أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 نوفمبر 2024

معارج العلوم من الأميّة إلى الإمامة د. محمد محمد الأسطل بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

معارج العلوم من الأميّة إلى الإمامة

د. محمد محمد الأسطل

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

         تمهيد: هذا الكتاب النفيس بمقدماته ومباحثه ومطالبه، للبحّاثة الشيخ محمد الأسطل، هو سُلم علميٌّ رصين، يضبط مسير الطالب في رحلته العلمية، ودرج يرتقي من خلاله مراقي العلوم الشرعية والإنسانية، وينتقل به أيضاً من الأمية إلى الإمامة والريادة.

 وقد أجاد مُقدمه الشيخ الكبير محمد خالد كلاب –حفظه الله –في تقديمه المتألف للكتاب، حتى أتى فوق ما فيه من النصاعة، فزاده بحسن بيانه تألقاً ونضارة، وقد نظّر في هذه المقدمة لأهمية حفظ العلم وضبطه ومذاكرته، وإدامة التأمل فيه، والتفرغ له، من أجل ترسيخ المعارف وتحصيل الملكة، وقد أتى المؤلف على ذلك بالتفصيل في ثنايا كتابه.

وقد أحسن المؤلف في إيجاد إجابات واضحة عن مهمات تفاصيل البرنامج العلمي، وردم مظاهر الحسرة والتشتت لدى الطالب في نصف كتابه الأول بما يدل على المهارة العالية والفقه الكبير في قضية الطلب، وكذلك غوصه في الكتب التي تحدثت بخصوص هذا الموضوع، وساعده في ذلك سؤاله أهل التجرية والخبرة من العلماء في عالمنا الإسلامي.

         يقول المؤلف: "ومن مقاصد الكتاب تبليغ الطالب مرحلة المنتهي بأخصر سبيل من غير قفزٍ أو إخلال، وإيلاجه بحور العلم، والتخصص الموسوعي فيه؛ ليرى أنواره، ويطلع على الفقه العالي للشريعة، ويعلم أن الرسوخ في العلم والإمامة فيه شيءٌ ممكن".

         وقبل الولوج في تفاصيل هذا الكتاب لا بُد من ملاحظة هامة تأتي على النصف الثاني من الكتاب، وبشكل خاص الفصل الخامس منه، فيما يتعلق بالمنهجية التي اختارها المؤلف في سلمه التعليمي، فإنه بعد المقدمات الرائعة التي وشّى بها أوائل الكتاب، لم يراعي تلك الجودة والمستوى في أخريات الكتاب، فالسلم الذي وضعه هو نُتفٌ متشعبة من منهجيات متعددة من أقطار مختلفة، وقد أدى هذا إلى حشوٍ كثير، واستطرادات يمكن الاستغناء عنها، وانعكس ذلك من خلال التشتت في رسم المنهجية الصحيحة، أو انتقاء الكتب بصورة سليمة.

         ومن الملاحظ في سلم المؤلف: الحشد الكبير للكتب والذي لا يطيقه متقدم في الطلب ناهيك عن المبتدئ والمتوسط، بالإضافة إلى المبالغة الكبيرة في التأطير لكتب الآلة مع أن المقصود منها الكفاية في الفهم، مع إهمال العناية بالكتب الرئيسية في العلوم الشرعية، وهذا يعني أنه ينبغي وضع سلم يتناسب مع الطالب ضمن مستويات أو مراحل، في كل مرحلة يدرس كتباً لكل فنٍّ من الفنون الشرعية والإنسانية، وما بعد ذلك يضع برنامجاً يتناول الموسوعات والمؤلفات الضخمة والكبيرة.

         وقد أحسن المؤلف إذ اختصر "معارجه" في تسعة وعشرين صفحة (من ص 398 إلى 427)، وهذا يفيد من يحب المراجعة أو الحفظ لهذه المنهجية والاستفادة منها بشكل عملي.

         ويتألف الكتاب من مقدمة، وخمسة فصول، وهي:

الفصل الأول: في خارطة العلوم وأنواعها، وأهمية العلوم الإنسانية، ومنهج التلقي.

الفصل الثاني: تحصيل العلم بالقراءة بشتى أنواعها، والكلام على فقهها، والحفا على العلم بالضبط والحفظ، وما يتعلق بذلك من فقه وطرائق وخطوات ونماذج.

الفصل الثالث: فقه الإنتاج العلمي تدريساً وتأليفاً، وعن كيفية صناعة المعرفة واختراعها، وما تتطلبه من تحصيل الملكة العلمية، وكذلك فقه حضور الطالب إلى مجلس العلم، وآفات التدريس العلمي وعلاجها، ودور المعلم في البناء والتحصيل.

الفصل الرابع: مراقي تزكية النفس ومقومات النبوغ، وابرز الآفات التي تعترض طريق الطالب.

الفصل الخامس: المعارج العلمية مفصّلة، وقد صدرها بخطة تمهيدية تصلح للعامي والمثقف، فيما لو أراد الاقتصار على ذلك، ليكون بمثابة المدخل التمهيدي لطالب العلم.

تنقسم العلوم إلى قسمين: علوم دينية، وعلوم دنيوية يحتاجها المتفقه.

أما العلوم الدنيوية التي يحتاجها المتفقه في الدين، فهي العلوم الإنسانية، وهي العلوم التي تتناول المجتمع البشري بما يتضمنه من مظاهر، ومن أهمها (9) تسعة علوم، وهي:

علم الإدارة –علم النفس –علم الاجتماع –علم الاقتصاد -والسياسة –والإعلام –والتاريخ –والجغرافية الطبيعية –والجغرافية السياسية.

أما العلوم الدينية (فهي سبعة أقسام)، تتضمن (58) ثمانية وخمسين علماً.

نضعها هنا للفائدة، وهي كما يلي:

أولاً: علوم العربية (وينتظم فيها اثني عشر علماً):

النحو –الصرف –البلاغة –فقه اللغة (ويضم تاريخ وخصائص اللغة) –المعاجم (وتسمى متن اللغة)، الاشتقاق –الدلالة اللغوية –الأدب (ويضم أشعار العرب وأيامهم وأساليب النقد الأدبي) –العروض والقافية –الخط والإملاء- الأصوات (وتضم مخارج الحروف وصفاتها وتفاعلها مع بعضها) –تاريخ النحو والمدخل لدراسته.

ثانياً: التفسير وعلوم القرآن، وفيه (تسعة عشر علماً):

-فضائل القرآن –غريب القرآن –معاني القرآن –مشكل القرآن–أصول التفسير وقواعده –أسباب النزول –مقاصد السور –علم المناسبات –فقه التدبر –طبقات المفسرين –مناهج المفسرين –أحكام التلاوة والتجويد –القراءات –الرسم والضبط –إعراب القرآن –تاريخ التفسير والمفسرون –تفسير القرآن بأنواعه الثلاثة (إجمالي، تحليلي، موضوعي).

ثالثاً: الحديث وعلومه، وفيه (أربعة عشر علماً):

-شروح الكتب الستة –غريب الحديث –مختلف الحديث وإشكاله –أسباب الورود والإيراد –دراسة الأسانيد –الجرح والتعديل –العلل –الطبقات والرجال –التخريج –مصطلح الحديث –مناهج المحدثين –السيرة النبوية –الشمائل المحمدية –مدخل إلى علم السنة والتدوين ودفع الشبهات.

رابعاً: العقيدة (وتتضمن تسع علوم):

-أركان الإيمان وما يتعلق بها –ملحقات الاعتقاد كالكلام في الصحابة والكرامات والأخلاق –علم الفرق وهو العلم الذي يدرس مقالات الإسلاميين في العقائد –علم الأديان ويدرس مقالات غير الإسلاميين في العقائد –المذاهب الفكرية المعاصرة ويدرس أهم المذاب العقدية سواء داخل الدائرة الإسلامية أم لا –مناهج الاستدلال وتقرير المسائل –قواعد المناظرة وأصول التعامل مع المخالف –الفلسفة وهذا العلم والذي قبله علوم خادمة لعلوم الشريعة عامة وعلم العقيدة خاصة وليست من صلب مسائله –مدخل إلى دراسة علم العقيدة.

خامساً: الفقه (ويتضمن أربعة عشر علماً):

الفقه المذهبي سواء كتب المذاهب الأربعة المتبوعة أو المذاهب الشخصية للأئمة –آيات الأحكام –أحاديث الأحكام –القواعد الفقهية –الفروق الفقهية –الفقه المقارن –الفتاوى وطرق الفتوى –السياسة الشرعية –الاقتصاد الإسلامي –القضاء –الفقه المعاصر ويتضمن النوازل المستجدة وفقه الجماعة المسلمة والوصف الاجتماعي والتعليمي كالفقه الطبي –طبقات الفقهاء –تاريخ الفقه (المدخل إلى دراسته)

سادساً: أصول الفقه، (ويتضمن ست علوم):

مسائله، والقواعد الأصولية –مقاصد الشريعة الإسلامية –علم الجدل، والتخريج الأصولي، ومنه: تخريج الفروع على الأصول ومنه تخريج الفروع على الفروع –وتخريج الأصول على الأصول.

سابعاً: التزكية والسلوك:

وفي الختام أدرج بعض المتون العلمية التي ينبغي على طالب العلم حفظها وضبطها (مع مراعاة المذهب الفقهي في السلم التعليمي)، ويمكن أن يستعملها في طلبه للعلم ويحصل له بها انتفاع كبير.

ونردف أيضاً: جدولاً علمياً لحفظ المتون ودراستها في ست مستويات، وهي كما يلي:

م

العلوم

1

2

3

4

5

6

1

العقيدة

الأصول الثلاثة

لمعة الاعتقاد

التوحيد

الواسطية

الطحاوية

سلم الوصول للحكمي 290 بيت

2

الحديث

الأربعون النووية

جامع العلوم والحكم

رياض الصالحين

عمدة الأحكام

بلوغ المرام

اللؤلؤ والمرجان

3

الفقه

سفينة الصلاة

سفينة النجاة

المقدمة الحضرمية

متن أبي شجاع

الإقناع 

منهاج الطالبين

4

علوم القرآن

مقدمة أصول التفسير

منظومة أصول التفسير للزمزمي

 

 

5

علوم الحديث

البيقونية

نخبة الفكر

الموقظة

ألفية السيوطي

ألفية العراقي

6

أصول الفقه

الورقات

رسالة لطيفة جامعة للسعدي

مراقي السعود

7

القواعد الفقهية

منظومة السعدي في القواعد الفقهية

 

8

النحو

الآجرومية

ملحة الإعراب للحريري

ألفية ابن مالك

 

9

والبلاغة

الجوهر المكنون في علم البلاغة

عقود الجمان في علم معاني والبيان

10

اللغة والعروض

مثلث قطرب

الرامزة في علم العروض

 

 

11

الإملاء والبحث

حاشية العذراء في قواعد الإملاء

آداب البحث والمناظرة

 

12

السيرة

نيل السول 970 بيت

ألفية السيرة 1000 بيت

 

 

13

الشمائل

الشمائل المحمدية للترمذي

 

 

 

14

الأذكار

الكلم الطيب 250 ح

الأذكار للنووي

 

 

15

المنطق

السلم المنورق

 

 

 

16

التلاوة والتجويد

تحفة الأطفال للجمزوري 68 بيت

منظومة الجزرية

109 بيت

 

 

 




 


فضل آل البيت للمقريزي لأحمد بن علي المقريزي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

فضل آل البيت للمقريزي

لأحمد بن علي المقريزي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

  

تمهيد: هذه رسالة نفيسة، عالج فيها المقريزي رحمه الله قضية محبة آل البيت من خلال شرحه لخمس آيات من كتاب الله تعالى، الأولى: (إنما يريد الله أن يُذهب عنكم الرجس أهل البيت)، والثانية: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم)، والثالثة: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان أبوهما صالحاً)، والرابعة: (جنات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم)، والخامسة: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، وقد جعل المقريزي هذه الآيات أصولاً يستند إليها في بحثه، الذي يدور حول ما لآل البيت من الحقوق والفضائل، وما يجب في حقهم من التوقير والتعظيم والنصرة والمحبة.

واعتمد في تفسير هذه الآيات على أشهر كتب التفسير في عصره، وهي: تفسير الطبري، والقرطبي، وابن عطية الأندلسي، والطوفي، بالإضافة إلى كلام غيرهم من أئمة التفسير، ثم أورد من الأحاديث ما يؤيد تلك التفاسير ويُدعمها، باعتبارها شواهد معضدة للمعنى، وكذلك بيان لما أُجمل في تلك الآيات.

ولا شك أن المقريزي وهو عالم ومؤرخ وكاتب معروف، صاحب عقلية ثاقبة، وفهم دقيق، ولذا لم يقف عند حدود النقل من هذه المصادر، بل تخطاها إلى مرحلة أخرى سلك فيها طريق الباحث المدقق، الذي يسعى وراء الحقيقة، ويُقدم بين يديها حشداً من الأدلة والبراهين التي اطمأن لها عقله، وأرد إليها تفكيره، بعد تحليل متأنٍ ومناقشة مستنيرة، فكان صاحب رأي فيما قدم لنا من آراء غيره، نراه مثلاً عندما نعرض لتفسير قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القُربى)، قال: "ولا اعتبار بقول الكلبي بأنهم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة؛ فإنه توجد له أشياء من هذا التفسير ما لو كان في زمن السلف الصالح لمنعوه من ذلك، وحجروا عليه...".

ثالثها: أن المقريزي لم يوجه كلمة نقد واحدة لنجم الدين الطوفي، حين علق على حصر "الشيعة" معنى "القربى في الآية في أولاد علي وفاطمة خاصة، فقال: "وعند هذا استطال الشيعة وزعموا أن الصحابة رضي الله عنهم خالفوا هذا الأمر، ونكثوا هذا العهد، بأذاهم أهل البيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم...".

والذي لا شك فيه أن ميول المقريزي إلى أهل البيت كانت واضحة؛ ولكنها لم تخرجه عن النصفة والعدالة، وهو يعرض لقضية من قضاياهم الكثيرة، فإنه لم يبن حكماً أبرمه في شيء من ذلك إلا على أساس من قوانين العلم وأدلة المنطق.

وبعد أن استوفى المقريزي الكلام في شرح الآيات الخمس، ختم رسالته بفصلٍ لطيف سرد فيه مجموعة من الرؤى والحكايات، اعتمد فيها على السماع من شيوخه ومعاصريه، وقصد منها إظهار مدى حُب الرسول صلى الله عليه وسلم لآل بيته، وتألمه مما يُصيبهم من مكروه على يد مُبغضيهم، فيكون لشيوع تلك الرؤى أثره في ترقيق قلوب الناس عليهم، وجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، والأرواح تهيم بمحبتهم ومودتهم.

ومما سبق نخلص إلى أن هذا الكتاب دليل واضح على تمتع المقريزي بعقلية علمية منظمة، استطاعت أن تجمع كمية من الشعاعات المتفرقة هنا وهناك، وأن يكوّن منها في براعة واستيعاب حزمة من الضوء، بهرت منها الأبصار.

المقريزي في سطور:

هو أحمد بن علي بن عبد القادر تقي الدين المقريزي أشهر مؤرخي مصر الإسلامية في القرن التاسع عشر. ولد بالقاهرة في حارة "برجوان" بالجمالية سنة 766 هـ/ 1364م، وأصله من "بعلبك"، ثم هاجرت أسرته واستقر بها المقام في مصر.

بدأ حياته العلمية بالقاهرة بين أسرة عُرفت بالعلم والفضل؛ فحفظ القرآن الكريم، وتلقى مختلف العلوم والفنون على نخبة من علماء مصر المرموقين.

شهد المقريزي نهاية دولة المماليك البحرية (648 -784 هـ/ 1250 -1382م)، وبداية دولة المماليك البرجية (الجراكسة) (784 - 923هـ/ 1382 -1517م)، ومن أبرز السلاطين الذين عاصرهم: الظاهر سيف الدين برقوق، وابنه الناصر أبو السعادات فرج بن برقوق، والمؤيد شيخ المحمودي، وسيف الدين قطز، والأشرف برسباي.

 تولى عدة وظائف في الدولة المصرية؛ فقد ولي وظيفة "الحسبة"، وهي تشمل جملة اختصاصات منها: ضبط الأسعار والموازين، والمكاييل والمقاييس، والعناية بالمنشآت العامة، والصناعات التي لها علاقة مباشرة بصحة المواطنين والمحافظة على الآداب العامة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما تولى الخطابة والتدريس في أشهر مساجد القاهرة، وعلى رأسها جامع عمرو بن العاص، بالإضافة إلى توليه القضاء نائباً عن قاضي القضاة الشافعي، ثم تفرغ أخيراً لكتابة التاريخ، حتى اشتهر ذكره وبعد فيه صيته، كما يقول السخاوي.

زادت مؤلفات المقريزي على مائتي مجدلة، أرخ في جزء كبير منها لمصر: سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وعمرانياً، مثل: كتاب (عقد جواهر الأسفاط من أخبار مدينة الفسطاط)، و(اتعاظ الحنفا بأخبار الفاطميين الخلفا)، و(السلوك لمعرفة دول الملوك)، و(درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة)، ثم موسوعته الكبرى (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار).

كما أرخ في السيرة والتاريخ العام، مثل كتاب (الخبر عن البشر)، و(إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والحفدة والمتاع)، و(الدرر المضية في تاريخ الدولة الإسلامية)، و(منتخب التذكرة) الخ.

وللمقريزي مجموعة من رسائل صغيرة عالج فيها بعض القضايا التاريخية الحاصلة، مثل: (النزاع والتخاصم بين بني أمية وبني هام)، و(ضوء الساري في معرفة خبر تميم الداري)، أو القضايا الاقتصادية مثل كتاب (إغاثة الأمة بكشف الغمة)، و(شذور العقود في ذكر النقود)، أو العلمية، مثل: (المقاصد السنية لمعرفة الأجسام المعدنية)، و(الإشارة والإيماء إلى حل لغز الماء)، أو الاجتماعية مثل: (الطرفة الغريبة من أخبار حضرموت العجيبة).

رحل المقريزي عدة مرات إلى بعض الأقطار الإسلامية، فحج بيت الله الحرام، وجاور بمكة سنوات، كما دخل دمشق، وعاش فيها مدة، تولى خلالها نظارة بعض الأوقاف، وتدريس علم الحديث في المدرسة الأشرفية والإقبالية.

كان من أبرز تلاميذ العلامة ابن خلدون، وقد تأثر بمنهجه في كتابة التاريخ تأثراً عميقاً، وساعده على سلوك هذا المنهج وقوفه على أحوال المجتمع المصري، وتبصُّره بعاداته وتقاليده، وامتزاجه بجميع الطوائف المصرية. توفي المقريزي عصر يوم الخميس 16 من رمضان سنة 845 هـ، بعد حياة امتدت نحو ثمانين عاماً، قدم خلالها تراثاً تاريخياً مجيداً، تعتز به الإنسانية في كل مرحلة من مراحل حياتها الفكرية.