أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 27 مارس 2021

مكارم الأخلاق- لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني -تحقيق: محمد بن مصطفى

مكارم الأخلاق 

لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني

260 -360 هـ

تحقيق: محمد بن مصطفى

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ جاء الإسلام بتعاليم رفيعة، وآداب عالية كان لها دورها في تنشئة المسلم من جميع جوانبه المختلفة البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية في جميع مراحل نموه، كل ذلك في ضوء مبادئ وقيم الإسلام، التي يُضرب بها المثل في الصفاء والنقاء… وفي المقابل نرى التضارب والاختلاف في منازع الفكر والتربية لدى أبناء الغرب وأتباعه، والتي تاهت فيها عقول الألباء، وضلَّ بسببها ضِعَاف الإيمان، وحاول المستغربون نقلها إلى بلاد المسلمين.

 وإذا أردنا أن نعرف القيمة الحقيقية للأخلاق في الإسلام، فلنقرأ قول الله عز وجل: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15، 16).

إن مكارم الأخلاق تُجلس صاحبها على أرائك العز، وتُلبسه ثوب الفخار، وترقى به في منازل الشُّرفاء، حتى لو كان الإنشان وضيع النسب، فحُسن الأدب هو أعلى وأرفع نسب، وقد قال الإمام الطبرانيُّ في أوله: "هذه أبوابٌ في مكارم الأخلاق التي ينال بها العبد المؤمن الشرف في حياته، ويرجو بها النجاة بعد موته، خرُّجتها على سبيل الاختصار، ذكرتُ المتون، وتركتُ الطُّرق، ليُنتفع بها إن شاء الله".

ويعتبر الإمام الطبراني هو أول من صنَّف في هذا الباب، وأراد بذلك النُّصح للأمة، وقد جمع فيه الإمام الطبراني محاسن الأخلاق، وآثر فيه الاختصار، لا سيما في الأسانيد -كما قال هو -لينتفع بها من يسمعها، فذكر -رحمه الله -لكل حديثٍ طريقاً واحداً، وربما خالف منهجه في الاختصار في بعض المواضع، فذكر في باب "جامع أبواب حقِّ الجار" في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريلُ يُوصيني بالجار) ما يقرب من (20) طريقاً، وفي رواية (فليكرم جاره) حوالى (15) طريقاً، وفي رواية: (فلا يؤذي جاره) (10) طرق.

وقد تضمن هذا الكتاب الأثري النفيس (47) باباً، و (250) خديثاً، عن (96) شيخاً، وقد أكثر فيه منرواية المرفوع، ولم يُكثر القصص والآثار الواردة عن السلف في باب الأخلاق، وهي عنهم مشهورة.

وقدَّم الطبراني في كتابه الحديث عن الأخلاق النفسية، ثم العملية، ثم الأخلاق المتعلقة بالشفاعة وقضاء حوائج المسلمين، ثم الأخلاق المتعلقة ببذل المال والجهاد، وتفطير الصائمين، ثم ختم بسبع أبواب متتالية في حق الجار والإحسان إليه، والحذر من الاساءة له.

ويُمكن تقسيم الأحاديث الواردة في الكتاب، بحسب ما تنتهي إليه: (105) حديث مرفوع، و(2) حديث مرسل، و(4) أحاديث قُدسية، و(22) حديث موقوف، و(16) حديث مقطوع، و(1) حديث موضوع مكذوب، وقد جاء بلقظ (ما حسَّن الله خُلق رجلٍ وخُلُقَهُ؛ فتَطعَمُه النار، رقم: 10).

وذكر الطبرانيُّ في هذا الكتاب ما يُقارب خمس أنواع من التعليقات، منها:

1-ما يتعلق ببيان الرواة المبهمين، مثاله: قوله في (ح 18) أبو عباد: عبد الله بن سعيد المقبري.

2-ما يتعلق بالحكم على الحديث، ذكر الطبراني تصحيح الحديث بالرؤيا المنامية/ مثاله: (ح 90) (المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم). قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ فَسَأَلْتُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ: صَحِيحٌ ثَلَاثًا وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وهذا استئناس لا احتجاج.

3-ما يتعلق بتفرد الرواة مثاله: قوله (ح 192): لم يرو هذا الحديث عن المهدي إلا يحيى بن حمزة.

4-ما يتعلق بتوثيق الرواة، مثاله: توثيق أبو مسلم الكشّي.

5-الصناعة الإسنادية في هذا الكتاب:

أ. التحويل بين الأسانيد بـ(ح) حاء التحويل. مثاله (ح 206).

ب. الجمع بين أكثر من شيخ في الطريق الواحد، وذلك إذا اتفقا في "التوثيق =القبول، والمتن، والإسناد.

ج. التمييز بين الرواة، مثاله: (ح 203) قوله: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ، لَيْسَ بِالْأَصْبَهَانِيِّ الأخرم. ولم يذكر عن  الْمُؤَدِّبُ في هذا الكتبا إلا حديثاً واحداً.

د.الترجيح عند شكِّ الراوي، مثاله: (ح 108): عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو أَوْ عُمَرَ بْنِ مَالِكٍ… قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: هَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو أَوْ عُمَرَ بْنِ مَالِكٍ بِالشَّكِّ، وَالصَّوَابُ: مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو الْقُشَيْرِيُّ.

ه-بيان موطن السَماع، أي مكانه، وهذا يزيد من قوة الحديث وتوثُّقه من سماعه، مثاله: (ح 110) قوله: ثنا أَبُو عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ، بِمِصْرَ.

6-بعض القضايا الإسنادية:

  • علق الطبراني حديثاً واحداً لآخره.

  • روايته عن شيوخه في الكتاب كلها بصيغة (حدثنا) وهي صيغةٌ عالية في الأداء.

  • اعتناؤه بالحديث العالي، وقد روى حديث (مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ) وبينه وبين الراوي عن أنسٍ أربع رجال، قال: (ح 25) ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثني الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا كَثِيرُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. 

  • كذلك روايته للحديث النازل، مثاله: (ح 46) (ارْحَمْ مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكَ مَنْ فِي السَّمَاءِ)، ثنا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْبَصْرِيَّانِ قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَهْمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، ثني يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فوصله بتسع رجال إلى ابن مسعود، ووقع للحاكم شيخة بسبع رجال.

7-صناعته في المتن:

  • التمييز بين قوله (نحوه)، و(مثله)؛ فـ"مثله" تستخدم إذا كان الحديثنا لهما لفظٌ احدٌ، وأما "نحوه": فبمعناه. مثاله حديث أبي جحيفة (ح: 236): (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ)، جاء عن أبي هريرة (ح 237) مثله. وعن ابن عباس (ح 238) نحوه .

  • بيان غريب الحديث، مثاله: قوله (ح 113) في حديث (الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ خَلِيقَتَانِ)، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلِيقَتَانِ»: يَعْنِي ثَوَابَهُمَا.

  • ترك التكرار في السند والمتن جميعاً؛ فقد يُنوِّع السند ويُغير الطرق، وقد يُنوع في المتن والسند معاً.

  • سند الكتاب: 

وهذا الكتاب رواية: أبي الطاهر السِّلفي: أحمد بن محمد (ت 576هـ) المنسوب إلى سلفة (=ومعناها غِلَظُ الشَّفةِ)، حدث به سنة (574 هـ). عن الفضل بن علي بن أحمد الأصبهاني (ت 491هـ)، حدث به سنة (490 هـ). عن أبي سعيد محمد بن علي النّقاش (ت 414 هـ) حدَّث به سنة (414 هـ)، عن أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ).

  • ذكر أبواب الكتاب جملةً:

بَابُ فَضْلِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ، وَحُبِّ الْمَسَاكِينَ وَمُجَالَسَتِهِمْ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ.

بَابُ فَضْلِ لِينِ الْجَانِبِ، وَسُهُولِ الْأَخْلَاقِ، وَقُرْبِ الْمَأْخَذِ، وَالتَّوَاضُعِ.

بَابُ فَضْلِ الِانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ، وَلِقَائِهِمْ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ.

بَابُ فَضْلِ تَبَسُّمِ الرَّجُلِ فِي وَجْهِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ.

بَابُ فَضْلِ الرِّفْقِ وَالْحِلْمِ وَالْأَنَاةِ.

بَابُ فَضْلِ الصَّبْرِ وَالسَّمَاحَةِ.

بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ.

بَابُ فَضْلِ الرَّحْمَةِ وَرِقَّةِ الْقَلْبِ.

بَابُ فَضْلِ كَظْمِ الْغَيْظِ.

بَابُ فَضْلِ الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي نَصِيحَةِ الْمُسْلِمِينَ.

بَابُ فَضْلِ سَلَامَةِ الصَّدْرِ وَقِلَّةِ الْغِلِّ لِلْمُسْلِمِينَ.

بَابُ فَضْلِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ.

بَابُ فَضْلِ إِنْعَاشِ الْحُقُوقِ.

بَابُ فَضْلِ مَا جَاءَ فِي نُصْرَةِ الْمَظْلُومِ.

بَابُ فَضْلِ الْأَخْذِ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَخْذِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ.

بَابُ فَضْلِ مَعُونَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالسَّعْيِ فِي حَوَائِجِهِمْ.

بَابٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ (يعني في معونة المسلمين).

بَابُ فَضْلِ إِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ.

بَابُ فَضْلِ التَّكَفُّلِ بِأَمْرِ الْأَرَامِلِ.

بَابُ فَضْلِ التَّكَفُّلِ بِأَمْرِ الْأَيْتَامِ.

بَابُ فَضْلُ تْرِبِيَةِ الْمَنْبُوذِينَ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَكْبَرُوا.

بَابُ فَضْلِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ.

بَابُ فَضْلِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ.

بَابٌ فِيمَنْ ظَلَمَ رَجُلًا مُسْلِمًا

بَابُ فَضْلِ شَفَاعَةِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى السَّلَاطِينِ وَتَنَجُّزِهَا لَهُمْ.

بَابُ فَضْلِ رَدِّ الْمُسْلِمِ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَنَصْرِهِ إِيَّاهُ.

بَابُ فَضْلِ التَّوَدُّدِ إِلَى النَّاسِ وَمُدَارَاتِهِمْ.

بَابُ فَضْلِ مَعُونَةِ الْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

بَابُ فَضْلِ مَنْ أَعَانَ حَاجًّا أَوْ فَطَّرَ صَائِمًا.

بَابُ فَضْلِ رَحْمَةِ الصَّغِيرِ، وَتَوْقِيرِ الْكَبِيرِ، وَمَعْرِفَةِ حَقِّ الْعُلَمَاءِ.

بَابُ فَضْلِ تَوْسِعَةِ الْمَجَالِسِ لِلْعُلَمَاءِ.

بَابُ فَضْلِ إِلْقَاءِ الرَّجُلِ الْوِسَادَةَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ.

بَابُ فَضْلِ إِطْعَامِ الطَّعَامِ.

بَابُ فَضْلِ مَنْ كَسَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ثَوْبًا.

بابٌ جَامِعِ حَقِّ الْجَارِ

بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ».

بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ».

بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ».

بَابُ وُجُوبِ اللَّعْنَةِ عَلَى مَنْ آذَى جَارَهُ.

بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا قَلِيلَ مِنْ أَذَى الْجَارِ».

  • ذكر بعض الفوائد من الكتاب:

1. المُعمَّرين: بفتح الميم، كما قال الله عزَّ وجل: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} (فاطر: 11).

2. عن علي بن أبي طالب،  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُكْتَبُ جَبَّارًا وَمَا يملَكَ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِهِ» ضعف الألباني.

29- هل الأخلاق جبلية أم مكتسبة؟ 

والجواب أن منها ما هو جبلي ومنها ما هو مكتسب، يكتسبه المرء بالدُّربة وحمل النفس عليه، ويدلُّ للأول ما رواه أبو داود وغيره من حديث الأشج العصري، قال: قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلى لله عليه وسلم: (إن فيكَ خَلَّتَينِ يحبُّهما اللَّهُ عزَّ وجلَّ قال ما هُما؟ قالَ الحِلمُ والأناةُ قال أقَديمًا كانا فيَّ أم حديثًا؟ قالَ قديمًا قلتُ الحمدُ للَّهِ الَّذي جبَلني على خُلُقَينِ يحبُّهما). 

ويدلُّ للثاني ما رواه الإمام أحمد في مسنده: عن  أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى لله عليه وسلم: (مَن يَتصبَّرْ يُصبِّرْه اللهُ، ومَن يَستَغْنِ يُغْنِه اللهُ، ومَن يَستَعفِفْ يُعِفَّه اللهُ، وما أَجِدُ لكم رِزقًا أَوسَعَ منَ الصَّبرِ).

16- (المؤمن كالجمل الأَنِف): أي ذليلٌ سهل الانقياد. 

فائدة// (الثرثرة): كثرة الكلام. و (التشدق): التفصُّح بالكلامو و (التفيهق): توسيع الفم عند النُّطق.

58- (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا مُتفحشاً ولا سخَّاباً في الأسواق)، والسَّخاب: هو علو الصوت مع التشويش على الغير.

60-(من أقال نادماً عثرته، أقالَ اللهُ عزَّ وجلَّ عثْرَتَهُ يومَ القيامةِ): أي وافقه على نقض البيع، وأجابه إلى ذلك، وصفح وتجاوز.

186-روى الطبراني بإسناده: عن الزُّبَيْرُ قَالَ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ: «يَنْحَرُ بِمَجْزَرَةٍ وَيُطْعِمُ فِي مَوْضِعِ الْمَجْزَرَةِ الَّتِي تُعْرَفُ بِمَجْزَرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي السُّوقِ بِمَكَّةَ، وَنُسِبَتِ الْمَجْزَرَةُ إِلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ» ةكان ينحر كل يومٍ جزوراً.

189-روى الطبراني بإسناده عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: "أَرْسَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ يَسْتَعِيرُ قُدُورَ حَاتِمٍ، فَأَمَرَ بِهَا عَدِيُّ فَمُلِئَتْ وَحَمَلَهَا الرَّجُلُ إِلَى الْأَشْعَثِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْأَشْعَثُ: إِنَّمَا أَرَدْنَاهَا فَارِغَةً، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَدِيُّ: إِنَّا لَا نُعِيرُهَا فَارِغَةً"






الخميس، 25 مارس 2021

كيف تشرح حديثاً الشيخ محمد بن عبدالله الخضير

كيف تشرح حديثاً

الشيخ محمد بن عبدالله الخضير

محاضرة علمية في جامع الأميرة الجوهرة بحي التعاون 

في مدينة الرياض عام 1421ه

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن علم الحديث علمٌ جليل، رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر، لا يعتني به إلا كل حبر، ولا يُحرَمه إلا كلُّ غَمر، لا تفنى محاسنه على مرِّ الدهر، فالاشتغال بالحديث وعلومه، وتحصيله، والتصنيف فيه، خير ما يشغل المرء به وقته، وأفضل ما يسعى إليه في العمر؛ إذ هو إرث الأنبياء، ومطلب العلماء الأتقياء.

وقد توجهت جهود علماء الأمة إلى خدمة السنة، خدمةً لا مثيل لها في عهد البشرية جمعاء، تحقيقاً وتنقيحاً، وشرحاً وتوضيحاً، ونقداً لرجالها ومتونها، وجمعاً بين مشكلها، وإعمالاً لقواعد الفهم فيها، وقد تتابعت جهود العلماء في هذا العلم الشريف (علوم الحديث) تأليفاً وتصنيفاً، فألفوا في شتى جزئياته، فضلا عن كلياته؛ وتنوعت تلك التصانيف بين مختصر، ومطول، وشارح، وناظم، وما إلى ذلك ؛ فجزاهم الله خير الجزاء.

ومن هذه الجهود التي أفاد منها العلماء والطلاب هي خدمة الكتب الحديثية بالشرح والتفسير، ولا شكَّ أن شرح الأحاديث وتفسيرها، وتتبع الروايات في الأبواب المؤتلفة أمرٌ يحتاج إلى دُربة واتقان، ولا بُد أن يضاف إلى ذلك ملكة الموازنة والربط، والأهم من ذلك كله تجرُّد الطالب في البحث الحديثي للوصول إلى الحق، ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ليُبرئ ذمته أمام الله تعالى، فلا يتعصَّب لشخص أو مذهب أو طريقة أو طائفة، بل يكون همُّه الوصول إلى الحق، ومعرفة مراد الله تعالى من هذا الأمر أو النهي أو الخبر، 

وقبل ذلك لا بُدَّ من التأكُّد من ثبوت الخبر، ومعرفة دلالته، وسبب وروده، وحل وجه التعارض بينه وبين غيره إن وجد، ومعرفة كونه ناسخاً أو منسوخاً، وكونه راجحاً أو مرجوحاً.

ويمكن شرح الحديث بعد أن نقسّمه إلى ثلاثة أقسام رئيسية ( إجمالاً).

1/ الراوي الأعلى لهذا الحديث من الصحابي أو من دونه.

2/ لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم (متن الحديث ).

3/ تخريج الحديث والحكم عليه.

أولاً: الراوي الأعلى: 

ويُمكن أن يكون صحابياً أو غير صحابي، كالتابعي ومن بعده، وإذا أردت التعريف بالصحابي تعريفاً تاماً، فعليك أن تستعرض خمس نقاط:

1/ اسمه ونسبه بما يُميزه عن غيره .

 2/ كُنيته.

 3/ بعض فضائله ومناقبه: ويُقتصر في ذلك على فضيلتين أو ثلاث.

 4/ عدد أحاديثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم؛ فمن الصحابة من هو مكثرٌ في الرواية، ومنهم من هو متوسط أو مُقل.

 5/ وفاته زماناً ومكاناً، وإذا لم تجد ذلك تذكر أنك لم تجده.

كيف أصل إلى معلومات بالصحابي؟

أولاً: عدد رواياته: أما الكتب التي أُلفت في عدد أحاديث كل صحابي فأصلها وأهمها كتاب للإمام ابن حزم، أسماه (أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد). والعدد الذي يُطرح أمام كل صحابي ليس كل ما رَوى، بل هو عدد نسبي لما رواه في مسند بقي بن مخلد الأندلسي، كما نص عليه السخاوي في "فتح المغيث".

وخُصَّ مسند بقي بن مخلد لسببين:

1. أن ابن حزم تكفّل بعد مرويات الصحابة في هذا المسند.

2. أن هذا المسند يُعتبر أعظم موسوعة في الإسلام.

ومسند بقي بن مخلد مفقود. وقد نقل المباركفوري في تحفة الأحوذي أنه موجود في مكتبة برلين بألمانيا.

ثانياً: بقية المعلومات عن الصحابي؛ فثمَّة ثلاث طرق تؤدي إليها:

الطريقة الأولى: هي معرفة الكتب المؤلفة في الصحابة خاصة. 

مثل كتاب الاستيعاب لابن عبد البر

 وكتاب أسد الغابة لابن الأثير

وكتاب تجريد الصحابة للذهبي

وكتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر.

الطريقة الثانية: وهي معرفة الكتب المؤلفة في رجال الكتب الستة:

مثل: الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني بن عبد الواحد الجمّاعيلي المقدسي، وهذا الكتاب له ميزتان:

الأولى: أنه أول من كتب في رجال الكتب الستة.

الثانية: أنه حنبلي المذهب.

كذلك: تهذيب الكمال للمزي.

 وتذهيب تهذيب الكمال للذهبي.

والكاشف للذهبي.

وتهذيب التهذيب لابن حجر.

وتقريب التهذيب لابن حجر.

والخلاصة للخزرجي.

الطريقة الثالثة: معرفة الكتب المؤلفة في رجال السير عموماً.

منها: سير أعلام النبلاء للذهبي، ومختصراته وتهذيباته.

كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان.

وكتاب الوافي بالوفيات للصفدي.

 وكتاب البداية والنهاية لابن كثير.

إذا كان الراوي الأعلى غير صحابي، كيف أُعرِّف به؟

1/ اسمه ونسبه بما يُميزه.

 2/ كُنيته.

3/ ذكر شيخين من شيوخه أحدهما مذكور في الإسناد؛ حتى يُستدل به على اتصال الحديث أو عدم اتصال السند. 

4/ ذكر تلميذين من تلاميذه: أحدهما في الإسناد، وذلك لمعرفة الاتصال في السند، ولارتفاع جهالة العين عن الراوي.

5/ معرفة منزلته من حيث القبول وعدمه (هل هو ثقة أو غير ثقة). 

6/ وفاته زماناً ومكاناً.

كيف أصل إلى المعلومات عن الراوي إذا لم يكن صحابياً؟

يمكن الوصول إلى المعلومات عن الراوي غير الصحابي بطريقتين:

الأولى: عن طريق الكتب العامة في التراجم.

الثانية: عن طريق الكتب الخاصة.

ومثال الكتب العامة: مثل سير أعلام النبلاء، وتاريخ الإسلام، والتاريخ الكبير للبخاري، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وغيرها.

وأما الكتب الخاصة، فمنها:

  • الكتب المؤلفة في تراجم رجال كتب مُعينة 

-الكتب المؤلفة في الثقات: 

مثل ثقات ابن حبان.

وثقات ابن شاهين.

وثقات العجلي.

-والكتب المؤلفة في الضعاف خاصة، مثل: 

الضعفاء والمتروكين للنسائي، وكذا للدارقطني.

والضعفاء للبخاري.

والضعفاء للعُقيلي.

ومن أهمها الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي. 

وأيضاً ميزان الاعتدال للذهبي.

 ولسان الميزان لابن حجر.

-أو كتب ال الكنى خاصة، مثل: 

كنى الدولابي.

وكُنى البخاري.

وكُنى مسلم.

والاستغناء في معرفة حملة العلم بالكنى لابن عبد البر.

- الكتب المؤلفة في البلدان مثل: 

تاريخ بغداد.

وتاريخ دمشق.

وتاريخ حلب.

وتاريخ جُرجان.

وتاريخ داريا.

أو الكتب المؤلفة في الأنساب، مثل:

الأنساب للسمعاني.

والُلباب للسيوطي، ولُب اللباب.

***

ثانياً ما يتعلق بلفظ الحديث (متنه):

وهو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو إما كلام مُفصَّل ومُبيَّن بحيث لا يحتاج إلى مزيد إيضاح وشرح، أو كلامٌ مُجمل يحتاج إلى تبيين وتفصيل بالنظر إلى الروايات الأخرى من الشواهد والمتابعات.

 كيف أصل إلى معاني الحروف ؟

يُمكن الوصول إلى معاني الحروف وأصول الكلمات بالرجوع إلى الكتب المؤلفة في كتب الحروف والمعاني، وهذه الكتب كثيرة منها:

الجنى الداني للمُرادي، ورصف المباني في شرح حروف المعاني للمالقي، ومعاني الحروف للرماني، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام، واللامات للزجاجي، واللامات لابن كيسان، والنحاس أيضاً، وابن فارس، وأبو الحسن الهروي. وغيرهم.

كيف يمكن الوصول إلى معاني الألفاظ؟

والجواب أن ذلك يتمُّ بطريقتين:

الطريقة الأولى: عن طريق الكتب المؤلفة في غريب حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم، ومنها: 

غريب الحديث للهروي، وغريب الحديث لابن قُتيبة، وغريب الحديث لابن الجوزي، وغريب الحديث لإبراهيم بن إسحاق، وغريب الحديث لابن قدامة، الفائق في غريب الحديث للزمخشري، وأعظم هذه الكتب وأهمها وأولها وأساسها وأجمعها النهاية في غريب الحديث لابن الأثير.

الطريقة الثانية: عن طريق الكتب المؤلفة في معرفة معاني ألفاظ لغة العرب، والكتب المؤلفة في بيان ألفاظ اللغة العربية كثيرة منها:

الصحاح للجوهري وشروحه، مختار الصحاح وتاج العروس للزبيدي، القاموس المحيط للفيروزأبادي، لسان العرب لابن منظور، وتهذيب اللغة لابن فارس، ومنها أيضاً المُحكم والمخصص لابن سِيدَه، وغيرها.

أنواع الأحكام المستمدة من لفظ الحديث ؟

وهي نوعان:

 1/ إما حُكم مُجمعٌ عليه، ويُنمكن الوصول إليه بطريقتين: 

(الأولى): وهي الكتب المؤلفة في الإجماع خاصّة. مثالها: كتاب الإجماع والأشراط والأوسط لابن المنذر، وكتاب مراتب الإجماع لابن حزم مالم ينتقده شيخ الإسلام ابن تيمية في نقده لمراتب الإجماع، وكتاب الإفصاح لابن هُبيرة، وكتاب موسوعة الإجماع للسعدي أبي حبيب.

(الثانية): التنصيص عليه من إمام . والتنصيص عليه من إمام سواءً نص عليه إمام في كتب شروح الفقه أو في كتب شروح الحديث وغيرها.

 2/ حكم مختلف فيه، ويُمكن الوصول إليه بطريقتين أيضاً:

(الأولى): الكتب المؤلفة في المذاهب المتبوعة.

أ. المذهب الحنفي: 

الهداية للمرغيناني وهو من الكتب المعتمدة في المذهب الحنفي.

وشرحه فتح القدير لابن الهُمام.

ب. المذهب المالكي: 

المدونة للإمام مالك.

والتمهيد والاستذكار والكافي في مذهب أهل المدينة لابن عبد البر.

ج. المذهب الشافعي: 

الأم للإمام الشافعي.

مختصر المُزني وشرحه المسمى بـالحاوي الكبير للماوردي.

والمهذّب لأبي إسحاق الشيرازي وشرحه المسمى بالمجموع، وقد تناوله بالشرح ثلاثة: أولهم الإمام النووي، ثم السبكي، وأكمله المُطيعي.

قال العلامة الكبير الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: من وقف في مسائل الخلاف على المجموع وعلى المغني فقد استوفى المسألة .

د. المذهب الحنبلي: 

العمدة والكافي والمقنع والمغني كلها لابن قدامة المقدسي.

ولا بُدَّ من التنبُّه هنا: إلى ضرورة معرفة الاصطلاحات الخاصة في كل مذهب، ومعرفة الراجح والمرجوح؛ فمثلاً: لا بُدَّ من معرفة:

-أيُّ الرواة أقوى عند الاختلاف على الإمام مالك.

-متى يُعمل بالقديم والجديد من قولي الإمام الشافعي.

-وأيُّ الرواة المعتمدة في مذهب أحمد.

-وأيُّ الرواة المعتمدة في مذهب أبي حنيفة.

* * * * *

ثالثاً: كتب شروح الحديث:

فننظر أولاً إلى من أخرج هذا الحديث ثم نرجع إلى شرحه.

* فإن كان الحديث في البخاري:

فنرجع إلى شروح البخاري الكثيرة ومنها:

أعلام الحديث للخطابي. 

فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي.

فتح الباري لابن حجر العسقلاني.

 إرشاد الساري للقسطلاني.

عمدة القاري للعيني.

شرح الكِرماني .وغيرها..

* وإن كان الحديث في مسلم:

 فنرجع إلى شروح مسلم الكثيرة ومنها:

المُعلم بفوائد صحيح مسلم للمازري. 

إكمال المُعلم بفوائد صحيح مسلم للقاضي عياض.

المُفهم شرح صحيح مسلم للقرطبي.

شرح النووي على مسلم .

 شرح الأُبي على مسلم.

فتح المُلهم بشرح صحيح مسلم للشبّير بن أحمد العثماني .وغيرها.

* وإن كان في سنن أبي داود:

معالم السنن للخطابي.

 شرح بدر الدين العيني.

عون المعبود وغاية المقصود للعظيم أبادي.

بذل المجهود في حل سنن أبي داود للسهارنفوري.

المنهل العذب المورود لمحمود محمد خطاب.

 وتكملته المسمى فتح الملك المعبود لابنه أمين محمود خطاب.

* وإن كان في سنن الترمذي:

عارضة الأحوذي لابن العربي.

النفح الشذي لابن سيد الناس، وتكملته للعراقي.

قوت المغتذي للسيوطي.

تحفة الأحوذي للمباركفوري.

* وإن كان في سنن النَسائي:

حاشية السيوطي على سنن النسائي ، حاشية السندي ، شرح للشنقيطي ، شرح لمحمد الأثيوبي المولوي.

* وإن كان في سنن ابن ماجه:

حاشية للسيوطي. 

حاشية السندي.

 شرح ابن قُليج الحنفي وهو أعظم شروحه، وقد حقق أجزاء منه الشيخ عبدالعزيز الماجد رحمه الله.




الأربعاء، 24 مارس 2021

القول المعروف في فضل المعروف -العلامة مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي

القول المعروف في فضل المعروف

العلامة مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي

 (ت 1033 هـ/ 1624 م)

تحقيق: محمد أبو بكر عبد الله باذيب

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ تميزت الأمة الإسلامية بعدة مقومات وخصائص، جعلت منها خير أُمَّةٍ أخرجت للناس، ومن أبرز هذه المقومات والعوامل: الإيمان بالله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكانت هذه الأمة أنفع الأمم للبشر، وأكثرها تبعاً للأنبياء، وامتلكت موازين دقيقة للتصورات والأحكام؛ فلا يمكن أن تجتمع على ضلالة، وقد فُضلت بأعظم كتاب في الوجود وهو القرآن الكريم خير الكتب السماوية، كما أنها تشرف برسول صلى االله عليه وسلم أفضل الأنبياء، كما أن الأمة الإسلامية هي أكثر أهل الجنة عدداً.

والمعروف في اللغة ضد المنكر، وهو كل ما عرفته العقول والقلوب والطبائع، ويُطلق على المعلوم الذي هو ضدُّ المجهول، ويُطلق على ما يُستحسن من الأقوال والأعمال، ويُطلق على العُرف وهي العادة التي عرفها الناس، وقد عرَّفه العلماء: بأنه اسمٌ جامعٌ لكل ما عرفه الشارع من الطاعات والقُرب. 

والمنكر: هو الذي أنكرته العقول والقلوب والطبائع، فهو ما لا أصل له، أو المجهول المنكر في أصل الخلقة، ويشمل ذلك المعاصي.

أنواع المعروف:

والمعروف نوعان: قولي وعملي، فمن القولي: طيب الكلام وحسن البشر، والتودُّد بجميل القول. والباعث عليه: حسن الخلق ورقة الطبع، لكن لا يسرف فيه فيكون مَلِقًا مذمومًا، وإن توسط واقتصد فهو به محمود، وفي منثور الحكم: من قلَّ حياؤه قلَّ أحبَّاؤه.

ومن العملي: بذل الجاه، والإِسعاف بالنفس، والمعونة في النائبة، والباعث عليه: حب الخير للناس، وإيثار الصلاح لهم، وليس في هذه الأمور سرف ولا لغايتها حد. بخلاف الأولى، فإنها -أي: الأفعال-، وإن كثرت: أفعال تعود بنفعين: نفع على فاعلها في اكتساب الأجر وجميل الذكر، ونفع على المُعان بها في التخفيف والمساعدة.

من المعروف قضاء الحوائج:

ومن المعروف قضاء حوائج الناس، وتسليتهم عند الشدائد، ومواساتهم في المصائب، قال الغزالي -رحمه الله: وقضاء حوائج الناس له فضل عظيم، والعبد في حقوق الخلق له ثلاث درجات:

الأولى: أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة، وهو أن يسعى في أغراضهم رفقًا بهم وإدخالًا للسرور عليهم. 

الثانية: أن ينزل منزلة البهائم والجمادات في حقهم فلا ينلهم خيره لكن يكف عنهم شره. 

الثالثة: أن ينزل منزلة العقارب والحيات والسباع الضارية، لا يرجى خيره ويتّقى شره، فإن لم تقدر أن تلحق بأفق الملائكة، فاحذر أن تنزل عن درجة الجمادات إلى مراتب العقارب والحيات، فإن رضيت النزول من أعلى عليين فلا ترضَ بالهوي في أسفل سافلين، فلعلك تنجو كفافًا لا لك ولا عليك.

هذا الكتاب من المصنفات في الأربعينات:

ويُعد هذا الكتاب من الكتب المصنفة في الأربعينات، فقد جمع الشيخ الكرمي أربعين حديثاً في فضل المعروف ومساعدة الآخرين، وغالبها من الجامع الصغير للسيوطي، وقليلٌ منها لم تُذكر فيه، وقد حقَّق الشيخ (باذيب) هذا الكتاب تحقيقاً جيداً، مع ذكر شرحٍ حسن عقب الحديث بحسب الحاجة إلى ذلك.

الشيخ مرعي الكرمي:

ومؤلفه هو الشيخ الفلسطيني مرعي بن يوسف الكرمي -نسبةً إلى طور كرم -قرية تقع شمال غرب نابلس، وكانت تُسمى في عهد صلاح الدين (الطراز الأخضر)، الحنبلي مذهباً، وكان أحد محققي مذهب الحنابلة، ويقول في ذلك:

ولئن قلَّد الناس الأئمة إنني … لفي مذهب الحبر ابن حنبل راغب

أقلد فتواه وأعشق قوله  … وللناس فيما يعشقون مذاهب


  • أطراف الحديث مع الحكم على إسناده:

اطْلُبوا الخيرَ عِنْدَ حِسَانِ الوُجُوه/ حسن لغيره ؟!!.

اطْلُبُوا المعْروفَ من رُحَماء أُمَّتي/ ضعيف.

إنَّ الله تَعالى جَعَل للمَعْروفِ وجُوهًا مِنْ خَلْقه/ ضعيف.

إِنَّ أوَّلَ أَهْلِ الجنةِ دُخُولًا الجنةَ أهلُ المعرُوفِ/ ضعيف.

إنَّ أهْلَ المعرُوفِ في الدُّنيا أَهْلُ المعروفِ في الآخِرَة/ صحيحٌ لغيره.

صَنَائِعُ المعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ/ ضعيف.

إنَّ أحَب عِبادِ اللهِ إِلَى اللهِ مَنْ حُبِّبَ إليهِ المعروف/ ضعيف.

إِن مِنَ النَّاسِ نَاسًا مَفَاتِيحَ للخَيْر مَغَالِيقَ للشَّرِّ/ ضعيف.

طُوبَى لِمنْ جَعَلْتُ مَفَاتِيحَ الخيرِ عَلَى يَدَيْه/ ضعيف.

إن الله تَعَالَى جَعَلَ للمعْرُوفِ وُجُوهًا مِنْ خَلْقِهِ/ ضعيف.

كلُّ معروفٍ صدقةٌ/ حسن.

كل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة/ ضعيف.

لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا/ صحيح.

إنكم لا تَسَعون الناسَ بأموالِكم/ ضعيفٌ جداً

كلُّ معروف صدقة، والدالُّ على الخير كفاعله/ ضعيف.

إن الله تعالى يحب إغاثة اللهفان/ ضعيف.

من أغاثَ ملهوفًا كتَبَ الله تعالى له ثلاثًا وسبعين حسنة/ موضوع.

إن لله عزَّ وجل خَلقًا خَلَقَهم لحوائج الناس/ ضعيف.

إن لله عبادًا استخصَّهم لنفسه لقضاء حوائج الناس/ لا أصل له.

من قضى لأخيه حاجة كنتُ واقفًا عند ميزانه، فإن رجح وإلَّا شفعت/ موضوع.

منْ مشى في حاجة أخيه كتب الله له بكل خطوة سبعين حسنة/ موضوع.

من قضى لأخيه المسلم حاجة كان له من الأجر كمن حج واعتمر/ موضوع.

من مشى مع أخيه في حاجة ...جعل الله بينه وبين النار سبع خنادق/ لا يُعرف.

من قضى لأخيه حاجة كان كمن عبد الله عُمْرهُ/ موضوع.

من كان وصلةً لأخيه المسلم…  أعانه الله على إجازة الصراط/ إسناده تالف.

من ستر مسلمًا … من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته/ صحيح.

من فرَّج…. والله عزَّ وجلّ في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه/ صحيح.

إن لله عبادًا اختصَّهم بالنِّعَمِ لِمنافع العباد/ ضعيف.

أفضل الصدقة صدقة اللسان/ ضعيفٌ جداً.

إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك.../ ضعيف.

 أيُّ العمل أفضل؟ قال: أن تُدخل على أخيك المسلم سرورًا/ ضعيف.

لا يضعُ الله الرحمة إلَّا على رحيم/ موضوع.

إن كنتم تريدون رحمتي فارحموا خلقي/ موضوع.

الرَّاحمون يرحمهم الرَّحمن/صحيح.

الخلق عيال الله فأحبُّهم إلى الله أنفعُهُم لعيالِه/ ضعيف جداً.

خير الناس أنفعهم للناس/ حسن.

هَلْ تُنْصَرُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُم بِدَعْوَتِهمْ وإخْلاَصِهمْ/ صحيح.

مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد/ صحيح.

المؤمنُ أَخو المؤمن… يَكُفُّ عَلَيه ضَيْعتَه ويحفظُه من وَرَائِه ويحُوطُه/ حسن.