وجه الكمال، والوقف على قول الناظم:
فاعرفه فهو كما ترى معروفنا … قبل التعرف عن معارفِ مَن قصَدْ
وصَلَّى الظهر والعصر من تيمم، وبات ليلة الأحدِ ولم يَهْنا رُقَاد، وآخر الليل عمِلْتُ له شيئاً من رجع السكر كعادتي، فأخذ شيئاً يسيراً وتقيَّأَهُ، وكذا من آخرِ ليلة السبت، إلى أن توفَّيَ وهُوَ كلما أخَذَ شيئاً من طعام أو شراب تقيَّأه.
ولما طلع الفجر تيمم وركَعَ السنةَ وصَلَّيْنا، وبقِيَ فِي مُصَلاه، ثم ركَعَ الإشراق، فقلتُ له: لعلّ أنْ ترقدون فقال: يا ولدي، من أين الرقود يأتي وأنا أجدُ من الكَرْب والشَّجَن ما أجد ؟ أنت لا تذهب ابق هنا عندي، ولا تخلون أحد يطلع عليَّ، فأتى بعضُ أعيان الحبايب فأردنا أن نعتذر، فقال: «خلوه يطلع»، فجلس وطلع ذلك الحبيب فحادثه حيناً وخرج، وأتى غيره فجلس معه، كلُّ ذلك مراعاة للخواطر كما هي عادته وخُلُقُه، وأداءً للحقوق، لِمَا يَشْهَدُ فيهم من السرّ الإلهي.
ثُم طلب منه ذلك الرجلُ كتاباً لبعضهم، فأملاه عليَّ قبل الظهر، وكان آخر كتاب أملاه، وفي ذلك الحين استأذنه ابنه سيدي محمد في الذهاب إلى سيوون لحضور زواج ولدي سيدي علي بن محمد الحبشي، فقال: «نظركم، وسلّموا على علي والحبايب إن عزمتُم».
ثم أراد أن يُصلي الظهر، فبقي يتردَّدُ في الوضوء بالماء أو يتيمم، ثم التراب، وقال: «ما أستطيع حركة الوضوء، فإنه انبعَثَ وجع الصدر». فتيمَّمَ وصَلَّى الظهر، وصلَّيْتُ معه، وركَعَ البَعْديَّةَ ، فلم يزل يشتَدُّ بِهِ الأثر، فعاوَدْتُه بالدَّلْكِ كالعادة، فإني كنت إذا دلكْتُ صدره انحَلَّ عنه الأثر، فقال: «لا تتأذَّ، فإن هذا ما عاد يذهب عني ، الله يُحسن الخاتمة. فأتى سيدي محمد وقال له: إن عوض يعني : الوالد ــ اختار في مخرج سيون، ونحن عزمنا بالخروج، فقال له: «وأنتُم لا تخرجوا الليلة، وإن قدَّرَ اللهُ فاخرجوا بُكْرة مبادرين»، وكان ليس من عادته أن يمنع أحداً مِن خاصته أو يُلزِمَه فضلاً عن غيره، إلا هذه المرة.
ثم قال: إن فلان وفلان با يصافِحُونَك، فأراد أولاً الاعتذار منهم، ثُم قال له : «خلهم يطلعون»، وذلك أول العصر، وجلس مع ما هُوَ عليه من قوة الألم، وأخذ يمُدُّ أصابع يديه ويكفتُهُنَّ، وقال لي: كأنَّ الروحَ تتقلَّص من الأطراف، وهؤلاء با يطلعون اطووا الفراش»، وقال: «نحن ما نريد أحداً يشغب بنا، وإلا فإني أراهم با يجلسون على رأسي، ثم طلعوا ورتَّبَ لهم الفاتحة وخرجوا يطلعون.
ثُم أراد أن يُصلِّيَ العصر، فأمَرَني أن أبحث عن مسألة التيمم على ما صَعِدَ من الأرض من كتاب «البيان»، ليعرِفَ من القائلُ بها، وأراد أن يعمل بها، فأتيْتُ بها وأخبرته أن القائل بذلك: الإمامُ الأعظم أبو حنيفة، فرجَعَ عن مرادِه وأَخَذَ بالعزيمة عادته في جميع عباداته، وقال: «هاتِ التراب، ما ينبغي أن نعمل بغيرِ المذهب، ولعلَّها آخرُ صلاة»، وتيمَّمَ وقال: «أنتم لا تُصَلُّوا معي، فلعله لا يجوزُ ليَ التيمم!»، فامتثَلْتُ الأمر، فصلى وصلَّيْتُ لنفسي .
ثم اضطجع ميمماً نفْسَه نحو القبلة، فلما رأينا فعله ذلك، قال له سيدي محمد: ندعي عوض؟ يعني الوالد، ونطلع بالوالدة؟ فقال له: «أحسن»؛ فأتى الوالد، وجمعنا عنده جميع الأهل والعيال والخُدّام، فلما حضروا نظَرَ إليهم وقال لهم: «الوصيَّةُ: تقوى الله، وأنتم كونوا لمحمد كالأولاد، وهُوَ لكم أب، ولا أحد يبكي عليَّ»، يعني بالبكاء: التَّوْح، وعند ذلك رشَحَ منه الجبين، فأمَرَنَا بقراءة وسورة يس وهُوَ يدعو بقوله: «اللهُمَّ أَعِنِّي على سَكَراتِ الموت»، ويقول: «إنّ للموتِ سَكَرات»، كرر ذلك مراراً نحو السبع، ثُم أَخَذَ يلهَجُ بلا إلهَ إلا الله وهو كالمُصطلـم - معَ الذِّكْر، ثُم اجتَمَعَ، وأخذ شيئاً من الماء، وأدير الباقي على الحاضرين.
وقال: «يا عمر!»، ورجَعَ إلى الذكر حيناً، ثُم قال: «يا عمر»، ثانياً، وأنا أجيبه بالتلبية، ثُم التفتَ إلى سيدي محمد وقال: «أجَزْتُكَ فيما أجازوني فيه، وأَقَمْتُكَ مَقامي، وأنت خليفة عنّي كما جعلوني خليفة عنهم» (مرتين)، ورجع إلى الذِّكْر، ولم يتكلم بعد ذلك.
ولما دنا الغروب، ثقُلَتْ لسانه بالنطق بالهيلكة، ثُم رجع يقول: «الله الله»، وكرره حتى تحقَّق غروب شمس يوم الأحد، فسكت فوضَعْتُ يدي تحت خده الكريم، فسال ماء نفسه الزكية، وعلَتْ روحُهُ المطهَّرَةُ إلى أعلى عليين، فَحَزِنَ عليه الكبير والصغير، ونزَلَ علينا منَ السَّكينة ما حصَلَ لنا بهِ الثبات والتمكين، أدام الله ذلك علينا إلى يوم الدين.
وغُسَّلَ قُبيل الفجر، وبعد الإشراقِ حُمِلَ إلى (مسجدِ باعلوي) على عادةِ سلفه، إذ كانوا إذا مات ميتهم يخرُجون به إلى ذلك المسجد، ولما اجتمع الناسُ مِرَ إلى الجامع ، فاجتمَعَ الجَمُّ الغفير، على غايةٌ من التَّوَّدة والخشوع والاتعاظ بموت هذا الإمام الكبير، وتنزَّلَتِ الأنوار، وحضرت أرواح الكرام الأبرار، وشوهدت بالأبصار، وصَلَّى عليه بعد ظهر ذلك اليوم العلامة الجليل علي بن محمد بن حسين الحبشي، وحضَرَ الصلاة عليه نحو الاثني عشر ألفاً بتخمين التقدير، مع الأخذ بالاقتصار لا للمبالغة والإكثار، ودُفِنَ في ذلك الوقت، ولم تزَلِ الصَّلاةُ عليه ذلك اليوم تكرَّرُ إلى الغروب، وأقيمَتْ عند ضريحه تلاوة القرآن سبعة أيام، وخُتِمَ يوم الأحد ... وقُبِرَ في محله بأمرٍ رضي منه ، الله عنه». انتهى .
وقد رثاه الكثيرون من تلاميذه وأحبابه، وممن رثاه:
الشيخ العلامة محمد بن محمد باكثير، بقوله من مرثية مطولة
الله أكبر ماذا حل بالناس … من فَقْدِ شمس بها نُكْفَى دُجا الباس
هذا المُلِمُّ الذي سُلَّتْ صَوارمه … فَجْعَةِ الناس بانَتْ هامة الراس
هذا الذي زَعْزَعَ الأكباد فانسَكَبَتْ … منه العيــون بهينـــوم وأهمــاس
إلى آخرها، وهذا الذي وقفتُ عليه منها.
وللحبيب علي بن محمد الحبشي مرثية فيه مطلعها:
إلى الله أشكو الخَطْبَ حسبُكَ يا خطب … أصَبْتَ المَرامي والمصاب بها صعب
أورَدَ هذا المطلع السيد عبد الله بن طاهر الحداد في ختام ترجمته الحبيب عيدروس في كتابه «قُرةِ الناظر»، وقال: إنّ هذه المرثية لم تُثْبَتْ في الديوان المطبوع للحبيب علي، ولكنه لم يُثبتها كاملة لعدم وقوعها بين يديه، فلعله كتب هذا المطلع من حفظه.
شيوخه:
لصاحب الترجمة مشيخة كبيرة، يُنيفونَ على مئتي شيخ، كما ذكر تلميذه الشيخُ عُمر شَيْبانَ في «الفيوضات»، قال رحمه الله وأحسَنَ إليه:
(وأما أشياخه الكرام ومَن تلَقَّى عنهم وصَحِبَهم زمناً من الأعوام: فكثير، ما بين شيخ كامل، و مُقارِن عارف بربِّهِ واصل، وأخ ذي قلب مستنير، وذي شَيْبَةٍ أَدْرَكَهُ ورَوى عنه وهُوَ صغير).
وإنما اقتصر على مجموعة مختارة من كبارهم، أودعهم في هذا الكتاب، وكتب تراجمهم وأرَّخَ وَفَياتهم، واعتنى بالخصوص بسبعة عشَرَ شيخاً منهم، اثنان منهم من غير العلويين والبقية منهم، وترجَمَ في أعطاف بعض التراجم لجماعة أخَذَ عنهم ولم يُفردهم بالترجمة، وهم حسب ترتيب المصنف لهم في كتابه:
- الشيوخ المترجمون أصالة في العقد: ۱ - ۱۷: والده عمرُ بنُ عَيْدروس الحبشي، وعمه محمدُ بنُ عَيْدَروس الحبشي، وأحمد بن عمر بن سميط، ومحمد ابنُ أحمدَ بن جعفر الحبشي، والحَسنُ بن صالح البحر، وعبد الله بن حسين بن طاهر، وعلي بن عمر بن سَقاف، وعبد الله بن علي بن شهابِ الدِّين، ومحمد بنُ عبد الرحمن الحداد، وأحمدُ بنُ عليَّ الجنيد، وعبد الله بن عمر بن يحيى، وعبد الله بن حُسينَ بَلْفَقيه، ومُحسنُ بنُ عَلوي السقاف، ومحمد بن حسين الحبشي، وعمرُ بنُ محمدِ بن عمر بن سُمّيط. ومن غير العلويين: الشيخ عبد الله بن أحمد باسودان، والشيخ عبد الله بن سَعدِ بن سُمير. هؤلاء هم الشيوخ الذين أطنَبَ في تراجمهم وأطال في وصفهم وأفرد كلَّ شيخ منهم بترجمة مُسهَبَة.
وترجم لبعض شيوخه ضمن تراجمِ آبائهم أو أقربائهم، وهم أربعة: ١٨ – ۲۱: عبد الرحمن بن عليّ بنِ عمرَ السقاف: (آخر ترجمة أبيه)، وعبد الله بن عبد الرحمن بن محمدِ بن زَيْنِ بن سُمَيْط : ضمن ترجمة ابن عم أبيه الحبيب أحمد ابن عمر بن سميط)، والحُسينُ بنُ عمر بن سَهْل تدَبُّجاً مَعَهُ (آخر ترجمة الحبيب عمر ابن محمد بن سميط)، ومحمد بن عبد الله باسَوْدان (عَقِبَ ترجمة أبيه).
شيوخ آخرون أخَذَ عنهم بالمكاتبة أو جالَسَهم مدة قليلة وأجازوه عامة: ۲۲ ٣٤: أحمد زيني دحلان، ومحمد بن محمد السقاف، وعبد الله بن عبد الباقي الشعاب، ومحمد بن عمر بن عبد الرسولِ العَطار، ومحمد النور المغربي الإدريسي، وعبد الله بن مصلح الخُراساني، ومحمد بن خاتم الأحسَائِيُّ العُماني، وشيخ بن عمر السقاف، وعمرُ بنُ عبدِ الله الجفري المدني، والشيخ سعيد بن محمد باعشن، والشيخ أحمد بن سعيد باحَنشل، والشيخ علي بن عبد القادر باحسين، وعَلَوي بن زين الحبشي.
شيوخ وأقرانٌ أَخَذَ تديجاً: ٣٥ - ٤٢ : أحمد بن محمد المحضار محمد بن إبراهيم بلفقيه حامد بافرج محمدُ بنُ علي السقاف، عبد القادر بن حسن السقاف، صالحُ بنُ عبدِ الله العطاس أبو بكر بن عبد الله العطاس، وأجازه الأخيرُ في الصلاةِ العَظِيمية عن مُنشئها الإمام أحمد بن إدريس مباشرة، ومحمد بن محمد العزب الدمياطي المدني.
كما تدبَّج مع بعض مَن تَقَدَّموا: كالشيخ محمد بن عمر العطّار، وحُسين بن عمر بن سهل، وتبادل الإلباسَ معَ شيخه محمد باسودان.
شيوخ أجازوه إجازات خاصة: ٤٣ - حَسنُ بنُ حُسين بن أحمدَ بنِ حَسَنٍ الحداد، البسه ولقنه وأجازه في أوراد جده الإمام الحداد.
شيوخ حضَرَ عليهم أو زارهم ولم يُصرّح بحصول الإجازة منهم: ٤٤- ٤٩ : عبد الله بن أبي بكرٍ عَيْديد، حضَرَ درسه وسمع القراءة عليه في كتاب للعلامة الفُرَينيّ الزَّبيدي، ذكَرَهُ ضمن ترجمة (الشيخ العاشر أحمد بن عليّ الجنيد. ومنهم: عبد القادر بن محمد الحبشي، ومحمد بن عبد الله بن قطبان السقاف، وعمرُ بنُ أبي بكر الحداد وعبد الله بن عيدروس البار، وعمرُ بنُ زَيْنِ الحبشي.
شيوخ آخرون: ٥٠ - ٥٣: روى المصنف بالإجازة العامة لأهل العصر عن مفتي زبيد عبدِ الرحمنِ بنِ سُليمان الأهدل وهي في حقه خاصة؛ لأن المفتي أجازَ لأهل عصره، ولكلِّ مَن جرَتْ بينه وبينَهُ إفادات علمية وأبنائهم، وكان والده وعمه ممَّن صَحْبا الأهدلَ وأُجِيزا منه، فتكون الإجازة في حقه خاصةً لا عامة.
وذكَرَ حفيده السيد علي بن محمد: أن من شيوخه رضوان بن أحمد بارضوان، وابنه محمد بن رضوان، وهذه زيادة لم أجدها في غير هذا الموضع.
وذكر تلميذه الشيخ عمرُ شَيْبان: أنه أخَذَ عن الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الدَّهانِ المكي الحنفي، لقيه بمكة المكرمة، وأجازه على سبيل العموم، وخصوصاً في الرقائق والتمائم وعلم الحروفِ والأوفاق، وروى له سنداً في ذلك.
وممَّن استجازَهُم الحبيبُ عَيْدروس: السيد أحمدُ بنُ عبدِ الله بن عيدروس البار، أجازه عام ١٣٠٥هـ، كما أجاز لابنيه محمد وعمر، ولحفيده أحمد بن محمد، ومحبه عمرَ شَيْبان، وذلك باستدعاء السيد محمد بن أحمد البار.
تلاميذه والأخذونَ عنه:
من الصعوبة بمكان أن يُحصَرَ الآخِذونَ عن صاحب الترجمة، فقد زارَهُ وأَخَذَ عنه وكاتبه العشَراتُ مِن طلاب العلم بل المئات، وحُفِظَتْ بعضُ النصوص التي حررها لطالبي الإجازات، وضاع الكثير غيرها، قال الشيخ عُمر شَيْبان: «قَصَدَه للأخذ عنه والتلقي منه الجَمُّ الغَفير من كبير وصغير، من كل ناحية وناد، بالاجتماع والانفراد، ومَن عَجَزَ عن الوصول أنابَ عنه كتابه في طلب المأمول، ففاضَتْ أسرار إمداداته على الفروع والأصول، وأوصَلَ كلاً بِحَبْلِه أو أثبَتَ لهُ سنداً إلى حضرة الرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّم، وعرَّفَهم كيفية الدخول والوصول على الوجه الأتم، فوصَلَ على يدَيْهِ ،رجال، وأنزَلَهم في حضرة الكمال، وعمت برَكاتُه أهل زمانه، الداني منهم والعال. انتهى .
إجازته لأهل عصره: وقد أجاز صاحب الترجمة لأهل عصره، ذكر ذلك تلميذه الشيخ عُمر شَيْبانَ في مناقبه الكبرى، وذكرها أيضاً السيد عبد الحي الكتاني في «فهرس الفهارس نقلا عن الحبيب أحمدَ بنِ حَسن العطاس وسأذكر هنا بعض المُجَازِينَ منه، ممَّن أجازَهُم المترجم مباشرةً ووقفتُ على نص إجازته، أو من ترجَمَ لهُ وصَرَّحَ بالأخذ عنه، أو مَن ذُكِروا في كتُبِ الإسنادِ والتراجم في الآخذين عنه ، فممَّن أجازَهُم المترجم خطَّيَّا، حَسْبما وقَفْتُ عليه في كتاب الفيوضاتِ العَرْشِيَّة:
(۱) السيدان عبد الرحمن بن محمد المشهور، و (۲) علي بن محمد الحبشي، أجازهما سنة ۱۲۸٠ هـ إجازة مطولة سماها «منحة الفتاح الفاطر»، وسيأتي الحديث عنها ضمن مؤلفاته.
(۳) عبيد اللهِ بنُ مُحسن السقاف، وأجازَ معَهُ بطلبه: (٤) أحمد بن حامد بن عمر بن سميط الشبامي.
وابناه (٥) محمد، و (٦) عمر ابنا عَيْدروس الحبشي، و (۷) حفيده أحمدُ بنُ محمد بن عيدروس، و (۸) محمدُ بنُ شَيْخ بن علي الدثني، و (۹) عوض بن عمر شَيْبان، وابنُهُ (۱۰) عمرُ بنُ عوض. وقال ضمنها: أجَزْتُ للمذكورين ولأولادهم الموجودين، ومن سيولد لهم بجميع ما تصح لي روايته وتليق بحالي درايته مِن جميع العلوم الشرعيَّةِ : النَّقْلية والعقلية ... إلخ، وهذه الإجازة غير مؤرخة، وتقع في ٢٩ صفحة.
وكتب المترجم وصيةً لابنه (٥) (مكرر) محمد، ولمحبه (۱۰) (مكرر) عمر شَيْبان، وللسيدين: (۱۱) محمد و (۱۲) عمر ابني عَيْدروس بن علوي العيدروس وتقع في ۱۰ صفحات (۲) غير مؤرخة. وكتب وصية لحفيده (۷) (مكرر) أحمد بن محمد في ٣ صفحاتٍ غير مؤرّخةٍ أيضاً.
(۱۱ و ۱۲ مكرر) وأجاز السيـديـن محمـداً وعمر ابني عيدروس بن علوي العيدروس ، و(۱۳) الشيخ محمد بن أحمد الخطيب، و (١٤) السيد أحمد بن حسين بن سميط ، هؤلاء حضروا لديه، وقرأ الأخيرُ عليه في القواعد الكبرى للعز ابن عبد السلام، و «رسالة المعاونة للإمام الحداد»، وبعض «الحكم» له، وأجاز بطلب الأولين لأخيهما (١٥) عبد الله بن عيدروس، إجازة عامةً غير مؤرخة .
(١٦) السيّد عبد الرحمن بن عيسى بن عمر الحبشي، ابن أخيه، إجازة خاصة في بعض الأوراد، مورّخةً في شوّال سنة ١٢٨٨هـ. (۱۷) وأجاز السيد محمد بن شيخان بن محمد الحبشي، و (۱۸) الشيخ سالم ابن عوض شَيْبان، إجازة مؤرخة في ٣ ربيع الأول سنة ١٣١٤هـ. كما كتب للأخير وصية مؤرخة في ٢٧ محرم سنة ١٣٠٥ هـ، في ٣ صفحات.
(۱۹) الشيخُ حَسنُ بنُ عوض شَيْبان، أخو الشيخ عمر مؤلف «الفيوضات»، كتب له وصيةً بمناسبة عَزْمِه على الحج ، وأجازه فيها إجازة عامة. (۲۰) العلامة الفقيه علوي بن عبد الرحمن السقاف، أجازه إجازة في صفحات غير مؤرخة. (۲۱) العلامة محمد بن عبد الله بن عمر بن يحيى، وأولاده: (۲۲) عمرُ و (۲۳) شيخ وإخوتهما، مؤرّخةً في شوال ١٣٠٤هـ ، وذكر في الإجازة: أن عمر بن محمد قرأ عليه مقدمة «معجم شيوخ ابن حجر الهيتمي»، وهُوَ المُستدعي الإجازة لوالده وإخوته. وتقع في ۱۲ صفحة. وكتب (٢٤) لأحمد بن محمد وصيةً في صفحتين (٢٥) محمد و (٢٦) عمر ابنا العلامة أحمدَ بنِ عبدِ الله بن عيدروس البار، أجازهما بتاريخ الأحد ۱۰ ربيع الثاني ١٣٠٥هـ، ومن طريق محمد المذكور استجار من أبيه له ولأبنائه كما تقدم. وتقع في ٥ صفحات، وانظر الفيوضات العرشية ( ص ٥٠٤ - ٥٠٦ ) .
(۲۷) السيد عيدروس بنُ عَلوي العيدروس، إجازة مؤرخة في الجمعة ١٠ شعبان سنة ١٣٠٥هـ. وتقع في ٧ صفحات. (۲۸) الشيخ أحمدُ بنُ عبدِ الله بن محمد بن عبد الله بن علي بن حسن باعباد إجازة مؤرّخة الأحد ١٤ ربيع الأول سنة ١٣٠٦هـ. في ٣ صفحات.
(۲۹) الشيخ أحمد بن أبي بكر بن حسين بن خالد باعباد، إجازة غير مؤرخة . في ١٥ صفحة. (۳۰) السيد محمدُ بنُ سَقَافِ بن الشيخ أبي بكر بن سالم، إجازة خاصة في أوراد وأذكار، غير مؤرخة. في ١٣ صفحة، وهُوَ من شيوخ شيخنا العلامة عبد الله ابن أحمد الناخبي.
(۳۱) السيد محمدُ بنُ عبدِ الرحمن بن محمدِ بنِ عبدِ الرحمن الحداد، حفيد شيخ المترجم وسَمِيُّه، إجازة مؤرخة في ٢٧ ربيع الأول سنة ١٣٠٦هـ. في ٣ صفحات. (۳۲) السيد أحمدُ بنُ عمر بن يحيى، وابنه (۳۳) حامد، إجازة مؤرخةً يومَ الثلاثاء ٩ شعبان سنة ١٢٨٠هـ. في ٣ صفحات.
(٣٤) السيد عمرُ بنُ هادونَ العطاس ، و (٣٥) ابنُه حُسينُ بنُ عمر ، و (٣٦) أحمدُ بنُ حَسن و (۳۷) جعفر بن محمد آل العطاس، و (۳۸) محمد بن أحمد المحضار ، إجازة مؤرّخةً يوم الخميس ١٤ جمادى الأولى ١٣٠٦ هـ. في ١٠ صفحات.
(٣٦) (مكرر) وأجاز للسيد أحمد بن حسن العطاس، إجازة خاصة في «عقد اليواقيت»، مؤرخة في غُرَّةٍ صفر سنة ١٣٠٩هـ، في ٣ صفحات، وأخرى عامةً مؤرخةً يوم السبت ٩ محرم سنة ١٣١٤هـ . في ۸ صفحات .
(۳۹) السيد عبد الله بن مُحسن السقاف إجازة مؤرخة يوم الاثنين ١٣ ذي القعدة سنة ١٢٩١هـ. في ١٤ صفحة.
(۹) (مكرر) إجازة ووصية للشيخ عوض بن عمر بن عوض شَيْبان، و(٤٠) السيد يوسف بن أحمدَ بنِ محمدِ بنِ عبدِ الرحمن الزَّوَاوِيُّ الحَسني، مؤرخة في صفر ۱۲۹۲هـ. في صفحتين. السيدان : (٤١) عمر و(٤٢) بكري ابنا محمد شطا المكّيان، إجازة مؤرخةً يوم الأربعاء ٢٤ شوال سنة ١٣٠٦هـ. في ٤ صفحات.
(٤٣) السيد أحمد بن قاسم بن عَقِيل بن عمر بن يحيى المكي، إجازة مؤرخةً يوم الأربعاء ۲۱ شوال ١٣٠٦هـ. في ٣ صفحات. (٤٤) السيد محضارُ بنُ أحمدَ بن علوي بن سالم العيدروس، إجازة في أذكار وأوراد، مؤرّخة في ۲۲ ذي الحجة سنة ١٣٠٦هـ . في ٣ صفحات.
(٤٥) السيد عبد الله بن زين العابدين بن أحمدَ بنِ حُسين العيدروس، إجازة مؤرخة في ٢٢ صفر سنة ١٣٠٧هـ. في صفحتين.
(٤٦) الشيخ عبد الله بن أبي بكر باسودان، إجازة مؤرخة في ٢١ ربيع الآخر سنة ١٣٠٧هـ. في ٣ صفحات.
(٤٧) السيد محمد بن هاشم بن علوي الحبشي، إجازة في «العِقْد»، مؤرخةً في الثاني من ربيع الآخر سنة ١٣٠٩هـ . في صفحتين.
(٤٨) السيد علي بنُ عبدِ الله بنِ عَيْدروس بنِ عبدِ القادر الحبشي، ولأولاده : (٤٩) محمد، و(٥٠) عبد الرحمن ، و(٥١) أحمد، و (٥٢) سالم، مؤرخةً يوم الثلاثاء ۱۲ ربيع الآخر سنة ١٣٠٨هـ. في ٥ صفحات.
(٥٣) السيد عبد الله بن علوي بنِ زَيْنِ الحبشي، إجازة مؤرخة يومَ الجمعةِ ١٥ ربيع الثاني ١٣٠٨ هـ . في ٣ صفحات.
(٥٤) الشيخ سالم بن عمر بن عانوز الحَضْرمي، إجازة خاصة في بعض الأوراد، مؤرّخةً في غُرَّةِ جُمادى الأولى سنة ١٢٨١هـ. في صفحتين. (٥٥) السيد علي بن علي الحبشي المدني، إجازة عامة مؤرخة يوم الخميس ٢١ ربيع الثاني سنة ١٣٠٨هـ. في ٢٣ صفحة.
(٥٦) السيد أبو بكر بن عبد الرحمن بتة ابن الشيخ أبي بكر بن سالم، و (٥٧) للسيد علي ... ابن الشيخ أبي بكر بن سالم ، و (٥٨) الشريفة عائشة بنت السيد عبد الله بن محمد الحامد إجازة (بالمكاتبة) مؤرخة في يوم الاثنين 4 جمادى ٤ الأولى سنة ١٣٠٦هـ.
(٥٩) السيد محمد بن طاهر الحداد، إجازة في ١٤ صفحة، غير مؤرخة. (٦٠) السيد سالم بن طه الحبشي، إجازة في صفحتين، غير مؤرخة. (٦١) السيد علي بن أحمد المحضار ، مِن حَبّان، إجازة مؤرخة يوم الاثنين غُرة ربيع الثاني سنة ١٣١٢هـ .
(٦٢) السيد محمد بن سالم السَّرِيُّ ، وبطلبه لشيخه (٦٣) العلامة محمد علي ابن ظاهرِ الوَتَري، مكاتبة من المدينة المنورة بتاريخ الخميس ٢٨ جمادى الأولى سنة ١٣١١هـ.
(٦٤) السيد عبد الرحمن بن محمدِ بنِ سالمِ السَّرِي، إجازة في ٩ صفحات، مؤرخة يوم الاثنين غرة جمادى الأولى سنة ١٣١٠هـ. (٦٥) السيد حسين بن محمد البار، و (٦٦) علوي بن عمر بن حسن الحداد، وعبد الله بن عيدروس البار، و (٦٧) محمد و (٦٨) عمر ابنا أحمد بن عبد الله البار، و(٦٩) مصطفی و(٣٤) (مکرر) محمد ابنا أحمد المحضار، و(۷۰) حسَن بارحيم بامشموس، وآخرون من أولادهم الصغار، إجازة مؤرخة في ١١ جمادى الثانية سنة ١٣١١هـ ، قال فيها: (.. ثُم إني أقولُ : أجَزْتُ بمثل هذه الإجازة من طلب الحبيبُ حُسين لهم الإجازة مِن أولادهم الغائبين .. إلخ).
السيدان: (۷۱) أحمد و(۷۲) سقافٌ ابنا حَسن بن أحمد العيدروس ، وأخواهما: (۷۳) طاهر و (٧٤) حامد إجازةً مؤرّخةً يوم الثلاثاء ١١ جمادى الثانية سنة ١٣١١هـ.
(٧٥) السيد سقافُ بنُ عَلَوي بن مُحسنِ بنِ عَلوي السقاف، إجازة مؤرخةً يومَ الاثنين ۱۸ شوال سنة ۱۳۱۱ هـ. (٧٦) الشيخ أحمدُ بنُ معروفِ بنِ محمد باجمال، إجازة ووصية غير مؤرخة، ۳ صفحات. (۷۷) السيد عبد الله بن الحَسنِ بن صَالح البحر، إجازة غير مؤرخة، في صفحتين. (۷۸) السيد أحمدُ بنُ حَسنِ بنِ عَلَوي بن أحمد الحبشي، مؤرخة في رجب سنة ١٢٧٣هـ. (۷۹) الشيخ علي بن محمد بن سالم بلجون ، كتَبَ له وصية وإجازة خاصةً في كتاب «المسلك القريب»، غير مؤرخة.
وممن لم يُذكروا في كتاب الفيوضات: (۸۰) السيد علوي بن عبد الرحمن المشهور، أجازه كتابياً، وله منه مكاتبات أودعها حفيده شيخنا السيد أبو بكر في كتابه «لوامع النُّور» وله فيهِ مَديحةٌ لاميَّةٌ تقدَّمَ ذكرها، وغيرُ هؤلاء كثيرونَ جداً.
تلامذته الذين ترجموا له:
١- أول من ألَّفَ في ترجمته بل أفرده بالتأليف هُوَ: الشيخ عمرُ بنُ عوض شَيْبان، المتوفى سنة ١٣٥٦هـ ، وسيأتي ذكرُ كتابه «الفيوضاتِ العَرْشية»، وأورَدَ فيه نصوص إجازات شيخه له، وفيها ثناء عليه، بل أورَدَ ضمن الكتابِ عدة أبيات لشيخه يُثني عليه فيها، ويشكرُهُ على ما يقومُ بهِ مِن مُعاونة وخدمة له في شؤونه الخاصة.
٢ -الشيخ محمد بن أبي بكر بن محمد بن عبود باذيب، المتوفى سنة ١٣٢٤ هـ، ترجَمَ لهُ في إجازته المطوّلة لتلميذه السيد أبي بكر بن سالم الحبشي، وهي مطبوعة ضمن كتابي «المحاسنِ المجتمعة»، وقد جَعَلَهُ أول الشيوخ الثلاثين الذين ترجم لهم، وقال في حقه: سيدي القُطبُ الأكبر، والعَلَمُ الأشهر، إمامُ الأولياء، وتاج الأصفياء، ذو الفضل التام، والنفع العام، العلامة المحقق، العارفُ بالله تعالى، عيدروس بن عمر الحبشي ساكنُ الغُرفة، رحمه الله تعالى»، ثُم ذكَرَ أنه قرأ عليه في كتابه «العِقْد»، وفي وصايا الإمام العيدروس الأكبر، ونال منه إجازة عامة.
ومن مكاتبة من الحبيبِ عُبيد الله بن مُحسن السقاف لسيدي الجد الشيخ محمد قوله: (وذكَرْتَ: هل يصح لك أن تروي عن سيدنا الأبـر والإمام الأفخر، الذي هُوَ الكبريت الأحمر والكثر الأكبر، صاحب الختمية ونائب الحضرة المحمدية، نقطة دائرة الصوفية، ومَقَرِّ أنهارِ أَمْواهِ السادة العلوية، المعروف لدى أهل البحرِ والبر، سيدنا عَيْدروس بن عمر ؟ نَفَعَنا الله ببركاته في حياته وبعد مماته. فنقول: نعم، لك ذلك، فقد حضَرْنا إجازتكَ مِن سيدنا، وحبَّذا ما هنالك، فلك به كبيرُ المُنى، ديناً ودنيا، حيثُ اتصلت حلقتكم بالسلسلةِ المُسلسلة إلى خير البرية، وإن حصلت مُحِبِّي مجموع سيدي المسمّى بـ «عقد الجواهر الجوهرية وسِمْط الدرر الذهبية»، وكذلك «منحة الفاطر» له أيضاً، ففيهما كلُّ بُغية، ولك أن تروي عنه ما اشتملا عليه وهَدَيا إليه، فإنَّ سيدنا قال: ما من شيخ في الدنيا ولا كتاب إلا ولي به اتصال تارةً مطولاً وتارة عال، وأما سند صحيح البخاري فإن شاء الله نُرسله إليك، والكتابان المذكوران هما عندنا، إن أردتَ نظرهما أرسلناهما إليك، وفيهما ما تقَرُّ به عينك ويَكمُلُ به زينك ويذهب به غَيْنُك»، إلى آخرها .
٣- العلامة المفتي الحبيبُ حُسينُ بنُ محمد الحبشي، مفتي مكة المكرمة، المتوفى سنة ١٣٣٠ هـ، في «ثَبَتِهِ» الذي جمَعَه تلميذه الشيخ عبد الله غازي الهندي المكي، الموسوم بـ «فتح القوي».
٤- الحبيب علي بن محمد الحبشي، المتوفى بسيون سنة ١٣٣٣ هـ، ذكَرَه في العديد من وصاياه وإجازاته، وتقدَّمَ ذكره في التلامذة، ومن كلام الحبيب علي ابن محمد فيه قوله : سيدي وشيخي العارف بالله ... وهُوَ آخَرُ مَن لازمته وصحبته، ولي منه الإجازة الشاملة المسلسلةُ بأسانيدها، كتبها لي في كراريس، وهُوَ ممَّن جمَعَ في طريق الرواية أسانيد عالية واتصل برجال أثبات مناهل علومهم حالية.
٥- الشيخ سالم بن عبد الرحمن بن عوض باصهي السبامي، المتوفى سنة ١٣٣٦هـ، قال في «ثبته» الذي جمعته من أوراق إجازاته وكُناشاتِه، بعد أن ذكر أنه قابله بعد صلاة العصر في مسجدِ باعَلَوي في بلدةِ الغُرْفة، قال: «فصافَحَني بعد ما سألني: مَن أنتَ وما اسمك؟ فأخبرتُه، فقال: أجزتُك في كل ما تعلَّقَتْ بهِ همتك، فقبلت الإجازة. وحصل له عندي من المحبة والميل ما لا يُقدَرُ قَدْرُه.
قال: فأرى اليوم الذي أعزمُ على السفر فيه إليه كالعيد، بل من أعظم الأعياد والسرور الباطني، إذا رأته عيني استغرَقَتْ في مطالعة أوصافه، والتحلي بجميل أخلاقه في ذلك المجلس، وأرجعُ فتبقى معي ثمرة تلك النظرة مدة طويلة وأنا أتمتَّع بها فتؤثر في قلبي بالرغبة في فعل الخيرات والمسارعة إلى أنواع المبرات، والهمم العوالي، بل إذا ذكَرْتُه لأحد، وقصَصْتُ أخباره وسيرته يتأثر بذلك باطني، بالرغبة في الخير، والمسارعة إليه، وحصول النشاط إلى ذلك، والعزم على أفعال الخير، وإذا حضرت مجلسه حال المذاكرة ، يقعُ كلامه عندي بموقع عظيم، ويدخُلُ كلامه في باطني حتى يسري سر كلامه في أحوالي وأعمالي، بل مجرد رؤيته تُعطيني قوةً دينية ورغبةً كُليَّة إلى الخيرات، وبالجملة : فقد عَلِقَ به قلبي، وأحبته محبةً تامة، فلله الحمد والمنة». انتهى .
وقال في موضع آخر من الثبتِ المومى إليه: «تُم أخذتُ عن السيد الشريف الجليل، قطب الزمان المشار إليه بالرسوخ في العلوم والأحوال، وصفاء المعاملات مع الله، وأقرَّتْ له جميعُ ساداتِ حضرموت وعلماؤها وصلحاؤها بأنه لا نظير له في وقته، السيد الإمام عيدروس بنِ عمرَ الحبشي باعلوي قدَّسَ الله سره، فاجتمعتُ بحمد الله به مراراً، وأخذتُ عنه الإجازة العامة في جميع أبواب الدين، واقتبستُ من أنواره الباهرة وعلومه الغزيرة، بل عنه حصلَتْ لي فتح الرغبة في الخيرات وثمرات الأعمال، حتى أخَذَ حبُّه بمجامع قلبي، وتهتَكُتُ في حبه غايةً ونهاية، ونظَمْتُ فيه الأشعار، ولا أوَدُّ افارقه ساعة، ولكن هم العيال وأسباب المعاش قطعتني عن غاية ما أحاوله منه ، وكان بين قريتي وقريته نحو ميلين أو أزيد». انتهى
٦ - السيد أبو بكر بنُ عبدِ الرحمن بن شهاب الدين، الشاعر الشهير، والعالم التحرير، المتوفى سنة ١٣٤٢هـ بحيدر أبادَ الدَّكَن، ذكره في ثبته العقود اللؤلؤية»، ومن طريقه روى السيد عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس مكاتبة كما سيأتي ذلك قريباً.
٧- السيد سالم بن حفيظ ابن الشيخ أبي بكر بن سالم)، المتوفى سنة ١٣٧٨ هـ، ترجَمَ لهُ في ثَبَتِه «مِنحة الإله في الاتصال ببعض أولياه»، وعده أول الشيوخ البالغ عددهم (١٤٩) شيخاً، وقد طبع بتحقيق كاتب هذه السطور.
ومما قاله في حق شيخه المترجم: «هُوَ الإمام الحائز كلا الشرفَيْن، والجامع بينَ العِلْمَيْن»، قرأ عليهِ خُطبة «الإرشاد» بحضور بعض الطلبة، ثُم زارَهُ في ۲۸ جمادى الآخرة سنة ١٣١٤هـ بمعيّة شيخَيْه عبد الرحمن المشهور وعبيد الله بن محسن السقاف، وعرض عليهِ نُسخته من كتابهِ عِقدِ اليواقيت الذي نسخه بخطه في مجلد واحد، فاستَحسَنَه ثُم كتَبَ لهمُ الإجازة وشابَكَهم وصافحهم ولقَنَهُمُ الذِّكْر.
٨- السيد محمد بن حسن عيديد (٤) المتوفى بتريم سنة ١٣٦١هـ، ترجم له في ثبته «إتحاف المستفيد»، وعَدَّهُ الشيخ التاسع والأربعين، وقال في حقه: هذا السيد كله كمال، وعند ذكره تزولُ الهموم والأكدار، فكيف بنظره ومجالسته؟!. وقد أجازه المترجم وصافحه وشابكه ولقنه الذكر وألقمه وألبسه، وكان ذلك بمعيَّةِ شيخه أحمدَ بنِ عبدِ الله بن حسين بن طاهر، وحضور السيد عمر بن عيدروس العيدروس، ثُم زاره مرة أخرى سنة وفاته (١٣١٤هـ) بمعيَّةِ الشيخ عبد الله بن أحمد الخطيب البكْري ومحمد بن عبد الله ،باغريب وحضَرَ الحبيبُ عُبيدُ اللهِ بنُ مُحسن، وأجازهم خصوصاً في العقد وألبسهم، وقرأَ السيد محمد بن حسن عليه الفاتحة والتشهد، وأجازهم في بعض الأوراد.
۹ - السيد عبد الرحمن بن عُبيد الله السقاف، المتوفى بسيون سنة ١٣٧٥هـ، ترجم له في تاريخه إدام القُوت»، وسأورد ترجمته له بنصها عَقِبَ هذه ، وتقدم نظمه لسندِ شيخه برواية صحيح البخاري من طريق المعمرين.
١٠- السيد عبد الله بن طاهر الحداد، المتوفى بقيدون سنة ١٣٦٨هـ، ترجم له في كتابه «قُرَّةِ الناظر» (مخطوط) ضمن شيوخ السيد محمد بن طاهر، وذكَرَ في أثناء الترجمةِ أخْذَه عنه. ومن ثنائه عليه قوله : «أوحَدُ العُبَّادِ والزهاد، ومُلحِقُ الأحفاد بالأجداد، بحُسن الإرشاد وعلوّ الإسناد، مثال السلف الصالح في الهَدْي والسَّمتِ والأخلاق، وإمام العصر الذي حصل على إمامته الاتفاق، المتربعُ على منصة الخلافة المحمدية بالاستحقاق، الذي سار ذكره مسير النيّريْنِ في جميع الآفاق . .» إلى آخره.
وذكر أنه زاره في جمادى الآخرة سنة وفاته، وقرأ عليه أول «سفينة النجاة» إلى فصل شروط إجزاء الحجر، قال: فقصَدْتُه إلى بيته الشريف وقت الإشراق، ولم أجد عنده أحداً غير ولده الحبيب محمد ومحبه الشيخ عوض شَيْبان، فصافحته، وسألني عن نفسي، فانتسَبْتُ لهُ وأخبرتُه أن وصولي إلى الغرفة لغيرِ غرَض غيرِ زيارته ورؤيته والتماس بركته، فرحب بي... وكبست رجليه الشريفتين، وطلبتُ منه الإلباس والدعاء»، إلخ.
١١ - السيد علوي بن طاهر الحداد، المتوفى بمدينة جوهور بماليزيا سنة ۱۳۸۲هـ ترجَمَ لهُ في ثَبَتِهِ الخُلاصة الشافية فى الأسانيد العالية، وأكد فيها أخذَه عنهُ وهُوَ دونَ البلوغ، وقال عنه في ثَبَتِهِ المذكور : .... كتاب عقدِ اليواقيت الجوهرية للإمام العارف بالله العلامة العامل الصالح المسند ذي المعارف، واللطائف وحيد عصره ومُسندِ قطره الحبيبِ عَيْدروس ابنِ عمر الحبشي، فإنه كتاب جمَعَ فأوعى يقلُّ نظيره ، وله كتابُ منحة الفتاح الفاطر، في أسانيد الأئمة الأكابر»، ذكر فيه أسانيده إلى العلوم: الأصولية والحديثية والفقهية، وآلاتها والطرائق الصُّوفية. كما له كتاب «عِقدِ اللآل ولم يُكمله، وفيه ذكر أسانيد غريبة . كما ألبسني عمامته الكريمة، وسنّي إِذْ ذاك نحو العشر السنين.
نرويه وجميع ما اشتمل عليه عن سيدي وشيخي الحبيب أحمد المذكور، عن مؤلّفه.
وترويه أيضاً عن أشياخنا ومجيزينا، كالإمام العارف بالله ذي الشُّهرة والمظهر العظيم، الحبيب علي بن محمد بن حسين الحبشي، وأخيه الإمام المُسندِ العلامة الحبيب حسين - كما في ثَبته «فتح القوي المشتمل على ذكر أشياخه وأسانيدهم، وهُوَ عندي والحمد لله ـ والفقيه المُحقق العالم الخاشع الحبيب محمد بن حامد السقاف، والعلامة المُفيد الواعظ الحبيبِ عَلَوي بنِ عبدِ الرحمنِ بن أبي بكر المشهور وغيرهم، كلُّهم عن مؤلّفها.
كما أني أرويه وسائرَ مَرُويَاتِهِ: بالإجازة العامة عن مؤلَّفَهِ، فقد بَلَغَنِي أن مؤلَّفَه نفَعَ الله به أجاز لأهل عصره. وكانت وفاته سنة ١٣١٤هـ، وهو ممن أدركَتْه إجازة مسند اليمن السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل، وقد لقيتُه في صغري وتملَّيْتُ بطلعته والبَسَني والحمد لله، ولا أعقِلُ الآنَ هل أجازني يومَئِذٍ أم لا مع أن سلفنا يقرِنُونَ الإلباس بالإجازة غالباً، على أنّي قد أدركتني إجازته العامة لأهل العصر مع الإجازة الخاصة من مشايخى عنه، وذلك بمنزلة الإجازة الخاصة، كما ذَكَرَهُ مُسند الآفاق السيد عبد الحي الكتاني في كتابه فهرس الفهارس»، والحصول عليها من ذلك البحر، من مظاهر السعادة والفخر.
بل قد أخبرني بعد كتابة ما تقدَّم: السيد الزاهد الناسك طه ابنُ عمّي علي بن عبد الله الحداد، وكان حاضراً ذلك المجلس الذي وقع فيه الاجتماع بالحبيب عيدروس المذكور: أنه بعد أن ألبسني أجازني مع الحاضرين، والحمد لله ربِّ العالمين.
أسرتُه وأعلامُ ذُرِّيتِه:
أما والده وعمه فتقدَّمَ ذكرُهما، وسيأتي في الكتاب المزيد من أخبارهما و تراجمِ شيوخهما. وسأذكر هنا من وقَفْتُ على ذكْرِه من إخوته وذُريَّتِهِ.
إخوته: لصاحب الترجمة من الإخوة اثنان:
أحدهما: السيد علوي، توفي ليلة السبت سلخ ربيع الثاني سنة ١٣١٣ هـ ، وهُوَ أولُ مَن قُبِرَ في موضع قبة المترجم الذي كان قد اشتراه بنيَّةً وَقْفه مقبرة لأهله وذويه" والآخَرُ هُوَ السيد عيسى، لم أقف على ذكر له، سوى أن ابنه عبد الرحمن بن عيسى منَ الآخِذين عن صاحب الترجمة، وهُوَ المذكور برقم (١٦) فيما تقدَّم.
وأما أولاده:
فقد أعقب رحمه الله ولدين هما محمد، وعمر، وقد لبسا من شيخ أبيهما الحبيبِ مُحسن بن علوي السقاف، ذكر ذلك في ترجمته في هذا الكتاب، ولم يذكرهما في موضع غيره. ولم أقف على ترجمة لابنه عمر، وأما ابنه السيد محمد فهو:
(۲) محمدُ بنُ عَيْدروس بنِ عمرَ الحبشي (__ ١٣١٩ هـ...)
كان من العلماء الصالحين، وُلد ببلدة الغُرْفة، أخَذَ عن أبيه، وعنه أخذ جماعة من أهل عصره، منهم بعضُ الآخِذين عن أبيه:
۱ - کالسید محمد بن سالم السَّرِي، قال في «ثَبَتـه عنـد تعـداده شيوخه : ومنهم : سيدي الأخُ الصَّالحُ الفاضل الحبيب محمدُ بنُ عَيْدروس بن عمر الحبشي، أجازني والبَسَني ولقنني، كما أجازه شيوخه وتلَقَّى منهم التلقين والإلباس، ومن أجلهم والده الحبيبُ عَيْدروس انتهى، ونقلته عن خطه . ومنهم :
۲ ـ السيد محمدُ بنُ حسَن عَيْديد، فإنّهُ عَدَّه الشيخ الخمسين من شيوخه، وترجم له عَقِبَ ترجمة والده، وقال عنه: «السيد الشريف، الحبيب الفاضل، محمد ابن شيخنا الحبيبِ عَيْدروس بن عمر الحبشي ابنُ المتقدم قبله، أخذتُ عنه والبَسَني وأجازني بعد وفاة والده، وجلستُ معَهُ مراراً بتريم وغيرها، واجتمعت به في الغرفة.
ولما دخلتها أنا وشيخُنا أحمد الكاف في شهر ظفر سنة ١٣١٥هـ، أجازني فيما أجازَهُ فيه والده إجازةً خاصةً وعامة، ولم يزَلْ في عبادة وطاعة، وقيام بوظائف والده، إلى أن توفاه الله في يوم الجمعةِ ۱۳ ظفر سنة ١٣١٩هـ، (تسعة عشَرَ وثلاثمائة وألف)، رحمه الله رحمة الأبرار، وجمَعَنا وإياه في دار القرار». انتهى.
وذكَرَهُ الشيخ الفقيه عبد الله بن محمد باكثير الزَّنْجَباري (ت ١٣٤٣هـ)، الذي زار حضرموتَ آخِرَ السنة التي مات فيها الحبيب عيدروس (١٣١٤هـ)، ونزل ضَيْفاً على ابنه محمد المترجم هنا، وبات عندَهُ ليلة السادس من ذي الحجة، قال في رحلته الأشواقِ القوية إلى مواطن السادة العلوية
وبعد عصر ذلك اليوم [٥ ذي الحجة] خرجنا من سَيُونَ إلى شبام، ودخَلْنا الغرفة، ونزَلْنا عند السيد محمدِ بن عَيْدروس الحبشي، وهُو سَيِّدٌ متواضع حسَنُ الأخلاق والشمائل، متصف بأوصاف سلفه الصالح، نفعنا الله بهم، آمين . وبعد صلاة العشاء جلَسَ معَنا بُرْهةً من الليل واحد من مُحِبيه يقرأ في مجموع والده سيدنا عيدروس بن عمر، وهُو كتابٌ نَفيس لا نظير له، ولم يزل ذلك السيد يُقرّر لنا كلامَ والده ويُفيدُنا بجملة فوائد، ويُباشرنا مباشرة الكرام، إلى أن مَضَتْ من الليل ساعات فقام عنا وأخَذَ كلٌّ مَضْجَعِه»، إلخ.
عقبه: أعقب السيد محمد من الأولاد أربعة أحمد، وعلي، وعمر، وعبد الله، أعقب منهم: علي وعمر.
۱- فأما أحمدُ بنُ محمد: فكانتْ وفاتُه في حياة جده المترجم، يوم الاثنين فاتحة شهر جمادى الآخرة سنة ۱۳۱۳ هـ، وقد أجيز من جده عدة إجازات خطية (راجع ما تقدم عند تعداد التلامذة. وكانت وفاته في حياة جده الإمام عَقِبَ وفاة أخي جده السيد علوي بنِ عمرَ الحبشي، فرثاهما الحبيبُ عَيْدروس بأبيات منها (ملتقطة):
فلما قضَى النَّحْبَ الشقيقُ رأيتُ أنْ … قلبي للأحزان والهم قد سَجَنْ
وأردفه موتُ الحفيد فهالني … وألقى الوها في الجسم حتى ليَ اقعدن
فأُلِهِمْتُ أن الله ليس لأمره … مرد فزال الهم عنى بل ظَعَنْ
فصبر جميل ورضى بمقدر …. فسبحانك اللهم يا ربُّ فاسمعن
دعائي بغفران وعفو لمن أسا … من أحبابنا والميت في الجنة اسكنن
ومن مظاهر الابتلاء: أنّ بعض الحاقدين أظهروا الشماتة في صاحب الترجمة بعد وفاة أخيه وحفيده، فنظم أبياتاً يومَ ۲۹ جمادى الآخرة سنة ١٣١٣هـ، قال فيها:
نحن بالله عزنا … والحبيب المُقرَّب
هكذا شأن فخرنا… لا بجاه ومنصب
كل من رامَ ضُرَّنا … من قريب أو أجنبي
سهمنا فيه قولنا … حسبه الله والنبي
٢- عمر: توفي في شرخ شبابه بعد زواجه بمدة قصيرة، وولد له بعد موته ابنه: عيدروس، قام بتربيته عمه السيد علي بن محمد وزوجه بإحدى بناته، وأعقب منها خمسة من البنين أعلمهم وأكبرهم: السيد عمر بن عيدروس . طلب العلم على جده علي بن محمد وخاله محمد بن علي، وهو فاضل، هاجر إلى دولة الإمارات وهو الآن بها، وله نشاط في إقامة الدروس العامة في أبوظبي، كما له اهتمام بتراث جده المؤلف، حفظه الله . ــ وأما حفيده الثالثُ، فَهُوَ:
السيد علي بنُ محمدِ بنِ عَيْدروس بن عمر الحبشي (قبل ۱۳۱۰ - ۱۳۷۹هـ )
ترجم له شيخي العلامة المؤرّخُ المُسند الحبيب عبد القادر بن عبد الرحمن الجنيد، في ثَبَتِهِ النَّفيس العقود الجاهزة، وهي ترجمة حافلة، فأنقلها بنصها من خطه لما فيها من فوائد، قال رحمه الله تعالى: السيد الفاضل، سليل الأفاضل، وحميد الشمائل، ومن تتغنى بجميل أخلاقه الأطيار على الخمائل.
وُلد ببلدة (الغُرْفة) في حياة جده الإمام الجامع الحبيب عيدروس بن عمر، وطلَبَ العِلم على علماء بلده وعلماء البلدان المجاورة لها. فَأَخَذَ عن الحبيب عبد بن حسن بن صالح البحر، وأخيه محمد بن حسن، وأخذَ عن الحبيب عبد الله بن محمد الحبشي وابنه الحبيب عمر، وعن الحبيب عبيد الله بن محسن السقاف، والحبيب عبد الرحمن بن علي، والحبيب علوي بن عبد الرحمن، والحبيب أحمدَ بنِ عبدِ الرحمن آل السقاف، والحبيب علي بن محمد الحبشي، والحبيب حسن بن أحمد العيدروس.
وأخذ عن رجال تريم، كالحبيبِ عَيْدروس بنِ عَلوي العيدروس، وولدَيْهِ عمر وعبد الله، والحبيب عبد الرحمن بن محمد وابنه علي، وعلوي بنِ عبدِ الرحمن آل المشهور، والحبيب حسن بن محمد ،بَلْفَقيه والحبيب أحمد الجنيد بن أحمد الجنيد، والحبيب شيخ بن عيدروس، وابنه عبد الباري، والشيخ أبي بكر بن أحمد الخطيب، والشيخ حسن بن عوض مُخدَّم، وغيرهم.
وقد لاحظته عناية جده الإمام، وشمِلَتْهُ رعايته، وغمرته نفحاته، حتى ظهرت على صفحاتِ وجهه، وأضاءت منها قسماته، فكان خليفة السلف، وجوهرة الخلف، حُلو الحديث، طيّب المحاضرة، لا يمَلُهُ جَليسُه. عرفته منذ طفولتي، لما بينه وبين الوالدين عبد الرحمن وأحمد ابني عمر الجُنَيدِ منَ المَوَدَّةِ والإخاء، فما يزور تريمَ إلا ويزورُ الوالد والعم أحمد. أجازني والبسني مرات منها: مرةً برباط تريم ليلة السبت ٢٥ صفر سنة ١٣٦٢هـ، وأجازني وألبسني القبع المنسوب لجده الحبيب عيدروس ببيته بالغُرْفة لما جئته زائراً بِمَعيَّةِ شيخنا محمد المهدي ابن شيخنا عبدِ الله الشاطري سنة ١٣٦٤هـ، وأجازني والبَسَني القبع أيضاً في بيته بالعُرْفة لمّا زُرتُه معَ جُملة من طلبة العلم بتريم، وعلى رأسهم شيخُنا أبو بكر بن محمد السَّرِي، في شهر محرم سنة ١٣٧١هـ.
ولما زار تريم في شهر جمادى الأولى سنة ١٣٧٠ هـ أضافه سيدي الوالد رحمه الله، وكان من حسَنِ الصُّدَف: أنّ في ذلك اليوم نفْسِه وصَلَني كتاب «عقودِ الألماس في مناقب الحبيب أحمد بن حسن العطاس بجزأيه، تأليف: العلامة السيد علوي بن طاهر الحداد، وكانت أول نسخة وصلَتْ إلى تريم من ذلك الكتاب، أرسَلَها هدية ليّ الخال هارون بن حسن الجنيد من سنقافورا، فلما حضر السيد علي المذكور إلى بيتنا، قدَّمتُها له، ففرح بذلك فرحاً شديداً، وكانت جلسة ممتعة كلها في ذكر الحبيب عيدروس والحبيب أحمد بن حسن، وقرأتُ عليه من ذلك الكتاب مواضع مختلفة، وأجازني وأولادي، وأطعمني، ثم طلب مني [أنْ] أترك الكتابَ معه مدة إقامته بتريم.
توفي سيدي علي المذكور ببلدةِ الغُرْفَةِ في شهر رمضان سنة ١٣٨٣هـ، ودُفنَ في قبة جده انتهت الترجمة.
وللسيد علي بن محمد عدد من الأولاد وهم: محمد، وأحمد، وعبد الله، وعبد الرحمن، وحسن، وحسين.
وقد عرَفْتُ منهم : السيد المنصب عبد الله بن علي، المتوفى بالغرفة سنة ١٤٢١هـ، زرته وأخذتُ عنه، وأجازه عامة عن أبيه عن جده الإمام صاحب هذه الترجمة. ومنصِبُهُم اليوم بيدِ السيد عبد الرحمن بن علي الحبشي حفظه الله تعالى.
السيد محمد بن علي بن محمد بن عيدروس الحبشي ( … -١٣٨٩ هـ)
أكبر أبناء أبيه، ولد بالغرفة، وطلب العلم على يد والده، وسار إلى عدن لتحصيل أمور المعيشة وكفالة إخوته وعائلته الكبيرة، وكان منزله في حي (خساف) بعدن مثابة لأهل العلم والأدب، تعقد فيه الجلسات والندوات الأسبوعية، وكان صاحب خلق رفيع، كثير الشفقة بأفراد أسرته، باراً بوالديه، له شعر متفرق لم يجمع ، وقام بمنصب جده المؤلف بعد وفاة والده وأقام في الغرفة إلى أن توفي بها سنة ۱۳۸۹هـ عن خمسة من الأبناء: أشهرهم وأعلمهم السيد الباحث المؤرخ الشهير: عبد الله بن محمد الحبشي.
ومن مشاهير ذُرِّيةِ المترجم: السَّيِّدُ البَحاثةُ المُطَّلِعُ الموسوعي الكبير: عبد الله ابنُ محمدِ بن عليّ الحبشي. مولده - حفظه الله ـ بالغُرفة سنة ١٣٦٨ هـ ، وهو صاحب المؤلفات الشهيرة في فنّ الموسوعات والمعاجم، ومن أبرز مؤلَّفاته: مصادرُ الفكر الإسلامي في اليمن، ومُعجَمُ الموضوعات المطروقة في التأليف الإسلامي»، و«جامع الشروح والحواشي، كما له العديد من الكتب الخاصة بتاريخ اليمن شماله وجَنُوبِه ، وهُو من أعلامِ عَصْرِنا، حفظه الله وأبقاه ذُخْراً ونفع بعلمه المسلمين.
من مؤلفاته:
لصاحب الترجمة مؤلفات كبيرة مشهورة، وهي: الأثبات الثلاثة، كما له رسائل صغيرة لم تشتهر، وهذا مسرد تفصيلي بأسمائها والتعريف بها:
۱ - «منحة الفتاح الفاطر في ذكر أسانيد السادة الأكابر»، هكذا سماه حفيده السيد علي بن محمد في ترجمته له، والذي طَبعَ على الغلافِ : بذكْرِ وهُوَ كذلك في «الفيوضات» (ص ٦٠٦) ، وفي «فهرس الفهارس»: «باتصال أسانيد السادات الأكابر.
وهذا الكتابُ هُو أول ما كتبه صاحبُ الترجمة رحمه الله في فنّ الأسانيد والتراجم، تلبية لطلب السيد علي بن محمدِ بنِ حُسين الحبشي، الذي كتب له رسالة مؤرّخةً في ۲۲ محرم سنة ۱۲۸۹هـ، قال فيها: «والمقصود من هذا: ما تضمنته الأبيات باطن هذا المسطور من الإجازة والوصية فأطيلوا في ذلك، إلخ». والأبيات التي أرسَلَها برفق الرسالة مطلعها:
على رِسْلِكُمْ إِنَّ الفؤادَ كئيب … وفي القلبِ مِن نارِ البِعادِ لهيب
قال في آخرها:
وقائلُها يرجو قِرَاهُ توجهاً .. إلى الله منكم كي تُقال ذنوب
ومن فضلكم أرجو وفي فيض بركم … طمعت وظنّي فيك ليس يخيب
ولي مطلب أن تمنحوني إجازة … وعني على وزن القريض تُجيب
مسلسلة عن كلّ شيخ لقيتُمُ … وفي كل ذكر قد حوله حزوب
وفي كل علم باطن قد أخذته … وحققته أو أتحفتك غيوب
وفي كل علم ظاهر قد سمعته … وكل كتاب كنـت فيـه تنــوب
كذا لي أخ في الله يطلب مثل … ما طلَبْتُ بالقبولِ يَؤوبُ
هو ابن عليّ أحمد الصاحب الذي …سُوحٍ حماكم قد أناخ غريب
فجد يا شريف الأصل فضلاً ومِنةً … علينا بما نرجو فذاك قريب.
والصاحب الذي أشار إليه الحبيب عليّ هُوَ الشيخ أحمد بن علي مكارم والذي يُفهم من الأبياتِ أنه وفَدَ على الحبيب عيدروس حاملا معه رسالته وأبياته، ولم أجد نصًا على إجازة الحبيبِ عَيْدروس للشيخ مكارم المذكور.
ساق في هذا الكتاب سنده في حديث الرحمة المسلسل بالأولية عن ثلاثة من شيوخه: عبد الله بن حسين بلفقيه عن عمر العطار، ح ومحمد بن عبد الله باسودان عن عمه محمدِ بنِ عَيْدروس الحبشي، ح وعالياً عبدِ الله بن عبد الباقي الشعاب ثلاثتهم عن الونائي بسنده.
ثُم ساق سندَه في الفقه والأصول وعلم الكلام، والصحبة، ولبس الخرقة، وغير ذلك، وفيه فوائد عزيزة على وَجَازتِه. كما تفرَّدَ في هذا الكتاب بذكر مقروءاته على أبيه وعمه، ونقلتُ ذلك هنا في تعليقاتي على «العقد» استكمالاً للفائدة.
وصف الكتاب: توجد منه نسخة خطّيةٌ بمنزل المؤلّفِ ببلدةِ العُرْفة، كُتبت في ٢٥ جمادى الأولى عام ١٣٠٥هـ ، وقُرئتُ على المؤلف في صفر من عام ١٣٠٦هـ، وتصحيح ملاحظة حفيده علي بن فاتحة عام ١٣٦٤ هـ كما توجد نسخة أخرى بمكتبة السيد عبد الحي الكتاني، وهي برقم (٢٤١٣ ك) بخزانة الرباط، وثالثة بمكتبة جامعة محمد بن سعود بالرياض برقم (٦٢٧٤ / ف)، وعنها مصورة في مركز الملك فيصل برقم تسلسلي (٦٧٥١٣)، حديث، ثم طبع عام ١٤١٩ هـ = ۱۹۹۸م، وصدرَتْ طبعته الأولى عن دار الفقيه للنشر والتوزيع بتريم حضرموت باعتناء السيد عبد الله محمد الحبشي، وجاء في (٢٧٦ صفحة) مع الفهرس العام للموضوعات.
أول الكتاب بعد الديباجة: أما بعد لما كان الإسنادُ من الدِّين، وصلة بين العبد وسيّد المرسلين، وكان للحقير الاتصال بالسادة القادة الأكابر ، ومَنَّ الله عليه بالإذن منهم لرواية العِلْمَينِ : الباطن والظاهر، دَعَاحُسنُ الظَّنَّ لأخذ ما ذُكِرَ عَنّى، فأمرني بتحرير سندي بعد الاستجازة مني، سيدان هما حسَنةُ الزمان، وبهجة الأوان أحدهما: الغُصنُ النَّضِير من الشجرةِ العلوية، والدَّوْحةِ الشريفة النبوية، الأخ العلامة، اللوذعي الفَهَّامة، زين العابدين علي بن شيخنا الإمام محمد بن حسين بن عبد الله بن شيخ الحبشي، وثانيهما: الأخُ المتحلّي بحِلْيَةِ السَّكينة والوقار، والمتجلّي في خلعةِ الفضل والفَخَار ، العلامة الفَهَّامة عبد الرحمن بن محمدِ بنِ حسين المشهور . . . إلخ ).
وفي بعض النسخ زاد اسم السيد محمد بن سالم السري، قال الشيخ عمر شَيْبان في الفيوضات»: ثم إنه طلبها منه رضي الله عنه السيد الشريف والنَّدِيُّ المنيف، الحاوي لكلِّ سرّ مِن أسرار أسلافه بني عَلَوي، محمد بن سالم بن علوي السَّرِي، الإجازة على العموم، فألحق بهذين السيدين اسمه، بقوله : وطلب ما طلباه السيد المكرم. انتهى ما ورد في «الفيوضات».
وتمام العبارة: «... الأعزُّ الأحشم، الجدير بأن يوصف بكلِّ وصف حسن، إذ هُوَ بذلك حَرِي، محمد ابنُ السيد المرحوم سالم بن علوي السَّرِي . . ، إلى آخره .
٢ ـ «عقد اليواقيت الجوهرية»: وسيأتي الحديث عنه بالتفصيل على حدة.
3- «عقودُ اللآل في أسانيد الرّجال» : أَلَّفَه بعدَ عِقدِ اليواقيت»، أي بعد عام ١٣٠٤ هـ، طبع في (٤٠٠ صفحة) مع فهرس الموضوعات العام، طبعه على نفقته المُحِبُّ الهُمَام المُوفّق الشيخ سراجُ بن سعيد كعكي أحد وجهاء مكة المكرمة، وصححه وعلّق عليه ووضَعَ تراجمه وعناوينه الفَرْعية وعنْوَنَ لمباحثِهِ وفِهْرسَهُ بعضُ أفاضل علماء الأزهر الشريف (لم يصرح بأسمائهم)، وتم ذلك في ٢٧ ذي الحجة سنة ١٣٨٠هـ، موافق ١١ يونيو ١٩٦١م.
قال في أوله: «أما بعد ؛ فلما كان رواية العلوم الشرعية بالإسنادِ من خواص هذه الأمة، لكون التمسك بسلسلته وصلة إلى أشرف مرسل للعباد، وكنتُ لما رأيتُ من إخواننا العَضَرَئِينَ نسيان فضيلة هذا الشان، بل الجهل بخصوصيته وما يترتب عليه عند العلماء المحققين الأعيان، جمعت المجموع المسمى «عقد اليواقيت الجوهرية وسمط العين الذهبيَّة»، وهو موضوع لبيان سلسلة الطريقة العلوية، وإسناداتها الصحيحة الحسَنةِ القوية، المتصلة بالساداتِ القادة، المرفوعة إسناداتهم إلى خير البرية.
ثُم لما رأيتُ بعد ذلك بعض الإخوان، عرَفَ منه الفائدة وحصول العائدة وعِظَمَ الشان، وكأنه يقولُ : إنّ عِلم الإسناد لم يبق يعرِفُه أحدٌ بهذا الناد، فقلتُ: نعم، إلا القليل، ومع ذلك هُوَ العُمدة في نقل السنة النبوية، ولم يزل الاعتناء بوصل تعاليقه ومراسله، والإفصاح عن عاليه ونازله، منذ بدأ الإسلام، وخفَقَتْ لهُ الأعلام، ويتلقاه الخلَفُ عن السلف، صَوْناً لجوامع الكلم النبوية، وحفظاً للشريعة المحمدية، إلى أن عَرَاها تطاولُ المُدَد، وتقاصُرُ مَواد المَدَد، حتى كادت معالم الإسنادِ تعفى، وبين العوالم تَخْفى ، لولا بقايا من فُضَلاءَ أفراد، أدركنا البعض منهم ونلنا المراد، غَدَتْ بهم خافقة راية الإسناد، وتلك قد خَلَتْ وخلا منها كلُّ ناد، ولولا الرحلة إليها والأسفار ، لما لاح لنا منها الفجر والإسفار.
فتعيَّنَ أنْ أُثبِتَ أسانيدي المتصلة بالعلماء الأبرار، المروي بها جميع العلوم الشرعية، والفنونِ العقلية النظرية، فإني بحمدِ الله أقول : إني أجزِمُ أَنْ لا كتابَ: مشهوراً أو مهجوراً، أو خرقة كذلك، إلا ولي بذلك اتصالات أكيدة، عالية فريدة، من طرق عديدة. والمقصود في هذه الورقات ذكرُ أُنموذج يُشيرُ إلى ذلك تبرُّكاً، وإلا فهُوَ رَشْفةٌ من قطر ، ودَلو من ،بحر، ورتَّبْتُه على مقدمة وأصل وخاتمة». انتهى.
المقدمة: في التشويق والترغيب في تحصيل السند، ومصافحة اليد باليد، وأخذ العلوم الدينية عن الأئمة الأثبات وهي في الصفحات (٤ - ٢٩) من الكتاب)، وضمنها رفع أسانيده إلى الأثباتِ الشهيرة ومؤلّفيها من رجال العلم والعمل.
والأصل: وهُوَ معظم الكتاب، في ذكرِ الاتصال بالعلماء ورواية ما يُروى عنهم من العلوم من جهة الأشياخ العَلَويّين ومن رَوَوْا عنه من علماء الجهة الحضرمية، لكونه خفيًا لا يطَّلع عليه إلا الخواص، وقد استغرق جُلَّ الكتاب (من ص ٢٩ - ٣١٥) .
وأما الخاتمة: فلم يتمكّن المؤلف رحمه الله من وضعها، واختَرَمَتْهُ المنية دون الإتمام، فوصلها حفيده السيد علي بن محمد من كتابه الأول «منحة الفتاح»، ومن كتاب تذكرة الحفاظ » للذهبي، وأتى فيها بمقصود جده من هذه الخاتمة، عن طريق الحُفَّاظ الأثبات، وكان وضعه لهذه الخاتمة سنة ١٣٥٥هـ، وعاونه في الجمع والتحقيق والإتمام تلميذُ جَدَّه وخادِمُه عمرُ بنُ عوض شَيْبان. وكان تمام التصحيح والنظر عام ١٣٥٨هـ، مع الاعتذار عن الوقوع في أخطاء أو تصحيفـات، والإذن بالتصويب من قبل أهل المعرفة. كما ألحقا بالكتاب رسالة الشيخ محمد سعيد سُنبل في أوائل كتب الحديثِ المشهورة (ص ٣٧١ - ٣٩٤) .
هذه أشهر مؤلَّفاتِ الحبيبِ عَيْدروس رحمه الله تعالى، وله رسائل صغيرة، يقبحُ بنا تجاوزُها والمرورُ دونَ ذكرها والتعريج عليها، فمنها:
٤ - «نبذة في ختم صحيح البخاري»:
أوله: «أما بعد فاعلموا أيها الحاضرونَ، أنه يجب على سامع حديثه صلّى الله عليهِ وآلِهِ وسلَّم أن يتأدب ... إلخ، ثم أورد جملة كلمات للسلف الصالح في الحثّ على الأدب عند قراءة الحديث والاستماع إليه، وأورد أبياتاً لشيخه الإمام أحمد بن عمر بن سُميط، ثُم ساق سنده إلى الإمام البخاري عن والده وعن شيخه حمد بن العطار، ح وعن محمد بن عبد الله باسَوْدانَ محمد بن عيدروس الحبشي، كلاهما - العطار والحبشي ـ عن الونائي بسنده ، وختمها بالدعاء . محمد حسين الحبشي عن عن عمه، تقع هذه النبذة في ١٤ صفحة، ضمن كتاب «الفيوضات العرشية» (ص ٨٨٢ ٨٩٥)، ونُسِخَتْ مُفردة في كُراسَيْن، ومنها نسخة في مكتبة الأحقاف بتريم رقمها (۱۸۸۹).
٥- نبذة في ختم «إحياء علوم الدين»:
أولها: «الحمد لله الذي شرَحَ قلوب خاصَّته من عبادِهِ بأنوار اليقين، وأفاض عليها من أسرار علومه اللدنية ... إلخ، تقعُ في ٣٤ صفحة، ضمن كتاب «الفيوضات العرشية (ص) (٨٩٦ - (۹۲۹) أورد فيها جُملةً من أقوالِ سلفه من بني عَلَوي في الثناء على «الإحياء» ومؤلفه : نثراً ونظماً، وأورَدَ قصائد للشيخ علي بن أبي بكر، وقصيدة للإمام رسالة وصية «الأحياء بما في الإحياء» لشيخه عبد الله بن حسين بن طاهر الحداد، ثُم ذَكَرَ من اعتنى بإقراء «الإحياء» وقراءته من الحضارمة.
وختَمَ بسَوقِ سنده إلى الإمام الغزالي، عن شيخيه: عبد الله بن علي بن شهاب وعبد الباقي الشعاب ورفع الإسناد من طريق عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس ، ح وعن شيخه الحسن بن صالح البحر بسنده ، ح وعن والده عن عمه بسنده ، ح وعن أبيه عن الرَّيْس بسندِهِ لِرواية سائر مصنفات الإمام الغزالي، وقد تفنّن في إيراد الأسانيد في هذه النبذة.
٦ - «كيفية السلام على أهل القبور»:
۱۸۳) أولها: «الحمدُ لله الذي خَصَّ عباده المؤمنين بخصائص من الامتنان، وحَبَا أولياءه منهم بأنَّ لهمُ البُشرى في الحياة الدنيا والأخـرى .... إلخ، وهي ضمن الفيوضات العرشية (ص ١٥٤ - ١٨٣) ، وأفردت في كراريس، منها نسخة بمكتبة الأحقاف بتريم برقم (١٧٢٤) بعنوان «شرح الصدور في زيارة القبور».
۷، ۸- كما جُمِعتُ رسائله في مجلد، ووصاياه في مجلد آخر، علاوةً على الذي جمعه منها الشيخُ عُمرُ شَيْبان وأدرَجَهُ في «الفيوضات العرشيّة».
٩ ـ وجمع شعره في جزء لطيف جمعه تلميذه الشيخ الصالح محمد بن علي ابن شيخ الدئني، كما أخبرني السيد عمر بن عيدروس الحبشي.
الكتب التي أُلفَتْ حول المترجم:
قام بعض التلامذة المُخلِصين في المحبة بجمع كلامه ومواعظه وما سَمِعوه من أماليه في تفسير بعض الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، وذلك يخرجُ في مجلدات، وفيما يلي وصف لتلك المؤلفات:
الكتاب الأول: «الفيوضاتُ العَرْشية والمُنوحاتُ الحبشية»: تأليف الشيخ عمر ابن عوض بن عمر بن شَيْبان، المتوفى سنة ١٣٥٦هـ، وهو كتاب احتوى على مناقب الحبيبِ عَيْدروس بنِ عمرَ الحبشي وسيرة حياته، وتفاصيل عن شؤونه الخاصة، وكيفية عبادته وغير ذلك، وقَفْتُ على مصوّرة منه بمكتبة السيد الفاضل سقاف بن عبد القادر السقاف (كريسان) بجُدَّة، عن نسخة كُتبت سنة ١٣٥٩هـ، بقلم أحمد محسن بن حسن السقاف، تقع في ٩٢٩ صفحة، وهي نسخة سقيمة كثيرة الأخطاء والتصحيفات، ويبدو أنها كُتبتْ في الجهة الجاوية. كما توجد نسخة جيّدة منه في مكتبة صاحب الترجمة في بلدة الغرفة رأيتُ مصوّرة عنها بمدينة أبو ظبي لدى حفيده السيد عمر بن عيدروس بن عمر بن علي الحبشي. ولعلها مصوّرة عن النسخة الأصل التي في مكتبة جده (المؤلف) بالغرفة، وهي في (٤٤٢ ورقة)، كتبت سنة ١٣٣٣ هـ ، كما في فهرس السيد عبد الله بن محمد الحبشي (ص ۷۸).
أول الكتاب: الحمدُ لله الذي جَعَلَ لِعوارف المعارف رجالاً مِن خَلْقِه منحهم أسرارها ما يَجِلُّ أن يَصفَهُ واصف ... إلخ. وهُوَ في ثلاثة أبواب وخاتمة:
الباب الأول: وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في ذكر مولده وبدايته على وجه الإجمال، وفي ذكر شيء مما أُعطِيه في ابتداء أمره من الكمال وحميد الخصال، التي فُضَّلَ بها على غيرهِ مِنَ الرجال، وفي ذكر تلقيه (ص ۱۱ – ۱۰۸).
الفصل الثاني : فيما كان يأتي به من الأعمال، قولاً وفعلاً، في سائر الأيام والليال (ص ۱۰۸ -۲۰۰ )
الفصل الثالث: في سببٍ مَرَضِهِ وذكرِ وفاته (ص ۲۰۰ ــ ۲۳۰ ).
الباب الثاني: في المذاكرات وما لَحِقَ بها منَ الوِجَادات، وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في كلامه على آي القرآن (ص ۲۳۰ – ۳۷۷).
الفصل الثاني: في مُذاكَراتِهِ على بعض أبيات أو حكم عليَّات، أو على ما ورَدَتْ عليه من سؤالات ( ص ٣٧٧ - ٤٣٠ ).
الفصل الثالث: فيما وجدتني أثبتُهُ عنهُ مِن كلامه بلفظه أو معناه، أو ما وجدتُه بخطه (ص ٤٣٠ - ٥٩٨).
الباب الثالث: فيما أثبته من الوصايا والإجازات المحتوية على جمل من الأسانيد إلى العلماء الثقات والمعرفة ببعض أشياخه وبعض مَن تلقَّوْا عَنهُ مِنَ الأثبات ( ص ٥٩٨ - ٨٨٢).
الخاتمة: فيما وُجد له من المنظوم، ويحتوي على لطائف العلوم، وأختمها بثلاثة ختوم الأولان للصحيحين، والثالث لـ «إحياء العلوم» (ص ٨٨٢ - ۹۲۹)، وبه ينتهي الكتاب.
الكتاب الثاني: «النهرُ المورود من بحرِ الفضل والكرم والجود»، ممَّا مَنَّ الله به على سيدنا بركة الوجود وإمام أهل الشهود، قطب العارفين، وإمام الواصلين، الحبيب عيدروس بن عمر بن عَيْدروس الحبشي، مما يُلْقِيهِ مِن فَهُمهِ أو يَحكيه في مجالسه . جمع تلميذه السيد العلامة : عُبيد الله بن محسن بن علوي السقاف.
أوله: «الحمد لله الذي اختَصَّ مِن عبادِه صَفْوةً تُقتصُّ ،آثارهم، وتُقتبَس أنوارهم، وتنتعِشُ بذِكْرِهُمُ الأرواح، حتى تصير في غاية الارتياح والانشراح ...إلخ .
توجد من هذا الكتاب عدةُ نُسخ خطيّة في بلدان مختلفة، منها: نسخة كتبت في حَوْطةِ أحمد بن زين، تقعُ في (٤٩٩ صفحة)، غيرُ مؤرخةٍ ولم يُذكَرِ اسم ناسخها ، بآخرها تملك باسم السيد سالم بن محمد بن علي الحبشي، وكان قد ختم قراءتها في الروضة بقاعة مسجد الجامع بالحوطة بتاريخ ۱۸ شوال سنة ١٣٩٧هـ، عصر يوم السبت. وامتازت هذه النسخة بوجودِ تعليقات طفيفة في بعض المواضع بقلم العلامة التحرير السيد عبدِ الرحمن بن عُبيد الله ابن جامع الكتاب ومؤلفه، وهذه رأيتها عند بعض الفضلاء.
ونسخة أخرى بمكتبة السيد أحمد بن حسن العطاس بحريضة كتبت سنة ۱۳۸۰هـ، تقع في ١٥٧) (ورقة)، كما في فهرس المكتبات الخاصة في اليمن للحبشي (ص (١٦٨)، ومنها مصورة في مركز الملك فيصل بالرياض تحت رقم (٨٤١٠٣) تصرف، ورقم الحفظ (٤٠٦ ).
وقد اشتمل الكتابُ على جملة وافرة من كلام الحبيب عيدروس، وبعض مناقبه وشمائله، ويُستخرَجُ منهُ معَ ما ورَدَ في الفيوضات مجموع مفيد جداً لطلاب العلم والسالكين، من أخبار السلف الصالح، ومن الحكم والفوائد الثمينة القيمة.
الكتاب الثالث: «مجموع الكرامات»، وهو للشيخ عمر شيبان أيضاً؛ وسماه «مطالع النفوس وأنوار الغلوس»، الجامع لكرامات وخوارق العادات والكشف الجلي، مما أذن الله في إظهار ذلك لسيدنا الإمام غوث البلاد والعباد عيدروس بن عمر بن عيدروس الحبشي.
توجد منه نسخة تقع في (۲۸۲ صفحة)، كتبت سنة ١٣٥١ هـ ناقصة من آخرها، منها مصورة لدى السيد عمر بن عيدروس الحبشي بأبو ظبي، كما أخبرني.
الكتاب الرابع: «رَوَاحُ القلوب والنفوس في مناقب الحبيب عيدروس»: تأليف الشيخ سالم بن أحمد بن علي بن أبي الغَيْث باحُميد المدودي، المتوفى بمدودة زاهداً حَصُوراً سنة ١٣٤٥هـ . توجد نسخة منه في مدودة، وصورة منه بحوزة أولاد الشيخ عبد الله القديم باعبَّاد رحمهُ اللهُ بالغُرفة، وأُخرى بحوزة الأستاذ عبد الله الحبشي، كما أخبرني.
هذا الكتاب «عقدُ اليَوَاقيت»
اسمه كاملاً:
عقد اليواقيت الجوهرية وسِمْطُ العين الذهبية، بذكر طريق السادات العلوية، وما لهم من الإسنادات القوية، وما أُثِرَ عن بعضهم من إجازة ووصية، هذا هُوَ الاسم الذي سماه به مؤلّفه كما في مقدّمة الكتاب، وهُوَ كذلك عند الكتاني في (فهرس الفهارس)، والسقاف في (تاريخ الشعراء)، وغيرهما. وفي بعض مكاتبات السيد عبيد الله بن محسن السقاف للشيخ محمد باذيب مؤرخة في ١٨ رمضان سنة ۱۳۱۷ هـ سَمَّاه: (عِقد الجواهر الجوهرية وسِمْطَ الدُّررِ الذهبية). وسَمّاه السيد شيخُ بن محمد الحبشي في تقريظه الآتي: «عقد اليواقيت الجوهرية وسمط اللآلىء الذهبية»، وسماه الجَدُّ الشيخ محمد باذيب في خاتمة إجازته للسيد أبي بكر الحبشي: (عقد اليواقيت والدرر)! ولعل ذلك كان منهم جميعاً سبق القلم، واعتمادهم على المحفوظ وعدَمَ مراجعة الكتابِ نفْسِه.
ابتداء جمعه:
وكان ابتداء جمعه في جمادى الأولى سنة ١٣٠٤هـ، على ما حدده الشيخ عُمر شَيْبان في «فيوضاته»، قال رحمه الله: وله مع مشايخه في تلقيه عنهم، وتردُّده إليهم، الوقائع العظيمة، والمكاشفاتُ الفَخِيمة، التي لا تدخُلُ تحت حد ولا مقدار، الدالة على إيداعه ما لديهم من الأمانات والأسرار، وقد ذكرهم أولاً في رسالته المسماة «منحة الفتاح الفاطر»، وذكر كيفية تلقيه عنهم بالاختصار.
ثُم لما جمَعَ المجموع المسمَّى «عِقد اليواقيت الجوهرية وسمط العين الذهبية»، وذلك في جُماد الأول عام أربع وثلاثمئة وألف، استوعَبَ ذكرَهم، وذكرَ أشياخهم وإجازاتهم ووصاياهم له، وكيفية تلقيه عنهم ظاهراً وباطناً بجميع الآثار. انتهى.
سَبَب تأليفه:
قال تلميذه العلامة الحبيبُ عُبيد الله بن محسن السقافُ في إجازته لجدنا الشيخ سالم بن عبد الرحمن باصهي المؤرخة في صفر ١٣٢٢هـ، كما نقلتها عن خطه رحمه الله: وخصوصاً أجزتُك في «عقد» سيدي المذكور المشهور، الذي هُوَ لأهل هذا الوقت ضياء ونور.
وليعلم مُحبي سالم: أني وصاحبي لما كنا نتردَّدُ إليه، كلما أتينا إلى جَنَابِهِ الشريف، واستظللنا بظلهِ الوَرِيف، أتى له بشيء مما خصوه به مشايخه الكرام من وصية وإجازة، وهو كلما قرأ علينا شيئاً لأحدٍ من مشايخه طلبنا منه الإجازة لنا فيه حتى تم ما له منهم ونحن كذلك، إنَّ الفقير بعد ذلك قال له: لعلكم سيدنا تجمعون ذلك في مجلد، وتجعلونَه كالترجمة لهؤلاء السادة الأجلاء، الذين ذِكْرُهم رحمَةُ الله، وبه تُمَدُّ القلوبُ نوراً، وبحلي التقوى تتَحلَّى.
ثُم إنه انشرح لذلك، فجمعه كما في الخاطر ، وقرَّ به الناظر، وقد قرأناه عليه، وكلَّما تمَّ ما لأحد من مشايخه طلبنا منه فيه الإجازة، وهكذا إلى تمام الكتاب، فالحمد لله على ما أنعم ، وبه لنا ألهم، وقد دَعَا لي، حيث كنتُ السبب في جمع عقده بدعوات، أرجو نفعها هنا، وفي الدُّنا والأخرويات»، إلى آخرها.
ثناء العلماء على الكتاب:
قال تلميذه الحبيب علي بن محمد الحبشي في بعض إجازاته ووصاياه بعد أن ذكَرَ شيخه المترجم: أَلَّفَ في مسانيده مؤلَّفات، منها: كتابه «عقد اليواقيت»، وهو كتاب عظيم، اشتمل على فوائد نافعة وأسانيد مرفوعة إلى مراتب رافعة، فرضي الله عنه وأرضاه، ونفعنا به وبما تلقاه ممَّن صَحَ في مدارج القُربِ مرتقاه. انتهى .
وقال السيد عبد الحي الكتاني: وهو من أكبر الأثبات المطبوعة في الدنيا شرقاً وغرباً بعد «ثبتِ ابنِ خَيْر»، اشتمل على جزأين، أولهما في ١٤٩ صحيفة، وثانيهما في ١٤٤ صحيفة أيضاً، ترجَمَ فيه لمشايخه من آل باعلوي الذين أخَذَ عنهم. ببلاد اليمن معَ مَن أخَذَ عنه منهم ومِن غيرهم من أهل الحجاز وبلاد الأحساء والمغرب. وبالجملة، فهو ديوان أخبار وتاريخ ووفيات لأهل القرن المنصرم وصَدْرِ الذي نحن فيه لا يُعزّزُ بثان. ولاغتباطي به لما وقفتُ عليه كنتُ اختصرتُه في نحو كُرَّاسَيْنِ سنةَ ١٣٢٢ هـ.
ثم قال: «أروي فهرسه هذا عن أبي الحسن علي بن ظاهر، مكاتبة من المدينة، والسيد محمد بن سالم باهارون التّريمي كتابةً من مكة، والسيد أبي بكر ابن عبد الرحمن الباعلوي كتابة من الهند، ثلاثتهم مكاتبة للأولِ مِنَ الغُرْفَة مِن تريم من أرض اليمن سنة ۱۳۱۱هـ، وشفاهاً للثاني والثالث . ح وأرويه أيضاً عن السيد عمر بن شَطَا الدمياطي المكي والسيد حسين الحبشي الباعلوي شفاهاً منهما بمكة المكرمة، وهما عنه إجازة، مكاتبة للأول ومشافهة للثاني.
ح وأجازني به أيضاً الشهاب أحمد بن حسن العطاس، مكاتبة عن مؤلّفه شفاهاً، وأروي عنه باعتبار إجازته العامة لأهل العصر التي أخبرني بها الشيخ أحمد ابن عثمان العطار رحمه الله.
فائدة روايتنا للعقدِ المذكور عن الشيخين محمد بن سالم السَّرِي مكاتبة وعمر شطا شفاهاً بمكة، كلاهما عن مؤلّفه شفاهاً للأول ومكاتبة للثاني في حكم ومنزلة الرواية بالسماع عن السماع، قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في معجمه: كان محمد بن أحمد بن عرَّامِ الإسكندري يقول: (إذا سمعتُ الحديث من شيخ وأجازنيه شيخ آخرُ سَمِعَهُ مِن شيخ رَواهُ الأول عنه بالإجازة، فشيخ السماع يروي عن شيخ الإجازة، وشيخ الإجازة يرويه عن ذلك الشيخ بعينه بالسماع، كان ذلك في حكم السماع على السماع). اهـ .
قال السيوطي إثره: وشيخ الإسلام يصنع ذلك في أماليه وتخاريجه، فظهر لي هذا أن يقال: إذا رَوَيْتُ عن شيخ بالإجازة الخاصة عن شيخ بالإجازة العامة، وأروي عن آخر بالإجازة العامة عن ذلك الشيخ بعينه بالإجازة الخاصة، كان ذلك في حكم الإجازة الخاصة عن الإجازة الخاصة.
مثال ذلك: أن أروي عن شيخنا أبي عبدِ الله محمد بن محمد السكري، وقد سمِعتُ عليه، فأجاز لي خاصة عن الشيخ جمال الدين الإسنوي، فإنه أدرك حياته ولم يُجزه خاصةً، وأروي عن الشيخ أبي الفتح المراغي بالإجازة العامة عن الإسنوي بالخاصة. انتهى
توصيف محتويات الكتاب:
عقد المصنف رحمه الله مقدَّمة طويلة في أكثر من (١٦٠) صفحة، ضمَّنَها التعريف بطريقة أسلافه بني عَلوي الحُسينيّينَ الشافعيّينَ السُّنيين، وأورد نصوصاً لأعلامهم في تعريف الطريقة، ومأخذهم في السلوك وغير ذلك مما يشفي ويكفي.
ثم أورد بعض المقولات لبعض أكابر العلويين، وفيها شيءٌ مِنَ الشَّطْح والتبجح والتحدث بالنعمة، لا سيما أبيات الشيخ شهاب الدين الأكبر ابن الشيخ عبد الرحمن ابن علي، والكلام على الشطح وموقف الفقهاء وأهل العلم منه مشهور.
ثم تطرق إلى الحديث عن كتب القائلين بوحدة الوجود، وأورد مقالات للإمام الحداد والشيخ عبد الله باسَوْدانَ حولَ حُكم قراءتها والنظر فيها، وهُوَ كلام نفيس ومهم.
وفي تلك المقدمة انساق الحديثُ مَعَهُ إلى التنبيه على أخطاء اجتماعية فادحة يقوم بها العوام، وقد أسرفوا على أنفُسِهم فيها، من ذلك: العادات التي غلَبَتْ على العوام في مناسباتهم وحياتهم العامة، واستَحْكمَتْ حتى أصبحت كالواجبات والضروريات، وكان من جَرَّائها إثقال كواهل الفقراء بما لا يُطيقون، لا سيما في ولائم الزواج ومراسيمه، وغلاء المهور، وغير ذلك.
وتحدث عن الاغتراب عن الوطن، وذكَرَ ما فيه من مساوىء، خصوصاً لمن يترُكُ أولاده ونساءه في وطنه ويهاجرُ السنينَ الطَّوَالَ وهُو بعيد عنهم، فلا يقوم بتربية أولاده ولا ينظر في شؤون بيته وأهله ، وهذا من الأخطاء الفادحة .
انجر الحديثُ إلى ذمّ حمل السلاح، ولا سيّما من قبل ذوي الوَجَاهات، وذكر أن حمل السلاح مُنافٍ للمروءة، لما في ذلك من خطر على المجتمع، ولا سيَّما إذا حمَلَ السلاحَ الغَسُّومُ الجَهول، فإنه يُضِرُّ كثيراً، وبيَّن أن حمل السلاح ناتج عن داء خفي باطن في النفوس، وهُوَ داءُ حبّ الشرف والرفعة على الناس، وشرَحَ مضار هذا الداء وذكر الوسائل الناجعة لعلاجه.
وأخيراً تطرّق إلى موضوع هام جدا، وكثيراً ما يُغفله العلماء والمُذكَّرون، وهُوَ انتقاد الرؤساء وأصحاب المناصب الدينية أو الاجتماعية، وتحدث عن أبناء العلماء الذين يَخلُفُونَ آباءَهم في مقاماتهم وهم عَرِيُّون عن العِلم، وانتقد ظهورهم في مظهر الجهل، وتعصبهم الأعمى لآبائهم، مع أنهم لم يسلكوا مسلكهم في العلم والفضل والكرم والشهامة، وهذه الحيثية من أهم المُهمّات، ومِن أوجب النصائح على أهل العلم وذوي المكانة الدينية بين الناس .
ثم وجه نصيحته إلى الآباء وأولياء أمور الناشئة، بأن يُحسنوا تربية أبنائهم، وأن يُنشئوهم على مكارم الأخلاق، ويعلّموهم مبادىء الدين، ويلقنوهُمُ التعاليم الضرورية، منذ نعومة أظفارهم كيلا يشِبُّوا على أمورٍ منكرة في الدين، أو يتشبهوا بالجمال الطغام، ولا سيّما ذوي الغرور والطيش والبطش من الجنود.
فائدة: إن تكرر تحذير المصنفِ من التشبه بالجنود، ووصفهم بالبطش والطيش والظلم، وفُشو الجهل بينهم، هُوَ صورة صادقة لما كان عليه المجتمع في عصره، وقد سبقه إلى ذلك ونبَّة عليه كثيراً: شيخه سيدنا الحبيب أحمدُ بنُ عمر بن سميط، وذلك كثير في كلامه.
وبعد هذه المقدمة النفيسة، شرَعَ في تراجمِ شيوخه، وجعل هذا القسم في فصلين:
الأول: في التراجم، وذكَرَ كيفية الأخـذ وإيراد نصوص الإجازات، والثاني: في رفع سلاسل الإسنادِ من لدن شيوخه إلى مَن تقدَّمَ مِنَ السلف الصَّالحين، ولم يُغْفِل في هذا الجزء أيضاً إيراد تراجم الشيوخ الكبار، وبعض النصوص النادرة لإجازاتهم، وما إلى ذلك من متعلقاتِ عِلم الإسناد.
أهم مصادر المؤلف:
تنبيه: أشرت إلى أوضاع هذه المصادر بالرموز : (ط) للمطبوع، و (خ) للمخطوط، و(ن) للنوادر التي لا يعلم موضع وجودها أو هي في عداد المفقودات.
من المؤلفات العامة، وعددها (۸) كتب:
إحياء علوم الدين (ط)، ومنهاج العابدين (ط) ، للإمام الغزالي (ت ٥٠٥هـ) . عوارف المعارف (ط)، للإمام عمر بن محمد السهروردي (ت . . . هـ). مراتب الوجود وبيان حقيقة كل موجود (ط)، لعبد الكريم الجيلي (ت ٨٢٠هـ ). قواعد التصوف (ط) للشيخ أحمد زروق البرنسي الشاذلي (ت ٨٩٩هـ). شرح بداية الهداية المسمى نفحات العناية» (خ) ، للعلامة عبد القادر الفاكهي المكي (ت ٩٨٢هـ ) . النفس اليماني في إجازة الثلاثة القضاة بني الشوكاني (ط)، للعلامة عبد الرحمن ابن سليمان الأهدل الزبيدي (ت ١٢٥٠هـ).
ومن مؤلفات الحضارمة، وعددها (۲۸) كتاباً:
البرقة المشيقة في لبس الخرقة الأنيقة (ط)، العلامة علي بن أبي بكر السكران ت ٨٩٥هـ). مواهب القدوس في مناقب ابن العيدروس (ط) للعلامة محمد بن عمر بحرق (ت ٩٣٠هـ). إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر (ط)، وهو ثبت العلامة محمد بن علي الشوكاني (ت ١٢٥٠هـ). غرر البهاء الضوي في مناقب بني علوي (ط)، للسيد محمد بن علي خرد (ت ٩٦٠هـ ). فتح الكريم الغافر في شرح جلبة المسافر (خ)، عقيل بن عمران باعمر العلوي الظفاري (ت ١٠٥٥هـ). المشرع الروي في مناقب بني علوي ،(ط) للعلامة محمد بن أبي بكر الشلي (ت ۱۰۹۳ هـ ) . رسائل ومكاتبات (ط)، ديوان الدر المنظوم (ط)، رسالة المعاونة (ط)، النصائح الدينية (ط) ، النفائس العلوية في المسائل الصوفية (ط)، كلها للإمام الحداد (ت ۱۱۳۲ هـ ). الزهر الباسم من روض الشيخ حاتم (خ)، النور السافر (ط)، عبد القادر بن شيخ العيدروس (ت ١١٣٨هـ). شرح العينية (ط)، تبصرة الولي (ط) ، كلاهما للعلامة أحمد بن زين الحبشي (ت ١١٤٤هـ). رفع الأستار عن إجازة الأبرار (ط)، فتح الخلاق شرح منظومة الأخلاق (ط)، كلاهما للسيد عبد الرحمن بلفقيه (ت ١١٦٢هـ). غاية القصد والمراد في مناقب الإمام الحداد (ط) ، وذيله المسمى بهجة الزمان في تراجم الشيوخ والأقران (ط)، قرة العين في مناقب أحمد بن زين (خ)، كلها للعلامة محمد بن زين بن سميط (ت ۱۱۷۲هـ ) . عقد الجواهر في فضل آل بيت النبي الطاهر (خ)، ومرآة الشموس (خ)، كلاهما للعلامة عبد الرحمن مصطفى العيدروس (١١٩٢هـ). ذخيرة الخير (خ)، لأحمد بن علوي جمل الليل المدني (ت ١٢١٦هـ). تنبيه الغافل وإرشاد الجاهل (خ)، دیوان شعر (ط) ، موارد الألطاف في مناقب العلامة علي بن عبد الله السقاف (خ)، كلها للعلامة عمر بن سقاف السقاف (ت ١٢١٦هـ). تحفة الأكياس في معنى حقيقة اللبس والإلباس (ن)، عمر بن طه البار (ت ... هـ). الخطبة الطاهرية (ط) لطاهر بن حسين بن طاهر (ت ١٢٤٤هـ) . مجمع البحرين في مناقب السيد محمد بن زین (خ) ، للشيخ معروف بن محمد باجمال الشبامي (ت حوالي ١٢٨٦هـ).
مؤلفات بعض شيوخ المصنف، وعددها (۱۰) كتب، وهي:
- مؤلفات العلامة الإمام أحمد بن عمر بن سميط (ت ١٢٥٧هـ): مجموع كلامه (ط)، وديوان شعره (ط).
- من مؤلفات الشيخ عبد الله بن سعد بن سمير (ت ١٢٦٥هـ): قلادة النحر في مناقب الحسن بن صالح البحر (خ).
- من مؤلفات شيخه العلامة عبد الله باسودان (ت ١٢٦٦هـ): حدائق الأرواح في بيان طرق الهدى والصلاح (خ)، الفتوحات العرشية (ن)، شرح الخطبة الطاهرية المسمى (التوشيحات الجوهرية والترشيحات الذكرية العبهرية على الخطبة الطاهرية) (خ)، وشرح قصيدة للشيخ عمر بامخرمة (ن).
- عبد الله بن حسين بن طاهر (ت) ١٢٧٢هـ): تعريف أحكام العادة، فرائد الفوائد من فتح جميل ،العوائد ديوان شعره (ط) طبعت جميعها في كتاب واحد.
- أحمد بن علي الجنيد (ت ١٢٧٥هـ): النور المزهر (خ).
-محمد بن عبد الله باسودان (ت (۱۲۸۲هـ): تتمة النور المزهر (خ).
نوادر المصادر:
هذه المؤلفات جميعها متوفرة عدا ثلاثة منها فهي في عداد النادر والمفقود، وهي:
١ - تحفة الأكياس في معنى حقيقة اللبس والإلباس، للعلامة عمر بن طه البار.
وكتابان للشيخ عبد الله باسودان وهو من شيوخ المؤلف، وهما:
٢ ـ الفتوحات العرشية بشرح الأبيات الحبشية وهو على أبيات لشيخه السيد عبد القادر بن محمد الحبشي (ت ١٢٥٠هـ)، ذكر أستاذنا عبد الله الحبشي في مصادر الفكر (ص) (۳۳۹): أن نسخة منه في تريم، ولم يعين موضعها.
٣- شرح قصيدة للشيخ الصوفي عمر بامخرمة (ت ٩٥٢هـ)، ذكره المؤلف ولم يسمه. وقد وقفت في مجموع كلام المنصب الحبيب عمر بن عبد الله الحبشي ت ١٣٦١ هـ) ما يدل على وجود هذا الكتاب عنده كما نقله عنه تلميذه العلامة سقاف الهادي، ووصفه بأنه شرح فيه قصيدة الشيخ محمد بن عمر بامخرمة في المناسك، وذكر عن شيوخه: أنهم يوصون باستحبابه لمن أراد الحج
طبعته الأولى:
قام أحد تلامذة المؤلّف من خريجي الأزهر الشريف، وهُوَ: العلامة السيد عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار (ت ١٣٥٤هـ)، بجَلْبٍ نسخةٍ خطية معه إلى مصر لطبعها، وباشر الإشراف على الطباعة ومراجعتها بنفسه، وذلك عام ١٣١٧هـ ؛ كما راجع الكتاب وصححه أيضاً وكتب تقريظاً عليه الشيخ العلامة الفقيه محسن بنُ ناصر أبو حربة، شيخُ رَواقِ اليمنيِّينَ بالأزهر الشريف، وهُوَ ممّن أُجِيزَ مِن حضرةِ الإمام المؤلف رحمهم الله أجمعين.
وتم طبعه في المطبعة الشرفية، لصاحبها الشيخ شرف موسى، وحُلِّيتُ حواشي الكتاب بكتاب آخر، وهُوَ: الذخيرة المعاد بشرح راتب الحداد» للشيخ عبد الله باسودان، شيخ المؤلف، وجاء الكتاب بعد طبعه في جزأين، كانت عدد صفحاتِ الجزء الأول منه (١٥١) صفحة مع الفهرس العام، والثاني (١٤٦) مع الفهرس أيضاً.
ومنذ ذلك التاريخ لم تُعد طباعة هذا الكتاب، وظل مرجعاً للخواص من العلماء والباحثين، ونفدَتْ نُسخه وعُدَّتْ هذه الطبعة في عداد النوادر من المطبوعات القديمة. ونظراً لأهميته وتكاثر الطلب عليه، فقد اهتم حضره مولانا شيخ العصر سيدي الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف بطبعه، وطبع (بالأوفست) تصويراً عن الطبعة ذاتها، وكان ذلك في سنقافورا بإشراف مكتبة (فستاك ناشيونال) عام ١٤٠٢هـ، وتلاه مُجيزُنا الفاضل السيد أبو بكر العطاسُ الزَّبيدي الإندونيسي وأصدر طبعة أخرى (مصَوَّرة) في إندونيسيــا بعـد نفــادِ طبعة سنغافورا .
*مختصر عقدِ اليواقيت للكتّاني :
قال السيد عبد الحي في فهرس الفهارس (رقم ١٦٤): «اللآلي الدُّرِّية في زبدة عقدِ اليواقيت الجوهرية: في نحو الثلاث كراريس، لجامع هذا الفهرس محمد عبد الحي الكتاني سامحه مولاه ،آمین اختصَرْتُ فيه ثبَتَ مُسند حضرموت السيد عيدروس الباعلوي. انتهى .
وقد طلبت من الأخ الشريف حمزة بن علي الكتاني، أدام الله فوائده، أن يبحث عن هذا الكتاب في خزانة الرباط فلم يجده، وتوقع أن يكون ضمن الكتب التي لم تُفهِرَس بعد في الخِزانة المذكورة، والله ولي التوفيق .
عملي في الكتاب:
أوعز إليَّ بعضُ الفضلاء بالعمل في كتاب (العقدِ) قبل سنوات مضت، وأذكرُ أن ذلك كان في منتصف العام ١٤٢٢هـ، وأُتِيَ لي بالكتاب مصفوفاً جاهزاً للعمل والقراءة والتصحيح، وقد شرعت في قراءته منذ ذلك التاريخ، ووضعت بعض التعليقات، ولكن كان ينقصني الحصول على بعض النسخ الخطية، ثُم صُفَّ الكتاب ولم أراجع تعليقاتي بعد ذلك.
بعد ذلك بأربع سنواتٍ تامة، وفي منتصف العام المنصرم (١٤٢٧هـ)، طلبَتْ مني إدارة (دار العلم والدعوة) بتريم أن أعيد العمل في الكتاب، وكتابة التعليقات مرة أخرى، فقُمتُ بذلك، بعد أن توفّرتْ عندي صور النسخ التي تقدم وصفها ، فكان الحصول على هذه النسخة دافعاً قويًا لي بأن أواصل مشواري لتحقيق لهذا السفر النفيس، والمرجع الهام في تاريخ حضرموت وتراجم الكثير من علمائها.
وقمتُ بمقابلة الكتاب على النسخة الأمّ والمطبوعة، وقسط من نسختي تريم، ثم اثرتُ الاستئناس بها في مواضع الإشكال فقط والاكتفاء بالنسخة الأم والمطبوعة لأصالتهما. وأثبتُ الفروق الهامة بين النسخ في حواشي الكتاب، وعملت على تصحيح الأخطاء النحويةِ واللُّغوية الظاهرة دونَ ذِكْرِها تجاوزاً، وإذا وُجد اختلاف في بعض العبارات حاولتُ التوفيق بينها وإثبات ما تتوافق عليه أكثر النسخ.
وأبرز النقاط التي يتلخص فيها العمل :
عزو الآيات الكريمة إلى سورها والأحاديث الشريفة إلى مصادرها الأصلية، أو إلى المراجع المعتمدة في العزو والنقل والتخريج.
ترجمت لمعظم الأعلام الواردة أسماؤهم، ولم أُغْفِلْ إلا المشاهير، كالصحابة أو الأئمة الأربعة أو مُخرِّجي الأحاديث ورواتها، وقد تعبت في الحصول على بعض التراجم، وأرجو أن أكون وفقت فيما أورَدْتُه أو حققته منها. وقد اجتهدت في الحصول على تراجم بعض علماء الأحساء الذين ورَدَ ذكرهم في ثنايا الإجازات، فاتصلت بالشيخ الفاضل المؤرّخ عبد العزيز العصفور، بدلالة الشيخ المحقق محمد بن عبد الله آل رشيد حفظهما الله ، وقد زودني فضيلة الشيخ العصفور بالتراجم المطلوبة ووفى بالمطلوب، جزاه الله كل خير، وعزَوْتُ هذه التراجم إليه.
وضعت عناوين جانبية عديدة، وميزتها عن عناوين المؤلّف بوضعها بينَ معقوفين هكذا: [] عدلت ألفاظ الأرقام الكتابية من اللهجة العامية إلى الفصحى، مثل: ثلاث عشرة إلى ثلاث عشر، وهكذا.
عدلنا كثيراً من المواضع التي وردت فيها كلمة (الذي) ويراد بها الكثرة إلى (الذين)، ولم نشر إلى ذلك لكثرته، وهو عامي شائع.
ومما واجهني أثناء النسخ والمقابلة والتحقيق: وجود بعض العبارات الصُّوفية المُشكلة، التي بعضُها من باب الشطح (ومن أراد التوسع في موضوع الشطح عند الصوفية ومعرفة موقف الفقهاء والمتكلمين منه ، وإنكارهم على القائلين بذلك، فليرجع إلى كتاب تاريخ التصوف الإسلامي»، تأليف عبد الرحمن بدوي)، وقد أبقيتُها على حالها، وما كان في نسبته لقائله كلام أو شكٍّ، فقد أثبتُ ذلك في الحواشي، كما في الأبيات التي تُنسَبُ لسيدنا علي زين العابدين وهي عند البعض منسوبة للحلاج ! مع التنويه إلى أن المصنف أورَدَ كلاماً طويلاً حول موقف السادة بني علوي من كتب القائلين بوَحدة الوجود ونقَلَ نُقولاً مهمةً من بعض مؤلّفات شيخه العلامة باسَوْدانَ في نفس الموضوع . مما يفيد العلم اليقيني بأن علماء حضرموت ينكرون القول بوحدة الوجود، وأن مواقفهم من القائلين بها صريحة في الرد عليهم وعدم قبول ارائهم.
ومن الأمور التي ربما لاحظها البعضُ: تكرر بعض التراجم في الحواشي، أو ذكرُ سِنَيٌّ الوفاة في عددٍ من المواضع، وسبب ذلك : النسيان، أو بعد المسافة بَيْنَ المواضع التي ذُكِرَ فيها العَلَم .
كما أنّ ذكر بعض التواريخ احتاجَ إلى جُهدِ في المراجعة للاختلاف الحاصل في بعض المصادر عن بعض، وأرجو أن أكون قد وفقت في الوصول إلى حقيقة الأمر.
ترجمتُ للمؤلف ترجمة وافية في مقدمة الكتاب.
ألحقت بالكتاب فهارس متنوعة، تسهيلاً لاستفادة الباحثين منه.
هذا بعض ما أردتُ لفْتَ النظر إليه من العمل في الكتاب، والله يغفر لنا الزلل، ويتقبَّلُ منا هذا العمل، بمنه وكرمه، آمين .
روايتي لكتاب عقد اليواقيت:
- أرويه مُناولة وإجازة من يد الحبيب الفاضل المُسند الأصيل عليّ بنِ عبد الله بن حسين بن محسنِ بنِ عَلَوي السقافِ رحمه الله وقدَّسَ روحه، وهُوَ عن أبيه وعن الحبيب حسن بن محمد بن إبراهيم بلفقيه، والحبيب أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ السقاف، وابن عبيد الله السقاف، وغيرهم، كلُّهم عن المؤلف رحمه الله.
- وسَمِعتُ بعضه وحضَرْتُ القراءة فيه على عددٍ من الشيوخ الأكابر ذوي السند العالي والمفاخر، منهم شيخُنا الحَبِيبُ شيخ أهل العصر، عَيْنُ أعيانِ السادة العلويين : الحَبيبُ عبد القادر بن أحمدَ بنِ عبدِ الرحمن بن علي بن عُمر بن سَقَافِ السّقاف، نفَعَني اللهُ بهِ وبارَكَ في حياتِه ، وأجازني فيه خاصة مشافهة وفي عُموم مَرُويَاتِه، وهُو يَرُوي عن جماعة من أجلاء أصحاب المصنف، منهم: والده، والحبيب محمد بن هادي السقاف، وغيرهما.
وأرويه عن سيدي وشَيْخي، الإمام الحبر ، مفخرة الدهر، عالي الإسناد، رفيع العماد، أحمد مشهور بن طه الحَدَّاد -قدَّس الله سره العزيز، وسيدي وشيخي الولي المُخْبت الأَوَّاب حامد بن علوي بن طاهِر الحَدَّاد قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه كلاهما عن والد الثاني شيخ أهل عصره سيّدنا الإمام الحجة علوي بن طاهر الحداد، وأخيه عبد الله بن طاهر الحداد، كلاهما عن الإمام أحمدَ بنِ حَسَن العطاس، عن المُصنف.
ح وَرَوى السيدان: عبد الله وعلوي ابنا طاهر الحداد عن مؤلّفه سيّدِنا الحَبيبِ عَيْدَروس مباشرة، وهو أعلى من السابق بدرجة .
وقرأتُ طرَفاً منه على الحبيب الولي الصالح المعمر عبدِ الرحمنِ بنِ أحمد الكاف قدَّسَ الله روحه، وهُوَ يَرويه إجازة عن جماعةٍ من كبار الآخِذِينَ عن مؤلفه، كسيدنا الحبيب أحمدَ بنِ حَسن العطاس، والحبيب علي بن عبد الرحمن المشهور ، والحبيب عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار، كلُّهم عن المؤلف.
وأجازني به خاصة وبعموم مَرُويَّاتِه سيّدي العلامةُ المُتبحرُ المُتفنِّنِ الحَبيبُ محمدُ بنُ أحمدَ الشاطري رحمه الله وقدَّسَ رُوحه، وهو يرويه عن أبيه، وعن الحبيب عبد الله بن عيدروس العيدروس وعبد الباري بن شيخ العيدروس، ومحمد بن سالم السري، جميعهم عن المؤلف.
وسمعت بعضَهُ على شيخي الحبيبِ المُرشِد المربي العلامة حَسنِ بنِ عبد الله بن عمر الشاطري رحمه الله تعالى وقَدَّسَ رُوحه، وهُوَ عن أبيه الإمام شيخ المتأخرين، والحبيب محمدِ بنِ حَسن عَيْديد، والحبيب سالم بن حفيظ، وغيرهم، كلُّهم عن المؤلّف.
وقرأتُ بعضَهُ على شَيْخي الحَبيبِ أحمد بن علوي بن علي الحبشي، و أجازني عامة بباقيه، وهُو يَرُوي عامة عن عمه الحَبيبِ محمد بن علي الحبشي، عن أبيه الحبيب علي الحبشي، عن المؤلّف.
ح ويروي الحَبيبُ محمد بن علي الحبشي عن المؤلف مباشرة.
وقرأت طرفاً منه على شيخي العلامة الواسع الاطلاع الحبيب سالم بن عبد الله بن عمر الشاطري في شهر رمضان سنة ١٤١٦هـ في حرم رسول الله ﷺ بالمدينة المنوّرة، بقراءته لبعضه على الحبيب عمر بن أحمد بن سميط، وعلى الحبيب عليّ بنِ عبدِ الرحمنِ الحبشي صاحبِ جاكرتا، وهما عن المؤلف.
ح ويرويه شيخي الحبيبُ سالم الشاطري بسَنَدٍ أَنزَلَ من السابق: عن الحبيب علوي بن عبد الله ابن شهاب الدين عن الحبيب عبدِ الرَّحمن المشهور، عن المؤلّف.
وقرأتُ بعضه على الأستاذ البحاثة المُسند المؤرّخ الموثق جَعْفَرِ بْنِ محمد ابنِ حُسَيْنِ بن عَلوي السقاف، وهو يرويه عن أبيه، وعن الحبيب عبد الباري بن شيخ العيدروس، والحبيب أحمدَ بنِ عبدِ الرَّحمن السفّاف، وعبدِ الرَّحمن بن عُبَيْدِ الله السقاف، وجماعة غيرهم، كلُّهم عن المؤلّف.
وعن الشيخ الأجل الفقيه الذَّكِيّ الألمعي عبد الله القديم بن محمد باشميلــة باعباد رحمه الله وقَدَّسَ رُوحه، وعن أستاذنا السيد العالم البحاثة ذي التصانيف عبد الله بن محمد بن علي الحبشي، كلاهما عن جَدَّ الأول الشيخ عبد الرحمن ابن عبد الله باشميلة باعباد، عن المؤلف.
- وأرويه مُسلسلاً بالآباء الكرام عن شيخي الحبيب المنصب عبد الله بن علي بن محمد بن عيدروس الحبشي رحمه الله تعالى، وعن شيخي العلامة المُسندِ المؤرّخ الفقيه عبد القادر بن عبد الرحمن الجُنَيدِ رحمه الله وقدَّسَ رُوحه، وعن أستاذنا عبد الله بن محمد أيضاً والشيخ عبد الله القديم، جميعهم عن والد الأول وجد الثالث، الحبيبِ النَّسيبِ الأريبِ المُسند علي بن محمد بن عيدروس بن عمر الحبشي، عن جده المؤلّف.
كما أرويه بالخاصة أيضاً عن شيخنا العلامة الفقيه المعمر الأديب الراوية عبد الله بن أحمد الناخبي، رحمه الله وقدّس ،روحه عن شيخه السيد محمد بن سقاف ابن الشيخ أبي بكر بن سالم والحبيب عَلَوي بن عبد الرحمن المشهور، والحبيب الولي أحمدَ بنِ مُحسنِ الهَدار، وغيرهم، ثلاثتهم عن المؤلّف.
وعن شيخي الحبيبِ الصَّدرِ الأَجَلَ عبد الله بن حامد البار قَدسَ اللهُ رُوحه، والسيد العلامة المُسندِ الأصيل محمد الطيب بن محمد المهدي الكتاني الحسني الإدريسي مُكاتبة من المغرب، كلاهما عن الحبيب المعمر المُسندِ عليَّ بنِ علي بن حسين الحبشي المدني، عن المؤلف.
وعن شيخي العلامة المُحدِّثِ السيد عبد العزيز بن محمد الصِّدِّيقِ الغُمَاري الحسني مكاتبة من المغرب عن العلامة الشيخ الفقيه محسنِ بنِ ناصر أبو حَرْبة اليمني ثُم الأزهري، عن المؤلّف.
وأرويه (بثلاث وسائط): عن مُجيزَيّ السيّدين أحمد ومحمد ابني القاضي المُسند أبي بكر بن أحمدَ بنِ حُسَيْن الحبشي المكي، وعن السيد الفاضل طاهر بن مَعْرُوفِ بن طاهر بن سُمَيْطٍ رحمه الله ، ثلاثتهم عن ابن عم الثالث الحَبيبِ محمدِ بنِ الله بن طاهر بن سُمَيْطِ الشَّبَامي، عن شَيْخَيْه : جَدَيَّ الفَقِيهِينِ المُسندين: (عم جد والدي) الشيخ الفقيه محمد بن أبي بكر بن محمد بن عبود باذيب رحمه الله، و (جد جدتي لأمي) العلامة المُتفنّن الشيخ سالم بن عبد الرحمن باصهي الكندي الشَّبَامي رحمه الله، كلاهما عن المؤلّف.
وأرويه أنزَلَ من ذلك بدرجة بأربع وسائط: عن شيخي العلامة المُسند عبد الله بن عبد القادرِ التَّليدي الطَّنْجِيِّ المغربي، وعن العلامة محمد الأمين بوخُبزة التطواني المغربي، كلاهما عن السيد أحمد ابن الصديق الغماري، عن السيد المأمونِ بنِ عبدِ المتعالي بن أحمد بن إدريس المغـربـي، عن الشيخ سالم بن عبد الرحمن باصهي، عن المؤلف.
وأعلى ما وقع لي عن المصنف: روايتي عمن أدرك المؤلّف وراه وصافحه، ونالته إجازته إن لم تكن خاصةً له فبالعامة لأهل العصر، وهي في بمثابة الخاصة : السيد المعمر فوق مئة وعشرين سنة ، حسن بن صالح بن حسن الحامد ابن الشيخ أبي بكر بن سالم، زُرتُه بقريته المسَمَّاةِ (القيرح) بأعلى (وادي بن علي بحضرموت، وسمعتُ منه غير مرة أنه زار المؤلّف الحبيب عيدروس الحبشي برفقة والده، وأنه صافَحَه وجلَسَ معَه ، وهذا سندٌ بالرؤية والإجازة الخاصة في غاية العلو، ولله الحمد.
وأكتفي بهذه الأسانيد، وهناك غيرها لا أُطيلُ بذكرها وتفصيلها، وما ذكرتُها إلا لتعريف طرُقِ الاتصال بالمؤلف رحمه الله، والرواية والإسناد بالسند المتصل لا تزال قائمة في هذه الأمة بحمد الله، وهذه ميزة وخصيصةٌ لا تُشاركها فيها أمةٌ أخرى من أُممِ الأرض ، وصَلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
من مقدمة العيدروس لثبته:
فإنه طال ما يخطر ببالي البالي وخَيَالي الخالي، إثباتُ ما ظَفِرْتُ به وتلقيتُهُ من أشياخي العارفين وأساتذتي العلماء العاملين، مما وقع لي منهم من الإجازات، المُشْتَمِلةِ على وصايا نافعات، وحِكَم عِلميات، وتاريخ وَفَيَاتِهم، وذِكْرِ أسانيدهم واتصالاتهم.
وكنتُ أُقدِّمُ رِجلا وأؤخِّرُ أُخرى، لعلمي بعَيِّي ولَيِّي، و«صاحبُ البيتِ بالذي فيه أدرى»، ثم رأيْتُ الإقدام على ذلكَ أَخْرى، لِمَا فِيه مِنَ الفوائد التي منها: القيام بواجب حقهم، الواقع بتدوينه بقاءُ ذِكْرِهم، إِذْ مِن حقَّ الشُّيوخ على المُريدِينَ حِفظ علومهم وفوائدهم، وإبلاغها إلى مَن بعدهم، لِتُستفاد منهم، ويكثر بأجور من استفاد بها أَجْرُهم، ويُعرَفَ بها ما لَهُمْ، ويَحْيا بها ذِكْرُهم؛ لأنَّ كلَّ مُهتَدِ وعامل إلى يوم القيامة يحصُلُ لهُ أَجْر، ويتجدَّدُ لشيخه مثل ذلك، ولشيخ شيْخِهِ مِثْلاه ، وللشَّيخ الثالث أربعة، والرابع ثمانية . وهكذا، تُضعَّفُ كلُّ مَرتبَةٍ بعدّدِ الأجور الصَّالحة بعده إلى النبي ﷺ.
وبهذا، يُعلَمُ تفضيلُ السَّلَفِ على الخلف. فإذا فرَضْتَ المَراتب عشَرة بعد النبي ﷺ، كان للنبي ﷺ من الأجْرِ ألف وأربعة وعشرون، فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشَرَ صار أجْرُ النبي ﷺ ألفين وثمانية وأربعين -وهكذا، كلما زاد واحدٌ يَتَضاعَفُ على ما كان قبله أبداً كما قاله بعضُ المُحققين.
وقد نقل عن بعض الأكابرِ المُحقِّقين أيضاً، أن العارف إذا مات، فنقل عنه تلميذه مسألة في توحيد الله وأفادها أن ذلك العارف يجني ثمرتها، وكذلك التلميذ. وورَدَ في أَثَرِ: أَن مَن كتب تاريخ ولي لله، أَحْيَاهُ اللهُ تعالى، وكان معه يوم القيامة، ومن طالَعَ اسْمه في التاريخ حبّاً له فكأَنَّما زارَهُ، ومَن زار ولِيّاً غُفِرَتْ ذُنوبه ما لم يُؤْذِهِ أو يُؤْذِ مسلماً في طريقه، ومَن أَرَّخَ واقعةً يحتاجُ المسلمون إليها يوماً، أو يجد بها مسلم راحةً، كمعرفة سَنَةٍ أو غيره، فكأنما أزال حجراً من طريق المسلمين، ومَن أزال حجراً من طريقهم أحتساباً غُفِرَ له.
فزادني ذلك انبعاثاً في التحصيل، ورجاء في حصول الفضل الجزيل، فعَنَّ لي أن أَنقُل شيئاً مما عليه سلفنا كانوا من العلوم والمعارف والأخلاقِ الحسنة التي كانوا لها يُعانوا، وأفصل شرح طريقهم، لمَن أَرادَ شُرْبَ رحيقهم. وبعد ذلك، أذكُرُ سَنَدَها المُوجِبَ لِشُكْرِ اللَّهِ تعالى على بقائه، الواجب على منِ اتَّصَلَ بهِ حَمْدُ اللهِ على حُسنِ بلائه، وأجعَلَ ذلك في مقدمة وبابين .
فأما المقدمةُ: فتحتوي على تذكير نفسي عن ميلها عما عليه الأسلاف، ورضاها باتباع هواها ولزُومِ مسالك الجَوْرِ والإجحاف، وتشتمل أيضاً على بسْطِ المُذاكرة مع إخواننا المُشاكِلين، الواقعين فيما وقعتُ فيهِ مِنَ العُدُولِ عن سَنَنِ سلفنا الصَّالحين.
وأمّا البابُ الأوّلُ: ففي ذِكْرِ طريقةِ السَّادة العلوية، وشرح ماهيتها، وما لها من الفضيلة والمَزيَّة، وذِكْرِ الترغيب في سلوكها، وذَمِّ العُدُولِ عنها واتَّبَاعِ غيرها منَ الطَّرائق، وإنْ جَلَّ المنسوبة إليه، وعظم مسلوكها.
وأما الباب الثاني: ففي ذِكْرِ بعض أسانيدها، وأسماء أساتيذها، من غيرِ ذِكْرِ شَمائلهم ومناقبهم للاختصار، إذ لا تُحِيطُ بذلك إلا أَسْفَارٌ كبار ، وهُوَ بحمد الله ـ موجود في كتب الطبقات، منقول العلماءِ المُحققينَ الثقات. ويشتمل على ذِكْرِ بعض وصايا نافعات، وإجازاتِ يُعرف بها الاتصالات، لتتحقق بها الروايات.
وجَديرٌ بأَنْ يُسَمَّى هذا المجموع: (عِقْدَ اليَوَاقِيتِ الجَوْهَرِيّة، وَسِمْطَ العَيْنِ الذَّهَبِيَّة بِذِكْرِ طريق السادات العلوية، وما لهم من الإسنادات القوية وما أثر عن بعضهم مِن إجازةٍ ووَصِيّة)
أَسأَلُ اللهَ الكريم كما مَنَّ بحصوله ، أن يَجُودَ بالانتفاع به وقبوله، آمين، إنه ذو الفضل العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق