أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 مارس 2023

وقفات مع كتاب للدعاة فقط لأبي خالد محمد بن يوسف العجيمي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

وقفات مع كتاب للدعاة فقط

لأبي خالد محمد بن يوسف العجيمي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة عالمية كبرى، ولها تأثيرها البالغ على العالمين العربي والإسلامي، ولا شك أن الاهتمام بدراسة تراث هذه الجماعة وإنتاجها الفكري والثقافي من الأهمية بمكان، ولهذه الدعوة حسناتها الكثيرة، وفي المقابل عليها بعض المؤاخذات الكبيرة، والتي ينبغي الاعتناء بها وتقويمها، وذلك من أجل تصحيح المسار، ونصرةً للحق الذي فيها، ودفعاً للأذى والانحراف عنها.

والغاية التي يسعى الإخوان إلى تحقيقها، هي: تحكيم الكتاب والسنَّة، وتطبيق شريعة الله في شتى مناحي الحياة، والوقوف بحزم أمام سياسة فصل الدين عن الدنيا، ووقف المد العلماني، والعمل لإعلاء كلمة الله في الأرض، من خلال حركة عالمية تبعد عن مواطن الخلاف وتكوِّن الشباب عبر هذه الدعوة الربانية، لإصلاح أنفسهم وبيئاتهم وحكوماتهم، أملاً في إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية.

وقد تناوب على قيادة الجماعة وإدارتها فكرياً ودعوياً وتنظيمياً مجموعة كبيرة من العلماء الأفذاذ، والدعاة المتميزون، من مختلف المدارس الإسلامية، والذين دفعوا بها للإمام، ووضعوا لها قواعد مرنة، جعلتها تتكيف مع أصعب الظروف، وتحتك بأشد الناس وطأة، وتتعايش مع شتى الأحوال والظروف، وتُذيب كل الفوارق مع مختلف المذاهب الإسلامية داخل المدرسة السُّنية، وتتعاون مع كافة الفرق الإسلامية من طرقية وشيعة وإباضية وإسماعيلية في جو يسوده الاحترام المتبادل.

ومن هؤلاء المنظرين الشيخ جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين، والذي وضع كتابه (للدعاة فقط) للدفاع عن الجماعة وأفكارها، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا (وقفات مع كتاب للدعاة فقط) يرد فيه العجيمي على دفاع الشيخ جاسم عن بعض أبرز شخصيات الإخوان، ويثبت خطأ ما هم عليه من العقائد والأفكار المخالفة لعقيدة السلف، والأصل في العقيدة أن تكون مبنية على اليقين، حتى يستقيم العود، ويثمر الغرس.

بالاضافة إلى نقد بعض الخطوط المنهجية لدى الجماعة، ومن ذلك عدم وضوح الجماعة في علاقتها مع الفرق المختلفة، ومن ذلك ثناؤهم على ثورة الخميني، ومحاولاتهم التقارب مع الشيعة في ظل التظاهر الواضح على الفكر السُّني وشتم رموزه، وعند النظر في الكتاب تجد الحوار يجري مع سعيد حوى وفي كتابه (تربيتنا الروحية) بوجه خاص لأنه المنظر الأول فيما يتعلق بالتصوف الإخواني، وحوار آخر مع عمر التلمساني فيما يتعلق بزاوية التشيع؛ لكونه أحد أبرز المؤيدين لثورة الخميني، ومن ثمَّ فتحي يكن، والشيخ محمد الغزالي، وحسن الترابي وراشد الغنوجي.

ويأتي هذا الكتاب في سلسلة الردود العلمية على جماعة الإخوان المسلمين، والتي تناولتها المؤلفات بالنقد على سبيل المثال: (فتاوى اللجنة الدائمة) بالمملكة العربية السعودية، وكتاب (نظرات في مناهج الإخوان المسلمين لأحمد سلام، و(الطريق إلى الجماعة الأم) لعثمان نوح. و(دعوة الإخوان المسلمين في ميزان الإسلام) لفريد الثبيت، و(الحصاد المر) للشيخ أيمن الظواهري، وذكر الشيخ عبد الله الموصلي في كتابه (حقيقة الشيعة =حتى لا تنخدع) رسالة وجهها إلى الإخوان المسلمين، بيّن فيها ضلالات الشيعة وحذّر من التعاطف معهم.

وينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن بعض هؤلاء المفكرين والمنظرين اضطرب في بعض المسائل العقدية والفقهية؛ لأنهم ذوي خلفيات دينية سابقة، ومدارس عقدية متنوعة، ومن بيئات ثقافية متعددة، وعليه فلا بد لكتاباتهم أن تتأثر بتلك الأفكار الموروثة في بلادهم، والقناعات الشخصية التي يتبناها كل فرد منهم، والتي لا تعني مطلقاً أن جميع أبناء الجماعة يدينون بها، أو يمكن إدانتهم بها، وعليه فإن محاكمة الشيخ جاسم الياسين لآراء عمر التلمساني -مثلاً وغيره من المتصدرين للتنظير هي محاكمة غير عادلة.

بل إن آراء الإخوان في اليمن تختلف عن آرائهم في سوريا ولبنان، تختلف عنها في مصر والسودان، تختلف عنها في تركيا وبلاد المهجر، وإنما يلتقي الجميع على محاور دعوية وتنظيمية ذات أبعاد اجتماعية وسياسية وحركية ضمن الإطار العام الموجه والمهيمن على المجموع، وهذا بالطبع ليس تبريراً، وإنما هو تفسير منطقي لتلك التلونات الفكرية والثقافية والسياسية.

وقد خاض الإخوان المسلمون تجارب سياسية كثيرة، باء أكثرها بالفشل، عدا التجربة الغزيّة والتي استمرت حتى يومنا هذا، ففي تونس قدم الإخوان استقالتهم بعد اعترافهم بالعجز عن إدارة الدولة، ولم يسلموا بل قُدموا للمحاكمة، ثم شهدت مصر أبشع انقلاب عسكري في ظل السذاجة والعفوية في إدارة الجماعة لمقاليد الحكم الجديد، هذا مع العداء التاريخي بين نظام الحكم في مصر والجماعة منذ تأسيسها، وفي تركيا ظهرت مفاهيم جديدة توائم بين العلمانية والإسلام، تحت مظلة (الدولة المدنية)، وقس على ذلك.

إننا لا نشك في صدق هذه الجماعة، وكونها من العاملين صالح الإسلام، وأنها تعرضت لظلم كبير من الأنظمة المستبدة، والتي أفرزت واقعاً سيئاً للمسلمين، ولكن وسائلها محدودة، وتأثيرها قليل جداً، كما أن طريقتها قديمة لا تواكب العصر الحديث، وقد فقدت الجماعة كلمتها التي تلتزم بها جميع الإخوان في كل أنحاء العالم، وعلى ذلك يلزمها أن تعيد النظر في طرق القيادة وطبيعة الأنشطة، وتحاول إصلاح كل تلك الأخطاء والتراكمات التي لم يعد بالإمكان السكوت عليها.

وقد جعل المؤلف كتابه هذا في تسع وقفات، وبيانها كما يلي:

الوقفة الأولى: موقف الإخوان من مسائل الإيمان والتوحيد.

الوقفة الثانية: موقف الإخوان من التصوف.

الوقفة الثالثة: موقف الإخوان من التشيع.

الوقفة الرابعة: جماعة الإخوان هي جماعة من المسلمين

الوقفة الخامسة: المواقف السياسية لدعوة الإخوان المسلمين.

الوقفة السادسة: موقف جماعة الإخوان المسلمين من الجماعات الأخرى.

الوقفة السابعة: الشيخ جاسم الياسين وعباراته الشديدة.

الوقفة الثامنة: موقف المرشد العام الجديد للإخوان المسلمين حامد أبو النصر.

الوقفة التاسعة: خاتمة

أما الخاتمة؛ فقال فيها:

إن الأخطاء التي تكلمتُ عليها والموجودة في منهج دعوة الإخوان المسلمين أخطاء تتعلق بأمور العقيدة وأمور الفكر الإسلامي، والولاء والبراء وغير ذلك من الأمور والقضايا الأصولية في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.. وكل ما ذكرته من الشبه والأخطاء الموجودة في دعوة الإخوان المسلمين قد كتبه وسطره قادة ومفكرو وثقات الإخوان الذين بكتاباتهم يعرف منهج الجماعة وهذا ما قاله الأخ جاسم في كتابه في ص (۷۱) حيث قال ما نصه وحرفه «إن الدعوات تسمو وتظهر بظهور أفرادها وسموهم، وتعرف الحركة سلباً وإيجاباً بمنهجها النظري المقروء من خلال كتبها المكتوبة من الثقات من أصحاب الحركة؛ فكل ما كتبته ونقلته عن دعوة الإخوان وأخطائها موجود في كتب ثقاتها وقادتها وأصحاب الفكر والحركة فيها.

وهدفنا من ذلك النصح هو بيان الأخطاء وذلك حتى يسهل الإصلاح على من أراده لاسيما وأن كثيراً من شباب الحركة الإسلامية يقرأ هذه الأخطاء ولثقته بأصحاب هذه الكتابات تراه يجادل ويناظر في إثبات صحة هذه الأخطاء؛ لذلك رأيت لزاماً علي أن أبين هذه الأخطاء وأعزوها إلى مصادرها حتى لا يغتر الشاب المسلم ويبدأ بعد ذلك يصحح مفاهيمه ويراجع نفسه ويبدأ في مناقشة هذه الأفكار وعرضها على الكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة ومنهج السلف الصالح.

فإن من فعل ذلك في كل ما يعرض عليه من فكرة وغيره من قضايا فإنه إن شاء الله سيصل إلى الحق ويتبين له الخير من الشر وعلى شباب الدعوة الإسلامية أن يتجردوا الله ولا تأخذهم الأهواء والعصبيات للأشخاص ويكونوا كما جاء في الأثر الصحيح: (لا يكن أحدكم إمعة يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أحسنوا، وإن أساءوا تجتنبوا إساءتهم).




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق