أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 مايو 2022

ذم من لا يعمل بعلمه لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر (499 -571 هـ)

ذم من لا يعمل بعلمه

لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر

(499 -571 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ ما أتعس أولئك الذين جعلوا الدين مركباً للدنيا، فأعمالهم بحسب الظاهر هي أعمال أهل الإيمان، ولكنَّك إذا فتشت بواطنهم: وجدت الانحراف والزيغ والضلال، فتراهم أبعد الناس عن قوانين الأخلاق، ومبادئ الشرع، بل تراهم مائلين في غالب أحوالهم إلى أهواء السياسيين ورغباتهم، وعاجزين غاية العجز عن قول كلمة الحق بين جدارن البرلمانات وأروقة الحكم، فهؤلاء الذين يُخادعون الناس بأعمالهم، هم الخاسرون يوم القيامة، الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، ويحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً.

فالمقصود الأول من العلم تنقية العقل وتزكية الروح وتصفية القلب، فحال طالب العلم بين الناس حال القمر الذي يُضيء، كما قيل: 

(تُضيءُ في الليلة الظلماء سُنّته .. كما يُضيء لمن يسري به القمرُ)

وإن من أكبر آفات التعليم أن يتعلم المتعلم ولا يعمل بعلمه، ولذلك كانت مسؤوليته كبيرة أمام الله وأمام الناس، كما قال الله تعالى: {فلنسئلنَّ الذينَ أُرسلَ إليهم} (الأعراف: ٢٦) أي لنسالنَّ الأمم الذين أرسل الله إليهم المرسلين عما أجابوا به رسلهم.

وقال الله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} (سورة القصص: ٢٦٥). يقول سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن (٥/ ٢٧٠٦) في تفسير آية سورة القصص: (إن الله ليعلم ماذا أجابوا المرسلين، ولكنه سؤال التأنيب والترذيل، وإنهم ليواجهون السؤال بالذهول والصمت: ذهول المكروب، وصمت الذي لا يجد ما يقول: {فعميت عليهم الأنباء يومئذٍٍ وهم لا يتساءلون} والتعبير يلقي ظل العمى على المشهد والحركة، وكأنما الأنباء عمياء لا تصل إليهم، وهم لا يعلمون شيئا عن أي شيء! ولا يملكون سؤالاً ولا جواباً. وهم في ذهولهم صامتون ساكتون!).

فليس العلم إذن بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية، ورأس العلم تقوى الله حقاً، ولذلك كان العلماء الربانيون مخبتين لله تعالى، يقومون الليل ويستغفرون بالأسحار، ويتركون المعاصي والمحرمات، قال الحسن البصري: (كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه، وبصره، ويده)، رواه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٤٩١/١)، وابن الدواليبي في كتاب فضل العلم وفضل حملته (ص ٥١).

والأساس الذي ينبغي أن يقود طالب العلم هو الإخلاص، والصدق، والاتباع، وحب نشر العلم، وقد كان من إخلاص الإمام أحمد قوله: "لو وجدتُ السبيل لخرجتُ ولا يكون لي ذكر"، وقوله: "أريدُ أن أكون في بعض الشعاب بمكة حتى لا أُعرف، قد بُليتُ بالشُّهرة، وإني لأتمنّى الموتَ صباح مساء" (أحمد؛ لأبي زهرة: 6). 

فمن أراد التصدُّر للناس فلينطق بعلم، أو يسكت بلحلم، وليجعل لكل مقامٍ مقال، ولكل نُزُلٍ رجال، وإن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم.

وإن العالم الحق هو الذي يُظهر الحق للناس ويُبينه، لا الذي يُزين الباطل ويزخرفه، بل إن العالم الحق دوماً في مواجهة الباطل بكل ما يقدر عليه من عبارة وإشارة وبرهان، فيُبطل الباطل ويُميزه ويُشينه ويُقبحه للنفوس بكل طريق مؤدٍّ إلى ذلك، أما الذين كتموا الحق، وتخاذلوا عنه؛ فقد عكسوا الأمور فانعكست أحوالهم، {ومن أظلم ممن كتم شهادةً عنده من الله}.

ومن ينظر لواقع المسلمين اليوم، لا سيما من يظهر بثياب المتشرعين والمُصلحين يجد أننا تأخرنا تأخراً أطمع فينا الثعالب والذئاب، فضربتنا اليد الخالية، واليد العاطلة على السواء، وضحك منا السياسيون وصُنَّاع القرار، ونال منا عُبّاد الأوثان ومن لا يعبد شيئاً قط.

ولا شك -والحالة هذه -أن تعليم العلم الشرعي وبثه بين عموم المسلمين له أجرٌ كبير، وثوابٌ عظيم، وقد قيل في حقِّ من يطلب الخير ثم لا يسعى إليه:

ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها … إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ

ويبقى العلم لمن علّمه وبذله طريقاً موصلاً مُدخراً بعد وفاته، وكما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة: (إذا مات الإنسانُ انقطعَ عملُه إلا من ثلاثةٍ: من صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ يُنتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو لهُ)، رواه مسلم (1631)، والترمذي (1376).والنسائي (3651)، وأحمد في المُسند (14/ 438)

وهذا استثناءٌ معناه الحصر في هذه الثلاثة فقط. بمعنى أن هذه الأعمال الثلاثة هي التي يبقى أجرها لهم بعد وفاته لكونه سببها، والعلم الذي ينتفع به الإنسان بعد وفاته هو ما خلفه في كتبه، أو علّمه لغيره واستفاد الناس من ذلك الكتاب أو الطلبة الذين علّموا هذا العلم لغيرهم.

وقال الإمام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/ 175): "وهذا -أي الحديث -وفضله وعظم ثمرته، وإن ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام ينتفع به، فكأنه حي لم ينقطع علمه، مع ما له من حياة الذكر والثناء، فجريان أجره عليه إذا انقطع عن الناس ثواب أعمالهم حياة ثانية" انتهى.

وهذا الكتاب يمثل المجلس الرابع عشر من مجالس الإملاء التي كان يعقدها الحافظ ابن عسكر في مسجد دمشق، وهو واحد جملة أماليه التي بلغت (408) إملاء، وقد تضمن الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة والموضوعة أحياناً والآثار المُسندة والمُعلقة والمرسلة، والأشعار الموزونة في ذم أولئك الذين يتعلمون العلم ثم لا يعملون به، وفي ذم الذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، وفي ذم علماء السوء.

وجملة ما في الكتاب من الأحاديث (13) حديثاً مرفوعاً، و(4) من الآثار، وقصيدة شعرية واحدة، وقد تعقب كل حديثٍ بالحكم عليه، مُبيناً علته في الغالب، ولكنا نبين ذلك باختصار:

1-عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عن أربع: عن ماله مما اكتسبه؟ وفيما أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا صَنَعَ فيه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن عمره فيما أَفْنَاهُ؟)) 

[أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في اقتضاء العلم: 1].

2-عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أربع خصال، عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتسبه؟ وفيما أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فيه؟)) 

[صححه المنذري في الترغيب والترهيب: 4/ 298، والألباني في اقتضاء العلم: 2].

3- عَنْ أَبِي أُمَامَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رُبَّ عابدٍ جَاهِلٍ، وَرُبَّ عالم فاجر، فاحذوا الجُهَّالَ مِنَ العُبَّادِ، والفُجَّارَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ فِتْنَةُ الفُتَنَاءِ)) 

[ضعيفٌ جداً، وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (2/ 14)، والديلمي في «الفردوس» (3249)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (10/ 171)].

4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَشَدُّ -وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ، إِنَّ أَشَدَّ- النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ- وَفِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، لَا يَنْفَعُهُ- الله عز وجل بعلمه)) 

[ضعيفٌ لا يتطرق إليه احتمال التحسين، كما قال المنذري في الترغيب والترهيب: 1/ 103، وضعفه السيوطي في الجامع الصغير: 1047].

5- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيامَةِ عَالِمٌ لَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ)).

[ضعيفٌ، فيه عثمان البري، والبلاء منه].

6-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عالمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ)) 

[إسناده ضعيف جداً، فيه: عثمان بن مقسم البري متروك].

7-عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا أَعْلَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ويلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ، وويلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَّ لَا يَعْمَلُ. ثلاثاً)) 

[إسناده ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع، وضعفه الألباني في اقتضاء العلم: 64].

8-عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، أَوْ أَوْحَى إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ: قُلْ لِلَّذِينَ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيرِ الدِّينِ وَيَتَعَلَّمُونَ لِغَيرِ الْعَمَلِ. وَيَطْلُبُونَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوكَ الْكِبَاشِ قُلُوبُهُمْ كَقُلُوبِ الذِّئَابِ. أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ. إِيَّايَ يَخْدَعُونَ أَوْ بِي يَسْتَهْزِئُونَ فَبِي حَلَفْتُ لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانَ)) 

[منكر، في إسناده عثمان الوقاصي، وهم متهمٌ بالوضع، وقال العراقي في تخريج الإحياء: 1/ 89: إسناده ضعيف].

9-عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَثَلُ الْعَالِمِ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَيَنْسَى نَفْسَهُ، كَمَثَلِ السِّرَاجِ يضيء للناس ويحرق نفسه)).

[حديث حسن، حسنه المنذري في الترغيب والترهيب: 1/ 102، والهيثمي في الزواجر: 1/ 167، والألباني في قيام رمضان: 8].

10-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الله يعافي الأميين يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا لَا يُعَافِي الْعُلَمَاءَ)).

[حديث منكر، غريب من حديث ثابت، تفرد به سيار عن جعفر، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع: 1741].

11-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خِيَارُ أُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا رُحَمَاؤُهَا، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْجَاهِلِ أَرْبَعِينَ ذَنْبًا قَبْلَ أَنْ يَغْفِرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبًا وَاحِدًا، أَلَا وإِنَّ الْعَالِمَ الرَّحِيمَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ نُورَهُ قَدْ أَضَاءَ يَمْشِي فِيهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَمَا يسري الكوب الدُّرِّيُّ))

[حديث موضوع باطل، كذا حكم عليه الذهبي في ميزان الاعتدال: 3/ 477، وقال أبو نُعيم في الحلية: غريب من حديث الثوري وابن المبارك، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 367: باطل].

12-عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ فِي جَهَنَّمَ رَحًى تَطْحَنُ عُلمَاءَ السُّوءِ طَحْنًا)).

[حديث موضوع باطل، قاله الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: 5/ 205، وفيه سويد بن عبد العزيز واهٍ جداً].

13- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اطَّلَعَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالُوا: بِمَ دَخَلْتُمُ النَّارَ؟ وَإِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَعْلِيمِكُمْ، قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ وَلَا نَفْعَلُ)).

[ضعيف، قال ابن الجوزي في القصاص والمذكرين 39: غريب تفرد به أبو العيناء عن أبي عاصم، وضعف إسناده الألباني في اقتضاء العلم: 72].

14- وعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ.

15-دَخَلَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَلَى الْحَسَنِ؛ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ قَدِمَ زَوْجُهَا أَنْ تَصُومَ مِنْ يَوْمِهَا شَهْرًا. فَقَدِمَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ. 

فَقَالَ الْحَسَنُ: صَامَتْ شَهْرَهَا وَوُفِّي نَذْرُهَا. 

قَالَ مَطَرٌ: إِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا. 

فَقَالَ الْحَسَنُ: ثكلتك أمك مطر. وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا قَطُّ؟! 

وَهَل تَدْرِي مَنِ الْفَقِيهُ؟ الْفَقِيهُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ الَّذِي لَا يَهْمِزُ مَنْ فَوْقَهُ وَلَا يَتَضَجَّرُ بِمَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا يَأَخُذُ عَلَى علمٍ عَلَّمَهُ اللَّهُ حُطَامًا.

16-وعن بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: الْعِلْمُ حَسَنٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ. وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ يَعْنِي بِهِ مَا أَضَرَّهُ! وَقَالَ: هَذِهِ حُجَجٌ أَوْ قَالَ: هَذِهِ حُجَّةٌ يَعْنِي عَلَى مَنْ عَلِمَ.

17-وقال بشر بن الحارث: مِنْ كَلَامِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ عَلِمَ وعَمِلَ وعلَّم فَذَاكَ يُدْعَى عظيماً في ملكوت السموات.

18- وقال مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ لِبَعْضِهِمْ:

اعْمَلْ بِعِلْمِكَ تَغْنَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ ... لَا يَنْفَعُ الْعِلْمُ إِنْ لَمْ يَحْسُنِ الْعَمَلُ

وَالْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَقْوَى اللَّهِ زِينَتُهُ ... وَالْمُتَّقُونَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِمْ شُغُلُ




الاثنين، 9 مايو 2022

الإنصاف والاعتدال عند الحافظ الذهبي (673 - 748 هـ) د. هاني فقيه

الإنصاف والاعتدال عند الحافظ الذهبي

(673 - 748 هـ)

د. هاني فقيه

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن الوفاء للحق، والإنصاف في الأحكام، ليس شقشقة لسان، ولا تزوير بيان، بل إنه إخلاصٌ في السعي وتحمُّلٌ للعنت، واستواءُ الظاهر والباطن في مرضاة الله، جل في علاه. فالرجولة كل الرجولة في أن لا تحقد على بشر، ولا تفجر في خصومة، ولا تهضم حقوق الآخرين، والأتقياء دوماً فوق الأهواء، لأن رغبتهم في انتشار الخير وثبوت الحق أسبق في أفئدتهم من رغبة التشفّي وسرعة الانتقام لأشخاصهم. 

الأمر الذي لمسناه واقعاً عملياً في طريقة الحافظ الذهبي في كل من ترجم له أو كتب عنه من الأعلام والمشاهير، فجاءت تراجمه في غاية الوسطية والاعتدال، حتى أنه أنصف المخالفين في قضايا الفكر والمعتقد والسلوك، فأنصف الجميع، وأعطى لكل ذي حقّ حقه، وانتقد ما ينبغي انتقاده، دون إفراط أو تفريط، لا مدحاً ولا ذماً، ودون إعلاءٍ للمساوئ أو طمسٍ للمحاسن، وقد رسم لنا بذلك خطةً محكمة البناء لكل من يتصدى لنقد الأفكار والأشخاص والطوائف.

وهذا الكتاب يُسلط الضوء على نقد بنية الفكر المتطرف، واتجاهات الإرهاب المعاصر وتفكيكها من خلال عرضها على موازين الشريعة، ومن خلال القواعد والأصول التي وضعها مفكرو الأمة ونُقادها وعلمائها الأفذاذ أمثال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى. الذي حارب التكفير والتبديع والتجهيل لعلماء الأمة وأعيانها لأجل زلة هنا أو خطأ وهناك، محارباً بذلك التحريض على القتل، ومُشدداً في شأن الأرواح والدماء، ومُبيناً أن الغلو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يُفضي إلى ذلك.

 وقد ذمَّ الإمام الذهبي نحلة الخوارج الذين يُكفرون الناس بالذنب، ويستحلون به الدم والمال والعرض، كما أنه حذََر من المسارعة إلى تكفير أعيان المسلمين من غير حُجَةٍ ولا بُرهان، أو التكفير بسبب الاختلاف في فروع العقائد.

وحذر من التبديع والتفسيق لأجل خطأ أو زلة لها تأويلٌ سائغ، وأن الإنصاف يقتضي النظر في الحسنات والفضائل ومقارنتها بالأخطاء والزلات، وأن العبرة بكثرة المحاسن. ولا شك أن لهذا المنهج البنّاء دوراً ريادياً في إخماد نار الفتنة بين المسلمين، وطمس جذوة العداوات بين الفرق، وتجاوز الخصومات التي قد تتجدد بين الفينة والأخرى بسبب سوء فهم أو سوء نية.

كما نلمس من طريقة الذهبيِّ التماسه الأعذار للأئمة فيما أخطأوا الاجتهاد فيه، وشواهد هذا كثيرة في تراجمه، لا سيما دفاعه عن الأئمة الأعلام الذين تعرضوا لبعض المحن بسبب هنات وزلات، كما أنه دعا إلى الحفاظ على الأخوة برغم الخلاف، وقرر أن كلام الأقران يُطوى ولا يُروى، خاصةً إذا كان منشؤه البغض والحسد، ودعا إلى ترك الإغراق في الصراعات التاريخية، لا سيما ما جرى بين السلف الأوائل.

كما أن الذهبيّ لا يضع الطوائف في بوتقة واحدة، بل يمنح كل إنسانٍ منهم قدره وحظه من الثناء والذم، بحسب حاله وقربه من السًُّنة أو بُعده عنها، وكان يُفرق بين غُلاة المتصوفة والزهاد، وبين غلاة المرجئة ومرجئة الفقهاء، وكان يُفرق بين غلاة القدرية وغيرهم كالمعتزلة، وفرَّق بين الكافر ببدعته وبين الكافر الأصلي، وأنهما ليسوا في المنزلة سواء.

وكان الذهبيُّ قوياً في قول الحق، لا يمنعه شيءٌ عن قوله، ومع ذلك فقد كان يكره كثرة الخوض في مضائق العقائد ومُعضلاتها، لأنها تسببت في كثير من القلاقل والفتن بين العلماء، ويرى السكوت عليها أولى وأسلم. مع إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.

وكره الذهبيُّ القول في المسائل الشاذة، وتوسط في مسألة الاجتهاد والتقليد، فلم يفتحه لكل من هبَّ ودب، ولم يوصده أمام العلماء والمجتهدين، ويرى أن اتباع الحق أولى وأحق، وأن من الفقه ترك التحدث أمام العامة في مسائل تضرُّهم في دينهم، وحذَّر من الغلو في العبادة، والغلو في إطراء الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوسطه في مسألة الأسماء والصفات، واتباعه منهج السلف في الإثبات والسكوت، مع التماسه العذر لمن فوض بعض معاني الصفات.

ومن القواعد المُهمة التي يمكن استنباطها من كلام الإمام الذهبي -رحمه الله:

١ـ عدم رمي المسلم بالكفر بغير برهان قطعي صريح.  

٢ـ عدم ادعاء الولاية لمن تأكد ضلاله وتبرهنت زندقته وانحرافه عن الشريعة ونصوصها البينة.  

٣ـ أن من عرف عند بجماهير الأمة بالخير والصلاح والاستقامة فهو صالح خير مستقيم إن شاء الله، لأن الأمة شهداء الله في أرضه.  

٤ـ أن من عرف بفجوره واشتهر بانحرافه، فهو كذلك بحسب الظاهر، وإن كنا لا نقطع له في باطن الأمر، كا قال الإمام أبو جعفر الطحاوي ( ت: ٣٢١ه): ((نرجوا للمحسن ونخاف على المسيء)).  

٥. أن من اختلف فيه علاء الأمة ما بين مادح وقادح، ومعدل ومجرح، فهذا من ينبغي الحذر في الحكم عليه. والأسلم تفويض أمره إلى الله، والاستغفار له في الجملة، لأن إسلامه ثابت بيقين، وكفره مشكوك فيه، وبهذا كما يقول الذهبي: يصفوا قلب المسلم من الغل للمسلمين.

فصول الكتاب:

الفصل الأول: إنصاف الذهبي في تراجمه (الغزالي -ابن حزم -.عياض).

الفصل الثاني: تحذيره من سفك الدماء.

الفصل الثالث: ذمه للخوارج وإنصافه في الحكم عليهم.

الفصل الرابع: تحذيره من المسارعة إلى التكفير بغير برهان قطعي.

الفصل الخامس: تحذيره من التكفير بسبب الاختلاف في فروع العقائد.

الفصل السادس: تحذيره من التبديع لأجل زلة أو هفوة.

الفصل السابع: دفاعه عن الأئمة والتماسه الأعذار لهم.

الفصل الثامن: دعوته إلى وجوب المحافظة على الأخوة برغم الخلاف.

الفصل التاسع: تقريره بأن كلام الأقران يُطوى ولا يُروى.

الفصل العاشر: دعوته إلى ترك الإغراق في صراعات التاريخ.

الفصل الحادي عشر: تمييزه بين مستويات البدعة.

الفصل الثاني عشر: تقريره بأن العبرة في الرواة الصدق والإتقان وإن تلبسوا ببدعة.

الفصل الثالث عشر: نقده كثرة الخوض في مضائق العقائد ومعضلاتها.

الفصل الرابع عشر: نهيه عن القول بالمسائل الشاذة.

الفصل الخامس عشر: توسطه في مسألة الاجتهاد والتقليد.

الفصل السادس عشر: نقده لعلل وأدواء طلبة العلم.

الفصل السابع عشر: دعوته إلى ترك التحدث بمسائل العلم التي تضر العامة.

الفصل الثامن عشر: تحذيره من الغلو في العبادات.

الفصل التاسع عشر: توقيره للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفا.

الفصل العشرون: توسطه في مسألة الأسماء والصفات.






الأحد، 8 مايو 2022

زغل العلم للإمام أبي عبد الله محمد بن قايماز الذهبي (673 -748 هـ)

زغل العلم

للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن قايماز الذهبي

(673 -748 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لا يماري أحدٌ في فضيلة العلم وشرفه، ومكانة أهله، فذلك معلومٌ ظاهرٌ، فقد رفع الله تعالى من شأن العلم، وحثَّ على الازدياد منه، وأمر بالتزود منه؛ فقال تعالى: {وقل رب زدني علماً} (طه: 114)، وقال سبحانه: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة: 11).

واستشهد الله عز وجل بأهل العلم على أجلِّ مشهودٍ به، وهو توحيده، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة الملائكة، وهذه تزكيةٌ لهم وتعديل وتوثيق، لأن الله تعالى لا يستشهد بمجروحٍ، فقال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (آل عمران: 18)، ورويت في هذا الباب عشرات الأحاديث والآثار في فضل العلم ومكانته، وفضل مدارسته وغير ذلك.

وأمام هذه الفضائل المتنوعة والكثيرة للعلم وأهله، نجد أن بعض من سلك سبيل التعليم انحرف عن غاياته النبيلة من عمارة الكون وإثارة التفكير البنّاء، وإصلاح دنيا الناس وأديانهم إلى متاهات العصبية العمياء، والتفتيش عن الحيل، والاشتغال بالمعارك الكلامية، والفتاوى الجدلية، والزغل الذي هو الغش والخديعة، فحطَّ بعضهم على بعض، وافترى بعضهم على بعض، وولج كثيرٌ منهم في الشُّبهات، كُلُّ ذلك تحصيلاً لملاذ الدنيا وحطامها الفاني، وابتغاء الرفعة والرياسة والجاه عند الساسة والأغنياء، فظهر ما يُسمى بعلماء السوء الذين قصدوا من العلم التنعم بالدنيا، والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند أهلها.

وهذا الكتاب هو تحفةٌ أثرية رائعة، لواحدٍ من العلماء الأفذاذ وهو الإمام الحافظ الذهبي، الذي تناول فيه أصناف العلوم المنتشرة في عصره، وبيّن رأيه فيها، وحال المشتغلين بها، كعلم القراءات والتجويد وعلوم الحديث، وتكلم عن فقهاء المذاهب في عصره، وعن النحو واللغة وغيرها، مُبيناً مخالفة أهل عصره لسلوك الرعيل الأول من الصحابة والتابعين والأئمة الأوائل رحمهم الله تعالى. ومُشدداً النكير على المُقلّدة والجهلة الجامدين على التقليد الأعمى بلا برهان ولا دليل.

وأوضح المصنف -رحمه الله -أن العلم إذا لم يكن داعياً إلى العمل فلا فائدة منه، بل هو وبالٌ على صاحبه، وخزيٌ وندامة، وقد ذم سبحانه من آتاه علماً فلم يهتدِ به، ولم ينتفع به يوم القيامة، فقال: {ويوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ* فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ* فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (القصص: 65 - 67).. قد جاءت النصوص في هذا الباب شاهدةً بأن شرَّ الناس منزلةً عند الله تعالى يوم القيامة من كان لا يعمل بعلمه. وعلى رأس هؤلاء العلماء الفجرة الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً، نسأل الله العفو والعافية.

وبيَّن المصنف طريقة السلف في طلبهم للعلم وتحصيله وأنهم شدوا الرحال في سبيل ذلك. وإذا كان الإمام الذهبيُّ يشكو من علماء عصره ويتأوَّه من حالهم، فما نقول نحن عن علماء زماننا؟ لا سيما الذين يتبجحون بالألقاب التي أصبحت ديدن كثيرٍ منهم.

وافتتح الحافظ الذهبي كتابه هذا، بقوله: "اعلم أن في كل طائفةٍ من علماء هذه الأمة ما يُذمُّ ويُعاب، فتجنبه…"، وذكر في القراء من يغالي في إقامة الحروف مع غفلته عن معاني الآيات، ومنهم من يعاني التنغيم والتمطيط، ومنهم من يبالغ في إحضار غرائب الوجوه والسكت… وذكر من أهل الحديث من همته جمع الحديث دون فقه ما فيه، ومن يروي عن كل من هبَّ ودب… ثم نعى على قضاة المالكية تسرعهم في الإفتاء بالتكفير  والقتل … ونعى على الحنفية تحايلهم على الربا وإبطال الزكاة … ودعا الفقهاء الشافعية إلى التواضع وترك المراء في البحث والمناظرة… وبرَّأ الحنابلة من تهمة التجسيم … وحذر النحويين من ترك علوم الكتاب والسنة … وأنه ينبغي الاعتناء بعلم اللغة وتفسير السلف … وأن من يدرس أصول الفقه عليه أن يجتهد فيه … وأنه في أصول الدين ينبغي ترك المسائل التي ترك السلف البحث فيها … وأنه لا يُعتنى من علم المنطق إلا بما يُفيد … ويجب ترك علوم الفلسفة بالكلية … وأن من يشتغل بعلم الفرائض لا ينبغي أن يستغرق منه كل وقته، بل يتوسط في تعلمه … وأن لا يشتغل بعلم البلاغة والإنشاء إلا من يتقي الله فيما ينشئه … ولا يشتغل بالشعر من رقَّ دينه … ومن باشر علم الحساب ينبغي له أن يتق الله لئلا يسرق … وكذلك علم الشروط "القضاء" … وكذلك الوعظ ينبغي على صاحبه أن يوسع ثقافته وأن يكون من الأتقياء الزُّهاد.

وختاماً، نقول: 

إن تصحيح النية والصدق والإخلاص لله تعالى شرطٌ أساسيٌّ في طلب العلم.

وقد بين الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/ 152 -153) أثر صلاح النية وفسادها على طلاب العلم، فقال ما مُلخصه: 

((كان السلف يطلبون العلم لله، فنبلو، وصاروا أئمةً يُقتدى بهم … وقومٌ طلبوه بنيَّةٍ فاسدةٍ لأجل الدنيا، وليُثنى عليهم، فلهم ما نووا … وترى هذا الضرب لم يستضيؤوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله -تعالى-.

وقوم نالوا العلم، وولوا به المناصب، فظلموا، وتركوا التقيد بالعلم، وركبوا الكبائر والفواحش، فتبا لهم، فما هؤلاء بعلماء! وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار. وبعضهم اجترأ على الله، ووضع الأحاديث، فهتكه الله، وذهب علمه، وصار زاده إلى النار)).



الأحد، 10 أبريل 2022

ثمرة التسارع إلى الحب في الله تعالى وترك التقاطع تأليف: الشيخ محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي (١٢٨٣ - ١٣٣٢ هـ)

ثمرة التسارع إلى الحب في الله تعالى وترك التقاطع

تأليف: الشيخ محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي 

(١٢٨٣ - ١٣٣٢ هـ)
اختصره مع بعض الإضافات: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد/ من أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، وقد وضع المؤلف -رحمه الله- رسالته هذه شذرات نبوية تؤكد هذا المعنى بين المؤمنين، فذكر ثمانية عشر حديثا في فضل المحبة في الله وأجرها وثوابها، وأحد عشر حديثا في النهي عن التقاطع والتهاجر؛ فما أحوجنا أيها الإخوة لهذه الكرامات والعلاقات الطيبة في هذه الأوقات الصعبة التي تفرق فيها الناس وتشتتوا؛ فقلما تجد من يعينك على الخير وفعله.

● قال صلى الله عليه وسلم:

"إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة، وأثبت في المودة" (صحيح الجامع١/ ٢٨٠).

● وقال صلى الله عليه وسلم: 

"ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حباً لصاحبه" (صحيح الجامع: ٢/ ٥٥٩٤).

●  فضل (الحب في الله تعالى) ..

١ - الحب في الله أوثق عرى الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل" (صحيح الجامع١/ ٢٥٣٩).

٢ - الحب في الله يكمل الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" (صحيح الجامع٢/ ٥٩٦٥).

٣ - لذة الإيمان في الحب في الله:

قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر، بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". (البخاري:١/ ٥٦، ومسلم:٤٣).

٤ - يكون مع الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة:

ففي حديث السبعة الَّذين يظلهم الله، يوم لا ظل إلا ظله: "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" (البخاري:٢/ ١٩٩، ومسلم:١٠٣١).

٥ - الحب في الله يوجب محبة الله تعالى:

قال تعالى في الحديث القدسي: "حقت محبتي للمتحابين في" (صحيح الجامع٢/ ٤٣٢١).

٦ - الحب في الله أساس الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تؤمنوا حتى تحابوا" (صحيح الجامع٢/ ٧٠٨١).

٧ - الحب في الله، سبب من أسباب دخول الجنة:

قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (صحيح الجامع٢/ ٧٠٨١).

٨ - الفوز بالدرجات العالية في الجنة:

قال تعالى في الحديث القدسي: "المتحابون فيّ على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم، النبيون والصديقون والشهداء" (صحيح الجامع٢/ ٤٣٢١).

٩ - الحب في الله تحقيق للإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (البخاري:١/ ٥٣، مسلم:٤٥).

١٠ - الحب في الله سبب لاستجابة الدعاء:

قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل" (رواه مسلم:٢٧٣٢).

١١ - الحب في الله سبب لمغفرة الذنوب:

 قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا" (صحيح الجامع: ٢/ ٥٧٧٧).

١٢ - الحب في الله سبب للألفة، والألفة من الإيمان:

 قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" (صحيح الجامع:٢/ ٦٦٦).

١٣ - الحب في الله يجعلك من خيار الناس:

قال صلى الله عليه وسلم: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه" (صحيح الجامع١/ ٣٢٧٠).

 قال بعض الحكماء: خير الأصحاب من إذا رأوك على خير أعانوك، وإن رأوك على شر ذكّروك. .

١٤ - الحب في الله يشعر بطعم الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله" (صحيح الجامع: ٢/ ٥٩٥٨).

١٥ - المحب يحشر مع أحبابه في الجنة:

قال صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" (البخاري:١٠/ ٤٦٢، مسلم:٢٦٤١).

١٦- الجلوس على منابر من نور:

قال صلى الله عليه وسلم:"يقُولُ الله تَعَالى: "المُتَحَابُّونَ في جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِن نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ والشُهَدَاءُ" (صحيح رواه الترمذي: ٢٣٩٠).

--------------------------------
● ومِمَّا وَرَدَ في النَّهْي عَن التَّهَاجُرِ والتَّقَاطُعِ:

١- أنه يحرم من صفة الخيرية:

 قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث لَيَالٍ، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". (رواه البخاري: ١١/ ٢١، ومسلم: ٤/ ١٩٨٤).

٢- معصية أمر الرسول صلى الله عليه وسلم:

 وقال صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ والظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسوا، وَلَا تَجَسَّسوا، وَلَا تناجَشوا، وَلَا تَحَاسَدوا، وَلَا تَبَاغَضوا، وَلَا تَدَابَروا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا" (رواه البخاري: ١٠/ ٤٨١، ومسلم: ٤/ ١٩٨٥).

٣- أنه لا يغفر له حتى يصطلح مع أخيه:

قال صلى الله عليه وسلم: "يَفْتَحُ اللهُ أَبْوَابَ الجَنَّة يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا، إِلَّا رَجُلٌ كَانَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاء، فَيُقَال: أَنْظِروا هذَينِ حتَّى يَصْطَلِحَا". (رواه مسلم: ٤/ ١٩٨٧).

٤- أن هجره مدة سنة كسفك دمه:

صلى الله عليه وسلم - يقُول: "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً، فَهْوَ كسَفْكِ دمِهِ". (رواه أبو داود، وصححه الألباني: ٤٩١٥).

٥- أن الهجر سبب لدخوله النار:

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار". (رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم: ٧٦٥٩).




الأربعاء، 30 مارس 2022

توضيح الأحكام من بلوغ المرام عبد الله بن عبد الرحمن البسام بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

توضيح الأحكام من بلوغ المرام

عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لا بد لكل من ينتمي إلى الفقه أن تكون له عناية بأحاديث الأحكام، وبالآثار الورادة عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ومن بعدهم بخصوصها، ليكون على بينة من أمره، فيصون نفسه عن معارضة النص بالعقل، ويحترز من مخالفة الإجماع في المسائل التي أجمعوا عليها. وقد سعى علماء هذه الأمة إلى جمع أدلة الأحكام، والكلام عليها متناً وسنداً ودلالةً على اختلاف أذواقهم ومشاربهم في شروط الأخبار، وعلى تفاوت مداركهم في الاستنباط من النصوص والآثار.

ومن أشهر المصنفات في أحاديث الأحكام كتاب (بلوغ المرام من أدلة الأحكام)، للإمام الحافظ بن حجر العسقلاني، والذي ضمنه أصول الأحاديث المتعلقة بالفروع عدا الكتاب الأخير فيه الذي سماه الجامع، وهو كتاب غير مسند، يعزو الأحاديث لمن أخرجها، وقد يذكر أقوال العلماء في الحكم على الحديث، وعدد أحاديثه (1596).

● المقصود بأحاديث الأحكام

وإذا أردنا تعريف أحاديث الأحكام؛ فهي: الأحاديث الصحيحة والحسنة التي يمكن بصحيح النظر فيها الوصول إلى حكم شرعي عملي.

وأيضا فإن "أحاديث الأحكام" مركب إضافي قبل أن تكون علَمًا على نوع معين من الأحاديث النبوية، وتعرّف باعتبارها مركبًا إضافيًّا بأنها: (الأحاديث النبوية المتعلقة بالأحكام الشرعية العملية).

● الكتب المؤلفة في أحاديث الأحكام

ومن أحسن الكتب المؤلفة في أحاديث الأحكام للأقدمين سوى الصحاح والسنن والمسانيد: (مصنف) ابن أبي شيبة، و(معاني الآثار) للطحاوي، و(الإشراف) لابن المنذر، وشروحات (مختصر الطحاوي)، و(مختصر الكرخي) و(الجامع الكبير) للجصاص، و(التمهيد والاستذكار لابن عبد البر، و(الأحكام) لعبد الحق الإشبيلي، و(الوهم والإيهام) لأبي الحسن بن القطان، وكتب البيهقي والنووي، و(الإمام) و(الإلمام) و(شرح العمدة) لابن دقيق العيد، و(اللباب في الجمع بين السنة والكتاب) لأبي محمد المنبجي، و(الاهتمام بتلخيص الإلمام) لقطب الدين الحلبي، وقد أصلح ما غلط فيه ابن دقيق من عزو الحديث في الإلمام إلى غير من رجه، وتحقيق ابن الجوزي و(منتقى المجد) ابن تيمية، و(تنقيح) ابن عبد الهادي، وكتب التخاريج كلها، ومن أنفعها وأوسعها (نصب الراية) للجمال الزيعلي، و(المعتصر) للجمال الملطي، و(تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد) للزين العراقي، و(فتح الباري) لابن حجر، و(شرح الهداية)، وغير ذلك مما لا يُحصى من الكتب المؤلفة في أحاديث الأحكام.

ومن أهم المؤلفات في أحاديث الأحكام والتي يتداولها الطلبة والعلماء بالشرح والتحليل:

1-منتقى الأخبار: وهو للإمام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني المعروف بابن تيمية الحنبلي (590 -625) وهو جد شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، وقد انتقاه من صحيحي الإمامين البخاري ومسلم، ومسند الإمام أحمد، والسنن الأربعة، واستغنى بالعزو إلى هذه الكتب عن الإطالة بذكر الأسانيد، وهو كتابٌ جليل الفائدة، وقد تضمن (5920) خمسة آلاف وتسعمئة وعشرين حديثاً، وهي أدلة الفقه الإسلامي.

وقام بشرحه محدث اليمن ومجتهدها القاضي محمد بن علي الشوكاني (1173 ـ 1250هـ) بكتابه نيل الأوطار، وأحاط فيه بكل حديث، وجمع فيه من فقه الحديث ما لا يمكن أن تعثر عليه في كتاب آخر.

2- بلوغ المرام من أحاديث الأحكام: للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (733 -852 هـ)، وقد تضمن (1576) ألف وخمسمائة وستة وسبعين حديثاً. 

وقد قام بشرحه علامة اليمن في القرن الثاني عشر السيد محمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني (1099 ـ 1182هـ) بكتابه الشهير المسمى سبل السلام، وهو شرح قيِّم بالإضافة إلى الشروحات الكثيرة والمعاصرة.

3-عمدة الأحكام: للإمام الحافظ تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي، ثم الدمشقي (541 -600 هـ)، وهو يشتمل على (419) أربعمائة وتسعة عشر حديثاً، من أعلى أنواع الصحة، الذي اتفق عليه الشيخان في صحيحيهما، فكان كتابه قريباً سهلاً، لا يستغني عنه مسلم. وقد شرحه تقي الدين محمد بن علي القشيري المعروف بابن دقيق العيد شرحاً وسطاً. قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنه كتاب الإسلام ، وإنه ما عمل أحد مثله، ولا الحافظ الضياء ، ولا جدَّي أبو البركات)، ثم جاء علامة اليمن ومحيي علوم السنة في وقته السيد البدر محمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني شارح كتاب بلوغ المرام المتقدم ذكره، فكتب حاشية نفيسة على كتاب (شرح العمدة).

4- تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد:

لمجدد المائة الثامنة زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي المولود عام (725هـ) المتوفى عام (806 هـ). جمع فيه أحاديث الأحكام لابنه أبي زرعة.

قال في خطبته : (وبعد فقد أردت أن أجمع لابنى أبي زرعة مختصراً في أحاديث الأحكام يكون متصل الأسانيد بالأئمة الأعلام؛ فإنه يقبح بطالب الحديث ألا يحفظ بإسناده عدة من الأخبار يستغني بها عن حمل الأسفار في الأسفار وعن مراجعة الأصول عند المذاكرة والاستحضار... ثم قال: ولما رأيت صعوبة حفظ الأسانيد في هذه الأعصار لطولها وكان قصر أسانيد المتقدمين وسيلة لتسهيلها رأيت أن أجمع أحاديث عديدة في تراجم محصورة وتكون تلك التراجم فيما عُدَّ من أصح الأسانيد إما مطلقاً على قول من عممه أو مقيداً بصحابي تلك الترجمة)، ثم أخذ يبين طريقته في نقله عن الكتب وعزوه إليها. وهو كتاب عظيم في بابه.

وقد شرح تقريب الأسانيد هذا مؤلفه نفسه، وقد بدأ الشرح بمقدمة في تراجم رجال إسناده وضم إليهم من وقع له ذكر في أثناء الكتاب لعموم الفائدة .

ولكنه لم يكمل هذا الشرح بل شرح منه عدة مواضع وقد أكمله ابنه أبو زرعة المذكور المتوفى سنة (826 هـ) واسم هذا الشرح: (طرح التثريب في شرح التقريب) وهو كتاب حافل بالفوائد والأبحاث جرى فيه مؤلفه على البحث العلمي الحر دون تعصب لمذهب من المذاهب وإن كان مذهبه ، مما رفع من شأن هذا الكتاب أضف إلى ذلك ما شحنه به من النكت الفقهية والفوائد الحديثية .

● كتاب توضيح الأحكام للبسام

اعتنى المؤلف البسام بأحاديث الأحكام في شرح كتاب (عمدة الأحكام) في كتابه (تيسير العلام)، كما شرح (بلوغ المرام) في كتابه (توضيح الأحكام)، وقد ذكر المؤلف رحمه الله في بداية هذا الكتاب مداخل اشتملت على أصول مهمة في أصول الفقه ومصطلح الحديث والقواعد الفقهية والمقاصد الشرعية، وبين الشروح التي اطلع عليها واقتبس منها، وبيّن -رحمه الله -صلته بهذا الكتاب وأنها قديمة أيام حفظه ودراسته على الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله، ثم دراسته في دار التوحيد على الشيخ محمد عبد الحكيم.

وذكر أنه لم يزل ملازماً لهذا الكتاب لوفور بركته، حتى يسر الله هذا الشرح المستفاد من خزائن محفوظاته القديمة ودراساته السابقة، مضيفاً إلى ذلك النقول الكثيرة من المراجع المعتمدة إما بنصها أو اختصاراً،ويوردها دون الإخلال بمعناها.

وقد فصّل الشيخ البسام هذا الشرح على نحو يسهل الاستفادة منه للطلاب، وذلك ببيان درجة الحديث، وتفسير الغريب، وتفصيل الخلاف في المسائل، وضم القرارات الفقهية للمجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء في مكانها المناسب.

● اصطلاح الشيخ البسام في هذا الكتاب

بيَّن المؤلف البسام اصطلاحاته في هذا الشرح بأن مراده من قوله:

- "الشيخ" فمرادي: شيخ الإسلام أحمد بن تيمية.

-"قال ابن عبد الهادي" فمن كتابه المحرر.

- "في التلخيص" فمرادي التلخيص الحبير؛ للحافظ ابن حجر.

- "قال الصنعاني" فهو من سبل السلام.

- "قال الشوكاني" فأعني من نيل الأوطار.

- و"قال صديق حسن" يعني: من الروضة الندية.

-"قال الألباني" فهو من إرواء الغليل، وقليل من حاشيته على المشكاة.

- ومرادي بـ"الروض" الروض المربع، ومرادي بـ"الحاشية" حاشية الروض؛ للشيخ عبد الرحمن بن قاسم. وقد علق على هذا الكتاب الشيخ محمد سليمان بن عبد العزيز آل بسام .