أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2022

أحكام الرهن في الفقه الشافعي أ. د. مصطفى سعيد الخن اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أحكام الرهن في الفقه الشافعي

أ. د. مصطفى سعيد الخن

اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

(۱) ما تعريف الرهن في الشرع؟

هو جعل عين مالية وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه.

(۲) ما دليل مشروعية الرهن؟

قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣].

وإنه ﷺ: (اشترى طعاماً بنسيئة، فأعطى البائع درعاً له رهناً) رواه البخاري.

(۳) ما حكمة تشريع الرهن؟

كثير من الناس من يرغب في مساعدة غيره، وتفريج كربه، إلا أنه قد لا يكون عنده من الثقة بمن يجب أن يساعده ما يشجعه على دفع ماله له قرضاً، أو التعامل معه دون أن يحصل على وثيقة يضمن بها حقه، ويطمئن على ماله؛ لذا شرع الإسلام الرهن تيسيراً للمعاملات، وسدا للحاجات، وتوثيقاً لأصحاب الحقوق.

(٤) للرهن أركان أربعة، ما هي؟

هي: عاقدان، وصيغة، ومرهون، ومرهون به.

(٥) من هما العاقدان في الرهن؟

هما: الراهن، والمرتهن.

(٦) ما يشترط في العاقدين في الرهن؟

أ ـ أن يكون كل واحد منهما مطلق التصرف، مختاراً، فلا يصح عقد الرهن من صغير، ولا مجنون، ولا محجور عليه، وكذلك لا يصح من مكره؛ لفقده اختياره.

ب ـ أن يكون كل واحد منهما أهلا للتبرع، إلا في حالتين فقط:

٭ حالة الضرورة: كأن يرهن شيئاً على ما يقترضه لحاجة الإنفاق على الصبي، والمجنون، والسفيه، ثم يفي الدين الذي اقترضه من غلة منتظرة، أو دين لهم يحل أجله، أو متاع كاسد يرجى نفاقه، أو أن يرتهن على ما يقرضه من أموالهم، أو يبيعه نسيئة، خوفاً من نهب.

* حالة الغبطة: وهي الزيادة التي لا يستهين بها العقلاء. والغرض: تغليب مصلحة من يتولى عليه، وذلك كأن يرهن ما يساوي مئة على ما اشتراه بمئة نسيئة، وهو يساوي مئة وخمسين مثلاً، أو: أن يرتهن على ما باعه نسيئة بمئتين، وهو يساوي مئة وخمسين مثلاً.

(۷) ما الصيغة في عقد الرهن؟

هي الإيجاب والقبول، ويكون الإيجاب بقول الراهن: رهنتك هذا الثوب بالدين الذي لك علي. أو: دفعت إليك هذا المتاع وثيقة بحقك علي. ويكون القبول بقول المرتهن : قبلتُ.

(۸) ما يشترط في صيغة عقد الرهن؟

يشترط: الاتصال بين الإيجاب والقبول، والموافقة بينهما، وعدم التعليق على شيء.

(۹) ما يشترط في المرهون؟

أن يكون عيناً يصح بيعها، فلا يصح رهن منفعة؛ لأن المنفعة تتلف بمرور الزمن، فلا يحصل بها الاستيثاق على المال، ولا يصح رهن دين، لأنه غير مقدور على تسليمه.

(۱۰) ما حكم رهن الموقوف؟

لا يصح ؛ لأنه لا يجوز بيعه؛ فيفوت المقصود من الرهن.

(۱۱) ما يشترط في المرهون به (الدين)؟

أ ـ أن يكون دينا، فلا يصح رهن المغصوب، ولا الوديعة؛ لأنّ العين لا تستوفى من ثمن المرهون .

ب ـ أن يكون الدين ثابتاً؛ فلا يصح الرهن بنفقة زوجته في العدة، ولا على ما سيقترضه، وذلك لأن الرهن وثيقة حق ثابت، فلا يتقدم عليه.

ج ـ أن يكون معلوماً للعاقدين .

د ـ أن يكون الذين لازما، أو آيلا للزوم، كدين القرض، وثمن

المبيع نسيئة، والأجرة، والصداق، وعوض الخلع، ومال الصلح، وأرش الجناية.

(۱۲) متى يجوز للراهن الرجوع بالرهن؟

يجوز ما لم يقبضه المرتهن، فإذا قبض المرتهن الرهن؛ أصبح لازماً بالنسبة للراهن، وامتنع رجوعه به.

(۱۳) متى يحق للمرتهن فشخ الرهن؟

له فشخه متى شاء، فإنه لا يلزم الرهن بحقه؛ لأنه عقد الرهن لمصلحته.

(١٤) كيف يكون الرجوع بالرهن؟

يكون الرجوع بـ :

أ ـ القول، كـ : فسخت عقد الرهن، أو أبطلته، أو رجعتُ فيه.

ب ـ ويكون بالفعل.

ج - ويحصل بكل تصرف في المرهون ينافي الرهن، كبيع المرهون، أو جعله صداقا، أو أجرة، أو هبة، أو رهناً عند آخر، ولو لم يصحب الهبة والرهن الثاني قبض .

(١٥) كيف يتم قبض المرهون؟

لا بد من إذن الراهن في قبض المرهون، سواء أكان المرهون في يد الراهن، أم عند المرتهن، أم عند رجل آخر وديعة.

(١٦) متى يضمن المرتهن المرهون؟

المرهون أمانة في يد المرتهن، فلا يضمنه إلا بالتعدي، كأن ركب السيارة المرهونة، أو استعمل الأبنية، أو المتاع المرهون. أما إذا تلف المرهون من غير تعد، فلا يضمنه.

(۱۷) متى يسقط الذين إذا تلف المرهون؟

الأصل : أنه لا يسقط من الدين شيء بتلف المرهون؛ لأنه وثيقة بالدين، أما إذا تعدى بتلفه، فإنه يسقط الدين إن كان الرهن مساوياً للدين.

وإن كان غير مساو فهناك حالتان:

الأولى: أن تكون قيمة الرهن أقل من الدين، فيسقط من الدين

مقدار قيمة الرهن.

الثانية : أن تكون قيمة الرهن أكثر من الدين، فيضمن المرتهن

الزيادة؛ لأنه متعد في ذلك.

(۱۸) ادعى المرتهن تلف العين المرهونة، ما الحكم؟

أ ـ إذا لم يذكر سبباً لتلفها، أو ذكر سبباً خفياً، كسرقة، صدق

بیمینه ، لأن يده يد أمانة على الرهن، ولأن الأصل عدم التعدي

ب ـ إذا ذكر سبباً ظاهراً، كحريق، فإن عرف الحريق وعمومه، ولم يحتمل سلامة المرهون، صدق بلا يمين، وإن احتمل سلامة المرهون، أو غرف الحريق دون عمومه، صدق بيمينه.

ج -إذا جهل سبب التلف؛ طولب ببينة على وقوعه، ثم يحلف على التلف.

(١٩) متى تزال يد المرتهن عن الرهن؟

إذا لزم الرهن بالقبض، فاليد فيه للمرتهن على المرهون، ولا تزال يد المرتهن عنه إلا بالانتفاع به.

(۲۰) ما الحكم لو شرط الراهن والمرتهن وضع الرهن عند شخص ثالث عدل؟

يجوز ذلك؛ لأن كلا من الراهن والمرتهن قد لا يثق بصاحبه، فإن اختلفا وضعه الحاكم عند عدل.

(۲۱) تصرف الراهن بالمرهون فيما يزيل الملك عنه، كبيع، أو هبة، أو وقف، ما الحكم؟

ليس للراهن ذلك إلا بإذن المرتهن؛ لأنه لو كان له ذلك لفاتت الوثيقة.

(۲۲) متى يجوز للراهن التصرف في منافع الرهن؟

إذا كان التصوف على وجه لا ضرر فيه على المرتهن، کسکنی

الدار، وزراعة الأرض. وأما إذا كان التصرف على وجه فيه ضرر على المرتهن، كاستعمال الثوب، أو السفر بالسيارة، فإنه يمنع الراهن منه.

(٢٣) أذن المرتهن للراهن بالتصرف في منافع الرهن على أي وجه، ما الحكم؟

جاز للراهن ذلك؛ لأن المرتهن يكون عند ذلك قد أسقط حقه.

(٢٤) حدث في عين المرهون نماء، ما الحكم؟

أ ـ إذا كان النماء منفصلاً، كالثمر في الشجر، واللبن والولد

والصوف في الشاة، لا يدخل في الرهن، لقوله ﷺ: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه». رواه الشافعي.

لا يغلق الرهن: أي لا يخرج عن ملك الراهن.

ب ـ إذا كان النماء متصلا كسمن الدابة، أو نمو الشجرة، فإنه

يدخل في الرهن، لأنه لا يمكن فصله عن الأصل.

(٢٥) على من تقع نفقات المرهون؟

تقع كلها على الراهن، بل يجبر الراهن على كل ما فيه حفظ المرهون لحق المرتهن، وذلك لقوله ﷺ: «له غنمه وعليه غرمه» رواه الشافعي.

(٢٦) الرهن عقد لازم من جانب الراهن، لا يملك الرجوع عنه بعد القبض، ولا ينفك المرهون إلا بإحدى ثلاثة أمور، ما هي؟

(٢٦) الرهن عقد لازم من جانب الراهن، لا يملك الرجوع عنه بعد القبض، ولا ينفك المرهون إلا بإحدى ثلاثة أمور، ما هي؟

هي:

أ ـ قضاء جميع الدين.

ب ـ إبراء المرتهن الراهن من الدين .

ج - فسخ المرتهن الرهن؛ لأن الرهن غير لازم من جهة المرتهن.

(۲۷) حل أجل الدين والمرهون بيد المرتهن، ولم يوف الراهن الذين، ما الحكم؟

يحق للمرتهن أن يطلب من الراهن بيع المرهون، فإن أبي الراهن بيعه، ألزمه القاضي وفاء الدين، أو بيع المرهون، والوفاء من ثمنه، فإن أبي الراهن ذلك باعه القاضي، ووفى الدين بثمنه، دفعاً لضرر المرتهن.

(۲۸) اختلف الراهن والمرتهن في رد الرهن، فقال المرتهن: رددته عليك، وأنكر الراهن ذلك، ما الحكم؟

يد المرتهن على الرهن يد أمانة، ومع ذلك لا يصدق بالرد، بل لا بد من البينة؛ وفقاً للضابط الذي وضعه الفقهاء لذلك، فقالوا: كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه صدق بيمينه، إلا المرتهن والمستأجر ؛ لأن كل واحد منهما قبض العين لحظ نفسه.




أحكام القرض في الفقه الشافعي أ.د مصطفى سعيد الخن اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أحكام القرض في الفقه الشافعي

أ.د مصطفى سعيد الخن

اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

(۱) ما تعريف القرض شرعا؟

هو تمليك مال على أن يرد بدله.

وسمي بذلك لأن المقرض يقطع من ماله.

(۲) ما دليل مشروعية القرض؟

• قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} [البقرة : ٢٤٥].

• وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أقرض رجلاً مسلماً درهماً مرتين كان له كأجر صدقتهما مرة». رواه ابن ماجه والبيهقي وابن حبان في «موارد الظمآن» .

• وقوله ﷺ: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه». رواه ابن ماجه .

• وقد ثبت أنه ﷺ اقترض بكراً من رجل، وأعطاه خيراً منه. رواه البخاري.

(۳) ما حكمة تشريع القرض؟

القرض مظهر من مظاهر التعاون على البر بين المسلمين، وفيه تنفرج كربة المكروب، ويزول عسر المعسر، ولا يستغني أكثر الناس عن الحاجة إليه؛ لذا دعا إليه الدين الحنيف، ورغب فيه رسول اللہ ﷺ ووعد عليه بمزيد من العوض، وكثير من الأجر .

(٤) للقرض أركان ثلاثة، ماهي؟

صيغة، وعاقد، ومعقود عليه .

(٥) ما الصيغة في القرض؟ وكيف تكون؟

هي إيجاب من المقرض؛ كأقرضتك، أو: أسلفتك، أو: ملكتك على أن ترد بدله،

وقبول من المقترض؛ كاقترضت، أو: استلفت، أو : تملكته ببدله.

ويشترط في القبول أن يكون موافقاً للإيجاب.

(٦) قال المقرض للمقترض: أقرضتك عشرة آلاف ليرة سورية، فقال المقترض: قبلت خمسة آلاف، ما الحكم؟

لم يصح القرض؛ للاختلاف بين الإيجاب والقبول .

(٧) ما يشترط في المقرض والمقترض؟

يشترط فيهما:

أ ـ الرشد، وهو الانصاف بالبلوغ، والصلاح لدينه وماله، فلا يصح الإقراض، ولا الاستقراض من صبي، ولا مجنون، ولا محجور عليه لسفه .

ب ـ الاختيار، فلا يصح من مكره.

ج- ويشترط في المقرض زيادة على ما ذكر : أهلية التبرع فيما يقرضه؛ لأن القرض فيه شائبة التبرع، فلا يجوز للولي إقراض مال موليه لغير ضرورة .

(۸) ما شرط المعقود عليه (المال المقرض)؟

أ ـ أن يكون مالاً مضبوطاً بالصفة التي يختلف فيها الغرض، بحيث تنتفي بضبطه بالصفة الجهالة، وضابط ذلك: أن كل ما صح أن يسلم فيه صح قرضه، وما لا فلا .

ب ـ أن يكون المال المقرض جنساً لم يختلط به غيره، كعشرة آلاف ليرة سورية، أو عشرين مدا حنطة.

ج ـ أن يكون المال المقرض معلوم القدر؛ ليتحقق رد مثله .

(۹) ما حكم اقتراض الخبز؟

أجاز العلماء قرض الخبز وزناً، وبعضهم أجازه عدا؛ لإجماع الناس على فعله في كل العصور من غير نكير .

(۱۰) کیف يرد المقترض القرض؟

يرد المثل في المال المثلي، وفي المال المتقوم: المثل صورة.

فلقد اقترض ﷺ بكراً، ورد رباعياً، وقال: «إن خياركم أحسنكم قضاء» . رواه مسلم .

(۱۱) قال شخص لآخر: أقرضتك عشرة آلاف ليرة سورية على أن تردها عشرة آلاف ليرة سورية وخمسمئة، ما الحكم؟

لا يصح القرض، وكان هذا العقد حراماً؛ لأنه من الربا المحرم، حيث إنه قرض جر نفعاً.

(۱۲) اقترض إنسان من آخر مبلغاً من المال، ورهن عند المقرض داراً، فانتفع المرتهن بالدار في مقابل الدين، ما الحكم؟

من  الربا المحرم، لأنه قرض جر نفعا.

(۱۳) ما حكم رد المقترض زيادة على المال المقرض، سواء أكان في الصفة أم في المقدار، من غير شرط في العقد؟

إن ذلك جائز، بل مستحب؛ لأن النبي ﷺ رد بدل البكر رباعيا، وقال ﷺ: «إن خياركم أحسنكم قضاء» . رواه مسلم .

(١٤) ما حكم اشتراط الأجل في القرض؟

إذا شرط المقرض أجلا للوفاء بالقرض، فإن لم يكن للمقرض نفع في هذا الأجل صح العقد مع الشرط، ولكنه لا يلزم المقترض الوفاء بالأجل، لكن يندب الوفاء به لأنه وعد. أما إذا كان للمقرض نفع من الأجل، كأن كان وقت خوف، فأقرضه على أن يرده إليه بعد شهرين مثلاً، حيث يكون قد ذهب الخوف فيهما، فسد العقد؛ لما فيه من جرَّ منفعة للمقرض .

(15) طلب المقرض الرهن، أو الكفيل، أو الإشهاد، أو كتابة الدين من المقترض، ما الحكم؟ وما الدليل؟

يجوز للمقرض ذلك؛ لأنه توثيق للعقد، وإثبات للحق، فإذا لم يوف المقترض بما طلبه المقرض، كان له أن يفسخ العقد .

والدليل: قوله تعالى في آية المداينة: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة : ٢٨٢].

وقوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣]

(١٦) متى يملك المقترض القرض؟

يملك المقترض القرض من حين القبض .

(۱۷) طلب المقرض الرجوع في القرض بعد القبض، وبقاء عين القرض بحالها، ما الحكم؟

للمقرض حق الرجوع في القرض، ويلزم المقترض رده إلى المقرض .

(۱۸) طلب المقرض الرجوع في القرض بعد القبض، وقد تغيرت عين القرض، أو تعلقت به الحقوق، ما الحكم؟

لا يحق للمقرض الرجوع في القرض، وإنما يطالب ببدله .




السبت، 3 ديسمبر 2022

أسماء الأسد الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370 هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أسماء الأسد

الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ هذا الكتاب جمع فيه الإمام اللغوي ابن خالويه أسماء الأسد، والتي بلغت زهاء الخمسمائة اسم، يقول ابن خالويه: (ليس في جميع كلام العرب، وكتب اللغة من أسماء الأسد إلا ما قد كتبته لك، وهي زهاء خمس مائة اسم وصفة، فاعرف ذلك).

فمن أسمائه الضُرضم، والدُّبخس، والهصور، والقسورة، والباسل، والغضوب، والغشوم، والعادي، والعزّام، والعفريت، والنفريت، والغضنفر، والهزبرن والهبّاش، والعقور، والضيغم، والحيدرة، والسَّبع، والحارث، والعرندس، القعّاص، الهاي.

ترجمة مختصرة لابن خالويه

هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، الهمذاني الأصل، البغدادي المنشأ، الحلبي المسكن والخاتمة، الإمام اللغويّ، من كبار النحاة. 

أصله من همذان. دخل بغداد طالباً العلم سنة (314 هـ)، فأخذ عن شيوخ النحو واللغة والأدب والقرآن والحديث، ثم زار اليمن وأقام بذمار، مدة، وانتقل إلى الشام فاستوطن حلب. 

وعظمت بها شهرته، فأحله بنو حمدان منزلة رفيعة. وكانت له مع أبي الطيب المتنبي مجالس ومباحث ومناظرات عند سيف الدولة. وعهد إليه سيف الدولة بتأديب أولاده، وتقدم في العلم حتى كان أحد أفراد عصره. وتوفي في حلب.

ومن شيوخه:

ابن دُريد (ت ٣٢١ هـ)، وإبراهيم بن عرفة "نفطويه" (ت ٣٢٣ هـ)، وابن مجاهد (ت ٣٢٤ هـ)، وابن الأنباري (ت ۳۲۸ هـ)، ومحمد بن مخلد العطار (ت ٣٣١ هـ)، وأبو عمر الزاهد (ت ٣٤٥ هـ)، وأبو العباس بن عقدة، (ت ٣٣٢ ه)، وأبو سعيد السيرافي (ت ٣٦٨ هـ)، وغيرهم كثير.

ودخلها سنة أربع عشرة وثلاثمائة ، فأخذ العلوم عن شيوخها ، وتلقى عن أعلامها الكبار في مختلف العلوم: النحو واللغة والأدب وعلوم القرآن والحديث، وغيرها من الفنون .

ومن تلاميذه:

عبد المنعم بن غليون (ت ٣٨٠ هـ)، وأبو بكر الخوارزمي (ت ٣٨٣ هـ)، والمعافى بن زكريا (ت ٣٩٠ هـ)، وسعيد بن سعيد الفارقي (ت 391 هـ)، وأبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي (ت ٣٩٤ هـ)، وأبو الحسن النصيبي (ت ٤٠٦ ه) وغيرهم كثير.

 

وفاته:

توفي ابن خالويه سنة ٣٧٠ هـ ، وكانت وفاته بحلب

ومن آثاره ومصنفاته:

1-إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم .طبع تحت إشراف جمعية دائرة المعارف العثمانية في عاصمة حيدر آباد الدكن سنة ١٣٦٠ ه.

2-القراءات (مخطوط).

3-الحجة في القراءات السبع، طبع بتحقيق د . عبد العال سالم مكرم بطبعتين، الأولى سنة ١٩٧١، والثانية سنة ١٩٧٧.

4-رسالة في أسماء الريح: نشره المستشرق ناجلبرج في سنة ١٩٠٩ مع كتاب ( الشجر) . ونشره المستشرق الروسي كراتشكوفسكي في مجلة إسلاميكا. ونشره الأستاذ الفاضل د. حاتم صالح الضامن في مجلة المورد المجلد الثالث، العدد الرابع لسنة ١٩٧٤، وذيله بملحق يشتمل على فوائت اسماء الريح وصفاتها.

5-شرح ديوان أبي فراس الحمداني: نشره سامي الدهان سنة ١٣٦٣ ه - ١٩٤٤ م . ونشرته دار صادر سنة ١٩٦٦ م .

6-ليس في كلام العرب: نشره ديرنبورج في سنة ١٨٩٤م. وطبعه الشنقيطي في سنة ١٣٢٧ هـ. وطبع في القاهرة بتحقيق د. محمد أبو الفتوح شريف سنة ١٣٩٥ هـ ـ ۱۹۷۵ م . وطُبعَ بتحقيق أحمد عبدالغفور عطار مرتين الأولى سنة ١٩٥٧م، والثانية سنة ،۱۹۷۹م، وجميع هذه الطبعات ناقصة. وهناك (الجزء الخامس) من هذا الكتاب مخطوط، ومنه: نسخة مصوّرة عن نسخة القاهرة.

7-مختصر في شواذ القرآن: نُشِر بتحقيق برجستراسر، مطبعة الرحمانية بمصر عام ١٩٣٤م.

8-شرح فصيح ثعلب (مخطوط).

9-أسماء الأسد (مطبوع) وهو كتابنا هذا.

10-الألفات: طبع بتحقيق د. علي حسين البواب، مكتبة المعارف -الرياض في المملكة العربية السعودية سنة ۱۹۸۲ م. ونشره المحقق نفسه في مجلة الأعداد ۱، ۲، ۳، من المجلد الحادي عشر عام ١٩٨٢ م

11- شرح مقصورة ابن دريد: تحقيق: محمود جاسم محمد الدرويش - بيروت ١٩٨٦م.

كتب نسبت إليه ضلةً:

ولا بُد من الإشارة إلى أن هناك كتابين نُسبا إلى ابن خالويه غلطاً، الأول: كتاب الشجر، والثاني: كتاب العشرات، وهما لأبي زيد الأنصاري، ولأبي عمر الزاهد.

۱ ـ كتاب الشجر:

نَشَرَهُ المستشرق الألماني الدكتور صمويل ناجلبرج عن مخطوطة محفوظة في مكتبة برلين رقم (٧٠٥۱)، وطبع في مطبعة ماكس شمرسوف في كرخين سنة ١٩٠٩ م، منسوباً إلى ابن خالويه، غير أنه عاد فأثبت في مقدمته أَن الكتاب لأبي زيد الأنصاري، والصواب أنه لأبي زيد وليس لابن خالويه.

۲ ـ كتاب العشرات:

نشره المستشرق برونلة في ليدن سنة ١٩٠٠م منسوباً إلى ابن خالويه، والصواب أنه لأبي عمر الزاهد . وقد نشره د. يحيى عبد الرؤوف جبر عـام ١٩٨٤ م.



الجمعة، 2 ديسمبر 2022

كشف الرمس عن حديث رد الشمس تأليف محمد باقر المحمودي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

كشف الرمس عن حديث رد الشمس

تأليف محمد باقر المحمودي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد/ يتناول هذا الكتاب منقبة من المناقب التي تنسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي منقبة رد الشمس عليه، حينما أوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجر عليٍّ رضي الله عنه؛ فغابت الشمس وهو على هذه الحالة ولم يُصلّ العصر، فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يرد الله الشمس حتى يُصلي عليٌّ العصر، فصلاها في الوقت.

وبالمناسبة؛ فإن محمد باقر المحمودي من الطائفة الشيعية قد أفرد هذا الحديث بالتصنيف جمعٌ من أعلام الأمة، منهم أبو بكر محمد بن عمر الوراق له كتاب (من روى ردّ الشمس)، وأبو الفتح محمد بن الحسين الموصلي (ت 377 هـ) له كتاب مفرد فيه، وأبو عبد الله الحسين بن علي البصري (ت 399 هـ) له كتاب (جواز رد الشمس)، وعبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني (ت 483 هـ)، وأبو الحسن شاذان الفضلي (ت 568 هـ)، له رسالة (في طرق الحديث) ذكر منها السيوطي طرفاً في (اللآلئ المصنوعة: ٢/ ١٧٥).

وقد ضمن المحمودي كتابه رسالتين محررتان في هذا الحديث:

 أولاهما (كشف اللبس عن حديث رد الشمس) تأليف الجلال السيوطي (ت 911 هـ)، ذكر فيها (١٧) سبعة عشر طريقاً لهذا الحديث.

وثانيتهما: رسالة (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) تأليف شمس الدين محمد بن يوسف الصالحي (ت 942 هـ) وهو تلميذ السيوطي.

       ثم ذكر المحمودي بابين (الرابع والخامس) استلهما من كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) لمحمد بن يوسف الصالحي، ثم ذكر روايات وأقوال علماء الشيعة وأهل البيت في هذه الحادثة، وكذلك ما أنشده المسلمون والشيعة والأدباء فيها.

       ويذكر المحمودي أن رواة حديث (رد الشمس) تسعة من الصحابة، وهم: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وولده الحسن بن علي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، والتاسع هو حديث الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس، وبعضها مذكور في رسالة (أبو الحسن شاذان الفضلي)، و(رسالة الحافظ الحسكاني).

ونصُّ الحديث: كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر عليّ، وكان يوحى إليه، فلما سُرّي عنه، قال: يا عليّ صليتَ العصر؟ قال: لا. قال: اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك، فردّ عليه الشمس، قال: فردها عليه فصلى وغابت الشمس.

وهذا الحديث أخرجه أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي (ت 310 هـ) في كتابه (الذرية الطاهرة)، عن الحسين به. وعن الدولابي: العصامي في (سمط النجوم)، وأخرجه الخطيب البغدادي (ت 436 هـ) في كتابه (تلخيص المتشابه)، وغيرهم.

وحديث أسماء بنت عميس أخرجه الطبراني (٢٤/١٤٤) (٣٨٢)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٠٦٨) واللفظ له، وابن الجوزي في «الموضوعات» (١/٣٥٥). وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح): "وروى الطحاوي والطبراني في "الكبير" والحاكم والبيهقي في "الدلائل" عن أسماء بنت عميس: فذكره، وقد أخطأ ابن الجوزي بايراده له في "الموضوعات" وكذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه"

وقال ابن حازم في (مقصورته) التي شرحها أبو عبد الله السبتي:

والشمس ما رُدَّت لغير يوشعِ ** لما غزا ولعليٍّ إذ غفا

وقال البوصيري في (همزيته):

رُدّت الشمسُ والشروق عليه ** لعليٍّ حتى يتمَّ الأداءُ

ثم ولّت ولها صريرٌ وهذا ** لفراقٍ له الوصال دواءُ

وتكلم النُّقاد عن هذا الحديث واختلفوا في قبوله وردّه اختلافاً كبيراً:

فحكم الإمام أحمد (كما في المقاصد ص 226) وابن المديني (كما في شمائل ابن كثير ص 160) على هذا الحديث بأنّه لا أصل له.

وقال الحافظ أبو بكر محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري في كتابه" إثبات إمامة الصديق": الحديث ضعيف جداً لا أصل له" (الشمائل ص 148)

ولما روى هذا الحديث أحمد بن صالح، قال: ينبغي لمن سبيله العلم ألا يتخلف عن حفظ حديث أسماء بنت عميس الذي روته في ردّ الشمس؛ لأنه من علامات النبوة. وإنما قال ذلك بناءً على أنه رواه من طريق واحد فيه مجهول كما أنه لم يجمع طرق الحديث، ورواه الطحاوي في "مشكل الآثار" من طريقين عن أسماء بنت عميس، وصححه.

وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية 4/ 194) على كلام أحمد بن صالح، بقوله: قلت: (أحمد بن صالح رواه من الطريق الأول، ولم يجمع طرقه وألفاظه التي تدل من وجوه كثيرة على أنّه كذب، وتلك الطريق راويها مجهول عنده ليس معلوم الكذب عنده؛ فلم يظهر له كذبه).

 (والطحاوي ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم ولهذا روى في "شرح معاني الآثار" الأحاديث المختلفة، وإنما يرجح ما يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي رآه حجة ويكون أكثرها مجروحاً من جهة الإسناد لا يثبت، ولا يتعرض لذلك فإنّه لم تكن معرفته بالإسناد كمعرفة أهل العلم به وإنْ كان كثير الحديث فقيها عالماً). انتهى.

وقال الذهبي في (ترتيب الموضوعات) (١٠٦): إسناده ساقط ليس بصحيح.

وقال ابن كثير في (البداية والنهاية) (٦‏/٨٣): فيه من يجهل حاله عون بن محمد وأمه، وجاء من طريق الحسين بن الحسن الأشقر وهو شيعي جلد وضعفه غير واحد، وجاء من طريق فيه فضيل بن مرزوق لا يتهم بتعمد الكذب ولكنه قد يتساهل ولا سيما فيما يوافق مذهبه، وفيه إبراهيم بن الحسن ليس بذلك المشهور في حاله.

وقال شعيب الأرناؤوط في (تخريج مشكل الآثار ١٠٦٨): إسناده ضعيف.

وقال الألباني في (السلسلة الضعيفة ٩٧١): موضوع.

وقد حكم عليه غير واحد بأنّه موضوع وكذب، منهم:

١ - ابن الجوزي حيث ذكره في "الموضوعات" وجزم بوضعه.

٢ - قال محمد بن ناصر البغدادي الحافظ: هذا الحديث موضوع"

٣ - قال الذهبي: وصدق ابن ناصر" الشمائل لابن كثير ص 147

٤ - شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج "السنة" (4/ 185 - 195)

٥ - محمد ويعلى ابني عبيد الطنافسي. الشمائل ص 149

٦- أبو الحجاج المزي. حكاه ابن كثير (الشمائل ص 160)

٧ - ابن القيم، فإنّه جعله من أمثلة الموضوع في كتابه" المنار المنيف.

٨-الإمام القاري في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ص 415)

٩-الإمام إسماعيل بن محمد العجلوني في كتابه (كشف الخفاء) (2/ 514).

ونجد أن بعض الأئمة حسّن هذا الحديث بالفعل، ومنهم:

١-الحافظ ابن حجر في (فتح الباري ٦/ ٢٢١).

٢-الهيثمي في (مجمع الزوائد) عن حديث أسماء بنت عميس (٨‏/٣٠٠): روي بأسانيد ورجال (أحدها) رجال الصحيح عن إبراهيم بن حسن -وهو ثقة -وثقه ابن حبان وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها.

٣-القسطلاني في (المواهب اللدنية) (٢‏/٢٥٩): إسناده حسن.

٤- ابن العراقي في (طرح التثريب) (٧‏/٢٤٧): إسناده حسن.

٥-شهاب الدين الخفاجي في (نسيم الرياض شرح شفا عياض: ٣/ ١١).

ويُلخص لنا الإمام العجلوني هذا الاختلاف في كتابه (كشف الخفاء) (1/ 490)؛ فيقول: قال الإمام أحمد: لا أصل له، وتبعه ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، ولكن صححه الطحاوي وصاحب الشفا، وأخرجه ابن منده وابن شاهين عن أسماء بنت عميس، وابن مردويه عن أبي هريرة، وروى الطبراني في الكبير والأوسط بسند صحيح.

      وقد تناول كتاب (أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري هذا الحديث بالتفصيل).