أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 مايو 2023

المسيرة الجهادية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين يوسف عارف الحاج محمد بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

المسيرة الجهادية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين

يوسف عارف الحاج محمد

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/  لا شك أن الموضوعات العلمية والأدبية والسياسية مترامية الأطراف، وأن التعريج على كل كتاب فيها أو استيعاب كل فصل من فصولها يستغرق من الوقت الكثير، ولكن حسبنا من التعرف على هذه الحركة المقاومة التعرض لشذرات من هذا الكتاب.

وفي هذا المقال نحاول التعرف إلى أهم مباحث الكتاب، والقضايا التي يناقشها في صفحاته، والتي مزج فيها بين النظرة التاريخية والنظرة الشرعية والمصلحية، حول حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، التي تعتبر الغصن الثاني للعمل الجهادي جنباً إلى جنب مع حركة حماس، وكلاهما من شجرة طيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء، وإن أردنا أن نحصي نقاط الخلاف بين الحركتين نجدها سطحية وتافهة بالنسبة إلى نقاط الالتقاء.

ويروي لنا الكتاب قصة نشأة هذه الحركة، وكيف تكونت على يد مجموعة من الشباب الفلسطيني، الدارس في مصر في أواخر السبعينات، على يد الشهيد فتحي الشقاقي، وبالتحديد في العام ١٩٨٠ م، الأمر الذي تزامن مع نشأة -ما يعرف -بالجمهورية الإسلامية في إيران على يد الخميني ١٩٧٩م، وهذا لا يعني أن الحركة لها توجهات شيعية -كما يزعم البعض، بل إن حركة الجهاد الإسلامي تتبنى (المذهب السُّني) باعتباره مصدراً للعقائد والمبادئ والأفكار الموجهة للحركة، كذلك فإن دورها في دمشق هو دور سياسي فقط، وليس له أية علاقة بالصراع الدائر بين الطوائف الإسلامية.

ومع ذلك فإن الحركة تنظر إلى أن الخلاف الشيعي السني -مع كونه خلافاً حقيقياً -إلا أن إثارته بهذه الصورة وتأجيجه هو شيء مفتعل ومؤسف، وهو ما عبر عنه الشيخ الشهيد فتحي الشقاقي، وقد ساهم الإخوان المسلمون في عملية التقريب ببين الطائفة الشيعية والسنية، حتى أنهم أيدوا الثورة الإيرانية في بداياتها، وقبلوا عضوية الشيعة في التنظيم.

ويذكر أن الشقاقي كان قد انضم إلى جماعة الإخوان في القطاع سنة ١٩٦٨ م، واستمر في أطر الإخوان حتى أواخر السبعينات، وكان هناك خلافات بين الشقاقي وحركة الإخوان حول منهج العمل الإسلامي، وطرق التغيير، وقضية فلسطين، والموقف من الأنظمة العربية، وكان يرى أن الإخوان هي الحركة الأم للتيار الإسلامي في المنطقة، واختلف المنظرون في حركة الجهاد هل كانت حركة مستقلة بفكرها ومبادئها أم هي حركة خرجت من رحم الإخوان؟

وسواء كان الجواب الأول أم الثاني؛ فإن القضية الأساسية أن هذه الحركة وجدت لتبقى، ولها كيانها وإنجازاتها التي لا يمكن لأي إنسان فلسطين التنكر له، أو التقليل من شأنه، واختلاف الجهاد مع حماس -في أقصى حدوده -يتمثل في رفض الأولى "لفقه المصلحة" أو الاندماج في العمل السياسي تحت غطاء منظمة التحرير، وهو في الجملة اختلاف في الوسائل والأساليب، ولا يؤثر على جوهر العمل الجهادي، أو الرؤية الوطنية لدى الفريقين.

وبين الكاتب موقف الحركة من الأحداث الدائرة على الساحة الفلسطينية، بدءاً من أحداث الانتفاضة الأولى ١٩٨٧ م، ودخول السلطة الوطنية ١٩٩٤ م، والاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير ممثلة بعرفات، مروراً بأحداث سبتمبر العالمية ٢٠٠١ م، وما تلاها من مقتل عرفات في العام ٢٠٠٤ م، ومن ثم الانتخابات الرئاسية، التي أفرزت محمود عباس في العام ٢٠٠٥م، وما أفرزته الانتخابات التشريعية في العام ٢٠٠٦م، والأحداث المؤسفة بين الحركتين فتح وحماس في العام ٢٠٠٧م، وما تلتها من حرب الفرقان ٢٠٠٨ م، وما بعدها من الحروب المتوالية التي شنها الاحتلال على غزة.

وناقش الأدوار التاريخية التي لعبها هذا التنظيم على الساحة الفلسطينية، ومن ثم تطوره الفكري والثقافي والعسكري، مروراً باتساعه وانتشاره، وأهم الإنجازات السياسية والعسكرية في ضوء المتغيرات السياسية في المجتمع الفلسطيني والإقليمي والعالمي، مبيناً رؤية الحركة، ورسالتها المنوطة بها.

نبذة تعريفية بحركة الجهاد الإسلامي

تعد حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هي إحدى الحركات الرئيسية على الساحة الفلسطينية، والتي أسسها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، على أساس من الإيمان الواعي، واستيعاب الدروس، بعقلية منفتحة، تعريف كيف تواجه تحديات العصر: حاضره، ومستقبله، 

ولعل سبب الانفصال عن جماعة الإخوان، أمران اثنان، (الأول): تجنب الجماعة المواجهة مع حكام الجور في ظل اضطهاد واضح للشعوب، وعداء صريح للإسلام، (الثاني): اتباع الجماعة سياسة النفس الطويل في الدعوة والتربية، ظناً منهم أن هذه هي الوسيلة الوحيدة لإصلاح الناس حكاماً ومحكومين، فكان من نتيجة ذلك مهادنة الأنظمة المستبدة، بل وموالاتها والعمل في صفها، مما أدى إلى انشقاق العديد من الحركات خارج الجماعة، وكان من أبرزها (حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين).

الدكتور الشقاقي علامة فارقة في الجهاد والتضحية

* ولد الشهيد الدكتور فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين في ٤/ ١/ ١٩٥١ م، وكان جده الحاج عبد العزيز إمام مسجد قرية زرنوقة التابعة لقضاء الرملة في فلسطين، وهاجرت الأسرة منها إلى قطاع غزة في نكبة عام ١٩٤٨م. 

* ذاق الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) مرارة اليتم صغيراً، إذ توفيت والدته وهو في الخامسة عشرة من عمره. معجباً بــ (جمال عبد الناصر)، وبلغ إعجابه بالأفكار الناصرية أنه شكل هو ويافعان يكبرانه سناً خلية ناصرية عام ١٩٦٦م، إلى أن وقعت هزيمة ١٩٦٧م بعد ذلك طراً تحول جذري على أفكاره إذ اتجه فكره كله إلى أن الإسلام هو البديل الصحيح وأن ما عداه ليس إلا وهماً. 

في سنة ١٩٦٨م حصل الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي على شهادة الثانوية العامة التوجيهي بتفوق، فنال منحة من ألمانيا الغربية لدراسة الرياضيات في جامعة بيرزيت، وعند تخرجه سنة ١٩٧٢م عمل مدرساً في القدس، واتصل في هذه الفترة بشخصيات إسلامية وشخصيات وطنية وشخصيات يسارية، وتعرف إلى الشيخ أحمد ياسين في غز،ة وكان الشيخ يعمل مدرساً وتعرف منه ومن آخرين على أفكار الإخوان المسلمين.

* تقدم الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي لامتحان الثانوية العامة من جديد، وحصل على الشهادة مرة أخرى بتفوق فنال منحة ثانية لدراسة الطب والتحق بجامعة الزقازيق، سنة ١٩٧٤م، وتخرج طبيباً عام ١٩٨١م، وأمضى فترة الامتياز كطبيب أطفال في مستشفى كفر صقر في محافظة الشرقية بمصر، وأعتقل عدة شهور في سجن القلعة قبل مقتل (السادات).

نشأت الطلائع من الذين حسموا موقفهم منذ البداية لصالح أفكار الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) من الطلاب الفلسطينيين والمصريين في جامعة الزقازيق وجامعات مصر ضمت حوالي ٦٠ كادراً سياسياً من معظم التخصصات، مما يعكس قوة تأثير الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي على زملائه، وبقيتهم من خريجي مختلف الكليات الأخرى. 

وكان من أبرز أعضاء الخلية الأولى الدكتور (رمضان شلح) والدكتور (بشير نافع) و(إبراهيم معمر) و (نافذ عزام) و (عبد الله الشامي) و(جميل عليان) و (تيسير الغوطي) والأخوان (محمود وأحمد شاكر).

قام تنظيم الطلائع بنشاطات سياسية وتربوية وإعلامية عديدة، فأصدر نشرة بعنوان (التغيير)، إضافة إلى بعض الكراسات الخاصة بقضايا الفكر والسياسة، منها ما يتعلق بالخلاف مع الإخوان المسلمين، ومنها ما يتعلق بشؤون القضية الفلسطينية. 

كما قام الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي) وأصحابه في جامعة الزقازيق بإصدار مجلة حائط بعنوان (الفرسان)، رداً على مجلة حائط كان يصدرها الشيوعيون عنوانها (الجياد).

في ١٦/ ٢/ ١٩٧٢م أصدر الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي كتابه الأول (الخميني) الحل الإسلامي والبديل إثر انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تأييداً لها ودعوة للتأسي بتجربتها، ولاقى الكتاب رواجاً كبيراً، خاصة وأنه أول كتاب يتحدث عن الثورة الإسلامية بعد انتصارها بفترة وجيزة، وكانت الطبعة الأولى منه عشرة آلاف نسخة نفدت كلها في أيام قليلة، وسجن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي بسبب هذا الكتاب أربعة أيام، ثم أعيد اعتقاله في العام نفسه في ٢٠/ ٧/ ١٩٧٩م للشك في نشاطه السياسي الإسلامي ومكث في السجن أربعة أشهر. 

وتعرض تنظيم الطلائع بعد مقتل السادات إلى حملة اعتقالات شملت محافظات القاهرة والإسكندرية والزقازيق ووصل عدد المعتقلين إلى العشرات من الطلاب الفلسطينيين عدا المصريين، وقد تكشف التنظيم عن بنية دقيقة تتوزع إلى أسر وخلايا، لكل أسرة أمير ولكل محافظة أمير، ويرأس التنظيم الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) مع نائبين آخرين.

في الفترة المصرية من نشأة (الجهاد الإسلامي) شكلت مجلة (المختار الإسلامي) المصرية على مدار ٢٧ شهراً المنبر الإعلامي لأفكار وأطروحات (حركة الجهاد الإسلامي) في كافة قضايا الفكر والسياسة والجهاد، وكان يرأس تحريرها بشكل سري الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي.

وكان من أبرز المنظرين لـ (الجهاد الإسلامي) بعد الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي)، (بشير نافع) الذي أشرف مع الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) على دراسات (المختار الإسلامي)، وساهم معه في كتابة العديد من القضايا الإسلامية والتاريخية، إضافة إلى كتاباته المستقلة وأهمها دراسة عنوانها: "على أبواب القرن الخامس عشر الهجري"، والتي نشرت على ست حلقات في مجلة المختار الإسلامي.

والدكتور (رمضان شلح) الأمين العام الحالي لحركة الجهاد الإسلامي الذي أشرف على النشرة الداخلية للتنظيم المسماة "التغيير" وكتب بعض الدراسات الداخلية، كدراسته عن منهج "الإخوان المسلمين" تجاه العديد من القضايا تحت عنوان وقفات مع الأستاذ عمر التلمساني".

وكان من أبرز الأعضاء الناشطين تنظيمياً، والذين لعبوا أدواراً سياسية وثقافية بارزة في التجربة الحركية لـ (الجهاد الإسلامي) داخل فلسطين بعد عودتهم من مصر إضافة لمن تقدمت أسماؤهم (إبراهيم معمر) و(نافذ عزام) و(عبد الله الشامي) و(محمد الهندي) و(جميل عليان) و(تيسير الغوطي) و(أحمد ومحمود شاكر).

تكشف التنظيم عن علاقات مع الجماعات المصرية وقيادتها، ومنهم عبود عبد اللطيف الزمر) و(محمد عبد السلام فرج) و (أسامة حميد) وآخرون، وكانت هذه الاتصالات سبباً مباشراً في ملاحقة الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) من قبل أجهزة الأمن المصرية، فاستطاع الإفلات منها ومغادرة مصر إلى غزة بعد اغتيال السادات مباشرة وذلك يــــوم ١/ ١١/ ١٩٨١م، لتبدأ المسيرة عهداً جديداً في فلسطين، في قطاع غزة أولاً، ثم لم تلبث أن امتدت إلى الضفة الغربية.

مارست عناصر الجهاد الإسلامي هذه الأشكال من النشاطات تحت مسميات عدة مثل: (الإسلاميون المستقلون) و(الحركة الطلابية الإسلامية) و(التيار الإسلامي الثوري).

وكان لمساجد القطاع الدور الأكبر في احتضان الدعوة الجديدة ونشرها من خلال خطب الجمعة والاحتفالات الدينية المختلفة وأهم هذه المساجد مسجد (السلام) في رفح، ومسجد (حسن البنا على شاطئ مدينة غزة المعروف بمسجد (عنان)، ومسجد (الرحمن) في الشجاعية ومسجد الشهيد عز الدين القسام في مشروع بيت لاهيا في قطاع غزة، وتميزت خطب الجمعة فيها بجرأتها ومنهجيتها وشمولها لكافة القضايا على الساحتين الإسلامية والفلسطينية، وأصبح الخطاب السياسي جزءاً من الخطاب الديني في هذه المساجد.

وشكل مسجد الشهيد عز الدين القسام وخطيبه الشيخ (عبد العزيز عودة) ودروسه الخطاب السياسي للحركة في حينه والتي تعرف منها مواقف الحركة تجاه مختلف القضايا.

واهتمت (حركة الجهاد الإسلامي) آنذاك بنشر المجلات والنشرات السياسية والثقاقية فحركت أجواء واسعة من الجدل السياسي والثقافي لــــم تشهده الساحة الفلسطينية من قبل، وحرص الجهاد الإسلامي) كذلك على إصدار مجموعة من الكتيبات ضمن سلسلة (دفاتر إسلامية) وسلسلة (نحو طلائع إسلامية واعية)، وأعاد طبع كتب عدة لمفكرين إسلاميين، ورافق هذا النشاط الندوات الدينية ودروس العلم والدعوة والتثقيف في المساجد والبيوت والجامعات

العمل العسكري لحركة الجهاد الإسلامي

العمل العسكري هو الشكل الأبرز والمميز الذي قامت عليه (حركة الجهاد الإسلامي)، فالحركة نشأت من أجل إدخال الاتجاه الإسلامي ساحة المواجهة المسلحة مع العدو، يضاف إليها ساحة العمل السياسي والدعوي.

 ومنذ أن وصلت طلائع الحركة إلى غزة عام ١٩٨١م بدأ بتنظيم الخلايا المسلحة، ومنذ ١٩٨٣م بدأت انطلاقة العمل العسكري المسلح لكنه في هذه السنة والسنتين التاليتين لها كان يتم ببطء، وبسرية تامة وبشكل تدريجي. ومنذ تشكيل الخلايا العسكرية الأولى انصب اهتمام الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) على تنظيمها وتدريبها وتوفير السلاح لها، فكانت محكمة إلى درجة أن الاعتقالات التي تعرضت لها كوادر وقيادات الحركـة عــام ١٩٨٣م والتحقيقات التي تعرضوا لها لم تفلح في كشف هذه الخلايا.

غادر قطاع غزة في العام ١٩٨٦م إلى لندن لإكمال الدراسات العليا، فحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة "درهــام عــام ١٩٩٠م، وسافر بعدها إلى الولايات المتحدة حيث عمل مديرا لمركز دراسات الإسلام والعالم بولاية فلوريدا والذي ساهم في تأسيسه، وعمــــل رئيساً لتحرير دورية المركز الفصلية التي صدرت بعنوان (قراءات سياسية) والتي اهتمت بالتاريخ والحضارة الإسلامية إلى جانب اهتمامهـا بالدراسات المعاصرة الخاصة بالقضية الفلسطينية والعلاقات الدولية الإستراتيجية، وقراءة وتحليل الموقف العربية والإسلامية والدولية إضافة إلى ذلك فقد عمل محاضراً في قسم الدراسات الدولية بجامعة جنوب فلوريدا.

وفي صيف ١٩٩٥ جاء إلى دمشق وكان في طريقه إلى الأرض المحتلة ليلتقي بالشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي) ويبقى إلى جانبه قرابة ستة أشهر يضعون الخطط والبرامج لتطوير العمل الجهادي داخل فلسطين، ومنتظراً تسوية أوراقه الخاصة بالعودة، إلا أنه على أثر قيام الموساد في ٢٦ أكتوبر/ تشرين أول ١٩٩٥ م، باغتيال الشهيد الدكتور (فتحي الشقاقي)، قامت قيادة الحركة، وبإجماع من مجلس الشورى باختيار الغريب على دراجة نارية فصوب رصاصات مسدسه نحو رأسه فوقــــع شهيداً، ولاذ الجاني بالفرار ونقل الجثمان إلى دمشق حيث ووري الثرى في احتفال مهيب.

الدكتور رمضان عبد الله شلّح، الأمين العام الثاني لحركة الجهاد الإسلامي:

في يوم السبت ٢٨/ ١٠/ ١٩٩٥ م بعد أن تأكدت الحركة أن الأمين العام قد استشهد اجتمع مجلس الشورى في دمشق وقرر مبايعة الدكتور (رمضان عبد الله شلح) أميناً عاماً لـ (حركة الجهاد الإسلامي). الدكتور (رمضان شلح من مواليد الشجاعية بقطاع غزة عام ١٩٥٨م)، درس الاقتصاد بجامعة الزقازيق بمصر، التحق عام ١٩٧٨م بتنظيم (الطلائع الإسلامية) الذي أسسه الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي) زمـن إقامته بمصر، فكان الدكتور (رمضان شلح) في مقدمة أعضاء التنظيم الذي بلغ حوالي الستين عضواً من الطلبة الفلسطينيين الدارسين فــــي الجامعات المصرية.

أشرف على تحرير نشرة التنظيم الداخلية المسماة (التغيير) بعد عودته إلى قطاع غزة مع النواة التأسيسية الطلابية للجهاد مطلع الثمانينات عمل في التدريس الجامعي بكلية الاقتصاد في الجامعة الإسلامية، اشتهر في تلك الفترة بدوره في الدعوة والتوعية الإسلامية وبرز خطيباً مفوها من خطباء الجهاد.

إن (حركة الجهاد الإسلامي) كانت هي أول من جمع بين الإسلامي والوطني على الأرض الفلسطينية، وفي مسيرة هذه الحركة التي تعتبر قصيرة في عمر الزمن وبالقياس إلى العمر الزمني لمعظم التنظيمات العاملة على الساحة الفلسطينية، ولكن سرعان ما أدركت من سبقوها زمنياً ثم سبقت في عملياتها الاستشهادية المتميزة، وكذلك في ثبات الموقف السياسي القائم على القناعة والمتحرر من اعتبارات المصلحة.

ويظل موقف (الجهاد الإسلامي) ثابتاً من السلطة التي أتت بها اتفاقيات فيها تفريط بحقوق الأمة الإسلامية في فلسطين، فهو لا يشارك فيها ولا في عضوية مجلسها التشريعي، لأن مثل هذه المشاركة تعتبر من الناحية القانونية والعملية اعترفا بالسلطة والاتفاقيات التي كانت أساساً لها.

وسيظل (الجهاد الإسلامي) مستعداً للمشاركة في أية خطوات للوحدة أو التكامل مع الإخوة في (حماس)، الذين هم أقرب الناس إلى فكره وأجدر الناس في أن يُوطّد علاقه بهم ويعمل على أن يجري تطويق أسباب الخلاف الذي يؤدي إلى التباعد، كما أن حركة الجهاد الإسلامي) تمديد التعاون والتآزر أو التكامل في الجهود والتشارك في الكفاح على أساس من المعرفة الأكيدة بمتطلبات الواقع ومقتضيات مستقبل الصراع مع العدو، ويظل الإسلام هو الوسيلة والغاية والامتثال لما أمر الله به والانتهاء عما نهى عنه وطلب مرضاته والاستعانة به هو الغاية القصوى والوسيلة الأكيدة لتحقيق النصر على العدو 

عرض موجز لفصول هذا الكتاب

وتحدث في (الفصل الأول) عن دواعي قيام هذه المنظمة، والأجواء السياسية التي سادت المنطقة العربية إبان ظهورها، والعوامل التي دفعت بقوة لظهورها في ساحة تعتلج بالحركات الإسلامية والقومية المختلفة في توجهاتها ومبادئها وأسلوبها، وفشل هذه الحركات في إحداث تغيير جذري في واقع العالم العربي والإسلامي.

أما في (الفصل الثاني): فتحدث عن نشأة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، على يد مؤسسها الأول فتحي الشقاقي، وأن هذه الحركة كانت تقدر أعمال وأفكار المجاهدين من المسلمين، وفي مقدمتهم: جمال الدين الأفغاني، وعز الدين القسام، وسيد قطب، والخميني، وباقر الصدر، وغيرهم، وبيّن أن نشأة الجهاد الإسلامي مرّ بمرحلتين: 

الأولى: مرحلة العمل الجماهيري والسياسي والإعلامي على يد المؤسس فتحي الشقاقي.

الثانية: مرحلة الجهاد المسلح، والتي قادها أيضاً فتحي الشقاقي.

وفي (الفصل الثالث) يتعرض إلى موقف الحركة من مشاريع الحل السلمي، من مدريد إلى خارطة الطريق، وقد عبّرت عن رفضها لكل هذه الحلول، معلنة أن فلسطين هي أرض وقف إسلامي، لا يمكن لأي اتفاق أن يمنح أي جزء منها لغير المسلمين.

وفي (الفصل الرابع) يتعرض الكاتب إلى علاقة الحركة بالفصائل والقوى الوطنية والإسلامية على الساحة الفلسطينية، بدءاً بمنظمة التحرير (التي ترفض الحركة اعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني)، وكذلك علاقة الحركة بفتح وحماس وغيرهما من الفصائل والقوى العاملة، وموقفها من المسيحيين والأقليات وموقفها من التغريب، وإقامة دولتين.

وختم أخيراً ببعض المقالات المنشورة للحركة، والأقوال المأثورة عن قادتها، سيما الشيخ المؤسس فتحي الشقاقي، والأمين العام الثاني رمضان شلح، ثم وثائق مختارة للحركة، ثم المبادئ العامة، والنظام الأساسي الذي يحدد المسار السياسي والجهادي.

قامت حركة الجهاد الإسلامي بعمليات جريئة ونوعية، قدمت فيها نماذج استشهادية مميز، ومن أهم هذه العمليات:

١- عملية نتساريم ١١/ ١١/ ١٩٩٤م، والتي نفذها الشهيد هشام حمد، وأسفرت عن مقتل خمسة جنود صهاينة وإصابة اثنين بإصابات بالغة وإصابة عشرة آخرين ما بين خطرة ومتوسطة حسب اعتراف راديو العدو في حينها

٢- عملية بيت ليد في ٢٢/ ١/ ١٩٩٥ م، والتي نفذها أنور سكر وصلاح شاكر، وأسفرت عن مقتل ٢٢ جندياً صهيونياً وإصابة أكثر من ٦٠ آخرين.

٣- عملية تل أبيب ٤/ ٣/ ١٩٩٥م، والتي أدت إلى مقتل ١٤ جندياً صهيونياً، وإصابة ١٤٠ آخرين.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق