أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 يوليو 2021

تخريج حديث (أنا ابن العواتك) عمرو بسيوني بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة

 تخريج حديث (أنا ابن العواتك)

عمرو بسيوني

بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا جزءٌ حديثي نفيس، يُناقش فيه الباحث حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم (أنا ابن العواتك)، وقد بيَّن فيه أن هذا الحديث ضعيف، وما صحَّ منه فهو مُرسلٌ، والمرسل من قسم الضعيف، ولكن المتن مقبولٌ في الجملة، وعليه عمل كثيرٍ من أهل العلم، وقد بحث العلماء عن العواتك، وفصَّلوا في ذكرهنَّ، فالمسألةُ هُنا نَسَبيَّةٌ لا شرعية، وهي تندرج ضمن علوم السيرة، ولا يترتب عليها اعتقادٌ ولا عمل، وعليه فالأمر فيها قريب وواسع، ومن صححه أو حسَّنه فلم يبعد كثيراً عن دائرة الحق والصواب.

رووى هذا الحديث عن: سيابة بن عاصم، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبي سفيان، ومرسلاً. 



  أما حديث سيابة بن عاصم؛ فمداره على هُشيم بن بُشير: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" من طريق سعيد بن منصور في "سننه"، وإسناده نظيفٌ، مُسلسلٌ بالثقات. وابن أبي عاصم في "الجهاد"، و"الآحاد والمثاني" بإسنادٍ نظيف، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق محمد بن الحسن القزاز، عن إسحاق بن إدريس الخولاني، وهو ضعيفٌ مُتهمٌ بالوضع. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" من طريق محمد بن صباح الدولابي بإسنادٍ نظيف، ومن طريقه أخرجه أبو نُعيم، والبيهقي، وابن بشكوال بأسانيد نظيفة، كلها ثقات، وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" من طريق الحارث الخازن عن هُشيم، وأعله أبو زُرعة بأنَّ الخازن أخطأ فيه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" من طريق عمرو بن عوف الواسطي، عن هُشيم بإسنادٍ حسن، وأخرجه البغويُّ في "معجم الصحابة" وغيره من طريق لوين وهو ثقة، ووقع فيه بعض الأوهام، ولكنه حسنٌ، وأخرجه الذهبي في تذكرة الحفاظ من طريق سعدويه بإسنادٍ حسن. وهُشيمٌ مُدلِّسٌ عنعنه في بعض الطُّرق ولكنه صرَّح بالسَّماع عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، وعند الطبراني في "الكبير". وما فوق هُشيم خلافٌ طويل مذكورٌ في الكتاب الأصل، ولا نذكره هُنا.

وأما حديث أنس: فواهٍ متروك، فيه أحمد بن سهل الباهلي مجهول، وعبد الله بن داود ضعيف، وثابت بن حماد مُتهمٌ بالوضع.

وأما حديث جابر: فهو ضعيف، إسناده ثقات عدا إسحاق بن زيد، وهو الخطابي الحراني مجهول الحال، كما أن مكحولاً لم يسمع من جابر، وإنما أرسل عنه، وفيه أحمد بن محمد بن يحيى ضعيف له مناكير.

وأما خبر أبي سفيان: فسنده مُعضلٌ جداً، لا حُجة فيه ولا يُعتبر به، لأن بين الحافظ ابن عساكر والجحاف وعبد الملك مفاوز بعيدة. كما أن سياق الحكاية هنا أن ذلك كان في أُحدٍ، وهذا مُنكرٌ.

وروي مرسلاً عن الحسن، وقتادة بن دعامة السدوسي بأسانيد صحيحة عنهما، وروي عن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي مُرسلاً وإسناده مُعضلٌ، وهو مجهول كما ذكره الحافظ في التقريب، وليس له إلا حديثٌ واحد. 

ثانياً: ذكرُ من صحَّح هذا الحديث:

أ-الضياء في "المختارة"، حكاه عنه الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (١/ ٣٢٣).

ب-الذهبي في "تذكرة الحفاظ"، قال: صحيح غريب (٣/ ١٧٩).

ج- الهيثمي في "مجمع الزوائد"، قال: ورجاله رجال الصحيح (٨/ ٢١٩).

د-السيوطي كما في "فيض القدير" (٣/ ٣٨).

هـ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٤/ ٩٧)، وغيرها.

ثالثاً: ذكر من ضعَّف هذا الخبر:

أ- البخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ٢١٠).

ب-أبو حاتم وابنه، وأبو زرعة في "العلل" (٣/ ٣٩٦ -٣٩٧)، و"المراسيل" (٧٠)، وغيرها.

ج-خليل إبراهيم قوتلاي بعنعنة ابن هُشيم في تحقيق "معجم ابن قانع" (٦/ ٢٢٤١).

د- الحافظ في "الإصابة" (٣/ ١٩٤).

هـ- د. مصطفى أبو الخير في تحقيق "الجامع في الحديث لابن وهب" (١/ ٤٤) لإرسال الزهري، وهو صحيحٌ، وكلامه على طريق الزهري فحسب.

تنبيه وتتمة:  

ورد في تخريج الحديث عند بعض أهل العلم عزوه لمصادر مفقودة، أو لم تصلنا كاملة، فوددت الإشارة لذلك تتميما لتخريجه، فقد عزاه إلى «الألقاب» لأبي بكر الشيرازي: السيوطي في «الجامع»، وهو في عداد المفقود، ونظرت في مختصره المعروف «معرفة الألقاب» لابن فضل المقدسي فلم أجده، وعزاه إلى «المختارة» للضياء المقدسي: السيوطي في «الجامع»، وقال الصالحي: إنه صححه في «المختارة» كما في «سبل الهدى»  (١/ ٣٢٣)، ولعلك المراد نفس إخراجه في المختارة، ولم يصلنا في القطعة المطبوعة من المختارة، وعزاه إلى معرفة الصحابة لابن منده: الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» فرواه من طريقه، والرعيني في «الجامع»، والسيوطي في الجامع»، والهندي في «كنز العمال» (١٢/ ٤٣٨)، ولم يصلنا ذلك في القطعة المطبوعة منه.  

وعزاه إلى الخطيب: السيوطي في «الجامع»، والظاهر لي أن المراد به في  «المؤتنف تكملة المؤتلف» الذي كتبه الخطيب تعقبا للمصنفين في هذا الفن، ومنهم الدارقطني في «مؤتلفه»، وهو مفقود، وقد وجدته في «تهذيب مستمر الأوهام» للأمير ابن ماكولا، وهو اختصار وإجابة على كتاب الخطيب، وأثبته في طريق سيابة.

رابعاً: النتائج:

(١) أن هذا الحديث من رواية سيابة مرسل.

(٢) أن أصحَّ طرقه: هُشيم، عن يحيى بن سعيد بن عمرو بن العاص، عن سيابة، وما سواه من الأسانيد؛ فمعلولة، ولولا ضعف تلك الطرق لكان إسناده مضطرباً.

(٣) أن زيادة "من سُليم" لا تصح، وإنما هي مُدرجة تفسيراً، يُبين ذلك رواية ابن قانع في "معجمه" لهذا الحديث عن سيابة، وفيه (أنا ابن العواتك) زاد: يعني من سُليم.

(٤) أن المعروف في ذلك المتن أنه كان في "حُنين"؛ فأما من رواه في خيبر فهو مُنكرٌ، وكذلك ما رُوي أن قاله يوم أُحد ضعيف، وليس له إسنادٌ يُعتمد عليه، والمحفوظ أن ذلك يوم "حُنين".

(٥) الحديث من طريق: أنس، وجابر، وأبي سفيان: لا يصح، وعليه فلا يصحُّ الحديث من طريقٍ مرفوع.

(٦) يصحُّ من طرق الزهري وقتادة مُرسلاً، خلا طريق الفضل؛ فلا يصحُّ.

(٧) يكون الحكم الإجمالي عليه بكل طرقه أنه لا يصحُّ مرفوعاً، ويصحُّ مرسلاً، والمرسل قسم الضعيف، فعليه فهو حديثٌ ضعيفٌ.



إيضاح المدارك في الإفصاح عن العواتك للعلامة مرتضى الزبيدي الحسيني (1145 -1205 هـ). تحقيق: عمرو بسيوني بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

إيضاح المدارك في الإفصاح عن العواتك

للعلامة مرتضى الزبيدي الحسيني (1145 -1205 هـ).

تحقيق: عمرو بسيوني

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذه رسالة حديثية لطيفة في تحقيق أمهات رسولنا صلى الله عليه وسلم من العواتك من بني سُليم وغيرهم، رتبها مؤلفها الإمام المرتضى الزُّبيدي على: مقدمة، ومهمَّة (موضوع)، وخاتمة، وقد ذكر كل ما يتعلق بهذا المبحث سواءً في تحقيق لفظ عاتكة واشتقاقه ومعناه، والحديث الذي وردت فيه لفظة "عواتك"، وأصول قبيلة بني سُليم وسبب تسميتهم بذلك، وذكر بعض مفاخرهم ومناقبهم،

وأنهم خيرة الناس في الإسلام، وفرغ الزُبيدي من إملائها سنة ١١٩٤هـ.

ويذكر العلماء أن أول من صنَّف في "العواتك" هو هشام بن محمد الكلبي (ت ٢٠٤ هـ)، وقد ذكر الصفدي من كتبه "العواتك".، ثم علي بن محمد بن عبد الله المدائني (ت ٢٢٥ هـ) ذكروا من كتبه "العواتك". 

وقد أفرد بعض أهل العلم العواتك بمباحث من كتبهم، أشهرهم محمد بن سعد (ت ٢٣٠ هـ) في"الطبقات"، وعبد الملك بن حبيب (ت ٢٣٨ هـ) في "المحبر"، وأحمد بن يحيى البلاذري (ت ٢٩٧ هـ) في "أنساب الأشراف"، وأبو الفرج بن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) في "المنتظم"، وعز الدين بن الأثير (ت ٦٣٠ هـ) في "الكامل في التاريخ".

وابن فندق البيهقي (ت ٥٩٥ هـ) في "لباب الأنساب"، ومحمد بن يوسف الصالحي (ت ١٥٣٦ هـ) في "سبل الهدى والرشاد".

أولاً: بيان معنى "عاتكة" في لغة العرب:

والعَتْكُ: هو الشدة والبأس والشجاعة والصفاء والخلوص والشرف والاستقامة والكرم والطهر في النسب والحسب.

وامرأة عاتكة: أي بها ردع طيب، وهي المُصفرَّة من الزعفران، وقيل: المحمرَّة من الطيب. أي: احمرَّ لونها من كثرة استعمال الطيب. 

ثانياً: ذكر الحديث الذي وردت فيه هذه اللفظة

وهو عن سيابة بن عاصم رفعه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم حُنين: (أنا ابن العواتك من سُليم).[انظر الجامع الصغير للسيوطي، وقال الألباني: حديث حسن بمجموع طرقه، وانظر صحيح الجامع: ١٥٦٩].

ثالثاً: في تأويل هذا الحديث:

بنو سُليم: هي قبيلةٌ من قبائل قيس بن عَيلان من مُضر. 

ومن مناقب بني سُليم:

(١) أنَّها ألَّفت يوم فتح مكة -أي شهده ألف مقاتلٍ من سُليم.

(٢) وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قدَّم لواءهم على الألوية وكان أحمر.

(٣) أنَّهم أفضل الرجال بعثاً (انظر ص ٧٤).

 رابعاً: عدد العواتك في جداته صلى الله عليه وسلم:

وذكر الزبيدي اختلاف المؤرخين وعلماء النسب في عدِّ العواتك في جدات النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛

فقيل: تسعة (وهو قول الجوهري والصَّغاني)، وقيل اثنتي عشرة (وهو قول ابن برِّي وابن الأثير)، وقيل العواتك أربع عشرة (وهو قول أبو عبد الله الطالبي العدوي)، وقيل: ثلاث نسوةٍ كلهُنَّ من بني سُليم (وهو قول ابن قُتيبة). وعدَّهُنَّ ابن برِّي: ثلاثٌ من بني سُليم، وعدويتان، وقرشيتان، وكنانية، وأسديَّة، وقُضاعية، وهُليَّة، وأزدية.

 خامساً: في عواتك بني سُليم وهُنَّ (ثلاثٌ):

(1) عاتكة بنت هلال بن فالج بن ثعلبة بن بهتة بن سليم السُّلمية =وهي أمُّ عبد مناف بن قُصي، وهو غلط وإنما أمُّه هي حُبَّى بنت خليل الخزاعية.

(2) عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهتة بن سليم السُّلمية، وهي أُمُّ هاشم بن عبد مناف، وهو الجد الثالث لنبينا صلى الله عليه وسلم.

(3) عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن بهتة بن سليم السُّلمية، وهي أم وهب بن عبد مناف بن زُهرة والد آمنة أُمُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقيل: اسمها قَيلة بنت جُزء الخزاعية.

من خصائصهنَّ: أن عاتكة الكبرى عمَّة الوسطى، والوسطى عمَّة الصُّغرى.


سادساً: في العواتك من غير بني سُليم:

(1): عاتكة بنت حبيب الفهريَّة (وهي الجدة الخامسة لفاطمة بنت أسد أمُّ عليٍِّ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول عنها: (هي أمي بعد أمي).

(2): عاتكة بنت عبد الله بن وائل العَدوانيَّة (الوالدة الخامسة لعبد الله والد النبيِّ صلى الله عليه وسلم).

(3): عاتكة بنت عدوان بن عمرو (وهي أم مالك بن النضر الجد الثاني عشر للنبيِّ صلى الله عليه وسلم).

(4): عاتكة بنت يَخلد بن النضر بن كنانة (أم لؤي بن غالب الجدُّ التاسع للنبيِّ صلى الله عليه وسلم).

سابعاً: في ذكر الفواطم اللاتي ولدن النبيَّ صلى الله عليه وسلم:

وفي الحديث الضعيف: "أنا ابن الفواطم" أخرجه ابن عساكر وإسناده مرسل، واختُلف في عددهن: فقيل: سبعٌ (وهو قول الجوهري)، وقيل: خمسٌ (وهو قول الصاغاني).

وهُنَّ: فاطمة ابنة عائذ بن عمرو بن عائذ بن مخزوم -أُمُ عبد الله والد النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وفاطمة بنت سعد بن سيل الأزدية -وهي أُمُّ قُصي بن كلاب.قال: وأما الثلاث فلم أعرفهُنَّ.

ثامناً: في ذكر الفواطم أُخَر:

وفي حديث آخر صحيح: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أعطى عليًّا حُلَّة سِيَراء، وقال: شققها خُمُرًا بين الفواطم"، وهُنَّ: فاطمة زوجته، وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة بنت أسد أُمَّه.

وقيل للحسن والحسين: ابنا الفواطم؛ فاطمة أمهما، وفاطمة بنت أسد جدَّتهما، وفاطمة بنت عمرو المخزوميَّة جدَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيه.

تاسعاً: في ذكر العواتك من الصَّحابيات (منهُنَّ سبعٌ):

عاتكة بنت أُسيد بن أبي العَيص الأموية =أسلمت يوم الفتح.

وعاتكة بنت خالد الخزاعية (وهي أم معبد صاحبة القصة المشهورة).

وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: (وهي زوجة أربعة من الشهداء، هم: عبد الله بن أبي بكر، وزيد بن الخطاب، وعمر بن الخطاب أمير المؤمنين، والزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعًا).

وعاتكة بنت عبد المطلب، عمَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

وعاتكة بنت عوف، أخت عبد الرحمن.

وعاتكة بنت الوليد، أخت خالد بن الوليد.

وعاتكة بنت نعيم بن عبد الله العدوية.





الاثنين، 12 يوليو 2021

المفصل في تخريج حديث الافتراق إعداد: علي بن نايف الشحوذ بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

المفصل في تخريج حديث الافتراق

إعداد: علي بن نايف الشحوذ


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ نرى في أيامنا هذه الحال التي وصلت إليه أمة الإسلام من التقهقر والضعف والتأخر مما نعرفه ونشاهده يومياً على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام المختلفة، وقد تسلط على رقابنا أناسٌ من أبناء جلدتنا، وعدونا بإنهاء مشكلاتنا، وجمع شملنا، وتوحيد جمعنا، فإذا بالوعود تتحول إلى سراب، وإذا بديار المسلمين تُصبح أكثر تعاسة وشقاء، بعد أن أصبحت توجهات الزعماء نحو الغرب والشرق، فكان ثمرة ذلك التنازع بين أبناء البلدة الواحدة، وانقسام الأمة على نفسها، والهزائم المتواترة والمتلاحقة.

ومن يُقارن الحاضر المشهود بالماضي الغابر يجد أن الشُّقة بعيدة، والبون هائل، فالأمة اليوم أبعد ما تكون عن كتاب ربها، وعن سُنَّة نبيِّها صلى الله عليه وسلم، وقد أصابها الدَّخن، وقد ظهر فيها الأصاغر الذين أعماهم حُبُّ الرياسة والوزارة والتصدُّر عن حقوق الدين، تبدأ من العالم الفاجر، والحاكم المنحرف، والتاجر الخائن، والمبتدع الجاهل، ولا من يردُّ هؤلاء عن ضلالتهم وفجورهم، ولا من ناصحٍ يجدُّ في نصيحتهم، وكأنهم أقسموا أن لا يجتمع لهذه الأمة شمل، ولا يلتئم لها أمر.

وبعد أن استعادت الصحوة الإسلامية شيئاً من قوتها، تكالبت عليها أنظمة البؤس والعار، وإذا بهم يُزجُّون بالعلماء والدُّعاة في سجون التيه والظلام، وتعمل فيهم ماكنة الإعلام من أجل تشويه صورتهم وتقبيح منظرهم، فازدادت محنة المسلمين، وزاد التضييق من أنظمة الجور والاستبداد، وأصبح المصلحون رمزاً للخطيئة وعاراً على هذه الأنظمة، التي تنادت فيما بينها على حرب الإسلام وإذلال المسلمين.

أضيف إلى ذلك الجهل الذي انتشر في ربوع العالم الإسلامي، والأمراض الهائلة التي فتكت بديار الإسلام، من انتشار الرقص والعُري والفجور، مما جعل معاناة الأمة في ازدياد يوماً بعد يوم.

وها هي مقدرات الأمة مرهونةٌ بيد أعدائها، فتذهب هدراً في تحقيق مصالح الطواغيت خاصة، فتذهب النفقات وريع الأرض وعرق الناس في ليلةٍ ساهرة يقضيها حثالة المتنفذين في الفنادق الفارهة، ويتصرفون بها في السياحة الماجنة.

هكذا يربى أمراء المسلمين ورؤساؤهم في حفلات الرقص ومعاهد السلام، ولم يكتفي هؤلاء القادة حتى أقفلوا في وجه الناس الأبواب، وأستأثروا بالخير الذي استرعاهم الله فيه، فضيعوا الأمانة لأنهم ليسوا بأهلها.

وأنت ترى، كيف أن هذه الأمة ذلت بعد عز، وجهلت بعد علم، وضعفت بعد قوة ، وأصبحت في ذيل القافلة بعد أن كانت في طليعتها، وأخذت تتسول على موائد الفكر الإنساني بعد أن كانت منارة تهدي الحيارى والتائهين، وأخذت تضطرب في سيرها وتتأرجح، ولا تعرف السبيل الذي تسلكه بعد أن كانت الدليل الحاذق في الليل الحالك المدلهم.

وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة، فوقع الأمر كما أخبر، وذلك بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان بـن عفان رضي الله عنه، فحدثت فتنة الخوارج ثم الشـيعة ، ثم القدريـة ، ثم المرجئة ، ثم الجبرية، ثم المعتزلة، وهكذا، إلى أن نشأ في زماننا فرق الباطنية وغلاة الصوفية والقاديانية، مروراً بالقرآنيين، والتنويريين، وغيرهم من الطوائف والفرق الضالة عن نهج السُّنة، والذين يريدون أن يجعلوا من الإسلام عبارة عن أذكار ورقص وشرك وأكل وموالاة لليهود والنصارى، وقعود عن الجهاد، وإقامة الحفلات، وإنشاء دور الدعارة والخمور.

وختاماً لهذا التمهيد: نسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا بنصر عزيز مؤزَّر، نستبشر فيه ببياض فجر الإسلام، فجر يشرق له وجه هذه الأمة، من بعد هذا الليل البهيم، الذي طال واشتد سواده..

وأما بالنسبة لهذا الكتاب؛ فقد عرض فيه مؤلفه حديث افتراق الأمة بطريقة تربوية إيمانية دعوية عميقة، وبين روايات الحديث، ومدى صحتها، والرد على من ضعف بعض ألفاظها، وبيَّن المراد بهذا الحديث، وردَّ على الشبهات الواردة عليه، كما ذكر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حوله، وكلام الشاطبي وأئمة الدعوة، وتطبيقات هذا الحديث، ومسائله، والقواعد التي تُعين المسلم على التعرف على أهل السُّنة، والميزان الذي نحاكم به الفرق والطوائف والجماعات الإسلامية، وسبيل المسلم في التعامل مع الفرق المخالفة، والجماعات المتعددة داخل أهل السنة، والفتاوى المتعلقة بذلك والمستمدة من الشبكة الإسلامية.

ومما يؤخذ على الباحث استطراده في ذكر الأقوال، وتكراره في ذكر المعاني المذكورة في الفتاوى، وكان يُمكن اختصاره في ربع حجمه، بالإضافة إلى كون كل مطلب موضوعلاً مستقلاً، فكان بإمكانه إفراد بعض المباحث في كتاب آخر.

ويُمكن تخليص ما ورد في الكتاب في النقاط التالية:

أولاً: المقدمات:

1-العقيدة التي يجب على كل مسلم أن يعتقدها ولا يجوز له مخالفتها هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وتسمى عقيدة الفرقة الناجية، وهي ما كان عليها نبينا -عليه السلام- وأصحابه الكرام، ودرج عليها أصحاب القرون المفضلة، ولا تزال إلى اليوم -بحمد الله- واضحة المعالم، بينة المسائل، محررة الأصول، معلومة الحدود، وقد كتب في بيانها وضبطها وشرحها عشرات المؤلفات -ولله الحمد والمنة-.

2-أن من رحمته -تعالى- ورأفته بعباده أن السلف -رضوان الله عليهم- قد أجمعوا على تلك العقيدة، ولم يحدث بينهم نزاع، في أي من مسائلها بله أصل من أصولها وقواعدها، اللهم إلا جزئيات ملحقة يسع الخلاف فيها، كمسألة رؤية نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لربه في الدنيا ونحوها مما ساغ فيه الاجتهاد، ومن تمام النعمة اتفاق السلف على منهج العقيدة أيضا تلقيا وأداء ودعوة إليها.

3-أن العقيدة توقيفية مصدرها الكتاب الشريف، والسنة الصحيحة وإجماع السلف الصالح، قال الزهري -رحمه الله-: من الله الرسالة وعلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- البلاغ وعلينا التسليم (صحيح البخاري- كتاب التوحيد 46).

4-أن فهم العقيدة إنما يكون بفهم السلف الصالح، ووفق ما اعتقدوه وتعلموه من نبيهم -عليه السلام-، سيما مع سعة علومهم، وفرط ذكائهم وقوة إيمانهم، وحسن مقصدهم، وتمام عدلهم -رضي الله عنهم-.

5-لا ينبغي لطالب الحق أن يتلقى عقيدته مما هب ودب من الكتب والمصنفات، سيما كتب المقالات والفرق؛ لأن بعض أصحاب هذه المقالات قد أسسوها على أسس فلسفية ومنطقية ولم يؤسسوها على الأدلة الشرعية، ولكن الواجب تعلم العقيدة على علماء أهل السنة الراسخين، والاستفادة من تراث السلف ومصنفاتهم، كالإيمان لابن مندة، ولابن أبي شيبة، والإبانة الكبرى والصغرى لابن بطة، وأصول الاعتقاد للالكائي، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرها كثير -بحمد الله-.

ثانياً: الاختلاف والتفرق:

1-أمر الله -تعالى بالوحدة والائتلاف، والاعتصام بالكتاب والسنة، وذم وعاب التفرق والاختلاف، ونهى عنه وحذر منه، فقال: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} (آل عمران:103)، وقال: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} (آل عمران:105).

2-يجب التسليم لقضاء الله وقدره بأن الاختلاف والافتراق سيقع في الأمة لا محالة، فقد أخبر المعصوم -عليه السلام- بذلك فقال: "تفرق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" (رواه الترمذي (2641) وغيره وقال حسن صحيح.) وفي لفظ:"كلها في النار إلا واحدة" وجاء الحديث بألفاظ وطرق متعددة.

وهذا لا ينافي الأمر بالوحدة والاتفاق؛ لأن الخبر بل الأخبار الكثيرة جاءت في الصحيحين وغيرهما بأنه "لا تزال طائفة من الأمة ظاهرة على الحق، لا يضرها من خذلها ولا من خالفها إلى قيام الساعة".

3-ليس كل خلاف موجب للفرقة والتنازع، فالاختلاف اليسير فيما يسع فيه الاجتهاد أمر مقبول، بل قد حصل بين السلف شيء يسير من هذا سبق ذكره، وإنما الحذر من الاختلاف في الأصول والكليات (يراجع الاعتصام للشاطبي).

4-أن الاختلاف قد يدعى مع كونه لا حقيقة له بالفعل، وإنما بسبب سوء فهم المسألة من قبل طرفين متنازعين، فيظن أحدهما أن عبارة السلف في تعريف الإيمان مثلاً أنه: قول وعمل، تخالف قول صاحبه أن الإيمان: قول وعمل واتباع للسنة مثلاً، فيتنازع الاثنان في مسألة لا خلاف فيها أصلاً.

5-ليس كل من خالف السلف في مسألة أو مسألتين من مسائل العقيدة يخرج بالكلية من زمرة السلف، ويرمى بالبدع، فقد خالف إمام الأئمة ابن خزيمة وأبو ثور وغيرهما في مسألة الصورة، فبين خطؤهما بهدوء بلا تجريح أو خدش، وبعدل بلا جور، ولم يخرجا من أهل السنة والجماعة بسبب زلة أو زلتين.

6-لزوم الحذر من الوقوع في الخلاف بسبب الهوى والجهل والظلم، إذ كثير من الخلافات تنشأ نتيجة هذه الأمور الثلاثة والله المستعان.

ثالثا: ضوابط في معاملة المخالف:

1-العدل: قال الله: {وإذا قلتم فاعدلوا} (الأنعام:152)، وقال: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (النساء:58)، فلا نتجاوز الحدود، ونهضم الحقوق، ونلغي الحسنات بسبب خلاف يسير، يمكن تجاوزه بل إصلاحه بشيء من الصبر والحكمة.

2-المناصحة والرفق: قال -عليه السلام-: "الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (رواه مسلم (55) من حديث تميم الداري -رضي الله عنه-).

فمن وجدناه مخالفا في مسألة ما وتحققنا مخالفته فيها بذلنا له النصيحة في قالب من الرفق واللين، والرحمة والشفقة، بعيدا عن التشنج والانفعال والغلظة والقسوة.

3-الدعاء له بإخلاص: قال الله -تعالى-: {اهدنا الصراط المستقيم} (الفاتحة:6)، وقال: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} (آل عمران:8) وهو دعاء بصيغة الجمع في الآيتين، وفيه إشارة إلى مفهوم الجسد الواحد.

فلو أن كل من خالفنا طلبنا من الله له الهداية، وصدقنا في دعائنا له لقلت بواعث الخلاف والفرقة.

4-البعد عن التبديع والتفسيق: ليس كل خلاف يستدعي وصم صاحبه بأنه مبتدع، ومفارق للجماعة، كما أنه ليس كل من نصر مذهب إحدى الفرق في بعض المسائل يجعل منهم وينسب إليهم، فابن حجر قال بقول الأشاعرة في جملة من الصفات وكذا فعل النووي ومع ذلك لا يعدان أشعريين، وإن زعمه البعض.

5-يجب التفريق بين المخالف المتعصب وطالب الحق، فهناك من يخالف حمية وهوى وعصبية، وتقليدا وآخر يخالف اجتهاداً أو غفلة أو سوء فهم أو ملبساً عليه، فالأول يهجر إن غلظت بدعته واستعصت استجابته، والآخر يحفظ حقه في الوصل ودوام النصح حتى يراجع الحق.

6-يجب التفريق بين المخالفة والبدعة المغلظة، وغيرها، فهناك بدع كبرى كالتجهم والرفض ونحوها، فيعامل أصحابها بما يناسب حالهم، وتبين معتقداتهم حتى تحذر وشخوص معتنقيها حتى تهجر، وخصوصا مع خاصتهم وكبرائهم، وأما العامة فلا بأس من دعوتهم إلى الإسلام وإقناعهم به لمن قوي على الدعوة، وعرف ما يدعو إليه وما يحذر منه.

7-الاختلاف في مناهج الدعوة والإصلاح قد تقع من أصحاب العقيدة الواحدة، لا ينبغي أن يكون الاختلاف في وسائل الدعوة وطرائقها المتنوعة مستنداً للتبديع والتفسيق والتصنيف والافتراء، طالما أن العقيدة واحدة والدعوة إليها هدف، والبراءة من مخالفتها مطلب، والخلاف في الوسائل محل اجتهاد ونظر.

8-الرد إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال الله: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} ولفظة "شيء" (النساء:59) نكرة في سياق الشرط فتعم كل شيء.

مباحث الكتاب إجمالاً:

المبحث الأول=تخريج الحديث مفصلاً من سائر كتب الحديث.

المبحث الثاني=بيان تواتر هذا الحديث.

المبحث الثالث=الرد على من أنكر صحة الحديث

المبحث الرابع=هل يلزم من الدخول في النار الخلود فيها ؟

المبحث الخامس= أقسام الاختلاف حسب وجهة نظر شيخ الإسلام ابن تيمية.

المبحث السادس=رأي شيخ الإسلام ابن تيمية بحديث افتراق الأمة وفيه مطالب :

المطلب الأول-صفة الفرق المفارقة لأهل السنة والجماعة

المطلب الثاني-أهل السنة لا يتبعون إلا الرسول المعصوم

المطلب الثالث-رد ما تنازع فيه الناس من أمور الدين إلى االله ورسوله

المطلب الرابع-تفاوت درجات اختلاف المنتسبين إلى متبوعين في أصـول الـديـن والكلام

المطلب الخامس-القول المبتدع إذا لم يوالى ويعادى على أساسه فهو خطأ مغفور

المطلب السادس-أول من فارق جماعة المسلمين الخوارج

المطلب السابع-أُصولُ الْبِدعِ أَربعةٌ : الروافِض والْخوارِج والْقَدرِيةُ والْمرجِئَةُ

المطلب الثامن-أهل السنة لا يكفرون أهل البدع

المطلب التاسع-الإيمان يزيد وينقص عند أهل السنة

المبحث السابع=قول الشاطبي في حديث اختلاف الأمة وفيه مطالب :

المطلب الأول-العلامة التفصيلية لكل فرقة

المطلب الثاني-الكلام على رواية الثنتين والسبعين

المطلب الثالث-زيادة فرقة في هذه الأمة على أهل الكتاب السابقين

المطلب الرابع-لماذا استحقت الفرق المخالفة لأهل السنةَّ النار ؟

المطلب الخامس-هل الحق واحد لا يتعدد ؟

المطلب السادس-لماذا لم يعين الحديث من الفرق إلا الفرقة الناجية ؟

المطلب السابع- لَا يعد مِن الْفِرقِ إِلَّا الْمخالِف فِي أَمرٍ كُلِّي وقَاعِدةٍ عامةٍ

المطلب الثامن-تفسير معنى الجماعة في الحديث.

المطلب التاسع-الْعلَماءَ هم السواد الْأَعظَم.

المطلب العاشر-وجود فرق تخالف الجماعة ولا تفيء للحق لانطماس البصيرة عندها.

المطلب الحادي عشر-كلُّ من خرج عن الجماعة هو متبع للهوى

المطلب الثاني عشر-أهل الأهواء نوعان: داعية وغير داعية

المطلب الثالث عشر-هل الإشراب خاص ببعض البدع أم لا ؟

المطلب الرابع عشر-وجه الشبه بين داء الكلب والبدعة

المطلب الخامس عشر-لماذا لا يقبل لصاحب البدعة توبة ؟

المطلب السادس عشر-قبول توبة من لا يشرب هوى البدعة

المطلب السابع عشر-فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم الفاسد

المطلب الثامن عشر-تعيين وصف الفرقة الناجية دون الموصوف

المطلب التاسع عشر-معنى الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه سبل أهل الابتداع

المبحث الثامن=الخلاصة في أحكام الفرق

المبحث التاسع=بعض أقوال أهل العلم وفيه أكثر من خمسين موضوعاً مـن الفتـاوى

والخطب والبحوث العلمية 




الأحد، 11 يوليو 2021

الفانيد في حلاوة الأسانيد تأليف الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي اعتنى به: رمزي سعد الدين دمشقية

الفانيد في حلاوة الأسانيد

تأليف الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 

اعتنى به: رمزي سعد الدين دمشقية

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذه رسالةٌ لطيفة وجيزة، جمع فيها السيوطي من الأحاديث مما في إسناده لطيفة، فبلغت عشرين حديثاً متنوعاً، واحدٌ موقوف، والباقي مرفوع، عن سبعةٍ من أشياخه، وسماها (الفانيد في حلاوة الأسانيد).

والفانيد هو: نوعٌ من الحلوى مشهور، فكأنه نعت رسالته بالفانيد لحلاوة أسانيدها وشهرتها.

  • وسبب تأليف هذه الرسالة:

أن أحد تلامذة السيوطي سأله يوماً: هل روى الإمام أبو حنيفة عن الإمام مالك بن أنس رحمهما الله تعالى شيئاً؟ 

قال: فأجبته نعم، في حفظي أنه روى عنه حديثين، قال: ووعدته أن أُخرِّجهما له، فكتبتُ هذا الجزء في ذلك ونحوه.

وقد أملى السيوطي رسالته هذه على طلابه، في 20/ جمادى الآخرة، سنة 900 هـ، وكان أحد نُساخها هو تلميذه الداوودي (صاحب طبقات المُفسرين). 

وقد حقق أسانيد هذا الكتاب، وترجم لأعلامه، وأثبت مظانه الشيخ رمزي دمشقية حفظه الله تعالى، وذكر في مقدمة الكتاب إسناده إلى الإمام السيوطي بمؤلفه هذا، وسائر مؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى.

ونحن بعون الله نذكر الأنواع فقط التي تضمنها هذا الكتاب، دون بيان الأحاديث، فمن شاء فليرجع إلى هذا الجزء النافع الماتع.

* ومن أنواع هذه الأسانيد اللطيفة: 

(1) اتصال سند أهل الإسلام بنبي الله إبراهيم عليه السلام. 

وهو أول حديث له، يرويه من طريق الطبراني بإسناده: عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(2) ما اجتمع فيه خمسة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض. 

ي رويه من طريق الشرف الدمياطي، بإسناده: عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عثمان بن عفان، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر الصديق، عن بلال بن رباح، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(3) ما يجتمع في إسناده أربعةٌ من الصحابة، يروي بعضهم عن بعض:

يرويه من طريق عبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه، بإسناده: عن السائب بن يزيد، أن حويطب بن عبد العزى أخبره، أن عبد الله بن السعدي، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(4) ما اجتمع فيه أربعة صحابيات في إسنادٍ واحد (ثنتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وثنتان ربيبتان):

يرويه من طريق ابن ماجه (صاحب السنن)، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، بإسناده: عن زينب بنت أم سلمة، عن حبيبة بنت أم حبيبة، عن أمها أم حبيبة، عن زينب بنت جحش رضي الله عنهنّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(5) ورواية الصحابي عن تابعي عن صحابي.

يرويه من طريق عبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه، بإسناده: عن السائب بن يزيد، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيّ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(6- 15) ورواية أئمة الفقه المجتهدين عن بعضهم (10 أحاديث): 

أولاً:  رواية أحمد عن الشافعي، عن مالك (وفيه: 6 أحاديث): 

يرويه من طريق عبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي،  قال: أنبأ مالك، وبإسناده يروي: عن ابن عمر، وأبي هريرة، وكعب بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: رواية أبو حنيفة عن مالك (وفيه حديثان):

الأول: يرويه من طريق الخطيب البغدادي، بإسناده عن أبي حنيفة عن مالك، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: يرويه من طريق أبي حفص بن شاهين بإسناده: عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، عن أبي حنيفة، عن مالك بن أنس، بإسناده عن  ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: رواية الشافعي عن محمد بن الحسن، عن أبي يُوسف (حديث واحد):

وقال السيوطي بإسناده، عن الربيع بن سليمان المُرادي، ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، أنبأ محمَّد بن الحسن، عن يعقوب بن إبراهيم، بإسناده: عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً: رواية الشافعي عن الإمام مسلم، عن ابن جريج، عن الثوري عن مالك (فبين الشافعي وبين مالك ثلاثة أنفس).

وقال السيوطيُّ بإسناده: عن الربيع بن سليمان المُرادي، ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، أنبأ مسلم، عن ابن جريج، عن الثوري، عن مالك بن أنس، بإسناده: عن عمر وعثمان موقوفين.

(16- 17) ورواية أئمة اللغة عن بعضهم، وفيه (حديثان):

أولاً: رواية المازني عن سيبويه عن الخليل بن أحمد

يرويه من طريق الخطيب البغدادي بإسناده: عن أبي عثمان بكر بن محمَّد المازني، يقول: سمعت سيبويه، يقول: سمعت الخليل بن أحمد العَرُوضي، بإسناده عن عليّ بن أبي طالب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: رواية ابن أبي دُريد، عن أبي حاتم، عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء. 

يرويه من طريق أبي طاهر السلفي بإسناده: عن أبي بكر محمَّد بن الحسن بن دريد الأزدي، عن أبي حاتم السجستاني، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن نصر بن عاصم الليثي، عن أبيه قال: سمعت النابغة يقول: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره.

(18) ومن اجتمع في إسناده جماعةٌ من الشعراء المشاهير (حديث واحد):

يرويه من طريق  أبي هريرة عبد الرحمن ابن الإمام الحافظ الذهبي، عن أبيه شمس الدين الذهبي، بإسناده: عن  شهردار بن شيرويه الهمذاني (صاحب مُسند الفردوس)، بإسناده: عن أبي بكر عبد الله بن أحمد بن محمَّد الفارسي الشاعر، ثنا أبو عثمان سعيد بن زيد بن خالد مولى بني هاشم الشاعر، ثنا عبد السَّلام بن رَغبان ديك الجن الشاعر، حدثني دِعْبِل بن علي الشاعر، حدثني أبو نُوَاس الحسن بن هانيء الشاعر، حدثني والبة بن الحُبَاب الشاعر، حدثني الكُمَيْت بن زيد الشاعر، حدثني خالي الفرزدق الشاعر، حدثني الطِّرِمَّاح الشاعر، قال: لقيتُ نابغة بني جعدة الشاعر، وقلت له: لقيتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم.

(19) من اجتمع في إسناده جماعةٌ من الكُتَّاب (حديث واحد):

  يرويه من طريق الحافظ الخطيب البغدادي، بإسناده:ثنا أبو عمرو ضرارُ بن رافع الضَّبِّي الكاتب الهروي، ثنا أبو الحسن عبد الله بن موسى البغدادي الكاتب، ثنا أبو الحسن علي بن مهدي الفقيه المتكلِّم النَّحْوي الكاتب، ثنا علي بن الفضل بن المزني -وكان كاتبًا أديبًا-، حدثني عبد الله بن أحمد البَلْخِي الكعبي المتكلِّم -وكان كاتبًا لمحمد بن زيد-، حدثني أبي، حدثني يحيى بن خالد البغوي الكاتب، بإسناده:حدثنا عبد الحميد بن يحيى الكاتب، حدثني سالم بن هشام الكاتب، حدثني عبد الملك بن مروان كاتب عثمان، حدثني زيد بن ثابت كاتب الوحي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم. فذكره.

(20) من اجتمع في إسناده ستةٌ من الخلفاء (حديث واحد):

يرويه من طريق  أبي هريرة عبد الرحمن ابن الإمام الحافظ الذهبي، عن أبيه شمس الدين الذهبي، بإسناده: عن أبي القاسم ابن عساكر، بإسناده: عن علي بن الجهم، قال: حدثني المتوكل، قال: حدثني المعتصم، حدثنا المأمون، ثنا الرشيد، ثنا المهدي، ثنا المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره.

  • سند المُحقق رمزي دمشقية إلى المؤلف رحمه الله:

يروي هذه الرسالة وجميع مؤلفات السيوطي بالإجازة عن الشيخ محمد ياسين الفاداني المكري، عن عبد الستار بن عبد الوهاب الصديقي المكي، والمعمَّر الكياهي: جمعان بن مأمون التنقراني، كلاهما عن الشيخ المُعمَّر عبد الصمد بن عبد الرحمن الآشي الفلمباني، عن المُعمَّر الشيخ عاقب بن حسن الدين الفلمباني نزيل المدينة، عن محمد سليمان الكردي المدني، عن محمد سعيد سنبل العمري، عن أحمد بن محمد النخلي المكي، عن الشمس محمد بن العلاء البابلي، عن أحمد بن خليل السبكي، عن النجم محمد بن أحمد الغَيطي، عن الجمال يوسف بن عبد الله الأرميوني، عن المؤلف عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.

  • ذكر شيوخ السيوطي في هذه الرسالة:

  1. تقيِّ الدين أحمد بن محمد الشُّمني (ت 872 هـ)- 9 أحاديث- قراءةً.

  2.  محمد بن مُقبل بن عبد الله المعروف بشُقير (ت 870 هـ) إجازةً مكاتبةً.

  3. أبو الفضل محمد بن محمد بن فهد الهاشمي المكي (ت 871 هـ) سماعاً.

  4. محمد بن أحمد بن مقبل الحلبي (ت 780 هـ) 4 إجازةً.

  5.  عبد الرحمن بن محمَّد النَّحْوي (ت ؟؟) 2- سماعاً.

  6. أم الفضل هاجر بنت محمَّد المقدسي (ت 874 هـ)، سماعاً.

  7.  أبو الفضل  محمَّد بن محمَّد المَرْجاني (ت 876 هـ) إجازةً.