تنوير البصيرة ببيان علامات الكبيرة
لأبي الفضل عبد الله بن الصديق الغماري
إعداد: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ لما خلق الله الإنسان علم ضعفه أمام المغريات، وأن الشهوة تغلب عليه، كذلك فإن الشياطين تُزين له المعاصي، وتستفزه إليها، ولا ينجو من هذه الآثام والمعاصي إلا من أدركه اللطف الإلهي، وأسعفه التوفيق الرباني، ولا يخلو إنسانٌ من ذنب وعيب ونقص، وهذه الذنوب متفاوتة في الجرم، وبعضها أكبر من بعض، وبعضها أعظم من بعض، بحسب ما تعلق بها من الوعيد والعقوبة وإيصال الأذى والضرر للآخرين.
وهذه رسالةٌ لطيفة فيها بيان بعض العلامات والأمارات التي تدلُّ على أن هذه المعصية كبيرةٌ من الكبائر، وقد ذكر فيها الغماري -رحمه الله -خمسةً وأربعين علامة وأمارة تدلُّ على أن هذه المعصية كبيرة من كبائر الذنوب، ويندرج تحت كل نوعٍ منها كبيرة أو أكثر، وقد تكون الكبيرة الواحدة فيها أكثر من أمارة وعلامة، وقد تكون بعض هذه الأمارات مترادفة أو متقاربة في الإثم والعقوبة.
وإذا أردنا تعريف الكبيرة فهي: ارتكاب العبد شيئاً مما فيه حدٌّ في الدنيا: كالقتل، والزنا، والسرقة، أو جاء فيه وعيدٌ في الآخرة، من عذابٍ أو غضبٍ، فهذه هي الكبيرة.
أو: هي كل ذنبٍ قُرن به وعيدٌ، أو لعنٌ بنصِّ كتابٍ أو سنةٍ، أو عُلم أن مفسدته كمفسدة ما قُرن به وعيد أو حد أو لعن، أو أكثر من مفسدته.
والكبائر كما سبق -متفاوتة في الإثم عند الله سبحانه؛ فبعضها أفحش وأقبح من بعض، فالزنا كبيرة، لكن الزنى بإحدى المحارم أقبح وأكبر، ثم بحليلة الجار، ثم بالمغيبة (وهي التي غاب عنها زوجها في سفرٍ)، ويشتد الإثم إذا كان في سفر طاعة: كالحج والجهاد وطلب العلم ونحو ذلك. كذلك أكل لحم الخنزير أكبر إثماً من أكل لحم الميتة. وأكل مال المسلم بغير حقٍ كبيرة لكنه بالنسبة لمال اليتيم أشدُّ إثماً، وهكذا.
ولا بُدَّ للكبيرة من توبة يمسح بها العبد تبعة الذنب، ولا بُدَّ من ردِّ المظالم إلى أهلها، خلاف الصغيرة التي يُكفرها ثلاثة أشياء، وهي:
1. (اجتناب الكبائر)، روى الشيخان، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إلّا كَفَّرَ اللَّهُ بها عنْه، حتّى الشَّوْكَةِ يُشاكُها).
2. ويكفرها (اتباع السيئة بالحسنة)، قال تعالى: {إن الحسنات يُذهبن السيئات} (هود: 114)، وفي الحديث، عن أبي ذرٍ الغفاري مرفوعاً: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).
3. ويُكفرها (المصيبة تنزل بالمؤمن) قال الله عز وجل: {إن تجتنبوا كبائر ما تُنهون عنه نُكفر عنكم سيئاتكم} (النساء: 31)، وفي مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفراتٌ لا بينهن إذا اجتنبت الكبائر).
ولا بُدَّ من التنبيه إلى أن الصغيرة قد تنقلب كبيرةً بما يُلابسه العبد من أحوال، وبانضمام المعصية إلى أختها، كما أن الإصرار على الكبيرة "كبيرة"، وقيل: الإصرار على الصغيرة صغيرة.
وأما ما يُكفر الكبيرة: فأمورٌ أربعة:
1. الحد المُرتّب على بعضها: وفي حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال وحوله عصابةٌ من أصحابه: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف؛ فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً؛ فعوقب في الدُّنيا؛ فهو كفارةٌ له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله؛ فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه) /رواه الشيخان/، وفي الحديث عن خزيمة بن ثابتٍ مرفوعاً: (مَنْ أصابَ ذَنْبًا فأُقِيمَ عليهِ حَدُّ ذلِكَ الذنبِ فهو كفارَتُهُ).
2. الشهادة في سبيل الله: لحديث: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلّا الدَّيْنَ) رواه مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً؛ فمن يُقتل في سبيل الله صابراً مُحتسباً، مُقبلاً غير مُدبرٍ؛ فإن الله عز وجل يُكفر عنه ذنوبه وخطاياه، ومعناه في الحديث كثير.
3. القتل: فإذا قُتل مرتكبُ الكبيرة ظلماً؛ فإن ذلك له كفارة؛ لحديث عائشة مرفوعاً: (قَتْلُ الصبرِ لا يمرُّ بذنبٍ إلا محاه) وحسنه الألباني في الصحيحة (2016)، وقتل الصبر: أن يُقتل الرجل مُقيداً، وقصره الغماري على القتل العمد. ولا مانع أن يدخل في التكفير القتل الخطأ.
4. أعمال ثبت فيها أنها تُكفر الذنوب: كالحج المبرور، وقيام ليلة القدر. كما روى البخاري، عن عائشة مرفوعاً: (مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَع كما ولَدَتْه أمُّه).
علامات الكبيرة
اعلم أن الشارع نصب علامات يعرف بها كون المعصية كبيرة، وهذه العلامات كثيرة منتشرة في الكتاب والسنة، ومن هذه العلامات:
أولاً: إيجاب الحد على المعصية، ويدخل تحتها عدة كبائر:
1. قتل المؤمن عمداً. 2. الزنا: 3. القذف 4. السرقة.
5. شرب الخمر. 6. اللواط. 7. قطع الطريق.
أما قتل المؤمن متعمداً؛ فقال سبحانه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء: 93).
وأما الزنى؛ فقال سبحانه: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (النور: 2).
وأما قذف المحصنات؛ فقال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 4).
وأما السرقة؛ فقد قال الله سبحانه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة: 38).
وأما شرب الخمر؛ فقد ثبت فيه الحد بالجلد من حديث عمر، والسائب بن يزيد، وأبي هريرة، وعقبة بن الحارث عند البخاري، ومن حديث أنس عند مسلم، وانعقد عليه الإجماع.
وأما اللواط؛ فقد روى أبو داود في "سننه" بإسناد صحيح، عن ابن عباس مرفوعاً: (مَن وجَدْتُموه يعمَلُ عمَلَ قومِ لوطٍ فاقتُلوا الفاعلَ والمفعولَ به).
وأما الحرابة وقطع الطريق؛ فقد قال الله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة: 33).
ثانياً: تسمية المعصية كبيرة، أو أكبر الكبائر، ولذلك أمثلة، منها:
ومن ذلك ما رواه البخاري في "صحيحه"، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: (الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ)، وروى البخاري، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: (إنَّ مِن أكْبَرِ الكَبائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ والِدَيْهِ قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أبا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ)، وروى عن ابن مسعودٍ مرفوعاً: (قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قالَ: أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ مِن أجْلِ أنْ يَطْعَمَ معكَ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: أنْ تُزانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ).
ثالثاً: وصف المعصية بأنها موبقة (بكسر الباء):
ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبا، وَأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلات).
رابعاً: وصف المعصية بأنها فاحشة:
قال سبحانه: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} (النساء: 22)، وقال جل وعلا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (الإسراء: 32)، وقال سبحانه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (النمل: 54).
خامساً: وصف المعصية بأنها من عمل الشيطان:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة: 90)، فالخمر والميسر والأنصاب كبائر.
سادساً: وصف المعصية أو فاعلها بالفسق:
قال الله جل وعلا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (المائدة: 3). فالفاعل لأحد الأمور الأحد عشر يكون مرتكباً لكبيرة من الكبائر، وروى الشيخان، عن ابن مسعود مرفوعاً: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).
سابعاً: الخبر بأن الله تعالى يُحارب فاعلها:
ومن ذلك كبيرة الربا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (البقرة: 278، 279)، وروى البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ)، وفي هذا تحذيرٌ لمن يؤذي عباد الله المتقين، الملازمين لشرعه ودينه.
ثامناً: الخبر بأن الله لا يُحبها، أو لا يُحب فاعلها، أو أن الله يبغضه:
قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (النساء: 148). وقال جل شأنه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (النساء: 36)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (الأنفال: 58)، فالجهر بالسوء من السب والقذف والشتم لا يجوز وهو من الكبائر. وكذلك الخيانة، والفخر والخيلاء.
تاسعاً: لعن فاعلها:
ومن ذلك ما رواه أبو داود في "سننه"، عن أبي هريرة مرفوعاً: (ملعونٌ من أتى امرأتَهُ في دبرِها). وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
وروى الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً: (لَعَنَ اللَّهُ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والواشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ)، وروى أبو داود في "سننه"، عن ابن عباس مرفوعاً: (لعن المتشَبِّهاتِ مِنَ النِّساءِ بالرِّجالِ، والمتشَبِّهينَ مِن الرجالِ بالنِّساءِ).
عاشراً: وصف فاعلها بأن الله لا ينظر إليه:
ومن ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: (لا يَنْظُرُ اللَّهُ إلى مَن جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ)، وروى مسلم والنسائي، عن أبي هريرة مرفوعاً: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ أُشَيْمطٌ زاني وعائلٌ مستكبِرٌ ورجلٌ جعل اللهَ بِضاعتَه لا يشتري إلّا بيمينِه ولا يبيعُ إلّا بيمينِه).
الحادي عشر: الإخبار بأنه لا يدخل الجنة:
ومن ذلك ما رواه البيهقي في "الشعب" عن عمار بن ياسر مرفوعاً: (ثلاثةٌ لا يَدخلُونَ الجنةَ أبدًا: الدَّيُّوثُ، و الرَّجِلَةُ من النِّساءِ، و مُدمِنُ الخمْرِ). وصححه الألباني في "صحيح الجامع". وروى مسلم في "صحيحه" عن ابن مسعود مرفوعاً: (لا يدخل الجنَّةَ من في قلبه مثقالُ ذَرَّةٍ من كِبرٍ). وروى مسلم في "صحيحه"، عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعاً: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).
الثاني عشر: الإخبار بتحريم الجنة عليه:
ومن ذلك ما رواه الشيخان، عن جندب بن عبد الله مرفوعاً: (كان فيمن قبلَكم رجلٌ به جُرْحٌ فجزِعَ. فأخذ سِكِّينًا فجزَّ بها يدَهُ، فما رقَأَ الدمُ حتى مات، فقال اللهُ: بادََرَني عبدِي بنفْسِهِ، فحرَّمْتُ عليه الجنةَ).
الثالث عشر: الإخبار بأن فاعلها برئت منه ذمة الله أو رسوله:
ومن ذلك ما رواه الطبراني في "الأوسط"، عن ابن عباس مرفوعاً: (مَنْ أعانَ ظالِمًا لِيُدْحِضَ بباطِلِهِ حقًّا، فَقَدْ بَرِئَتْ منه ذمَّةُ اللهِ ورسولِهِ)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب". وروى النسائي -بإسناد حسن، عن رُويفع بن ثابت مرفوعاً: (يا رُوَيْفِعُ لعلّ الحياةَ ستطولُ بكَ بعدي فأخبرِ الناسَ أنّ من عقدَ لحيتهُ، أو تقلدَ وترًا، أو استنجى برجيعِ دابةٍ، أو عظمٍ فإن محمدا منه برِيء)، وصححه الألباني في "صحيح النسائي".
الرابع عشر: الإخبار بأنها حالقةٌ تحلق الدين:
ومن ذلك ما رواه أحمد والترمذي، عن الزبير بن العوام مرفوعاً: (دَبَّ إليكم داءُ الأممِ قبلَكم: الحسدُ والبغضاءُ: هي الحالِقةُ، لا أقولُ: تَحْلِقُ الشَّعْرَ، ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ). وصححه الألباني في"صحيح ابن ماجه".
الخامس عشر: الإخبار بنزع الإيمان منه أو نفيه عنه:
ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبي شريح العدوي مرفوعاً: (واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ).
السادس عشر: الإخبار بغضب الله عليه:
ومن ذلك ما رواه الشيخان عن ابن مسعود مرفوعاً: (من حلف على يمين هو فيها فاجرٌ؛ ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان).
السابع عشر: إلجامه بلجام من نار:
ومن ذلك ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهم"، عن ابن عباس مرفوعاً: (مَنْ سُئِلَ عن عِلْمٍ فَكَتَمَهُ جاء يومَ القِيامَةَ مُلْجَمًا بِلِجامٍ من نارٍ، ومَنْ قال في القرآنِ بغيرِ عِلْمٍ جاء يومَ القيامةِ مُلَجَّمًا بِلِجامٍ من نارٍ)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
الثامن عشر: الإخبار بعدم قبول صلاته مثلاً:
ومن ذلك ما رواه ابن حبان في "صحيحه"، عن ابن عباس مرفوعاً: (ثلاثةٌ لا يقبَلُ اللهُ لهم صلاةً: إمامُ قومٍ وهم له كارِهونَ وامرأةٌ باتَتْ وزوجُها عليها غَضبانُ وأخوانِ مُتصارِمانِ)
التاسع عشر: وصفه بالكفر أو الإشراك مثلاً:
ومن ذلك ما رواه أحمد والأربعة، عن بُريدة مرفوعاً: (العَهدُ الَّذي بينَنا وبينَهمُ الصَّلاةُ فمن ترَكَها كفرَ)، وروى الترمذي عن ابن عمر مرفوعاً: (من حَلَف بغيرِ اللهِ فقد كَفَر أو أشرك).
العشرون: وصفه بالخسران:
قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (الأعراف: 99)، أفادت الآية أن الأمن من مكر الله كبيرة، لأن الخسران لا يُوصف به إلا فاعل الكبيرة.
الحادي والعشرون: وصفه بالضلال:
قال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} (الحجر: 56)، وروى الشيخان عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: (إنَّ اللهَ لا يقبِضُ العِلمَ انتزاعًا مِن النّاسِ ولكِنْ يقبِضُ العُلماءَ بعِلْمِهم حتّى إذا لم يَبْقَ عالِمٌ اتَّخَذ النّاسُ رُؤساءَ جهّالًا فسُئِلوا فأفتَوْا بغيرِ عِلمٍ فضَلُّوا وأضَلُّوا). فالإفتاء في الدين بغير علمٍ كبيرة، وما أكثر المُفتين في هذا العصر بالجهل.
الثاني والعشرون: التعبير عنه بكلمة (ليس منا):
ومن ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة مرفوعاً: (من حمل علينا السلاح فليس منا)، وروى الطبراني في "الكبير" عن قيس بن أبي غرزة مرفوعاً: (من غشنا فليس منا)، وروى أبو داود في "سننه" عن بُريدة مرفوعاً: (من حلف بالأمانة فليس منا).
الثالث والعشرون: وصفه بالخلود في النار:
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء: 93). وفي الصحيحين عن أنس مرفوعاً: (من كذب عليَّ فليتبوأْ مقعدَه من النارِ)، ويتبوأ: أي تطول إقامته في النار، وروى الترمذي عن معاوية مرفوعاً: (من أحبَّ أن يتمثل له الرجال قياماً؛ فليتبوأ مقعده من النار). فمحبة الشخص قيام الناس له كبيرة، لكن قيامهم له من غير أن يُحبه ليس بحرام، بدليل أن طلحة قام يُهنئ كعباً بتوبة الله عليه، فلم ينهه النبيُّ صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين.
الرابع والعشرون: الإخبار بأنها تهدي إلى الفجور:
ومن ذلك ما رواه الشيخان في "صحيحيهما" عن ابن مسعود مرفوعاً: (إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتّى يُكْتَبَ كَذّابًا).
الخامس والعشرون: وصف صاحبها بالنفاق:
ومن ذلك ما رواه الشيخان في "صحيحهما"، عن عبد الله بن عمر، مرفوعاً: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنافِقًا خالِصًا، ومَن كانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حتّى يَدَعَها: إذا اؤْتُمِنَ خانَ، وإذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فَجَرَ).
السادس والعشرون: وصف مرتكبها بأنه لم يزل في سخط الله أو سخط الله عليه:
ومن ذلك ما رواه أبو داود والطبراني عن ابن عمر مرفوعاً: (مَنْ أعانَ على خصومَةٍ بظُلْمٍ، لَمْ يزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ حتى ينْزِعَ)، وفي رواية: (مَن حالت شفاعتُه دونَ حدٍّ من حدودِ اللَّهِ فقد ضادَّ اللَّهَ ومن خاصمَ في باطلٍ وهوَ يعلمُ لم يزَل في سخَطِ اللَّهِ ومن قال في مؤمنٍ ما ليسَ فيهِ أسكنَه اللَّهُ ردْغةَ الخَبالِ حتّى يخرجَ مِمّا قالَ). وروى ابن حبان في "صحيحه" عن عائشة مرفوعاً: (من التمس رضا اللهِ بسخَطِ النّاسِ كفاه اللهُ مؤنةَ النّاسِ ومن التمس رضا النّاسِ بسخَطِ اللهِ وكَله اللهُ إلى النّاسِ)
السابع والعشرون: وصفه بأن مُضادٌ لله عز وجل:
تقدم الحديث بذلك في العلامة قبل هذه.
الثامن والعشرون: الإخبار بأن الله يُسكنه ردغة الخبال:
وقد تقدم الحديث في العلامة المذكورة أيضاً، وردغة الخبال: عصارة أهل النار، فسرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حديث رواه مسلم في صحيحه.
التاسع والعشرون: الإخبار بأن الله حجب التوبة عن مرتكبها:
ومن ذلك الحديث الذي أخرجه المنذري في "الترغيب والترهيب"، عن أنس بن مالك مرفوعاً: (إنَّ اللهَ حجب التوبةَ عن كلِّ صاحبِ بدعةٍ حتى يدَعَ بدعتَه). صححه الألباني.
قال: والمراد بالبدعة في هذا الحديث: بدعة العقيدة، كالمعتزلة والجهمية والمجسمة ونحوهم من الفرق الضالة، وأما المسائل الفرعية المختلف فيها بين العلماء، وقيل في بعضها إنها بدعة فلا تدخل في هذا الباب، وإليك أمثلةٌ منها:
1-قال الإمام أبو بكر الطرطوشي: اقتعاط العمائم، وهو التعميم دون حنك، وهو بدعةٌ منكرة، وقد شاعت في بلاد الإسلام، وقال الإمام مالك: أدركتُ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين محكاً، وإن أحدهم لو ائتمن على بيت المال لكان به أميناً.
2-وقال طاوس: القنوت في الوتر بدعة. وروى محمد بن نصر مثل قوله عن ابن عمر، وأبي هريرة، وعروة بن الزبير، وقال غيرهم بسنيته واستحبابه.
3-إحياء ليلة النصف من شعبان، قال أكثر علماء الحجاز: إنه بدعة، منهم: عطاء، وابن أبي مليكة، ومالك. وقال علماء الشام باستحبابه، منه: خالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، ورجحه والدي الإمام رحمه الله.
وللإمامين مالك والشافعي عبارتان جامعتان تبينان البدعة المذمومة التي يحجب الله التوبة عن صاحبها، والبدعة التي ليست كذلك.
الثلاثون: الإخبار بأن المعصية تأكل الحسنات:
وفي الحديث الذي حسّنه الحافظ ابن حجر في "تخريج المصابيح" عن أبي هريرة مرفوعاً: (إيّاكُم والحسدَ فإنَّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النّارُ الحطبَ).
الواحد والثلاثون: الإخبار بأنها ليست من الإسلام:
ومن ذلك ما أخرجه المنذري في "الترغيب والترهيب"، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً: (إِنَّ الفُحْشَ والتَّفَحُّشَ لَيْسا مِنَ الإسلامِ في شيءٍ، وإِنَّ أحسنَ الناسِ إِسْلامًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا). وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب".
الثاني والثلاثون: الإخبار بأن الله خسف بمرتكبها:
ومن ذلك ما رواه البخاري في "صحيحه"، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: (بيْنَما رَجُلٌ يَجُرُّ إزارَهُ مِنَ الخُيَلاءِ، خُسِفَ به، فَهو يَتَجَلْجَلُ في الأرْضِ إلى يَومِ القِيامَةِ).
الثالث والثلاثون: الإخبار بأن مرتكبها لا يُسأل عنه:
ومن ذلك الحديث الذي أخرجه أحمد في "المسند"، وابن حبان في "صحيحه"، عن نضلة بن عُبيد مرفوعاً: (ثلاثةٌ لا تَسْأَلْ عَنهم: رجلٌ فارَق الجَماعةَ وعصى إمامَه ومات عاصيًا، وعبدٌ أبَقَ مِن سيِّدِه فماتَ، وامرأةٌ غابَ عنها زَوجُها وقد كَفاها مَؤونةَ الدُّنيا فخانَتهُ بعدَه. وثلاثةٌ لا تَسْأَلْ عَنهم: رجلٌ نازَع اللهَ رداءَه؛ فإنَّ رداءَه الكِبْرُ، وإزارَه العِزُّ، ورجلٌ في شَكٍّ من أمرِ اللهِ، والقانِطُ من رحمةِ اللهِ)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب".
الرابع والثلاثون: الإخبار بأن الله تعالى يكون خصمه:
ومن ذلك ما روه البخاريُّ في "صحيحه"، عن أبي هريرة مرفوعاً: (قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفى منه ولم يُعطِه أجرَه).
الخامس والثلاثون: الإخبار بأن مرتكبها لا يجد عُرف الجنة:
ومن ذلك ما رواه ابن حبان في "صحيحه"، عن أبي هريرة مرفوعاً: (مَن تعلَّم علمًا مما يُبتَغى به وجهُ الله، لا يتعلمُه إلا ليصيبَ به عرضًا من الدنيا لم يجدْ عَرفَ الجنةِ)، يعني ريحها. وصححه الألباني في "صحيح الجامع".
السادس والثلاثون: التوعد عليها بالويل:
كما في قول الله عز وجل: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} (المطففين: 1 - 4)؛ فتطفيف الكيل والميزان كبيرة. وقال جل شأنه: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (الهمزة: 1). والهمزة: هو من يعيب الشخص في غيبته. واللمزة: هو من يعيبه في وجهه، وقيل بالعكس. والفصد أن عيب المسلم في غيبته أو حضوره كبيرة.
السابع والثلاثون: وعيد مرتكبها بأن يُحشر بآفةٍ في جسمه:
ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه في "سننهم"، عن أبي هريرة مرفوعاً: (مَن كانتْ له امرأتانِ فمال إلى إحداهما جاء يومَ القِيامةِ وشِقُّهُ مائلٌ)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
الثامن والثلاثون: الإخبار بحبوط عمله:
كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (الحجرات: 2)، وكما في الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه"، عن بُريدة بن الحصيب الأسلمي مرفوعاً: (مَنْ تَرَكَ صلاةَ العصرِ حَبِطَ عمَلُهُ).
التاسع والثلاثون: التوعد بفضيحة مرتكبها:
وفي الحديث الذي رواه أبو داود في "سننه"، عن أبي برزة الأسلمي مرفوعاً: (يا مَعشَرَ مَن آمَن بلسانِهِ ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابوا المُسلِمِينَ، ولا تتَّبِعوا عَوْراتِهم؛ فإنَّه مَن اتَّبَع عَوْراتِهم يتَّبِعِ اللهُ عَوْرتَهُ، ومَن يتَّبِعِ اللهُ عَوْرتَهُ يفضَحْهُ في بيتِهِ)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
الأربعون: الإخبار بأن الله يمقت فاعلها:
ومن ذلك ما رواه أبو داود في "سننه"، والنسائي في "الكبرى"، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: (لا يَخرُجِ الرجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ كاشفانِ عَوْرتَهما يَتحدَّثانِ؛ فإنَّ اللهَ يَمقُتُ على ذلك)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب".
الواحد والأربعون: الإخبار بأن فاعلها خارجٌ عن الإسلام:
ومن ذلك ما رواه الحاكم في "المستدرك" عن ابن مسعود مرفوعاً: (لو أنَّ رجلَيْن دخلا في الإسلامِ فاهتجرا لكان أحدُهما خارجًا عن الإسلامِ حتّى يرجعَ يعني الظّالمَ منهما)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"..
الثاني والأربعون: الإخبار بأن فاعلها يوم القيامة يُكلف بما لا يستطيع:
ومن ذلك الحديث الذي رواه ابن حبان في "صحيحه"، وابن ماجه في "سننه"، عن ابن عباس مرفوعاً: (من تحَلَّمَ حُلمًا كاذبًا كُلِّفَ أن يعقِدَ بين شعِيرتَينِ، ويُعذَّبُ على ذلك)، و(من صوَّر صورةً كُلِّفَ أن ينفُخَ فيها وعُذِّبَ، ولن ينفخَ فيها)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، والعقد بين شعيرتين: هو الفتل بينهما، وهذا يدلُّ على أن الكذب في المنام كبيرة؛ لأن الرؤيا الصادقة جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة، والرؤيا الصادقة من الله، والكاذب فيها كاذبٌ على الله.
الثالث والأربعون: توعد فاعلها بعذابٍ شديد في إحدى جوارحه:
ومن ذلك ما رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث عبد الله بن عباس مرفوعاً: (من استمع لحديث قومٍ وهم له كارهون صُبك في أُذنيه الآنك يوم القيامة)، وصحح الألباني معناه في "صحيح ابن ماجه" من حديث عبد الله بن عمرو، وحديث الرجل الذي يُعذب في النار فيُرضخ رأسه بالصخرة لأنه كان ينام عن المكتوبة، والذي يُشرشر فاه إلى قفاه، وهو الذي يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق. ويدخل في ذلك كذبة إبريل، والكذب التي تنشره الصحافة.
الرابع والأربعون: الإخبار بأن الله يطبع على قلبه:
روى أحمد في "مسنده" الأربعة في "السنن"، عن أبي الجعد الضمري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَن ترَك ثلاثَ جُمَعٍ تَهاوُنًا، طبَع اللهُ على قَلْبِه)، وصححه الألباني في صحيح النسائي.
الخامس والأربعون: إلحاقها بكبيرة معروفة:
ومن ذلك ما رواه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث ثابت بن الضحاك مرفوعاً: (مَن حلَفَ على يَمينٍ بمِلَّةٍ سِوى الإسلامِ كاذِبًا؛ فهو كما قال، ومَن قتَلَ نَفْسَهُ بشيءٍ؛ عُذِّبَ به يَومَ القيامةِ، وليس على رَجُلٍ نَذرٌ فيما لا يَملِكُ)؛ فلعن المؤمن، ورميه بالكفر كبيرتان من الكبائر.
وأما الصغائر؛ فهي التي خلت من العلامات المذكورة آنفاً، ومن الأمثلة على الصغائر:
1. منها: النظر إلى الأجنبية.
2. والخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر.
3. وترك رد السلام، ومثله ترك رد جواب الكتاب.
4. وترك رد إجابة دعوة الوليمة ونحوها.
5. واللعب بالنرد أو الكارطة ونحو ذلك ما لم يصحبه قمار، وإلا فهو كبيرة.
6. وحلق اللحية لما مرَّ بيانه عن التميص، وهذا إذا حُمل الأمر في (أعفوا اللحى) على الوجوب، فإن حُمل على الندب كان حلق اللحية مكروهاً فقط.
7.والجمع بين الصلوات في الحضر بدون عذر.
8. ترك الترحم على الوالدين أو أحدهما، إن كانا مُسلمين.
9. سرقة شيءٍ قليلٍ دون النصاب الذي يوجب الحد.
10.صوم يوم العيد.
11. صلاة النافلة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.
12. ترك صلاة الجمعة مرة أو مرتين بدون عذر.
13. عقد بيعٍ أو نكاح وقت أذان الجمعة إلى الانتهاء من صلاتها.
14. مكث الجُنب أو الحائض في المسجد.
15. مس القرآن على غير وضوء؛ لحديث: (لا يمس القرآن إلا طاهر).
16. ترك تكفير الحالف عن يمينه إذا حنث فيها.
17. ترك الوفاء بنذر الطاعة.
18. الإصرار على فعل الصغيرة، بأن يفعلها كل يومٍ مثلاً.
19. بيعتان في بيعة.