أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 مايو 2023

رواية كما أنت 

نور الدين سليمان

بقلم: ا. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذه الرواية الرائعة، بكلماتها التي تأسر القلوب، ومعانيها التي تثير الشجون، جاءت لتبعث فينا الذكريات، وتجدد فينا بارقة الجمال، والشوق إلى لقاء المحبوب، بعبارات أقسى من فكرة الموت، لأن الشوق هنا سيقتلنا مرات كثيرة..

وكل إنسان منا له تجربته الخاصة في هذا الأمر، وبعضنا لم يخض هذه التجربة بعد، أو عافاه الله منها، لكن لا ننكر أن لكل إنسان إيمانه وغرائزه وميوله التي هي أعمق من مجرد الأفكار، ولكن ينبغي أن توجه هذه الميول لوجهتها الصحيحة، فالحب ليس عيباً، ولا ضرباً من الجنون،

ولكنه الفطرة والغريزة: أن يحب الإنسان من يشاكله في الروح والصفات، ولا تسألني كيف وماذا… لكن  ينبغي أن يعرف من يحب، ومتى يحب؟

ويحكي الكاتب، قصة رجل عشق فتاة اسمها (ليلك)؛ وجدها صدفة، فوقع حبها في قلبه، ثم فقدها فجأة، ولم يدر في أي أرض ذهبت، وما حالها ومصيرها؛ لتتفجر فيه معاني الهيام، ونار الشوق، فيذكرها في كل شيء، ويراها متمثلة في كل منظر، وبكاها طويلا حتى ما عادت تسعده عيناه بالدموع، ولا زال الشغف بلقائها يقتله، حتى نحل جسمه، وذبلت عيناه…

ما أصعب الحب، وما أجمله، لذيذ لكنه مؤلم، يقول العاشق:

أخبريني أي شــيء فيك لا يحب، وكل قطعة منك تحتاج دهراً كي تعشـق.. تمضي أيامي من دونك متثاقلة، وكأنها سلحفاة قد عول الدهر أثقاله على ظهرها فزادها بطئاً.. أخبريني، أين كان خطئي لتعاقبيني بالفراق؟ أين كان خطئي لتقطعي نياط قلبي ببعدك عني؟

كنت الوحيدة التي سكنت صدري وعششت في كل خلية داخلي، وحدك يا ليلك من سرت في عروقي، فصار الشفاء منك مستحيلاً وليس شبه مستحيل..

ثم يخاطبها؛ بلسان الروح:

ليلك يا حبيبتي ..  لم تمهليني وقتا حتى أعد ضحكاتك التي أدخلت السرور على قلبي.. أو أرى ابتسامتك التي فتحت لي أبواب الحياة.. لكن وبعد أن هجرتني..  ذهب الشغف وفقدت الأحساس وانطفأت يا ليلك..وحدي أتألم في وسط هذا العالم.. من يحس بي.. أو يضمد جرحي غيرك يا ليلك..

لم أنس تلك الأيام التي نقشنا فيها سويا حروف أسمائنا على شجر حبنا، وتعاهدنا سقيها بماء الود حتى تثمر أمانينا.. لقد اصابني الشوق إليك بعطش كاد يجتث روحي في تلك الليلة واضطربت مفاصلي كالمحتضر ..

لو سألتي دموعي لأخبرتك يا ليلك ..  لقد أدركت أن تلك الواحة الخضراء التي كنا نعيش فيها لم تكون سوى سراب خادع في جوف الصحراء..

عيناي لم تعد كما كانت يا ليلك ..  وحيدا أمشي في هذه الحياة .. ولا أستطيع التأقلم مع غيرك لأنك الجنة وحدها لا غيرك..

ألست أنا من اخبرك أنك موطني الوحيد، وبعدك هو الغربة يا ليلك.. دعيني أكتم آهاتي في صدري.. لتدوي صرخات عظيمة في جوف رأسي، فأصاب بالإغماء وأنا على قيد اليقظة..

لا تحاولي أن تنزعي حبك من قلبي، فكلما لمست قلبي بأناملك الرقيقة، تزداد جروحي جروحا اكثر يا ليلك.. اعترف لك .. بأني قد فشلت في دفن حبك وكتمانه يا ليلك! وكل ما أريده الآن هو قربك .. لعل الله يهيئ الأسباب ونجتمع سويا..

بل إنه يتخبلها بقربه، ويداعب طيفها بأفكاره؛ فيقول:

خصلات شعرك تـداعب وجهـي كلمـا طـارت مـع نسمات الليـل البـارد آنذاك.. تـارة تتحدثين وعينـاك موجهـة نحـو الأمـام، فتتركين لي بذلك بضعة لحظـات أتأمل فيهـا نـصـف وجهـك، وتارة تنظرين لي فانتقل بعيـني للنظـر إلى وشـاحك الـذي تضعينه حول رقبتـك ..

كنـت أتجنب النظر إلى عينيك مباشرة خشية من أن أتوه عن الحديث.. 

ويحلف لها أنه أحبها من صميم قلبه؛ لكنها لا ترد:

أحببتـك حبـاً صـادقاً يشهـد الله عليـه قبـل أن يشـهد الحاضرون..

المعادلة كانت بسيطة جداً، قربـك مـني يعني أنني تحت جذر السعادة، وبعـدك هـو حـزن مستحيل الحـل وألم إلى ما لانهاية.. قربـك مـني يزيـل كـلـمـة حـزن مـن قـواميس حيـاتي.. فلماذا أراك، حتى وعندما أكون بجوارك، مكتئبة !

ويختم بقوله:

قلبي لم يرتو من حكايات حبك بعد يا "شهرزادي"، ما ذنب قلب ليتألم؛ إذ أن ملكته لم تضف للألف حكاية حكايتين أخر؟.. "ألف ليلة وليلة" مرت، وربما أكثر، ومازالت فاجعتي بك تعتصر فؤادي كما لو أنها بدأت بالأمس..






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق