ذم من لا يعمل بعلمه
لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر
(499 -571 هـ)
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ ما أتعس أولئك الذين جعلوا الدين مركباً للدنيا، فأعمالهم بحسب الظاهر هي أعمال أهل الإيمان، ولكنَّك إذا فتشت بواطنهم: وجدت الانحراف والزيغ والضلال، فتراهم أبعد الناس عن قوانين الأخلاق، ومبادئ الشرع، بل تراهم مائلين في غالب أحوالهم إلى أهواء السياسيين ورغباتهم، وعاجزين غاية العجز عن قول كلمة الحق بين جدارن البرلمانات وأروقة الحكم، فهؤلاء الذين يُخادعون الناس بأعمالهم، هم الخاسرون يوم القيامة، الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، ويحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً.
فالمقصود الأول من العلم تنقية العقل وتزكية الروح وتصفية القلب، فحال طالب العلم بين الناس حال القمر الذي يُضيء، كما قيل:
(تُضيءُ في الليلة الظلماء سُنّته .. كما يُضيء لمن يسري به القمرُ)
وإن من أكبر آفات التعليم أن يتعلم المتعلم ولا يعمل بعلمه، ولذلك كانت مسؤوليته كبيرة أمام الله وأمام الناس، كما قال الله تعالى: {فلنسئلنَّ الذينَ أُرسلَ إليهم} (الأعراف: ٢٦) أي لنسالنَّ الأمم الذين أرسل الله إليهم المرسلين عما أجابوا به رسلهم.
وقال الله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} (سورة القصص: ٢٦٥). يقول سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن (٥/ ٢٧٠٦) في تفسير آية سورة القصص: (إن الله ليعلم ماذا أجابوا المرسلين، ولكنه سؤال التأنيب والترذيل، وإنهم ليواجهون السؤال بالذهول والصمت: ذهول المكروب، وصمت الذي لا يجد ما يقول: {فعميت عليهم الأنباء يومئذٍٍ وهم لا يتساءلون} والتعبير يلقي ظل العمى على المشهد والحركة، وكأنما الأنباء عمياء لا تصل إليهم، وهم لا يعلمون شيئا عن أي شيء! ولا يملكون سؤالاً ولا جواباً. وهم في ذهولهم صامتون ساكتون!).
فليس العلم إذن بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية، ورأس العلم تقوى الله حقاً، ولذلك كان العلماء الربانيون مخبتين لله تعالى، يقومون الليل ويستغفرون بالأسحار، ويتركون المعاصي والمحرمات، قال الحسن البصري: (كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه، وبصره، ويده)، رواه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٤٩١/١)، وابن الدواليبي في كتاب فضل العلم وفضل حملته (ص ٥١).
والأساس الذي ينبغي أن يقود طالب العلم هو الإخلاص، والصدق، والاتباع، وحب نشر العلم، وقد كان من إخلاص الإمام أحمد قوله: "لو وجدتُ السبيل لخرجتُ ولا يكون لي ذكر"، وقوله: "أريدُ أن أكون في بعض الشعاب بمكة حتى لا أُعرف، قد بُليتُ بالشُّهرة، وإني لأتمنّى الموتَ صباح مساء" (أحمد؛ لأبي زهرة: 6).
فمن أراد التصدُّر للناس فلينطق بعلم، أو يسكت بلحلم، وليجعل لكل مقامٍ مقال، ولكل نُزُلٍ رجال، وإن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم.
وإن العالم الحق هو الذي يُظهر الحق للناس ويُبينه، لا الذي يُزين الباطل ويزخرفه، بل إن العالم الحق دوماً في مواجهة الباطل بكل ما يقدر عليه من عبارة وإشارة وبرهان، فيُبطل الباطل ويُميزه ويُشينه ويُقبحه للنفوس بكل طريق مؤدٍّ إلى ذلك، أما الذين كتموا الحق، وتخاذلوا عنه؛ فقد عكسوا الأمور فانعكست أحوالهم، {ومن أظلم ممن كتم شهادةً عنده من الله}.
ومن ينظر لواقع المسلمين اليوم، لا سيما من يظهر بثياب المتشرعين والمُصلحين يجد أننا تأخرنا تأخراً أطمع فينا الثعالب والذئاب، فضربتنا اليد الخالية، واليد العاطلة على السواء، وضحك منا السياسيون وصُنَّاع القرار، ونال منا عُبّاد الأوثان ومن لا يعبد شيئاً قط.
ولا شك -والحالة هذه -أن تعليم العلم الشرعي وبثه بين عموم المسلمين له أجرٌ كبير، وثوابٌ عظيم، وقد قيل في حقِّ من يطلب الخير ثم لا يسعى إليه:
ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها … إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ
ويبقى العلم لمن علّمه وبذله طريقاً موصلاً مُدخراً بعد وفاته، وكما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة: (إذا مات الإنسانُ انقطعَ عملُه إلا من ثلاثةٍ: من صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ يُنتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو لهُ)، رواه مسلم (1631)، والترمذي (1376).والنسائي (3651)، وأحمد في المُسند (14/ 438).
وهذا استثناءٌ معناه الحصر في هذه الثلاثة فقط. بمعنى أن هذه الأعمال الثلاثة هي التي يبقى أجرها لهم بعد وفاته لكونه سببها، والعلم الذي ينتفع به الإنسان بعد وفاته هو ما خلفه في كتبه، أو علّمه لغيره واستفاد الناس من ذلك الكتاب أو الطلبة الذين علّموا هذا العلم لغيرهم.
وقال الإمام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/ 175): "وهذا -أي الحديث -وفضله وعظم ثمرته، وإن ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام ينتفع به، فكأنه حي لم ينقطع علمه، مع ما له من حياة الذكر والثناء، فجريان أجره عليه إذا انقطع عن الناس ثواب أعمالهم حياة ثانية" انتهى.
وهذا الكتاب يمثل المجلس الرابع عشر من مجالس الإملاء التي كان يعقدها الحافظ ابن عسكر في مسجد دمشق، وهو واحد جملة أماليه التي بلغت (408) إملاء، وقد تضمن الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة والموضوعة أحياناً والآثار المُسندة والمُعلقة والمرسلة، والأشعار الموزونة في ذم أولئك الذين يتعلمون العلم ثم لا يعملون به، وفي ذم الذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، وفي ذم علماء السوء.
وجملة ما في الكتاب من الأحاديث (13) حديثاً مرفوعاً، و(4) من الآثار، وقصيدة شعرية واحدة، وقد تعقب كل حديثٍ بالحكم عليه، مُبيناً علته في الغالب، ولكنا نبين ذلك باختصار:
1-عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عن أربع: عن ماله مما اكتسبه؟ وفيما أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا صَنَعَ فيه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن عمره فيما أَفْنَاهُ؟))
[أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في اقتضاء العلم: 1].
2-عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أربع خصال، عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتسبه؟ وفيما أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فيه؟))
[صححه المنذري في الترغيب والترهيب: 4/ 298، والألباني في اقتضاء العلم: 2].
3- عَنْ أَبِي أُمَامَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رُبَّ عابدٍ جَاهِلٍ، وَرُبَّ عالم فاجر، فاحذوا الجُهَّالَ مِنَ العُبَّادِ، والفُجَّارَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ فِتْنَةُ الفُتَنَاءِ))
[ضعيفٌ جداً، وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (2/ 14)، والديلمي في «الفردوس» (3249)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (10/ 171)].
4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَشَدُّ -وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ، إِنَّ أَشَدَّ- النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ- وَفِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، لَا يَنْفَعُهُ- الله عز وجل بعلمه))
[ضعيفٌ لا يتطرق إليه احتمال التحسين، كما قال المنذري في الترغيب والترهيب: 1/ 103، وضعفه السيوطي في الجامع الصغير: 1047].
5- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيامَةِ عَالِمٌ لَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ)).
[ضعيفٌ، فيه عثمان البري، والبلاء منه].
6-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عالمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ))
[إسناده ضعيف جداً، فيه: عثمان بن مقسم البري متروك].
7-عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا أَعْلَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ويلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ، وويلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَّ لَا يَعْمَلُ. ثلاثاً))
[إسناده ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع، وضعفه الألباني في اقتضاء العلم: 64].
8-عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، أَوْ أَوْحَى إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ: قُلْ لِلَّذِينَ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيرِ الدِّينِ وَيَتَعَلَّمُونَ لِغَيرِ الْعَمَلِ. وَيَطْلُبُونَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوكَ الْكِبَاشِ قُلُوبُهُمْ كَقُلُوبِ الذِّئَابِ. أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ. إِيَّايَ يَخْدَعُونَ أَوْ بِي يَسْتَهْزِئُونَ فَبِي حَلَفْتُ لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانَ))
[منكر، في إسناده عثمان الوقاصي، وهم متهمٌ بالوضع، وقال العراقي في تخريج الإحياء: 1/ 89: إسناده ضعيف].
9-عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَثَلُ الْعَالِمِ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَيَنْسَى نَفْسَهُ، كَمَثَلِ السِّرَاجِ يضيء للناس ويحرق نفسه)).
[حديث حسن، حسنه المنذري في الترغيب والترهيب: 1/ 102، والهيثمي في الزواجر: 1/ 167، والألباني في قيام رمضان: 8].
10-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الله يعافي الأميين يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا لَا يُعَافِي الْعُلَمَاءَ)).
[حديث منكر، غريب من حديث ثابت، تفرد به سيار عن جعفر، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع: 1741].
11-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خِيَارُ أُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا رُحَمَاؤُهَا، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْجَاهِلِ أَرْبَعِينَ ذَنْبًا قَبْلَ أَنْ يَغْفِرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبًا وَاحِدًا، أَلَا وإِنَّ الْعَالِمَ الرَّحِيمَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ نُورَهُ قَدْ أَضَاءَ يَمْشِي فِيهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَمَا يسري الكوب الدُّرِّيُّ))
[حديث موضوع باطل، كذا حكم عليه الذهبي في ميزان الاعتدال: 3/ 477، وقال أبو نُعيم في الحلية: غريب من حديث الثوري وابن المبارك، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 367: باطل].
12-عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ فِي جَهَنَّمَ رَحًى تَطْحَنُ عُلمَاءَ السُّوءِ طَحْنًا)).
[حديث موضوع باطل، قاله الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: 5/ 205، وفيه سويد بن عبد العزيز واهٍ جداً].
13- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اطَّلَعَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالُوا: بِمَ دَخَلْتُمُ النَّارَ؟ وَإِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَعْلِيمِكُمْ، قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ وَلَا نَفْعَلُ)).
[ضعيف، قال ابن الجوزي في القصاص والمذكرين 39: غريب تفرد به أبو العيناء عن أبي عاصم، وضعف إسناده الألباني في اقتضاء العلم: 72].
14- وعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ.
15-دَخَلَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَلَى الْحَسَنِ؛ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ قَدِمَ زَوْجُهَا أَنْ تَصُومَ مِنْ يَوْمِهَا شَهْرًا. فَقَدِمَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ.
فَقَالَ الْحَسَنُ: صَامَتْ شَهْرَهَا وَوُفِّي نَذْرُهَا.
قَالَ مَطَرٌ: إِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا.
فَقَالَ الْحَسَنُ: ثكلتك أمك مطر. وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا قَطُّ؟!
وَهَل تَدْرِي مَنِ الْفَقِيهُ؟ الْفَقِيهُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ الَّذِي لَا يَهْمِزُ مَنْ فَوْقَهُ وَلَا يَتَضَجَّرُ بِمَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا يَأَخُذُ عَلَى علمٍ عَلَّمَهُ اللَّهُ حُطَامًا.
16-وعن بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: الْعِلْمُ حَسَنٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ. وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ يَعْنِي بِهِ مَا أَضَرَّهُ! وَقَالَ: هَذِهِ حُجَجٌ أَوْ قَالَ: هَذِهِ حُجَّةٌ يَعْنِي عَلَى مَنْ عَلِمَ.
17-وقال بشر بن الحارث: مِنْ كَلَامِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ عَلِمَ وعَمِلَ وعلَّم فَذَاكَ يُدْعَى عظيماً في ملكوت السموات.
18- وقال مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ لِبَعْضِهِمْ:
اعْمَلْ بِعِلْمِكَ تَغْنَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ ... لَا يَنْفَعُ الْعِلْمُ إِنْ لَمْ يَحْسُنِ الْعَمَلُ
وَالْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَقْوَى اللَّهِ زِينَتُهُ ... وَالْمُتَّقُونَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِمْ شُغُلُ