أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 مايو 2022

شرح حديث ما ذئبان جائعان رسالة في ذم الحرص على المال والشرف تأليف الحافظ ابن رجب الحنبلي

شرح حديث ما ذئبان جائعان

رسالة في ذم الحرص على المال والشرف

تأليف الحافظ ابن رجب الحنبلي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لقد قدم الإسلام للعالم منهجاً تربوياً متكاملاً، يصقل شخصية الفرد، ويبرزه كعلامة فارقة ومؤثرة في المجتمع، ويعده إعداداً كاملاً لحياة الدنيا والآخرة، وكان من أبرز المرتكزات التي قام عليها هذا المنهج: الخضوع لله وحده، وإخلاص العبودية له، والأخذ بكل ما جاء به الرسول صلى االله عليه وسلم.

فكانت التربية الإسلامية هي المنقذ الوحيد لأجيالنا من الذوبان وفقدان الهوية في هذه الأوضاع التي طغى فيها حب المال والشهرة على الأهداف الشريفة والغايات النبيلة، وقد أضحى المنهج الإسلامي اليوم ضرورة حتمية وشرعية للحياة الآمنة والمطمئنة، التي توازن بين الروح والمادة، وبين الغنى والقناعة، وبين الرفعة والتواضع.

وسعت التربية الإسلامية إلى إيجاد حالة متوازنة في النفس الإنسانية من خلال ضبط سلوكيات الفرد ضمن إطار الحاجة والمسؤولية، وذلك في نصوص قرآنية كثيرة، قال تعالى:{وابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص: 77).

وفي إطار هذا الحديث، نجد أن الإسلام كثيراً ما ينعى على ابن آدم حرصه على جمع المال وكنزه، وطلب الرياسة والسعي إليها، دون الوفاء بحقوق أيِّ منهما، فتراه يحرص على طلب المال من جميع وجوهه المباحة والمحرمة، ويطلب الشرف والرياسة من كل طريق نظيف ورذيل، ليُخضع الناس لأمره ونهيه، ويتعاظم بذلك ويتكبر على خلق الله، ثم هو يمنع حق المال الواجب، ويقطع الأرحام، ويسيء في معاملة الناس، ويظلم عباد الله.

وأما الشرف الحقيقي، فهو في طلب الآخرة والسعي لها، والبطولة الحقيقية في إيثار الباقي على الفاني، وقد قال صالح بن الإمام أحمد -وذكر عنده رجل؛ فقال: "يا بُنيّ! الفائزً من فاز غداً، ولم يكن لأحدٍ عنده تبعة" (الحلية: 9/ 179).

وقد علم ذلك الحريص بأن رزقه مقسوم، وأجله محتوم، وأن المال والرياسة كليهما لا يدوم. بل إن الحريص على الشرف والمال -في دنياه مُعذَّبٌ مشغول، مغموم محزون، لا يهنأ له عيش، ولا يرقى له بال.. وإن من الشرف في الجاه الزهد فيه، وكان الإمام أحمد يقول: "الزهد ترك حُب الثناء" (المناقب، ص 195).

وقد قيل لبعض الحكماء : فلانا يجمع مالاً! فقال هل جمع أياماً ينفقه فيها؟ قيل: لا. قال: ما جمع شيئاً. فرزق الله لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهة كاره.. 

وهذه رسالة لطيفة بديعة بيّن فيها الحافظ ابن رجب آفات الحرص على المال والشرف، من خلال شرح حديث: (ما ذئبانِ جائعانِ أُرسلا في غنمٍ، بأفسدَ لها من حرصِ المرءِ على المالِ والشرفِ، لدِينه). 

وهذا مثلٌ عظيم ضربه النبيُّ صلى الله عليه وسلم لبيان الفساد الذي يُصيب دين المسلم بالحرص على المال والشرف في الدنيا، ذلك أنه يُضيع عمره في تحصيل هذين الأمرين، ويغفل عن مراعاة أمور دينه، فكان إفسادهما للدين مثل إفساد الغنم بذئبين جائعين ضاريين باتا في الغنم، وقد غاب عنها رعاتهما ليلاً، فهما يأكلان في الغنم، ويفترسان فيها من غير أن يشعر أصحابها.

فمثَّل الطمع في المال والحرص على الشرف: بذئبين يأكلان دين المرء ويفترسانه، وهذا التصوير يحمل في طياته غاية التحذير، ذلك أن حرص المرء على المال والشرف ليس إفسادهما لدينه بأقل من إفساد هذين الذئبين لهذه الغنم، بل إما إن يكون مساوياً وإما أن يكون أزيد.

وقد ذكر المصنف أنواع الحرص على المال، والتي منها: شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه المباحة والمحرمة، وفي الحرص على المال جمعٌ لمن لا يحمده، ويقدم به على من لا يعذره.. 

وهذا الحديث مرويٌّ عن ثمانيةٍ من الصحابة الكرام، وهم: كعب بن مالك الأنصاري، وأبو هريرة، وعاصم بن عدي وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخُدري، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عباس، رضي الله عنهم.

وفي حديث عاصم بن عدي بيان سبب ورود الحديث: (قال عاصم: اشتريت أنا وأخي مائة سهم من سهام خيبر، فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا عاصم ما ذئبان…).

وفي حديث جابر: (غاب عنها رعاتها بأفسد فيها من التماس الشرف والمال لدين المؤمن)، وفي بعض الروايات: (باتا في حظيرة -وفي لفظٍ: زريبة غنم -يفترسان ويأكلان). وفي حديث ابن عباس (من حُب المال والشرف) بدلاً من (الحرص في الدنيا).

وقد بيَّن المُحقق تخريج هذا الحديث، وطُرقه، واختلاف ألفاظه، مع بيان رجاله، وإسناده، ومدى صحته عند أهل العلم المتقدمين والمعاصرين. وقد صححه من أهل العلم الترمذي، وشعيب الأرناؤوط، والألباني، وغيرهم.

شرح الحديث من التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 395)

(ما ذئبان) ضاريان، (جائعان أرسلا) أطلقا وخليا (في غنم بأفسد لها) أي للغنم بإهلاكها وإتلافها (من حرص المرء) هو المفضل عليه (على المال) متعلق بأحرص (والشرف) طلب العلو والرياسة (لدينه) متعلق بأفسد، وقيل: إنها للبيان كأنه قيل لمن أفسد قال لدينه، أي أن الحرص على الشرف والمال أكثر إفساداً للدين من إفساد الذئب للغنم فهو زجر عن حب المال والحرص عليه وعلى الشرف وإن ذلك متلف للدين (حم ت) عن كعب بن مالك).

شرح الحديث من التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 349)

(مَا) بِمَعْنى لَيْسَ (ذئبان) اسْمهَا (جائعان ارسلا فِي غنم بأفسد) خبر مَا وَالْبَاء زَائِدَة أَي أَشد افسادا (لَهَا) أَي للغنم، وَاعْتبر فِيهِ الجنسية فأنث وَقَوله (من حرص الْمَرْء) هُوَ الْمفضل عَلَيْهِ (على المَال والشرف) أَي الجاه والمنصب (لدينِهِ) لامه للْبَيَان كَأَنَّهُ قيل لأفسد من أَي شئ قيل لدينِهِ، وَالْمَقْصُود أَن الْحِرْص على المَال الشّرف أَكثر افسادا للدّين من افساد الذئبين للغنم؛ لَان الأشر والبطر يفسدان صَاحبهمَا، اما المَال فُلَانُهُ يَدْعُو الى الْمعاصِي فانه يُمكن مِنْهَا، وَمن الْعِصْمَة أَن لَا تجدو لانه يَدْعُو الى التنعم بالمباحات فينبت على التنعم جسده، وَلَا يُمكنهُ الصَّبْر عَنهُ، وَذَلِكَ لَا يُمكن استدامته الا بالاستعانة بِالنَّاسِ والالتجاء الى الظلمَة وَذَلِكَ يُؤَدِّي الى النِّفَاق وَالْكذب، وَأما الجاه فانه أعظم فتْنَة من المَال فان مَعْنَاهُ الْعُلُوّ والكبرياء والعز وَهِي من الصِّفَات الالهية (حم ت عَن كَعْب بن مَالك) واسناده كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ جيد

شرح الحديث من السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (4/ 201)

(ما) بمعنى ليس (ذئبان) اسمها (جائعان) صفة له (أرسلا في غنم) الجملة صفة ثانية (بأفسد خبر ما والباء زائدة أي أشدّ فساداً (لها) أي للغنم (من حرص المرء) هو المفضل عليه لاسم التفضيل (على المال) متعلق بالحرص (والشرف) عطف على المال والمراد به الجاه وقوله (لدينه) اللام فيه للبيان كان قيل بأفسد لأي شيء قيل لدينه والقصد أن الحرص على المال والشرف أكثر إفساداً للدين من إفساد الذئبين للغنم (حم ت) عن كعب بن مالك قال العلقمي بجانبه علامة الصحة.





الثلاثاء، 10 مايو 2022

ذم من لا يعمل بعلمه لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر (499 -571 هـ)

ذم من لا يعمل بعلمه

لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر

(499 -571 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ ما أتعس أولئك الذين جعلوا الدين مركباً للدنيا، فأعمالهم بحسب الظاهر هي أعمال أهل الإيمان، ولكنَّك إذا فتشت بواطنهم: وجدت الانحراف والزيغ والضلال، فتراهم أبعد الناس عن قوانين الأخلاق، ومبادئ الشرع، بل تراهم مائلين في غالب أحوالهم إلى أهواء السياسيين ورغباتهم، وعاجزين غاية العجز عن قول كلمة الحق بين جدارن البرلمانات وأروقة الحكم، فهؤلاء الذين يُخادعون الناس بأعمالهم، هم الخاسرون يوم القيامة، الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا، ويحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً.

فالمقصود الأول من العلم تنقية العقل وتزكية الروح وتصفية القلب، فحال طالب العلم بين الناس حال القمر الذي يُضيء، كما قيل: 

(تُضيءُ في الليلة الظلماء سُنّته .. كما يُضيء لمن يسري به القمرُ)

وإن من أكبر آفات التعليم أن يتعلم المتعلم ولا يعمل بعلمه، ولذلك كانت مسؤوليته كبيرة أمام الله وأمام الناس، كما قال الله تعالى: {فلنسئلنَّ الذينَ أُرسلَ إليهم} (الأعراف: ٢٦) أي لنسالنَّ الأمم الذين أرسل الله إليهم المرسلين عما أجابوا به رسلهم.

وقال الله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} (سورة القصص: ٢٦٥). يقول سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن (٥/ ٢٧٠٦) في تفسير آية سورة القصص: (إن الله ليعلم ماذا أجابوا المرسلين، ولكنه سؤال التأنيب والترذيل، وإنهم ليواجهون السؤال بالذهول والصمت: ذهول المكروب، وصمت الذي لا يجد ما يقول: {فعميت عليهم الأنباء يومئذٍٍ وهم لا يتساءلون} والتعبير يلقي ظل العمى على المشهد والحركة، وكأنما الأنباء عمياء لا تصل إليهم، وهم لا يعلمون شيئا عن أي شيء! ولا يملكون سؤالاً ولا جواباً. وهم في ذهولهم صامتون ساكتون!).

فليس العلم إذن بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية، ورأس العلم تقوى الله حقاً، ولذلك كان العلماء الربانيون مخبتين لله تعالى، يقومون الليل ويستغفرون بالأسحار، ويتركون المعاصي والمحرمات، قال الحسن البصري: (كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه، وبصره، ويده)، رواه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٤٩١/١)، وابن الدواليبي في كتاب فضل العلم وفضل حملته (ص ٥١).

والأساس الذي ينبغي أن يقود طالب العلم هو الإخلاص، والصدق، والاتباع، وحب نشر العلم، وقد كان من إخلاص الإمام أحمد قوله: "لو وجدتُ السبيل لخرجتُ ولا يكون لي ذكر"، وقوله: "أريدُ أن أكون في بعض الشعاب بمكة حتى لا أُعرف، قد بُليتُ بالشُّهرة، وإني لأتمنّى الموتَ صباح مساء" (أحمد؛ لأبي زهرة: 6). 

فمن أراد التصدُّر للناس فلينطق بعلم، أو يسكت بلحلم، وليجعل لكل مقامٍ مقال، ولكل نُزُلٍ رجال، وإن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم.

وإن العالم الحق هو الذي يُظهر الحق للناس ويُبينه، لا الذي يُزين الباطل ويزخرفه، بل إن العالم الحق دوماً في مواجهة الباطل بكل ما يقدر عليه من عبارة وإشارة وبرهان، فيُبطل الباطل ويُميزه ويُشينه ويُقبحه للنفوس بكل طريق مؤدٍّ إلى ذلك، أما الذين كتموا الحق، وتخاذلوا عنه؛ فقد عكسوا الأمور فانعكست أحوالهم، {ومن أظلم ممن كتم شهادةً عنده من الله}.

ومن ينظر لواقع المسلمين اليوم، لا سيما من يظهر بثياب المتشرعين والمُصلحين يجد أننا تأخرنا تأخراً أطمع فينا الثعالب والذئاب، فضربتنا اليد الخالية، واليد العاطلة على السواء، وضحك منا السياسيون وصُنَّاع القرار، ونال منا عُبّاد الأوثان ومن لا يعبد شيئاً قط.

ولا شك -والحالة هذه -أن تعليم العلم الشرعي وبثه بين عموم المسلمين له أجرٌ كبير، وثوابٌ عظيم، وقد قيل في حقِّ من يطلب الخير ثم لا يسعى إليه:

ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها … إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ

ويبقى العلم لمن علّمه وبذله طريقاً موصلاً مُدخراً بعد وفاته، وكما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة: (إذا مات الإنسانُ انقطعَ عملُه إلا من ثلاثةٍ: من صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ يُنتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو لهُ)، رواه مسلم (1631)، والترمذي (1376).والنسائي (3651)، وأحمد في المُسند (14/ 438)

وهذا استثناءٌ معناه الحصر في هذه الثلاثة فقط. بمعنى أن هذه الأعمال الثلاثة هي التي يبقى أجرها لهم بعد وفاته لكونه سببها، والعلم الذي ينتفع به الإنسان بعد وفاته هو ما خلفه في كتبه، أو علّمه لغيره واستفاد الناس من ذلك الكتاب أو الطلبة الذين علّموا هذا العلم لغيرهم.

وقال الإمام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/ 175): "وهذا -أي الحديث -وفضله وعظم ثمرته، وإن ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام ينتفع به، فكأنه حي لم ينقطع علمه، مع ما له من حياة الذكر والثناء، فجريان أجره عليه إذا انقطع عن الناس ثواب أعمالهم حياة ثانية" انتهى.

وهذا الكتاب يمثل المجلس الرابع عشر من مجالس الإملاء التي كان يعقدها الحافظ ابن عسكر في مسجد دمشق، وهو واحد جملة أماليه التي بلغت (408) إملاء، وقد تضمن الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة والموضوعة أحياناً والآثار المُسندة والمُعلقة والمرسلة، والأشعار الموزونة في ذم أولئك الذين يتعلمون العلم ثم لا يعملون به، وفي ذم الذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، وفي ذم علماء السوء.

وجملة ما في الكتاب من الأحاديث (13) حديثاً مرفوعاً، و(4) من الآثار، وقصيدة شعرية واحدة، وقد تعقب كل حديثٍ بالحكم عليه، مُبيناً علته في الغالب، ولكنا نبين ذلك باختصار:

1-عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عن أربع: عن ماله مما اكتسبه؟ وفيما أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا صَنَعَ فيه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن عمره فيما أَفْنَاهُ؟)) 

[أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في اقتضاء العلم: 1].

2-عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أربع خصال، عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتسبه؟ وفيما أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فيه؟)) 

[صححه المنذري في الترغيب والترهيب: 4/ 298، والألباني في اقتضاء العلم: 2].

3- عَنْ أَبِي أُمَامَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رُبَّ عابدٍ جَاهِلٍ، وَرُبَّ عالم فاجر، فاحذوا الجُهَّالَ مِنَ العُبَّادِ، والفُجَّارَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ فِتْنَةُ الفُتَنَاءِ)) 

[ضعيفٌ جداً، وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (2/ 14)، والديلمي في «الفردوس» (3249)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (10/ 171)].

4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَشَدُّ -وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ، إِنَّ أَشَدَّ- النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ- وَفِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، لَا يَنْفَعُهُ- الله عز وجل بعلمه)) 

[ضعيفٌ لا يتطرق إليه احتمال التحسين، كما قال المنذري في الترغيب والترهيب: 1/ 103، وضعفه السيوطي في الجامع الصغير: 1047].

5- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيامَةِ عَالِمٌ لَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ)).

[ضعيفٌ، فيه عثمان البري، والبلاء منه].

6-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عالمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ)) 

[إسناده ضعيف جداً، فيه: عثمان بن مقسم البري متروك].

7-عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا أَعْلَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ويلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ، وويلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَّ لَا يَعْمَلُ. ثلاثاً)) 

[إسناده ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع، وضعفه الألباني في اقتضاء العلم: 64].

8-عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، أَوْ أَوْحَى إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ: قُلْ لِلَّذِينَ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيرِ الدِّينِ وَيَتَعَلَّمُونَ لِغَيرِ الْعَمَلِ. وَيَطْلُبُونَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوكَ الْكِبَاشِ قُلُوبُهُمْ كَقُلُوبِ الذِّئَابِ. أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ. إِيَّايَ يَخْدَعُونَ أَوْ بِي يَسْتَهْزِئُونَ فَبِي حَلَفْتُ لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانَ)) 

[منكر، في إسناده عثمان الوقاصي، وهم متهمٌ بالوضع، وقال العراقي في تخريج الإحياء: 1/ 89: إسناده ضعيف].

9-عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَثَلُ الْعَالِمِ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَيَنْسَى نَفْسَهُ، كَمَثَلِ السِّرَاجِ يضيء للناس ويحرق نفسه)).

[حديث حسن، حسنه المنذري في الترغيب والترهيب: 1/ 102، والهيثمي في الزواجر: 1/ 167، والألباني في قيام رمضان: 8].

10-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الله يعافي الأميين يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا لَا يُعَافِي الْعُلَمَاءَ)).

[حديث منكر، غريب من حديث ثابت، تفرد به سيار عن جعفر، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع: 1741].

11-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خِيَارُ أُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا رُحَمَاؤُهَا، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْجَاهِلِ أَرْبَعِينَ ذَنْبًا قَبْلَ أَنْ يَغْفِرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبًا وَاحِدًا، أَلَا وإِنَّ الْعَالِمَ الرَّحِيمَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ نُورَهُ قَدْ أَضَاءَ يَمْشِي فِيهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَمَا يسري الكوب الدُّرِّيُّ))

[حديث موضوع باطل، كذا حكم عليه الذهبي في ميزان الاعتدال: 3/ 477، وقال أبو نُعيم في الحلية: غريب من حديث الثوري وابن المبارك، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة 367: باطل].

12-عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ فِي جَهَنَّمَ رَحًى تَطْحَنُ عُلمَاءَ السُّوءِ طَحْنًا)).

[حديث موضوع باطل، قاله الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: 5/ 205، وفيه سويد بن عبد العزيز واهٍ جداً].

13- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اطَّلَعَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالُوا: بِمَ دَخَلْتُمُ النَّارَ؟ وَإِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَعْلِيمِكُمْ، قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ وَلَا نَفْعَلُ)).

[ضعيف، قال ابن الجوزي في القصاص والمذكرين 39: غريب تفرد به أبو العيناء عن أبي عاصم، وضعف إسناده الألباني في اقتضاء العلم: 72].

14- وعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ.

15-دَخَلَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَلَى الْحَسَنِ؛ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ قَدِمَ زَوْجُهَا أَنْ تَصُومَ مِنْ يَوْمِهَا شَهْرًا. فَقَدِمَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ. 

فَقَالَ الْحَسَنُ: صَامَتْ شَهْرَهَا وَوُفِّي نَذْرُهَا. 

قَالَ مَطَرٌ: إِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا. 

فَقَالَ الْحَسَنُ: ثكلتك أمك مطر. وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا قَطُّ؟! 

وَهَل تَدْرِي مَنِ الْفَقِيهُ؟ الْفَقِيهُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ الَّذِي لَا يَهْمِزُ مَنْ فَوْقَهُ وَلَا يَتَضَجَّرُ بِمَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا يَأَخُذُ عَلَى علمٍ عَلَّمَهُ اللَّهُ حُطَامًا.

16-وعن بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: الْعِلْمُ حَسَنٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ. وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ يَعْنِي بِهِ مَا أَضَرَّهُ! وَقَالَ: هَذِهِ حُجَجٌ أَوْ قَالَ: هَذِهِ حُجَّةٌ يَعْنِي عَلَى مَنْ عَلِمَ.

17-وقال بشر بن الحارث: مِنْ كَلَامِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ عَلِمَ وعَمِلَ وعلَّم فَذَاكَ يُدْعَى عظيماً في ملكوت السموات.

18- وقال مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ لِبَعْضِهِمْ:

اعْمَلْ بِعِلْمِكَ تَغْنَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ ... لَا يَنْفَعُ الْعِلْمُ إِنْ لَمْ يَحْسُنِ الْعَمَلُ

وَالْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَقْوَى اللَّهِ زِينَتُهُ ... وَالْمُتَّقُونَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِمْ شُغُلُ




الاثنين، 9 مايو 2022

الإنصاف والاعتدال عند الحافظ الذهبي (673 - 748 هـ) د. هاني فقيه

الإنصاف والاعتدال عند الحافظ الذهبي

(673 - 748 هـ)

د. هاني فقيه

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن الوفاء للحق، والإنصاف في الأحكام، ليس شقشقة لسان، ولا تزوير بيان، بل إنه إخلاصٌ في السعي وتحمُّلٌ للعنت، واستواءُ الظاهر والباطن في مرضاة الله، جل في علاه. فالرجولة كل الرجولة في أن لا تحقد على بشر، ولا تفجر في خصومة، ولا تهضم حقوق الآخرين، والأتقياء دوماً فوق الأهواء، لأن رغبتهم في انتشار الخير وثبوت الحق أسبق في أفئدتهم من رغبة التشفّي وسرعة الانتقام لأشخاصهم. 

الأمر الذي لمسناه واقعاً عملياً في طريقة الحافظ الذهبي في كل من ترجم له أو كتب عنه من الأعلام والمشاهير، فجاءت تراجمه في غاية الوسطية والاعتدال، حتى أنه أنصف المخالفين في قضايا الفكر والمعتقد والسلوك، فأنصف الجميع، وأعطى لكل ذي حقّ حقه، وانتقد ما ينبغي انتقاده، دون إفراط أو تفريط، لا مدحاً ولا ذماً، ودون إعلاءٍ للمساوئ أو طمسٍ للمحاسن، وقد رسم لنا بذلك خطةً محكمة البناء لكل من يتصدى لنقد الأفكار والأشخاص والطوائف.

وهذا الكتاب يُسلط الضوء على نقد بنية الفكر المتطرف، واتجاهات الإرهاب المعاصر وتفكيكها من خلال عرضها على موازين الشريعة، ومن خلال القواعد والأصول التي وضعها مفكرو الأمة ونُقادها وعلمائها الأفذاذ أمثال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى. الذي حارب التكفير والتبديع والتجهيل لعلماء الأمة وأعيانها لأجل زلة هنا أو خطأ وهناك، محارباً بذلك التحريض على القتل، ومُشدداً في شأن الأرواح والدماء، ومُبيناً أن الغلو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يُفضي إلى ذلك.

 وقد ذمَّ الإمام الذهبي نحلة الخوارج الذين يُكفرون الناس بالذنب، ويستحلون به الدم والمال والعرض، كما أنه حذََر من المسارعة إلى تكفير أعيان المسلمين من غير حُجَةٍ ولا بُرهان، أو التكفير بسبب الاختلاف في فروع العقائد.

وحذر من التبديع والتفسيق لأجل خطأ أو زلة لها تأويلٌ سائغ، وأن الإنصاف يقتضي النظر في الحسنات والفضائل ومقارنتها بالأخطاء والزلات، وأن العبرة بكثرة المحاسن. ولا شك أن لهذا المنهج البنّاء دوراً ريادياً في إخماد نار الفتنة بين المسلمين، وطمس جذوة العداوات بين الفرق، وتجاوز الخصومات التي قد تتجدد بين الفينة والأخرى بسبب سوء فهم أو سوء نية.

كما نلمس من طريقة الذهبيِّ التماسه الأعذار للأئمة فيما أخطأوا الاجتهاد فيه، وشواهد هذا كثيرة في تراجمه، لا سيما دفاعه عن الأئمة الأعلام الذين تعرضوا لبعض المحن بسبب هنات وزلات، كما أنه دعا إلى الحفاظ على الأخوة برغم الخلاف، وقرر أن كلام الأقران يُطوى ولا يُروى، خاصةً إذا كان منشؤه البغض والحسد، ودعا إلى ترك الإغراق في الصراعات التاريخية، لا سيما ما جرى بين السلف الأوائل.

كما أن الذهبيّ لا يضع الطوائف في بوتقة واحدة، بل يمنح كل إنسانٍ منهم قدره وحظه من الثناء والذم، بحسب حاله وقربه من السًُّنة أو بُعده عنها، وكان يُفرق بين غُلاة المتصوفة والزهاد، وبين غلاة المرجئة ومرجئة الفقهاء، وكان يُفرق بين غلاة القدرية وغيرهم كالمعتزلة، وفرَّق بين الكافر ببدعته وبين الكافر الأصلي، وأنهما ليسوا في المنزلة سواء.

وكان الذهبيُّ قوياً في قول الحق، لا يمنعه شيءٌ عن قوله، ومع ذلك فقد كان يكره كثرة الخوض في مضائق العقائد ومُعضلاتها، لأنها تسببت في كثير من القلاقل والفتن بين العلماء، ويرى السكوت عليها أولى وأسلم. مع إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.

وكره الذهبيُّ القول في المسائل الشاذة، وتوسط في مسألة الاجتهاد والتقليد، فلم يفتحه لكل من هبَّ ودب، ولم يوصده أمام العلماء والمجتهدين، ويرى أن اتباع الحق أولى وأحق، وأن من الفقه ترك التحدث أمام العامة في مسائل تضرُّهم في دينهم، وحذَّر من الغلو في العبادة، والغلو في إطراء الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوسطه في مسألة الأسماء والصفات، واتباعه منهج السلف في الإثبات والسكوت، مع التماسه العذر لمن فوض بعض معاني الصفات.

ومن القواعد المُهمة التي يمكن استنباطها من كلام الإمام الذهبي -رحمه الله:

١ـ عدم رمي المسلم بالكفر بغير برهان قطعي صريح.  

٢ـ عدم ادعاء الولاية لمن تأكد ضلاله وتبرهنت زندقته وانحرافه عن الشريعة ونصوصها البينة.  

٣ـ أن من عرف عند بجماهير الأمة بالخير والصلاح والاستقامة فهو صالح خير مستقيم إن شاء الله، لأن الأمة شهداء الله في أرضه.  

٤ـ أن من عرف بفجوره واشتهر بانحرافه، فهو كذلك بحسب الظاهر، وإن كنا لا نقطع له في باطن الأمر، كا قال الإمام أبو جعفر الطحاوي ( ت: ٣٢١ه): ((نرجوا للمحسن ونخاف على المسيء)).  

٥. أن من اختلف فيه علاء الأمة ما بين مادح وقادح، ومعدل ومجرح، فهذا من ينبغي الحذر في الحكم عليه. والأسلم تفويض أمره إلى الله، والاستغفار له في الجملة، لأن إسلامه ثابت بيقين، وكفره مشكوك فيه، وبهذا كما يقول الذهبي: يصفوا قلب المسلم من الغل للمسلمين.

فصول الكتاب:

الفصل الأول: إنصاف الذهبي في تراجمه (الغزالي -ابن حزم -.عياض).

الفصل الثاني: تحذيره من سفك الدماء.

الفصل الثالث: ذمه للخوارج وإنصافه في الحكم عليهم.

الفصل الرابع: تحذيره من المسارعة إلى التكفير بغير برهان قطعي.

الفصل الخامس: تحذيره من التكفير بسبب الاختلاف في فروع العقائد.

الفصل السادس: تحذيره من التبديع لأجل زلة أو هفوة.

الفصل السابع: دفاعه عن الأئمة والتماسه الأعذار لهم.

الفصل الثامن: دعوته إلى وجوب المحافظة على الأخوة برغم الخلاف.

الفصل التاسع: تقريره بأن كلام الأقران يُطوى ولا يُروى.

الفصل العاشر: دعوته إلى ترك الإغراق في صراعات التاريخ.

الفصل الحادي عشر: تمييزه بين مستويات البدعة.

الفصل الثاني عشر: تقريره بأن العبرة في الرواة الصدق والإتقان وإن تلبسوا ببدعة.

الفصل الثالث عشر: نقده كثرة الخوض في مضائق العقائد ومعضلاتها.

الفصل الرابع عشر: نهيه عن القول بالمسائل الشاذة.

الفصل الخامس عشر: توسطه في مسألة الاجتهاد والتقليد.

الفصل السادس عشر: نقده لعلل وأدواء طلبة العلم.

الفصل السابع عشر: دعوته إلى ترك التحدث بمسائل العلم التي تضر العامة.

الفصل الثامن عشر: تحذيره من الغلو في العبادات.

الفصل التاسع عشر: توقيره للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفا.

الفصل العشرون: توسطه في مسألة الأسماء والصفات.






الأحد، 8 مايو 2022

زغل العلم للإمام أبي عبد الله محمد بن قايماز الذهبي (673 -748 هـ)

زغل العلم

للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن قايماز الذهبي

(673 -748 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لا يماري أحدٌ في فضيلة العلم وشرفه، ومكانة أهله، فذلك معلومٌ ظاهرٌ، فقد رفع الله تعالى من شأن العلم، وحثَّ على الازدياد منه، وأمر بالتزود منه؛ فقال تعالى: {وقل رب زدني علماً} (طه: 114)، وقال سبحانه: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة: 11).

واستشهد الله عز وجل بأهل العلم على أجلِّ مشهودٍ به، وهو توحيده، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة الملائكة، وهذه تزكيةٌ لهم وتعديل وتوثيق، لأن الله تعالى لا يستشهد بمجروحٍ، فقال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (آل عمران: 18)، ورويت في هذا الباب عشرات الأحاديث والآثار في فضل العلم ومكانته، وفضل مدارسته وغير ذلك.

وأمام هذه الفضائل المتنوعة والكثيرة للعلم وأهله، نجد أن بعض من سلك سبيل التعليم انحرف عن غاياته النبيلة من عمارة الكون وإثارة التفكير البنّاء، وإصلاح دنيا الناس وأديانهم إلى متاهات العصبية العمياء، والتفتيش عن الحيل، والاشتغال بالمعارك الكلامية، والفتاوى الجدلية، والزغل الذي هو الغش والخديعة، فحطَّ بعضهم على بعض، وافترى بعضهم على بعض، وولج كثيرٌ منهم في الشُّبهات، كُلُّ ذلك تحصيلاً لملاذ الدنيا وحطامها الفاني، وابتغاء الرفعة والرياسة والجاه عند الساسة والأغنياء، فظهر ما يُسمى بعلماء السوء الذين قصدوا من العلم التنعم بالدنيا، والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند أهلها.

وهذا الكتاب هو تحفةٌ أثرية رائعة، لواحدٍ من العلماء الأفذاذ وهو الإمام الحافظ الذهبي، الذي تناول فيه أصناف العلوم المنتشرة في عصره، وبيّن رأيه فيها، وحال المشتغلين بها، كعلم القراءات والتجويد وعلوم الحديث، وتكلم عن فقهاء المذاهب في عصره، وعن النحو واللغة وغيرها، مُبيناً مخالفة أهل عصره لسلوك الرعيل الأول من الصحابة والتابعين والأئمة الأوائل رحمهم الله تعالى. ومُشدداً النكير على المُقلّدة والجهلة الجامدين على التقليد الأعمى بلا برهان ولا دليل.

وأوضح المصنف -رحمه الله -أن العلم إذا لم يكن داعياً إلى العمل فلا فائدة منه، بل هو وبالٌ على صاحبه، وخزيٌ وندامة، وقد ذم سبحانه من آتاه علماً فلم يهتدِ به، ولم ينتفع به يوم القيامة، فقال: {ويوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ* فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ* فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (القصص: 65 - 67).. قد جاءت النصوص في هذا الباب شاهدةً بأن شرَّ الناس منزلةً عند الله تعالى يوم القيامة من كان لا يعمل بعلمه. وعلى رأس هؤلاء العلماء الفجرة الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً، نسأل الله العفو والعافية.

وبيَّن المصنف طريقة السلف في طلبهم للعلم وتحصيله وأنهم شدوا الرحال في سبيل ذلك. وإذا كان الإمام الذهبيُّ يشكو من علماء عصره ويتأوَّه من حالهم، فما نقول نحن عن علماء زماننا؟ لا سيما الذين يتبجحون بالألقاب التي أصبحت ديدن كثيرٍ منهم.

وافتتح الحافظ الذهبي كتابه هذا، بقوله: "اعلم أن في كل طائفةٍ من علماء هذه الأمة ما يُذمُّ ويُعاب، فتجنبه…"، وذكر في القراء من يغالي في إقامة الحروف مع غفلته عن معاني الآيات، ومنهم من يعاني التنغيم والتمطيط، ومنهم من يبالغ في إحضار غرائب الوجوه والسكت… وذكر من أهل الحديث من همته جمع الحديث دون فقه ما فيه، ومن يروي عن كل من هبَّ ودب… ثم نعى على قضاة المالكية تسرعهم في الإفتاء بالتكفير  والقتل … ونعى على الحنفية تحايلهم على الربا وإبطال الزكاة … ودعا الفقهاء الشافعية إلى التواضع وترك المراء في البحث والمناظرة… وبرَّأ الحنابلة من تهمة التجسيم … وحذر النحويين من ترك علوم الكتاب والسنة … وأنه ينبغي الاعتناء بعلم اللغة وتفسير السلف … وأن من يدرس أصول الفقه عليه أن يجتهد فيه … وأنه في أصول الدين ينبغي ترك المسائل التي ترك السلف البحث فيها … وأنه لا يُعتنى من علم المنطق إلا بما يُفيد … ويجب ترك علوم الفلسفة بالكلية … وأن من يشتغل بعلم الفرائض لا ينبغي أن يستغرق منه كل وقته، بل يتوسط في تعلمه … وأن لا يشتغل بعلم البلاغة والإنشاء إلا من يتقي الله فيما ينشئه … ولا يشتغل بالشعر من رقَّ دينه … ومن باشر علم الحساب ينبغي له أن يتق الله لئلا يسرق … وكذلك علم الشروط "القضاء" … وكذلك الوعظ ينبغي على صاحبه أن يوسع ثقافته وأن يكون من الأتقياء الزُّهاد.

وختاماً، نقول: 

إن تصحيح النية والصدق والإخلاص لله تعالى شرطٌ أساسيٌّ في طلب العلم.

وقد بين الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/ 152 -153) أثر صلاح النية وفسادها على طلاب العلم، فقال ما مُلخصه: 

((كان السلف يطلبون العلم لله، فنبلو، وصاروا أئمةً يُقتدى بهم … وقومٌ طلبوه بنيَّةٍ فاسدةٍ لأجل الدنيا، وليُثنى عليهم، فلهم ما نووا … وترى هذا الضرب لم يستضيؤوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله -تعالى-.

وقوم نالوا العلم، وولوا به المناصب، فظلموا، وتركوا التقيد بالعلم، وركبوا الكبائر والفواحش، فتبا لهم، فما هؤلاء بعلماء! وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار. وبعضهم اجترأ على الله، ووضع الأحاديث، فهتكه الله، وذهب علمه، وصار زاده إلى النار)).



الأحد، 10 أبريل 2022

ثمرة التسارع إلى الحب في الله تعالى وترك التقاطع تأليف: الشيخ محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي (١٢٨٣ - ١٣٣٢ هـ)

ثمرة التسارع إلى الحب في الله تعالى وترك التقاطع

تأليف: الشيخ محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي 

(١٢٨٣ - ١٣٣٢ هـ)
اختصره مع بعض الإضافات: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد/ من أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، وقد وضع المؤلف -رحمه الله- رسالته هذه شذرات نبوية تؤكد هذا المعنى بين المؤمنين، فذكر ثمانية عشر حديثا في فضل المحبة في الله وأجرها وثوابها، وأحد عشر حديثا في النهي عن التقاطع والتهاجر؛ فما أحوجنا أيها الإخوة لهذه الكرامات والعلاقات الطيبة في هذه الأوقات الصعبة التي تفرق فيها الناس وتشتتوا؛ فقلما تجد من يعينك على الخير وفعله.

● قال صلى الله عليه وسلم:

"إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة، وأثبت في المودة" (صحيح الجامع١/ ٢٨٠).

● وقال صلى الله عليه وسلم: 

"ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حباً لصاحبه" (صحيح الجامع: ٢/ ٥٥٩٤).

●  فضل (الحب في الله تعالى) ..

١ - الحب في الله أوثق عرى الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل" (صحيح الجامع١/ ٢٥٣٩).

٢ - الحب في الله يكمل الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" (صحيح الجامع٢/ ٥٩٦٥).

٣ - لذة الإيمان في الحب في الله:

قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر، بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". (البخاري:١/ ٥٦، ومسلم:٤٣).

٤ - يكون مع الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة:

ففي حديث السبعة الَّذين يظلهم الله، يوم لا ظل إلا ظله: "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" (البخاري:٢/ ١٩٩، ومسلم:١٠٣١).

٥ - الحب في الله يوجب محبة الله تعالى:

قال تعالى في الحديث القدسي: "حقت محبتي للمتحابين في" (صحيح الجامع٢/ ٤٣٢١).

٦ - الحب في الله أساس الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تؤمنوا حتى تحابوا" (صحيح الجامع٢/ ٧٠٨١).

٧ - الحب في الله، سبب من أسباب دخول الجنة:

قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (صحيح الجامع٢/ ٧٠٨١).

٨ - الفوز بالدرجات العالية في الجنة:

قال تعالى في الحديث القدسي: "المتحابون فيّ على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم، النبيون والصديقون والشهداء" (صحيح الجامع٢/ ٤٣٢١).

٩ - الحب في الله تحقيق للإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (البخاري:١/ ٥٣، مسلم:٤٥).

١٠ - الحب في الله سبب لاستجابة الدعاء:

قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل" (رواه مسلم:٢٧٣٢).

١١ - الحب في الله سبب لمغفرة الذنوب:

 قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا" (صحيح الجامع: ٢/ ٥٧٧٧).

١٢ - الحب في الله سبب للألفة، والألفة من الإيمان:

 قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" (صحيح الجامع:٢/ ٦٦٦).

١٣ - الحب في الله يجعلك من خيار الناس:

قال صلى الله عليه وسلم: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه" (صحيح الجامع١/ ٣٢٧٠).

 قال بعض الحكماء: خير الأصحاب من إذا رأوك على خير أعانوك، وإن رأوك على شر ذكّروك. .

١٤ - الحب في الله يشعر بطعم الإيمان:

قال صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله" (صحيح الجامع: ٢/ ٥٩٥٨).

١٥ - المحب يحشر مع أحبابه في الجنة:

قال صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" (البخاري:١٠/ ٤٦٢، مسلم:٢٦٤١).

١٦- الجلوس على منابر من نور:

قال صلى الله عليه وسلم:"يقُولُ الله تَعَالى: "المُتَحَابُّونَ في جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِن نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ والشُهَدَاءُ" (صحيح رواه الترمذي: ٢٣٩٠).

--------------------------------
● ومِمَّا وَرَدَ في النَّهْي عَن التَّهَاجُرِ والتَّقَاطُعِ:

١- أنه يحرم من صفة الخيرية:

 قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث لَيَالٍ، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". (رواه البخاري: ١١/ ٢١، ومسلم: ٤/ ١٩٨٤).

٢- معصية أمر الرسول صلى الله عليه وسلم:

 وقال صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ والظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسوا، وَلَا تَجَسَّسوا، وَلَا تناجَشوا، وَلَا تَحَاسَدوا، وَلَا تَبَاغَضوا، وَلَا تَدَابَروا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا" (رواه البخاري: ١٠/ ٤٨١، ومسلم: ٤/ ١٩٨٥).

٣- أنه لا يغفر له حتى يصطلح مع أخيه:

قال صلى الله عليه وسلم: "يَفْتَحُ اللهُ أَبْوَابَ الجَنَّة يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا، إِلَّا رَجُلٌ كَانَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاء، فَيُقَال: أَنْظِروا هذَينِ حتَّى يَصْطَلِحَا". (رواه مسلم: ٤/ ١٩٨٧).

٤- أن هجره مدة سنة كسفك دمه:

صلى الله عليه وسلم - يقُول: "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً، فَهْوَ كسَفْكِ دمِهِ". (رواه أبو داود، وصححه الألباني: ٤٩١٥).

٥- أن الهجر سبب لدخوله النار:

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار". (رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم: ٧٦٥٩).