أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 أغسطس 2021

كتاب الأربعين على مذهب المتحققين من الصُّوفية؛ لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني

كتاب الأربعين على مذهب المتحققين من الصُّوفية

تأليف الإمام أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (336 -430 ه)

تحقيق بدر بن عبد الله البدر

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا جزءٌ حديثي، جمع فيه الإمام أبو نُعيم أربعين أصلاً من أصول المتصوفة التي بنى عليها (المحققين من المتصوفة) مذهبهم في السلوك والاعتقاد، وتضمنت هذه الأصول ستين حديثاً، واستثنى بذلك الأصول التي وضعها الفُسَّاق وأهل الزيغ والإلحاد ممن ينتسب إلى الصوفية، وكثيراً ما كان يُشنِّع عليهم، والفائدة من وضع هذه الأصول هو التمييز بين التصوُّف الحقيقي والبدعي، وهذه الأصول وإن كان في بعضها شطط، وتكلُّف إلا أن جملتها قريبةً من زهد أهل السُّنة، لذا نرى كثيراً منها يخالف النهج العقيم الذي ارتضاه كثيرون من المنتسبين إلى التصوُّف، ممن لابس الفسق والفجور والإلحاد.

وجعل أبو نُعيم هذه الأصول كالعمدة لمن أراد أن يقتفي آثارهم، وينتحل أخلاقهم، ويعلم أنهم كانوا من أقول الناس بالحق، وآخذهم بالكتاب والسُّنة، وقد رتبها بطريقة جيدة، وعبَّر عنها بالسَّجع القصير المتضمن لبعض التكلف، أو ذكر معاني غير ظاهرة في الحديث، وبالجملة فهو في كل أصل يُعبر عن كل حالة من حالاتهم، سواءً ظهر وجه ذلك في الحديث أو لم يظهر.

وقد تضمن هذا الجزء الكثير من الأحاديث الضعيفة التي لا تصلح للاعتضاد، وبنى أبو نُعيم عليها أصول تصوف المتحققين، فجملة الأحاديث الضعيفة ثلاثين حديثاً، وأما الضعيف جداً، والوهي بمرة فهي خمسة أحاديث، وبالتالي فإن ما لا يحتجُّ به من هذه الأحاديث خمسة وثلاثين حديثاً من أصل ستين.

وهنا أذكر الباب، وأردفه بتعليق أو تعقُّب أو انتقاد:

١ - باب البيان عن علو مراتبهم وترفيع منازلهم.

التعليق: في إيراد أبي نُعيم لحديث فضالة في أهل الصُّفة، إشارةٌ إلى أمرين: الأول اختيار الفقر للمتصوف، والثاني: نسبة التصوف إلى أهل الصُّفة، ويُجاب على هذين الأمرين، بأن الصحابة لم يختاروا الفقر مع وجود الغنى، وإنما هي حالةٌ سجلها التاريخ في مرحلة من المراحل، وقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم له ميأتي على وجه التثبيت، وبيان فضلهم وأجرهم عند الله، وأما بالنسبة لنسبة التصوف إلى أهل الصُّفة؛ فهو غلط من الناحية الصرفية، لأن المنسوب إلى الصُّفَّةِ هو الصُّفيُّ وليس الصُّوفيّ، وإنما التصوُّف هو لبس الصُّوف، وكان أوائلهم مختصون بلبسه.

٢-  باب البيان عن ذكر أوصاف المتحققين بالفقر

التعليق: إن اختيار الفقر كطريقة للتقرب إلى الله عز وجل أمرٌ خاطئ تماماً، وليس فيه تحقيقٌ كما يقول أبو نُعيم، وقد اشتهر المتصوفة الأوائل بذلك في البصرة، حتى أنهم سموا الجوعية أو الفقراء، وامتهن بعضهم التسوُّل، وتخلى بعضهم عن أملاكه، وتركوا الكسب، واتجه كثيرون منهم إلى التسوُّل، ولكبار الصُّوفيَّة قصص مأساوية تتحدث عن فقرهم المدقع والشديد، والصواب: أن المال الصالح مطيَّةٌ حسنة للعبد الصالح في طريقه إلى الله عز وجل، وخير عمل المرء ما كان من حلال.

٣- ومن أصولهم: السكون إلى ضمانه، والتعري من الإعراض وطغيانه

التعليق: يقصد أبو نعيم بهذا الأصل: دوام الإنفاق في سبيل الله ثقةً بما عند الله، وألا يتخلى عنها بحال، أو إيثار جمعه لطغيان حُبِّه في القلب. وهي حالةٌ حسنة لمن وُفِّق لها.

٤- ومن أصولهم: العدول عن الإدخار، والتبرؤ من الاختيار

التعليق: وهذا يشبه الأصل الذي قبله، ولعله تفصيلٌ له، وأن النفقة والبذل أولى من حالة الادخار والإمساك، وكما أن الرزق لا يأتي بالاختيار، كذلك نفقته لا تكون بالاختيار، وإنما بالموافقة لأمر الله فيه، وهذه حالٌ حسنةٌ أيضاً.

٥- ومن أصولهم: خروجهم من التبييت حذراً من التعبير والتبكيت

التعليق: لم يظهر لي وجه هذا الأصل من الحديث، ولا أجد لها معنىً حاضرٌ في ذهني، ويبدو أن أبا نُعيم كان يكتب بمشاعره لا بما يُعبر الحديث عنه، وادِّعاء تناسق ذلك مع الحديث تكلُّفٌ ظاهرٌ، لا ينبغي لعاقل أن يفعله.

٦- ومن أصولهم: التجزي بالكفاف تزييناً للعفاف

التعليق: وهذا أصلٌ جيِّد، وهو أن يقتصر الإنسان في طلب قوته على ما يكفيه، وإن كان لديه ما يفيض عن حاجته فإنه يتصدق به سداً لما نقص من كفاية غيره، وأن حالة صاحب الكفاف ينبغي أن تكون العفَّة، فيترك سؤال ما زاد عن الحاجة، وهذه زينةٌ ظاهرة وباطنة، وحالةٌ محمودة.

٨- ومن أصولهم: الإعراض عما يُلهي رعايةً لما يُدني

التعليق: وهذا أصلٌ جيدٌ أيضاً، وهو إيثار ما يُقرب من الله عز وجل، وترك كل ما يُلهي عنه، لأن في القرب تعرُّضٌ لما يُدني إلى الله وما يُحبُّه الله سبحانه، وفي التلهي بُعدٌ وإعراض عن الله، وهي حالةٌ مذمومة، ولو كان ذلك في أيسر الأشياء.

٩- ومن أصولهم: التبرُّم بما ينقضي ويبلى حنيناً إلى ما يدوم ويبقى

التعليق: وهذا أصلٌ جديرٌ بالعناية، وهو الملل والضجر بكل ما فناؤه متحققٌ ولو مآلاً، ومنها هذه الدنيا الفانية بمتاعها ومُتعها، ويدخل في ذلك المُتع المحرمة التي تنقضي بسرعة وتبقى عواقبها وندامتها في الآخرة، وهذا التبرُّم المحمود يقتضي إفراغ القلب مما يشغله من هذه الملهيات، وشغله بالحنين إلى ما يدوم ويبقى، وهو الله والدار الآخرة، فيعمل لما عساه يوفيه حسابه، ويزيده من فضله، والله يرزق من يشاء بغير حساب.

١٠- ومن أصولهم: اعتمادهم على حميد كفاية الله في الانقطاع إليه، واحترازهم من عرض الدُّنيا خوفاً من الركون إليه

التعليق: الانقطاع إلى الله عز وجل محمودٌ إذا كان المُراد به الانقطاع القلبي المقرون باعتقاد أن كمال قدرة الله، والثقة بموعوده، واللجوء إلى رحابه، وكذلك يكون محموداً إذا كان فيه احترازٌ عن كل ما يقطع عنه من أمور الدنيا، ففرق بين الانقطاع عنه والانقطاع منه، وبالطبع لا يُقصد بذلك العزلة عن الناس الناتجة عن الألم والمرارة والحسرة؛ فهذه حالة مذمومة، أو غيرها أكمل منها.

١١- ومن أصولهم: إدمانهم المراقبة في الإعلان والمخافتة

التعليق: وهذا أصل الأصول، وهو إحسان العبادة إليه، وإحسان الشكر له، وإحسان الصبر على قدره، فيراقب الله في خواطره وجوارحه، وظاهره وباطنه، وعلانيته وسره، ولا يقصد بذلك غير الله، ومن أدمن مراقبة الله عز وجل في الباطن لا بُدَّ وأن يُشرق ظاهره بالكملات التي أولها اتِّباع السُّنة، وترك البدع، وترك الحظوظ النفسانية.

١٢- ومن أصولهم: الجدُّ والمواظبة على جهاد النفس والمخالفة

التعليق: ويدخل في هذا المعنى كل مجاهدةٍ للنفس، وينبغي التفريق بين المجاهدة والكبت والحرمان؛ وإنما تظهر المجاهدة إذا اجتمع حقان أحدهما لله، وحقيقة ذلك إيثار ما يُحبُّه الله على محابِّ العبد ومرغوباته، ومن المحمود مخالفة النفس في غالب الأحيان؛ لأنها كثيراً ما تتصف بالرغبة إشباعاً للهوى واستجابةً لوساوس الشيطان، وإليه يُشير قول البوصيري في بردته:

وخالف النفس والشيطان واعصهما … وإن هما محّضاك النُّصح فاتَّهمِ

١٣- ومن أصولهم: تنفيرهم أبناء الدنيا عن ارتضاعها والاستهانة بمؤثرها واتضاعها

التعليق: يُشير بهذا الأصل إلى حقيقة أن هذه الدُّنيا كالأمِّ الرؤوم التي لا تفتأ تُرضع أبناءها، ولا يشبعون من هذا الرّضاع، لأن درَّها لذيذ، وهي حانيةٌ على كل من تعلق بها، وكلمازاد درُّها ازداد تعلُّق الطفل بها، فإن استمر العبد على هذه الحال، أخرج من الدنيا وهو لم يشبع منها بعد، كذلك لا ينبغي للعبد الصالح أن يفرح بها ويزهى إذا أقبلت بزينتها وجمالها، ولا يحزن عليها إذا أدبرت بمنغصاتها وآلامها.

١٤- ومن أصولهم: أنهم الرُّعاة لكل حق، والحُماة لكل حد

التعليق: يُشير بذلك إلى ما ينبغي عليه أن يكون المؤمن الصالح، وهو رعاية حقوق الله، وحقوق النفس والأهل، وحقوق العباد، فيردون المظالم إلى أهلها، ويعرفون لكل ذي حقٍّ حقَّه؛ فلا يغشون ولا يكذبون ولا يمتهنون عباد الله، ولا يسخرون من الناس، كما أنهم الحماة لكل حدٍّ من حدود الله؛ بصفتهم آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر، حافظون لحدود الله، فيكون حرصهم على عدم ارتكاب أسباب الفسق الظاهرة، ولا يتلبسوا بخوارم المروءة المذهبة للعدالة، وهم ليسوا معصومين قطعاً، وحفظهم جارٍ قدراً ولا يمنع ذلك ارتكاب صغيرةٍ أو تلبُّسٍ بكبيرة، ولكن إذا أذنبوا تابوا، وإذا عصوا لم يُجاهروا، ومن ليس هذه حاله، فإنه منافقٌ كبير، وزنديقٌ خطير؛ فليُحذر منه أشدَّ الحذر.

١٥- ومن أصولهم: تحسين المخالفة وتمهيد العذر للموافقة

التعليق: وهذا من أصول الصُّحبة والاجتماع على الخير، وهو الارتفاق بالأصحاب والإحسان إليهم، وأن المخالفة في الرأي لا تُفسد الود، وفي هذا ردٌّ عن الثرثارون المتشدقون الذين يزعمون أنهم يكشفون ستر الله عن عباده، ويطلعون على أحوالهم وأسرارهم، ويتخلقون بأخلاق العتاة والمتكبرين، كذلك من الأصول تمهيد العذر بجعله أصلاً وركيزةً لكل من يظهر منه تكاسلٌ وتخلُّف وتقاعس، لأجل دوام الموالفة والمحبة والود، ويشترط أن لا تكون الموالفة في معصية أو بدعة عملية كانت أو اعتقادية، فإن كانت الموالفة في بدعة أو شرك أو معصية؛ فبئس الجليس جليسهم.

١٦- ومن أصولهم: رعاية حقوق المجاورة وصيانة النفس عن المحاورة

التعليق: فيرعى كل واحدٍ حق صاحبه المجاور له في طريقه إلى الله عز وجل، ويدخل فيه أدب المسلم مع أخيه المسلم، بل أدب المسلم مع جيرانه ولو كانوا غير مسلمين، كذلك ينبغي صيانة النفس عن الجدل العقيم الذي يثير مكامن الأحقاد ويظهر أسوأ ما في النفوس، إذا كان للدُّنيا، وأما الجدل لإظهار السُّنة وإبطال البدعة، ومحو الشرك ونشر التوحيد الذي جاء به السَّلف؛ فهذا أمرٌ محمود.

١٧- ومن أصولهم: إيثار الفقراء والغرباء على النفس والأهل والقرباء

التعليق: وهذا ليس على إطلاقه، فلكلِّ واحدٍ ممن ذكرهم حقٌّ ينبغي مراعاته، وإنما ذلك بحسب الأولى والأصلح؛ حتى لا يضيع الحقوق الواجبة بالحقوق المندوبة، فلكل مقام مقال.

١٨- ومن أصولهم: اختيار البذل والإنفاق والسلو عن خوف العوز والإملاق

التعليق: وهذا الأصل يشبه الأصل الرابع والخامس، فلا معنى للإعادة، ولا اعتراض على التكرار؛ فإن في الإعادة إفادة.

١٩- ومن أصولهم: اغتنامهم خدمة الشيوخ والفقراء استناناً بسيد النبيين والسفراء.

التعليق: يُستحب خدمة الصالحين والعلماء وأهل الفضل من أصحاب السُّنة والاستقامة، خلافاً للمبتدع وصاحب الخرافة، فإنه تكره خدمته، أو حضور مجلسه، أو التسليم عليه بالسيادة، أو تقبيل يده، فإن في ذلك إعانةً على هدم الدين، وترك السُّنة، وخدمة الصالحين والعلماء سُنَّة السَّلف رضوان الله عليهم؛ لإظهار فضلهم، وإعلاءً لمكانة حملة الشريعة والسُّنن، وهم ورثة الأنبياء حقاً وصدقاً، ودعك من أصحاب الدعاوي، فما أكثرهم في الطرق المبتدعة، ولا تغتر بأصحاب المظاهر أو عمائم الجهال؛ فكم سار فيها من الرمائم وذميمي الخصال.

٢٠- ومن أصولهم: نصبهم الموائد لاغتنامهم الفوائد.

التعليق: المراد بالفوائد أي الأجور والثواب عند الله سبحانه، فيطعمون الفقراء وجوعى المسلمين احتساباً لا يطلبون على ذلك مدحاً ولا ثناءاً ولا شكوراً، وهذا خُلقٌ حميد ينبغي لكل مسلم الاتصاف به، ومانراه اليوم من بعض المتصوفة من ينصب الموائد فخراً ورياءاً وسُمعةً وطلباً للثناء الحسن والجميل، ومنهم من ينصب الموائد لأصحاب المراكز والرتب ابتغاء الرفعة والعلو في الأرض، والظهور في الناس، غير البدع والأهواء التي تملأ أركانهم وقلوبهم، نسأل الله تعالى أن يُريح البلاد والعباد منهم.

٢١- ومن أصولهم: الرعاية للتزاور والتآخي طلباً للتحابب والتباهي

التعليق: المراد أنهم يحرصون على زيارة إخوانهم في الله طلباً لرضوان الله، وطلباً لمباهاة الله جل وعلا بهم في الملأ الأعلى؛ فنعم الجليس الصالح للجليس الصالح، وبئس الجليس السوء للجليس السوء، .

٢٢- ومن أصولهم: المثابرة على مصاحبة الأولياء والمسارعة إلى مؤاكلة الأنقياء

التعليق: الأولياء هم الأتقياء، وذكر الترادف من باب التنويع، فالمسلم الصادق يسعى لصحبة أولياء الله عز وجل من المؤمنين والصالحين والعلماء، لأنه ينال بصحبتهم كل خير، وفي المقابل ينفر عن أدعياء الولاية الذين يُظهرون التمسُّك بالسُّنن وهم أبعد الناس عنها، ويتشبثون بالبدع وقد أشربت قلوبهم حُبَّها، فعليك بصحبة أهل السُّنة، أصحاب الاعتقاد الخالص، والعمل الصحيح، كذلك مؤاكلتهم، فإن المؤاكلة تورث المشاكلة أو المجانسة.

٢٢- ومن أصولهم: الاجتماع على الأكل والإطعام والالتماس للبركة والإكرام.

التعليق: ومعلومٌ أن الاجتماع على الأكل والطعام سُنَّة، وكذلك الاجتماع فيه رجاء البركة والخير، شرط أن يكون الاجتماع على خيرٍ وسُنَّة، أما إذا كان الاجتماع على بدعةٍ عملية أو انحرافٍ عقدي، أو معصيةٍ ظاهرة؛ فهذا يورث الشرَّ والفساد في القلوب والأبدان.

٢٣- ومن أصولهم: رفضهم للتصنع والتكلف صيانةً للتكرم والتعفف

التعليق: وهذا ظاهرٌ جداً، فعلى المسلم ألا يتكلف إحضار ما لا يجده، بأن يستدين أو يكلف نفسه فوق طاقته لأجل الإطعام أو الضيافة، وخير الضيافة مما حضر.

٢٤- ومن أصولهم: عدولهم عن الترفُّه والتنعم، احترازاً من التولي والتصرم

التعليق: لا ينبغي لعباد الله سبحانه أن يُنسيهم ما هم فيه من النعيم حلاوة مناجاة المُنعم، ولذة القرب منه، وإلا كانت العقوبة العاجلة إعراض الله عنه، وقسوة قلوبهم لأنها لم تعد مطالع لإشراق الذكر والعبادة والمعرفة.

٢٥- ومن أصولهم: أنهم هجروا المراقد واستوطنوا المساجد

التعليق: والمراد باستيطان المساجد، أي: تعلُّق القلب بها، لا دوام المكوث فيها، وإنما يأتيها الفينة بعد الفينة، والصلاة بعد الصلاة، وإذا مكث لا يُطيل مكوثه؛ لئلا تتعطل مصالحه الدنيوية التي هي حقوقٌ أوجبها الله عليه، كذلك يستوطنون المساجد في الليل، وهي مساجد البيوت التي هي سُنَّةٌ هجرها كثيرٌ من الناس، فيقيمون الليل، ويقفون بين يدي الله سبحانه لمناجاته، ويلتمسون الأوقات الفاضلة، لا سيما الثلث الأخير من الليل؛ حيث النزول الإلهي.

٢٦- ومن أصولهم: توطين النفس على القناعة توقياً من الملامة والشفاعة

التعليق: أي تعويد النفس على القناعة بما أفاضه الله عليك من خزائن جوده، وسحائب عطفه وإحسانه، لئلا تخرج النفس عن طور العبودية بالرضا إلى الملامة والخُسران، في هذا الأصل تكلُّفٌ في الألفاظ.

٢٧- ومن أصولهم: التحرز من مخالطة الأغنياء، والتشمير في ملاحقة الأصفياء

التعليق: ولم يكن أبا نُعيمٍ موفقاً حينما ابنتى كثيراً من أصوله على الأحاديث الضعيفة، التي في الصحيح غُنيةٌ عنها، وهي أرشدُ من غيرها، والتحرز من مخالطة الأغنياء ليس على إطلاقه، بل التحرز من مخالطة عموم البشر مُقيَّدٌ بمجالس الغفلة واللهو، وأما المجالس التي يجتمع فيها الأغنياء والفقراء على طاعة الله وتعلم أحكام دينه، فلا يحترز منها، كذلك لا بُد من المسارعة في صحبة الأتقياء وأهل الفضل والسُّنة.

٢٨- ومن أصولهم: الاستقامة في التوحيد مع الملازمة للتجريد

التعليق: الاستقامة هي اتباع النبيِّ صلى الله عليه وسلم بلزم سنته، وامتثال أمره، واجتناب نهيه، وأعلى ذلك الاستقامة في توحيد الله عز وجل، برف جميع العبادات الباطنة والظاهره له وحده، فلا يتخذ من دون الله أنداداً يدعوهم أو يستغيث بهم أو يشركهم في الدعاء والعبادة، فكل ذلك كفرٌ لا ينبغي لمن يدعي الزهد والصلاح أن يقترفه، بل ولا أن يخطر بباله وهذه هي حقيقة الملازمة للاستقامة في التوحيد، لكي يكون القلب دائماً متجرداً مما سوى الله سبحانه، فيهدم كل تلك التعلقات بغيره سبحانه.

٢٩- ومن أصولهم: الظفر بالخصال التي ظفر بها العمال

التعليق: لا ينبغي للعبد الصالح أن تفوته الخصال الحسنة والأخلاق الكريمة، والمرأة الصالحة التي تُعينه على خيري الدنيا والآخرة، ولا يُلتفت لأولئك المتصنعون الذين يزعمون الزهد بالرهبنة وتحريم ما أحلَّه الله من المآكل والمشارب، فأولئك هم الضلال فاحذرهم.

٣٠- ومن أصولهم: التحقق بالإيمان الجامع، والتمكن من العلم النافع

التعليق: وهذا الأصل ظاهر، ولا يحتاج إلى بيان، والعلم النافع: هو كل ما يُقربك إلى الله، وشرطه أن يكون مبناه على المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم الخروج عن شريعته قيد أنملة.

٣١- ومن أصولهم: لوامع اليقين للمتحققين يدافع دعاوى المدعين

التعليق: أن اليقين إذا وقر في قلوب الصادقين من عباد الله، فإنه يُدافع كل ما يُناقضه أو يُحاول أن يُنقصه أو يُنغصه، فكلما عرضت فترة أو كسل أو تراجع، اشتعل ذلك اليقين في القلب ليعود به إلى حالته الأولى؛ حيث يتعافى مما اجترحه من الآثام والسيئات.

٣٢- ومن أصولهم: القلبُ المُعمَّر بالنور والمحبَّة سالٍ عما يعقب المذبة والسبَّة

التعليق: لا شكَّ أن المحبة لله عز وجل ولنبيه صلى الله عليه وسلم توجب للعبد أن لا يلتفت لكل أولئك الذين ينتقدون في سبيل التزامها والتقيُّد بأحكامها، فلا عليك من لوم اللائمين، ولا مسبَّة الشامتين، لأن النهاية حتماً ستكون مشرقة وسعيدة، نسأل الله سبحانه أن يتولانا برحمته، ويرزقنا حسن الخاتمة.

٣٣- ومن أصولهم: التقرُّب بالنوافل يوجب أشرف المنازل

التعليق: وهذا أصلٌ لا شكَّ فيه، فكثرة الطاعة على هدى، يورث العبد أعلى المنازل وأرفعها وأشرفها.

٣٤- ومن أصولهم: إخفاء محن الأسرار من ذخائر الأبرار

التعليق: ويقصد بذلك ما يتعرض له القلب من الإحن والآلام وما يعانيه من الغربة التي يحتاج معها إلى الشكوى والعتاب والبوح، ولكن كتمان ذلك ابتغاء رضوان الله من أجل العبادات، وذخيرةٌ يدخرها الله للصالحين من عباده.

٣٥- ومن أصولهم: القلب الفارغ التقي، ترده المعارف الخفي

التعليق: وفي هذا الأصل تكلُّفٌ ظاهر في السجع، والمعنى واضح.

٣٦- ومن أصولهم: تقديم مقام المعارفين على مقامات المريدين 

التعليق: وينبغي ترك هذه التقسيمات، فإنه لا طائل تحتها، فكلنا عباد الله، وقد أقرَّ المتصوفة بأن أقصى مقامات العارف الجهل، ونحن إنما نريد المؤمن اليقظ الذي يُديم المراقبة لأوامر الله ونواهيه، ودع عنك هذه التكلفات والدعاوى التي لا يصلح بها حال، ولا يرتفع منها عمل.

٣٧- ومن أصولهم: العارف مصون عن .. والتطيش، مأمورٌ خلاف النفس والتفتش

التعليق: التكلف في ألفاظ هذا الأصل ظاهر، وهو من السجع المكروه، فليته ترك كثيراً من هذه الألفاظ، ويزيد الطين بِلَّةً الأحاديث الواهية والضعيفة جداً التي يُعلق عليها مثل هذه الأصول، فيالله الثبات.

٣٨- ومن أصولهم: من راعى من نفسه التحفُّظ والتحرُّس صحَّ منه الاعتبار والتفرُّس

التعليق: وهذا واضح؛ فمن حفظ سمعه وبصره وقلبه من خواطر السوء ونظر السوء؛ فإن فراسته ونظره في العواقب صحيحة، وليس معنى ذلك أن الغيوب تتكشَّف له أو أن الله سبحانه يهتك له ستر أخيه؛ فيطلع على خاصة أحواله، فمن زعم ذلك فهو على ضلال، فاحذره.

٣٩- ومن أصولهم: إباحة التنسُّم بشجى الأغاني، عند فتور النفس والتواني

٤٠- ومن أصولهم:مما يستحب سماعه من الغنا ما يصفو عن اللغو والخنا

التعليق: والذي أريد الإشارة إليه في هذين الأصلين إلى أن سماع القصائد والأناشيد الزهديات مُباحٌ، شرط ألا يشتمل هذا السّماع على موسيقى مُحرَّمة، أو خمور ودخان وطبول، أو رقص وخلاعة ومجون، ويحرم الانشاد بالكلمات الشركية؛ كالاستغاثات بغير الله تعالى، ودعاء غيره مما هو كفرٌ معلوم لدى العامة والخاصة، والأولى ترك هذه السماعات التي تورث القلب النفاق والقسوة بما تحويه من الكذب والمبالغات.




السبت، 7 أغسطس 2021

الأربعون المخرجة من مسموعات الفراوي

الأربعون المخرجة من مسموعات الفراوي 

تأليف أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي (ت 530 هـ)

تحقيق الشيخ الحبيب: 

قاسم محمد ضاهر أبو محمد البقاعي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا جزءٌ فيه أربعين حديثاً من الأربعينات النفيسة؛ التي يرويها أبو عبد الله الفراوي رحمه الله تعالى -بأسانيد عالية إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد اشترط فيها أن يكون شيخة كأنه سمع الحديث من البخاري (ت 256 هـ) أو من مسلم (ت 261 هـ)، أو منهما جميعاً، ولكن يأتي به من طريق آخر عن شيوخه، وهو بالنسبة لشيوخ الفراوي يُعدُّ من نوع "المصافحة"، وهي الاستواء مع تلميذ ذلك المصنف الذي روى عنه؛ فكأنه صافح ذلك التلميذ، وقد وقع المساواة في حديثٍ واحد، وهو الحديث السابع والثلاثين.

وهو في الجملة من العلوم المتعلقة بعلو الإسناد، ولطائفه.. وقد صنفه الفراوي للطلبة الراغبين في الحديث العالي، وقد بيَّن الفراوي ذلك عقب كل حديث.

الأحاديث التي وقعت عالية لشيوخ الفراوي، وترتيب ذلك بحسب مناسبة عدد الرواة، ووقوع الرواية لهم عن الشيخين أو أحدهما:

أ- ما وقع عنهما جميعاً، وجملتها "سبعة أحاديث"  (1، 2، 3، 4، 8، 9، 38).

ب- ما وقع عن البخاري وحده، وجملتها "عشرة أحاديث" (5، 10، 13، 14، 22، 25، 26، 30، 33، 35).

ج- ما وقع عن مسلم وحده، وجملتها "اثنين وعشرين حديثاً" (6، 7، 11، 12، 15، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 23، 24، 27، 28، 29، 31، 32، 34، 36، 39، 40).

د-ما وقع للفراوي كأنه سمع مباشرةً من الإمام مسلم، وذلك في حديثٍ واحد (37). 

ذكر شيوخ الفراوي الذين وقع لهم هذا العلو، في هذا الجزء:

  • إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني (ت 455 ه)، وله حديثان (= 1، 38).

  • أحمد بن الحسن الأزهري (ت 463 هـ) (= 15).

  • أحمد بن منصور بن خلف المغربي (ت 459 هـ) (= 5).

  •  عبد الغافر بن محمد الفارسي (ت 448 هـ)، وله أربعة أحاديث (= 3، 16، 24، 39).

  • عبد الله بن محمد … (ت ؟!!) وفي مخطوط المكتبة الظاهرية غير مفهوم بمقدار كلمة، وقال المحقق إنه الطوسي (= 11).

  • عمر بن أحمد بن مسرور الزاهد (ت 448 هـ) (= 33).

  • سعيد بن أبي سعيد العيار الصوفي (ت 457 هـ)، وله أربعة أحاديث (4، 9، 13، 29).

  • سعيد بن محمد البحيري، ويُقال له: "المُزكّى"، و "العدل"، و"المُلقباذي" (ت 451 هـ) وقد أشار إلى ذلك المحقق جزاه الله خيراً، وله ست عشرة أحاديث (= 2، 6، 8، 10، 12، 13، 18، 21، 25، 28، 30، 32، 34، 36، 37، 40).

  • محمد بن عبد الرحمن الأديب، ويُقال له "الكنجروذي" (ت 453 هـ)، وله خميسة أحاديث (= 7، 17، 22، 26، 31).

  • محمد بن محمد الهاشمي (ت 479 هـ)، وله حديثان (= 19، 27).

  • محمد بن علي الخشاب الصوفي (ت 456 هـ)، وله ثلاثة أحاديث (= 20، 23، 35)..



الجمعة، 6 أغسطس 2021

نظرات على الأربعين في شيوخ الصوفية لأبي سعد أحمد بن محمد الهروي الأنصاري (ت 412 هـ)

نظرات على الأربعين في شيوخ الصوفية

 لأبي سعد أحمد بن محمد الهروي الأنصاري

 (ت 412 هـ)

تحقيق د. عامر حسن صبري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ هذا الكتاب جمع فيه الماليني أخبار بعض المتصوفة الذين نالوا حظاً من ثناء العوام، واشتهرت نسبتهم إلى الصلاح والعبادة، فروى أربعين حديثاً من طريقهم، اشتملت على الترغيب في الآخرة، وجملةٌ حسنة من الأخلاق الكريمة، والتزهيد في الدُّنيا، والحثِّ على إصلاح العمل والقلب واللسان، مع ذكر طرفٍ من كلامهم وأخبارهم، وكان كتاب الماليني مصدراً مهماً لمن جاء بعده في توثيق أخبار مَن ذَكرهم في كتابه، ومعرفة أحوالهم.

وينبغي ملاحظة أمرٍ هو في غايةٌ الأهميَّة، وهو: أن كثيراً من الزُّهاد والعُبّاد نُسبوا إلى التصوُّف لعبادتهم وصلاحهم؛ لا أنهم سلكوا طريق التصوُّف الاصطلاحي المعروف، فكان يُقال: فلانٌ الصُّوفي يعنون بذلك أنه صالحٌ عابد، ويدلُّ لذلك أنه لم يؤثر عن هؤلاء الزُّهاد شطحٌ أو شيءٌ مما تلبَّس به المتصوفة الآخرون؛ وقد ميَّزتُ أسماء الزُّهاد بلونٍ مختلف، كي يُعرفوا ويتميزوا من غيرهم.

وبعض هؤلاء الشيوخ الذين ذكرهم الماليني-كما سترى -مجاهيل لا يُعرفون، وبعضهم من ذُكِرَت ترجمته في كتب الصوفية فقط، وبعضهم لم تذكره المصادر أصلاً، أو لا نعرف من أخبارهم إلا النزر اليسير.

وفي بعض ما نقله الماليني من الأخبار: غلوٌ ظاهر، وبعضها لا وجه لإيراده، وبعضها عليه انتقادٌ معروف، وبعضها كذبٌ ظاهر وخرافةٌ محضة.

وكان الماليني على عقيدة السَّلف الصالح في أسماء الله عز وجل وصفاته في الإثبات من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل، وقد أثنى عليه ابن تيمية بذلك، وذكر أن له جهوداً في الردَّ على طائفة الأشعرية والكلابية، وهو تلميذ أحمد بن عيسى الخرّاز الصُّوفي المعروف، وقد صحبه أربع عشر سنة، ويغلب على الظنَّ أن المتصوفة الأوائل أو من نُسبوا إلى الزُّهد والعبادة كان عامتهم على عقيدة السَّلف الصالح.

وقد خدم هذا الكتاب الشيخ عامر صبري، وطبع في دار البشائر ببيروت، وذكر ترجمةً وافية لأبي سعد الماليني، وذكر بعض ما يؤخذ عليه في جزئه هذا من تدليس الشيوخ، وتجاوزه في كتاب الحاكم ودعوى أن كل ما فيه ضعيف.

 على أن بعض من ذكرهم الماليني -عند التحقيق -لا يُعدون في المتصوفة وإنما هم من جملة الزُّهاد والصالحين المُعظّمين للسُّنة، المحاربين للبدعة، وذكرهم هنا تزييناً لمذاهب المتصوفة، وليسوا منهم في شيء.

وقد اشتمل هذا الكتاب على واحدٍ وعشرين حديثاً صحيحاً وحسناً، وبعض هذه الأحاديث ضعيفة، ولكنها ارتقت إلى الحسن لغيره لوجود متابعات لها، أو شواهد، أما الأحاديث الضعيفة، فقد بلغت: أحد عشر حديثاً، وبلغت الأحاديث المتروكة أو التي لا تثبت: سبعة أحاديث.

وقد أحصيتُها؛ فكانت كما يلي: الأحاديث الضعيفة في الكتاب (١، ٣، ٦، ٧، ١١، ١٧، ١٨، ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٢، ٢٣، ٢٥، ٢٧، ٣٠، ٣١، ٣٦، ٣٨، ٤٠). والأحاديث الضعيفة جداً (٥، ٢٦، ٣٣) والأحاديث الباطلة والموضوعة (٢، ٢٨، ٣٥) وأما الأحاديث الصحيحة والحسنة (٤، ٨، ٩، ١٠، ١٢، ١٣، ١٤، ١٥، ١٦، ٢٤، ٢٩، ٣٤، ٣٧، ٣٨).

وختم الماليني كتابه ببعض الحكايات المتضمنة لبعض الدعوات، وجعلها كآخر ما يختم به المصنفون كتبهم.

١. ذِكْرُ معروف الكرخي (ت 200 هـ).

٢. ذكر سري بن المغلس السقطي (ت 253 هـ)

٣. ذكر الجنيد بن محمد (ت 297 هـ).

٤. ذكر عمرو بن عثمان المكي (ت 291 هـ)

٥. ذكر محمد بن يعقوب بن الفرجي، توفي بعد (270 هـ/ 884 م).

٦. ذكر محمد بن محمد بن أبي الورد (العابد) (ت 262 هـ)

٧. ذكر محمد بن منصور الطوسي (ت 254 هـ).

٨. ذكر أبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز (ت 279هـ).

٩. ذكر الحسن بن علي المسوحي، توفي قبل (270 هـ).

١٠. ذكر أبي علي المشتولي الصوفي (340 هـ).

١١. ذكر سهل بن عبد الله التستري (ت 283 هـ)

١٢. ذكر فضيل بن عياض (ت 187 هـ).

١٣. ذكر علي بن الفضيل بن عياض، توفي قبل (180 ه).

١٤. ذكر أبي العباس بن مسروق (ت 298 هـ).

١٥. ذكر الحارث المحاسبي (ت 243 هـ).

١٦. ذكر خزرج بن علي البغدادي =وهو مجهول الحال (ت ؟؟!).

١٧. ذكر علي بن الموفق العابد (ت 265 هـ).

١٨. ذكر بشر بن الحارث (ت 227هـ).

١٩. ذكر ذي النون المصري (ت 245 هـ).

٢٠. ذكر أبي بكر محمد بن سيد حمدويه (ت 301 هـ)

٢١. ذكر أبي عبيد البسري، قبل سنة (ت 280 ه).

٢٢. ذكر أبي الحسن بن شعرة =شيخٌ مجهول (ت 301 هـ).

٢٣. ذكر بُنان الحمال (ت 316 هـ).

٢٤. ذكر محمد بن عياش =شيخ مجهول (ت ؟!!).

٢٥. ذكر موسى بن محمد الحديثي الصوفي =شيخٌ مجهول (ت ؟!!).

٢٦. ذكر علي بن محمد السيرواني الكبير =مجهول الحال (ت ؟!!).

٢٧. ذكر يوسف بن الحسين الرازي (ت 304 هـ).

٢٨. ذكر أبي الحسن علي بن محمد الدينوري (ت 331 هـ).

٢٩. ذكر أبي سهل بن يونس (ت 331 هـ).

٣٠. ذكر إبراهيم بن المولد (ت 342 هـ).

٣١. ذكر أبي بكر المصري =مجهول لا يُعرف (ت ؟!!).

٣٢. ذكر فتح الموصلي (ت 220 هـ)

٣٣. ذكر محمد بن يوسف البنا (ت 286 هـ).

٣٤. ذكر أحمد بن جعفر بن هاني القطان (ت  ؟!!).

٣٥. ذكر أبي الطيب الهاشمي (ت 373 هـ).

٣٦. ذكر عباس بن الشاعر (ت 373 هـ).

٣٧. ذكر أبي الحسن القرافي =شيخٌ مجهول (ت ؟!!).

٣٨. ذكر أبي القاسم النصراباذي (ت 367 هـ)

٣٩؟. ذكر أبي العباس البردعي، توفي قبل (370 هـ).

٤٠. ذكر أبي علي بن حمزة الجعفري =شيخٌ مجهول (ت ؟!!).






الثلاثاء، 3 أغسطس 2021

المهدية في الإسلام منذ أقدم العصور حتى اليوم دراسة وافية لتاريخها العقدي والسياسي والأدبي، تأليف: سعد محمد حسن

المهدية في الإسلام منذ أقدم العصور حتى اليوم

دراسة وافية لتاريخها العقدي والسياسي والأدبي

تأليف: سعد محمد حسن

[من علماء الأزهر ومدرس بوزارة المعارف].

دار الكتاب العربي بمصر، الطبعة الأولى، جماعة الأزهر للتأليف والترجمة والنشر


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد/ لقد فاضت المصادر العربية التاريخية بأخبار "المهدية"، ومن ادعوها في مختلف العصور، ويرى علماء الحديث أن أحاديث المهدي بلغت مبلغ التواتر المعنوي، ولما غلت بعض الطوائف في هذه العقيدة، وادَّعاها أقوامٌ لأنفسهم، كان لا بُد من كتاب يجمع شتات هذه "النظرية"، أو "الفكرة"، أو "العقيدة"، ويؤلف منها قصة تاريخية محكمة البنية، ليدرك القارئ العربي المسلم الاتجاهات التي يسير فيها العالم الإسلامي بوعي، أو بغير وعي منه في هذه القضية، وتكون حسنة العرض، سهلة الأسلوب، تُساعد الإنسان العربي والمسلم على فهم أبعاد هذه العقيدة، والاعتقاد الصحيح بها.

وعبر التاريخ الإسلامي، قامت العدد من الحركات الثورية التي رفعت لواء المهدية، وشغلت حيزاً كبيراً من صفحات التأريخ بما أوحت إلى الناس من فتن واضطرابات، وبما أقامت من حكومات وأسقطت من أخرى، وبما أفسدت من عقول ساذجة، خدعها بريق الفكرة ولونها الديني؛ فأجابت دون وعي كل ناعقٍ وناعب، وانساقت يلهبها الشعور والعاطفة وراء كل ثائر وداعية، منذ فجر التاريخ الإسلامي وحتى نهاية القرن المنصرم.

ولا شك أن معالجة هذا الموضوع، سيكون له أثره الكبير على من يدينون بالمهدية في العراق وإيران والهند والحجاز لا سيما الشيعة والمتصوفة، وهذا الكتاب يُعالج هذه القضية نوعاً ما.

وللمؤلف تجاوزات كثيرة، وتعبيرات خاطئة اعتمد فيها على بعض مؤلفات الشيعة، كشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد -وهو في نظر المؤلف من معتدلي الشيعة، ويرى المؤلف أن حركة العصبيَّة القبلية لدى أهل اليمن دفعتهم لاختراع قضية القحطاني، والكلبي، واختلق المضريون التميمي، وكان العباسيون أبعد الناس نظراً، حيث استغلوا ظهور شخصيات ادَّعت المهدية والسفيانية لتوطيد سلطانهم. 


الفصل الأول: الإمامة في الإسلام:

وفيه بيان من هم أهل البيت المخصوصية بالإمامة؟ وما هي نظرة الشيعة لأحقيَّة عليِّ في الخلافة، ورواياتهم حول انتقال الإمامة إلى أبي بكر رضي الله عنها، وما هي شروط الإمامة أو "الخلافة" عند أهل السُّنة والجماعة؟ ووجوب طاعته، وموقف الخوارج والشيعة من الإمامة، فالأزارقة من الخوارج تبيحها لكل من هو أهلٌ لها، بينما النجدات تمنع من وجود إمام، ويرى الشيعة أن الإمامة أفضل من النبوة، ويعدونها أصلاً من أصول الدين، والإمام عندهم معصوم، يُوحى إليه، بينا يرى أهل السنة وجوب احترام عليٍّ بن أبي طالب دون مساس بحقوق أسلافه في الخلافة، ويرونه رجلاً ذا فضلٍ ومعارف جليلة، وغالى فيه بعض المتصوفة فاعتقدوا فيه ما تعتقده الشيعة، بينما أخرج الفاطميون عن ربقة الدين لاعتقادهم أن ذات الإله تحل في الإمام، وانظر إلى مدح ابن هانئ للمعز لدين الله الفاطمي.

القرابة عند الشيعة 

الإمامة عند الفرق الإسلامية

الإمامة عند أهل السنة

الإمامة عند الخوارج  

الإمامة عند الشيعة  

الفصل الثاني: الرجعة

والرجعة في جملتها معتقد يهودي، ونقل الشهرستاني أن اليهود اتخذوا من قصة "عزير" حيث أماته الله مائة عامٍ ثم بعثه مبرراً للقول بها، كما رأوا ذلك في موت هارون عليه السلام. ونظراً لما ساد في المجتمعات الشرقية من الجهل والاستبداد اخترعوا عقيدة عُرفت عندهم بـ"المخلص" أو "المنقذ"، فمسيحيو الأحباش ينتظرون عودة مليكهم "تيودور" كمهدي في آخر الزمان، كما يؤمن كثيرٌ من المسيحيين برجعة "المسيح" لإنقاذ العالم من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ويعتقد المغول بأن "تيموجين" (جنكيز خان) الذي تُقدم على ضريحه القرابين كان قد وعد قبل موته بعودته إلى الدنيا بعد تسعة قرون لتخليص قومه من نير الحكم الصيني، كما أن الهنود ينتظرون عودة "فيشنو" إلى الوجود، وهذه العقيدة هي التي ولَّدت قضية "المهدي" عند المسلمين.

يهودية الرجعة وتسربها إلى الشيعة

عقيدة المخلص في الشرق القديم وأثرها فى معتقد المهدية

الفصل الثالث: المهدية في الإسلام  

وفي هذا الفصل يتناول الباحث لفظة المهدي بالتحليل اللغوي وبيان معناها وأصولها واشتقاقاتها، ثم تعريفه في اصطلاح المتأخرين: هو إمامٌ منتظرٌ يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وقد ساعد جور بني أمية على تكريس مثل هذه العقائد عند بسطاء الشيعة وجمهورهم، وقد وجد الوضاعون من الشيعة الفرصة سانحة ليضعوا أحاديث يكذبون فيها على أهل البيت، رفعوا بعضها إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وساهم في إذكاء هذه الفكرة اتصال الجور بحقبة بني العباس، وقد حرص الشيعة أكبر الحرص على تبيان الأساس الديني لمعتقد "المهدية" والدفاع عنه جاهدين ضد سخرية المرتابين، وفيه مناقشة اعتقاد الشيعة بألوهية الأئمة، كالكيسانية، والمنصورية، ويعتقد الشيعة أن ظهور المهدي سيكون تخليصاً للعالم من الجور، وانتصاراً لآل البيت الذين ذاقوا صنوف الخسف من مختلف الحكام والسلاطين. ويعتقد الشيعة أنه بظهور المهدي سيظهر معه حجر موسى الذي به يُطعم الجيش ويسقيه، والجفران -الأكبر والأصغر -ويعتقدون أن فيه علم ما كان وما يكون، ومصحف فاطمة، والجامعة، وصحيفتان، إحداهما فيها أسماء شيعته وأنصاره إلى يوم القيامة، وفي الأخرى أسماء أعدائه، ومعه أيضاً درع النبيِّ وسيف ذو الفقار.

لفظة المهدي  

الشيعة وعوامل الفكرة عندهم

مستندات الشيعة 

غلاة الشيعة وألوهية الأئمة

المهدي عند الشيعة  

الفصل الرابع: فرق الشيعة إزاء هذا المعتقد  

وعلى الرغم من تفرق الشيعة واختلافهم في معتقداتهم إلا أن أصولهم ترجع إلى أربع فرق رئيسية، وهي: السبئية، والكيسانية، والزيدية، والإمامية، ويتناول هذا الفصل الحديث عن "المهدية" عند كل فرقة من هذه الفرق، وقد ادَّعى عبد الله بن سبأ بالرجعة، وهي أصلُ فكرة المهدية عندهم، وذهبت الكيسانية إلى أن محمد بن الحنفية هو المهدي، وحفلت مؤلفات الشيعة بهذا الأمر، وكتبوا في ذلك أشعاراً كثيرة، بينما تجردت الزيدية عموماً من تخيلات الشيعة للمهدي، وكانت أكثر عقلانية وواقعية في نظرتها لهذا الأمر، وهي ترفض القول بفكرة رجعة الأموات إلى الدنيا، بينما ذهبت الجارودية إلى القول بمهدية "النفس الزكية"، وقد كثر تعداد فرق الإمامية، حتى أربى على خمس عشرة فرقة، ولكل فرقةٍ مهديٌّ خاص، وأشهر فرق الإمامية "لإثنا عشرية" ومهديهم هو محمد بن الحسن العسكري الموجود في السرداب ولم يخرج حتى اللحظة، ولا بُد على الشيعي الإمامي من أداء نصِّ البيعة للإمام الغائب بالنصرة حال ظهوره، و"الإسماعيلية" ومهديهم هو أبو محمد عبيد الله من ولد جعفر الصادق، والذي دعا له أبو عبد الله الشيعي.

السبئية؛ وهم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي اليمني.

الكيسانية

الزيدية 

النفس الزكية محمد بن عبد الله مهدى الجارودية  

الإمامية  

الإثنا عشرية

الإسماعيلية

الفصل الخامس: أدب المهدية عند الشيعة  

أدب الشيعة في بوجهٍ عام حزين مكلوم، تشيع الدموع بين طواياه، وتدعوك ألفاظه إلى البكاء، حتى لا يكاد وتخرج النفوس مذابةٌ من كلماته الفياضة بمشاعر الحزن، وربما أغرق الشاعر المتشيع في شعره وبالغ فيه إلى حد اعتقاد القداسة في الإمام أو المهدي الذي قد يرفعه مصاف الآلهة كما يقول ابن هانئ الأندلسي في المعز لدين الله الفاطمى، وكثير عزة، والسيد الحميري، وبهاء العاملي، وغيرهم، وأشعارهم في المهدي عموماً تنمُّ عن إيمان عميق به؟!.

كثير عزّة

السيد الحميرى

بهاء الدين العاملي 

الفصل السادس: المهدية عند بقية الفرق الإسلامية  

المهدية والقرامطة؛ ويرى القرامطة، وهم فرقة من الشيعة: أن أئمتهم هم رسل الله إلى الناس، ويزعمون أنه ينزل عليهم الوحي، واخترعوا آياتٍ لذلك. 

المهدية والخوارج: والخوراج بشكل عام لا تؤمن بالمهدية ولا تقول بها، إلا بعض الفرق منهم.

المهدية والصوفية :واعتقاد الصوفية في المهدي هو مشابهٌ لاعتقاد الشيعة فيه.

المهدية وأهل السنة

آثار عقيدة المهدي في المجتمع الإسلامي 

ويقول المسعودي: إن عبد الرحمن بن الأشعث قد ادَّعى أنه ذلك القحطاني المنتظر الذي يسوق الناس بعصاه، وهناك من يحدثنا ببعض النبوءات بكلبي منتظر، وهو مهدي يخرج من بني كلب إحدى القبائل اليمنية، وقد ادَّعى أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أنه السفياني، المذكور في الأحاديث.

القحطاني والكلبي والتميمي

السفياني المنتظر

إجمال المهديون من غير آل البيت (ذكر من ادَّعاها أو ادُّعيت له):

  • موسى بن طلحة بن عُبيد الله

  • عمر بن عبد العزيز.

  • الحارث بن سُريج.

  • أبو مسلم الخراساني عند أتباع بابك الخرمي

  • ابن تومرت مهدي الموحدين بالمغرب

الفصل السابع: المهدية فى العصر الحديث

محمد أحمد مهدي السودان  

البابية والبهائية  

التشيع في فارس

البابية  

البهائية

المهدية فى الهند

الإسلام فى الهند .  

الباريلية  

الأحمدية أو القاديانية



الأحد، 1 أغسطس 2021

الفقهاء والصُّوفية في اليمن عبد الله محمد الحبشي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

  الفقهاء والصُّوفية في اليمن

عبد الله محمد الحبشي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لقد كان أهل اليمن أكثر الناس معرفةً لحقيقة الإسلام، وما أتى من أخلاقٍ كان لها أثر عظيم في نفس المسلم اليمني، ولا غرابة في ذلك، وقد تفرَّس النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك فيهم، فقال: (أتاكم أهل اليمن هم ألينُ قلوباً وأرقُّ أفئدةً، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية). 

وقد ذكر المؤلف بعض  الزُّهاد من الصحابة والتابعين الذين ساروا على النَّهج النبويِّ الكريم في العلم والتقوى والورع والعبادة، ثم أتبعهم بذكر بعض المتصوفة الذين اشتهر ذكرهم في اليمن من القرن الخامس إلى عهدٍ قريب، وهم في الجملة قلائل، ولم يكن لهم مذهبٌ منتشر في اليمن، أو أتباعٌ كثر في ظل حكم أهل البيت من أتباع المذهب الزيدي. 

وكان المذهب الزيدي أدان الصوفية في كثيرٍ من شطحاتهم وشعاراتهم البعيدة عن الإسلام، واستمرَّ المتصوفة بدورهم المحدود وصلاحياتهم المُقيَّدة في مناطق محدودة من اليمن؛ حتى أصابه الانحطاط وكانت أولى علامات انحطاطه غلو المتصوفة في تقديس شيوخهم، وإسباغ هالات العظمة عليهم، فنسبوا إليهم العديد من الكرامات التي لا يقدر على فعلها إلا ربُّ الأرباب، ومنهم من لم يكتفِ بإضفاء تلك الكرامات إلى شيخة في حياته، فأخذ يتقرب إلى ضريحه بعد موته، ويعتبره من المزارات المُقدَّسة، حتى أدى به الأمر إلى الاستغاثة وطلب نزول المطر عند قبره والنحر له، إلى غير ذلك.

وأما متأخريهم؛ فقد كانوا وصمة عارٍ على الصوفية، وقد حولوا تصوفهم إلى نوع من الشعوذة، جعلوه وسيلةً للكسب الخاطئ؛ فقاموا بأعمالٍ يتبرى منها كل عاقل.

وهذا الكتاب فيه بيان للصورة الحقيقية للصراع بين الفقهاء الزيدية والصُّوفية بشطريها البدعية والفلسفية في اليمن، وبيان أسبابه، وأطرافه، وآثاره، ووجه العناية بهذا الموضوع، بيان الأهمية العلمية التي خلفها الصراع بين الفقهاء وبين الصوفية في اليمن، وبيان أن هذا الصراع امتدَّ لفترات طويلة في تاريخ اليمن.

وجملة هذا الكتاب ناقشته في كتابي (التصوف في التاريخ العربي والإسلامي) بشيءٍ من التوسُّع والتفصيل، على أن التصوف اليمني لم يكن ذا أهميَّة باعتباره تابع لمدارس التصوف الأخرى في مصر والسودان والعراق والشام، كما أن صوته ضعيفٌ للغاية في بلاد اليمن الحبيب، وأتباعه قليلون جداً مقارنة بمناطق أخرى من العالم الإسلامي.

فهرس الكتاب:

في التصوف اليمني وتاريخه

مدرسة ابن عربي في التصوف اليمني

النزاع بين الفقهاء والصوفية في اليمن

أحداث النزاع التاريخية.