أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 يناير 2021

الرد الوافر على من زعم بأن من سمَّى ابن تيمية "شيخ الإسلام" كافر -محمد بن أبي بكر ابن ناصر الدين الدمشقي الشافعي (ت 842 هـ)

الرد الوافر على من زعم بأن

من سمَّى ابن تيمية "شيخ الإسلام" كافر

تأليف الإمام الحافظ

محمد بن أبي بكر ابن ناصر الدين الدمشقي الشافعي (ت 842 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد/ هذا كتابٌ فريدٌ في بابه، عظيم في موضوعه، ألفه العلامة ابن ناصر الدين الدمشقي سنة (856 هـ)، وذلك رداً على المتنطعين من المُقلِّدة الذين دبَّ إليهم داء الحسد، ففقوقوا سهام الطعن إلى أعراض الأكابر، وحكَّموا روعناتهم في الأساطين الأعلام، وارتكبوا في ذلك حماقات التفسيق والتكفير والتبديع، فأبانوا بذلك عن عظيم جهلهم، وكشفوا عن مكامن الهوى والرعونة في نفوسهم، لأن الكثير من الأمور المعيبة التي يُطلقها بعض الناس دون تحري أو تثبت، يعرف المنصفون من أصحاب العقول الصريحة أنها دعاوي كاذبة، وأقوال مُغرضة، فكأن كلامهم نفخٌ في رماد، واجتناءٌ دونه خرط القتاد.

وقد جاء هذا الكتاب انتصاراً للعقيدة الصحيحة وإشاعةً للفكر السديد ضد جائحة التكفير والتقليد والتعصُّب الأعمى، ورداً على الذين رموا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بالكفر، وبالأخص رداً على الفقيه الحنفي العلاء البخاري، والذي تمادى في تعصُّبه؛ حتى رمى من يُلقب ابن تيمية بشيخ الإسلام بالكفر، وحكم على صلاته بالبطلان!! 

ولا شكَّ أن هذه الحماقة الكبرى الذي وقع فيها هذا المُشنِّع،  أودت به في أودية الهلكة والخسران، لا سيما وأنه حكم بكفر كثير من علماء الإسلام وشيوخهم، الذين أطلقوا هذا اللقب الشريف على تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وسيأتي ذكر بعض أسمائهم مختصراً.

وقد جمع الحافظ ابن ناصر في رده على هؤلاء الظلمة قواعد عامة، وأصولاً سليمة في الرد عليهم، وكيفية تعامل المرء مع من يُخالفه، فسلك في كتابه هذا مسلكاً لم يُسبق فيه إليه، مدافعاً بذلك عن عقيدة المسلمين، التي لا ترضى بالغلو في التكفير والتضليل، بل هي ضد هؤلاء الذين يُكفرون الناس أو يُضللونهم، أو يُصنفونهم خارج الملة لمجرد مخالفتهم في بعض أمور الدين التي لم تصل إلى حدِّ الكفر والشرك.

وانتشر هذا الكتاب (أعني: الرد الوافر) في عصر مؤلفه انتشاراً واسعاً، وسارت به الركبان، وقرظه عددٌ من علماء مصر والشام والعراق، ومن هؤلاء المقترضين الفقيه الشافعي محمد بن أبي بكر ابن قاضي شُهبة (ت 874 هـ)، والفقيه الشافعي رضوان بن محمد بن يوسف العقبي المصري (ت 852 هـ)، وغيرهم من الأكابر، وتلقاه العلماء بعد ذلك بالقبول الحسن، والثناء الجميل، والنقل عنه، والاعتماد عليه. 

وتميَّز هذا الكتاب بالسجع، وكثرة المحسنات البديعية فيه، وهي من أساليب التأليف في عصره، ولكنها لا تُمل القارئ.

هذا الكتاب جاء رداً على العلاء البُخاري

فجاء هذا الكتاب رداً على تلك الكلمة الشنيعة التي أطلقها الفقيه الحنفي العلاء محمد بن محمد البخاري (ت 841 هـ)، المولود بإيران سنة (779 هـ) والتي كفَّر فيها من لقَّب ابن تيمية بـ"شيخ الإسلام"، وكان في بداياته شديد الالتصاق بحكام المصريين، كثير التزُّلف لهم، يُعظمهم غاية التعظيم، ويُثني عليهم بالغ الثناء، ويتهادى معهم.

وكان شديد التعصُّب لمذهبه، ضيق العطن فيه، حادَّ الألفاظ مع المخالفين، سريع الغضب، لجوجاً في الخصومة، وقد أدَّى به ذلك إلى أن هجره حكام مصر، حتى خرج منها حسيراً إلى دمشق، ولما سكن دمشق هاله ما رآه في نفوس أهل الشام من تعظيمٍ لابن تيمية، فهاجت عصبيته، وجعل يُردِّد كلمته الجائرة "من زعم أن ابن تيمية شيخ الإسلام فهو كافر"، فردَّ عليه العلامة ابن ناصر الدين في كتابه "الرد الوافر" ولم يُبق له باقية.

ولم تسكن ثورة العلاء البخاري بعد هذا الرد؛ بل تمادى في رفض للحق بأن كاتب سلطان المسلمين في مصر يُحرضه على النيل من المؤلف، ويُغريه بالحنابلة عموماً، ويتهمهم بشتى التُّهم، ولكنها لم تُغنِ عنه شيئاً، وقد عرف السلطان مرامه ومقامه في العداوات، وقد أخرج من مصر مُغاضباً للسلطان، فأنى يستجيبُ له السلطان؛ فالحمد لله الكريم المنان.

ولما زاد سبُّ العلاء لابن تيمية زاد هجران الناس له، ولم يعودوا يلتفتون إليه، وبقي بدمشق مهجوراً إلا من النذر القليل إلى أن مات سنة (841 هـ).

وقد طال طعن العلاء البخاري إلى الإمام الجليل: محيي الدين النووي (ت 676 هـ)، شيخ الشَّافعية في زامنه، حتى قال عن الإمام النووي: لا يجوز النظر في كتبه، وأنه رجلٌ ظاهري!!.

تكفير المسلمين نوعٌ من أنواع الغلو

 ولا شك أن التكفير هو أشدُّ ما يُوجَّه للمُسلم من الجرح، وهو أيضاً أعظم ما ينبغي الاحتياط فيه، ولكن تعصُّب البعض يقود إلى أكثر من ذلك. وقد يكونُ هذا المُكفِّر أحقُّ بالعتب واللوم من المُكفَّر، لبُعده عن حقائق هذا الدين وأصوله، أو لأن ما ظنَّه ديناً، واعتبر مخالفته كفراً، ليس من الدين في شيء، أو أنه من الأمور الاجتهادية التي لا يُردُّ على أصحابها باجتهادٍ مماثل، وكثيراً ما يكون الرأي المُعتَرض عليه هو الحقُّ المؤيد بالكتاب والسنة، أو الإجماع الصحيح، ومما يشهد له العقل السليم، والقياس المستقيم، كما هو الحال في موضوع كتابنا هذا.

ولا شك أن موقف الشيخ محمد بن محمد البخاري الحنفي: كان في غاية السوء عندما قال كلمته الجائرة: (إن من سمَّى ابن تيمية شيخ الإسلام فهو كافر)، وقد قالها بعد وفاة ابن تيمية بأكثر من مائة سنة. ومع ذلك فقد كانت له مواقفه الحميدة من الصوفية الاتحادية؛ حيث كان يرى كفر ابن عربي الحاتمي (ت 638 هـ)، القائل بوحدة الوجود، والذي شغل المسلمين بما جاء به من الفتن,

وألف العلاء البخاري رسالته الشهيرة في ذلك أسماها: "فاضحة الملحدين وناصحة الموحدين" بيَّن فيها ضلال ابن عربي وأتباعه ممن يقول بوحدة الوجود؛ فجزاه الله على عمله هذا خير الجزاء، وقام أتباع ابن عربي عليه إبان تأليفه هذه الرسالة، فألف رسالته الأخرى أسماها "الملجمة للمجسمة"، يزعم أنه يردُّ بها على الحنابلة وشيخ الإسلام ابن تيمية، وقد بناها على الزامات ومشتبهات لم يلتزمها ابن تيمية رحمه الله تعالى.

الحالة النفسية التي كان يعيشها العلاء البخاري

وينقل المؤرخون أن العلاء كان من الموسوسين، فكان يتخيل أموراً غريبة، حتَّى أنه تخيَّل جنيَّةً تتبعه وتراقبه، فكان يضيقُ صدره، ويضطرب حاله عندما يُحسُّ بذلك، وله أخبراٌ غريبة في ذلك. وقد التمس لإزالة ذلك الكثير من الأسباب غير المشروعة، باللجوء إلى أنواعٍ من التعاويذ، والاتصال بالدجالين، ولم يأخذ بالأسباب المشروعة في ذلك.

ومع ذلك نقول: غفر الله للعلاء البخاري، ورفع درجة شيخ الإسلام ابن تيمية في الصديقين والشهداء والصالحين المصلحين، ونسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وألسنتنا، وأن يُبتنا على الحق، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

ومن عظيم فقه المؤلف أنه أغفل اسم العلاء البخاري من كتابه؛ ليجعل الباب أمامه مفتوحاً للندم والتوبة عما سلف منه، فقد قال في الخاتمة منه: "أو رجوعاً إلى الحق ممن بهذا الرد قصدناه"، والله يُبصرنا بحقائق الإيمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ذكر من ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية بشيخ الإسلام

على سبيل الإجمال اختصاراً من الرد الوافر

وقد ترجم كثيرٌ من العلماء الأبرار لابن تيمية بهذا اللقب العظيم، وفخَّموا أمره غاية التفخيم، وشهروا بإمامته ومرتبته وقدره، وقد قام ابن ناصر بترتيب من لقَّب ابن تيمية بشيخ الإسلام على حروف المُعجم اتباعاً للطريقة المعروفة في ذلك، وقدَّم من اسمه مُحمَّد، وممن لقَّب ابن تيمية بشيخ الإسلام:

  1.  ابن سيِّد الناس: محمد بن محمد الشافعي (ت 734 هـ).

  2. ابن عبد الدائم: محمد بن محمد المقدسي الصالحي (ت 775 هـ).

  3. ابن عبد الهادي: محمد بن أحمد بن عبد الهادي، شمس الدين المقدسي الحنبلي، المحدث الإمام الصالح (ت 744 هـ).

  4. ابن الذهبي: محمد بن أحمد، شمس الدين الشافعي (ت 748 هـ).

  5. ابن الواني المؤذن: محمد بن إبراهيم، المُحدث الشهير (ت 735 هـ).

  6. ابن المُهندس: محمد بن إبراهيم، الإمام المحدث الشمس (ت 733 هـ).

  7. ابن إمام الصخرة البيساني: محمد بن إبراهيم الخزرجي المقدسي المحدث (ت 762 هـ).

  8. ابن بردس: محمد بن إسماعيل، تاج الدين الحافظ الحنبلي (ت 830 هـ).

  9. ابن النقيب القرماني: محمد بن حسن، شمس الدين، الإمام المحدث (ت ؟).

  10. ابن المنصفي الحريري: محمد بن خليل، شمس الدين الحنبلي (ت 803 هـ).

  11. ابن رافع: محمد بن رافع، تقي الدين الشافعي الدمشقي (ت 774 هـ).

  12. ابن نجيح: محمد بن سعد الله، شرف الدين، العالم المُحدث (ت 723 هـ).

  13. ابن الصيرفي: محمد بن طغريل، ناصر الدين، العالم الفاضل، أبو المعالي الخوارزمي (ت 737 هـ).

  14. ابن طولوبغا: محمد بن طولوبغا الحنفي، ناصر الدين التركي الدمشقي (ت 749 هـ)، وكان صاحب عقيدةٍ سلفية.

  15. ابن المُحب الصامت: محمد بن عبد الله، السعدي الحنبلي (ت 788 هـ).

  16. ابن السبكي: محمد بن عبد البر بن يحيى، قاضي القضاة، بهاء الدين الشافعي  (ت 777 هـ) 

  17. ابن جيش الرقي المؤذن: محمد بن عثمان، الشيخ الصالح المقرئ (ت 783 هـ).

  18. ابن الحريري: محمد بن عثمان الحنفي، المفتي، قاضي قضاة مصر والشام (ت 728 هـ).

  19. ابن شُكر: محمد بن عثمان، الفقيه المحدث، شمس الدين الحنبلي (ت 803 هـ).

  20. ابن اليونانية البعلبكي: محمد بن علي اليونيني، قاضي بعلبك الحنبلي (ت 793 هـ).

  21. ابن حمزة الحسيني: محمد بن علي، شمس الدين الشافعي (ت 765 هـ).

  22. ابن الزملكاني: محمد بن علي، كمال الدين، قاضي القضاة، الأنصاري الشافعي (ت 727 هـ)، وقد تولى مناظرة ابن تيمية عدة مرات، ومع ذلك كان يعترف بفضله، ويُقرُّ بإمامته.

  23. ابن دقيق العيد: محمد بن علي، قاضي القضاة، المالكي الشافعي (ت 702 هـ).

  24. ابن المنجا التنوخي: محمد بن عثمان، شرف الدين، الفقيه الصالح، المفتي الدمشقي (ت 724 هـ)، ولم يُذكر فيه نصُّه على لقب شيخ الإسلام.

  25. اليونيني: محمد بن موسى، تقي الدين الحسيني، الفقيه المؤرخ (ت 765 هـ).

  26. ابن سند: محمد بن موسى، الحافظ الناقد، شمس الدين اللخمي الدمشقي (ت 792 هـ).

  27. ابن سعيد: محمد بن يحيى، المحدث العالم، شمس الدين، الأنصاري المقدسي (ت 757 هـ).

  28. أبو حيَّان: محمد بن يوسف، أثير الدين الأندلسي، علم القراء، وأستاذ النحاة (ت 745 هـ)، ومدح ابن تيمية بأبيات.

  29. ابن قيِّم الجوزيَّة: محمد بن أبي بكر، شمس الدين الحنبلي الزرعي الدمشقي (ت 751 هـ).

  30. تاج الدين الحميري: أحمد بن محمد، الناقد المؤرخ، البعلي الشافعي (ت …  ؟).

  31. البقاعي الشافعي: أحمد بن إبراهيم، الإمام المحدث، شهاب الدين المقدسي الشافعي (ت …  ؟).

  32. ابن شيخ الحزاميّين الواسطي: أحمد بن إبراهيم، عماد الدين الشافعي الحنبلي، بقية السلف، وقدوة الخلف (ت 711 هـ).

  33. الحَسَباني: أحمد بن إسماعيل، قاضي القضاة: شهاب الدين، الدمشقي الشافعي (ت 815 هـ).

  34. أبو العباس بن حِجي: شهاب الدين السعدي، الفقيه الحافظ المُحدث، أقضى القضاة، الشافعي (ت 816 هـ).

  35. ابن قاضي الجبل: أحمد بن لحسن، شرف الدين، قاضي الجبل، وابن قاضيه، الصالحي الحنبلي (ت 771 هـ).

  36. ابن طرخان الملكاوي: أحمد بن طرخان، شهاب الدين الشافعي (ت 803 هـ)، وكان ممن أصابته محنة ابن تيمية.

  37. ابن رجب الوالد: أحمد بن عبد الرحمن، شهاب الدين المقرئ البغدادي، والد العلامة زين الدين ابن رجب الحنبلي (ت 774 هـ).

  38. ابن كرامة: أحمد بن صالح: شهاب الدين الزهري، الشافعي الدمشقي (ت 795 هـ).

  39. ابن بكار النابلسي: أحمد بن مظفر، شهاب الدين الشافعي الإمام الصالح، سبط زين الدين خالد، الشافعي (ت 758 هـ).

  40. ابن فضل الله العمري: أحمد بن يحيى: شهاب الدين العدوي العمري، الشافعي (ت 749 هـ).

  41. ابن ابن القيم: إبراهيم بن محمد، برهان الدين، الإمام المحدث، الزرعي الدمشقي (ت 767 هـ).

  42. ابن المحب السعدي: إبراهيم بن أحمد، الإمام المحدث، برهان الدين السعدي المقدسي (ت 749 هـ).

  43. ابن القلانسي: إبراهيم بن أسعد، الصالح الفقيه المقرئ، مجد الدين الشافعي الدمشقي (ت 765 هـ).

  44. تاج الدين الفزاري: إبراهيم بن أحمد، برهان الدين البدري الشافعي، (ت 729 هـ).

  45. ابن جماعة: إبراهيم بن عبد الرحيم، قاضي القضاة، برهان الدين الشافعي الكناني (ت 790 هـ).

  46. ابن يونس البعلبكي: إبراهيم بن يونس، المحدث الرحلة، جمال الدين الغانمي الدمشقي (ت 741 هـ).

  47. ابن ألمي التركي: إسحاق بن أبي بكر، الفقيه المحدث، نجم الدين، (ت بعد 720 هـ).

  48. ابن بردس: إسماعيل بن محمد، الفقيه المقرئ، عماد الدين ابن رسلان، البعلبكي الحنبلي (ت 786 هـ).

  49. ابن كثير: إسماعيل بن محمد، الإمام الحافظ المفسر المؤرخ، عاد الدين الشافعي، الدمشقي (ت 774 هـ).

  50. الحسن بن عمر بن الحسن بن حبيب الدمشقي الحلبي، العالم المحدث المؤرخ (ت 779 هـ).

  51. ابن شيخ السِّلامية: حمزة بن موسى، عز الدين الحنبلي، المدرس بمدرسة شرف الإسلام ابن الحنبلي (ت 769 هـ).

  52. خالد المجاور: وكان شيخاً صالحاً (ت 741 هـ).

  53. العلائي: خليل بن كيكلدي، صلاح الدين الشافعي، المؤرخ والحافظ الكبير الدمشقي (ت 761 هـ).

  54. الدِّهليّ: سعيد بن عبد الله، الناقد المؤرخ الحافظ، نجم الدين البغدادي الحنبلي، نزيل دمشق (ت 749 هـ).

  55. القابوني: سلمان بن عبد الحميد، العالم الفقيه المحدث، الحنبلي الدمشقي (ت 805 هـ).

  56. الياسوفي: سليمان بن يوسف، الحافظ الفقيه، صدر الدين الشافعي، المقدسي الدمشقي (ت 789 هـ).

  57. عبد الله بن أحمد بن المحب، المحدث الثقة، محب الدين المقدسي الصالحي (ت 737 هـ).

  58. الجزري: عبد الله بن موسى، الشيخ الصالح الفقيه الناسك، الدمشقي (ت 725 هـ).

  59. الاسكندري: عبد الله بن يعقوب بن أردبين، المحدث العالم، جمال الدين، نزيل دمشق (ت 754 هـ).

  60. ابن طولوبغا السّيفي: عبد الرحمن بن محمد، الشيخ المُسنِد، العالم المُحدِّث (ت 826 هـ).

  61. الفخر البعلبكي: عبد الرحمن بن محمد، العالم الحافظ القدوة، فخر الدين الدمشقي (ت 732 هـ).

  62. ابن رجب الحنبلي: عبد الرحمن بن أحمد، زين الدين البغدادي ثم الدمشقي (ت 775 هـ).

  63. الحافظ العراقي: عبد الرحيم بن الحسين، الإمام الحافظ، زين الدين الشافعي، المصري (ت 806 هـ).

  64. ابن عبد الحق البغدادي: عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله، الإمام العلامة، صفي الدين الحنبلي  البغدادي (ت 739 هـ).

  65. ابن السلار: عبد الوهاب بن يوسف، شيخ القرآء، العالم المحدث، أمين الدين الشافعي الدمشقي (ت 782 هـ).

  66. حنبل اليونيني: علي بن محمد بن سليمان، العالم الفقيه المحدث، نور الدين الحنبلي، (ت 795 هـ).

  67. ابن اللحام البعلي: علي بن محمد، أقضى القضاة، الفقيه المحدث، علاء الدين الحنبلي (ت 803 هـ).

  68. الزبيدي: علي بن زيد اليمني الشافعي، الشيخ العالم الصالح، (ت ..).

  69. الكندي: علي بن المظفر الوداعي، الإمام المقرئ المحدث، علاء الدين الدمشقي (ت 716 هـ).

  70. شيخ الحديث بحلب: عمر بن الحسن بن حبيب، زين الدين الشافعي، الإمام المحدث المُقرئ (ت 726 هـ).

  71. ابن رسلان البُلقيني: عمر بن رسلان بن نصير، سراج الدين، خاتمة المجتهدين، فقيه الدنيا، ونادرة الوقت (ت 805 هـ)، وله تقريظٌ على هذا الكتاب "الرد الوافر".

  72. ابن نجيح: عمر بن سعد الله، الإمام المحدث القاضي (ت 749 هـ)، وكان من خواص الشيخ تقي الدين ابن تيمية.

  73. ابن شُقير: عمر بن عبد الله، تقي الدين الحنبلي، العالم الصالح الثقة (ت 744 هـ).

  74. القباني: عمر بن عبد الرحمن، العابد الصالح المفتي، سراج الدين الحنبلي الحموي (ت 755 هـ).

  75. البزار: عمر بن علي البزار، الإمام العالم المحدث، سراج الدين البغدادي (ت 749 هـ).

  76. القرشي: عمر بن سعيد الملحي، الإمام الفقيه المحدث، زين الدين القرشي الشافعي الدمشقي (ت 792 هـ).

  77. المراغي: عمر بن إلياس، كمال الدين، الشيخ الصالح العالم (ت بعد 732 هـ).

  78. علم الدين البرزالي: القاسم بن محمد بن يوسف، المؤرخ الثقة والمحدث الحجة، الإشبيلي الدمشقي (ت 783 هـ).

  79. قراسُنقُر بن عبد الله، شمس الدين المنصوري، الأمير الكبير (ت 728 هـ).

  80. ابن السراج القونوي: محمود بن مسعود، قاضي القضاة، جمال الدين الحنفي (ت 770 هـ).

  81. المنبجي: محمود بن خليفة، الإمام المحدث العالم، شمس الدين الدمشقي (ت 767 هـ).

  82. ابن داود الدقوقي: محمود بن علي، الإمام العالم الحافظ، محدث بغداد (ت 733 هـ).

  83. الحافظ المزي: يوسف بن الحجاج، الإمام الحافظ الناقد، جمال الدين الشافعي، الدمشقي (ت 742 هـ).

  84. السُّرمري: يوسف بن محمد العبادي، المحدث الإمام القدوة، جمال الدين الحنبلي، الدمشقي (ت 776 هـ).

  85. ابن السراج: أبو بكر بن أحمد بن إدريس، عماد الدين الشافعي، الدمشقي (ت 782 هـ).

  86. أبو بكر بن شرف بن عمار الصالحي، الشيخ الصالح العالم الواعظ (ت 728 هـ).

  87. الرحبي: أبو بكر بن قاسم، زرين الدين الرحبي (ت 749 هـ).

وقال ابن ناصر: "ولقد تركنا جماً غفيراً، وأناسيَّ كثيراً ممن نصَّ على إمامته، وما كان عليه من زهده وورعه وديانه، وكذلك تركنا ذكر خلق ممن مدحه في حياته، أو رثاه بشعرٍ بعد مماته"، وقد صدق ابن ناصر الدين في ذلك، وإلا فمن يُمكنه حصر الذين شهدوا لابن تيمية بما هو أهله.

ذكر من أثنى على هذا الكتاب وقرَّظه من العلماء الأعلام

  1. الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي (ت 852 هـ).

  2. الإمام الحافظ صالح بن عمر البلقيني الشافعي، شيخ الإسلام (ت 868 هـ).

  3. العلامة التفهني: زين الدين عبد الرحمن بن علي، شيخ الإسلام الحنفي (ت 835 هـ).

  4. شمس الدين البساطي: محمد بن أحمد المصري، الطائي المالكي، قاضي قضاة المالكية بمصر (ت 842 هـ).

  5. بدر الدين العيني: محمود بن أحمد العيني: إمام الحنفية في زمانه (ت 855 هـ).

  6.  زين الدين العُقبي: رضوان بن محمد بن يوسف، أبو النعيم العقبي، الشافعي، المصري (ت 852 هـ)، 

ذكر سماعات هذا الكتاب "الرد الوافر" الموجودة على طرة الكتاب

  1. القاضي عبد الوهاب البغدادي الدمشقي الحنبلي (ت 842 هـ).

  2. شرف الدين موسى الحجاوي الحنبلي (ت 968 هـ).

ذكر من استدركهم الشيخ مرعي الكرمي على ابن ناصر

ممن ترجم لابن تيمية بشيخ الإسلام

يُضاف إلى ما ذكره الحافظ ابن ناصر من العلماء الأعلام ما استدركهم مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي في كتابه "الشهادة الزكية"، وهم:

  1. ابن الوردي، عمر بن مظفر بن عمر، زين الدين الحلبي، الشافعي (ت 749 هـ).

  2. ابن مفلح: محمد بن يحيى بن محمد بن مفلح، شمس الدين الحنبلي المقدسي الصالحي (ت 763 هـ).

  3. قاسم بن قطلوبغا بن عبد الله المصري الحنفي: صاحب "الفتاوي القاسمية" (ت 879 هـ).

  • أهمية هذا الكتاب:

  • التعرف إلى الملكة الحديثية التي تمتع بها الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي: من سعة الإطلاع، وقوة الاستحضار، والنبوغ الحديثي.

  • بيان معاني كلمة شيخ الإسلام، ومن هو الجدير بها، ومن لُقب بها من العلماء السالفين، واستحقاق شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا اللقب.

  • بيان ما هو الكفر ؟ وكيفية التكفير ؟ وأين يكون محله وموضعه ؟

  • بيان من هو الكافر في هذه القضية إن كان ثمَّة كفر ؟

  • بيان وجوب اتباع السُّنة، وعدم الطعن في العلماء بسبب المذهب، وأنه لا يُقطع بالنار لأحدٍ من أهل التوحيد، ولا يجوز لعن أخدٍ منهم.

  • ذكر طائفةً من أحكام الجرح والتعديل، وطبقات النُّقاد المعتبرين.

  •  جمع أسماء عدد كبير ممن لقب ابن تيمية (شيخ الإسلام)، من الذين عاصروا ابن تيمية، أو جاءوا بعده.

  • الوقوف على تراجم العلماء الأعلام الذين ترجموا لابن تيمية بشيخ الإسلام: بذكر أسمائهم، وكناهم، وألقابهم، ونسبتهم، وشيوخهم، وسماعاتهم، ومؤلفاتهم، ومناقبهم، ومولدهم، ووفاتهم.

  •  وقد بلغ عددهم (87) عالماً، فضلاً عمَن ذكر من أقرانهم، وشيوخهم وآبائهم، ومن تلقوا عنهم، مُضافاً إليهم من قرظوا الكتاب؛ حتى بلغت تلك التراجم مع من أضيف إليهم في الحواشي (500) ترجمة.

وقد ترك ابن ناصر الدين الدمشقي عدد كبيراً من العلماء، الذين ذكروا فضل ابن تيمية، وأشادوا بعلمه وجهاده وإمامته؛ لأنه اقتصر على الذين اطلع على ذكرهم له بلقب (شيخ الإسلام) دون سواه من ألقاب التعظيم والتفخيم والتقدير، وكان حريصاً على أن يكون ذلك كتابةً منهم في مؤلفاتهم أو إجازاتهم، أو نقله عنهم الجمع الكثير.

موضوعات هذا الكتاب (إجمالاً):

ابتدأ الحافظ ابن ناصر ببيان وجوب اتباع السُّنة، وترك البدع، وأن الله عز وجل أكمل الدين ببعثة الرسول وبيانه، وسنته. وأنه لا يُقطع لأحد من أهل القبلة بجنةٍ ولا نار. وبين عدم جواز لعن المُعيَّن الذي لم تُعلم خاتمته، وأشدُّ من ذلك رميُه بالكفر.

ثُمَّ بين طبقات النُّقاد في الأمة من المائة وستين هجرية، وحتى منتصف القرن السادس الهجري، وأتبعه بأن هؤلاء النُّقاد لما تكلموا في الرواة ونقلة العلم إنما تكلموا ديانةً على سبيل الورع والإنصاف.

وبيَّن معاني شيخ الإسلام في اللغة، والاصطلاح، وذكر بعض من أطلق عليه هذا اللقب منذ صدر الإسلام، إلى زمان المؤلف، وطبقاتهم، وأسمائهم، وبيَّن أن كل طبقة دون التي قبلها في العلم والفضل، وأنه لكل زمان أئمةٌ ورجال.

 وذكر بعد ذلك ثناء الأئمة على ابن تيمية، وتلقيبهم إياه بشيخ الإسلام، وذكر أسماءهم مرتبةً على حروف المعجم، وقدَّم من اسمه محمد، وذكر مولدهم ووفاتهم، ونبذاً من أخبارهم، وعباراتهم في مدح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وسماعتاتهم عليه، وأسانيدهم المتصلة من طريقه إلى علماء الإسلام. 

وختمه بكتابٍ ذكر فيه رثاء الشيخ علي بن محمد المقدسي لابن تيمية، وذكر فيها أبياتاً رائقة، وفي آخر الكتاب ذكر سماع الشيخ أحمد بن علي بن قدامة المقدسي لهذا الكتاب وغيره في مجلسٍ واحد على الحافظ ابن ناصر رحمه الله تعالى، وصورة ما كتبه علماء المصريين على هذا التأليف، وتقريظاتهم له، ومن ثمَّ ذكر "المحقق" سماعات هذا الكتاب، وهي مُلحقة بنسخ الكتاب ولا علاقة لها به.

كلمة إلى غلاة التكفير والتبديع من الأشاعرة والمتكلمين

ومن المؤسف حقاً أن نجد في هذا الزمن المتأخر من يُرددون كلمات الزور والافتراء، ويستبيحون الطعن والتجريح في الإمام العلم الهُمام، والجبل الراسخ المقدام، شيخ الإسلام حقاً وصدقاً أحمد بن عبد السلام بن تيمية، فيُرددون كلمات "العلاء البخاري"، وفرية "ابن بطوطة"، وتحامل "الهيتمي"، وأباطيل "الكوثري"، وكلمات تلاميذه، ويُشنعون على ابن تيمية، وما ذاك إلا للعقيدة الصحيحة التي تبناها ابن تيمية، ووكل ذلك لأن الهجوم على الأفراد أسهل من الهجوم على الحق نفسه.

ولم يسلم من ذلك أتباع الشيخ ابن تيمية ممن كان على نهجه في اتباع السلف من الصحابة الكرام، والتابعين الأعلام، ومن تقدم من رجالات هذه الأمة، ومن جاء بعدهم وسار على هداهم بإحسان.

وقد سلك هؤلاء المتأخرون للطعن شتى السبل، وجعلوا ذلك عمدة حديثهم، ولب مذهبهم، شأن المنافقين، فألفوا الكتب والنشرات، ونشروا الكلمات والمقالات، التي تحمل النقد اللاذع، و الافتراء الكاذب، من غير أن ينسبوا أكثرها جبناً وكيداً، بل تستروا وراء الأسماء المكذوبة.

ومن المضحك أن أحدهم ألف كتاباً للطعن في ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم الجوزية، وقد خصَّ كتاب "الرد الوافر" بنصيب كبير من افتراءاته، وقد جعل أكبر اعتراضاته على "ابن ناصر الدين" أنه لم يذكر اسم المردود عليه، وقال في (2/ 61) من كتابه: "خلوه من الركنين الأهمين: وهما المردود عليه، وموضوع الرد، والتسمية واسم الراد لا يُفيدان شيئاً" (كذا قال).

مع أن هذا المعترض ذكر اسماً مستعاراً على الكتاب الذي ألفه، ولم يذكر اسمه الصريح!! فكيف رأى القذاة في عين أخيه، ولا يرى الجذع في عينه.

وفي الحقيقة أن ابن ناصر الدين رحمه الله لم يُغل موضوع الرد، بل هو واضحٌ في عنوان كتابه، وظاهرٌ في كل سطرٍ وجملةٍ في ثناياه.

معنى كلمة شيخ الإسلام

بالإضافة إلى ما ذُكر من شهادة العلماء الأكابر لابن تيمية، واستحقاقه لهذا اللقب، نذكر هنا ما قاله علامة الأحناف بدر الدين العيني في تقريظه لكتاب "الرد الوافر"، يقول رحمه الله (ص 264): فمعناه اللغوي: الشيخ من استبان فيه الكبر. ومعناه الاصطلاحي: الشيخ من يصلح أن يتتلمذ له. وكلا المعنيين موجودٌ في الإمام المذكور، ولا ريب أنه كان شيخاً لجماعةٍ من علماء الإسلام، ولتلامذةٍ من فقهاء الأنام، فإذا كان كذلك كيف لا يُطلق عليه (شيخ الإسلام)؟ لأن كل من كان شيخ المسلمين يكون شيخ الإسلام، وقد صرَّح بإطلاق ذلك عليه قضاة القضاة الأعلام، والعلماء الأفاضل أركان الإلسلام، الذين ذكرهم مؤلف كتاب "الرد الوافر" في رسالته التي أبدع فيها بالوجه الظاهر.

  • ومن المعاصرين الذين قرظوا لهذا الكتاب:

  • الشيخ محمد بهجة البيطار

  • الأستاذ محمود محمد شاكر.

  • الشيخ سعدي ياسين.

  • الدكتور إحسان عباس.

  • الأستاذ محمد الفرحاني.

  • الشيخ خليل الميس.

  • الدكتور عبد الرحمن باشا.

  • الشيخ أبا الحسن علي الندوي.

  • الأستاذ ناجي الطنطاوي.

  • الأستاذ سعيد الأفغاني.

  • الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.

  • الأستاذ عبد الرحمن الألباني.

  • الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود.

  • الدكتور محمد الصباغ.

  • الشيخ حسن خالد.

  • الدكتور مروان القباني.

  • الشيخ جاسم الدرويش فخرو

  • الشيخ حمد الجاسر.

  • الشيخ عبد الرزاق عفيفي.

  • الأستاذ زهير المارديني.

  • الشيخ علي الطنطاوي.

  • الأستاذ غسان حبلص.

  • الأستاذ عصام العطار

  • الأستاذ هاشم السيد.

  • الشيخ عبد الله إبراهيم الأنصاري.

  • الأستاذ عبد الرحمن الولاياتي.

  • الشيخ طه الصابونجي.

  • الأستاذ محمود شاكر (الحرستاني).




الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية -تأليف مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ت 1033 هـ)

الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية

(661 - 728 هـ)

تأليف مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ت 1033 هـ)

تحقيق وتعليق: نجم عبد الرحمن خلف

إعداد: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

  تمهيد/ يعتبر كتاب "الشهادة الزكية" للشيخ مرعي الكرمي مختصراً لكتاب "الرد الوافر"  لابن ناصر الدمشقي، كما صرَّح بذلك الشيخ مرعي في مقدمة هذا الكتاب، وهو مختصرٌ حسنٌ جاء على الثلث من الكتاب الأصل، تضمن جملاً نفيسة من ثناءات الأئمة الأعلام على شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، مع اشتماله على بعض الفصول الإضافية، والمعلومات الوافية الوفيَّة، في الذب عنه، وحفظ حرمته، وزجر منتقده، وقد يختلف ترتيب التراجم أحياناً، ولكن الكتابين في الجملة متشابهين.

ومع كون هذا الكتاب مختصراً؛ فقد استدرك الشيخ مرعي بعض التراجم على صاحب "الرد الوافر" مثل ذكر ترجمة ابن الوردي، وابن قطلوبغا، وابن مفلح، فهي لا توجد في "الرد الوافر"، وقد عمل فيه ترجمةً لشيخ الإسلام ابن تيمية، والذي يظهر أن المصنف رحمه الله -وضعه بعد تصنيفه لكتاب "الكواكب الدرية في مناقب المجتهد ابن تيمية"، وقد أنهى المؤلف كتابه "الشهادة الزكية" في الجامع الأزهر، سنة (1030 هـ) أي قبل وفاته بثلاث سنوات فقط رحمه الله رحمةً واسعة.

موضوع الكتاب

 وبيان سبب تأليفه تبعاً للأصل (الرد الوافر)

وموضوع هذا الكتاب وهو الموسوم بـ"الشهادة الزكية"، وأصله "الرد الوافر" هو البحث في قضية خطيرة، وطالما تكررت على مدار التاريخ الإسلامي، وهي تكفير المسلم المُعيَّن بلا بيِّنة ولا حُجَّة، وإنما بمحض الهوى والتعصُّب والافتراء، فكان هذا الكتاب كأصله رداً على كل من تسول له نفسه أن ينال أو يطعن في إيمان الأئمة الأعلام، دون بينة أو برهان.

وقد ظهر في منتصف القرن التاسع الهجري الفقيه الحنفي محمد بن محمد علاء الدين البخاري الأشعري (ت 841 هـ)، الذي انبرى للطعن والذم في شيخ الإسلام ابن تيمية، جوراً وتعصُّباً وعدواناً؛ لأنه رأى تعظيم أهل الشام له، واشتهار مآثره ومناقبه والثناء عليه، بل وصل الأمر به إلى تكفير ابن تيمية، وتكفير من يُلقبه بـ"شيخ الإسلام"، وتمادى في تعصُّبه حتى قال ببطلان صلاة من يعتقد فضل شيخ الإسلام ابن تيمية !! الذي هو ثمرة المغالاة في الانتماء المذهبي، والتعصُّب الأعمى للفرق الكلامية.

ومن الطبيعي أن يدفع التعصُّب بصاحبه في متاهات العداوة والإفك، وهو ما نراه متجذراً في سفهاء الأشاعرة وسفلتهم، وقد شهدوا على أنفسهم بترك بكلَّة الذهن، وحسور البصر، ولا زال الأمر مستمراً فيهم إلى يومنا هذا؛ حتى أن العصبية العمياء تُري الرجل أن شرار قومه وطائفته خياراً، وخيار غيرهم أشراراً.

ولا شكَّ أن شيخ الإسلام ابن تيمية إمامٌ مجتهد، وقد وصفه بالاجتهاد أعلام عصره من الأئمة العظام؛ كاحافظ المزي، والبرزالي، وابن سيد الناس، والذهبي، وغيرهم المئات، وقد كانت له اجتهاداته المعتبرة في الفروع الفقهية، وبالإضافة إلى تجديده ما اندثر من علوم السلف، وكان سيفاً صارماً على المبتدعين، وله صولاتٌ في ذلك وجولات، وقد سارت كتبه مسير الركبان، وعرف قدره الخاص والعام.

هذا وإن هذا اللقب أو غيره لا يزيد الإنسان شيئاً في ميزان الله، فالمرء بنيته وعمله، فالمرء الصالح يحرص على ما ينفعه في الآخرة، والدارس لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية يجد فيه من الورع والتقوى والإيمان والقبول الحسين لدى العامة والخاصة ما يُغنيه عن التعريف بفضله وعلمه.

الأشاعرة أصناف وليسوا صنفاً واحداً

ومعلومٌ أن الأشاعرة أصناف؛ فمنهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات، والظالم فيهم كثير، ومنشأ عداوتهم لابن تيمية ظاهرٌ جداً، فهو الذي قرَّر مذهب السلف الصالح في باب الاعتقاد، ونسف شبهات المتكلمين، وردَّ على الأشاعرة إجمالاً وتفصيلاً بما يشرح الصدور، ولا يُبقي لمعترضٍ منهم كلام.

ورحم الله الحافظ ابن حجر العسقلاني، حيث يقول؛ فيما نقله عنه الحافظ السخاوي في "الجواهر والدرر": "ومن أعجب العجب أنَّ هذا الرجل (يعني ابن تيمية) كان أعظمَ النَّاس قيامًا على أهلِ البدع مِنَ الرَّوافض والحُلوليَّة والاتحاديَّة، وتصانيفُه في ذلك كثيرة شهيرة، وفتاويه فيهم لا تدخُل تحتَ الحصر، فيا قُرَّة أعينهم إذا سمعوا تكفيره، ويا سُرورَهم إذا رأوا مَنْ يكفِّره من أهل العلم! فالواجب على مَنْ تلبَّس بالعلم، وكان له عقلٌ أن يتأمَّل كلام الرَّجُلِ مِنْ تصانيفه المشهورة، أو من ألسِنَةِ من يُوثَق به من أهل النَّقل، فيُفرد مِنْ ذلك ما ينكر، فيحذر منه على قصد النُّصح، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك، كدأب غيره من العلماء الأنجاب".

وقد أشار إلى ذلك الشيخ تقي الدين "ابن دقيق العيد" في كتابه "الاقتراح"؛ حيث يقول: "أَعْرَاض الْمُسلمين حُفْرَة من حفر النَّار وقف على شفيرها طَائِفَتَانِ من النَّاس المحدثون والحكام".

وقد التقى ابن دقيق العيد بابن تيمية، وسمع كلامه؛ وقال له بعد سماع كلامه ما كنتُ أظنُّ أن الله تعالى بقي بخلق مثلك، وقال ابن دقيق العيد أيضاً لما اجتمعت بابن تيمية: رأيتُ رجلاً العلوم كلها بين عينيه يأخذ منها ما يريد ويدع ما يريد

ومن الإنصاف أيضاً ما قاله الشيخ الحنفي: عبد الرحمن بن علي التفهني في تقريظه لكتاب "الرد الوافر" لابن ناصر: "والإنسان إذا لم يُخالط ولم يُعاشر؛ يُستدلُّ على أحواله وأوصافه بآثاره. ثم قال مستخدماً هذه القاعدة العظيمة: "ولو لم يكن من آثاره -أي بن تيمية -إلا ما اتصف به تلميذه ابن قيم الجوزية من العلم لكفى ذلك ليلاً على ما قلناه".

جملة ما في في هذا الكتاب

من ثناءات الأئمة الأعلام على شيخ الإسلام ابن تيمية

وجملة الشهادات التي ذكرها الشيخ مرعي في هذا الكتاب وإن كانت أقلَّ من كتاب "الردِّ الوافر"، إلا أنَّ فيها الغُنية لطالب الحق، ومنشد الإنصاف، فكانت جملتها سبعة عشر شهادةً من سبعة عشر عالماً من الأكابر الأماجد، منهم: الحنفي، ومنهم المالكي، ومنهم الشَّافعي، ومنهم الحنبلي، المصري والشامي والعراقي.

وأعقب ذلك بذكر فصلٍ مختصرٍ يشرح فيه حال الناس عامةً وعلماء يوم وفاة ابن تيمية، وكان يوماً حافلاً مشهوداً في الأمة، وأتبع ذلك بخاتمةٍ لطيفة يذكر فيها تقريظات الأئمة على كتاب الرد الوافر، فذكر ثلاثة تقريظاتٍ له، وأتبعه بترجمةٍ قصيرة مسجوعةٍ بليغة لشيخ الإسلام ابن تيمية، وأثنى بها عليه ثناءً عظيماً، وبيَّن أن منهج الشيخ هو اتباع السلف الصالح، والرد على الزنادقة أهل الحلول والاتحاد.

وقد أنصف العلامة الإمام قاضي قضاة الإسلام بهاء الدين بن السبكي حيث يقول حيثُ يقول لبعض من ذكر له الكلام في ابن تيمية؛ فقال: "والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهلٌ أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصدُّه هواه عن الحقِّ بعد معرفته به".



الخميس، 31 ديسمبر 2020

كيف نفهم التوحيد -بقلم: محمد أحمد باشميل

كيف نفهم التوحيد ؟

بقلم: محمد أحمد باشميل

 الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة


إعداد: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ إن الغاية العظمى التي خلق الله عز وجل الإنسان من أجلها هي توحيده وعبادته، كما قال سبحانه في كتابه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، فمكث النَّاسُ مُدَّةً يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً، حتَّى كان أول الشرك في قوم نوح عليه السلام، وكانوا يدفنون الصالحين ويقومون بتصوير حالهم بعد الموت ويقتدون بهم، وبعد مرور فترة من الزمن أصبحت هذه الأموات وصورهم عبارة عن أصنام يعبدونها من دون الله تعالى وذلك بعد أن اعترضتهم الشياطين، واجتالتهم عن دينهم، فزيَّنوا لهم أسباب الشرك وطرقه من دعاء الأموات، والتوسل بهم، فخصصوا القبور بالدعاء عندها، بل وبالتوجُّه بها وإليها، واستمرَّ ذلك في الأمم حتى يومنا هذا، وقد أصاب المغفلون من ذلك مفاسد عظيمة، وحماقاتٍ كبيرة، وأضحى كثيرٌ من العوام والدهماء ضحايا لسدنة القبور وتجار الأضرحة.

ونشأ في هذه الأجواء الجاهلية من لا يعرفون التوحيد، بل يسمون ما هم فيه من الشرك والكفر بالله توحيداً، فيعتقدون استجابة الأولياء لمن دعاهم ونجدتهم من يستغيث بهم، ونسوا الله ربهم وخالقهم، الذي يسمعهم ويراهم، وهو فوقهم، عالمٌ بأحوالهم، ومُطلعٌ عليهم.

وفي هذا الكتاب نعيٌ على بعض علماء السوء الذين اختاروا طريق الزوغان والمغالطة، وأخذوا بمنطق الكبر والعناد، ومضوا يُفشون الشرك الأكبر بين العوام بفتاويهم الباطلة، وهو زجرٌ وردعٌ لبعض فرق الضلال الذين يرتكبون الشرك، ويزينوه في قلوب العامة، لا سيما فيما ابتدعوه من الموالد والحواليات وغيرها.

وقد نهج المؤلف نهجاً حوارياً لطيفاً، تحت عناوين جذابة، تشدُّ القارئ بحسن صياغتها، وتُقنعه بأسلوبٍ جميل سلسٍ، وقد أجراه على طريقة الحوار الذي يدور بين المؤلف الذي يُقرر شرك من يدعو الأموات ويستغيث بهم، وبين شخصٍ آخر يعتقد أن التوسل بالأموات ودعائهم والاستغاثة بهم ليس شركاً.

وفي رأيي أن هذا الكتاب هو إعادة ضياغةٍ لكتاب "كشف الشبهات" لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولكن بطريقةٍ جديدة تُخاطب العقل والوجدان، من خلال قصص واقعية جرت للمؤلف مع بعض القبوريين، ومن خلال المحاججة المنطقية في تقرير التوحيد وبيان الشرك، وعقد المقارنات بين مشركي الجاهلية ومشركي زماننا، وذلك بأبسط المفاهيم وتشرحها بأسلوب قريب من القارئ العادي.

والمطلوب من العبد المؤمن أن يُرضي ربَّه سبحانه، ويتبع رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يلتفت إلى هؤلاء الأئمة المضلين، ولا يهتمَّ لرضاهم أو سخطهم، وأن يوحد الله بالعبادة والإنابة والتذلل والخضوع، ولا يُشرك به شيئاً، لا ملكاً منزلاً، ولا نبياً مرسلاً، ولا ولياً صالحاً.

بيان أن الخلق مفطورون على التوحيد ونبذ الشرك

  في الصحيحين عن أبي هريرة، قال: قال رسول االله صلى االله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل فيها من جدعاء).

وأما قوله: (بهيمة جمعاء) فالجمعاء السليمة من العيوب، سميت بذلك لاجتماع سلامة أعضائها، لا جدع فيها ولا كي، كأنه صلى الله عليه وسلم شبه السلامة التي يولد عليها المولود من الاعتقادات الفاسدة بالبهيمة الجمعاء التي هي سليمة من العيوب ثم يطرأ عليها العيب بفعل يفعل فيها ، كما يطرأ إفساد الاعتقاد على المولود بالتربية التي ينشأ عليها.

قال القاضي عياض: وقوله: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء) أي تولد مجتمعة الخلق سالمة من النقص والتغيير، لم يلحقها جدع ، وهو قطع الأذن ولا غير ذلك، إلا بعد ولادتها.

ومعنى قوله (تحس) أي تجد، كما جاء في الرواية الأخرى (جدون)، يقال: حسست الشيء كذا و أحسسته: وجدته كذلك، يؤيد تأويل من تأول أن المراد بالفطرة ها هنا: ما فطر عليه العبد في أصل خلقه، وابتدائها قبل معرفته بشيء من قبل بني آدم، من التهيؤ لقبول الهداية والسلامة من ضد ذلك، حتى يدخل عليه من أبويه وقريبه، ما يغير من ذلك، ويحمله على ما سبق عليه في الكتاب، ويجعلانه يعمل بعمل أهل الشقاوة.

  • ومن الفوائد التربوية التي يمكن استنباطها من الحديث الشريف ما يلي :

- يولد كل مولود سليماً من الانحراف والنقص .

- وجود استعداد فطري في الإنسان لتقبل الإسلام، لذلك لا يجوز قتل أطفال الكفار بل ينبغي تربيتهم لإبقائهم على الفطرة .

- واجب على كل المربين المسلمين إحياء وتنمية الفطرة من خلال التربية الإسلامية الصحيحة.

- الأسرة لها دور عظيم في تشكيل شخصية الفرد .

- تعرض الفطرة للتغيير بسبب التربية الفاسدة .

إن فطرة الإنسان تقتضي استقامة سلوكه وفكره ومعتقده، لا سيما إذا تهيأت للإنسان بيئة صالحة تحافظ على سلامة الفطرة وتوجهها نحو طريق الخير وتكون الاستقامة في أصول الدين وفروعه ويتحقق ذلك بعبادة االله وحده لا شريك له، والتمسك بما جاء في كتابه لأن هذا الطريق المستقيم؛ قال تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} /النساء: 175/. والاستقامة بالتوجه إلى الله وحده، وبأداء العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج والبعد عن الشرك وأسبابه المؤدية إليه، والدعاء والتضرع إلى الله عزوجل وحده، وطلب الهداية منه وحده، قال تعالى{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} /الفاتحة: 6/

وهذه الهداية تقتضي: الاستقامة في السلوك ويكون ذلك بتهذيب النفس، وتوحيد العبادة، والتقوى، والتوكل على الله عز وجل، والثبات على الحق ونصرة دين االله والصبر على الشدائد ، قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } /هود: 112/ 

قال الحافظ ابن رجب رحمه االله: " أصل الاستقامة: استقامة القلب على التوحيد"، فمتى استقام القلب على معرفة الله وتوحيده، وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه، استقامت الجوارح كلها على طاعته، فان القلب هو ملك الأعضاء ،وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح :اللسان فانه ترجمان القلب والمعبر عنه