أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أكتوبر 2022

عرف التعريف بالمولد الشريف للإمام المقرئ محمد بن محمد الجزري (ت ٨٣٣ هـ) بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة

عرف التعريف بالمولد الشريف

للإمام المقرئ محمد بن محمد الجزري (ت ٨٣٣ هـ)

بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ لم يكن مولده صلى الله عليه وسلم حدثاً عادياً في تاريخ البشرية، بل كان مولده حدثاً عظيماً تحدثت به فارس والروم وممالك الشرق والغرب، وتنبأت به الرهبان والأحبار والكهان، فرأى هرقل في السماء ليلة مولده ملك الختان، وتزينت لمقدمه الأكوان، وحارت في أمرها الجان بعد أن منعت من خبر السماء، وبزغ نجم أحمد للعالمين، فكان خاتم عقد الأنبياء، واللبنة التي يتم بها البناء، وكان مولده الشريف ربيعاً للقلوب، وجلاءً للغموم والكروب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

وهذا المولد المختصر والمسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) من تأليف العلامة شيخ القراء شمس الدين أبي الخير محمد بن محمد الجزري الدمشقي، ألفه احتفاءً بمولد سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، وهو مختصر من مولده الكبير الذي ذكره جماعةٌ ممن ترجموا له، كالسخاوي في "الضوء اللامع"، وقد ساق إسناده زكريا الأنصاري في مشيخته (ص ٢٢٣) عن شيخه أبي النعيم رضوان المستملي سماعاً، بسماعه على مؤلفه، ونقل عنه السيوطي في "فتاويه"، وأسنده في "مشيخته، وذكره القسطلاني في "المواهب اللدنية".

وذكر فيه ابن الجزري: النسب الشريف، وساق في ذلك جملة من الأحاديث بأسانيده، مع بيان غريبها، ثم شرع في بيان قصة المولد، وفيه:

ذكر حمل آمنة به في يوم الاثنين من رجب، وكان عبد الله إذ ذاك ابن ثلاثين سنة، وذكر البشارة التي جاءت أمه حين حملت به، قال: وولد النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين بلا خلاف، في شهر ربيع الأول على الصحيح، ليلة الثاني عشر على الأصح، عام القيل على المشهور، ثم ذكر إرهاصات مولده صلى الله عليه وسلم، وتسميته، وفرح جده وأقاربه بمولده، ومكان ولادته، وآيات مولده، ثم رضاعه وحضانته ونشأته حتى ردته حليمة وهو ابن خمس سنين وشهر، ثم قصته مع بحيرا الراهب وهو ابن ثنتي عشر سنة، ثم زواجه من خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، ثم قصة مشاركته في بناء الكعبة وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وبعثته وهو على رأس الأربعين، ثم موت عمه أبو طالب في السنة العاشرة من البعثة وخديجة بعده بثلاثة أيام، ثم حادثة الإسراء في السنة الثانية عشر من النبوة في السابع والعشرين من رجب، حيث فرضت عليه الصلاة، ثم هجرته إلى المدينة في السنة الثالثة عشر من النبوة وما جرى له من المعجزات وقصته مع سراقة بن مالك، ثم دخوله المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الآخر، ثم رؤيا الأذان، وتشريع الصلوات، والزكاة، وفرضية الجهاد، وتحويل القبلة يوم الثلاثاء في النصف من شعبان من السنة الثانية للهجرة، وفرض الصوم في أواخر شعبان، ثم وقعة بدر في السابع عشر من رمضان للسنة الثانية، وفي الثامن والعشرين من رمضان فُرضت زكاة الفطر، وحرمت الخمر في شوال من السنة الثالثة وولد الحسن بن علي أيضاً، وفي السنة الرابعة نزلت آية التيمم وولد الحسين بن علي. وفي السنة الخامسة شرعت صلاة الخوف، وكانت غزوة الحديبية مستهل السنة السادسة، وفي السنة السابعة كانت عمرة القضاء، ثم فتح مكة في رمضان سنة ثمان للهجرة، وفرض الحج سنة تسع على الصحيح، ثم حجُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة، ثم بدء وجعه في يوم الأربعاء من شهر صفة للعام الحادي عشر للهجرة، ووفاته في الثاني عشر من ربيع الأول.

ثم عقد فصلاً بعد ذلك في كمال نعته وصفته صلى الله عليه وسلم، وكريم أخلاقه، وحسن عشرته، وطيب صحبته، وما جاء في شجاعته وكرمه ونصحه وسماحته ووفور عقله، وكمال لبه، وعظيم حيائه، وكثرة ذكره لله، وصلاته بالليل، ودوام شكره.

ثم ذكر بعده فصلاً في معجزاته، وأعظمها القرآن، وانشقاق القمر، وكلام الظبي، وإخباره بالمغيبات والفتوح، وكلام الشاة، وحركة الجبل تحته، ورؤيته مشارق الأرض ومغاربها، ونبع الماء من بين أصابعه في الحديبية، وتسبيح الحصى في كفه، وتسليم الحجر عليه، وشهادة الذئب له بالنبوة، وسماعه شكوى البعير، ومجيء الشجرة له تشق الأرض شقاً، وإقبال الهدي عليه كي ينحرها، وردّه عين قتادة التي أصيبت يوم أحد، وتفله في عين عليٍّ فبرئت من الرمد، وكسرت رجل عبد الله بن عسل فمسحها فبرئت، وأخبر بمصارع المشركين في بدر، وأخبر عن غزو البحر ومصيبة عثمان وإصلاح الحسن بين فرقتين من المسلمين، وأخبر بمقتل الأسود العنسي ليلة مقتله، وأخبر عن رجلٍ بأنه من أهل النار وكان نحر نفسه، وشكي إليه القحط فدعا الله ونزل المطر ثم شكي إليه كثرته فدعا الله فحجبه إلى المناطق البعيدة، وأكعم أهل الخندق من قرص الشعير، وأطعم الجماعة من تمرٍ يسير لم يملأ كفه، وأطعم في منزل أبي طلحة ثمانين رجلاً من أقراص الشعير، وأطعم القوم من مزود أبي هريرة حتى شبعوا ثم ردَّ ما بقي منه، وغير ذلك.

ثم ذكر فضله وشرفه على العالمين، فقال: واصطفاه الله تعالى بالمحبة، والخلة، والقرب، والدنو، والمعراج، والصلاة بالأنبياء عليهم السلام، وبالشهادة، ولواء الحمد، والوسيلة، والبشارة، والنذارة، والهداية، والأمانة، والرحمة للعالمين، وإعطاء الكوثر، والرضا، وإتمام النعمة، ومغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، وعز النصر، والتأييد بالملائكة، ونزول السكينة، وإيتاء الكتاب والحكمة، والسبع المثاني، وإجابة دعوته، والقسم باسمه، .. والإبراء من الآلام، والعصمة من الناس، وصلاة الله عليه وملائكته وغير ذلك.

ويرويه المحقق (محمد أبو الخير الملقي الميداني) مسلسلاً بالدمشقيين، عن مشايخه: سليم أبو ضاهر، وتيسير المخزومي، عن عبد القادر القصاب، عن بكري العطار، عن حسن البيطار، عن عبد الرحمن الكزبري 

(ح) وأعلا منه عن شيخه مرشد عابدين، عن أبيه أبي الخير، عن أحمد مسلم الكزبري، ومحمود الحمزاوي، كلاهما عن عبد الرحمن الكزبري.

(ح) ومساوٍ له عن شيخه رياض المالح ومطيع الحافظ، عن عبد المحسن الإسطواني، عن الحمزاوي، عن الكزبري، عن مصطفى الرحمتي، عن عبد الغني النابلسي، عن النجم بدر الدين الغزي، عن أبيه، عن القاضي زكريا الأنصاري، عن رضوان العقبي سماعاً، عن المؤلف سماعاً منه.




الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

مولد الإمام البرزنجي لزين العابدين جعفر بن حسن بن عبد الكريم الشهير بـ البرزنجي المتوفى سنة (١١٧٧ هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

مولد الإمام البرزنجي

لزين العابدين جعفر بن حسن بن عبد الكريم الشهير بـ البرزنجي

المتوفى سنة (١١٧٧ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ بعيداً عن المقدمات الهوجاء (أعني بها مقدمة بسام بارود)، التي تنتهز الكلمات، وتنض بالحقد والسَّفه، وتدور حول التنابز والتشهير، وتعجُّ بالخرافة وسوء الفهم، مع السطحية الباردة والأدب المصطنع، والذوق الفارغ، والتبالس العجيب في سبيل تهييج العواطف ضد من يناصبه العداء في الفكر والمنهج والمسلك.

لا بُدَّ من كلمةٍ في مستهل هذا الكتاب، والتي قد تجلو كثيراً من الغبش عن بصائر كثيرٍ من الناس، سواءً الموافق منهم والمخالف، ولا يماري ولا يجادل في أحقيتها أحد، وهي:

أن المسلمين جميعاً يعتقدون اعتقاداً جازماً أن الحب الحقيقي لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يكون بفهم دينه، وفقه شريعته أولاً. 

ثم التمسك والاعتصام بهديه، والتعلق والعشق لسنته ثانياً.

ثم اقتفاء خطاه اعتقاداً وفكراً وسلوكاً، وقولاً وعملاً في إطار الوسطية واليُسر والمرونة، والحكمة التي أمرنا بها الحبيب صلى الله عليه وسلم ثالثاً.

 مع اعتقادنا الجازم وفهمنا الواضح الصريح أن من يترك بعض السنة تقصيراً وكسلاً ليس بفاسق ولا فاجر، وإن كان يرتكب ما يلام عليه في الآخرة رابعاً.

وكل من ألّف في المولد أو دعا إليه؛ فله فيه قصد حسن، ونيهٌ حسنة، يُثاب عليها، ولكن ذات الفعل مختلف فيه بحسب ما يتضمنه من الأمور الحسنة من الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وذكر شمائله، وأوصافه الكريمة، والمدئح المعتدلة التي لا شطط فيها ولا غلو، بعيداً عن شيوخ التفريط والبدعة وأصحاب الأعمال السَّمجة والمشينة.

ولا شك أن الاحتفال المولد ارتبط تاريخياً بالتصوف، وإن كانت نشأته الحقيقية في زمن العبيديين، ثم ظهر بظهور الملك المظفر سيف الدين قطز في منتصف القرن السابع، وسار الناس على ذلك، تخليداً لأعماله البطولية والمشرفة، وامتد ذلك إلى زماننا المعاصر، وأيده كثيرٌ من العلماء.

واشتدَّ الرفض لهذه البدعة في مطلع القرن الحادي عشر الهجري، ولأصحابه سلف في ذلك، ثم دعا إليه النشاط الأشعري المعاصر، في جملة الأنشطة المتعددة التي يقومون بها بإزاء المدرسة السلفية، والذي نلمس أثره في إقحام المتون العقدية داخل كتب الموالد، وبين أبيات المدائح النبوية.

 وللأسف فإن المولد يعتبر موسماً سنوياً يستظهر فيه أعداء الفكر السلفي بعوام المسلمين؛ لأجل مناكفة السلفيين، وينشرون بإزائه كل ما ينكره السلفيون أو يعدونه من البدع المنكرة من استغاثات وحلقات رقص، وأدعية ختم المولد، وأدعية تقرأ قبل المولد، وتلقين الميت، وأدعية النصف من شعبان، وغير ذلك.

وجاء في أول هذا الكتاب رسالة (القول الواضح المفيد في قراءة المولد في كل عام جديد)، للشيخ محمد بن أحمد بن حسن الخزرجي، وهي مقدمة لطيفة تتضمن استحباب قراءة المولد وعمله في مطلع كل عامٍ هجري، ثم ذكر بعده أشعاراً ومنثورات متفرقة في مدح الحبيب صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر بعد ذلك مولد البرزنجي نثراً، ونظماً، ثم قصيدة البردة للبوصيري، ثم مولد الديبعي، وقد تضمن المولد آياتٍ من الذكر الحكيم، وتفسيرها، والأحاديث النبوية الشريفة، لكن بعضها موضوع أو لا أصل له، وبعضها غريب مبتوت كتبشير الأنبياء لآمنة بنت وهب، وإن كان بعض معناها صحيح، ويمكن أن يتلافى ذلك بذكر المعنى الصحيح دون نسبة ذلك له صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر القصائد العذبة في مدحه صلى الله عليه وسلم، وبيان فضائله وخصاله وشمائله الشريفة، وأوصافه الحسية والمعنوية.

ثم ذكر فيه الشاهد المنجي للمولد البرزنجي للشيخ عبد الله بن محمد الخزرجي، ونظم مقالة البنات الصحابيات للشيخ الخزرجي أيضاً، ومعها تربيعها للشيخ أحمد بن غريب الكوبعي، ثم قصيدتان: الأولى في ذكر أولياء الله، والثانية في ذكر أهل الحال، كلاهما للشيخ عثمان بن عبد الغفور الأنصاري.

تهذيب مولد الشيخ جعفر البرزنجي:

قلت (محمد حنونة) ورأيتُ أن أُهذب هذا المولد، وذلك باستبدال بعض الكلمات الموهمة، وحذف مواضع القيام والجلوس، ومواضع الاستغاثات، وحذفت بعض المواضع التي لا يثبت منها شيء، ليكون خالصاً من كل ريبة وشبهة، ويكون أكمل في الانتفاع به إن شاء الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

أَبـتـدىءُ الإمـلاء بـاسـم الـذاتِ الـعـلـيَّـة * مُـسـتـدِراً فـَيـــــــــــــضَ الـبـركـات عـلـى مـا أَنـالـهُ وأَولاَه * وأُثـنــّيِ بـحَـمـدٍ مَـــــــوَاردهُ سَـائِـغـة ٌهَـنـيـّـة * مُـمـتـَـطِـيـاً مـن الـشـُّـكـر الـجـمـيـل مَـــــطـَـايَـاه *   وأُصـلـِّـي وأُسـلـِّـم عـلـى خير البريـّـــة * الـمُـنـْـتـقـلِ فـي الـغـُـرَرِ الـكـريـمـة و الـجـِبَــــــــــــاه * وأَسْـتـَـمْـنِـحُ الله تـعـالـى رِضـْـوَانـاً يَـخـُـصُّ الـعِـتـْـرَةَ الـطـَّـاهـرةَ الـنـّـبـويَّـة * ويَـعُـمُّ الـصَّـحـابـةَ و الأتـبـاع ومـــــــــــــــــــن وَالاه * وأسـتـَـجـديـهِ هِـدَايـة ًلـسُـلـُوكِ الـسُّـبـلِ الـوَاضِـحــــــــةِ الـجـلـيَّـةِ * وَحِـفـظـاً مـن الـغـَـوايـةِ فـي خِطـَـطِ الـخـَـطـَـأِ وخـُـطـَــــــــــــاه * وأنـشـُـرُ مـن قـصَّـةِ الـمـولـدِ الـنـَّـبـويِّ بُـروداً حِـسَـانـَــــــــــــــــــاً عَـبـقـَـريَّـة  * نـَـاظِـمـاً مـن الـنـَّـسـب الـشـَّـريـف عِـقـداً تـُـحـلـَّـــــــــى الـمـسـامـعُ بـِـحُـلاه * وأسـتـعـيـن بـحـول الله وقـُـوتـهِ الـقـويَّـةِ * فـإِنـَّـه لا حـول و لا قـُـوَّةَ إِلاَّ بـالله * 

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم * بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم 

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم و بـارك  علـيـه

فـأقـول: هـو سـيـِّـدنـا مـحـمّـد بـن عـبـد الـلـه بـن عـبـد المـطـَّـلـب واسـمـه شـيـبـة الحـمـدِ حُمِدَتْ خصالُه السَّنِيَّة  ابـن هـاشـــــــــــــم واسـمـه عـمـرو * ابـن عبـد منـاف واسمـه المـغـيـرة الذي ينتمي الإرتقاء لِعَلْيَاه * ابـن قـصـي واسـمـه مـُجـَـمـِّعِ * سـُمـِّيَ بـِقـُـصـَيٍّ لـِتـَـقـاصـِـيِـهِ فـي بـلاد قـُـضـَاعـة الـقـصـيّـة * إلـى أن أَعـَـادهُ الـلـه تـعـالـى إلـى الـحـَرَمِ الـمُـحـتــَـرمِ فـَحـمـى حـِمـَاه * ابـن حـكـيـــــــم ابـن مـُـرَّة بـن كـعـب بـن لـُـؤَي بـن غـالـب بـن فـهـرٍ * واسـمـــــــــه قـُـريـْش  وإلــيـه تـُـنـسـَبُ الـبـُطـُون الـقـُـرَشـيـَّـة * وما فـوقــــــــــه كـِنـَانـِيٌّ كـمـا جـَـنـحَ إلــيـه الـكـَـثـيـرُ وارتـضـاه * ابـن مـالـك بـن الـنـَّـضـرِ بـن كـِنـَانـة بـن خـُـزَيـمـة بـن مـُـدرِكـَة بـن إلـيـاس * وهـو أوَّل مـن أَهـدى الـبـُـدْنَ إلـى الـرِّحـَاب الـحـَرمـيـة * وسـُـمـِعَ فـي صـُـلـبـهِ الـنـَّـبـيّ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم ذكـَـرَ الـلـه تـعـالـى ولـبـَّـاه * ابـن مُـضـَر ابـن نـِـزَار بـن مـَـعـَـد بـن عـدنـان * وهـذا سـِـلـْـكٌ نـظــَّـمـت فـَـرَائـِدهُ بـَـنـانُ الـسـُّـنـَّـة الـسـَّـنـيـَّـة  وَرَفـْـعـهُ إلـى الـخـلـيـل إبـراهـيـم عـلـيـه الـسـلام أَمـسَــكَ عـنـه الـشـَّارعُ وأبـاه * وعـدنـان بـلا رَيـبٍ عـنـد ذوي الـعـُـلـومِ الـنـِّـسـبـيـَّـة إلى الـذبـيـح إسـمـاعـيـل نـِسـبـتـُـهُ ومـُـنـتـَــمـاه * فـأَعـظِـم بـه مـــــن عـِقــْـدٍ تـألـَّـقـَـت كـواكـِبـُـهُ الـدُّريـَّـة * كـيـف لا والـسَّـيـِّـدُ الأكــــــرم صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم وَاسـِطـَـتـُـهُ الـمـُـنـْـتـقـــــــــــــــــاة * 

نَسَــبٌ تَحْسِــبُ الْعُـلاَ بِـحُـلاَهُ * قَلَّـدَتْهَـا نُجَـومَـــــــــــهَـا الْجَــوْزَاءُ

حَـبَّذَا عِـقْـدُ سُــؤْدَدٍ  وَفَـخَـارٍ * أَنْـتَ فِيـهِ الْيَتِـيمَـةُ الْعَصْـمَـــــــــــاءُ

وأَكـْـرِمْ بـهِ مـن نـَـسَـبٍ طـَهـَّرهُ الـلـه مـــــــن سـِفـَـاحِ الـجـاهـلـيـَّـة * أورَدَ الـزَّيـنُ الـعراقـيُّ وارِدَهُ فـي مــــــــــــَورِدِهِ الـهـَـنـيِّ  ورَواه *

حـَفـِظَ الإلـهُ كَرامـَةً لمـُحـمـدٍ * تَرَكوا  السّفاحَ  فلم  يُصبهم عـارُهُ

آباءَه الأمجادَ صـوْناً لاســمـِـهِ * مـن آدمٍ وإلـى أبـيـه وأمـــــــــــــِّـهِ

سَــرَاة ٌسَــرَى نـُـورُ الـنـُّـبـوَّة فـي أسـاريـر غـُـرَرِهـِم الـبــــــــهـيـَّـة * وبـَـدَا بـَـدْرُهُ فـي جـَـبـِـيـن جــدِّه عـبـد الـمـطــَّـلـب وابـنــــــــه عـبـد الـلـه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم و بـارك  علـيـه

ولـمـَّـا أراد الـلـه تـَعـالـَى إِبـِرازَ النطفة الـمُـحـمـدِيـَّـة * وإظـهـَـارهُ جـِـسـمـاً وروُحـاَ بـِـصُـورتـهِ ومـعـنـاه * نـَـقـلـهُ إلـى مـقـرِّه مـن صَـدَفـَةِ آمـنـة الـزُّهـريـة * وخـصَّـهـا الـقـريـب الـمُجـِـيـبُ بـأن تـكون أُمـَّـاً لِـمُـصـطـفـَـاه * ونـُـوديَ فـي الـسـمـوات والأرض بـحـمـلـهـا بذاته البشريّة * وصَـبَـا كـُـلُّ صَـبِّ لِـهـُـبُـوبِ نـَـسـِيـم صَـبـاه * وكـُـسـيـت الأرض بـعـد طـُـول جَـدْبـِـهـا مـن الـنـَّـبـات حـُـلـلاً سُـنـْـدُسـيـَّـة * وَأَيـنـعـتِ الـثــِّـمـار وأدنـى الـشـَّـجر لـلـجـانـي جَـنـَـاه * ونـَـطـَـقـت بـحَـمـلِـهِ كـُـلُّ دَابـَّـةٍ لـقـريـْـشٍ بـِـفـصَـاحِ الألـسُـنِ الـعـربـيـة * وخـرَّت الأسِـرَّة و الأصـنـام عـلـى الـوُجُـوهِ والأفـواه * وتـبـاشـرت وُحُـوشُ الـمَـشـَـارقِ والـمَـغـَـاربِ ودَوابـُّـهـا الـبـحـريـَّـة * واحـتـسـت الـعـوالـم مـن الـسُّـرور كـأس حُـمَـيـَّـاه * وبَـشـَّـرت الـجـنُّ بـإظـلالِ زَمَـنـهِ وَانـْـتـُـهـِـكـت الـكـَهـانـَـة ُورَهـِـبَـتِ الـرهـبـانـيـَّـة * ولـَـهــجَ بـِـخـَـبَـرِهِ كـُـلُّ حَـبــرٍ خـَـبـيـرٍ وفـي حُــلى حُـسـنـهِ تـَـاه * وَأُوتِـيَـت أُمـُّـه فـي الـمـنـام فـقـيـل لـهـا إنـَّـك حَـمَـلـتِ بـسـيـّد الـعـالـمـيـن خـيـر الـبـريـة * وسـمـِّـيـهِ إذا وَضـَـعـتــهِ مُحمداً  فـإنـَّـه سَـتـُـحـمـد عُـقــْـبـاهُ *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم * بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم و بـارك  علـيـه 

ولــمَّــا تـــمَّ لِحَــمْــلِــهِ شـَــهـــران عــلــى مــشــهــورِ الأقــوال الـمــرويَّـــة * تـُــوفــِّـى بـالـمــديــنــة الـمــنــوَّرة أبـــوه عــبــد الله * وكــان قـــد اجــتــَــاز بـأخــوالــه بـــنــي عَــــدِيٍّ مــن الـطــَّـائِــفــةِ الـنـَّـجَّــاريــة * ومــكـــثَ فـيـهــم شــهــراً سَـــقِــيــمـاً يُـعَـانــُـونَ سُــقــمــهُ و شـَــكــوَاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

 الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم و بـارك  علـيـه

ولـمَّـا تـمَّ مـن حَـمـلِـهِ عـلـى الـرَّاجـح تِـسـعـة ُأشـهـرٍ قـمـريـة * وآن لـلـزمـان أن يَـنـجـلـيَ عـنـه صَـدَاه * أتتها البشارة مـن الـحَـظِـيـرةِ الـقـُدسـيَّة * وأخـذهـا الـمَـخـاضُ فـوَلَـدَتـْه صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم نـُوراً يَـتـلألأُ سَـنـَاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

 الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم و بـارك  علـيـه

أبَـانَ مَوْلِـدُهُ عنْ طِيـبِ عُنْصُـرِهِ * يَـا طِيـبَ مُبْتَـدَإ مِنـهُ ومُخْتَـتَـمِ

بُشـرَى لنَا مَعشَـرَ الإسْلاَم إنّ * لَنَـا مِـنَ العِنَايَـة رُكْنـاً غَيْـر مُنْهَـدِمِ

تَبَاشَـرَت الأمْـلاَكُ حِيـنَ ظُهُـورهِ * وَفَاحَـت بهِ الأرْجَاءُ شَرْقاً  وَمَغْرِبَـا

وَنَـادَى لِسَـانُ الْكَوْنِ طُرّاً  بِأَسْـرِهِ * فَأهْـلاً وَسَهْـلا بِالْحَبِيـبِ وَمَرْحَبَـا

مَرْحَبَا يَا مَرْحَبَا بِالحَبِيبِ  الْمُصْطَفَـى * مَرْحَبَـا يَا مَرْحَبَا بِالحَبِيبِ الْمُقْتَفَـى

ووُلِدَ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم واضـعـاً يَـدَيـهِ عـلـى الأرض رَافِعاً رَأسـهُ إلـى الـسَّـمـاءِ الـعـلـيَّـة * مُـومِـيـاً بـذلـك الـرَّفـع إلـى سُـؤدُدِه و عُـلاه * ومُشـيـراً إلـى رِفـعَـةِ قـَدْرِهِ عـلـى سَـائرِ الـبَـريّـة * وأنـَّه الـحَـبـيـبُ الـذي حَـسُـنَـتْ طِـبَـاعـهُ وَ سَـجَـايـاه *

ومُحياً كالشـَّمـسِ منكَ مُـضِـيءٌ *أسـفـرت عنـه لـيلـةٌ غـَـرَّاءُ

ليلـةُ المـولـد الـذي كـان للدِّيـ  * ـنِ سُـرورٌ بـيـومـه وازِدهـاءُ

مَـولـدٌ كان منه في طالـع  الكفـ *    ـرِ وبـالٌ عـلـيـهـم  ووبــاءُ

يـوم نالـت بوضعـه ابنة وهــبٍ  *من فخـَارٍ ما لم تنـلـه النـسـاءُ

و أتـت  قـومهـا بأفضـل مـمـَّا   *  حملـت  قبـلُ مـريـم العــذراءُ

و توالـت  بُشرى الهواتـف أن قـد *وُلِـدَ المـصطفـى و حَـقَّ الهنـاءُ

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم * بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه

ودَعَـتْ أمُّـه عـبـدَ الـمـطَّـلـب وهـو يَـطـُوفُ بـِهَاتِـيـكَ الـبَـنِـيـة * فـأَقـْبَـلَ مُـسـرعـاً ونـَظـَرَ إلـيـه و بَـلـغَ مـن الـسُّـرور مُـنـَاه * وَأدخـلـهُ الـكـعـبـة الـغـرَّاء و قـام يـدعـو بـخـُلـوص الـنـيَّـة * ويـشـكُـرُ الـلـه تـَعالـى عـلـى مـا مَـنَّ بـه عـلـيـه و أعـطـاه * وُلِدَ صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم نـظـيـفـاً مَـخـتـُونـاً مَـقـْطـُوعَ الـسُّـرَّةِ بـيَـدِ الـقـُدْرة الإلـهـيَّة * طـَيـبـاً دَهِـيـنـاً مَـكْـحـولـة ًبـكُـحْـلِ الـعـنـايـة عـيـنـاه*

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه 

وظـَهَـرَ عِـنـد ولادَتِـهِ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم خـَوارِقُ وغـَرائِبُ غـيـبـِيَّـة * إِرْهـاصـاً لِـنـُبـوتِـه وإعـلامـاً بأنـَّه مُـخـتـارُ الـلـه تـَعـالـى ومُـجـتـبـاه * فـَزِيـدَت الـسَّـمـاء حِفـظـاً وَرُدَّ عـنـهـا الـمَـرَدَة ُوذوُو الـنـُّفـوسِ الـشـَّيـطـانـيَّـة * ورجَـمَـت نـُجـوم الـنــَّيـِّـرات كُـلَّ رَجـيـمٍ فـي حَـالِ مَـرقـاه * وخَـرَجَ مـعـه نـورٌ أضـاءت لـه قـُصُـور الـشَّـام الـقـيـصـريَّـة * فـرآهـا مَـنْ بـِطـَاحُ مـكَّـة دَارُه ومَـغـْنـاه * وانـصـدَعَ الإيـوان بـالـمـدائـن الـكـسـرويَّـة * الـذي رَفـَعَ أَنـُوشـَروَانَ سَـمْـكَـهُ وسَـوَّاه * وسـقـط أربـعَ عـشـرة مـن شـُرُفـاتـهِ الـعُـلـويَّـة * وكُـسِـرَ سرير الملـكُ كِـسْـرى لِـهَـولِ مـا أَصَـابَـه وعَـراه *       وخـمـدَت الـنـيـران الـمَـعْـبُـودَة ُبـالـمَـمَـالِـك الـفـارسـيَّـة * لِـطـُلـُوعِ بَـدْرِهِ الـمُـنـيـرِ وَإشـراقِ مُـحـيـاه * وغـَـاضـَت بُـحـيـرة سَـاوة َ وكـانـت بـيـن هَـمَـذان وقـُمٍّ مـن الـبـلاد الـعـجـمـيَّـة * وجـفـَّت إذ كـفَّ واكِفُ مَـوجـِهَـا الـثـَّجَّـاج يـنـابـيـع هَـاتِـيـكَ الـمـيـاه * وفـاضَ وادي سَـمَـاوة َوهـي مَـفـَازة ٌفـي فـَلاةٍ وبـرِّيَّـة * لـم يـكـن بـهـا مِـنْ قـَبـلُ مـا يَـنـْقـَعُ لـلـظـمـآن الـلـَّهَـاة * 

وكـان مَـوْلِدُهُ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم بـالـمـوضـع الـمـعـروف بـالـعِـرَاصِ الـمكـيَّـة * والـبَـلَـدُ الحرام الـذي لا يُـعْـضـَدُ شـَجـرُه ولا يُـخـْتـَلـى خـَلاه * واخـتـُلِـفَ فـي عـام وِلادتـه صلّى الله عليه وسلّم وفـي شـَهـرِهـا وفـي يَـومِـهـا عـلـى أقـوالٍ لـلـعـلـمـاء مـرويـَّة * والـراجـح أنـَّهـا قـُبـيـلَ فـجـر يـوم الاثـنـيـن ثـانـي عـشـر شـهـر ربـيـع الأول مـن عـام الفـيـل الـذي صَـدَّهُ الـلـه تـَعـالـى عـن الـحَرَمِ وحَـمـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه 

وأرضـعـتـه أُمُّـهُ أيـامـاً ثـمَّ أَرْضـَعَـتـْه ثـُويـبـة الأسـلـمـيَّـة * الـتـي أَعـتـَقـَهـا أبـو لـهـب حـيـن وَافـتـه عـنـد مـيـلاده صلّى الله عليه وسلّم بـِبـُشْـراه * فـأرضـعـتـه صلّى الله عليه وسلّم مـع ابـنـهـا مَـسْـرُوحٍ وأبـي سَـلـَمَـة وهـي بـه حَـفِـيَّـة * وأَرضـَعَـت قـَبـلـَه حـمـزة الـذي حُـمِـدَ فـي نـُصـرِةِ الـدِّيـن سُـراه * وكـان صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم يَـبْـعَـثُ إلـيـهـا مـن الـمـديـنـة بـِصِـلـَةٍ  وكِسـوةٍ هـي بـهـا حَـرِيـَّة * إلـى أن أَوردَ هـيـكـلـهـا رائـدُ الـمَـنـونِ الـضَّـريـحَ وَوَاراه * قـيـل عـلـى دِينِ قـَومِـهـا الـفِئـَةِ الـجـاهـلـيـَّة * وقـيـل: أسـلـمـت أَثـْبَـتَ الـخِـلافَ ابـن مَـنـده و حَـكـاه * 

ثـمَّ أرضـعـتـه صلّى الله عليه وسلّم الـفـتـاة ُحَـلـيـمـة ُالـسَّـعـديَّـة  * وكـان قـد ردَّ كـُلٌّ مـن الـقـومِ ثـديَـهـا لِـفـَقـرِهَـا وأَبـاه * فـَأَخـصـبَ عَـيـشُـهـا بـعـد الـمَـحْـلِ قـبـلَ الـعَـشـيـة * ودَرَّ ثـَديُـهـا بـِدُرِّ دَرٍّ أَلـْبـنـها الـيـمـيـن مـنـهـا و أَلـَبَـن الآخـر أخـاه * وأَصـبَـحـت بـعـد الـهُـزَالِ والـفـقـر والـهُـزال غـنـيَّـة * وسَـمِـنـت الـشـَّارِف لـديـهـا والـشـِّيـاه * وانـْجَـابَ عـن جـانـبـهـا كـلُّ مُـلِـمَّـةٍ ورَزِيَّـة  * وبـرَّز الـسَّـعـد بُرْدَ عـيـشـهـا الـهـنـيِّ و وَشـَّاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه 

وكـان صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم يَـشِـبُّ فـي الـيـوم شـَبَـابَ الـصَّـبـيِّ فـي الـشـهـر بـعـنـَايـةٍ رَبّـانـيـة * فـقـام عـلـى قـَدَمـيـهِ فـي ثـلاثٍ ومَـشـى فـي خـمـسِ وقـَوِيَـتْ فـي تِـسْـعٍ مـن الـشـهـور بـفـصـيـح الـنـُّطـقِ قـُواه * وشـقَّ الـمَـلـكـَانِ صـدره الـشـريـف لـديـهـا وأخـرجـا مـنـه عـلـقـة ًدمـويَّة *  وأَزَالا مـنـه حـظَّ الـشـيـطـان و بالـثـلـج غـسـلاه * وَ مـلآهُ حِـكـمـةَ و مَـعَـانِـيَ إيـمـانـيَّة  ثـمَّ خـَاطـَاهُ وبـخـاتـم الـنـُّبـوَّة خـَتـَمـاه * وَوَزَنـَاه فـرجـح بـألـفٍ مـن أمَّـتـه أمّـةِ الخـيـريَّـة * ونـشـأ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم عـلـى أكـمـل الأوصـاف مـن حـال صِـبَـاه * ثـمَّ ردَّتـه إلـى أمِّـهِ وهـي بـه غـَيْـرُ سَـخِـيـَّة  حَـذراَ مـن أن يُـصَـاب بـِمُـصَـاب حـادثٍ تـخـشـاه * وَوَفـدتْ عـلـيـه حَـلـيـمـة ُفـي أيَّـام خـديـجـة الـسَّـيـدة الـرَّضـيـَّة * فـَحَـبـاهـا مـن حَـبـائِه الـوافـر بـِحِـبـاه * و قـَدِمَـت عـلـيـه يـوم حُـنـَيـن فـقـام إلـيـهـا و أخَـذتـهُ الأريـحـيـَّة  وَبَـسـَطَ لـهـا صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم مـن رِدَائِـه الـشـريـف بـِسـاط بـِرِّه ونـَداه * والـصـحـيـح أنـَّهـا أسـلـمـت مـع زوجـهـا والـبـَنِـيـنَ والـذرِّيـة * وقـد عـدَّهُـمـا فـي الـصـحـابـة جَـمْـعٌ مـن ثِـقـَات الـرُّواة *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه 

ولـمَّـا بـلـغ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم أربـعَ سِـنـيـنَ تُـوُفِّـيَـت أمّـه الأمـيـنـة الرّضـيـة *  مـحـبُـوَّة بـعـنـايـة مَـنِ اخـتـاره واجْـتَـبَـاه * أخـرج أبـو نـعـيـم فـي دلائـل النـبـوّة مِـنْ طـريـق الزُهْـرِيّ عـن أُمِّ سـمـاحـةَ بـنـت أبـي دَهْـمٍ عن أمِّـها قـالـت شَـهِـدتُ آمـنـة فـي عـلّـتـهـا التـي مـاتـتْ فـيـهـا ومـحـمّـدٌ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم غـلام عـنـد رأسـهـا فـنـظـرتْ إلـى وجـهـه ثـمّ قـالـتْ: 

بارك الله فيك من غلام * يا ابن الذي من حَوْمَةِ الحِمَام 

 نجَا بِعوْنِ الملِك المِنْعَام * فُدِيَ غداة الضرب بالسهام

بمائة مِن إبلٍ سُوَّام* إنْ صَحَّ ما أبصرْتُ في المنام

فأنت مبعوث إلى الأنام* من عند ذي الجلال والإكرام

 ثمّ قالت: كلّ حيٍّ ميِّتٌ * وكلّ جديدٍ بَالٍ * وكلّ كثير يفنى * وأنا ميّتة وذِكْرِي باقٍ * وقد تركتُ خيرا * وولدتُ طُهراً * ثمّ ماتتْ فكُنّا نسمع نَوْحَ الجنّ عليها * فحفظنا من ذلك  

نبـكـي الفـتـاة البـرّة الأميـنـة *ذات الجـمـال العَـفَّـةِ الرزيـنـه

زوجـةَ عـبـد اللـه  والقريـنـة *أمّ نـبـيّ اللـه ذي السـكـيـنـه

وصـاحـب المنـبـر بـالمـدينـة *صـارت لـدى حفـرتهـا  رهينـه

ثمّ حَـمَـلـتـهُ صلّى الله عليه وسلّم حاضنته أمُّ أيـمـن الـحـبـشـيَّـة * الـتـي زوَّجـهـا صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم بَـعْـدُ مـن زيـد بـن حـارثـة مـولاه * وَأَدخـلـتـهُ عـلـى عـبـد الـمـطـلـب فـضـمَّـه إلـيـه وَرَقَّ لـه وأَعـلـى رُقـيـّه * وقـال إنَّ لابـنـي هـذا لـشـأنـاً عـظيـمـاً فـَبـخٍ بَـخٍ لـمـن وقـَّره وَ وَالاه * ولـم تـَشْـكُ فـي صِـبـاه جـُوعـاً *  ولا عـطـشـاً قـطُّ نـَفـسُه الأبـيـَّة * وكـثـيـراً مـا غـَدا فـَاغـْتـَذى * بمـاء زمـزم فأشبعه وأرواه * و لـمَّـا أُنـيـخـَت بـفـنـاء جـدِّه عـبـد الـمطـلـب مـَطـَايـا الـمـَنِـيـَّة * كـفـَلـهُ عـمُّـه أبـو طـالـب شـقـيـق أبـيـه عـبـد الـلـه * فـقـام بـِكـفـالـَتـهِ بـِعَـزمٍ قـَويٍّ وَ هِـمَّـةٍ وحَـمـيَّـة * وقـدَّمـهُ عَـلـى الـنـَّفـس و الـبَـنِـيـنَ و ربَّـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم و بـارك  علـيـه 

ولـمَّـا بَـلـغَ صلّى الله عليه وسلّم اثـنـتـي عـشـرة سَـنـة رَحَـل َ بـه عمّه أبو طالب إلـى الـبـلاد الـشـَّامـيَّـة * وعَـرفـَهُ الـرَّاهـب بَـحِـيـرَا بـمـا حَـازَهُ صلّى الله عليه وسلّم مـن وَصْـفِ الـنـبـوَّة وحَـواه * وقـال إنـِّي أَرَاهُ سـيّـدَ الـعـالـمـيـن ورسـولَ الـلـه ونـبـيـَّه * قـد سَـجَـدَ لـه الـشـَّجـر والـحَـجَـرُ ولا يَـسْـجُـدان إلاَّ لِـنـَبـيًّ أوَّاه * وإنـَّا لـَنـَجـِدُ نـَعتـَهُ فـي الـكـُتـُب الـقـديـمـة الـسَّـمـاويَّة * وبـيـن كـتـفـيـه خـَاتـَمُ الـنـُّبـوَّة قـد عَـمَّـه الـنـُّور وعـلاه * وأَمَـرَ عـمَّـه بـردِّه إلـى مـكـَّة تـخـوُّفـاً عـلـيـه مـن أَهـل دِينِ الـيـهـوديَّـة * فـرجـع بـه و لـم يُـجـاوز مـن الـشـَّام الـمـقـدَّس بُـصْـرَاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك علـيـه 

ولـمَّـا بـلـغ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم خـمـسـاً و عـشـريـن سـنـة سـافـر إلـى بُـصـرى فـي تـجـارةٍ لـخـديـجـة الـفـتـيَّـة * ومـعـه غـُلاَمُـهـا مَـيْـسـرة ُيَـخـْدِمـهُ وَ يـقـُومُ بـمـا عَـنـاه * ونـزل صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم تـحـت شـجـرةٍ لـدى صـومَـعـةِ نـَسْطـُورا راهـب الـنـَّصـرانـيَّـة * فـَعَـرَفـهُ إذ مَـالَ إلـيـه ظِـلـُّهـا الـوَارِفُ وآواه * وقـال مـا نـَزَل تـحـت هـذه الـشَّـجـرة قـطُّ إلاَّ نـَبيٌّ ذو صِـفـَاتٍ نَـقِـيَّةٍ * ورسـولٌ قـد خـَصَّـه الـلـه تـَعـالـى بـالـفـضـائـل وحَـبَـاه * ثـمَّ قـال لِـمـيـسَـرة أَفِـي عـيـنـيـه حُـمـرة ٌ اسـتـظـهـاراً لـلـعـلامـة الـخـَفـَيَّـة * فـأجـابـه بـنـعـم فـَحَـقَّ لـديـه مـا ظـَنـَّهُ و تـوخـَّاه * وقـال لـمـيـسـرة لا تـفـارقْـهُ وكُـنْ مـعـه بـصـدق عـزمٍ وحُـسْـن طـويّـة * فـإنّـه مـمّـن أكـرمـه الـلـه تـعـالـى بـالنـبـوّة واجـتـبـاه * ثـمَّ عـاد إلـى مـكـَّة فـَرأَتـْهُ خـديـجـة مُـقـبـِلاً وهـي بـيـن نِـسـوَةٍ فـي عِـلِّـيـة * ومـلـَكـان عـلـى رأسـهِ الـشـَّريـف مـن ضـَحِّ الـشَّـمـس قـد أظـلاَّه * وأخـبـرهـا مَـيـسـرة بـأنـَّه رَأَى ذلـك فـي الـسَّـفـرِ كـُلـِّهِ وبـمـا قـالـه الـرَّاهـبُ وَأودَعَـهُ إلـيـه مـن الـوصـيـَّة * وضـَاعـف الـلـه فـي تـلـك الـتـِّجـارة رِبـحَـهـا ونـَمَّـاه * فـَبَـانَ لـخـديـجـة بـمـا رأت و سـمـعـت أنـَّه رسـول الـلـه إلـى الـبَـريـَّة  * فـَخـَطـَبَـتـْهُ لـنـفـسـهـا الـزَّكـيـَّة لـتـشـمَّ مـن الإيـمـان بـه طِـيـب رَيـَّاه * فـَأَخـبَـرَ أَعـمـامـهُ بـمـا دَعـتـهُ إلـيـه هـذه الـبَـرَّة ُالـتـَّقـيَّـة * فـَرغِـبُـوا فـيـهـا لِـفـَضـْلٍ ودِيـنٍ وجَـمـالٍ وحَـسـبٍ كـُلُّ مـن الـقـَومِ يَـهـوَاه * وخـَطـبَ أبـو طـالـب وأثـنـى عـلـيـه صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم بـعـد أن حَـمِـدَ الـلـه تـَعـالـى بـمـحـامِـدَ سـنـيَّـة * وقـال وهُـو والـلـه بَـعْـدُ لـه نـَبـأ ٌعـظـيـمٌ يُـحـمَدُ فـيـه سُـرَاه * فـزوَّجـهـا مـنـه عـلـيـه الـصـلاة والـسـلام أبُـوهـا وقـيـل عـمُّـهـا وقـيـل أخـوهـا لـسـابـق سـعـادتـهـا الأزلـيـَّة * وأوْلـَدَهـا كـُلَّ أولادِه صـلّى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم إلاً الـذي بـاسـم الـخـلـيـل سَـمَّـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك  علـيـه 

ولـمَّـا بـلـغ صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم خـمـسـاً و ثـلاثـيـن سـنـة بَـنـَت قـُريـشٌ الـكـعـبـة لإنـصِـداعـِهَـا بـالسُّـيـول الأبـطـحـيـة * وتـَنـَازَعُـوا فـي رَفِـع الـحـجـر الأسـود فـكـلٌّ أراد رَفـعـَهُ ورجـاه * وعَـظـُمَ الـقِـيـلُ والـقـَالُ و تـحـالـفـُوا عـلـى الـقِـتـَال وقـَوِيَـتْ الـعـصـبـيـة * ثـمَّ تـداعـوا إلى الإنـصـاف وفـوَّضـوا الأمـر إلى ذِي رَأيٍ صَـائِبٍ وأَنـَاة * فـَحَكَم بـتـحـكـيـم أَوَّلِ دَاخـلٍ مـن بـاب السَّـدنـة الـشـَّيـبـيـَّة * فـكـان الـنـبـيّ صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم أَوَّلَ دَاخـلٍ فـقـالـوا هـذا الأمـيـن وكـُلـُّنـا نـَقـْبـلـهُ و نـَرْضـَاه * فـأخـبـروه بـأنـهـم رَضـُوه أن يـكـون صَـاحِـبَ الـحُـكـْم فـي هـذا الـمُـلِـمِّ وَوَلـيـّه * فـوضـع الـحـجـر فـي ثـَوبٍ ثـم أَمَـر أَن تـَرفـَعـهُ الـقـبائـل جـمـيـعـاً إلى مُـرتـَقـاه * فـَرَفـعُـوهُ إلـى مَـقـَرّهِ مـن رُكـنِ هـاتـيـك الـبَـنـِيـَّة * ووضـعـه صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم بـيـده الـشـريـفـة فـي مـوضـعـه الآن و بَـنـَاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه 

ولـمَّـا كـَمُـل لـه صـلّى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم أربـعـون سَـنـة ًعـلـى أوفـق الأقـوال لـذوي الـعَـالِـمـيَّـة * بَـعـثـَه الـلـه تـَعالـى لـلـعـالـمـيـن بـشـيـراً ونـذيـراً فـَعَـمّـهـم بـِرُحْـمَـاه * وَ بُـدِىءَ إلـى تـمـام سـتـة أشـهـر بـالـرؤيـا الـصـادقـة الـجـلـيـة * فـكـان لا يَـرى رُؤيـا إلا جـاءت مـثـل فـَلـَقِ صُـبـحٍ ضـَاء سَـنـاه * و إنـمـا ابـتـُدىءَ بـالـرؤيـا تـمـريـنـاً لـلـقـُوى الـبـشـريـة * لـئـلا يَـفـْجَـأَهُ الـمَـلـَكُ بـِصَـريـحِ الـنـُّبـوةِ فـلا تـَقـْواه قـُوَاه * وَحُـبِّـبَ إلـيـه الـخـَلاءُ فـكـان يَـتـَعَـبَّـدُ بـحـراءٍ الـلـيـالـي الـعـدَدِيـة * إلـى أن أَتـاهُ فـيـه صَـرِيـحُ الـحـقِّ ووَافـَاه * وذلـك يـوم الاثـنـيـن لـسـبـعَ عـشـرة َخـلـت مـن شـهـر الـلـيـلـة الـقـَدرِيـة * وثـَمَّ أقـوالٌ لـسـبـعٍ أو لأربـع و عـشـريـن مـنـه أو لـثـمـانٍ مـن مـولـده الـذي بـدا فـيـه بـَدرُ مُـحَـيّـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك  علـيـه

فـقـال لـه: اقـرأ، فـقـال مـا أنـا بقارئ ! فـَغـَطـَّهُ غـطـّةً قـَويـّة * ثـمّ قـال لـه اقـرأ فـقـال مـا أنـا بقارئً فـَغـطـَّهُ ثـانـيـة حـتـى بـلـغ مـنـه الـجَـهـد و غـَطـَّاه * ثـمَّ قـال لـه اقـرأ فـقـال مـا أنـا بقارئ فـَغـَطـَّه ثـالـثـة ًلـيـتـوجَّـه إلـى مـا سَـيُـلـْقـى إلـيـه بـِجـَمْـعـيـه * وَيُـقـَابـلـهُ بـِجـِدٍّ واجـتـهـادٍ و يـتـلـقـاه * ثـمَّ فـَتـَرَ الـوحـي ثـلاث سـنـيـن أو ثـلاثـيـن شـهـراً لـيـشـتـاق إلـى انـتـشـاق هَـاتِـيـكَ الـنـَّفـَحَـاتِ الـشـَّذيـَّة *  ثـُمَّ أُنـْزِلـت عـلـيـه يَـا أَيُّـهَـا الـمُدَّثـِّر وَجـاءهُ جـِبـْريـلُ بـهـا ونـَادَاه * فـكـان لـنـبـوَّتـه فـي تـقـدُّم اقـْرَأْ بـِاسْـمِ رَبـِّكَ شـَاهِـدٌ عـلـى أنَّ لـهـا السـابـقـيـَّة * والـتـَّقـدُّم عـلـى رسـالـته بـالـبـشـارة والـنـَّذارَةِ لـمـن دَعـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك علـيـه

وأوَّلُ مـن آمـن بـه مـن الـرِّجـال أبـو بـكـرٍ صَـاحـبُ الـغـَار والـصِّـدِّيـقـيـَّة * ومـن الـصِّـبـيـان عَـلـيٌّ ومـن الـنـِّسـاء خـديـجـة الـتـي ثـبَّـت الـلـه تـَعـالـى بـهـا قـَلـبـهُ وَوَقـَاه * ومـن الـمـوالـي زيـد ابـن حـارثـة ومـن الأرقـَّاء بـِلاَلٌ الـذي عَـذبـه فـي الـلـه أُمـيـَّة * وأَولاَهُ مَـولاهُ أبـو بـكـر مـن الـعِـتـْقِ مـا أولاه * ثـمَّ أَسـلـَمَ عُـثـمـان و سـَعـدٌ و سَـعـيـدٌ و طـَلـحـة وابـن عَـوفٍ وابـن الـعمَّـة صَـفِـيـَّة * وغـيـرهـم مـمّـن أَنـْهـلـَهُ الـصـدِّيـق رَحِـيـق الـتـَّصـديـق وَسَـقـاه *

ومـا زَالـت عِـبـادتـهُ صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم وأصـحـابـه مَـخـْفِـيـَّة * حـتـَّى أُنـزِلَ عـلـيـه فَـاصْـدَعْ بـِمـا تـُؤْمَـرُ فـَجَـهَـرَ بـِدُعـاء الـخَلـْقِ إلـى الـلـه * ولـم يَـبْـعُـدْ مـنـه قـَومـهُ حـتـَّى عَـابَ آلـهـتـهـم وأَمَـرَ بـِرَفـضِ مـا سِـوى الـوحـدانـيـَّة * فـَتـَجـرَّؤُوا عـلـى مُـبَـارزَتـهِ بـالـعَـدَاوةِ وأذاه * واشـتـدَّ عـلـى الـمـسـلـميـن الـبَـلاءُ فـهـاجـروا فـي سـنـة خـمـسٍ إلـى الـنـَّاحـيـة الـنـَّجـاشـيـَّة * وَحَـدَبَ عـلـيـه عـمُّـه أبو طـالـب فـَهَـابَـهُ كـُلٌّ مـن الـقـَومِ و تـَحـامَـاه * وفـُرِضَ عـلـيـه قـيـام بـعـض الـسَّـاعـات الـلـيـلـيـَّة * ثـمَّ نـُسِـخَ بـقـولـه تـعـالـى فـَاقـْرَءُواْ مَـا تـَيـَسَّـرَ مِـنـْهُ  وَأَقِـيـمُـوا الـصَّـلاَةَ * وفـُرِضَ عـلـيـه ركـعـتـانِ بـالـغـَداةِ وركـعـتـانِ بـالـعَـشِيـَّة * ثـمَّ نـُسِـخ بـإيـجـاب الـصَّـلـوات الـخـَمْـسِ فـي لـيـلـةِ مَـسْـراه * ومـات أبـو طـالـب فـي نـصـف شـوَّال مـن عـاشـر الـبـعـثـة وَ عَـظـُمـت بـمـوتـه الـرَّزيـَّة * وَتـَلـتـهُ خـديـجـة بـعـد ثـلاثٍ وشـدَّ الـبـلاء عـلـى الـمـسـلـمـيـن وَثِـيـقَ عُـراه * وأَوقـَعـتْ قـُريـشٌ بـه صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم كـُلَّ أذيـَّة * وأَمَّ الـطـائـف يَـدْعُـو ثـَقِـيـفـاً فـلـم يُـحْـسِـنـوا بالإجَـابةِ قِـرَاه * وأَغـْروا بـه الـسُّـفهـاء والـعَـبـيـد فـسـبُّـوهُ بـألـسُـنٍ بـَذيـَّة * وَرَمَـوَهُ بـالـحـجـارة حـتَّـى خـُضـِّبـت بـالـدِّمـاء نـَعْـلاه * ثـمَّ عـاد إلـى مـكـَّة حَـزيـنـاً فـَسَـألـهُ مَـلـَكُ الـجـِبـَال فـي إهـلاك أهـلـهـا ذوي الـعَـصَـبـيـَّة * فـقـال  إنـِّي أرجـو أن يُـخـرج الـلـه مـن أصـلابـهـم مـن يَـتـَولاّه  *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ و سـلـِّم وبـارك علـيـه

ثـمَّ أُسـريَ بـِروحِـه و جَـسـدهِ يَـقـظـة ًمـن الـمـسـجـد الـحـرام إلـى الـمـسـجـد الأقـصـى ورِحَـابـهِ الـقـُدسـيـَّة * وعُـرِجَ بـه إلـى الـسَّـمـوات فـرأى آدم فـي الأُولـى وقـد جَـلـَّلـَهُ الـوَقـَارُ وعـلاه * ورَأى فـي الـثـانـيـة عـيـسـى ابـن الـبَـتـُولِ الـبـرَّةِ الـنـَّقـيـَّة * وابـن خـَالـتِـهِ يَـحـيـى الـذي أُوتـيَ الـحُـكـْمَ فـي حَـالِ صِبـاه * ورأى فـي الـثـالـثـة يـوسـف الـصِّـدِّيـق بـصـورتـه الـجـمـالـيـَّة * وفـي الـرَّابـعـة إدريـس الـذي رَفـع الـلـه مـَكـانـهُ وأعـلاه * وفـي الـخـامـسـة هـارون الـمُحَـبَّـبَ فـي الأُمَّـةِ الإسـرائـيـلـيـَّة * وفـي الـسَّـادسـة مُـوسـى الـذي كـَلـَّمـهُ الـلـه ونـَاجَـاه * وفـي الـسَّـابـعـة إبـراهـيـم الـذي جـاء رَبـَّهُ بـسَـلامـةِ الـقـلـب والـطـَّويـَّة * وحَـفِـظـَه مـن نـار الـنـَّمـرُوذِ و عَـافـاه * ثـم عُـرِجَ بـِهِ إلـى سِـدْرَةِ الـمُـنـْتـَهـى إلـى أن سَـمِـعَ صَـرِيـفَ الأقـْلامِ بِـالأمـور الـمَـقـْضِـيـَّة  إلـى مَـقـَامِ الـمُـكـافـَحَةِ الـذي قـَرَّبـهُ الـلـه فـيـه وأدنـاه * وأَمـاطَ لَـهُ حُـجُـبَ الأنـْوارِ الـجَلالِـيـة * وأَرَاهُ بـِعَـيْـنـَيْ رَأسِـهِ مـن حَـضْرَةِ الـرُّبـُوبـِيـَّة مـا أرَاه * وبَـسَـطَ لـه بـسَـاطَ الإجـلال فـي الحضرة القُدسيّة * وفـَرَضَ عَـلـيـه و عـلـى أُمَّـتِـهِ خـَمـسـيـنَ صـلاة * ثـمَّ انـْهَـلَّ سَـحَـابُ الـفـَضـْلِ فـَرُدَّتْ إلـى خـَمْـسٍ عَـمـلـيـَّة * ولـهـا أَجْـرُ الـخـَمـسـيـن كـَمَـا شـَاءهُ فـي الأزَلِ و قـَضـَاه *ثـمَّ عَـادَ فـي لـَيْـلـَتـه بالمواهب اللدنيّة * وصَـدَّقـَهُ الـصِّـدِّيـق وكـُلُّ ذِي عَـقـْلٍ بمسراه * 

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

ثـم نادى بأنّه بـأَنـَّه رَسُـولُ الـلـه فـي الأيـام الـمـوسِـمـيـَّة * فـآمَـنَ بـه سِـتـَّة ٌمِـن الأنـْصـارِ اخـْتـَصَّـهُـمُ الـلـه بـِرِضـَاه * وحَـجَّ مِـنـْهـمْ فـي الـقـَابـِلِ إثـنـَا عَـشَـرَ رَجُـلاً وبـايـعُـوهُ بَـيـعـة حَـفـِّيـَّة * ثـم انـْصَـرَفـُوا وظـَهَـرَ الإسـلامُ بـالـمَـديـنـةِ فـكـانـت مَـعْـقِـلـَه ومَـأوَاه * وقـَدِمَ عـلـيـهِ فـي الـثـالـثـة سَـبْـعـونَ أو وخـمـسـة أو وثـلاثـة أو ثنان مـنَ القـَبـائـلِ الأوسِـيـَّةِ والـخـَزرجِـيـَّة * فـبـايَعُـوهُ و أمَّـرَ عـلـيـهـم إثـنـا عـشَـرَ نـقـيـبـاً جَـحـاجـِحَـةٍ سُـراه * و هـاجَـرَ إلـيـهـم مـنْ مـكـَّة ذوُو الـمـلـَّة الإسـلامـيـَّة  وفـارَقـوا الأَوْطـان رَغـْبَةً فـيـمـا أُعِـدَّ لـمـن هـجَـرَ الـكـُفـْرَ ونـَاوَاه * وخـافـت قـُرَيْـشٌ أن يَـلـْحَـقَ صـلّـى الـلـه عـلـيـه و سـلّـم بـِأصْـحَـابـِهِ عـلـى الـفـَوْريـَّة * فـَأْتـَمَـروا بـِقـَتـْلـِهِ فـحـفـِظـَهُ الـلـه مـن كـَيـْدِهِـم و نجاه*

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

وأُذِنَ لـه فـي الـهـجـرةِ فـَـراقـَـبَـهُ الـمُـشـْـرِكـون لِـيُـورِدُوهُ بـِـزَعْـمِـهِـم حِـيـاضَ الـمَـنِـيَّـة * فـَخـَـرَجَ عـلـيـهـم ونـَـثـَـرَ عـلـى رُؤُوسِـهِـم الـتــُّرابَ وحَـثـاهُ * وأَمَّ غـارَ ثــَوْرٍ وفـازَ الـصِّـدِّيـقُ بـالـمَـعِـيَّـة * و أقـامـا ثـلاثـاً تـَـحْـمـي الـحَـمـائِـمُ و الـعـنـاكِـبُ حِـمَـاه * ثـُـمَّ خـَـرَجَـا مـنـهُ لـيـلـَـة َالاثـْـنـَـيـن وهـوَ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم عـلـى خـَـيْـرِ مَـطِـيَّـة * وتـعـرَّضَ لـه سُـرَاقـة فـابـتـهـَـلَ فـيـه إلـى الـلـه ودَعـاه * فـَـسـاخـَـتْ قـَـوائـمُ يَـعْـبُـوبـِـه فـي الأرْضِ الـصُّـلـبِـيَّـةِ * وسَـألـهُ الأمـانَ فـَـمَـنـَـحَـهُ إيـَّـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

ومَــرَّ بـقـُـدَيْـدٍ عـلـى أمِّ مَـعْـبَـدٍ الـخـُـزاعِـيَّـة * وأراد ابـتـيـاع لـبــنٍ أو لـَـحـمٍ مـنـهـا فـلـم يـكـن خِـبـاؤُهـَـا لـشـيءٍ مـن ذلـك حَــواه * فـنـظـرَ إلـى شــاةٍ فـي الـبـيـت قــد خـَـلـَّـفـَـهـا الـجَـهـْـدُ عـن الـرَّعـيَّـة * فـاسْـتـَأذنـهـا فـي حَـلـْبـِهـا فـأذِنـَتْ وقـالـَتْ لـو كـان بـهـا حَـلـَبٌ لأصَـبْـنـاه * فـَمَـسَـحَ صلّى الله عليه وسلّم ضـرْعَها ودعَـا الـلـه مَـوْلاه ووَلِـيّـه * فـَدَرَّتْ وحَـلـَبَ وسَـقـى كـُلاًّ مـن الـقـَومِ و أَرْواه * ثـُمَّ حَـلـَبَ و مَـلأَ الإِنـاءَ و غـادرهُ لـَدَيـهـا آيـة ًجَـلِـيـَّة * وجـاءَ أبـو مَـعْـبَـدٍ ورأى الـلـبـنَ فـَذهـَبَ بـِه الـعَـجَـبُ إلـى أقـصـاه * وقـالَ أنـَّى لـَكِ هـذا ولا حَـلـُوبَ فـي الـبـيـتِ تـَبـِضُّ بـقـَطـْرَةٍ لـَبـِنـيـَّة * فـقـالـت مَـرَّ بـِنـا رَجُـلٌ مُـبـارَكٌ كـَذا وكـذا جُـثـْمـانـُهُ و مَـعـْنـاه * فـَقـال لـَهـا هـذا صـاحِـبُ قـُرَيـْش وأَقـْسَـمَ بـِكـلِّ إلـهِـيـَّة  بـأنـَّهُ لـَو رَآهُ لآمَـنَ بـه واتـَّبَـعَـهُ و أدنـَاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

وقـَدِمَ صلّى الله عليه وسلّم الـمَديـنـَة َيَـوْمَ الاثـنـيـن ثـانـي عَـشـَـر رَبـيـع الأوَّل وأشـْـرَقـَتْ بـه أرْجـاؤُهـا الـزَّكِـيـَّة * وتـَلـَقـَّاهُ الأنـْصـار ونـَـزَل بـِـقـُـبَـاء و أسَّـسَ مَـسْـجـِدَهـا عـلـى تـَـقـْواه *

هـذا هو المختـار والبـدر  الـذي* كـلّ البـدور خضعـن تحت هلالـه

هـذا الذي سفـر اللثام  فأطرقت * مُقَـل القلـوب موهبـة  لجمـالـه

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

هذا وقد خصّ الله تعالى هاتيك الذات الشريفة المحمّدية * بشمائل تتشنّف من سماعها الآذان وتتعطّر بذكرها الأفواه *

فامـلإ السمع من محاسـن يمليـ * ـهـا علـيـك الإنشـاد والإمـلاء

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

وكـان صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم أكـْمـلَ الـنـَّاسِ خـَـلـْـقـاً وخـُـلـُـقـاً ذا ذاتٍ وصِـفـاتٍ سَـنـيـَّة * مَـرْبُـوِعَ الـقـامَـةِ أبْـيَـضَ الـلـَوْنِ مُـشـْـرَبـاً بـِـحُـمْـرَةٍ واسِـعَ الـعَـيْـنـَيْـنِ أَكـْـحَـلـَـهُـمـا أَهْـدَبَ الأَشـْـفـارِ قـَـدْ مُـنِـحَ الـزَّجَـجَ حـاجـِـبـاه * مُـفـَلـَّـجَ الأَسْـنـانِ ضليع الـفـَـمِ حَـسَـنـَـهُ واسِـعَ الـجَـبـيـنِ ذا جَـبْـهَـةٍ هِـلالِـيـَّة * سَـهْـلَ الـخـَدَّيْـنِ يُـرى فـي أَنـْفِـهِ بَـعْـضُ احْـديْـدابٍ حَـسَـنَ الـعِـرْنـَيْـنِ أَقـْـنـاهُ * بَـعِـيـدَ مـا بَـيْـنَ الـمَـنـْـكـَـبَـيْـنِ سَـبْـطَ الـكـَـتِـفـَـيْـنِ ضَـخـْـمَ الـكـَـرادِيـس قـلـيـلَ لـحـمِ الـعَـقِـب كـَـثَّ الـلـِّـحْـيَـة عَـظِـيْـمَ الـرَّأْسِ شـَـعْـرهُ إلـى الـشـَّـحْـمـةِ الأُذنـيـَّـة * وبَـيـنَ كـَـتِـفـيْـهِ خـَـاتـَـمُ الـنـُّـبُـوَّةِ قـد عـمَّـه الـنـُّـورُ وعـلاه * وعَـرَقـُـهُ صلّى الله عليه وسلّم كـالـلـُّـؤلـُـؤ وعَـرْفـُـهُ أطـْـيَـبُ مـن الـنـَّـفـَـحـاتِ الـمِـسْكـيـَّـة * ويَـتـَـكـَـفـَّـأْ فـي مِـشـيـتِـهِ كـأَنـَّـمـا يَـنـْـحَـطُّ مـن صَـبـبٍ ارتـقـاه * وكـانَ يُـصَـافِـحُ الـمُـصـافِـحُ بـِـيَـدِهِ فـَيَـجـدُ مـنـهـا سـائـرَ الـيـوم رَائِـحـةً عبقريّة * ويَـضـَعُـهـا عـلـى رأسِ الـصَـبـيِّ فـَيُـعْـرفُ مَـسُّـهُ لـه مـن بـيـن الـصِّـبْـيـة ويُـدْراه * يَـتـَـلألأُ وَجْـهـهُ الـشـَّـريـفُ تـلألـؤَ الـقـمـرَ فـي الـلـَّـيـلـةِ الـبـدريـَّـة  يـقـول نـَـاعِـتـُـهُ لـم أرَ قـبـلـهُ و لا بَـعـدَه مِـثـلـهُ و لا بَـشـَـرٌ يَـراه *

منـزّهٌ عن شريـكٍ في محاسنـه* فجوهـر الحسن فيه غير منقسم

ولم يُفتتن به كيوسف لغلبة الجلال على صورته الجمالية * فلم يستطع أحد أن يمعن النظر في مرآه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

وكـان صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم شـَـديـدَ الـحـيـاءِ والـتـَّـواضُـع يَـخْـصِـفُ نـَـعـلـُـه ويَـرْقـعُ ثـَـوبـه ويَـحـلِـبُ شـاتـَـهُ ويـسـيـرُ فـي خِـدمَـةِ أَهـلـهِ بـِـسِـيـرَةٍ سَـرِيـَّـة * ويُـحـبُّ الـمـسـاكـيـن ويـجـلـسُ مـعـهـُـم وَيـعـودُ مَـرضـاهُـم ويُـشـَـيَّـعُ جَـنـائـزَهُـم ولا يُـحـقـُّـرُ فـقـيـراً دَقـعـهُ الـفـقـْـرُ وأشـْـواه * ويـقـْـبـلُ الـمَـعْـذِرَةِ ولا يُـقـَـابـِلُ أحـداً بـمـا يـكـرهُ ويـمـشـي مـع الأرمـلـةِ و ذوي الـعُـبُـوديـَّة * ولا يَـهـابُ الـمُـلـُوكَ ويـغـضـبُ لـلـه ويَـرضـى لِـرِضَـاه * ويمشي خـَـلـفَ أصـحـابـِـه ويـقـول خـَـلـُّـوا ظـَـهـري لـلـمـلائـكـةِ الـرُّوحـانـيـَّـة * ويَـركـبُ الـبـعـيـرَ والـفـَـرسَ والـبـغـلـةَ وَالحِـمـار الذي بـعـضُ الـمُـلـُـوكِ إلـيـه أهـداه * ويَـعُـصِـبُ عـلـى بـطـنِـهِ الـحـجـرَ مـن الـجُـوع وقـد أُوتِـيَ مَـفـاتـيـحَ الـخـَـزائـنِ الأرضـيـَّـة * وراوَدَتـْـهُ الـجـِـبَـالُ بـأن تـكـون لـه ذهـبـاً فـَـأبـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

وكـان صـلّـى الـلـه عــلـيـه وسـلّـم يُـقِـلُّ الـلـَّـغـوَ وَيـبـدأ مـن لـَـقـيـهُ بـالـسـلام وَيُـطـيـلُ الـصَّـلاة ويُـقـصِّـرُ الـخـُـطـَـبَ الـجُـمَـعِـيـَّـة * ويـتـألـَّفُ أهـلَ الـشـَّـرفِ ويُـكـْـرِمُ أهـل الـفـَـضـْـلِ ويَـمـزحُ ولا يـقـول إلاَّ حـقـَّـاً يـحِـبُّـه الـلـه تـعـالـى ويَـرضـاه * وهـا هـنـا وَقـَـفَ بـِـنـَـا جَـوادُ الـمَـقـَـالِ عـن الاطـِّـرادِ فـي الـحَـلـْـبـةِ الـبـيـانـيـَّـة  و بَـلـَـغَ ظـاعِـنُ الإمـلاءِ فـي فـَـدافِـدِ الإيـضـاحِ مُـنـْـتـَـهـاه *

عـطـِّـر الـلـهـمّ قـَـبْـرَهُ الـكـَـريـم* بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ وتـَسـلِـيـم

الـلـهـمّ صـلِّ وسـلـِّم وبـارك علـيـه

الـلـَّـهُـمَّ يـا بـاسِـط الـيـديـن بـالـعَـطِـيـَّـة * يـا مـن إذا رُفِـعـتْ إلـيه أكـُفُّ الـعَـبـدِ كـَـفـاه * يـا مـن تـَـنـَـزَّه فـي ذاتِه وصِـفـاتِـه الأحَـدِيـَّـة * عـن أن يـكـون لـه فـيـهـا نـظـائِـرُ وأشـْـبـاه * يـا مـن تـفـَـرَّدَ بـالبَـقـاءِ والـقِـدَمِ والأزَلِـيـَّـة * يـا مـن لا يُـرَجَّـى غَـيْـرُهُ  ولا يُـعَـوَّلُ عـلـى سِـواه * يـا مـن اسـتـَـنـدَ الأنـامُ إلـى قـُـدرَتِـه الـقـَـيُّـومِـيـَّـة * وأرشـَـدَ بـِـفـضـْـلـه مـن اسـتـَـرْشـَـدَهُ واسـتـَـهـداهُ * 

نـَـسْـألـكَ بـِـأنـوارِكَ الـقـُـدْسِـيـَّـة * الـتـي أزاحَـتْ مـن ظـُـلـُـمـاتِ الـشـَّـكِّ دُجـاه * ونتوسَّل إليك بصفاتك وأسمائك العليَّة * فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله * أن تـُـوَفـِّـقـَـنـا فـي الأقـْـوالِ والأعْـمـالِ لإخْـلاصٍ الـنـَّـيـَّـة * وتـُـنـجـِـح لِـكـُـلٍّ مـن الـحـاضِـريـنَ مَـطـْـلـَـبَـهُ ومُـنـاه * وتـُـخـَـلـِّـصَـنـا مـن أَسْـرِ الـشـَّـهـَـواتِ والأدْواءِ الـقـَـلـْـبـيـَّـة * وتـُـحَـقـِّـقَ لـنـَـا مـن الآمـال مـا بـِـكَ ظـَـنـَـنـَّـاهُ * وتـَـكـْـفـيـنـا كـُـلَّ مُـدْلـَـهـِـمَّـةٍ و بَـلِـيَّـة * ولا تـجْـعَـلـْـنـا مِـمَّـنْ أهـْـواهُ هـَـواه * وتـَـسْـتـُـرَ لـكـُـلٍّ مِـنـَّـا حَـصْـرَهُ وعَـجْـزَهُ وعَـيَّـهُ * وتـُـسَـهـَّـلَ لـنـا مـن صـالِـح الأعْـمـالِ مـا عَـزَّ ذراه * وتـُـدنـي لـنـا مـن حُـسْـنِ الـيَـقـيـنِ قـُـطـُـوفـاً دانِـيَـة ًجَـنِـيَّـة * وتـَـمْـحُـو عَـنـَّـا كـُـلَّ ذنـْـبٍ جَـنـَـيْـنـاه * وتـَـعُـمَّ جَـمْـعَـنـا هـذا مـن خـَـزائِـنِ مِـنـَـحِـكَ الـسَّـنِـيَّـة * بـِـرَحْـمَـةٍ ومَـغـْـفِـرَةٍ وتـُـديـمَ عَـمَّـنْ سِـواكَ غِـنـاه * 

اللـهـمّ إنّـك جـعـلْـتَ لـكـلّ سـائـل مـقـامـا ومـزيّـة * ولـكـلّ راجٍ مـا أمّـلـه ورجـاه * وقـد سـألـنـاك راجـيـن مـواهـبـك اللـدنـيّـة  فـحـقّـق لـنـا مـا مـنـك رجـونـاه * 

الـلـهـُـمَّ آمــنِ الـرَّوعـاتِ و أَصْـلِـح الـرُّعـاةَ و الـرَّعِـيَّـة * وأعْـظِـمِ الأجْـرَ لِـمـن جَـعَـلَ هـذا الـخـَـيْـر فـي هـذا الـيَـوْمَ وأجْـراه * الـلـهـُـمَّ اجْـعَـلْ هـَـذِهِ الـبَـلـْـدَة َو سـائـرَ بـِـلادِ الـمُـسـلِـمـيـن آمـِـنـَـة ًرَخِـيَّـة * واسْـقِـنـا غـَـيْـثـاً يَـعُـمُّ انـْـسِـيـابُ سَـيْـبـهِ الـسَّـبْـسَـبَ ورُبـاه * واغـْـفِـرْ لِـنـاسِـخْ هـذهِ الـبُـرُودِ الـمُـحَـبَّـرة الـمَـوْلـديَّـة جَـعْـفـَـرِ مـن إلـى بَـرْزَنـْـجَي نِـسْـبَـتـَـهُ ومُـنـْـتـَـمـاه * و حَـقـِّـقْ لـه الـفـَـوْزَ بـِـقـُـرْبـِـكَ والـرَّجـاءَ والأُمـنـيـَّـة * واجْـعَـلْ مَـعَ الـمـقـَـرَّبـيـن مَـقـيـلـَـهُ وسُـكـنـاه * و اسْـتـُـرْ لـه عَـيْـبـه وعَـجْـزَهُ وحَـصْـره و عـيـَّـه * ولِـكـاتِـبـهـا و قـارِئـهـا ومـن أَصَـاغ سَـمـعـه إلـيـه و أصْـغـَـاه *

اللـهـمّ وانـصـر سـلـطـانـنـا وعـسـاكـره المـحـمّـديـة * واكـتـب عـلـى بـنـود جـنـوده نـصـرٌ مِـنَ الـلـه * واجـعـلْـه اللـهـمّ المـجـدّد لأمـر ديـن هـذه الأمّـة الخـيـريـة * وأيّـدْهُ بـلا حـول ولا قـوّة إلاّ بـاللـه * وصَـلِّ و سـلـِّـم وبـارك عـلـى الذات النبوية وعـلـى آلــه وصَـحْـبـِـهِ ومـن نـَـصَـرَهُ ووالاه * مـا شـُـنـِّـفـتْ الآذانُ مِـن وَصـفِـهِ الـدُّرِّي بـأقـْـراطٍ جَـوْهـَـرِيَّـة * وتـَـحَـلـَّـتْ صُـدُورُ الـمَـحـافِـل الـمُـنِـيـفـَـةِ بـِـعُـقـُـودِ حـُـلاه *

والحمد لله رب العالمين.





الاثنين، 3 أكتوبر 2022

الآثار الاقتصادية للزكاة ودورها في علاج مشكلة البطالة عصام لوشان، وموسى رحماني بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الآثار الاقتصادية للزكاة ودورها في علاج مشكلة البطالة

عصام لوشان، وموسى رحماني

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ تعتبر الزكاة جزءاً أساسياً من النظام المالي الإسلامي، فهي فريضة إسلامية وركن من أركان الإسلام، فقد قرنت بالصلاة في كثير من الآيات وجاءت في وسط هذه الأركان ما يدل على أهميتها البالغة، فهي مورد هام من الموارد المالية للدولة الإسلامية، حيث تقوم من خلالها بإشباع الحاجات الضرورية للفرد غير المقتدر وتضمن له مستوى لائق من العيش، بالإضافة إلى دورها الفاعل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومعالجة الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

وتدور هذه الدراسة المتواضعة حول (صندوق الزكاة)، وهي مؤسسة شرعية، تقوم بجمع الزكاة من المزكيين وتوزيعها على الأصناف المستحقة لها وذلك من أجل توزيع هذه الثروة على أفراد المجتمع المستحقين لها، وكذلك تحريك عجلة الاقتصاد من خلال الآثار التي تخلفها الزكاة مثل (زيادة الاستهلاك)، و(تشجيع الاستثمار) بقصد التخفيف من "ظاهرة البطالة" و"تعطيل الثروات"، والحد من ظاهرة الفقر.

فالاقتصاد الإسلامي يعني بمشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ويعمل على حلها وذلك على أساس التشارك في المخاطر وهو الأساس الذي يعتمده هذا النظام، وهي الصفة التي تميزه على باقي الأنظمة الوضعية الأخرى، ف(المشاركة في الربح والخسارة) هي قاعدة التوزيع العادل بين رأس المال والعمل، وهي أساس الذي يحقق العدالة في التوزيع.

ويعتبر الاقتصادي الإسلامي هو النظام الوحيد الذي يتفرد بمورد الزكاة، حيث يجعل الإسلام حل كل مشكل التي تواجه أفراد مجتمعه إحدى أولوياته، ولعل أكبر ضمان لنجاح ذلك هو الربط بين النواحي الروحية والمادية والحصول على الثواب والعقاب للمساهمة في علاج مشاكل المجتمع.

فالزكاة تعمل على إعادة توزيع الدخل وذلك باعتبارها إقتطاع من مداخيل وثروات الأغنياء، فهي تنقص نصيباً في الذمم المالية للأغنياء، على أن توزيع هذه الأموال على الفقراء المستحقين للزكاة، وبذلك تضيف إلى هؤلاء الفقراء نصيباً في ذممهم المالية، وكنتيجة لذلك فإن فريضة الزكاة تقوم على أساس نظرية تناقص المنفعة الحدية للدخل عند الأغنياء وتزايدها عند الفقراء يعتبر عاملاً رئيسياً لتحقيق الرفاهية الاقتصادية في المجتمع.

بالإضافة إلى دور الزكاة الرئيس في  تحقيق التنمية في المجتمع المسلم، إلى جانب تحقيق التكافل داخله، فلهذه الشعيرة العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الفرد والمجتمع، فهي تؤمن كذلك للفقيد مصدر دخل دائم يكفيه السؤال المستمر، أو حتى تخرجه من دائرة مستحقي الزكاة.