أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 مايو 2023

اكتب لها (write to her) محمد الباقر السعد بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

اكتب لها (write to her)

محمد الباقر السعد

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ وهبَ الله للإنسان لساناً يعبر به عما يجول في نفسه من آراء ومشاعر، من حب وبغض، وسرور وحزن، ولذة وألم، لكن بعض المتحدثين قد لا يحكم لسانه إذا تكلم، ولا قلمه إذا كتب، فيفرط في صراحته حتى ينساب في وديان السراب، ويبحر في أعماق الظلام واليأس، وقد يلام على ذلك؛ لأن النفوس عادة لم تتهيأ لقبول مثل هذه الأشياء؛ لما طبعت عليه من الغيرة الشديدة، ولذلك فإن إظهارها ينافي المروءة، وخير الأمور في هذه الحالة خزن اللسان، فإن ذلك أدعى إلى استقامة القلب وصلاحه.

ونحن لا ننكر الحب أو نقف منه موقف العداء والرفض، لأن الحب غريزة في كل إنسان، وإنكاره يعني إنكار وجود الإنسان نفسه، لأن الإنسان في جملته كتلة من المشاعر والأحاسيس، وقد أقرَّ الإسلام وجود هذه الأمور، لكنه نظمها وهذبها وجعل لهذا الحب قنواته المشروعة، التي تحدد مسار سلوك الفرد، بحيث لا يقع في الانحراف الخلقي أو الاجتماعي أو النفسي، ولا يرتكب ما يشينه في دينه أو دنياه.

وقد آثرت وضع هذه الكلمات في مقدمة المقال؛ حتى لا يعترض علينا أحد فيما ننشر أو نكتب، ومن المؤسف أن يكون المحب طول عمره في حيرة وتيه، فلا يظفر بمن يحبه، ولا يدع التعلق به، فالأمر كما يقول: (يشبه أن تقف طوال عمرك في منتصف غرفة، ولا يسمح لك بالاستناد على شيء)، كذلك الحب الذي يأتي على غفلة، لا يمنحك الكثير من الوقت لتفعل ما تشاء، لكن الذاكرة والخيال قد يسعفانك ببعض الأمنيات، التي قد لا تتحقق فيما بعد. 

وبهذه الكلمات يبدأ الكاتب هجرته في رسالته، وربما كان هذا الحب من طرف واحد، فيأتي باهتاً لا لون له ولا طعم، ويعد هذا النوع أخطر أنواع الحب، لانه حب صامت أو ميت، لا حركة فيه ولا تجاوب، وهو أقرب إلى العبث منه إلى الحب، وأخيراً لا فائدة في استمراره.. كما أنه يجعل الحب محطم القلب، مضيع الوقت، مشتت الفكر، خائب السعي.

 يقول الكاتب: «اعرف ان عمري سرق، ونفسي سرقت، وقطار الحياة أوشك على الفوت»، ولكنه مع ذلك يتمادى في هذه المحبة، وأسلم نفسه للضياع.

وربما يكون صمت المحب وكتمانه أشد عليه من الحب نفسه، ومع ذلك فإن هذه المجهدة العظيمة يرى ثمرتها في نفسه وعقله وتفكيره، والأصعب من ذلك تفلت الكلمات وشرودها أمام إجلال الحبيب وهيبته، فصورته تمحو كل الكلمات التي تتبادر إلى الذهن، وتبقى لغة العينين تنطق بطريقتها في التعبير.. 

ويستغرق المؤلف فصول كتابه بعبارات تغمرها حسرات الأسف على فقدان المحبوب، كأنه قدر مكتوب؛ فيقول: «كم تمنيت أن يطول الحديث بيننا لساعات طويلة دون انقطاع لكن كانت (مجرد امنيات)».. 

لا شك أن رحلة العشق دائماً ما تكون محفوفة بالبؤس وفقدان الشعور، لأن ربيع المحبوب يغلبني، وأحس بأن عطر هواك يسري في جميع أجزائي..  ويحاور المؤلف نفسه متسائلاً: ماذا فعلت بي حتى اختل عقلي وجعلت كل الكلمات تتلاشى من افكاري.. 

ثم يواسي نفسه بعبارات لطيفة ملؤها الحنين، فيقول: سأبقى بجوار قلبك دائما رغم المسافة والبعد؛ وختاماً لقد أصبح حبها مصدراً للتشتت والانهيار .. ولا شك أن هذا الحب الصعب (ضرب من الجنون).




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق