أحكام الرهن في الفقه الشافعي
أ. د. مصطفى سعيد الخن
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
(۱) ما تعريف الرهن في الشرع؟
هو جعل عين مالية وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه.
(۲) ما دليل مشروعية الرهن؟
قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣].
وإنه ﷺ: (اشترى طعاماً بنسيئة، فأعطى البائع درعاً له رهناً) رواه البخاري.
(۳) ما حكمة تشريع الرهن؟
كثير من الناس من يرغب في مساعدة غيره، وتفريج كربه، إلا أنه قد لا يكون عنده من الثقة بمن يجب أن يساعده ما يشجعه على دفع ماله له قرضاً، أو التعامل معه دون أن يحصل على وثيقة يضمن بها حقه، ويطمئن على ماله؛ لذا شرع الإسلام الرهن تيسيراً للمعاملات، وسدا للحاجات، وتوثيقاً لأصحاب الحقوق.
(٤) للرهن أركان أربعة، ما هي؟
هي: عاقدان، وصيغة، ومرهون، ومرهون به.
(٥) من هما العاقدان في الرهن؟
هما: الراهن، والمرتهن.
(٦) ما يشترط في العاقدين في الرهن؟
أ ـ أن يكون كل واحد منهما مطلق التصرف، مختاراً، فلا يصح عقد الرهن من صغير، ولا مجنون، ولا محجور عليه، وكذلك لا يصح من مكره؛ لفقده اختياره.
ب ـ أن يكون كل واحد منهما أهلا للتبرع، إلا في حالتين فقط:
٭ حالة الضرورة: كأن يرهن شيئاً على ما يقترضه لحاجة الإنفاق على الصبي، والمجنون، والسفيه، ثم يفي الدين الذي اقترضه من غلة منتظرة، أو دين لهم يحل أجله، أو متاع كاسد يرجى نفاقه، أو أن يرتهن على ما يقرضه من أموالهم، أو يبيعه نسيئة، خوفاً من نهب.
* حالة الغبطة: وهي الزيادة التي لا يستهين بها العقلاء. والغرض: تغليب مصلحة من يتولى عليه، وذلك كأن يرهن ما يساوي مئة على ما اشتراه بمئة نسيئة، وهو يساوي مئة وخمسين مثلاً، أو: أن يرتهن على ما باعه نسيئة بمئتين، وهو يساوي مئة وخمسين مثلاً.
(۷) ما الصيغة في عقد الرهن؟
هي الإيجاب والقبول، ويكون الإيجاب بقول الراهن: رهنتك هذا الثوب بالدين الذي لك علي. أو: دفعت إليك هذا المتاع وثيقة بحقك علي. ويكون القبول بقول المرتهن : قبلتُ.
(۸) ما يشترط في صيغة عقد الرهن؟
يشترط: الاتصال بين الإيجاب والقبول، والموافقة بينهما، وعدم التعليق على شيء.
(۹) ما يشترط في المرهون؟
أن يكون عيناً يصح بيعها، فلا يصح رهن منفعة؛ لأن المنفعة تتلف بمرور الزمن، فلا يحصل بها الاستيثاق على المال، ولا يصح رهن دين، لأنه غير مقدور على تسليمه.
(۱۰) ما حكم رهن الموقوف؟
لا يصح ؛ لأنه لا يجوز بيعه؛ فيفوت المقصود من الرهن.
(۱۱) ما يشترط في المرهون به (الدين)؟
أ ـ أن يكون دينا، فلا يصح رهن المغصوب، ولا الوديعة؛ لأنّ العين لا تستوفى من ثمن المرهون .
ب ـ أن يكون الدين ثابتاً؛ فلا يصح الرهن بنفقة زوجته في العدة، ولا على ما سيقترضه، وذلك لأن الرهن وثيقة حق ثابت، فلا يتقدم عليه.
ج ـ أن يكون معلوماً للعاقدين .
د ـ أن يكون الذين لازما، أو آيلا للزوم، كدين القرض، وثمن
المبيع نسيئة، والأجرة، والصداق، وعوض الخلع، ومال الصلح، وأرش الجناية.
(۱۲) متى يجوز للراهن الرجوع بالرهن؟
يجوز ما لم يقبضه المرتهن، فإذا قبض المرتهن الرهن؛ أصبح لازماً بالنسبة للراهن، وامتنع رجوعه به.
(۱۳) متى يحق للمرتهن فشخ الرهن؟
له فشخه متى شاء، فإنه لا يلزم الرهن بحقه؛ لأنه عقد الرهن لمصلحته.
(١٤) كيف يكون الرجوع بالرهن؟
يكون الرجوع بـ :
أ ـ القول، كـ : فسخت عقد الرهن، أو أبطلته، أو رجعتُ فيه.
ب ـ ويكون بالفعل.
ج - ويحصل بكل تصرف في المرهون ينافي الرهن، كبيع المرهون، أو جعله صداقا، أو أجرة، أو هبة، أو رهناً عند آخر، ولو لم يصحب الهبة والرهن الثاني قبض .
(١٥) كيف يتم قبض المرهون؟
لا بد من إذن الراهن في قبض المرهون، سواء أكان المرهون في يد الراهن، أم عند المرتهن، أم عند رجل آخر وديعة.
(١٦) متى يضمن المرتهن المرهون؟
المرهون أمانة في يد المرتهن، فلا يضمنه إلا بالتعدي، كأن ركب السيارة المرهونة، أو استعمل الأبنية، أو المتاع المرهون. أما إذا تلف المرهون من غير تعد، فلا يضمنه.
(۱۷) متى يسقط الذين إذا تلف المرهون؟
الأصل : أنه لا يسقط من الدين شيء بتلف المرهون؛ لأنه وثيقة بالدين، أما إذا تعدى بتلفه، فإنه يسقط الدين إن كان الرهن مساوياً للدين.
وإن كان غير مساو فهناك حالتان:
الأولى: أن تكون قيمة الرهن أقل من الدين، فيسقط من الدين
مقدار قيمة الرهن.
الثانية : أن تكون قيمة الرهن أكثر من الدين، فيضمن المرتهن
الزيادة؛ لأنه متعد في ذلك.
(۱۸) ادعى المرتهن تلف العين المرهونة، ما الحكم؟
أ ـ إذا لم يذكر سبباً لتلفها، أو ذكر سبباً خفياً، كسرقة، صدق
بیمینه ، لأن يده يد أمانة على الرهن، ولأن الأصل عدم التعدي
ب ـ إذا ذكر سبباً ظاهراً، كحريق، فإن عرف الحريق وعمومه، ولم يحتمل سلامة المرهون، صدق بلا يمين، وإن احتمل سلامة المرهون، أو غرف الحريق دون عمومه، صدق بيمينه.
ج -إذا جهل سبب التلف؛ طولب ببينة على وقوعه، ثم يحلف على التلف.
(١٩) متى تزال يد المرتهن عن الرهن؟
إذا لزم الرهن بالقبض، فاليد فيه للمرتهن على المرهون، ولا تزال يد المرتهن عنه إلا بالانتفاع به.
(۲۰) ما الحكم لو شرط الراهن والمرتهن وضع الرهن عند شخص ثالث عدل؟
يجوز ذلك؛ لأن كلا من الراهن والمرتهن قد لا يثق بصاحبه، فإن اختلفا وضعه الحاكم عند عدل.
(۲۱) تصرف الراهن بالمرهون فيما يزيل الملك عنه، كبيع، أو هبة، أو وقف، ما الحكم؟
ليس للراهن ذلك إلا بإذن المرتهن؛ لأنه لو كان له ذلك لفاتت الوثيقة.
(۲۲) متى يجوز للراهن التصرف في منافع الرهن؟
إذا كان التصوف على وجه لا ضرر فيه على المرتهن، کسکنی
الدار، وزراعة الأرض. وأما إذا كان التصرف على وجه فيه ضرر على المرتهن، كاستعمال الثوب، أو السفر بالسيارة، فإنه يمنع الراهن منه.
(٢٣) أذن المرتهن للراهن بالتصرف في منافع الرهن على أي وجه، ما الحكم؟
جاز للراهن ذلك؛ لأن المرتهن يكون عند ذلك قد أسقط حقه.
(٢٤) حدث في عين المرهون نماء، ما الحكم؟
أ ـ إذا كان النماء منفصلاً، كالثمر في الشجر، واللبن والولد
والصوف في الشاة، لا يدخل في الرهن، لقوله ﷺ: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه». رواه الشافعي.
لا يغلق الرهن: أي لا يخرج عن ملك الراهن.
ب ـ إذا كان النماء متصلا كسمن الدابة، أو نمو الشجرة، فإنه
يدخل في الرهن، لأنه لا يمكن فصله عن الأصل.
(٢٥) على من تقع نفقات المرهون؟
تقع كلها على الراهن، بل يجبر الراهن على كل ما فيه حفظ المرهون لحق المرتهن، وذلك لقوله ﷺ: «له غنمه وعليه غرمه» رواه الشافعي.
(٢٦) الرهن عقد لازم من جانب الراهن، لا يملك الرجوع عنه بعد القبض، ولا ينفك المرهون إلا بإحدى ثلاثة أمور، ما هي؟
(٢٦) الرهن عقد لازم من جانب الراهن، لا يملك الرجوع عنه بعد القبض، ولا ينفك المرهون إلا بإحدى ثلاثة أمور، ما هي؟
هي:
أ ـ قضاء جميع الدين.
ب ـ إبراء المرتهن الراهن من الدين .
ج - فسخ المرتهن الرهن؛ لأن الرهن غير لازم من جهة المرتهن.
(۲۷) حل أجل الدين والمرهون بيد المرتهن، ولم يوف الراهن الذين، ما الحكم؟
يحق للمرتهن أن يطلب من الراهن بيع المرهون، فإن أبي الراهن بيعه، ألزمه القاضي وفاء الدين، أو بيع المرهون، والوفاء من ثمنه، فإن أبي الراهن ذلك باعه القاضي، ووفى الدين بثمنه، دفعاً لضرر المرتهن.
(۲۸) اختلف الراهن والمرتهن في رد الرهن، فقال المرتهن: رددته عليك، وأنكر الراهن ذلك، ما الحكم؟
يد المرتهن على الرهن يد أمانة، ومع ذلك لا يصدق بالرد، بل لا بد من البينة؛ وفقاً للضابط الذي وضعه الفقهاء لذلك، فقالوا: كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه صدق بيمينه، إلا المرتهن والمستأجر ؛ لأن كل واحد منهما قبض العين لحظ نفسه.