أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أكتوبر 2022

عرف التعريف بالمولد الشريف للإمام المقرئ محمد بن محمد الجزري (ت ٨٣٣ هـ) بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة

عرف التعريف بالمولد الشريف

للإمام المقرئ محمد بن محمد الجزري (ت ٨٣٣ هـ)

بقلم: أ.محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ لم يكن مولده صلى الله عليه وسلم حدثاً عادياً في تاريخ البشرية، بل كان مولده حدثاً عظيماً تحدثت به فارس والروم وممالك الشرق والغرب، وتنبأت به الرهبان والأحبار والكهان، فرأى هرقل في السماء ليلة مولده ملك الختان، وتزينت لمقدمه الأكوان، وحارت في أمرها الجان بعد أن منعت من خبر السماء، وبزغ نجم أحمد للعالمين، فكان خاتم عقد الأنبياء، واللبنة التي يتم بها البناء، وكان مولده الشريف ربيعاً للقلوب، وجلاءً للغموم والكروب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

وهذا المولد المختصر والمسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) من تأليف العلامة شيخ القراء شمس الدين أبي الخير محمد بن محمد الجزري الدمشقي، ألفه احتفاءً بمولد سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، وهو مختصر من مولده الكبير الذي ذكره جماعةٌ ممن ترجموا له، كالسخاوي في "الضوء اللامع"، وقد ساق إسناده زكريا الأنصاري في مشيخته (ص ٢٢٣) عن شيخه أبي النعيم رضوان المستملي سماعاً، بسماعه على مؤلفه، ونقل عنه السيوطي في "فتاويه"، وأسنده في "مشيخته، وذكره القسطلاني في "المواهب اللدنية".

وذكر فيه ابن الجزري: النسب الشريف، وساق في ذلك جملة من الأحاديث بأسانيده، مع بيان غريبها، ثم شرع في بيان قصة المولد، وفيه:

ذكر حمل آمنة به في يوم الاثنين من رجب، وكان عبد الله إذ ذاك ابن ثلاثين سنة، وذكر البشارة التي جاءت أمه حين حملت به، قال: وولد النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين بلا خلاف، في شهر ربيع الأول على الصحيح، ليلة الثاني عشر على الأصح، عام القيل على المشهور، ثم ذكر إرهاصات مولده صلى الله عليه وسلم، وتسميته، وفرح جده وأقاربه بمولده، ومكان ولادته، وآيات مولده، ثم رضاعه وحضانته ونشأته حتى ردته حليمة وهو ابن خمس سنين وشهر، ثم قصته مع بحيرا الراهب وهو ابن ثنتي عشر سنة، ثم زواجه من خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، ثم قصة مشاركته في بناء الكعبة وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وبعثته وهو على رأس الأربعين، ثم موت عمه أبو طالب في السنة العاشرة من البعثة وخديجة بعده بثلاثة أيام، ثم حادثة الإسراء في السنة الثانية عشر من النبوة في السابع والعشرين من رجب، حيث فرضت عليه الصلاة، ثم هجرته إلى المدينة في السنة الثالثة عشر من النبوة وما جرى له من المعجزات وقصته مع سراقة بن مالك، ثم دخوله المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الآخر، ثم رؤيا الأذان، وتشريع الصلوات، والزكاة، وفرضية الجهاد، وتحويل القبلة يوم الثلاثاء في النصف من شعبان من السنة الثانية للهجرة، وفرض الصوم في أواخر شعبان، ثم وقعة بدر في السابع عشر من رمضان للسنة الثانية، وفي الثامن والعشرين من رمضان فُرضت زكاة الفطر، وحرمت الخمر في شوال من السنة الثالثة وولد الحسن بن علي أيضاً، وفي السنة الرابعة نزلت آية التيمم وولد الحسين بن علي. وفي السنة الخامسة شرعت صلاة الخوف، وكانت غزوة الحديبية مستهل السنة السادسة، وفي السنة السابعة كانت عمرة القضاء، ثم فتح مكة في رمضان سنة ثمان للهجرة، وفرض الحج سنة تسع على الصحيح، ثم حجُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة، ثم بدء وجعه في يوم الأربعاء من شهر صفة للعام الحادي عشر للهجرة، ووفاته في الثاني عشر من ربيع الأول.

ثم عقد فصلاً بعد ذلك في كمال نعته وصفته صلى الله عليه وسلم، وكريم أخلاقه، وحسن عشرته، وطيب صحبته، وما جاء في شجاعته وكرمه ونصحه وسماحته ووفور عقله، وكمال لبه، وعظيم حيائه، وكثرة ذكره لله، وصلاته بالليل، ودوام شكره.

ثم ذكر بعده فصلاً في معجزاته، وأعظمها القرآن، وانشقاق القمر، وكلام الظبي، وإخباره بالمغيبات والفتوح، وكلام الشاة، وحركة الجبل تحته، ورؤيته مشارق الأرض ومغاربها، ونبع الماء من بين أصابعه في الحديبية، وتسبيح الحصى في كفه، وتسليم الحجر عليه، وشهادة الذئب له بالنبوة، وسماعه شكوى البعير، ومجيء الشجرة له تشق الأرض شقاً، وإقبال الهدي عليه كي ينحرها، وردّه عين قتادة التي أصيبت يوم أحد، وتفله في عين عليٍّ فبرئت من الرمد، وكسرت رجل عبد الله بن عسل فمسحها فبرئت، وأخبر بمصارع المشركين في بدر، وأخبر عن غزو البحر ومصيبة عثمان وإصلاح الحسن بين فرقتين من المسلمين، وأخبر بمقتل الأسود العنسي ليلة مقتله، وأخبر عن رجلٍ بأنه من أهل النار وكان نحر نفسه، وشكي إليه القحط فدعا الله ونزل المطر ثم شكي إليه كثرته فدعا الله فحجبه إلى المناطق البعيدة، وأكعم أهل الخندق من قرص الشعير، وأطعم الجماعة من تمرٍ يسير لم يملأ كفه، وأطعم في منزل أبي طلحة ثمانين رجلاً من أقراص الشعير، وأطعم القوم من مزود أبي هريرة حتى شبعوا ثم ردَّ ما بقي منه، وغير ذلك.

ثم ذكر فضله وشرفه على العالمين، فقال: واصطفاه الله تعالى بالمحبة، والخلة، والقرب، والدنو، والمعراج، والصلاة بالأنبياء عليهم السلام، وبالشهادة، ولواء الحمد، والوسيلة، والبشارة، والنذارة، والهداية، والأمانة، والرحمة للعالمين، وإعطاء الكوثر، والرضا، وإتمام النعمة، ومغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، وعز النصر، والتأييد بالملائكة، ونزول السكينة، وإيتاء الكتاب والحكمة، والسبع المثاني، وإجابة دعوته، والقسم باسمه، .. والإبراء من الآلام، والعصمة من الناس، وصلاة الله عليه وملائكته وغير ذلك.

ويرويه المحقق (محمد أبو الخير الملقي الميداني) مسلسلاً بالدمشقيين، عن مشايخه: سليم أبو ضاهر، وتيسير المخزومي، عن عبد القادر القصاب، عن بكري العطار، عن حسن البيطار، عن عبد الرحمن الكزبري 

(ح) وأعلا منه عن شيخه مرشد عابدين، عن أبيه أبي الخير، عن أحمد مسلم الكزبري، ومحمود الحمزاوي، كلاهما عن عبد الرحمن الكزبري.

(ح) ومساوٍ له عن شيخه رياض المالح ومطيع الحافظ، عن عبد المحسن الإسطواني، عن الحمزاوي، عن الكزبري، عن مصطفى الرحمتي، عن عبد الغني النابلسي، عن النجم بدر الدين الغزي، عن أبيه، عن القاضي زكريا الأنصاري، عن رضوان العقبي سماعاً، عن المؤلف سماعاً منه.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق