أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يونيو 2022

العلم الشامخ في إيثار الحق على المشايخ صالح بن مهدي المقبلي الزيدي [١٠٤٧ - ١١٠٨هـ ]

العلم الشامخ في إيثار الحق على المشايخ

صالح بن مهدي المقبلي الزيدي

[١٠٤٧ - ١١٠٨هـ ]

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن من أعظم المطالب العقدية، ومرتكزات المنهج التاريخي السليم: أن نعرف الأسباب الحقيقية لتفرق الأمة الإسلامية، وخط السير الواقعي لنشأة هذه الفرق ونموها، ومن ثمَّ تشعبها وانتشارها في ربوع العالم الإسلامي، بالإضافة إلى معرفة العوامل التي أدت إلى هذا الافتراق، والآثار والنتائج المترتبة على ذلك، وأهم الفروق بين تلك الطوائف على الصعيد العقدي والسلوكي الاجتماعي، وهو ما ما قام المؤلف -رحمه الله -بإيضاحه في هذه الفصول المقتضبة والمركزة .

  وقد جاء في الحديث أن هذه الأمة تفترق على (ثلاث وسبعين) فرقة، أخبر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم أن كلها في النار إلا واحدة، وهي التي امتثلت هدي النبيِّ -صلى الله عليه وسلم -وهدي أصحابه، وأحصى بعضهم رؤوس هذه الفرق، فوجدها عشرُ فرقٍ، وهي: أهل السنة، والخوارج، والشيعة، والمعتزلة، والمرجئة، والمشبهة، والجهمية، والضرارية، والنجارية، والكلابية.

أما تفصيل ذلك فقد اختلفوا في تعيين أعداد هذه الفرق، واعتبر بعضهم أن هذا العدد غير مقصود؛ لأن الفرق الضالة بعضها اندثر وبعضها تجدد، ولكننا نستأنس بهذا الحصر؛ فنقول: أما أهل السنة فطائفة واحدة، والخوارج خمسة عشر فرقة، والمعتزلة ست فرق، وجهمية أربع فرق، والمرجئة اثنتا عشرة فرقة، والشيعة اثنتان وثلاثون فرقة، وثلاث فرق: نجارية وضرارية وكلابية؛ فجميع ذلك ثلاث وسبعون فرقة. والفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة.

وقد أدَّى تعدد الفرق الإسلامية، والمذاهب الكلامية إلى أمر آخر خطير جداً، وهو تقديس المشايخ وتعظيمهم، وتقديم كلامهم ومذاهبهم الكلامية والفلسفية على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهم السّلف الصالح، وهذا أصل كبير من أصول الضلال، الذي ترتب عليه رد أكثر السنة والحديث، وإبطال الاجتهاد، وتصحيح المعتقدات الفاسدة في الحلول والوحدة، وظهور البدع والضلالات، والتعصب المذهبي، وإغلاق باب الاجتهاد، وتعطيل صفات الباري سبحانه، ومنع القول بالحكمة والتعليل، وظهور الجبرية والقدرية، وغيرها من الفرق الضالة.

وكان لهذا المظهر السائد بين المتأخرين، لا سيما مع نهاية القرن الخامس أثره السيئ على حياة المسلمين، حيث ساءت الدول، وتقهقرت الشعوب، وانتشرت الفوضى والتناحر في أنحاء العالم الإسلامي.

وقد انتصر المؤلف -رحمه الله -لمذهب السلف الصالح في العقائد، ولابن تيمة على وجه الخصوص، وبيّن ظلم خصومه له، وكان يُعظِّم الدليل ويُقدمه على رأي أيّ أحد، حتى قال الشوكاني: "وقد أكثر الحط على المعتزلة، في بعض المسائل الكلامية، وعلى الأشعرية في بعض آخر، وعلى الصوفية في غالب مسائلهم، وعلى المحدثين في بعض غلوهم، ولا يبالي إذا تمسك بالدليل، بمن فيلفه، كائنا من كان".

وكان المقبلي زيدي المذهب، ولكنه نبذ التقليد، وجرت بينه وبين علماء صنعاء مناظرات، فأدت إلى المنافرة، "لما فيه من الحدة، والتصميم على ما تقتضيه الأدلة، وعدم الالتفات إلى التقليد.

ولما سكن مكة، وقف البرزنجي محمد بن عبد الرسول المدني على "العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ"، فكتب عليه اعتراضات، فرده عليه، بمؤلف سماه: "الأرواح النوافخ"، فكان ذلك سبب الإنكار عليه من علماء مكة، ونسبوه إلى الزندقة بسبب عدم التقليد، والاعتراض على أسلافهم، ثم رفعوا الأمر إلى سلطان الروم، فأرسل بعض علماء حضرته لاختباره، فلم ير منه إلا الجميل، وسلك مسلكه.

 وأخذ عنه بعضُ أهل داغستان، ونقلوا بعض مؤلفاته.

وقد أتم المؤلف هذا الكتاب يوم الخميس ١٧/ من شهر ربيع الأول، سنة ١٠٨٨ هـ في جبل أبي قُبيس، فوق الصفا، مقابل الحِجر من البيت الحرام.

ترجمة العلامة صالح بن مهدي المقبلي

[١٠٤٧ - ١١٠٨هـ ]

اسمه ونسبه: صالح بن مهدي بن علي بن عبد الله بن سليمان المقبلي.

نسبةً إلى مقبل (قرية في الشمال الغربي من صنعاء).

من أعيان الفقهاء، له مشاركة في التفسير وعلوم القرآن والحديث واللغة والتصوف والفقه.

ولادته: ولد في قرية "مقبل" من بلاد كوكبان، باليمن. 

ونشأ في "ثلا" وتعلم فيها وفي شبام وكوكبان، وتتلمذ على ابن الوزير، وأخذ بمكة عن إبراهيم الكردي.

وفاته: رحل إلى مكة، واستقر بها إلى أن مات سنة (١١٠٨هـ).

ومن كتبه:

١) "الاتحاف لطلبة الكشاف" انتقد فيه الكشاف للزمخشري، في التفسير.

٢) "الأبحاث المسددة" جمع فيه مباحث تفسيرية وحديثية وفقهية وأصولية، وكان قد ألزم نفسه السلوك في مسلك الصحابة، وعدم التعويل على التقليد لأهل العلم في جميع فنون.

٣) "العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ".

٤) "المنار المختار من جواهر البحر الزخار" في فقه الزيدية.

٥) "نجاح الطالب على مختصرات الحاجب" في الأصول.

وإليك بيان فصول وأبواب الكتاب:

المقدمة  2

بحث في الحكمة وأن الفرض الباعث على الخلق العبادة 4

كون بعض القرآن أبلغ من بعض 5

نسبة الماتريدية إلى المعتزلة والأشعرية 6

مسألة الإمامة: المعتزلة والزيدية فرقة واحدة 7

حقيقة مذهب الزيدية 8

تبرئة الزيدية من التقليد والمزاعم فيها 9

اجتماع العترة آل البيت غير واقع 10

إجماع آل البيت غير واقع -ميزة الزيدية 11

مخالف الإجماع الظني غير مخطئ -الإمامية 12

معنى كون الكتاب والعترة لا يفترقان 13

الخصوصية لجماعة أهل البيت 14

أهل البيت حجية إجماعهم، وخطأ مخالفته، ومن هم 15

فائدة إجماع أهل البيت 16

إمكانية وقوع الإجماع 17

قول الزيدية بوجوب استمرار الاجتهاد 18

أقوال الزيدية في أسانيدهم، وأسانيد غيرهم 19

ترتب السمع على العقل، ولماذا خُلق العقل؟ 20

تحذير المؤلف من الاغترار بالمشهورية -تعليل أفعال الباري 21

قول المعتزلة والأشعرية في تعليل أفعال الباري 22

قول المعتزلة في تعليل أفعال الباري 23

حكمة التكليف وخلق الدنيا 24

حقيقة الحكمة والغرض في التكليف 25

حكمة العبادة وقول الصوفية فيها 26 -27

الثناء على الله تعالى 28

الشذوذ ومخالفة المتكلمين -أقوال البغدادية في الحكمة والعبث 29

أقوال معتزلة البصرة وبغداد في الحكمة والعبث 30

معرفة التكليف بالعقل 31

معرفة التكليف بالفعل: التحسين والتقبيح 32

ما يُعلم به التكليف قبل الشرع 33

العبادة 34

جزاء المؤمن والكافر والفاسق 35

كون التكاليف منوطة بالمشاق 36

التفضيل بغير توقيف مجازفة 37

التكليف والإلجاء 38 -40

بحث إلجاء المكلفين إلى الإيمان 41

حصر الحكمة في أفعاله تعالى بشيء معين  42

تخطئة المعتزلة والزمخشري -ومنع الاجتهاد تحريمٌ لعلوم الكتاب والسنة 43 -44

أحاديث الصفات الآحادية -التكليف في الآخرة 45

رد قول المعتزلة ببقاء الحكم في الآخرة 46

رد زعم المعتزلة أن العلوم في الآخرة ضرورية 47

التكليف في الآخرة -وحكمة خلق الدنيا 48

العبادة والتكليف في الآخرة 49 -52

لزوم الجزاء والرد على المعتزلة 53 -54

وجوب قبول التوبة عند المعتزلة 55

باب التوبة 56 -57

فتنة الدجال، وخروج المهدي، ونزول عيسى 58

الإيمان عند الموت أو قرب الساعة 59

لزوم التعلم للعمل ليس عقلياً 60

الثواب برحمة الله لا بمجرد العمل 61

.قبول التوبة غير واجب عقلاً 62

جعل المذاهب مركزاً وتنزيل الكتاب والسنة عليها 63

التقليد وحقيقة تفسير الزمخشري ومتبعيه كالبيضاوي 64

توبة قاتل العمد، والجمع بين الآيات 65 -67

دلالة العام هل هي قطعية 68

توبة المنتحر 69

اتحاد الأجل وإرادة القتل 70

الأحاديث والآثار في توبة قاتل العمد 71 -73

أقسام المعاصي وما يُغفر منها 74

تهافت المعتزلة في عدم غفران الكبائر 75

أنواع المعاصي 76

مسألة جواز الصغائر على الأنبياء 77

عدم جزم المعتزلة بتكفير المرجئة 78

منع حمل الخطاب الشرعي على الاصطلاح 79

لعن أهل الكبائر والترحم عليهم 80

حقيقة المكر عند المعتزلة 81

تعطيل بعض أسماء الله وصفاته 82

ضعف الزيدية في الحديث -وروايتهم هم والحنفية عن المجهولين 83

الرواية عن أهل البيت عند الزيدية 84

حديث الأمر بقتل الرافضة 85

انقطاع الاجتهاد إبطال لحجية الكتاب 86

اعتقاد الإمامية في الزيدية 87

تولي الصحابة وآل البيت عند الزيدية خلافاً لأهل الرفض والنصب 88 -89

وصف الرافضة والرفض 90

سعة رحمة الله للصحابة وغيرهم 91

الخوف والرجاء 92 -93

القول بأن القرآن ليس فيه وعيدٌ لأهل الصلاة 94

الناس مؤمن وكافر -الموت على الإيمان 95

نجاة من يموت مؤمناً 96

رؤيا غريبة في حساب الله للمؤمنين 97

الإجماع على تعليل الأحكام الشرعية 98

حمل ظاهر النقيض في الشريعة على المجاز -حديث اعملوا 99

اتفاق العمل مع القدر 100 -102

معنى الختم والطبع والرين 103

الانتقاد على الزمخشري في الإضلال والهداية 104 -106

الهداية وسبب ضلال البشر 107

الأشاعرة وتفسيرهم القرآن بالمحال -استحالة الظلم على الباري 108

إغراب المعتزلة والأشاعرة في التفسير بالرأي 109

تخطئة أقوال المعتزلة والأشعرية في المشيئة 110 -111

تخطئة ابن عربي في المشيئة والاختيار 112

الجبر والاختيار والكسب والحكمة -مذهب المعتزلة في الإرادة 113

مذاهب المعتزلة في الإرادة وحقيقة معناها 114

النظر في ماهية الإرادة من اختراع المتكلمين 115

معنى القادر والعالم والمريد من جهة الخاصية -النظر في صفات الله 116

الإضلال والهداية وإسنادهما إلى الله تعالى 117 -119

مذهب المعتزلة ومذهب الفطرة في حكمة الباري ومشيئته 120

تفسير {إلا ما شاء ربك} 121 -122

تحكم المتكلمين في الصفات 123 -124

تخبط المعتزلة والفلاسفة في الصفات 125

صفة العلو والفوقية -بحث الجهة 126

بحث الجهة والرؤية -وكلام الباري 127

مسألة الكلام الإلهي -وخلق القرآن 128 -129

مسألة الكلام النفسي 130 -132

بحث دقيق في تأويل المتشابهات 133

الحروف المقطعة في أوائل السور 134

تمحل البُلغاء في النُّكت 135 -140

إسناد ما للعاقل: للجمادات والمعاني 141

تعليل أفعال الباري -وتعليلات الفقهاء للأحكام (بحث مع الأشعرية) 142 -145

عجز البشر عن دقائق العلوم الإلهية 146

حجج مانعي تعليل أفعال الباري، وأجوبتها 147 -148

بحث عارض في إرادة الباري واختياره 149 -150

القدرة والإرادة لا تستلزمان وقوع متعلقهما 151 -160

بحث التحسين والتقبيح -حقائق الأفعال 161

رأي المصنف في السبكي وولده -العاجل والآجل عند المعتزلة 162

غلط المتكلمين في نقل مذهب المعتزلة -مسألة التحسين والتقبيح 163

مسألة التحسين والتقبيح وغلط الأشاعرة فيها 164

قول ابن تاج الشريعة في مسألة التحسين والتقبيح 165 -166

مناقشة ابن تاج الشريعة في قوله 167 -168

معنى الوجوب على الله عند المعتزلة 169

حاصل مذهب المعتزلة في الثواب والعقاب والمدح والذم 170 -172

تقرير مذهب المعتزلة في الحسن والقبح 173 -174

مطلق الفعل لا يقتضي الحسن والقبح 175

الجنوح لحكم العقل وخبر الشرع في مسألة الحسن والقبح 176

حجج المعتزلة في مسألة التحسين والتقبيح 177 -179

الحجة الثانية للمعتزلة 180 -184

الحجة الثالثة للمعتزلة 185 -187

حجج الأشاعرة في نفي التحسين والتقبيح: الحجة الأولى 188 

الحجة الثانية 189

الآيات الدالة على قبح الأشياء أو حسنها في ذاتها 190

تغشية التقليد على العقول -إدراك الآخرين ما فات الأولين 191

الحجة الثالثة للأشاعرة (وما كنا مُعذبين) 192 -194

تتمة الحجج الثلاث للأشاعرة 195

خاتمة بحث التحسين والتقبيح -حجة عقلية 196 -197

بحث المرجح -لاختيار القادر 198 -204

الخلاف في امتناع التخصيص بغير مخصص 205

أثر المؤثر واجبٌ بشرطه 206 -209

الأبحاث الفلسفية والمنطقية 210

بحث التوراة والإنجيل المُحرّفين 211 -212

البدعة وشرط كون المنطق ونحوه منها 213

بحث في خلق الأفعال 214

مذهب الأشعري في قدرة العبد 215

من وافق المعتزلة في مذهبهم 216 

الحجج العقلية للمعتزلة على فعل العبد 217

الحجج السمعية للمعتزلة على فعل العبد 218 -219

حجج الأشاعرة في مسألة خلق الأفعال 220

سبب خطأ الجمهور ومنشأ التقليد 221

العلماء ورثة الأنبياء وورثة الفلاسفة 222

الأشعري إطراؤه والانتقاد عليه 223

أنظار الأشعري المنتقدة 224 -225

عود إلى مسألة التحسين والتقبيح 226 -227

سبب رجوع الأشعري عن الاعتزال 228 -229

كلمة المعتصم في الخوف والرجاء 230

عود إلى حجج الأشعرية في مسألة خلق الأفعال 231 -235

فائدة تتعلق بحديث محاجة آدم موسى 236 -239

كتابة السعادة والشقاوة للجنين في بطن أمه 240

الأدلة السمعية على خلق الأفعال 241 -242

كلام أبي الهذيل في حجية القرآن 243

شمول قدرة الله من وجهين 244 -245

بحث في صفة التكوين 246

تحقيق المصنف في مسألة الكسب 247 -257

قول المصنف في الغزالي 258 

موافقة الأشاعرة للمعتزلة 259

رأي إمام الحرمين في مسألة الكسب 260 -262

رأي الرازي في مسألة الكسب 263 -265

نفي استقلال العبد عند المعتزلة 266

رأي التفتازاني في مسألة الكسب 267

رأي اللقاني في مسألة الكسب 268

المعتزلة لا تقول إن العبد يخلق فعله 269 -270

قول شارح التجريد والسمرقندي في مسألة الكسب 271 -272

قول ابن الهمام في مسألة الكسب 273

كتاب الفقه الأكبر 274

بحث القدر 275 -276

طعن الرافضة في الصحابة واعتمادهم الموضوعات 277

اختلاف المعتزلة والأشعرية في مسألة القضاء والقدر 278

بحث كون الماتريدية معتزلة 279 -281

نص الفصوص في العلم والقضاء والقدر 282

قول البياضي في القدر والاختيار 283

القدرية وتنابز المعتزلة والأشاعرة بلقبهم 284 -285

الأبيات المشهورة في الاعتراض على قدر الأشعرية أو الجبرية 286

شبهة من سمى الأشعرية قدرية 287

شبهة من سمى المعتزلة قدرية 288

رأي إبراهيم الكردي في خلق الأفعال 289 -290

كسب الأشعري: إبطاله، ودعوى الرجوع عنه 291

معنى لا قوة إلا بالله 292

تفسير (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) 293 -294

التقليد هو الذي فرّق المسلمين ومزقهم 295 -296

بحث الاختلاف في الدين 297 -298

المذاهب وعصبياتها المضيعة للدين 299 -300

الانتقال من مذهب إلى مذهب -وافتتان المحدثين ببدعة الكلام 301

الإمام أحمد ومسألة خلق القرآن 302

جرح المحدثين وتعديلهم المخالف في المذهب 303 -305

بحث في عدالة الصحابة 306 -308

الكلام في رجال الصحيحين 309 -311

مفاسد الخلاف، والتعصب، ومنع الاجتهاد 312

إيثار المصلحة العامة على المصلحة الخاصة -تنازل الحسن لمعاوية 313

توسع المحدثين بدعوى التشيع وجرح أهله 314

لا يقبل قول أهل المذاهب بعضهم في بعض -إفساد الملوك 315

مفاسد حُب الرياسة 316 -317

ظلم دولة الروم لأهل اليمن -مذهب الزيدية في الإمامة وغيرها 318 -319

محاولة العسكر قتل الإمام الذي سجد للسهو 320

تشعب العقائد واستحلال الدماء 321

ظلم الترك وفجورهم في اليمن ومفاسد التعصب للمذاهب 322 -323

أهل السنة والشيعة 324

توثيق المحدثين لبعض الشيعة -التشيع والبدعة الصغرى والكبرى 325

الزيدية لا رافضة ولا غلاة -رؤية المصنف للنبيّ صلى الله عليه وسلم 326

براءة المصنف من تقليد الزيدية كغيرهم 327 -328

قلة الرواية عند الزيدية، وعدمها عند الإمامية والخوارج 329

غلو المغاربة في الإمام مالك وغلو متبعي المذاهب 330

رجاء مسامحة كبار الصحابة والأئمة لمن يقع فيهم الخطأ 331

غلو ابن عربي في تقديس أهل البيت 332

معنى إذهاب الرجس عن أهل البيت 333

 مفاسد الخلاف، وأخذ الملوك الأموال سحتاً 334

إفساد الملوك والأمراء للعلماء بالمال 335 -336

مفاسد عصبية المذاهب والتكفير 337

مخالفة حكومة الزيدية للشرع 338

مفاسد التكفير بالخلاف واستحلال الأعراض 339

التكفير باللوازم وتوسع الحنفية فيه 340

المعتزلة: مذاهبهم في التكفير، وعذاب القبر 341

انتقاد رجال الجرح والتعديل 342 -343

مفاسد الخلاف في ترك الجهاد، وتعادي حكومات المسلمين 344

مفاسد الخلاف في منع الاجتهاد 345 -346

إبطال حجة الكتاب والسنة بمنع التفقه فيهما 347

تناقض المقلدين في إيثار المتأخرين على الأولين 348 -350

من مفاسد الخلاف ترك الجمعة والجماعة 351 -352

مكان مسألة الكلام النفسي من الديم 353

تحريم الزيدية: الفاطميات على من ليس بفاطمي 354

مفاسد منع تزويج العلويات من غير العلوي 355 -356

زواج عمر بأم كلثوم، وزعم الزيدية الباطل فيه 357

مفاسد الخلاف في المذاهب العملية 358

بدعة التفرق للمذاهب في صلاة الجماعة 359

مبدأ استقلال المؤلف واجتهاده 360 -364

علي المرضي والغالون فيه 365

معاوية وبغيه على عليّ رضي الله عنه 366

يزيد بن معاوية لعنه وفعله 367

كلام المصنف في انتقاد الصوفية والغزالي 368 -369

انتقاده: كشف الصوفية مع تقاليدهم 370 -371

انتقاده حكم ابن عطاء الله السكندري 372

تعليلات الحنفية المخالفة للنصوص 373

كلامه في الحارث المحاسبي 374

نموذج من الانتقاد على "الغزالي" الفارسي الصوفي 375 -377

كلام الذهبي في ابن الفارض 378

قول في الحارث المحاسبي ومن بعده 379

لهو الصوفية وغنائهم 380 -381

الموالد والأعياد المبتدعة -قوله في ابن تيمية وبهت السبكي له 382

عيد العيدروس بمكة 383

التصوف غير الشريعة فهو بدعة 384 -385

القول الفصل في فضلاء الصوفية 386 -387

الجرح والتعديل غير الغيبة 388

حفظ القرآن والسنة ولغتهما 389

الحديث وكتبه والرجال والاجتهاد 390

جمع الحفاظ الحديث 391

الفتن وآية (عليكم أنفسكم) 392

خطر الخلاف والتفرق 393 -394

اتقاء السلف التفريق في تخطئة المخطئ 395

زعم أن كل مجتهد مصيب 396

الأجر والأجران للمجتهد المطلق 397

معنى كون عليّ أقضى الصحابة 398

المقلد يعدل إمامه: بالله والرسول بل يرجحه 399

بحث قولهم: حكم الحاكم يرفع الخلاف 400

خطأ السبكي بتخطئة ابن تيمية 401

اجتهاد النبيّ والصحابة -المجتهد يوافق حكم الله ويُخالفه 402

التكليف بالمبهم هو أحد أفراد الماهية 403

التصوف غير الشريعة فهو بدعة 404

مسألة: كل مجتهد في العقليات مُصيب 405

بلوغ الدعوة الذي يكفر به المخالف 406 -407

بلوغ الدعوة أهل الفترة 408

حكمة التكرار في القرآن 409

حجة القرآن على العالمين 410

الاجتهادات وأخبار علمية أو ظنية 411

الخطر على المجتهد في التحليل والتحريم 412

الخطأ في الاجتهاد وما يُعفى عنه منه 413

حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة 414

الفرق الإسلامية وتنازعها الحقية 415

عامة المسلمين وخاصتهم من البدعة 416 -417

أهل السنة في رأي المصنف 418

العوام ليسوا مبتدعة -والمَخرج من البدعة والخلاف 419 -420

حال المسلمين اليوم في السنة والبدعة 421

بقاء الحق في طائفة -والمجدد على رأس المئة 422 -423

نزول القرآن على سبعة أحرف 424

حفاظ القرآن وأئمة العلوم 425 -426

ما يجب فيه العلم وما يكفي فيه الظن 427

ما كلفنا تركه -بحث في كمال الدين وتمامه 428

ما عفي عنه وسكت من المسائل صنعة أو بدعة ؟ 429

الخطأ في تقسيم الدين إلى أصول وفروع 430

توريط الناس في الكلام المبتدع 431

المخرج من البدعة والخلاف 432

سبب التقليد 433

أحوال الصوفية ووحدة الوجود 434

كتاب "الإنسان الكامل" وصاحبه -وكلامه في وحدة الوجود 435 -436

قول ابن عربي في وحدة الوجود 437

قول ابن عربي بنعيم أهل النار 438

قول ابن عربي بتوحيد أهل التثليث ونجاتهم 439

قول الجيلي في إنسانه: بألوهية المسيح وبالتثليث 440

رأي أهل الوحدة في دين النصارى 441 -443

قول ابن عربي بحقية ربوبية فرعون 444

قول ابن عربي والجيلي في التوراة 445

دعوى ابن عربي خطاب الحق له 446

قول ابن عربي في الوحدة 447 -451

قول ابن سبعين في الوحدة 452

حقية عبادة الهوى عند أهل الوحدة كابن عربي 453 -454

عبادة النساء عند أهل وحدة الوجود كابن عربي وابن الفارض 455 -456

اتحاد الذات والصفات عند أهل الوحدة كابن عربي والجيلي 457

نسبة الممكن إلى الواجب عند ابن عربي والجيلي 458

تفضيل أهل الوحدة أنفسهم على الأنبياء 459 -461

قول ابن عربي بتسمية جماعتهم أنبياء وبالوحي إليهم 462 

تفضيل ابن عربي الولاية على النبوة 463

تصويب ابن عربي لأعداء الأنبياء -ودعواه الوحدة بالله تعالى 464

إباحة ابن عربي والجيلي المعصية لجماعتهم بل جعلها طاعة 465

دعوى ابن عربي والجيلي أن أهل النار يتنعمون فيها -وبفناء الجنة والنار 466

تصويب أهل الوحدة عبادة الكفار 467 -468

سبب غرور الناس بأهل الوحدة وأمثالهم 469

بطلان كون أهل الوحدة أولياء الله 470 -471

أهل الوحدة الباطنية 472

الولي الشرعي -وزعم ابن عربي أنه خاتم الأولياء 473 -474

تفضيل ابن التلمساني الفصوص على القرآن 475

دعاوي عبد القادر الجيلي وإبراهيم الدسوقي 476 -477

تكفير المصنف لأهل الوحدة من الصوفية 478 -480

القطع بثبوت أصل الإسلام -وكونه كمل وتم 481 -482

رد أعذار من يعتذرون لأهل الوحدة 483

اعتراف أهل الوحدة بعدم الدليل عليها وقولهم بالذوق 484

استدلال القزويني على الوحدة وتصويره لمسألة الأعيان الثابتة 485

رد قول القزويني في الماهيات والأعيان الثابتة 486

رد الاستدلال على وحدة الوجود 487

إنكار أهل وحدة الوجود للممكن -وبيان أنهم باطنية 488

رد قول أهل الوحدة في الوجود الممكن 489

تكفير علماء المذاهب الأربعة لأهل الوحدة 490

فتوى ابن تيمية في كفر أهل الوحدة 491 -492

انخداع الشيعة الباطنية 493

فتوى بدر الدين بن جماعة بكفر أهل الوحدة 494

فتوى الحارثي وابن الجزري بكفر أهل الوحدة 495

 فتوى القاضي الكتاني بكفر ابن عربي وأهل الوحدة 496

 فتوى نور الدين البكري بكفر ابن عربي وأهل الوحدة 497

 فتوى شرف الدين الزواوي بكفر ابن عربي وأهل الوحدة 498

 فتوى ابن خلدون في أهل الوحدة، وكتبهم 499 -500

 فتوى العز بن عبد السلام واليافعي في ابن عربي 501

قول الذهبي في ابن عربي 502

قول الحافظين أبي زرعة والمزي في ابن عربي 503

تكفير البلقيني والناشري لابن عربي وابن الخياط 504

قصيدة ابن المقري في ابن عربي وأهل الوحدة 505 -508

مباهلة ابن حجر لمادح ابن عربي 509

ختم الكتاب والوعد بالتطبيق عليه 510



الخميس، 9 يونيو 2022

رأس الحسين تأليف الإمام المجتهد المُحقق تقيُّ الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الدمشقي (661 -728 هـ)

رأس الحسين

تأليف الإمام المجتهد المُحقق

تقيُّ الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الدمشقي

(661 -728 هـ)

إعداد: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة


١. ولد الحسين رضي الله عنه في المدينة المنورة، ليلة 5/ شعبان، في العام 4 ﮪ.
٢. ولما ولد اذن النبي ﷺ في اذنه، وسماه حسيناً، وعقَّ عنه، وتصدق بزنة شعره فضة، وكان يحبه حبا جما؛ ولذلك قال فيه:
♢ "حسين مني وانا من حسين"...
♢ "أحب الله من أحب حسينا"...
٣. وكان الحسين كثير الصلاة والصوم والصدقة والحج؛ فقد روي عنه انه حج 25 حجة، ملبيا ماشيا..
٤. ولما توفي النبي ﷺ، كان الحسين مكرما معززا عند أبي بكر؛ الذي ما فتئ يوصي به وبأهله، فهم آل النبي، فكان يقول: "ارقبوا (أي: أكرموا) محمدا بإكرام أهل بيته"..
٥. ولما ولي عمر بن الخطاب الخلافة، كان يؤثره- وهو غلام- على ابنه "عبد الله"..
٦. وفي خلافة عثمان، كان قد جاوز العشرين من عمره، وانتظم في جيش المسلمين، الذي امتدت فتوحاته من طبرستان شرقا، إلى بلاد المغرب غربا، إلى بلاد فارس شمالا على ساحل بحر قزوين..
٧. وفي خلافة أبيه (علي بن ابي طالب)، حضر معه موقعة الجمل بالبصرة، وموقعة صفين، وغيرها..
٨. ولما استقر الحكم لمعاوية رضي الله عنه، ودانت له الدنيا، انضوى الحسين تحت حكمه، بعدما تنازل اخوه الحسن عن الخلافة طوعا، وحقنا لدماء المسلمين..
٩. ولما توفي معاوية، قام بأمر الخلافة من بعده ابنه يزيد، الذي كتب إلى والي المدينة "الوليد بن عتبة" يطلب منه أن ياخذ البيعة من الحسين.. ولكن الحسين امتنع عن مبايعته..
١٠. ولما علم اهل الكوفة بذلك، وكانوا اهل شقاق ونفاق، كتبوا إليه: "أن الحق بنا نبايعك وننصرك، ونسلم امرنا إليك، ونحن نموت دونك، وإن مائة ألف فارس مجرب ينصرونك"، فصدقهم الحسين، ولم يعلم انهم غرروا به، وكذبوا عليه، وأنهم إنما ارادوا الفتنة ..
١١. وعندما اقترب الحسين من ابواب الكوفة، وكان معه أهل بيته، وسبعين فارسا من أولاد عمومته وصاحبته المقربين، اكتشف أن الأمر خديعة، وأدرك انه يسير إلى كمين..
١٢. وفي لحظة مباغتة، وجد الحسين نفسه أمام جيش مكون من اربعة آلاف مقاتل، في منطقة "كربلاء"، وقام هذا الجيش بمحاصرتهم، ومنع الماء والمدد عنهم..
١٣. وأدرك الحسين حقيقة ما يعدونه له، فعرض على قائد الجيش "ابن زياد"، ثلاثة عروض لإنهاء الموقف؛ وهي:
  - أن يتركوه يرجع إلى مكة.
    (أو)
  - أن يذهب إلى يزيد ويتفاوض معه لحل الخلاف.
  (أو)
  - أن يتركه ليتوجه إلى أحد ثغور المسلمين؛ ليشترك معهم في الجهاد.
١٤. ولكن ابن زياد رفض العروض جميعها، ولم يقبل بواحدة منها، فقد كان يبتغي قتل الحسين والخلاص منه..
١٥. ولما أدرك الحسين انه سيقتل لا محالة، أراد دفع الأذى عن أصحابه وأهل بيته، فأمرهم بالمغادرة، والعودة؛ ليبقى هو وحده أمامهم، وقال لهم: "لقد بررتهم وعاونتم ولكنهم لا يريدون غيري.. ولو قتلوني لن يبتغوا أحدا غيري"..
١٦. فرفض أصحاب الحسين خذلانه في موقف يتطلب فيه النصرة، وقالوا له: "والله لا نفعل، ولكن نفديك بأنفسنا.. ونقاتل معك، حتى نرد موردك"..
١٧. ولم يكن الحسين هو المبادر للقتال، بل اكتفى بالجلوس هو اصحابه في مكانهم، حتى إذا عطش طفله "عبد الله"، تقدم إلى الفرات ليسقيه، فأرسل جيش ابن زياد سهما في قلب الطفل، وسهما في وجه أبيه الحسين..
١٨. فهب الفرسان للدفاع عن أميرهم وصاحبهم "الحسين"، فكانوا يتلقون موجات ضاربة، وكتل صماء من الجنود، حتى صرعوا جميعا وقتل الحسين، وقطع راسه، ومثلوا بجسده، وهو يذب عن خيام اهله ونسائه، وذلك في 10/ محرم/ سنة 61ﮪ..
  وجاءت الروايات بأن "شمر بن ذي الجوشن" هو الذي قام بقطع رأس الحسين، بعد أن سدد إلى عنق الحسين اثنتي عشرة ضربة، كان آخرها انفصال الراس الطاهر..
وكان "لابن ذي الجوشن" ضلع عظيم في تحريض ابن زياد وتغريره وتجريئه على قتل الحسين..
١٩. ولم ينج من ذريته واهله سوى النساء، وابنه "علي زين العابدين"، الذي كان مريضا وقت الحادثة، وقد اخذوا جميعا سبايا إلى الكوفة..
٢٠. واتفقت الأقوال على أن جسد الحسين دفن مع أصحابه الذين قتلوا معه في كربلاء.. وذلك في اليوم التالي للحادثة، وقبره معروف هناك إلى اليوم..
٢١. أما رأس الحسين؛ فاختلفوا فيه:
  ▪  فقيل: بعثه يزيد إلى المدينة؛ وأمر بدفنه في البقيع، بجوار قبر أمه وأخيه الحسن.. وهو ما نرجحه، ويؤيده قول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فيقول: " أما (رأس الحسين)؛ فمدفون بالمدينة عند قبر أمه فاطمة... وأما (بدن الحسين)؛ فمدفون بمصرعه هناك (بكربلاء)، ولم ينبش ولم يمثل به أحد!.."..
▪ وقيل: دفن بمدينة "مرو" بخراسان، وهو بعيد..
▪ وقيل: دفن بمدينة "الرقة" بالعراق..
▪ وقيل: دفن "بدمشق" عند باب الفراديس..
▪ وقيل: دفن بعسقلان، بعد أن طيف به في كل الأمصار..وقواه بعضهم. والصحيح أنه قول ضعيف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و(المشهد العسقلاني) انشأ بعد عام 490 ﮪ، أي بعد مقتل الحسين بأكثر من 430 سنة...".
▪ وقيل: دفن في مصر، وهو قول لا يصح بحال؛ وذكر هذا القول: ابن خلكان (608 ﮪ / 681 ﮪ) في تاريخه، وابن بطوطة (703ﮪ/ 779ﮪ) في رحلته، ويذكر انه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن المشهد المنسوب إلى الحسين بن علي في (القاهرة) كذب مختلق بلا نزاع، وهو منقول عن (المشهد العسقلاني)، وهو ايضا كذب"..
وقال: "وأما (المشهد المصري)؛ فأنشأوه بعد مقتل الحسين بما يقرب على 500 سنة، وهذا باتفاق أهل العلم...".. اي حوالى سنة ( 548ﮪ) تقريبا..
واتفق الناقلون لذلك أن الذي قام بنقل الرأس من عسقلان إلى مصر، هو الرافضي العلوي المصري: الصالح طلائع بن رزيق (وزير الفاطميين في مصر) (495 ﮪ/ 556 ﮪ)، والذي قام بدفع مبلغ ثلاثين ألف دينار للفرنجة، حتى يمكنوه من نقل الرأس من عسقلان إلى مصر..
ومعلوم أن الفرنجة استولوا على فلسطين وعسقلان في العام (548 ﮪ)، وخلصها صلاح الدين من أيديهم في العام (587 ﮪ)..
وعليه؛ فإن ابن بطوطة وابن خلكان وغيرهم لم يدركوا الواقعة أصلاً، فكيف يجزمون بذلك، ويصيرونها، وكأنها رؤيا عين..
وكيف تجرأ ابن بطوطة على القول بأنه شاهد نقل الراس، وقد كان ذلك قبل مولده..!!..
ويبدو أن ابناء تلك الحقبة قد تأثروا بما تناقله الناس في مصر، من وجود راس الحسين عندهم، بحيث تصعب مخالفتهم، أو القول بغير قولهم..
أضف إلى ذلك محبة المصريين الجامحة لأهل البيت سيما وأن فترة الفاطميين قد أثرت فيهم ايما تأثير، مع طول المدة، وتجذر التشيع فيها..
ونذكر منهم،
_ ابن الميسر (المؤرخ المصري، ت 677 ﮪ).
- وأحمد القلقشندي المصري (756 ﮪ/ 821 ﮪ).
- وإبراهيم بن وصيف شاه (ت 599 ﮪ)، وهو اقربهم إلى الحادثة، ونقل ذلك، وقد نقل الراس قبل خمسين عاما من وفاته، ولاننا لا نعلم ولادته، فإننا لا ندري هل راى الحادثة بعيني رأسه، وعلى فرض انه رآها، فإنه لم يرد عنه ولا عن واحد منهم انه رأى حقيقة راس الحسين..
-  ومنهم المقريزي المصري (766 ﮪ/  845 ﮪ ).
- وقد عاين قبر الحسين الرحالة ابن جبير الأندلسي (540 ﮪ/ 614 ﮪ)، وذلك في العام (578 ﮪ)، أي بعد دفن الرأس ب (29)  عاما.. والصحيح أنهما لم يدركا حادثة النقل ولا رأياها..
يقول ابن جبير عن الرأس: "وهو في تابوت فضة، مدفون تحت الأرض، وقد بني عليه بنيان جميل يقصر الوصف عنه، وهو مجلل بانواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا ابيض، وعلقت عليه قناديل الفضة.." الخ.
- ولما جدد الأمير "عبد الرحمن كتخدا" المشهد الحسيني في العام (1175 ﮪ)،  ذكر المؤرخ "عثمان ملوخ" في كتابه (العدل الشاهد)، ان الشيخان: الجوهري الشافعي، والملوي المالكي، دخلا القبر فرأيا: "كرسي من خشب -كالمنضدة- فوقه طست من ذهب، فوقه ستارة من الحرير الأخضر، داخله الرأس الشريف!!..".
والصحيح أنهما لم يتبينا حقيقة الرأس، ربما لأنهما هابا فتح اللفافة التي عليه..!!.
وعلى كل فقد جدد بناءه "عبد الرحمن كتخدا"، وارخ عليه وكتب:
مسجد الحسين أصل المعاني.. لا يضاهيه في البقاع علاء
فيه فضل الرحمن للعبد نادى ... زر وارخ لك الهنا والرضاء
- وجدد بناءه ايضا "علي ابو الانوار"، وارخه، وكتب عليه:
انشا علي ابو الانوار سيدنا ... بابا لسبط رسول الله ذي الرشد
وحسن إشراق نور الله أرخه ... باب حماه عظيم الجاه والولد
- وجدد بناءه الخديوي إسماعيل، وصنع له منبراً..
- وقام عبد الرحمن التازي بكسوة المحراب بالقاشاني (نوع نفيس من الثياب)، وكتب عليه: اللهم كن برحمتك خير مجازي لمنشئه عبد الواحد التازي..!!
واستمر التجديد لمدة ثمانية قرون، كل يضيف ما يحلو له، ويكتب ما بدا له..
والملاحظ أن النقش على التابوت كتبت عليه آيات لا علاقة لها بالحسين، ولا بتاريخ وفاته، إنما هي آيات كريمات فقط..
- ويذكر أهل التاريخ ان الوزير طلائع، استقبل الرأس حافيا، ووضعه على حرير أخضر، وحمله إلى قصر الزمرد، ودفنه في سرداب القصر، وبقي مدة عام، حتى انشا له ضريح؛ ثم نقل إلى هذا الضريح في العام التالي لوصوله.. وذلك في العام (549 ﮪ).
▪ ومن العجيب أنك إن ذكرت ذلك؛ قالوا: إن لم يكن هذا المكان مثوى راسه؛ فليكن المكان الذي نحيي فيه ذكراه..
...........................
وكتبه، ا.  محمد حنونة.
حقوق النشر محفوظة.





الأربعاء، 8 يونيو 2022

زكاة الزيتون أ. د. سلمان بن نصر الداية

زكاة الزيتون

أ. د. سلمان بن نصر الداية

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ إن مما أنعم الله به على عباده نعمة الزرع والثمر، ومن جملة الثمر: ثمرة الزيتون المباركة، التي ذكرت في القرآن الكريم في مواضع متعددة، فقد أخبر الله تعالى أن شجرتها مباركة؛ فقال: {شجرةٍ مُباركةٍ زيتونة} (النور: ٣٥)، وأقسم بها في موضع آخر؛ فقال سبحانه: {والتين والزيتون} (التين: ١)، وذكرها في مقام الامتنان على عباده؛ فقال جل شأنه: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} (النحل: ١١)، وقال سبحانه: {وزيتوناً ونخلاً} (عبس: ٢١)، وقال في مقام بيان قدرته: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} (الأنعام: ١٤١).

وهذا بحثٌ موجز نفيس في بيان حكم زكاة الزيتون، وما يجب على المكلف في ذلك، ويقع هذا البحث في مقدمة، ومطلب واحد وخاتمة، وتحدث الباحث في المقدمة عن فضل الزكاة، والترهيب من منع إخراجها.

وأما المطلب فتحدث فيه عن حكم زكاة الزيتون، ومذاهب العلماء فيه، ثم ذكر في الخاتمة القول الراجح في هذه المسألة، مع ذكر مسوغات الترجيح.

وقد رجَّح الباحث المذهب القائل بعدم وجوب الزكاة في الزيتون، وأن الزيتون عندنا مما عفا عنـه، كعفـوه عـن الخـضراوات والفواكه.

وإليك البيان:

اختلف العلماء في وجوب الزكاة في الزيتون على أقوال:

١) ذهب الشافعية  في الجديد والظاهرية إلى أنه لا زكاة في الزيتون؛ وهو رواية عن أحمد، وبه قال الحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، وأبو عبيد.

٢) وذهب الحنفية والمالكية إلى أن فيه الزكاة، وهو قول الزهري والأوزاعي، والليث،والثوري، وأبو ثور، وهو قول الشافعي في القديم، ورواية عن أحمد، وقول ابن عباس. واختلفوا في كيفية زكاته:

أ- فقال الزهري، والليث، والأوزاعي: يخرص فتؤخذ زكاته زيتاً.

ب- وقال مالك: لا يخرص، بل يؤخذ العشر بعد عصره وبلوغه خمسة أوسق.

ومنشأ الخلاف بين الفريقين:

هو اختلافهم في تعلق الزكاة بالأصناف الأربعة المذكورة في الحديث، وهي (القمح، والشعير، والتمر، والزبيب)، هل هو:

واجبٌ لعينها، أو لعلة فيها، وهي الاقتيات والإدخار؟ 

أ- فمن قال: يجب لعينها، قصر الوجوب عليها.

ب- ومن قال: يجب لعلة الاقتيات، عدى الوجوب لجميع المقتات.

واختلفوا: هل الزيتون هو قوت، أو ليس بقوت؟

أ-فمن قال إنه قوت: أوجب الزكاة فيه.

ب-ومن قال ليس بقوت: لم يوجب الزكاة فيه.

واستدل القائلون بوجوب الزكاة في الزيتون:

1) تغليب الأدلة القائلة بعموم الزكاة في كل ما أخرجته الأرض، ومن ذلك قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} (الأنعام: ١٤١) أي: يوم جزّه وقطعه.

وجه الدلالة: أن الزكاة تجب الزكاة في كل ما خرج من الأرض باستثناء ما أجمع الفقهاء على أنه لا زكاة فيه كالحشيش النابت من الأرض، والحطب والقصب.

واعترض عليه: بأن الآية تحكي حكْماً أَمر االلهُ به المؤمنين قَبلَ أن تفرض عليهم الزكاة المعلومة، فكانوا إذا مر بهم أحد يوم الحصادِ أو الجِذَاذِ أطعموا منه، فليس المقصود إذن بيان حكم الزكاة.

ثم إن الله -سبحانه -نسخ الحكم الوارد في الآية بالزكاة، وممن قال بالنسخ: ابن عباس، وابن الحنفية، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وانتصر له ابن جرير الطبري.

3) استدلوا بعموم حديث ابن عمر، مرفوعاً (فيما سقت السماء العشر،  وفيما سُقي بالسواني أو النضح نصف العُشر) "صحيح".

وجه الدلالة: أن الحديث يعم كل ما تخرجه الأرض، ويدخل في عمومه الزيتون؛ فإن كان يسقى بماء السماء والنهر أو كان عثرياً ففيه العشر، وإن كان بالنضح فنصف العشر.

واعترض عليه: بأن أن الحديث إنما جاء لبيان القدر الواجب إِخراجه مما تجب فيه الزكاة من نبات الأرض، وليس المراد منه العموم في كل ما أخرج منها؛ لأنه ورد في السنة ما يخصص الزكاة في أصناف معينة من الحب والثمر.

فأجاب الموجبون: بأن الحديث جاء للعموم في كل مسقي، وذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، ولا تعارض في إيجاب الزكاة في الزيتون مع إيجاب الزكاة في غيره.

ورد عليهم: بأنه لو كانت الزكاة واجبةً في الزيتون وغيره؛ لبينها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكنه لم يفعل، وكذلك أصحابه من بعده.

4) وعن الأوزاعي أن ابن شِهابٍ الزهري، قال: (مضت السنة في زكاة الزيتـون أن تؤخذ ممن عصر زيتونه حين يعصره فيما سقت السماء والأنهار أو كان بعـلاً العشر، وفيما سقي بالرشاء أو النضح نصف العشر).

ويُجاب عليه: أن هذا الأثر موقوف لا يعلم اشتهاره، ولا يحتج به على الصحيح. وقد جاء ما يُعارضه من حديث معاذ الآتي: (لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة) "صحيح" ولم يذكر منها الزيتون.

5) أنه يمكن ادخار غلة الزيتون؛ فأشبه التمر والزبيب.

ويُجاب بأن الزيتون لم يخرج الصحابة زكاته، ولا أمروا بذلك، ولم يثبت ذلك عنهم، فيكون ترك زكاته إجماعاً منهم.

واستدل القائلون بالمنع:

1) أن النص جاء بحصر الزكاة في أربعة أصناف، كما في حديث معاذ بن جبل، قال لهما لما بعثهما إلى اليمن: (لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والتمر، والزبيب) رواه البيهقي في الكبرى.

2) في قوله تعالى: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الأنعام: ١٤١).

وجه الدلالة: أن الله تعالى ذكر الزيتون والرمان في سياق واحد، ولا زكاة في الرمان عند الأكثـر دون أبـي حنيفة، فلزم –بسبيل المجاورة – أن يكون الزيتون كذلك ليس فيه زكاة.

واعترض عليه: بأن الآية إنما وردت عامة فيما يقتات ويدخر، فخرج بذلك الرمان؛ لأنه لا يقتات ولا يدخر، وبقي ما عداه تحت حكم العموم، ومن جملة ذلك الزيتون؛ لأنه عندهم يُقتات ويدخر. أما أبو حنيفة، فقد أفاد أن الآية على عمومها لم يخصصها شيء، وبالتالي يدخل في ذلك: الزيتون والرمان معاً.

وقالوا: يوم حصاده هو يوم قطعه، فذلك قد يكون في الخضر، وفي كل ما يقطع من الثمار عـن شجرة، سواء كان بالغاً أو أخضر رطباً.

ويُجاب عليه: بأن المرجع في معرفة الأصناف التي تجب فيها الزكاة، هو أقوال النبيِّ -صلى الله عليه وسلم -والآثار الورادة عن أصحابه، ومن ذلك:

ما رواه سفيان قال: بعث الحجاج بموسى بن المغيرة علـى الخـضر والسواد، فأراد أن يأخذ من الخضر الرطاب والبقول، فقال موسى بن طلحة عندنا كتاب معاذ عن رسول االله -صلى الله عليه وسلم -(أَنَّه أَمره أَن يأْخُذَ مِن الحنْطَةِ والشَّعِيرِ والتَّمرِ والزبِيبِ). قَـال: فَكَتَب إِلَى الحجاجِ فِي ذَلِك، فَقَالْ : صدق. وفي رواية له: (أنه ليس في الخضر شيء).

وروى البيهقي وابن الجارود بإسناد صحيح، عن موسى بن طلحة: (أن مـعاذاً لم يأخذ من الخضروات صدقة).

3) عـن أبي موسى، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -بعثهما إلى اليمن، فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم، فقال: (لَاْ تَأْخُذَا الصدقَة إِلَّاْ مِـن هـذِهِ الَأْصـنَافِ؛ الأَربعـةِ: الشعيِر، والحنطةِ، والزبيبِ، والتمر).

الشاهد: أفاد الحديث برواياته حصر الزكاة في الأصناف الأربعة التي اجتمعت فيها صفتي القوت والادخار. وقد ألحق كثير من العلمـاء المالكية والشافعية والحنابلة كل ما تتحقـق فيـه علة القوت والادخار.

ولا يخفى أن الزيتـون ليس مما يُقتات عليه، ولا مما يدخر يابساً، فإنـه كالخضروات، كما ذكر الإمام أحمد في رواية المذهب، وإن زيته من الإدام لا من القوت كما ذكر الشافعي في الجديد، وعليه فلا تجب فيه الزكاة.

كما أن المقصود بالزكاة سد الخُلة، ولا يكون ذلك إلا بما يُقتات عليه؛ فيخرج بذلك الزيتون من عموم ما أخرجته الأرض.

واعترض عليه: بأن الزيتون من أعظم القوت، وأنه يدخر زيتاً ، ويدخر حباً.

والجواب: أن هناك ما هو أعظم قوتاً من الأصناف الأربعة، مع إمكان إدخاره، ولم يوجب النبيُّ صلى الله عليه وسلم -فيها الزكاة، ولا أصحابه من بعده، فعُلم بطلان هذه الحجة.