الاثني عشرية في الرد على الصوفية
لمؤلفه المحدث الشيعي محمد بن الحسن الحر العاملي
١٠٣٣ -١١٠٣ هـ
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا المؤلف الجليل؛ للإمام الشيعي محمد بن الحسن الحر العاملي، وضعه للرد على الصوفية، وذم طريقتهم في الدين، وإبطال عقيدتهم في الاتحاد ووحدة الوجود، وقد بيّن فيه العاملي كذب انتساب الصوفية إلى أهل البيت، ودورهم في وضع الأحاديث على الأئمة، ثم تحريم ما يستحلونه من الرقص والغناء ويعتقدونه عبادةً من الدين، وبيّن أنهم مبتدعون، وعلى ضلالة، وذكر أقوال الأئمة الرضا والهادي والعسكري في الصوفية.
وبين بعض مطاعن الصوفية وفضائحهم؛ فذكر جملة من شيوخهم، أبرزهم: الحلاج، وابن عربي، والبسطامي، وقد وصفهم بالأعداء الأشقياء، وأنهم يغرون الناس بإظهار التقوى، زيادة على ما يظهره أئمة البيت عليهم السلام، وناهيك بذلك للدلالة على فساد مسلكهم.
وقد ذكر في كتابه جملة من الاحتجاجات على كل مطلب وأصل -من المطالب والأصول التي ذكرها، مع بيان وجه الدلالة من اثني عشر وجهاً، التزاماً منه بهذا العدد الذي يمثل رمزية دينية لمذهبه، وذكر العاملي أنه لا يوجد للتصوف وأهله في كتب الشيعة وكلام الأئمة ذكر إلا بالذم، بل قد صنفوا في الرد عليه كتباً متعددة ذكروا بعضها في فهرست كتب الشيعة.
ونقل عن عدد من علماء الشيعة أنهم كفروا الصوفية وذموهم، ولعنوا طريقتهم، والكتب التي ألفت في ذلك، ومن جملة الطاعنين في التصوف وأهله: المفيد محمد بن النعمان، وأبو جعفر بن بابويه، والأجل المرتضى، وأبو جعفر الطوسي، وابن حمزة، وجعفر الدوريسي، والجمال الحلي، وعلي الكركي، وبهاء العاملي، وملا أحمد الإردبيلي، وأبو المعالي الحسني، وغيرهم، وقال ابن بابويه والشيخ المفيد وابن قولويه: إن هذه الطائفة الضالة المضلة من الغلاة، وقالوا: إن الشيخ محى الدين بن عربي والشيخ عزيز النسفي وعبد الرزاق الكاشي قائلون بوحدة الوجود وأن كل موجود فهو الله تعالى نعوذ بالله من هذه الاعتقادات.
وبين أن هذه الطائفة من الناس منبوذة حتى عند أهل السنة؛ فنقل عن أبي المعالي الحسني، قوله: وأكثر أهل السنة والجماعة أنكروا الصوفية وجميع الشيعة أنكروهم ونقلوا عن المتهم أحاديث كثيرة،
ونقل تفسيرات الشيعة لبعض ما احتج به المتصوفة من مثل "من عرف نفسه عرف ربه"، والحديث القدسي: "كنتُ سمعه، وبصره، ورجله.."، واحتجاجهم بالرقص والغناء، والذكر الخفي، وغيرها من الشبهات وأجاب عنها من اثني عشر وجهاً.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف هو صاحب (وسائل الشيعة)، وهو فقيه إمامي، مؤرخ. ولد في قرية مشغر (بلبنان)، وانتقل إلى (جبع) ومنها إلى العراق، وانتهى إلى طوس (بخراسان) فأقام وتوفي فيها، وله مؤلفات كثيرة.
أما هذا الكتاب؛ فقد قال عنه العلامة الرازي في المجلد العاشر من الذريعة ص ۲۰۹ ما نصه: الرد على الصوفية للشيخ المحدث محمد بن الحسن بن محمد الحر العاملي صاحب الوسائل مرتب على اثنى عشر باباً، واثنى عشر فصلاً، في نحو ألف حديث، وهى رسالة في بيان بدعهم ومعاصيهم فى حالهم وقالهم وتواجدهم وتراقصهم وغير ذلك من عاداتهم وعباداتهم - «انتهى».
وقال صاحب الحدائق -الشيخ يوسف البحراني- فى إجازته المشهورة بلؤلؤة البحرين عند سرد مؤلفات صاحب الوسائل ورسالة في الرد على الصوفية تشتمل على اثني عشر باباً، فيها نحو ألف حديث في الرد عليهم عموماً وخصوصاً في كل ما اختصوا به «انتهى».
ومن لطيف ما يذكر أن اسم هذا المؤلف الاثني عشرية له دلالات، الأول: أن المؤلف من الإمامية الذين يعتقدون باثني عشر إماماً معصوماً، والثاني: أنه جعل الكتاب على اثني عشر باباً، يليها اثني عشر فصلاً ، بل إنه ذكر وجوهاً أخرى لهذه التسمية، فقال: وجملة ما أورده في توجيه الالتزام بهذا العدد الشريف من الوجوه اثنا عشر.
الأول: أن الإسلام والإيمان مبنيان على أصلين حاصلان بكلمتين، هما: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، وكل واحدة منهما اثنا عشر حرفاً.
وكذا قوله عليه السلام (أنه لا نبي بعدي)، وكذا جملة من أسماء الأنبياء عليهم السلام وأوصافهم كقولنا آدم خليفة الله، نوح خالصة الله، إبراهيم الخليل، داود نبي الله، سليمان بن داود، موسى کلیم الله، عیسی روح الله، محمد حبيب الله سلام الله عليهم.
الثاني: قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيباً}، فجعل عدة النقباء القائمين بهذه الفضيلة اثنى عشر.
الثالث: قوله عليه السلام -لما بايع الأنصار ليلة العقبة: (أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً عدة نقباء بنى اسرائيل)، ففعلوا ذلك فكان ذلك طريقاً متبعاً وعدداً مطلوباً
الرابع: قوله تعالى: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطاً أمما}، فجعل الأسباط الهداة إلى الحق اثنى عشر.
الخامس قوله تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}، ومعلوم أن الكلمتين الأوليين (الأولتين) اثنا عشر حرفاً، وكذا الاخيرتان مع ملاحظة تشديد الميم، وما ثبت من تواتر النصوص على الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام، وكذا اسمائهم، أو جملة من القابهم وأوصافهم كل واحد اثنى عشر حرفاً؛ كقولنا: أمير المؤمنين علی بن ابی طالب، فاطمة بنت محمد، الحسن المجتبى أبو محمد الحسن، الحسين الشهيد، الحسين بن على، الحسن والحسين، على بن الحسين زين العابدين، الامام الباقر أبو جعفر بن على الإمام الصادق: جعفر بن محمد ، الإمام الكاظم أبو الحسن موسى، أبو الحسن الرضا: علی بن موسی الرضا، محمد بن علی تقى: أبو جعفر بن علی، علی بن محمد نقی ، ابوالحسن علی الحسن العسكري ، أبو محمد الحسن ، القائم المهدى محمد بن الحسن.
السادس: أن مصالح العالم محتاجة إلى الزمان، وكل واحد منهما في وقت الاعتدال اثنى عشر ساعة، فعلم أن نظام العالم موقوف على هذا العدد.
السابع: أن نور الشمس والقمر يهدى الخلق إلى طرقهم ومنافعهم وهما يسيران في البروج الاثنى عشر، فظهر احتياج العالم الى هذا العدد.
الثامن: قوله عليه السلام: (الائمة من قريش) وهذا الحديث الشريف اثنا عشر حرفاً والذي عليه علماء النسب ان كل من ولده النضر بن كنانة فهو قرشي، وبينه وبين النبي الاثنى عشر أباً هم أصل هذا الشرف الجليل ومنبع هذا المجد الأثيل وفروعه أيضاً اثنا عشر هم الائمة.
التاسع: قوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثني عشر شهراً في كتاب الله}؛ فكانت شهور السنة اثني عشر، وهى قوام العالم، وفيها تقع التكاليف والعبادات.
العاشر: قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً}، فكانوا اثنى عشر قبيلة وعدد العيون اثنى عشر.
الحادي عشر: ما روي عنهم أن أوصياء موسى كانوا اثني عشر، وكذا أوصياء عيسى، وكذا أوصياء جماعة من الأنبياء، وأن خلفاء المهدي في زمانه يكونون اثنى عشر.
الثاني عشر: ما ذكره بعض العلماء أن أقسام الرياح اثني عشر، وان بدن الإنسان مركب من اثنى عشر عرقاً يتفرع عنها غيرها؛ فظهر شرف هذا العدد وأن به قوام الدين والدنيا ونظام العالم، ولذلك التزم به جماعة من العلماء في مصنفاتهم والله اعلم
أما عن منهج الحُر العاملي في كتابه؛ فيقول فيه:
وقد اخترت تقديم الاعتبارات العقلية غالباً، كما قد اشتهر بين جماعة المتأخرين؛ لأن الاحتجاج بها في الحقيقة على المخالفين، أو على من هو أسوأ حالاً منهم، في سوء الاعتقاد وصعوبة الانقياد للائمة المعصومين، ولا يخفى أن أكثر المطالب المذكورة من جملة الضروريات، وربما يعد بعضها من البديهيات فلا يحتاج الى برهان وبيان ، ولا يشك فيها أحد من أهل الايمان، بل جميعها كذلك عند العلماء الكاملين والمخلصين من المؤمنين؛ إذ كثيراً ما تختلف الضروريات والنظريات بالنسبة الى الناظرين، فما يكون نظرياً عند قوم يكون ضرورياً عند آخرين، وأنا أذكر ما يخطر بالبال من الاحتجاجات في جميع هذه المقامات استظهاراً في تحقيق الحق من الباطل واحتياطا للتمييز بين الحالي والعاطل.
جملة من كلمات السيد العاملي في الصوفية:
يقول العاملي عن بعض مشايخه مقراً لهم: وقد انتهت الحال بالصوفية إلى أن جعلوا الغناء والرقص والصفق أفضل العبادات.. وأظهروا للعوام حسن هذه الطريقة، وساعدهم رفع المشقة في تعلم علوم الدين وأكثر التكاليف؛ حتى أنهم يكتفون بالجلوس في مكان منفرد أربعين يوماً ولا يحتاجون إلى شيء من أمور الدين، وساعدهم ميل الطبع الى اللذة؛ حتى النظر الى صور الذكور المستحسنة، والتلذذ بها، وأتعبوا أنفسهم في الرياضات المنهي عنها في شرعنا؛ لعل أذهانهم تصفو، وليت شعرى لو حصل ذلك، فأيُّ فرقٍ بين المؤمن والكافر؟ فإن كفار الهند وغيرهم كذلك يخبرون بمثل مايدعونه، بل بما هو أبلغ منه وأهل التسخير والشعبذة تظهر منهم فوق ما يدعى هؤلاء وأهل الكرامات كانت تظهر منهم من غير هذه الرياضة وأهل التقوى لم يدعوا شيئاً من ذلك.
ثم انتهى الأمر الى أن صار التصوف غير مشروط بالعلم، بل بمجرد تغيير اللباس المتعارف عند أكثر أهل الناس، وتلبيس الظاهر بذلك، وترك الباطن: إما فارغاً أو حملوا مما يعلم الله وصار من زهده وصلاحه بطريق الشريعة المطهرة ممقوتاً عندهم؛ لأنه إذا سئل: قال: قال رسول الله وهؤلاء يدعون أنهم يقولون: قال الله بلا واسطة، وربما يقولون قال رسول الله ويدعون المشافهة مع أن بينهما ألف سنة فما زاد «انتهی».
وذكر في الوجه التاسع حديثاً -وإن كان موضوعاً في نظرنا أهل السنة-رواه شيخه بهاء الدين محمد العاملي في كتاب الكشكول قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: (لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم من أمتي اسمهم صوفية ليسوا منى وإنهم يهود أمتي) إلى أن قال: (هم أضل من الكفار وهم أهل النار) الحديث.
وبين أن نسبة بعض الرواة الشيعة إلى الصوف لا يراد به هذه النسبة الدينية، فيقال فلان صوفي، يؤول إلى أن المراد هو الانتساب إلى المهنة؛ كحياكة الصوف مثلاُ، كما يقال في زمنهم: الصيرفي، والقلانسي، والخياط، والحائك، ونحو ذلك، ومعلوم بالتتبع أن اعتقاد الشيعة الأوائل مخالف لاعتقاد الصوفية؛ فهذه النسبة عُرفية لغوية، فتخرج عن موضع البحث، وقد تكون نسبتهم إلى صوفة من مضر.
حتى لو تنزلنا أنهم كانوا صوفية حقيقة، فلا يمكن جعل ذلك سنداً لصحة ما هم عليه من البدع؛ إذ أنهم ليسوا بمعصومين، وعليه فوجود هؤلاء الأشخاص لا يصحح النسبة الدينية، التي تعني فرقة من الفرق التي طقوسها المباينة للدين.
دعوى انتساب الصوفية إلى أئمة أهل البيت:
فان قلت: أهل التصوف ينقلون طريقتهم عن الائمة نقلا متصلا بأمير المؤمنين إلا وقد نقل العلماء ذلك حتى الشيعة في كتب الكلام .
قلت: هذا لا يدل على صحة طريقتهم، بل هو دال على بطلانها لأنهم ذكروا أن كل قسم وأهل كل علم وصناعة ومذهب ينتسبون الى علي، وينسبون مذهبهم وصناعتهم إليه، ولم يثبت انتساب الصوفية ونحوهم، ولا ترى لذلك ذكراً في نهج البلاغة ولاغيره، وقد ذكروا فى هذا المقام أن المعتزلة والأشاعرة وأصحاب المذاهب الاربعة كلهم ينتسبون الى على (ع) وينتهى علمهم إليه وهل يدل ذلك على صحة دعوى الجميع ؟! فيلزم اجتماع النقيضين وكون الحق في طرفين ولا يخفى أن ذكر الصوفية وغيرهم في مقابلة الإمامية دال على مباينتهم لهم وخروجهم عنهم وبطلان دعواهم.
دور الصوفية في وضع الأحاديث:
وقال الشهيد الثاني (ره) فى شرح بداية الدراية: ذهب الكرامية وبعض المبتدعين من الصوفية الى جواز وضع الحديث للترغيب والترهيب ترغيبا للناس في الطاعة وزجراً بهم عن المعصية انتهى.
أقوال أئمة أهل البيت في الصوفية بحسب كتب الشيعة:
١-وعن الرضا، أنه قال: لا يقول أحد بالتصوف إلا لخدعة أوضلالة أو حماقة، وأما من سمى نفسه صوفياً للتقية، فلا إثم عليه.
وعلق العاملي على هذا الأثر، بقوله: وفى تجويز التسمية للتقية تصريح بذلك أيضاً، ودلالة واضحة على عدم الجواز في غير وقت التقية ؛حيث إنها مشروط بالضرورة وتقدر بقدرها فلا تجوز في الاختيار ولا زيادتها عن قدر الضرورة، فيقول بالتسمية، ولا يقول بشيء من عقائدهم الباطلة.
٢- وعن الرضا كما في (حدائق الشيعة) (ع) أنه قال: من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه أو قلبه فليس منا، ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول العاملي: وفي هذا تصريح كما ترى بما ذكرناه سابقا مراراً من أن الشيعة لم يكن أحد منهم في زمن الأئمة صوفياً؛ لمنعهم لهم ذلك، وعدم رخصتهم فيه، وهو صريح أيضاً في بطلان طريقة من يتجدد منهم، وفي وجوب النهي عن اتباعهم ولم يزل هذا المعنى يرد عنهم مكرراً وفى ذلك وأمثاله غاية المبالغة والتأكيد.
٣- وجاء عن الهادي بن محمد أنه رأى جماعة من الصوفية جلسوا في ناحية مستديراً وأخذوا بالتهليل؛ فقال لأصحابه: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخداعين فإنهم خلفاء الشياطين، ومخربوا قواعد الدين، يتزهدون لراحة الأجسام، ويتهجدون لصيد الأنعام، يتجوعون عمراً حتى يديخوا (يذللوا) للايكاف (البرادع) حمراً (جمع حمار)، لا يهللون إلا لغرور الناس، ولا يقللون الغذاء إلا لملاء العساس (الأقداح العظام)، واختلاس قلوب الدفناس (الحمقى والمغفلين)، يكلمون الناس باملائهم في الحب، ويطرحونهم بإذلالهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية ، وأذكارهم الترنم والتغنية فلا يتبعهم إلا السفهاء ولا يعتقدهم إلا الحمقى.
٤- وفي حدائق الشيعة أيضاً -عن العسكري (ع) انه كلم أبا هاشم الجعفرى؛ فقال يا أبا هاشم: سیأتی على الناس زمان وجوههم ضاحكة مستبشرة، وقلوبهم مظلمة منكدرة، السنة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر والفاسق بينهم موقر، أمراؤهم جاهلون جائرون وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء وأصاغرهم يتقدمون على الكبراء، كل جاهل عندهم خبير وكل محيل عندهم فقير، لا يميزون بين المخلص والمرتاب، ولا يعرفون الضأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيم الله إنهم من أهل العدول والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا ويضلون شيعتنا وموالينا؛ فإن نالوا منصباً لم يشبعوا من الرشا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، إنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين؛ فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه؛ ثم قال: يا أبا هاشم بهذا حدثني ابي عن آبائه عن جعفر بن محمد عليهما السلام وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عن أهله.
٥-وقال بهاء الدين محمد العاملي فى كتاب الكشكول، قال قال النبى صلى الله عليه وآله: (لا تقوم الساعة على أمتي حتى يخرج قوم من أمتي، اسمهم صوفية ليسوا منى، وإنهم يهود أمتي، يحلقون للذكر، ويرفعون أصواتهم بالذكر، يظنون أنهم على طريق الأبرار، بل هم أضل من الكفار، وهم أهل النار، لهم شهقة كشهقة الحمار، وقولهم قول الأبرار وعملهم عمل الفجار، وهم منازعون للعلماء ليس لهم إيمان، وهم معجبون بأعمالهم ليس لهم من عملهم إلا التعب)!
قال العاملي: وهذا صريح مشتمل على غاية المبالغة في الرد عليهم والنص على فساد اعتقادهم وبطلان مذهبهم والحكم بكفرهم وخروجهم من الأمة؛ فإن الجار متعلق بيخرج وإلا لتناقض الحديث على أن كونهم من الامة مع الحكم عليهم بما حكم يدل على كونهم من الفرق الهالكة.
أجلاء الشيعة الطاعنين في التصوف وأهله:
١- الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس سره؛ فإنه قد صنف كتاب الرد على أصحاب الحلاج، وقد نقل من هذا الكتاب كل من صنف في الرد على الصوفية، وقد ذكروه في ترجمته وتعداد كتبه كما في فهرست النجاشي، والشيخ وغيرهما وقد تقدم بعض ما نقل عنه ويأتى بعض آخر منه في موضع هو أنسب به ان شاء الله تعالى.
٢-الشيخ الجليل رئيس المحدثين أبو جعفر بن بابويه رض، وقد ورد أنه ولد بدعوة صاحب الزمان (ع) وفضائله أكثر من أن تحصى، وقد بالغ في الرد عليهم في كتاب الاعتقاد وكتب الحديث، مثل عيون الاخبار ومعاني الأخبار والتوحيد والعلل وغيره حيث روى الأحاديث في الرد عليهم، وتقدم بعضها، ويأتى بعض آخر منها إن شاء الله تعالى.
٣- السيد الأجل المرتضى ذو المجدين علم الهدی قدس سره؛ فإنه ألف في الرد عليهم كتاباً كما يأتى نقله ان شاء الله تعالى وقد ذكر ذلك جمع من علمائنا وقد بالغ فى الرد عليهم ايضا في كتبه الكلامية في عدة مواضع.
٤- الشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي قدس سره؛ فانه ذکرفی مواضع من كتبه ما يوافق ذلك؛ وبالغ في الرد عليهم عموماً، وخصوصاً في كتبه الكلامية وغيرها وفى كتاب الغيبة كما يأتي إن شاء الله تعالى.
٥-ابن حمزة رحمه الله وهو من أجلاء علمائنا فانه صنف كتاب الهادي الى النجاة من جميع المهلكات ونقل فيه اخباراً كثيرة في الرد على هؤلاء ومذمتهم عن الشيخ المفيد وغيره من المتقدمين ويأتي بعض ما نقل عنه ان شاء الله تعالى.
٦- الشيخ الجليل المعتمد جعفر بن محمد الدوريسي رحمه الله في كتاب الاعتقاد فانه بالغ في الرد عليهم و خصوصاً فى أمر الحلول والاتحاد.
٧-العلامة الشيخ جمال الدين الحسن بن المطهر الحلي قدس سره في عدة مواضع من كتبه يأتى نقل بعض من عباراته فيها ان شاء الله.
٨-الشيخ على بن عبد العالي العاملي الكركي رحمه الله وقد صنف في الرد عليهم كتاباً سماه كتاب المطاعن المجرمية نقل فيه اخباراً كثيرة وأحاديث متعددة تدل على الرد عليهم وذمهم وكفرهم وذكر وجوهاً عقلية متعددة.
٩- ولده المحقق الشيخ حسن قدس سره في كتاب عمدة المقال في كفر أهل الضلال وقد نقل بعض ثقات الأصحاب عنه، أنه قال فيه ما هذا لفظه: والصوفية جوزوا اتحاده تعالى وحلوله في ابدان العارفين حتى تمادى بعضهم وقال: أنه سبحانه نفس الوجود وكل موجود فهو الله تعالى والذين يميلون الى طريقتهم الباطلة يتعصبون لهم ويسمونهم الأولياء ولعمرى إنهم رؤوس الكفرة الفجرة وعظماء الزنادقة والملاحدة و كان من رؤوس هذه الطائفة الضالة المضلة الحسين بن منصور الحلاج وأبو يزيد البسطامي.
١٠- مولانا الاجل الاكمل ملا أحمد الاردبيلي قدس سره فانه صنف کتاب حديقة الشيعة ونقل فيه اشياء كثيرة نقلنا بعضها وفضله أشهر من أن يذكر ومع ذلك ترى هؤلاء الصوفية ينقصون من قدره ولا يميلون الى ذكره بل يسمونه الفقيه الاردبيلي على وجه الاستهزاء به والاحتقار للفقهاء.
١١-السيد الجليل أبو المعالي محمد بن أحمد بن عبد الله الحسنى؛ فإنه قد صنف كتاباً سنة ٣٧٥ هـ فى بيان الملك والأديان بالفارسية؛ فقال فيه ما معناه ذكر مذاهب الصوفية هؤلاء لهم أسماء متكثرة وبناء مذهبهم من أبى هاشم الكوفي تابع بني أمية، وفرقهم متعددة ويدعى بعضهم ترك النفس وأنها باطلة وأنه مستغرق فى الحق ويقولون: كلنا الحق، ورووا عن أبي يزيد البسطامي أنه قال: سبحاني! سبحاني ما أعظم شأني، وأولوا هذا الكفر بنفى نفسه، ومن هذه الطبقة الحسين بن منصور الحلاج ادعى الإلهية وعبادتهم وطاعتهم التفكر، ويرجحونه على الصلاة الواجبة وهو أكبر الطاعات عندهم وأتعبوا انفسهم في الرياضات.
وبعضهم يسمون ملامية لفعلهم المعاصي جهاراً ليلومهم الناس ووقعوا في السماع واللهو والتحير والإغماء ويقولون: إنهم في الباطن من الحق وفي الظاهر غيره.
ويقولون: نحن عارفون وينشدون الشعر ويرقصون ويسمونه شوقاً، ويسمون أنفسهم عشاقاً، وكلامهم كله عن العشق ويتركون التكسب ويلزمون الراحة ويدعون علم الغيب والفراسة.
ومنهم بزعمهم زهاد لا يتزوجون، وكثير من البله والعوام يغترون بهم ويميلون إلى طريقتهم ويظهرون النظافة واحترام بعضهم بعضا وبعضهم يؤدي الفرائض في وقتها ليعتقدوا فيها وإن لم يكن معتقداً وشغفهم بالسماع ويظهرون الوصول الى مرتبة عدم الشعور، وليس له أصل وأكثرهم من أهل السنة.
ومنهم النورية، يقولون: المحبة نور أزلى وقع فى القلب وبرز منه فصار صافيا والحلولية يقولون: إن جزء إلهى حل فيهم لتركهم الشهوات حتى وصلوا الى كونهم كلهم الحق وأكثر أهل السنة والجماعة أنكروا الصوفية وجميع الشيعة أنكروهم ونقلوا عن غير المتهم أحاديث كثيرة في مذمتهم وصنف علماء الشيعة كتباً كثيرة في ردتهم وكفرهم.
١٢-الشيخ الجليل الشيخ بها الدين قدس سره فقد عرفت ما نقله في الكشكول من الحديث الشريف فى مذمتهم وتكفيرهم وقد صرح بالإنكار عليهم في مواضع متعددة في الكتاب المذكور وغيره.
كتب أخرى للشيعة ألفت في الرد على الصوفية:
وبعض هذه الكتب بالعربية، وبعضها بالفارسي، وقد بلغها المحق ثمانية عشر كتاباً، بعضها مخطوط وبعضها مطبوع، ومنها:
* الرد على الصوفية للمحقق القمي.
* وللمولى أحمد بن محمد التوني أخ المولى عبد الله التوني صاحب الوافية.
* وللمولی إسماعيل بن محمد حسين المازندرانى المشهور بالخواجوئی.
* وللسيد أعظم على البنكورى مستخرجاً عن كتاب حديقة الشيعة «للأردبيلي» استخرجه بعض معاصريه.
* فارسی لبعض أمراء عصر فتح علي شاه.
* وفارسي لبعض العلماء «محمد رفيع التبريزي ط الموجود في مكتبته.
* والعالم الفاضل السيد مهدي الحسيني اللازوردي.
* والأمير محمد تقى الكشميرى.
* والمولى حسن بن محمد على اليزدي.
* وللسيد دلدار على المجاز من سيدنا بحر العلوم.
* وللحاج محمد رضا القزويني، وللمولى محمد طاهر بن حسين الشيرازي النجفي القمي.
* وللشيخ على بن الميرزا فضل الله المازندرانی.
* وللسيد محمد علی بن محمد مؤمن طباطبائی.
* وفارسى للسيد فاضل ابن سید قاضی الهاشمی.
* وللشيخ محمد بن عبد على القطيفي.
* وللمولى مطهر بن محمد المقدادي فارسی.
* وفارسي للمولى فتح الله المتخلص وفائى، وغيرها من الكتب المطبوعة.
وقد آن الشروع في تفصيل ذلك الإجمال، ولنبدأ بالأبواب لاشتمالها على المقصود بالذات، فنذكر ما فيها إجمالاً، ومن أراد التفصيل، فليرجع إلى الكتاب الأصل:
أما الأبواب فهي اثنا عشر:
الأول: في إبطال هذه النسبة وذمها.
فلم تظهر في التسمي بالصوفية دلالة شرعية على وجوب هذه النسبة كما يدعون ولا على استحبابها ورجحانها، بل ولا على جوازها مع كونها من المهمات الدينية، لما يترتب عليها من الأحكام الكلية والاعتقادات الأصولية المباينة لاعتقاد الامامية، فكيف جاز لهم أن ينتسبوا هذا الانتساب ويفرعوا عليه ما يلزمه ويدَّعُوا وجوبه من غير حجة ؟! ولا دليل، سيما وأنهم يزعمون أن سلوك هذا الطريق هو سبب النجاة، بل إنه منحصر فيه، وليس على الحق أحد إلا من قال به !
ولو كان الأمر هو مجرد نسبة لفظية إلى (الصوف)، وأنه ليس لها أية دلالة؛ لسمى الإنسان نفسه كافراً او يهوديا أو فطحياً او حنبليًا من غير ضرورة تقية، وليست هذه مجرد تسمية لفظية بل هي تسمية معنوية ونسبة دينية، يترتب عليها مفاسد كلية على أن هذا الوجه عين المصادرة والمكابرة من هذا القائل كما لا يخفى، وقد ذكرت مضمون هذا الفصل والذي قبله في الرسالة التي كتبتها على حديث الترجيع استطراداً لمناسبة المقام والله الهادى
الثاني: في إبطال التصوف وذمه عموماً
يقول الشيخ نجم الدين عمر النسفي -وهو أحد العلماء العارفين بهذا المذهب والمطلعين على حقائقه:
قال الشيخ المذكور في كتاب بيان مذهب التصوف ما هذا لفظه: اعلم أن أصحاب التصوف على اثنا عشر فرقة، واحدة منهم على الحق المستقيم والباقي على البدعة والضلالة فالذين هم على الضلالة: الحبيبية، والأوليائية، والشمراخية، والإباحية، والحالية، والحلولية، والحورية والواقفية، والمتجاهلة، والمتكاسلة، والإلهامية.
الأولى الحبيبية، يقولون: العبد يتخذ الله تعالى حبيباً، وينقطع عن محبة المخلوقين ويرفع التكليف عنهم، وأيضاً يرفع عنهم خطابات العبادات، والحرام عليهم حلال وترك الصلاة والصوم عندهم جائز، ولا يسترون عوراتهم وهذا كفر محض، ولا يعرفهم الناس بأقوالهم بل بأفعالهم؛ فاحذروا عنهم.
الثانية: الأوليائية وهم قوم يقولون إن العبد يبلغ درجة الولاية ويرفع خطاب الأمر والنهي عنه وهذا كفر وضلالة.
الثالثة: الشمراخية وهو قوم يقولون: إذا عرف العبد الله سبحانه يرفع الأمر والنهي عنه وبسماع الدف والطبل والمزمار راغب، ويقولون: إن النساء كالرياحين وشم الرياحين مباح وهؤلاء قوم عبد الله بن الشمراخية وهم يسيرون فى العالم بكسوة أهل الصلاح ويفسدون في العالم.
الرابعة: الإباحية، وهم قوم يقولون: لانقدر على امتناع نفوسنا من المعاصي وليس بينهم أمر بمعروف ولا نهى عن منكر، ويقولون: أموال المسلمين وفروجهم حلال، ويقولون قول لا كفر والإيذاء حجاب في الطريق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إيذاء وهؤلاء القوم أشر خلق الله على وجه الأرض.
الخامسة: الحالية، وهم يقولون السماع والرقص مباح وهم في السماع مدهوشون كما لا تكون الحركة فى وجودهم وهذا الطريق خلاف سنة رسول الله فيكون بدعة وضلالة.
السادسة: الحلولية وهم قوم يقولون: النظر في وجه الجميل من الامرد والنساء حلال وفى حالة النظر يرقصون ويقولون فى حالة الرقص صفة من صفات الله تعالى حالت علينا، ولنا بتلك الصفة التقبيل، والمعانقة حلال وهذا كفر محض.
السابعة: الحورية مثل مذهب الحلولية وهم يقولون: في هذه الحاله تأتى إلينا حور الجنة ولنا معهن الوقاع والوطء، قلنا بل من الشياطين تأتيهم في خيالهم وإذا فرغوا من الحالة يغتسلون من الجنابة.
الثامنة: الواقفية وهم قوم يقولون: إن العبد عاجز عن معرفة الله تعالى وهو على الحقيقة محال ويقولون هذا البيت بالفارسية وهو ضلال محض.
التاسعة: المتجاهلة وهم قوم في لباس الفاسقين ويقولون: مرادنا دفع الرياء وهذا ضلال
العاشرة: المتكاسلة وهم قوم يتركون الكسب ويتوجهون على أبواب الخلائق بالكدية ويرضون من حيواتهم بعبادة البدن ويأكلون أموال الزكاة بغير حق وهذا خلاف السنة.
الحادية عشرة: الالهامية وهم قوم من الفرق يعرضون عن قراءة القرآن وتعلم العلم يقنعون بمتابعة كتب الحكماء والمبتدعين، ويقولون: إن القرآن حجاب الطريق وأبيات الحكماء وإشعارهم قرآن الطريق، وهذا كفر محض.
الثانية عشرة: أهل الحق وهم قوم يتبعون السنة ويؤدون الصلاة في الوقت مع أهل السنة والجماعة ويحذرون عن الشرب والزنا والسماع والرقص والحرام ثم أخذ في مدح هذه الفرقة والأمر باتباعها إلى أن قال: واحذر عن الفرق الاحد عشر التي ذكرناها فهم أهل البدعة، وقد قال النبي ﷺ: من أهان صاحب بدعة آمنه الله تعالى يوم القيامة من الفزع الأكبر. انتهى
ونسبة الفرقة الأخيرة إلى التصوف فيها غلط؛ لأن ظاهر حال هؤلاء أنهم استعملوا لفظ التصوف بمعنى الزهد وهو لا يدل عليه، فعلى تقدير عدم مخالفتهم للشرع في شيء فنسبتهم فاسدة ليس لها معنى صحیح بل هي موهمة لمعنى فاسد.
وقد ذكر بعض العلماء أسماء طوائف الصوفية أزيد مما ذكره النسفي؛ فقال: إن من طوايفهم وحدتية، وواصلية، وحبيبية، وولائية، ومشاركية، وشمراخية، ومباحية، وملامية، وحورية، وجمالية، وتسلمية، وكاملية، وتلقينية، والهامية، وخورية، وعشاقية، وحلولية، وذوقية، وجمهورية، وزراقية انتهى.
وقال الشيخ الطيبي في شرح المشكوة: وأما ما أحدثه المتصوفة من السماع بالآلات فلاخلاف فى تحريمه وقد غلب على كثير ممن ينسب الى الجبر وعموا عن تحريمه حتى ظهر على كثير منهم أفعال المجانين فيرقصون بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة وزعموا أن تلك الأمور من البر وهذا زندقة.
وقال الدميري صاحب كتاب حيوة الحيوان، نقلاً عن السيوطي، عن أبي بكر الطرطوشي أنه سئل عن قوم يجتمعون في مكان يقرأون شيئاً من القرآن ثم ينشد لهم منشد شيئاً من الشعر فيرقصون ويضربون بالدف هل الحضور معهم حلالاً ام لا؟
فقال: مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة وما الاسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله وأما الرقص والتواجد؛ فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذوا عجلاً جسداً له خوار، قاموا يرقصون حوله ويتواجدون فهو دين الكفار وعباد العجل، وإنما كان مجلس النبي (ص) وأصحابه کانما على رؤوسهم الطير من السكينة والوقار.
فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد وغيرها ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ولا يعينهم على باطلهم وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم من أئمة المسلمين.
وقال الشيخ عزيز النسفي في كتاب تصفية القلوب كلاماً طويلا في مذمتهم من جملته أن قال: وإنهم شياطين العصر في دكاكين التلبيس وأشقياء في لباس الأتقياء قد سخروا الأنعام وهم غيلان الدين وكل واحدار تكب حيله لتسخير العوام شعارهم الفتنة والفساد، ودثارهم الزندقة والإلحاد ودينهم البدعة وترك السنة وزينتهم الرقص واللعب افتخارهم بصحبة الظلمة ومباهاتهم بتحصيل الخرقة واللقمة عبادتهم النغمات والغنى وعشقهم الضلال والإضلال والجهال بتلبيسهم قد ضلوا، فريضتهم البدعة والغواية والإباحة عندهم طريقة وحقيقة، قد بعدوا عن أحكام الدين والله سائل الحكام وأهل الاسلام عن تغافلهم في دفع فسادهم، ليس لهم نصيب في علوم الدين، مذهبهم الفجور وزينتهم الدعوى والسرور قد تركوا أمر الله و رسوله وراء ظهورهم وصاروا في أسر الهوى والشياطين واشتغلوا بالمجادلات والهزليات والفلسفة وجعلوها وسيلة الشهرة والجاه لا جرم قد ضلوا وأضلوا وانتشر أمرهم في الدنيا وقوى أمر زندقتهم وانطفت انوار أحكام الدين.
وقال العلامة الزمخشري في (الكشاف) عند قوله تعالى: «قل إن کنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» قال: وإذا رأيت من يذكر محبة الله ويصفق بيده مع ذكرها ويطرب وينعر ويصعق فلا تشك فى أنه لا يعرف ما الله ولا يدرى ما محبة الله؟ او ما تصفيقه ونعرته وصعقته إلا لأنه تصور في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة؛ فسماها الله بجهله ودعاها ربه ثم صفق و طرب ونعر وصعق على تصورها وربما رأيت المنيّ قد ملأ إزاره عند صعقته وحمقى العامة حوله قد ملأوا أردائهم بالدموع لما رققهم من حاله (انتهى).
وقد ذكر في مواضع اخر منه نحو هذا الكلام
الثالث: في إبطال اعتقاد الحلول والاتحاد ووحدة الوجود
إن بطلان هذا الاعتقاد من ضروريات مذهب الشيعة الامامية لم يذهب اليه أحد منهم، بل صرحوا بإنكاره وأجمعوا على فساده وشنعوا على من قال به، فكل من قال به خرج عن مذهب الشيعة فلا تصح دعوى التشيع من القائل به وهو كاف لنا في هذا المقام كما لا يخفى على ذوى الأفهام.
كما أنه اعتقاد مخالف لما ثبت وتواتر من اعتقادات اهل العصمة إلا أن يكون أحدهما فاسدا ولا سبيل إلى الحكم ببطلان الثاني فتعين الأول فلا بد منه، ومعلوم انه بعد ثبوت امامتهم وعصمتهم يفيد قولهم اليقين مطلقاً.
وبعد الحلول والاتحاد إما أن يصير الله جاهلاً عاجزاً، أو يصير العارف مساوي الله فى عموم القدرة والعلم وكلاهما باطلان فذلك الاعتقاد باطل.
كما يترتب على هذا الاعتقاد الفاسد والمذهب الباطل الكثير من المفاسد الشنيعة، واللوازم الفظيعة الدال بطلانها على بطلان ملزوماتها كما تقرر وقد ذكرنا بعض ذلك، و نذكر منه هنا اثنى عشر:
١- دعوى كثير منهم بل أكثرهم الربوبية وقد وقع من جماعة من رؤسائهم.
٢- دعوى أكثرهم الكشف والعلم بالمغيبات ومضاهاة أهل العصمة بل يدعون زيادة عن تلك الرتبة.
٣- دعواهم سقوط التكاليف عند ذلك.
٤- اتحاد الخالق والمخلوق والعابد والمعبود والفاعل والفعل أو المفعول وكل ذلك مما لا تقبله العقول.
٥- عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل عدم جوازهما لأنه يحتمل في كل شخص أن يكون قد عرف الله واتحد به فلا يجوز أمره ونهيه والاعتراض عليه.
٦- عدم وجوب الجهاد كذلك وخصوصاً مع من يظهر التوحيد.
٧- بطلان النبوة والإمامة؛ لأن احتمال الحلول والاتحاد بهم راجح بل متعين لأنهم أعرف العارفين ومن الضروريات استحالة اجتماع النبوة والإمامة والربوبية.
٨- عدم جواز لعن أحد ولو تظاهر بكل معصية لاحتمال الاتحاد فيسقط عنه التكليف مع كثرة وقوع اللعن فى الكتاب والسنة عموما وخصوصاً.
٩- إمکان صدور القبائح والشر والظلم والكفر من الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً؛ لأن العارف لا يصل الى حد العصمة ولا اشترطوها في الاتحاد.
١٠- عدم إمكان إقامة الحد على أحد واستحالة الحكم بالفسق على أحد لاحتمال المذكور.
١١- فرض طاعة العارف على كل أحد؛ حتى النبى والإمام أو عدم فرض طاعتهما على أحد من العارفين.
١٢- كون الربوبية أمراً كسبياً يمكن تحصيله كما أن المعرفة كذلك أو كمالها وجميع اللوازم باطلة ضرورة فكذا الملزوم.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن من نظر في كتب الصوفية أو عاشرهم معاشرة تامة يعلم ان كلامهم دال على اعتقاد الحلول والاتحاد و وحدة الوجود وبعضهم الآن يتعجبون من علماء الشرع حيث يؤولون الحديث ولا يؤولون كلام الصوفية.
وهذا ونحوه ناشئ من عدم الاطلاع على قوانين الشرع فان التأويل إنما يكون فيما علم وتقرر من الشرع خلافه واستحالة إرادة ظاهره لقوة معارضته وكلام الصوفية ليس بمنزلة كلام المعصوم؛ فباعتبار قواعد الشريعة يجب حمله على ظاهره، والحكم على قائله بما يقتضيه من فسق وكفر، كما في كل كلام، واقرار بايمان أو كفر و ارتداد ولا يلتفت الى مايد عونه من تأويله.
الرابع: فى إبطال الكشف الذى يدعونه وعدم اعتباره ونفى حجيته.
والكشف لا يحل الأخذ به؛ لعدم ظهور دليل قطعي على حصوله ولا وجوب تحصيله ولا مشروعيته، فضلاً عن حجيته فكيف يجوز لنا الجزم بذلك من غير دليل {قل هاتوا برهانكم إن کنتم صادقين}، بل يمكن أن يقال بعدم وجود دليل ظنى أيضاً.
وعلى تقدير أن يأتوا بشبهة تفيد الظن؛ فإن الظن لا يغني من الحق شيئاً، وكيف يجترئ عاقل فضلاً عن مسلم، أن يثبت بمجرد الظن عبادة ويحكم بمشروعيتها وإسقاطها لجميع العبادات الشرعية وكل ذلك تحكم صرف و تشريع محض لم يحصل العلم واليقين بشيء منه.
الخامس: في إبطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عنده
ومعلوم من حال النبي عليه الصلاة والسلام، والأئمة في مواظبتهم على جميع العبادات والطاعات فى مدة أعمارهم حتى فى مرض الموت فيلزم على قولهم عدم كونهم واصلين إلى مقام الكشف الذى يدعيه أكثر الصوفية وإلا لما ذلك ولا جاز لهم كما يعتقده هؤلاء بل من ضروريات مذهب الإمامية أن الإمام والنبي كل منهما أفضل وأكمل من جميع الجن والإنس في العلم والمعرفة بالله، ويعتقدون قبح تقديم المفضول على الفاضل، فضلاً عن الافضل واللازم من ذلك عند الصوفية المنتسبين إلى الإمامية أن يكون النبى والأئمة دائماً في غاية الكشف والوصول، وتكون العبادات محرمة عليهم دائماً، والإلزم تفضيل بعض رعيتهم عليهم في بعض الأوقات وهو محال ففرض كونهم أتوا بعبادة من العبادات كاف في بطلان الكشف، وعدم سقوط التكاليف وقول أمير المؤمنين: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً مع تمام اجتهاده في العبادات حتى قتل وهو مشغول بالصلاة دليل واضح على ما قلنا، وفيه كما ترى دلالة على امتناع الكشف؛ لأن لو للامتناع بالإجماع.
السادس: في إبطال ما يعتقدونه عبادة من الجلوس فى الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة
ولا شك أن هذا الأمر تشريع ظاهر وابتداع واضح وإدخال في الدين ما ليس منه وكثير من الصوفية يعترف به، والاعتبار والتتبع شاهدان بذلك ويأتي ما يدل على تحريم الابتداع ان شاء الله.
والتتبع شاهد بأن هذه الرياضة من قاعدة أعداء الدين قديماً وحديثاً؛ كالنصارى وكفار الهند و صوفية العامة ويأتي إن شاء الله ما يدل على عدم جواز مشاكلة أعداء الله و سلوك مسالكهم.
السابع: في إبطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات من الفتل (الصياح) والسقوط على الأرض والاضطراب
إن هذه الافعال الشنيعة مما يقطع صريح العقل و يجزم صحيح الاعتبار بقبحها و انها بمنزلة حركات المجانين والصبيان الذي لا تمييز لهم وانه لا فائدة فيها و لم يرد أمر بها فوجب تركها فكيف جاز لهم فعلها فضلا عن اعتقاد رحجانها وكونها عبادة؛ والحاصل أنه إما أن يكون دعواهم لفقد الشعور وذهاب العقل صحيحة؛ فيلزم التحريم او باطله فيظهر كذبهم وعدم نتيجة لهذه الحركات،
الثامن: في إبطال ما يعتقدونه كذلك من الرقص والصفق بالأيدى والصياح
يقول العاملي: ويدل على إبطالها ما رواه أصحابنا في أحاديث متعددة من النهي عن رفع الصوت في المسجد وهؤلاء أكثر ما يفعلون هذه الافعال في المسجد وهذا النهي اما للتحريم او الكراهية وعلى كل حال يدل على المرجوحية وهم يعتقدون رجحانه وهى مخالفة صريحة للشرع ولم يثبت اصل المشروعية ليكون حكمه حكم مكروه العبادة مع ظهور قبحه وشناعته وبشاعته وما أحسن قول من قال:
أيا جيل التصوف شر جيل .. لقد جئتم بشيء مستحيل
أفى القرآن قال لكم الهى ..كلوا مثل البهائم وارقصوا لي
وقال الآخر:
لو كان مولانا يحب الغنى.. أو كان بالرقص ينال المنى
لأرسل مع كل نبي رباب .. وما دخل الجنة غير الدباب
التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعى على الرزق وطلب المعاش والتجمل
فإن الحلال والحرام راجعان الى الشرع، وقد نص الشارع على تحريم المحرمات، وإباحة ما عداها، وكذا يظهر ذلك من الآيات والأحاديث المشتملة على الحصر ومن أحاديث جوائز الظالم وغيرها من أفراد المسألة ومن المعلوم انا غير مكلفين بعلم الغيب ومعرفة ما في نفس الأمر؛ فإن تكليف ما لايطاق باطل بالضرورة.
العاشر: فى تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغناء
إن فعل الغناء سماعه من قاعدة أعداء الله ورسوله وطريقتهم المستمرة فلا يجوز مشاكلتهم وسلوك مسالكهم لما يأتي إن شاء الله؛ فقد روي أنه سنة أعداء الله إبليس وقابيل وهما أصل كل شر و ظلم وکفر.
روى الكليني وغيره، عن أبي عبدالله (ع) قال لما مات آدم شمت إبليس وقابيل فاجتمعا في الأرض فجعلا المعازف والملاهي شماتة بآدم (ع)؛ فكل ما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فإنما هو من ذلك.
كذلك فالغناء من علامات النفاق والزندقة؛ وذلك ظاهر لمن أنصف وعرف فاعليه وتاركيه ومحرميه ومحلليه قديماً وحديثاً.
وقد روى الكليني عن أبي عبد الله الا الله قال الغنا عش النفاق. وعنه قال: استماع اللهو والغنا ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. وعن الخراساني إلا أنه قيل له: إن العباسي زعم أنك ترخص له في الغنا؛ فقال: كذب
الزنديق ما هكذا قلت له سألني عن الغنا فقلت له إن رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الغنا فقال: له يا فلان إذا ميز الله بين الحق فأين يكون الغنا؟ فقال: مع الباطل فقال قد حکمت. ورواه الكشي بسند صحيح عن أبى الحسن (ع). و روى ابن بابويه فى الخصال عن ابی عبد الله (ع ) قال : الغناء ينبت (يورث-خم) النفاق ويورث الفقر.
وفي عيون الاخبار عن الرضا (ع) انه سئل عن السماع فقال لأهل الحجاز فيه رأى وهو فى حيز الباطل واللهو أما سمعت الله يقول {وإذا مروا باللغو مروا كراماً}
و قد ذكر الصوفية فى أسباب الجذبة التي تحصل للمريد ملازمة سماع، وهو اعتراف بأن ما يفعلونه ويسمعونه غناء، ومن خص المحرم منه بما تقدم يعترف بصدق الغنا على غير ما خصه، ولا كلام فى ذلك مع الصوفى المخالف، بل مع من هو على ظاهر هذا المذهب ولا مفر له من القول بتحريم الغنا حيثما صدق، عدا ما استثنى لاطلاق دليله أو عمومه فان قبلت بالعرف فقد اعترفوا به وإن رجعت إلى الترجيع فكونه كذلك بديهي.
الحادي عشر: في إبطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه
وقد دلت الآيات الشريفة القرآنية الدالة على النهي عن الإفراط في رفع الصوت بالذكر؛ كقوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول}، {ولا تجهر بصوتك ولاتخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}، {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين]، الى غير ذلك من الآيات، ومنافاتها لعلو الصوت الى هذا الحد الذي يفعلونه ظاهرة مع أنهم يصلون فيه إلى حد الغنا وقد تقدم من أدلة تحريمه ما لا مزيد عليه في مثله في عدم جوازه، وكذا ما يسمونه ذكراً خفياً؛ فإنه لا يصدق عليه الذكر سراً ولا الذكر في النفس ولا يعهد شرعاً هذه الحركات بل هى من المخترعات المبتدعات والله تعالى أعلم.
الثاني عشر: في إبطال ما صار شعاراً لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله
وقد ثبت القطع بأنه يقبح عقلاً وشرعاً وعرفاً مماثلة أعداء الدين فيما هو مختص بهم، وأنه يستلزم عدم ثبات الدين وقلة البصيرة فيه، ويلزم من ذلك ترك الاقتداء بأهل الدين من النبى والأئمة عليهم السلام وقد ثبت وجوب الاقتداء المذكور وتحريم تركه.
بيان بطلان طريقة ابن عربي:
ومنهم الشيخ محيي الدين بن عربي، وحاله أيضاً كذلك بل أقبح، ولنذكر من بعض ما وصل إلينا من آثاره القبيحة اثنى عشر أمراً:
الأول ما ذكره في فتوحاته حيث ادعى فيه أنه أسرى به إلى السماء تسع مرات في كلام طويل يتضمن كيفية الاسراء، ويظهر منه أنه يدعى المزية والفضيلة على الرسول، وناهيك بذلك.
الثاني: ما ذكره فيه من أنه رأى أبا بكر على العرش بعد أن كان يرى في كل سماء واحداً من الأنبياء، فكانت مرتبة أبى بكر بزعمه أعلى من مراتبهم فكيف يرضى منه بذلك أحد من المسلمين.
الثالث: انه ادعى في أول فصوص الحكم انه من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وانه أمره بعين ما كتبه مع حصول الجزم ببطلان دعواه وترتب المفاسد عليها لو كانت حقاً.
الرابع: ما نقل عنه واشتهر من أنه سمى نفسه خاتم الولاية، وسموه بذلك لرؤيا رآها في النوم حتى كان يقول بي ختمت الولاية وهذه دعوى يجزم بكذبها، ولا أقل من الجزم بكذب من ادعاها بعده وهم أكثر الصوفية حيث يدعون الولاية.
الخامس: ما ذكره في الفتوحات من الأخبار التي يجزم بكذبها ويحيلها العقل ويظهر منها دعوى علم الغيب والجرأة على الافتراء والكذب.
السادس: ما ذكره فيها من ان الشيطان خدع الشيعة خصوصاً الامامية انه ينبغى محبة أهل البيت حتى تجاوزوا الحد وأبغضوا بعض الصحابة وسبوهم وتوهموا أن أهل البيت يرضون بهذا
السابع: ما ذكره في حق الشيعة الامامية من أنهم من جملة من ضل عن الطريق وأضل وهذا كاف فيما نحن بصدده.
الثامن: ما ذكره في الباب الثالث والسبعين من الفتوحات أنه كان رجلاً من عدول الشافعية لا يظن بأحدهما الرفض مع رجل من أولياء الرجعة؛ فقال لهما إني أراكما بصورة الخنزير وهذه علامة بينى وبين الله أن يريني الرافضي في هذه الصورة فتابا فى الباطن، ورجعا عن مذهب الرافضة؛ فقال: الآن تبتما ورجعتما؛ فإني رأيتكما في صورة الإنسان فاعترفا بذلك وتعجب منه.
التاسع: ما نقله عنه شارح الفصوص من انه جلس تسعة أشهر في الخلوة لم يأكل طعاماً وبعدها أمر بالخروج وبشر بأنه خاتم الولاية المحمدية، وقيل له دليلك أن العلامة التي كانت بين كتفى الرسول الدالة على انه خاتم النبوة هي علامة بين كتفيك تدل على أنك خاتم الولاية وذلك مجرد دعوى منه يجزم بكذبها كما عرفت.
العاشر: ما نقل عنه في الفواتح أنه قال القطب الذى يسمى غوثا هو محل نظر الحق تعالى، وهو في كل زمان شخص وقال: إن الخلافة قد تكون ظاهرة وباطنة وعد من جمع الأمرين أبا بكر وعثمان ومعوية ويزيد وعمر بن عبدالعزيز والمتوكل وعد الشافعي من الأوتاد.
الحادي عشر: التتبع لطريقته وكتبه وآثاره فانه يظهر منها مباينته لمذهب الشيعة الإمامية وخروجه عن طريقتهم بالكلية.
الثاني عشر: تتبع كتب الشيعة لأنه يظهر منها مثل ذلك كما مر مثله في الغزالي ومع ذلك ترى لهؤلاء الصوفية اعتقادا عظيما واعتماداً على كلامهما وحسن ظن بهما و تقليداً لهما والله اعلم.
بيان بطلان طريقة الحلاج:
ومنهم الحسين بن منصور الحلاج و اتباعه وأمثاله وقد خرج إلى الغلو وتظاهر به كما يظهر من الاحتجاج وغيره.
وفي كتاب عمدة المقال في كفر أهل الضلال للشيخ حسن بن علی بن عبد العالي الكركي بعدما نقل عن الصوفية القول بالحلول والاتحاد، قال: والذين يميلون الى هذه الطريقة الباطلة يتعصبون لهم ويسمونهم الأولياء، ولعمرى إنهم رؤساء الكفرة الفجرة وعظماء الزنادقة والملاحدة.
قال: وكان من رؤوس هذه الطائفة الضالة المضلة الحسين بن منصور الحلاج، وأبو يزيد البسطامي، وقد نقل والدي عن ثقات الإمامية في كتابه الموسوم بمطاعن المجرمية فى طعنهما اخباراً كثيرة، ثم أورد ما نقله العلامة في نهج الحق عن الصوفى الذى كان لا يصلى ويدعى الوصول وإنكاره عليه، ثم قال: ولقد صنف الشيخ المفيد كتاباً مبسوطا مشتملاً على الدلائل العقلية والنقلية في ردهم وبطلانهم وكفرهم وطغيانهم «انتهى».
وقد ذكر العلامة في الخلاصة من جملة المذمومين الحسين بن منصور الحلاج، قال: وقد ذكر له الشيخ فى كتاب الغيبة أقاصيص «انتهى».
وأنا انقل ما أورده الشيخ وأشار إليه العلامة وغيره قال في كتاب الغيبة بعد ما ذكر أخبار السفراء الممدوحين في زمن الغيبة ما هذا لفظه ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله
وروى أن الحلاج لما أراد أن تظهر فضيحته وقع له إن أبا سهل إسماعيل بن على النوبختي ممن تجوز عليه مخرقته وتتم عليه حيلته لعظم أبی سهل فى أنفس الناس ومحله من العلم والأدب ثم ذكر المراسلة بينهما وإن أبا سهل اقترح عليه امراً يستدل به على صحة دعواه للوكالة فصيره أحدوثة وضحكة عند الصغير والكبير لظهور عجزه وانقطاعه.
وذكر أن الحلاج كتب كتاباً إلى على بن الحسين بن بابويه يستدعيه إلى الإقرار بوكالته وأن ابن بابويه مزقها وضحك منها، ثم اتفق اجتماعه به وهو لا يعرفه فلما عرفه أمر ابن بابويه بضربه وإهانته فضرب وأخرج من المكان ولعنه وطرده من قم.
بيان بطلان طريقة البسطامي:
ومنهم : أبو يزيد البسطامي وأمثاله وقد تقدم بعض ما ورد في أبي يزيد مع الحلاج وقد قال في بعض كلامه سبحاني سبحاني ما أعظم شأنى، وقال: ليس في جبتي سوى الله فانظر الى من هذا كلامه وهذه دعواه و اعتقاده الذي هو أعظم الكفر و الالحاد ولا سبيل الى تأويله ولا ضرورة له الى اطلاقه لو كان يريد به خلاف ظاهره بل ما هو نص فيه.
وقد عرفت في أحاديث الباب الثاني انه لا يجوز تأويل كلامهم و ذلك النص المشار إليه موافق لغيره من الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الحكم على المقر بإقراره وما يقتضيه من إسلام او كفر أو ارتداد اوقتل أومال وليت شعرى كيف تعين تأويل هذا الكفر والإلحاد وأمثاله من اقوالهم و افعالهم و لو فتح هذا الباب لما أمكن الحكم بارتداد أحد ولا فسقه ولا ثبوت حد، عليه ولا مال ولا قصاص
فان باب التأويل واسع وذلك يستلزم بطلان الشريعة وهدمها والتاويل إنما يلزم إذا عارضه من كلام ذلك القائل ما هو صريح فى المخالفة لا يحتمل التأويل وكان القائل معصوما والإلزم الحكم عليه بتغيير الاعتقاد؛ فيحكم على غير المعصوم بحكمين في وقتين، وفى مثل هذا بل فيما دونه ما يرتاب به اللبيب العاقل لاحتمال كون الاسلام أن ثبت ساعة والكفر طول العمر وأي ضرورة بنا إلى حسن الظن بأمثال هؤلاء، فضلاً عن تقليدهم في الأصول والفروع ومتابعتهم فيما ليس بمعقول ولا مشروع.
وأما الفصول التي تضمنتها تلك الأبواب:
ففيما يلحق بتلك المقاصد المقصودة وما يناسبها وهي اثنا عشر فصلاً:
الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم.
الثاني: في تحريم الابتداع في الدين
الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية وسادتهم وكبرائهم وماظهر من قبائحهم و فضائحهم
الرابع: في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخامس: في تحريم تركهما والتقاعد عنهما.
السادس: في وجوب المجادلة فى الدين والمناظرة لبيان الحق.
السابع: في وجوب مجاهدة أعداء الدين والمتبدعين مع الشرائط
الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع ووجوب ترك مخالطتهم رأساً
التاسع: في جواز لعن المبتدعين والبراءة منهم بل وجوبهما المختصة بهم النقل والاخبار إن شاء الله تعالى.
العاشر: في تحريم التعصب للباطل.
الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم
الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والتوبة من الكفر والابتداع والفسق وسأذكر في جميع الأبواب والفصول في الاحتجاج على كل واحد من هذه المطالب والاصول اثنى عشر وجهاً من الادلة، إما من صريح العقل والاعتبار، أو من صحيح النقل والأخبار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق